الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن الله نظر في قلوب العباد، فوجد قلب محمدٍ عليه السلام خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه وبعثه برسالته ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمدٍ فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون عن دينه.
86- الفقيه أبو عبد الملك مروان بن عبد الملك بن إبراهيم بن سمجون اللواتي:
زعيم المغرب وشيخه وذو الجاه العريض والقول المسموع فيه. كان من أهل العلم والفقه والأدب، وله سماع عال من المصريين ابن نفيس وابن منير وأبي محمد ابن الوليد ونمطهم، وقرأ القرآن على المقرئين بها وجالس الفقيه عبد الحق بصقلية، وسمع من أبي علي المعروف ابن أمدكنوا فقيه سجلماسة بها عن أبي محمد ابن أبي زيد وحصل علماً جماً وكان ذا جزالة وشهامة وفصاحة وعجرفية في كلامه وأفعاله، أخذ نفسه بالإعراب والتقعير في كلامه مع الخاصة والعامة فلا يكاد يؤخذ عليه لحن؛ ولي الخطبة والصلاة والفتيا بسبتة، ثم انتقل إلى طنجة صدر الدولة المرابطية ومنها أصله فولي صلاتها وخطبتها وفتياها ثم تقلد أحكامها وانصرفت إليه جميع أمور الأندلس والمغرب وفوض إليه أمير المسلمين يوسف في كبارها وكان مهيباً صليباً.
لقيته بسبتة أول طلبي للأدب في بعض جيئاته إليها وحضرت مجلسه وسألني عن مسائل من الأدب وأجبته وسمعت كلامه ولم آخذ عنه شيئاً، رحمه الله،
وحضرت أبا بحر بن عبد الصمد الشاعر قد قصده بقصيدة صنعها فيه وبين يديها مقامة من نثر حسن فقرأها بين يديه فاستحسن كلامه واهتز له سمعته يقول له: أبو من؟ فقال له: أبو بحر فقال له: إنك لبحر عند اسمك، وأول القصيدة:
تهون الصوارم تحت الحلل
…
وتهتز فوق الطلا والقلل
ومنها:
فدى للفقيه ابن عبد المليك
…
رجالٌ حلومهم تستزل
يرومون إدراك غاياته
…
وهيهات بالقول لا بالعمل
جرى وجروا في ميادينه
…
فجاء بها سابقاً في مهل
إمامٌ أقام منار الهدى
…
وعز على أهل تلك النحل
وبين للناس فصلاً ففصلاً
…
غوامض أسرار تلك الملل
وضم إلى الرأي متن الحديث
…
وعلم الكلام وفهم الجدل
سمع منه جماعة ممن أدركناه من شيوخنا وغيرهم منهم: أبو إسحاق ابن جعفر الفاسي أخبرني عنه بكتاب مسند الموطأ للجوهري عن ابن نفيس عن مؤلفه، ومنهم أديبنا أبو علي النحوي وخالاي أبو بكر وأبو محمد ابنا الجوزي. وتصدر قديماً لإقراء القرآن بسبتة وكان مقرئاً متفنناً فقيهاً لغوياً، وله شعر فيه تقعر وخطب فصيحة قوية العارضة كثيرة الغريب، وتوفي بطنجة سنة إحدى وتسعين وأربعمائة عن سن عالية [قبل الزوال يوم الأربعاء الموفى عشرين من رجب ودفن يوم الخميس وصلى عليه ابنه الأوسط عبد الوهاب، ومولده سنة إحدى وعشرين] .