الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للتوسل به في محطات الطريق ومطباته ، كما توسل الذين أووا إلى الغار - فانطبقت عليهم الصخرة - بخبايا اعمالهم الخالصة.
6 - الصبر:
-
واخر الزاد الصبر .. الصبر في الطريق .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .. " السفر قطعة من العذاب " متفق عليه: (البخارى: 1804 ، ومسلم: 1927) .. فاذا كان سفر الدنيا يسبب المشقه والتعب فكيف بسفر الاخرة الذي فيه اللاواء والنصب!! قال الله تعالى " لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ "(البلد:4).
قال الفخر الرازى: في الكبد وجوه:
اما الأول: اى خلقناه اطوارا كلها شدة ومشقة ، تارة في بطن الام ، ثم زمان الارضاع ، ثم اذا بلغ ففى الكد في تحصيل المعاش ، ثم بعد ذلك الموت.
واما الثانى: وهو الكبد في الدين ، فقال الحسن: يكابد الشكر على السراء ، والصبر على الضراء ، ويكابد المحن في اداء العبادات.
واما الثالث: وهو الاخرة فالموت هو مساله الملك وظلمة القبر ثم البعث والعرض على الله إلى ان يستقر به القرار اما في الجنة واما في النار.
واما الرابع: وهو ان يكون اللفظ محمولا على الكل فهو الحق ، وعندى فيه وجه اخر ، وهو انه ليس في هذه الدنيا لذة البتة ، بل ذاك نظن انه لذة فهو خلاص عن الالم ، فان ما يتخيل من اللذة عند الاكل فهو
خلاص عند ألم الجوع ، وما يتخيل من اللذات عند الملبس فهو خلاص عن ألم الحر والبرد ، فليس للانسان الا ألم أو خلاص عن ألم وانتقال إلى اخر ، فهذا معنى قوله تعالى:" لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ "(البلد: 4).
فاعلم - ايها الحبيب - ان الله يختبر عبيده بالصبر ، حتى تظهر جواهرهم ، كما حصل للانبياء.
" وهذا نوح عليه السلام يضرب حتى يغشى عليه ثم بعد قليل ينجو في السفينه ويهلك اعداؤه وهذا الخليل يلقى في النار ثم بعد قليل يخرج إلى السلامة وهذا الذبيح يضجع مستسلما ثم يسلم ويبقى المدح وهذا يعقوب عليه السلام يذهب بصره بالفراق ثم يعود بالوصول وهذا الكليم عليه السلام يشتغل بالرعى ثم يرقى إلى التكليم ".
والصبر دواء وقد قال العلماء في تعريفه: حبس للقلب عن التسخط ، وحبس اللسان عن الشكوى فالطريق طويلة والمآسى على الطريق كثيرة والعلاج الصبر ، فان المنبت لا ارضا قطع وظهرا ابقى .. وما تباينت منازل اصحاب الهمم الا بتباينهم بطول الصبر حتى نهاية الطريق ، فتزود ايها السائر.
وبعد: - فيا سعادة من استفاد من هذه البروق والانوار واستلهم من تلك الاشارات والتنبيهات ، فعرف الطريق ، وأبصر المسار وكان نعم المسافر في قافلة المؤمنين.