المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فتوى شيخ الإسلام في الرافضة بعد الاستيلاء عليهم: - أصول مذهب الشيعة الإمامية الإثني عشرية - عرض ونقد - - جـ ٣

[ناصر القفاري]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الرابع: الشيعة المعاصرون وصلتهم بأسلافهم

- ‌تمهيد:

- ‌الفصل الأول: الصلة في مصادر التلقي

- ‌الفصل الثاني: صلتهم بالفرق القديمة

- ‌الفصل الثالث: الصلة العقدية بين القدامى والمعاصرين

- ‌المبحث الأول: عقيدة المعاصرين في كتاب الله

- ‌الوجه الأول: إنكار وجودها في كتبهم أصلاً

- ‌الوجه الثاني: الاعتراف بوجودها ومحاولة تبريره

- ‌الوجه الثالث: المجاهرة بهذا الكفر والاستدلال به

- ‌الوجه الرابع: التظاهر بإنكار هذه الفرية مع محاولة إثباتها بطرق ماكرة خفية

- ‌(اتجاه المعاصرين في تأويل كتاب الله) :

- ‌السنة عند المعاصرين:

- ‌الإجماع عند المعاصرين:

- ‌اعتقادهم في أصول الدين:

- ‌الإمامة:

- ‌المسألة الأولى: موقف المعاصرين من تكفير أصولهم للمسلمين:

- ‌المسألة الثانية: موقفهم من الحكومات الإسلامية

- ‌المسألة الثالثة: موقف المعاصرين من الصحابة رضوان الله عليهم

- ‌العصمة:

- ‌الرجعة:

- ‌التقية:

- ‌الفصل الرابع: دولة الآيات

- ‌فكر مؤسسها

- ‌أولاً: الاتجاه الوثني

- ‌ثانياً: الغلو في التصوف

- ‌ثالثاً: دعوى النبوة

- ‌رابعاً: الغلو في الرفض

- ‌خامساً: قوله بعموم ولاية الفقيه

- ‌معارضة بعض شيوخ الشيعة لمذهب الخميني في ولاية الفقيه:

- ‌دستور دولة الآيات:

- ‌الباب الخامس: أثرهم في العالم الإسلامي والحكم عليهم

- ‌الفصل الأول: أثرهم في العام الإسلامي

- ‌المجال العقدي والفكري

- ‌إحداث الشرك في أمة محمد صلى الله عليه وسلم:

- ‌الصد عن دين الله:

- ‌ظهور فرق الزندقة والإلحاد:

- ‌محاولة إضلال المسلمين في سنة نبيهم:

- ‌دخولهم في مذهب أهل السنة - في الظاهر - للإضلال:

- ‌نشر الرفض في العالم الإسلامي:

- ‌ظهور اتجاه رافضي عند بعض الكتاب المنتسبين للسنة:

- ‌تشويه تاريخ المسلمين:

- ‌أثرهم في الأدب العربي:

- ‌المجال السياسي

- ‌مؤامرة ابن العلقمي الرافضي:

- ‌الدولة الصفوية

- ‌المجال الاجتماعي

- ‌أولاً: علاقتهم مع المسلمين:

- ‌ثانياً: الفتن الداخلية:

- ‌ثالثاً: الإباحية:

- ‌المجال الاقتصادي

- ‌الفصل الثاني: الحكم عليهم

- ‌المبحث الأول: الحكم عليهم بأنهم مبتدعة وليسوا بكفرة

- ‌المبحث الثاني: القول بكفرهم

- ‌فتوى شيخ الإسلام في الرافضة بعد الاستيلاء عليهم:

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌فتوى شيخ الإسلام في الرافضة بعد الاستيلاء عليهم:

‌فتوى شيخ الإسلام في الرافضة بعد الاستيلاء عليهم:

يقول رحمه الله: "وقد علم أنه كان بساحل الشام جبل كبير فيه ألوف من الرافضة يسفكون دماء الناس ويأخذون أموالهم، وقتلوا خلقاً عظيماً، وأخذوا أموالهم، ولما انكسر المسلمون سنة غازان (1) . أخذوا الخيل والسلاح والأسارى وباعوهم للكفار والنصارى بقبرص، وأخذوا من مر بهم من الجند وكانوا أضرّ على المسلمين من جميع الأعداء، وحمل بعضهم أمرائهم راية النصارى، وقالوا له: أيما خير المسلمون أو النصارى؟ فقال: بل النصارى، فقالوا له: مع من تحشر يوم القيامة؟ فقال: مع النصارى، وسلموا إليهم بعض بلاد المسلمين.

