المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بحث في بيان العبدين الصالحين المذكورين في حديث الغدير - الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني - جـ ٤

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌بحث في قول أهل الحديث " رجال إسناده ثقات

- ‌القول المقبول في رد خبر المجهول من غير صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌بحث في الجواب على من قال أنه لم يقع التعرض لمن في حفظه ضعف من الصحابة

- ‌سؤال عن عدالة جميع الصحابة هل هي مسلمة أم لا

- ‌رفع البأس عن حديث النفس والهم والوسواس

- ‌الأبحاث الوضية في الكلام على حديث (حب الدنيا رأس كل خطية)

- ‌سؤال عن معنى بني الإسلام على خمسة أركان وما يترتب عليه

- ‌الأذكار (جواب على بعض الأحاديث المتعارضة فيها)

- ‌بحث في الكلام على حديث " إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإن اجتهد وأخطأ فله أجر واحد

- ‌جواب عن سؤال خاص بالحديث " لا عهد لظالم " وهل هو موجود فعلا من عدمه

- ‌فوائد في أحاديث فضائل القرآن

- ‌بحث في حديث "لعن الله اليهود لاتخاذهم قبور أنبيائهم مساجد

- ‌إتحاف المهرة بالكلام على حديث: "لا عدوى ولا طيرة

- ‌بحث في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنما الأعمال بالنيات

- ‌بحث في حديث: "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم .. إلخ

- ‌بحث في بيان العبدين الصالحين المذكورين في حديث الغدير

- ‌بحث في حديث (أجعل لك صلاتي كلها) وفي تحقيق الصلاة على الآل ومن خصهم

- ‌تنبيه الأعلام على تفسير المشتبهات بين الحلال والحرام

الفصل: ‌بحث في بيان العبدين الصالحين المذكورين في حديث الغدير

‌بحث في بيان العبدين الصالحين المذكورين في حديث الغدير

تأليف

محمد بن علي الشوكاني

حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه

محمد صبحي بن حسن حلاق

أبو مصعب

ص: 1993

وصف المخطوط:

1 -

عنوان الرسالة: (بحث في بيان العبدين الصالحين المذكورين في حديث الغدير).

2 -

موضوع الرسالة: في "الحديث".

3 -

أول الرسالة: الحمد لله وحده وصلاته وسلامه على سيدنا محمد وآله، وبعد، فإنه ورد السؤال عن تفسير ما وقع في حديث الغدير.

4 -

آخر الرسالة:

من بين من تقدمه صلى الله عليه وآله وسلم من الأنبياء والصالحين بخلاف الحمزة وجعفر، فإن المخصص لهما واضح لو لم يكن إلا مجرد القرابة القربى فهذا ما ظهر، والله سبحانه أعلم.

5 -

نوع الخط: خط نسخي جيد.

6 -

المسطرة: الأولى: (18) سطرا.

الثانية: (15) سطرا.

7 -

عدد الكلمات في السطر: (8) كلمة.

8 -

الرسالة من المجلد الثالث من "الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني".

ص: 1995

الحمد لله وحده، وصلاته وسلامه على سيدنا محمد وآله.

وبعد: فإنه ورد في السؤال عن تفسير ما وقع في حديث الغدير عند الطبراني عن (1) عن جرير

(1) في "المعجم الكبير"(2/ 357 رقم 2505) وأورده الهيثمي في "المجمع"(9/ 106) وفيه بشر بن حرب وهو لين، ومن لم أعرفه أيضا.

عن بشر بن حرب عن جرير قال: شهدنا الموسم في حجة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حجة الوداع، فبلغنا مكانا يقال له غدير خم، فنادى: الصلاة جامعة، فاجتمعنا المهاجرون والأنصار، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وسطنا فقال:"أيها الناس بم تشهدون؟ قالوا: نشهد أن لا إله إلا الله. قال: "ثم مه؟ " قالوا: وأن محمدا عبده ورسوله، قال: "فمن وليكم؟ " قالوا: الله ورسوله مولانا، قال: "من وليكم؟ " ثم ضرب بيده على عضد علي رضي الله عنه فأقامه فنزع عضده فأخذ بذراعيه فقال: "من يكن الله ورسوله مولياه فإن هذا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، اللهم من أحبه من الناس فكن له حبيبا، ومن أبغضه فكن له مبغضا، اللهم إني لا أجد أحدا أستودعه في الأرض بعد العبدين الصالحين غيرك فاقض فيه بالحسنى". قال بشر: قلت: من هذين العبدين الصالحين؟ قال: لا أدري.

