الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: الأدلة من السنة على صفة العرش
أورد ابن أبي شيبة في كتاب "العرش" الكثير من الأحاديث والآثار الواردة في العرش وصفته، وفي هذا المبحث لن نذكر تلك الأحاديث والآثار التي أوردها لأنها ستأتي، وإنما سنورد ههنا بعض الأحاديث الصحيحة الواردة في العرش وصفته، والتي لم يذكرها ابن أبي شيبة في كتابه، وهذه الأحاديث كثيرا ما يوردها السلف في كتبهم ويستدلون بها، لما فيها من الصحة والقوة، ولما فيها من الصفات الدالة على عرش الخالق سبحانه وتعالى.
ا- فقد جاء في "الصحيحين " عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه قال: "بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس جاء يهودي فقال: يا أبا القاسم، ضرب وجهي رجل من أصحابك. فقال: "من"، قال: رجل من الأنصار، قال: "ادعوه"، فقال: "أضربته" فقال: سمعته بالسوق يحلف: والذي اصطفى موسى على البشر، قلت: أي خبيث على محمد صلى الله عليه وسلم فأخذتني غضبة ضربت وجهه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تخيروا بين الأنبياء، فإن الناس يصعقون يوم القيامة، فأكون أول من تنشق عنه الأرض، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم
العرش، فلا أدري أكان فيمن صعق أم حوسب بصعقته الأولى
…
" 1.
والشاهد لنا من هذا الحديث قوله: "فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش" حيث إن للعرش قوائم، ولم يرد في الشرع تحديد عدد لها، وهذا الحديث هو من أقوى الأدلة على أن العرش ليس المراد به الملك أو الفلك التاسع.
2-
وفي "صحيح مسلم" عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وعرشه على الماء"2.
وفي الحديث دلالة واضحة على أن العرش كان مخلوقا على الماء قبل خلق السموات والأرض.
3-
وفي "الصحيحين" عن ابن عباس- رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول عند الكرب: "لا إله إلا الله العليم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله الله رب السموات، ورب الأرض، ورب العرش الكريم"3.
1 تقدم تخريجه ص 41.
2 أخرجه مسلم في القدر: (8/ 51) .
3 أخرجه البخاري في التوحيد، باب {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ} واللفظ له.
"فتح الباري": (13/ 405)، ومسلم في الذكر والدعاء:(8/ 85) .
4-
وعن ابن عباس، عن جويرية أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح، وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى، وهي جالسة، فقال:"مازلت على الحال التي فارقتك عليها"، قالت: نعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن، سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته"1.
قال ابن تيمية: "فهذا يبين أن زنة العرش أثقل الأوزان"2.
5-
وعن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش: إن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام"3.
6-
وعن أبي هريرة- رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من آمن بالله ورسوله، وأقام الصلاة، وصام رمضان، كان حقا على الله أن يدخله الجنة، هاجر في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها"، قالوا: يا رسول الله: أفلا ننبئ الناس بذلك، قال: "إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله، كل درجتين
1 أخرجه مسلم في الذكر: (8/ 83) ، واللفظ له، وأخرجه أبو داود في تفريع أبواب الوتر، باب التسبيح بالحصى:(2/ 171) ، والترمذي في الدعوات، وقال: حديث- حسن صحيح: (5/ 556) .
2 "الرسالة العرشية": ص 8.
3 تقدم تخريجه ص 34.
ما بينهما كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس، فإنه وسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة" 1.
7-
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الرحم معلقة بالعرش، تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله"2.
8-
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر حين غربت الشمس: "أتدري أين تذهب"، قلت: الله ورسوله أعلم، قال:"فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش، فتستأذن فيؤذن لها، ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها، وتستأذن فلا يؤذن لها، فيقال لها: ارجعي من حيث جئت، فتطلع من مغربها، فذلك قوله تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} "3.
9-
وفي "الصحيحين" عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما قضى الله الخلق كتب في كتابه، فهو عنده فوق
1 أخرجه البخاري في التوحيد، باب {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماء} . "فتح الباري":(13/ 454) .
2 أخرجه مسلم في البر والصلة: (7/8) .
3 أخرجه البخاري في المغازي، باب صفة الشمس والقمر. "فتح الباري":(297/6) .
العرش: إن رحمتي غلبت غضبي" 1.
10-
وعن معاذ بن جبل- رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله كله يقول: "المتحابون في الله يظلهم الله في ظل عرشه، يوم لا ظل إلا ظله"2.
1 أخرجه البخاري في بدء الخلق، باب ما جاء في قول الله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} . "فتح الباري": (6/ 287) ، ومسلم في التوبة، باب في سعة رحمة الله، وأنها سبقت غضبه:(8/ 95) .
2 أخرجه أحمد: (5/ 9 22، 236، 237)، وابن حبان:(2510)، والحاكم:(169/4- 170)، وابن المبارك في "الزهد": ص 715، من طريقين صحيحين عنه.