ومع هذا فلما استشار أهل ولاة الأمر في غزوهم وكتبت جواباً مبسوطاً في غزوهم (2) . وذهبنا إلى ناحيتهم، وحضر عندي جماعة منهم وجري بيني وبينهم مناظرات ومفاوضات يطول وصفها، فلما فتح المسلمون بلدهم، وتمكن المسلمون منهم نهيتهم عن قلتهم، وعن سبيهم، وأنزلناهم في بلاد المسلمين متفرقين لئلا يجتمعوا" (3) .

وهذه الفتوى من إمام أهل السنة في وقته تبين أن أهل السنة يتبعون الحق من ربهم الذي جاء به الرسول، ولا يكفرون كل من خالفهم فيه؛ بل هم أعلم بالحق وأرحم بالخلق بخلاف أهل الأهواء الذين يبتدعون رأياً ويكفرون من خالفهم فيه (4) .

(1) انظر ص: (1216) من هذه الرسالة

(2)

لعله من جاء في الفتاوى: 28/398

(3)

منهاج السنة: 3/39

(4)

منهاج السنة: 3/39

ص: 1264

ابن كثير (1) :

ساق ابن كثير بعض الأحاديث الثابتة في السنة، والمتضمنة نفي دعوى النص والوصية التي تدعيها الرافضة لعلي، ثم عقب عليها بقوله:

"ولو كان الأمر كما زعموا لما رد ذلك أحد من الصحابة فإنهم كانوا أطوع لله ولرسوله في حياته وبعد وفاته، من أن يفتاتوا عليه فيقدموا غير من قدمه، ويؤخروا من قدمه بنصه، حاشا وكلا، ومن ظن بالصحابة رضوان الله عليهم ذلك فقد نسبهم بأجمعهم إلى الفجور، والتواطؤ على معاندة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومضادتهم في حكمه ونصه، ومن وصل من الناس إلى هذا المقام فقد خلع ربقة الإسلام، وكفر بإجماع الأئمة الأعلام، وكان إراقة دمه أحل من إراقة المدام"(2) .

ومن الثابت عن الرافضة - كما مر - أنها تدعي أن الرسول صلى الله عليه وسلم نص على علي، وأن الصحابة ردوا النص، وارتدوا بسبب ذلك، وهذا ما يقوله المعاصرون وأسلافهم من الروافض (3) .

أبو حامد محمد المقدسي (4) :

قال - بعد حديثه عن فرق الشيعة وعقائدهم -: "لا يخفى على كل ذي بصيرة وفهم من المسلمين أن أكثر ما قدمناه في الباب قبله من عقائد هذه الطائفة الرافضة على اختلاف أصنافها كفر صريح، وعناد، مع جهل قبيح لا يتوقف الواقف

(1) الإمام المحدث المفتي البارع - كما قال الذهبي - أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير، قال الشوكاني: له تصانيف مفيدة منها: التفسير، من أحسن التفاسير إن لم يكن أحسنها، توفي سنة (774هـ) .

(ابن حجر/ الدرر الكامنة: 1/373-374، الشوكاني/ البدر الطالع (1/153))

(2)

البداية والنهاية: 5/252

(3)

انظر: ص (716) وص (1099) من هذه الرسالة

(4)

محمد بن خليل بن يوسف الرملي المقدسي، من فقهاء الشافعية، توفي سنة (888هـ) .

(انظر: السخاوي/ الضوء اللامع: 7/234، الشوكاني/ البدر الطالع: 2/169)

ص: 1265

عليه من تكفيرهم والحكم عليهم بالمروق من دين الإسلام" (1) .

أبو المحاسن يوسف الواسطي (2) :

وقد ذكر جملة من مكفراتهم، فمنها قوله:

"إنهم يكفرون بتكفيرهم لصحابة سول الله صلى الله عليه وسلم الثابت تعديلهم وتزكيتهم في القرآن بقوله تعالى: {لِّتَكُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} (3) وبشهادة الله تعالى لهم أنهم لا يكفرون بقوله تعالى: {فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ} (4) .