وذكره السيوطي في "الموضوعات" رقم (261) وعزاه للطبراني عن جرير وقال: قال ابن كثير: غريب جدا بل منكر.

غدير خم: الغدير فعيل من الغدر، غدير: بفتح أوله، وكسر ثانيه وأصله غادرت الشيء إذا تركته وهو فعيل بمعنى مفعول كأن السيل غادره في موضعه فصار كل ماء غودر من ماء المطر في مستنقع صغيرا كان أو كبيرا غير أنه لا يبقى إلى القيظ سمي غديرا.

خم: اسم موضع غدير خم، وهو بين مكة والمدينة وبينه وبين الجحفة ميلان.

خم في اللغة: قفص الدجاج، فإن كان منقولا من الفعل فيجوز أن يكون مما لم يسم فاعله من قولهم: خم الشيء، إذا ترك في الخم، وهو حبس الدجاج.

وقيل: خم اسم رجل صباغ أضيف إليه الغدير الذي هو بين مكة والمدينة بالجحفة.

وقال الحازمي: خم واد بين مكة والمدينة عند الجحفة به غدير، عنده خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا الوادي موصوف بكثرة الوخامة.

"معجم البلدان"(2/ 389)(4/ 188).

قال ابن كثير في "البداية والنهاية"(5/ 182 - 183): في إيراد الحديث الدال على أنه عليه السلام خطب بين مكة والمدينة مرجعه من حجة الوداع قريب من الجحفة - يقال غدير خم - فبين فيها فضل علي بن أبي طالب وبراءة عرضه مما كان تكلم فيه بعض من كان معه بأرض اليمن، بسبب ما كان صدر منه إليهم من المعدلة التي ظنها بعضهم جورا وتضييقا وبخلا، والصواب كان معه في ذلك، ولهذا لما تفرغ عليه السلام من بيان المناسك ورجع إلى المدينة بين ذلك في أثناء الطريق، فخطب خطبة عظيمة في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة عامئذ وكان يوم الأحد بغدير خم شجرة هناك، فبين فيها أشياء، وذكر من فضل علي وأمانته وعدله وقربه إليه ما أزاح به ما كان في نفوس كثير من الناس منه.

أخرج النسائي في "فضائل الصحابة"(ص 15): عن زيد بن أرقم قال: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حجة الوداع ونزل غدير خم، أمر بدوحات فقممن ثم قال:"كأني قد دعيت فأجبت، إني قد تركت فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يتفرقا حتى يردوا علي الحوض، ثم قال: إن الله مولاي وأنا ولي كل مؤمن ثم أخذ بيد علي فقال: من كنت وليه، فهذا وليه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه".

وأخرجه الترمذي في "السنن" رقم (3713) من حديث زيد بن أرقم. وهو حديث صحيح. وفيه "من كنت مولاه فعلي مولاه". ولم يذكر العبدين الصالحين.

ص: 1999

بلفظ: "من يكن الله ورسوله مولاه فإن هذا مولاه - يعني عليا عليه السلام اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، اللهم من أحبه من الناس فكن له حبيبا، ومن أبغضه من الناس فكن له بغيضا، اللهم إني لا أجد أحدا أستودعه في الأرض بعد العبدين الصالحين غيرك فاقض عني فيه بالحسنى" انتهى.

ومحل السؤال: من هما العبدان الصالحان المذكوران في الحديث؟ وأقول: قد اختلف في تفسيرهما، فقيل: هما الخضر (1) ..................

(1) قال ابن حجر في "الإصابة"(2/ 246 رقم 2275): اختلف في نسبه وفي كونه نبيا وفي طول عمره وبقاء حياته.

