الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيعة (1) .
فتبين من خلال ذلك أن الخوئي صاحب البيان هو في غايته كصاحب فصل الخطاب، إلا أن الأخير استخدم الطريقة المكشوفة، والأول سلك مسلك المكر والاحتيال.
المجال الثاني:
(اتجاه المعاصرين في تأويل كتاب الله) :
هل تخلص شيعة العصر الحاضر من لوثة ذلك الاتجاه المغرق في التأويل الباطني الذي درج عليه شيوخهم القدامى في تأويل كتاب الله كالقمي والكليني والعياشي والكاشاني والبحراني وأضرابهم.. أو هم على آثارهم يهرعون؟
إن المتتبع لما يكتبه شيعة العصر الحاضر في تفسير كتاب الله يجد أن العقلية الشيعية المعاصرة لا تزال في الغالب تعيش أسيرة لتلك التأويلات التي وضعها علماؤهم السابقون والتي عرضنا لها فيما مضى.. وآية ذلك أن تلك التفاسير الباطنية تأخذ المكانة الأولى عندهم في الوثاقة والاعتماد، ولا أدل على هذا من توثيق أكبر مراجع الشيعة في العصر الحاضر وهو الخوئي لأسانيد وروايات القمي في تفسيره (2) . وتفسير القمي قد بلغ الغاية في التأويل الباطني وأربى على النهاية.
وكذلك الطبطبائي وهو من كبار شيوخهم المعاصرين يقرر أن تفسير العياشي محل ثقة الشيعة واعتمادهم.. إلى عصرنا هذا (3) ، وتفسير العياشي على خطى القمي في المنهج الباطني الغالي الذي يكفر الصحابة، ويفسر كل آيات القرآن بالأئمة وأعدائهم، ويدس أساطير التحريف في تفسيره.
وهكذا سائر التفاسير ذات الاتجاه الغالي تحظى بتوثيق الشيعة واعتمادهم.. كتفسير البرهان، وتفسير الصافي، ومرآة الأنوار وغيرها (4) .
فماذا بقي بعد هذا؟
أما اتجاه المعاصرين في تأويل كتاب الله، فقد أخذ وجهين مختلفين: وجه غال متطرف، ووجه معتدل متوسط، إذا ما قسناه بالاتجاه الغالي: فقد ظهرت ملامح التطرف والغلو في تأويل كثير من آيات القرآن بعقائدهم التي شذوا بها عن أمة الإسلام، فهذا أحد علمائهم المعاصرين ويدعا "علي محمد دخيل" يتحدث عن غيبة مهديهم المنتظر - وهو كما يقول بعض كتاب الشيعة من أشهر الكتاب الإمامية الذين عالجوا الغيبة (5) .- فيعقد فصلاً بعنوان:"المهدي في القرآن الكريم" ويورد في هذا الفصل خمسين آية من القرآن كلها يزعم تأويلها بالمهدي ويتوصل
(1) معجم رجال الحديث: 1/63، ط: الأولى بالنجف 1398هـ، أو ص49 ط: الثالثة: بيروت 1403هـ، وقد نقل ذلك بنصه في المقدمة
(2)
انظر: ص18
(3)
انظر: ما سبق نقله عن الطبطبائي في المقدمة
(4)
انظر: مقدمات هذا التفاسير
(5)
عبد الله الفياض/ تاريخ الإمامية: ص162
بذلك إلى أن موضوع المهدي لا يختلف عن ضروريات الإسلام الأخرى، وإنكاره إنكار لضرورة من ضروريات الدين (1) .
بل بلغت تأويلات شيوخهم المتأخرين لآيات القرآن بالمهدي إلى (120) آية (2) . ولم يقنع بعض المعاصرين بذلك فوضع مستدركًا لهم ليبلغ بها إلى (132) آية (3) .