ويكفرون باستغنائهم عن حج بيت الله الحرام بزيارة قبر الحسين لزعمهم أنها تغفر الذنوب وتسميتهم لها بالحج الأكبر، ومن ذلك أنهم يكفرون بترك جهاد الكفار والغزو لهم الذي يزعمون أنه لا يجوز إلا مع الإمام المعصوم وهو غائب" (5) .

"وأنهم يكفرون بإعابتهم السنن المتواتر فعلها عن النبي صلى الله عليه وسلم من الجماعة والضحى والوتر والرواتب قبل المكتوبات من الصلوات الخمس وبعدها، وغير ذلك من السنن المؤكدات"(6) .

علي بن سلطان بن محمد القاري (7) :

قال: "وأما من سب أحداً من الصحابة فهو فاسق ومبتدع بالإجماع إلا إذا

(1) رسالة في الرد على الرافضة: ص200

(2)

يوسف الجمال أبو المحاسن الواسطي من علماء القرن التاسع. (انظر: السخاوي/ الضوء اللامع: 10/338-339)

(3)

البقرة 143

(4)

الأنعام 89

(5)

المناظرة بين أهل السنة والرافضة/ الورقة 66 (مخطوط)

(6)

المناظرة بين أهل السنة والرافضة/ الورقة 67 (مخطوط)

(7)

علي بن سلطان بن محمد الهروي المعروف بالقاري الحنفي، أحد صدور العلم، ألف التآليف =

ص: 1266

اعتقد أنه مباح كما عليه بعض الشيعة وأصحابهم، أو يترتب عليه ثواب كما هو دأب كلامهم أو اعتقد كفر الصحابة وأهل السنة فإنه كافر بالإجماع" (1) .

ثم ساق مجموعة من الأدلة من الكتاب والسنة تتضمن الثناء على الصحابة رضوان الله عليهم، واستنبط منها كفر الرافضة في مذهبها في الصحابة" (2) .

ثم ذكر بأن من مكفرات الرافضة ما يدعونه في كتاب الله من نقص وتغيير، وعرض بعض أقوالهم في ذلك (3) .

محمد بن عبد الوهاب (4) :

حكم الإمام محمد بن عبد الوهاب على جملة من عقائد الاثني عشرية بأنها كفر، ومن ذلك قال رحمه الله بعد أن عرض عقيدة الاثني عشرية في سب الصحابة ولعنهم، وما قاله الله ورسوله في الثناء عليهم - قال:

"فإذا عرفت أن آيات القرآن تكاثرت في فضلهم، والأحاديث المتواترة

= الكثيرة النافعة منها: شرحه المشكاة وهو أكبرها، وشرح الشفاء، والنخبة وغيرها. توفي سنة (1014هـ) .

(انظر: خلاصة الأثر: 3/185-186، البدر الطالع: 1/445-446)

(1)

شم العوارض في ذم الروافض/ الورقة 6 أ (مخطوط)

(2)

شم العوارض في ذم الروافض/ الورقة 252-254

(3)

شم العوارض في ذم الروافض/ الورقة 259 أ

(4)

محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن أحمد التميمي النجدي، الإمام المجدد للإسلام في الجزيرة العربية في القرن الثاني عشر من الهجرة، كانت دعوته إلى التوحيد الخالص ونبذ البدع هي الشعلة الأولى لليقظة الحديثة في العالم الإسلامي كله، تأثر بها رجال الإصلاح في الهند، ومصر والعراق والشام وغيرها. توفي رحمه الله سنة (1206هـ) .

(انظر: عبد العزيز بن باز/ الشيخ محمد بن عبد الوهاب دعوته وسيرته/ وسليمان الندوي/ محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه، وبهجة الأثري/ محمد بن عبد الوهاب داعية التوحيد والتجديد في العصر الحديث وغيرها. وانظر: أحمد أمين/ زعماء الإصلاح: ص10، مجلة الزهراء: 3/82-98)

ص: 1267

بمجموعها ناصة على كمالهم؛ فمن اعتقد فسقهم أو فسق مجموعهم، وارتدادهم وارتداد معظمهم عن الدين، أو اعتقد حقية سبهم وإباحته، أو سبهم مع اعتقاد حقية سبهم، أو حليته فقد كفر بالله تعالى ورسوله

والجهل بالتواتر القاطع ليس بعذر، وتأويله وصرفه من غير دليل معتبر غير مفيد، كمن أنكر فرضية الصلوات الخمس جهلاً لفرضيتها، فإنه بهذا الجهل يصير كافراً، وكذا لو أولها على غير المعنى الذي نعرفه فقد كفر، لأن العلم الحاصل من نصوص القرآن والأحاديث الدالة على فضلهم قطعي.