وأخرج البخاري في صحيحه رقم (3402) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما سمي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهز من خلفه خضراء".

وانظر تفصيل ذلك في الرسالة رقم (35) من مجلدنا هذا، ولتعلم أن اسم الخضر لم يذكر في القرآن، إنما ذكرت فيه قصته مع نبي الله موسى عليه السلام، وصرحت السنة باسمه، كما في حديث ابن عباس عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر القصة وقد أخرجه البخاري في صحيحه رقم (74، 78، 2267، 2728، 3278، 3400، 3401، 4725، 4726، 4727، 6672، 7478).

ص: 2000

وإلياس (1)، وقيل: هما الحمزة بن عبد المطلب (2) وجعفر بن أبي طالب بن عبد .........

(1) قال تعالى: (وإن إلياس لمن المرسلين إذ قال لقومه ألا تتقون أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين)[الصافات: 123 - 125].

ذكر اسم (إلياس) عليه السلام في القرآن الكريم في ثلاث مواطن من سورة الأنعام، وفي آيتين من الصافات، أولاهما ذكر فيها لفظ (إلياس) والثانية ذكر فيها لفظ (إلياسين) قال تعالى:(سلام على إل ياسين).

قال ابن كثير في "البداية والنهاية"(1/ 314): أي إلياس، والعرب تلحق النون في أسماء كثيرة، وتبدلها من غيرها، كما تقول: إسماعيل وإسماعين، وإسرائيل وإسرائين، وإلياس وإلياسين.

قال علماء النسب: هو إلياس التشبي. وقيل: ابن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون. وقيل: إلياس بن العازر بن العيزار بن هارون بن عمران.

وقالوا: كان إرساله إلى أهل بعلبك غربي دمشق فدعاهم إلى الله عز وجل وأن يتركوا عبادة صنم لهم كانوا يسمونه بعلا.

(2)

حمزة بن عبد المطلب بن هاشم، عم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يقال له: أسد الله وأسد رسوله، يكنى أبا عمارة، وأبا يعلى أيضًا بابنيه عمارة ويعلى.

أسلم في الثانية من المبعث، وكان حمزة أخا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، أرضعتهما ثويبة.

شهد حمزة بدرا، وأبلى بلاء حسنا، وشهد أحدا وقتل يومئذ شهيدا، قتله وحشي بن حرب الحبشي، مولى جبير بن عدي. ومثل بحمزة، فقطعت هند كبده، وجدعت أنفه، وقطعت أذنيه، وبقرت بطنه، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما صنع بحمزة فقال:"لئن ظفرت بقريش لأمثلن بثلاثين منهم، وقيل بسبعين منهم" فأنزل الله عز وجل: (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون)[النحل: 126 - 127].

انظر: "سيرة ابن هشام"(3/ 148). "الاستيعاب"(1/ 425 - 427)"الإصابة" رقم (1831).

ص: 2001

المطلب (1). وقيل هما أبو بكر (2) وعمر (3). وقيل هما: الحسنان السبطان (4). والأقرب

(1) جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، أبو عبد الله، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وأحد السابقين إلى الإسلام، وأخو علي شقيقه. قال ابن إسحاق: أسلم بعد خمس وعشرين رجلا، وقيل بعد واحد وثلاثين، وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين معاذ بن جبل. وقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"أشبهت خلقي وخلقي" من حديث البراء. انظر: "فتح الباري"(7/ 75).

وهاجر إلى الحبشة فأسلم النجاشي ومن تبعه على يديه، ثم هاجر إلى المدينة فقدم والنبي صلى الله عليه وسلم بخيبر.

انظر: "الإصابة" رقم (1169) شذرات الذهب (1/ 12، 48)"تهذيب التهذيب"(2/ 98).

(2)

أبو بكر الصديق هو: عبد الله بن أبي قحافة، واسم أبي قحافة: عثمان بن عامر بن عمر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك القرشي التيمي. وهو الخليفة الأول، توفي وهو ابن ثلاث وستين سنة.

