الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فاذا تحددت وجهتك - أيها السائر - وعلم مقصدك بتوحيدين هما: توحيد القصد وتوحيد المقصود ، فالمقصود هو الله سبحانه وتعالى ، والقصد ارادة وجهه الكريم .. اذا تحددت وجهتك هذه وعلم مقصدك هذا فقد استرحت في هذه السفرة .. وسيتبين لك ذلك حين نذكر فيما بعد أن المشغبين كثير ، والسبل مدلهمة ، والعوارض تفتر العزائم .. فاذا حصل توحيد القصد وتوحيد المقصود لم يلتفت إلى الاغيار.
فالنية - أخى السائر - النية .. النية بداية الطريق .. فطهر قلبك لتستعد للسفر.
الومضة الثالثة: مقومات السفر:
اذا كنت - أخى السالك - لازلت مصرا على الاتمام ، فاعلم أن من مقومات السفر: المنهج ، واعلم ان منهجنا معصوم ، فلا مجال لنا للاجتهاد فيه ، إذ اتفق العلماء على أن أعمال العبادات توقيفية ، الظاهر منها والباطن ولذا فقد تكفل الشرع - كتابا وسنة - بوصف المنهج في هذا الطريق وصفا لا يزيغ عنه الا هالك.
قال سبحانه: " إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى "(الليل: 12).وإذا قال " علينا " فقد وجبت .. وقال سبحانه: " وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ "(البلد: 10)، وقال - سبحانه - حاكيا عن موسى لما سئل عن ربه أنه عرّفه فقال:" رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى "(طه: 50)، وقال سبحانه:" وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ "(التوبة: 115)، وقال سبحانه:" وَالَّذِي أَوْحَيْنَا
إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ " (فاطر: 31).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" تركتكم على المحجة البيضاء " وفى رواية " بيضاء نقية كالشمس لا يزيغ عنها الا هالك ". أخرجه أحمد: (4/ 126) ، وأبو داود (4607) وقال الالبانى صحيح.
وقال صلى الله عليه وسلم:" تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبدا كتاب الله وسنتى " أخرجه أحمد
(3/ 59) والترمذى (3786) وقال: حسن غريب ، وانظر الصحيحة (1761).
وقال صلى الله عليه وسلم:" انه من يعش بعدى فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين عضوا عليها بالنواجذ واياكم ومحدثات الأمور فان كل محدثة بدعة وكل ضلالة في النار ". أخرجه:
أبو داود: (4607) بهذه النصوص واجماع الأمة يتبين لنا يقينا لا شك فيه أن الدين كمل والطريق وصفت والمعالم نصبت والاصول وضعت.
فلا مجال لهرس الهرائسة ، ولا لقرمطة القرامطة .. لا مجال لفزلكة المتفزلكين ، ولا منظرة المغرورين المعجبين ، لا مجال لتحديث الدين ولا للفهم المستنير - زعموا - ولا لبدع أهل الاهواء. الدين دين محمد وما كان عليه وأصحابه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق أمتى على ثلاث
وسبعين فرقة كلها في النار الا واحدة ، ما أنا عليه وأصحابى ، وليكونن من أمتى أقوام تتجارى بهم تلك الاهواء كما تتجارى الكلب بصاحبه لا يبقى منه عرق ولا مفصل الا دخله ". أخرجه أحمد (4/ 102) وأبو داود (4597) وصححه الالبانى في الصخيحة (203 ، 204).
وان هذا الحديث وأمثاله ليزيد المؤمن ايمانا - والله - حين يرى تجارى الاهواء بالقوم .. فيا ايها السائر الكريم ، المنهج معصوم لا مجال للاجتهاد فيه .. علمت هذه أولا فخذ الثانية.
اذا كان المنهج معصوما فلابد من المنهج ، فالبداية - بداية السير - غير المنهجية تؤدى إلى الفتور وتقود إلى الانتكاس ، ثم تكثر الشكوى ولا سميع ولا مجيب.
لابد من منهج حقيقى في السير إلى الله سبحانه وتعالى وفى أصول التعبد: الصلاة والزكاة والصيام والحج والعمرة ونوافلها .. أقصد ان تتخذ لنفسك منهجا: ماذا ستفعل ، وكم ومتى وكيف؟
وتلتزم بهذا المنهج وتتابع عليه محاسبة شديدة.
مثلا .. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى في اليوم أربعين ركعة ، سبعة عشرة فرائض واثنتى عشرة رواتب ، واحدى عشرة تهجدا وكان اذا فاته شىء منها قضاه .. حتى ثبت أنه قضى سنة الظهر بعد العصر .. فان كنت تطيق هذا وتلتزمه فالتزم ولا تفرط واياك واسهال الاستسهال.