الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها
…
كفى المرء نبلا أن تعد معايبه
وقال أبو الدرداء رضى الله عنه: معاتبة الأخ خير لك من فقده.
وقال بعض الحكماء: طلب الإنصاف من قلة الإنصاف.
وقال بعض السلف: " لا يزهدنك في رجل حمدت سيرته وارتضيت وتيرته ، وعرفت فضله وبطنت عقله ، عيب خفى تحيط به كثرة فضائله ، أو ذنب صغير تستغفر له قوة وسائله ".
ولا أعدمك (أحرمك) النصيحة .. قد يكون هذا الصاحب زوجتك أو والدك أو شقيقك أو شقيقتك حتى وان كان ابنك أو بنتك .. وعندها يصير الامر أقوى .. لأن المعاشرة وطول الصحبة والتطبع بطباع السفر من لوازم هذا الطريق .. ولكن كما ذكرت لك على قلب واحد ، لأن الخلاف كله شر والطريق مشغلة والانشغال عنها مهلكة ، فلا تصاحب الا موافقا كي لا يزيد ويكثر الخلاف ويضيع الطريق.
رفقة الطريق:
قد ذكرت لك أنه صاحب .. ولم لا يكونون صحبة؟
قال سبحانه " مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ "(الفتح: 29).
نعم: لابد لك - أيها الحبيب السائر إلى الله - من رفقة وصحبة في هذا الطريق .. لابد لك من مجموعة تأنس بها ، لتذهب عنك وحشة التفرد وتصحح لك الأخطاء ، وتوضح لك عقبات الطريق.
وإذا كانت الرفقة مهمة ومطلوبة في سفر الدنيا ، فكيف بأسفار الاخرة التي يكون فيها المؤمن أشد حاجة إلى المعين الصالح والمشارك الموافق الذي يكون مع شريكه كاليدين تغسل إحداهما الأخرى فالزم الركب - أيها الحبيب - فللركب خيرية.
" وان لرفقاء درب الاخرة خصائص ومواصفات لابد منها، فرفقاء الطريق إلى الله تعالى هم الذين علت هممهم وصفت نياتهم وصح سلوكهم حتى سبقوا الناس وتركوا السكون ، وتزاحموا على ركوب القافلة ركضا إلى الله تعالى وتسارعا إلى مرضاته " وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى" (طه:84) ، فلم يوقف لهم على رسم ، ولم يلتزموا باسم ولم ينتظروا أن يشار اليهم بالاصابع أو ترفع لهم الاعلام فقد علت منهم الهمة التي لا تقف دونها حركة السفر ، ولا يرضى صاحبها بغير الخالق عوضا ، كما صفا منهم القصد الخالص من الشوائب حتى لا تعوق عن المقصود ، وكان منهم التجرد التام للمعبود ، وعلامة أخرى لرفقاء الطريق هؤلاء الا وهى صحة السلوك السالم من الافات والعوائق والقواطع والحجب ".