ونجد شيخهم المعاصر - محمد رضا الطبيسي النجفي (ت1365هـ) - يفسر (76) آية من كتاب الله بعقيدة الرجعة عندهم (4) ، وهذا شطط لم يبلغ مداه شيوخهم القدامى. حيث بدأ التأويل بمسألة الرجعة في آية واحدة عند ابن سبأ (5) . ثم لم يزل الأمر يزيد، ففسر شيوخهم القدامى بالرجعة عشرين آية ونيفاً (6) .
وفي القرن الثاني عشر تطور الأمر إلى تأويل (64) آية بتلك العقيدة الباطلة على يد شيخهم الحر العالمي (7) ، ثم كانت نهاية الشطط على يد هذا الطبيسي وغيره من شيوخهم المعاصرين.
وقد يستمر طريق التأويل إلي أرقام أخرى. وفي تفسير الميزان للإمام الأعظم عندهم محمد حسين الطبطبائي كثير من التفسيرات الباطنية التي يختارها من كتب التفسير القديمة عندهم. يذكرها تحت عنوان "بحث روائي".. ومن الأمثلة التي
(1) علي دخيل/ الإمام المهدي (عبد الله الفياض/ تاريخ الإمامية: ص162)
(2)
انظر: هاشم البحراني/ المحجة فيما نزل في القائم بالحجة
(3)
انظر: محمد منير الميلاني/ مستدرك الحجة
(4)
انظر ذلك في كتابه "الشيعة والراجعة" مطبعة الآداب/ النجف 1385هـ
(5)
انظر: تاريخ الطبري: 4/340
(6)
انظر: جواد تارا/ دائرة المعارف العلوية: ص256
(7)
انظر: الحر العاملي/ الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة: ص72-98
نقلها مقرًا لها ما ذكره عن تفسيرهم البرهان في قوله سبحانه: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ} (1) . قال: "الآية مثل ضربه الله لعائشة وحفصة أن تظاهرتا على رسول الله وأفشتا سره"(2) .
فانظر كيف يحرف معاني القرآن، ويكفر أمهات المؤمنين بذلك.
وعند قوله سبحانه: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} (3) نقل ما يروونه عن (الصادق) أنه قال: "نحن وجه الله"(4) . وهكذا يلتقي التأويل الباطني الغابر بالحاضر.. صورة واحدة ووجه واحد.
والأمثلة كثيرة.
ولكن هناك وجه معاصر معتدل، ومظاهر اعتداله تكمن في ثلاث ظواهر، الأولى: اختفاء ذلك الغلو بتفسير كثير من آيات القرآن بالإمامة وما يدور في فلكها.. والثانية: تطهره من ملامح أسطورة التحريف وأخبارها وآثارها في تفسيره، والثالثة: التنزه عن ذلك التكفير الصريح الواضح لخير جيل عرفته البشرية.. جيل الصحابة رضوان الله عليهم.
ومن أمثلة هذا الاتجاه تفسير الكاشف لمحمد جواد مغنية، والتفسير المبين له أيضًا.
فأنت تلحظ ثناءه على الصحابة في تفسير قوله تعالى: {لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} (5) الآية.
حيث قال: "لا لشيء إلا لوقوفهم مع الحق، وإعلاء كلمة الإسلام
(1) التحريم 10
(2)
الطبطبائي/ الميزان: 19/346
(3)
الرحمن 27
(4)
الميزان: 19/103
(5)
الحشر 8
وتضحيتهم في سبيله {يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} إيمانًا وقولاً وعملاً، وبهؤلاء المهاجرين وأمثالهم من الأنصار استقام الإسلام وانتشر في شرق الأرض وغربها، ولا بدع فإن قائدهم محمد صلى الله عليه وسلم، ولن تكون الأمة فاسدة وقائدها صالحاً {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ} ، المراد بالذين: الأنصار، وتبوءوا: سكنوا، والدار: دار الهجرة وهي المدينة، والإيمان مفعول لفعل محذوف أي: وأخلصوا الإيمان، وقد أثنى الله على الأنصار بأنهم:{يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} .
{وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ} جاء في التفاسير: أن المراد بالذين جاءوا من بعد الصحابة التابعون لهم بإحسان أخذا بقرينة السياق، ومع هذا فإن الثناء يعم ويشمل كل من سار بسيرة الصحابة إلى يوم القيامة" (1) .
فإذا قرأت هذا الكلام لا تعرف أن قائله من الروافض الذي يكفرون صحابة رسول الله ويشتمونهم
…
وقد مر بنا أن له كلاماً في الطعن في بعض صحابة رسول الله.. ولكنه لم يصرح بالتكفير كغيره من شيعته.
وعند قوله سبحانه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} . قال: "المراد بالذكر هنا القرآن الكريم، وضمير "له" يعود إليه، والمعنى أن القرآن موجود فعلاً بين الدفتين، المألوف لدى كل الناس، وهو بالذات الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم بلا تقليم وتطعيم، على العكس من الكتاب المعروف بالتوراة، فإنه غير الذي جاء به موسى عليه السلام، وكذلك الكتاب المعروف بالإنجيل فهو غير
(1) التفسير المبين: ص631، وقارن هذا التفسير المتناسب مع سياق الآيات ومفهوماتها بما سجله البحراني من روايات عن أئمته في تفسير هذه الآية. (انظر: البرهان: 4/316-319)
الذي جاء به عيسى عليه السلام" (1) .
في حين أن الرجل لم يدع التأويل لبعض الآيات بمقتضى أصول عقيدته، لكنه لم يجاهر بالغلو في التأويل كالآخرين من طائفته، فنجده مثلاً في تفسيره الكاشف يوؤل قوله سبحانه:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} (2) بقوله: "معنى الآية أن الله سبحانه أكمل الدين مع هذا اليوم بالنص على علي بالخلافة".
هذا الاتجاه المعتدل إنما هو ثمرة اعتماده على جمع الجوامع لشيخهم الطبرسي، كما ألملح إلى ذلك في المقدمة.. والطبرسي قد اعتمد في الغالب على مرويات أهل السنة وتفاسيرهم، كما أشار شيخ الإسلام ابن تيمية (3) .
فإذن هناك وجهان للاتجاه الشيعي في تأويل القرآن: اتجاه غال، واتجاه معتدل. كما كان لهم في القرون الماضية كتب تفسير باطنية غالبة كتفسير القمي والعياشي والكاشاني والبحراني وغيرهم، وكتب تفسير معتدلة مثل تفسير التبيان للطوسي، ومجمع البيان، وجمع الجوامع للطبرسي..
وقد جاء في أخبارهم بالأمر لهم بظهورهم بوجهين مختلفين حتى لا يعرف الناس حقيقة مذهبهم. وقال إمامهم: "إن هذا خير لنا ولكم، ولو اجتمعتم على أمر واحد لصدقكم الناس علينا (أي لعرف الناس المذهب) ولكان أقل لبقائنا وبقائكم"(4) .
وأنت إذا قارنت بين المنهجين وجدت الاتجاه الغالي المتطرف يستقي مادته من روايات الشيعة وأخبارهم، أما الاتجاه المعتدل فتلاحظ أنه قد فتح قلبه وعقله لروايات أهل السنة وآثارهم في التفسير، فتخلص من لوثة الغلو والتطرف، إما
(1) التفسير المبين: ص286
(2)
المائدة 3
(3)
انظر: منهاج السنة: 3/246
(4)
أصول الكافي: 1/65
تقية أو اقتناعاً، لكنك لا تجد تفسيراً شيعياً اعتمد على رواياتهم فقط يخلو من الطريقة الباطنية في التفسير.
فأي الطريقين هو الذي يمثل مذهب الشيعة؟!