وأخرجه البخاري في صحيحه رقم (3655) عن ابن عمر قال: "كنا نخير بين الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فنخير أبا بكر، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان، رضي الله عنهم.

وأخرج البخاري في صحيحه رقم (3656) من حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: "لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر، ولكن أخي وصاحبي".

انظر: "فتح الباري"(7/ 23 - 27). "الاستيعاب"(4/ 177 رقم (2906). "الإصابة" رقم (9636).

(3)

عمر بن الخطاب بن نفيل القرشي العدوي رضي الله عنه. ولد بعد الفيل بثلاث عشرة سنة، وكان إليه السفارة في الجاهلية. وكان عند المبعث شديدا على المسلمين، ثم أسلم، فكان إسلامه فتحا على المسلمين وفرجا لهم من الضيق. لقبه صلى الله عليه وسلم بالفاروق، وكنيته أبو حفص.

انظر: "الفتح"(7/ 45 - 50). "الإصابة"(4/ 484). "الكاشف" رقم (309)"الاستيعاب" رقم (1899).

(4)

الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي حفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ابن ابنته فاطمة رضي الله عنها. وابن ابن عمه علي بن أبي طالب، يكنى أبا محمد، ولدته فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة، وعق عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم سابعه بكبش، وحلق رأسه، وأمر أن يتصدق بزنة شعره فضة. ومات الحسن بن علي رضي الله عنهما بالمدينة.

وانظر: "الاستيعاب"(1/ 439 - 442). "تهذيب التهذيب"(2/ 195).

والحسين بن علي بن أبي طالب أمه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يكنى أبا عبد الله، ولد لخمس خلون من شعبان سنة أربع وقيل: سنة ثلاث، عق عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما عق عن أخيه، وكان الحسين فاضلا دينا كثير الصيام والصلاة والحج. قتل رضي الله عنه يوم الجمعة لعشر خلت من المحرم يوم عاشوراء سنة 61 هـ بموضع يقال له: كربلاء من أرض العراق بناحية الكوفة.

انظر: "الاستيعاب"(1/ 442 - 445). "شذرات الذهب"(1/ 66). "جمهرة أنساب العرب"(ص 52).

ص: 2002

أنهما الحمزة وجعفر كما نقل ذلك السمهودي، لأن ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم بعد العبدين الصالحين أنهما عند هذه المقالة غير موجودين، والأمر في الحمزة وجعفر. كذلك فإن الحمزة استشهد في يوم أحد (1)، وجعفر في يوم مؤتة (2).

وهذه المقالة من النبي صلى الله عليه وسلم كانت في يوم غدير خم (3) بعد رجوعه من حجة الوداع. وحجة الوداع متأخرة عن يوم أحد بسنين متعددة، ومتأخرة أيضًا عن يوم مؤتة فعرفت

(1) قال الحافظ في الفتح (7/ 346): كانت عنده الوقعة المشهورة في شوال سنة ثلاث باتفاق الجمهور.

وقال مالك: كانت بعد بدر بسنة. وقيل كانت بعد الهجرة بأحد وثلاثين شهرا.

(2)

قال الحافظ في الفتح (7/ 511): "

عن عروة بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الجيش إلى مؤتة في جمادى من سنة ثمان. مؤتة: بالقرب من البلقاء، وقيل: هي على مرحلتين من بيت المقدس.

(3)

كان ذلك في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة عامئذ وكان يوم الأحد. "البداية والنهاية"(5/ 182).

ص: 2003

بهذا أنه لا يصح تفسيرها في الحديث بأبي بكر وعمر، لأنهما كانا حيين عند هذه المقالة بلا ريب. ولا بالحسنين لذلك. وأما الخضر وإلياس فإنهما وإن كانا متقدمين ولكن لا وجه لتخصيصهما من بين من تقدمه صلى الله عليه وسلم من الأنبياء والصالحين بخلاف الحمزة وجعفر، فإن المخصص لهما واضح لو لم يكن إلا مجرد القرابة القربى، فهذا ما ظهر. والله سبحانه أعلم.

ص: 2004