الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كلمة أخيرة:
اذا تبين لك - أيها الأخ الكريم الحبيب - ما ذكرت .. وأردت ان تنطلق في هذا الكتاب " أصول الوصول إلى الله تعالى " ، فاعلم - اخيرا - انها سفرة.
سفر حقيقى .. ليست رمزية بعيدة .. انما هى حقيقة الحياة ونقلتها .. والانسان حتى في حياته الاعتيادية ما هو الا بين سفر وسفر طال أو قصر ، لينبهنا الله بالصغير على الكبير ، وبالتافه على المهم وبالطارىء على المستديم .. وقد كان صلى الله عليه وسلم يذكر انه في الدنيا كراكب استظل بظل شجرة ثم راح وتركها.
والمؤمن مع سفرته الطويلة ، فدونها اسفار .. فبعد ان قطع سفرته من الجاهلية إلى الإسلام ، ثم تسامى بنفسه من المعاصى إلى الطاعات شمر عن ساعد الجد حتى سافر من السفوح الهابطة إلى القمم السامقة وكان من السابقين بالخيرات .. وهو من هؤلاء الذين ندعوهم إلى هذه السفرة.
انه السفر الاهم الموصل إلى طريق النجاة إلى رضا الله.
" واعلم أيضا ان السائر إلى الله لا ينقطع سيره إليه ما دام في قيد الحياة ، ولا يصل العبد ما كان حيا إلى الله وصولا يستغنى به عن السير
إليه البتة وهذا عين المحال ، بل يشتد سيره إلى الله كلما زادت ملاحظته لتوحيده ، واسمائه وصفاته. ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم الخلق اجتهادا وقياما بالاعمال ، ومحافظة عليها إلى ان توفاه الله ، وهو اعظم ما كان اجتهادا وقياما بوظائف العبودية ، فلو أتى العبد بأعمال الثقلين جميعها لم تفارقه حقيقة السير إلى الله ، وكان بعد في طريق الطلب والارادة ".
ولا يزال الرسول صلى الله عليه وسلم يوصى بسؤال الله - تعالى - الهدايا .. وما الهدايا الا لمن وجد الطريق بعد الضلال ..
يقول ابن القيم:
" حيث أمره أن يذكر اذا سأل الله الهدى. إلى طريق رضاه وجنته ، كأنه مسافر ، وقد ضل عن الطريق. ولا يدرى أين يتوجه ، فطلع له رجل خبير بالطريق عالم بها ، فسأله أن يدله على الطريق ، فهكذا شأن طريق الاخرة ، تمثيلا لها بالطريق المحسوس المسافر ، وحاجة المسافر إلى الله سبحانه وتعالى إلى أن يهديه تلك الطريق اعظم من حاجة المسافر إلى بلد إلى من يدله على الطريق الموصل لها ".
فلابد لك - أيها السائر الحبيب - في هذا الطريق من صدق اللجأ إلى الله .. ان يهديك ويأخذ بيديك في طريق الوصول إليه .. فدوما
تدعو وتتضرع وتفتقر إليه - سبحانه - تمام الافتقار في كل خطوة وفى كل مرحلة تقطعها على هذه الطريق.
" فالفقر الحقيقى: دوام الافتقار إلى الله في كل حال ، وأن يشهد العبد - في كل ذرة من ذراته الظاهرة والباطنة - فاقة تامة إلى الله - تعالى - من كل وجه "
فاللهم .. انا نفتقر إليك ونستهديك ،فاهدنا لصالح الاعمال والاخلاق، فانه لا يهدى لصالحها ولا يصرف سيئها الا أنت .. اللهم اهدنى صراط الوصول إليك .. يا منجى الهلكى ويا منقذ الغرقى .. يا عظيم الاحسان.
الهى .. ان كانت ذنوبى قد اخافتنى ، فان محبتى لك قد أجارتنى ، فتولّ من أمرى ما أنت اهله ، وعد بفضلك على من غره جهله.
الهى .. لو أردت اهانتى لما هديتنى ، ولو أردت فضيحتى لم تسترنى ، فمتعنى بما له هديتنى ، وأدم لي ما به سترتنى.
الهى .. وسيدى ومولاى .. اعقد قلبى بحبل محبتك ، واستدرجنى إلى اقصى مرادك ، واسلك بى مسلك أصفيائك ، واكشف لي عن مكنون علمك ، حتى أصل إلى رياض قدسك ، وأجتنى من ثمار الشوق إليك ، وأتشرب من حياض معرفتك ، واتنزه في بساتين الائك ، واستنقع في غدران ذكر نعمائك.
اللهم .. اجعل قلبى من القلوب التي سافرت إليك ، وأنست بك ، واجعل نفسى من النفوس التي زالت عن اختيارها لهيبتك ، واطلفها من الاسر لتجول في خدمتك مع الجوالين.
اللهم .. آت نفوسنا تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها ، أنت وليها ومولاها.
اللهم .. انا نعوذ بك من علم لا ينفع ، ومن قلب لا يخشع ، ومن نفس لا تشبع ، ومن دعوة لا يستجاب لها.
آمين .. آمين .. آمين
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بايمان واحسان إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين
* * *