لقد ذكرت فيما سلف محاولة بعض شيوخ الشيعة قطع الطريق على هذا الاتجاه المعتدل بحمله على التقية (1) .
وقد صرح شيخهم المجلسي بأن اعتمادهم على مرويات أهل السنة إنما هو للاحتجاج عليهم، وعقد لذلك باباً بعنوان " الباب الثامن والعشرون ما ترويه العامة (يعني أهل السنة) من أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم وأن الصحيح من ذلك عندهم (يعني شيعته) والنهي عن الرجوع إلى أخبار المخالفين"(2) . ثم استثنى من ذلك مقام الاحتجاج عليهم لنشر التشيع.
بل إن مرجع الشيعة في العراق "الخوئي" يعتبر ما جاء عن الصحابة في تفسير القرآن هو معنى التحريف الذي جاء به رواياتهم (3) .
وحين أشار محب الدين الخطيب إلى أن القرآن الذي ينبغي أن يكون الجامع لنا ولهم على التقارب نحو الوحدة، قد قامت أصول الدين عندهم على تأويل آياته وصرف معانيها إلى غير ما فهمه منها الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم وإلى غير ما فهمه منها أئمة الإسلام عن الجيل الذي نزل عليه القرآن (4) .
ردّ عليه أحد شيوخ الشيعة بقوله: "إن الشيعة ترى من الكيد للإسلام أن يأخذوا.. تفسيرهم للقرآن عمن تقصدهم وتعنيهم بالذات أمثال أبي هريرة
(1) انظر: ص (198) من هذه الرسالة
(2)
بحار الأنوار: 2/214
(3)
انظر: حملة لأساطيرهم التي تقول بتحريف الصحابة لكتاب الله "على أن المراد حمل الآيات على غير معانيها"(البيان ص229)
(4)
الخطوط العريضة: ص10
وسمرة بن جندب.. وأنس بن مالك ممن أتقنوا صناعة التلفيق والدس والكذب والافتراء" (1) .
فهذا الجواب ينسبه المؤلف للشيعة.. فإذا كانت الشيعة تعتقد أن تلقي الدين عن طريق الصحابة هو من الكيد للإسلام فلهم دينهم ولنا ديننا.. إذ إن قولهم هذا يؤدي إلى رفض الإسلام كلية.
أليس هذا يعني أن ذلك الطريق المعتدل والوجه الآخر هو من باب التقية..؟!
إن بعض أصحاب ذلك الاتجاه المعتدل وهو شيخهم محمد جواد مغنية لا يقر بوجود اتجاه باطني في التفسير عندهم. ويقول بأن الاثني عشرية أبعد الناس من هذه البدع والضلالات، وأن كتبهم تشهد بذلك وهي في متناول كل يد (2) ، وكذلك شيخهم الآخر محسن الأمين يقر بوجودها، ولكنه يقول بأنها روايات شاذة (3) . ومثل ذلك يقول الخنيزي، مع إنكاره لبعض ما هو واقع في كتبهم من روايات (4) .
وهذا الإنكار لما هو واقع وموجود أمارة التقية، والأمر ليس مجرد روايات شاذة - كما يزعمون - بل تفاسير كاملة تخصصت في التأويل الباطني يأتي في طليعتها تفسير القمي الموثق من كبار شيوخهم، وأبواب كاملة في الكافي أصح كتاب عندهم في الحديث، وفي البحار وغيرهما، أبواب تضم عشرات الأحاديث كلها تفسير الآيات تفسيراً باطنياً، فلم هذه "الجرأة" في إنكار الحقائق الواضحات، وهل يظنون أنهم يخدمون دينهم بهذه الوسيلة؟!
(1) عبد الواحد الأنصاري/ أضواء على خطوط محب الدين: ص65
(2)
تفسير الكاشف: 7/104
(3)
انظر: الشيعة بين الحقائق والأوهام: ص419-420
(4)
انظر: الدعوة الإسلامية إلى وحدة أهل السنة والإمامية: 1/178-202
كما أن هذا الإنكار منقوض بصنيع من شيوخهم المعاصرين الذين لا يزالون يهذون في هذا الضلال.
بل إن شيوخهم وآيتهم عبد الحسين شرف الدين الموسوي يرى أن تلك التأويلات الباطنية للآيات والواردة في حق الأئمة هي مسلمة عندهم بحكم الضرورة (1) .
إذن الصورة في مجال التأويل متشابهة بين الأوائل والأواخر، والجديد عند المعاصرين أنهم ارتضوا ما كتبه أسلافهم، حتى المتأخرون منهم فقد اعتبروا ما كتبه
(1) وذلك حينما قال الشيخ موسى جار الله بأن "في كتب الشيعة أبواب في آيات وسور نزلت في الأئمة والشيعة، وفي آيات وسور نزلت في كفر أبي بكر وعمر، وكفر من اتبعهما، والآيات تزيد على المئة، بل فيها سور مستقلة.. يذكر ذلك أكبر إمام للشيعة في أقداس كتبها في أصول الكافي". (الوشيعة: ص27، وانظر: ص65) .
فأجاب شيخهم عبد الحسين على ذلك بقوله: أما ما نزل في فضل الأئمة من أهل البيت وشيعتهم فمسلّم بحكم الضرورة من علم التفسير المأثور من السنن، وبحكم ما ثبت في السنة المقدسة من أسباب النزول.
وأما نزول شيء من القرآن في كفر فلان وفلان، فإنه مما نبرأ إلى الله منه، والبلاء فيه إنما جاء من بعض غلاة المفوضة وربما كان في كتبهم فرآه هذا الرجل فرمى البريء بحجر المسيء شأن الجهال بحقائق الأحوال. (أجوبة مسائل جار الله: ص67) .
فأنت تلاحظ أن هذه "الآية" عندهم قد اعتبر ما جاء في الكافي من تأويلات للقرآن بالإمام والإمامة مسلم بحكم الضرورة، لكنه استعمل التقية، حينما نفى تأويلهم لآيات الكفر والكافرين بأبي بكر وعمر، وزعم أن ذلك لا يوجد في الكافي.
وهذه "تقية" بلا ريب، لأنه أنكر وجود ذلك في الكافي وهو موجود ويتمثل في عشرات الرويات تفسير آيات الكفر والكفار بالشيخين رضي الله عنهما. (انظر: أصول الكافي، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية: 1/412) .
لكن هذا الرجل يريد أن يخدع الناس وينكر ما هو واقع ويلصق ذلك بالفوضة والتي لم يقل الكاتبون عنها أن هذا مسلكها واعتقادها (انظر في بيان عقيدة الفوضة شرح عقائد الصدوق للمفيد: ص258) ثم إن هذه الفرقة اندرست ولا توجد هي ولا كتبها كما يقوله مرجع الشيعة محمد حسين آل كاشف الغطا (انظر: أصل الشيعة: ص38)
المجلسي وغيره من المتأخرين مراجع معتمدة في الرواية فاتسع بذلك نطاق التأويل عندهم وازداد بفضل جهود شيوخ الدولة الصفوية الذي أربوا على النهاية في هذا.
لكن بعض المعاصرين كتب بعض التفاسير المعتدلة كما فعل بعض شيوخهم الأقدمين.. وأنكر وجود التأويلات المتطرفة عندهم.. وإذا كان الإنكار في القديم قد يصدق، فإنه اليوم بعد ظهور حركة الطبع لا يجدي ولا يفيد، ويحمل على التقية لا محالة.
أما ظهورهم بوجهين مختلفين فهذا أمر قد قرر في مذهبهم حتى لا يقف الناس على حقيقتهم (1) .
(1) انظر: أصول الكافي: 1/65. ومضى نصه ص: (1060)