ومن خص بعضهم بالسب فإن كان ممن تواتر النقل في فضله وكماله كالخلفاء فإن اعتقد حقية سبه أو إباحته فقد كفر لتكذيبه ما ثبت قطعياً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكذبه كافر، وإن سبه من غير اعتقاد حقية سبه أو إباحته فقد تفسق؛ لأن سباب المسلم فسوق، وقد حكم بعض فيمن سب الشيخين بالكفر مطلقاً.

وإن كان ممن لم يتواتر النقل في فضله وكماله، فالظاهر أن سابه فاسق إلا أن يسبه من حيث صحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن ذلك كفر.

وغالب هؤلاء الرافضة الذين يسبون الصحابة يعتقدون حقية سبهم أو إباحته بل وجوبه، لأنهم يتقربون بذلك إلى الله تعالى ويرون ذلك من أجل أمور دينهم" (1) . (2) .

ثم قال رحمه الله: "وما صح عن العلماء من أنه لا يكفر أهل القبلة فمحمول على من لم يكن بدعته مكفرة.. ولا شك أن تكذيب رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1) رسالة في الرد على الرافضة: ص18-19

(2)

بل تجاوزوا أمر السب إلى التكفير، بل قالوا بأن من اعتقد في أبي بكر وعمر الإسلام فلا ينظر الله إليه ولا يكلمه وله عذاب أليم (انظر: ص724 من هذه الرسالة) .

فشناعاتهم في أمر الصحابة تزيد وتغلو على مر الأيام حتى استقرت اليوم على الغلو الذي ما بعده شيء

ص: 1268

فيما ثبت عنه قطعاً كفر، والجهل في مثل ذلك ليس بعذر" (1) .

وقال رحمه الله بعد عرض ما جاء في كتبهم من دعواهم نقص القرآن وتغييره: "يلزم من هذا تكفير الصحابة حتى علي، حيث رضوا بذلك

وتكذيب قوله تعالى: {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (2) وقوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (3) . ومن اعتقد عدم صحة حفظه من الإسقاط، واعتقد ما ليس منه أنه فقد كفر" (4) .

وقال الشيخ رحمه الله فيمن اتخذ بينه وبين الله وسائط

كحال الرافضة في أئمتها: "ومن جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة، ويتوكل عليهم كفر إجماعاً"(5) .

وكذلك قال بأن من فضل الأئمة على الأنبياء كفر بالإجماع كما نقله غير واحد من أهل العلم (6) .

شاه عبد العزيز الدهلوي (7) :

قال - بعد دراسة مستفيضة لمذهب الاثني عشرية من خلال مصادرهم المعتمدة قال: "ومن استكشف عقائدهم الخبيثة وما انطووا عليه؛ علم أن ليس

(1) رسالة في الرد على الرافضة: ص20

(2)

فصلت 42

(3)

الحجر 9

(4)

رسالة في الرد على الرفضة: ص 14-15

(5)

رسالة نواقض الإسلام: ص283 (ضمن الجامع الفريد ط: الجميح)

(6)

رسالة في الرد على الرافضة: ص29، وانظر: ص614 من هذا الكتاب

(7)

عبد العزيز بن أحمد (ولي الله) بن عبد الرحيم العمري الفاروقي الملقب سراج الهند، قال محب الدين الخطيب:"كان كبير علماء الهند في عصره، وكان رحمه الله مطلعاً على كتب الشيعة مبحراً فيها". توفي سنة (1239هـ) .

(انظر: الأعلام: 4/138، مقدمة مختصر التحفة الاثني عشرية لمحب الدين الخطيب/ ص: يب)

ص: 1269

لهم في الإسلام نصيب وتحقق كفرهم لديه" (1) .

محمد بن علي الشوكاني (2) :

قال: إن أصل دعوة الروافض كياد الدين، ومخالفة شريعة المسلمين.

والعجب كل العجب من علماء الإسلام، وسلاطين الدين، كيف تركوهم على هذا المنكر البالغ في القبح إلى غايته ونهايته، فإن هؤلاء المخذولين لما أرادوا رد هذه الشريعة المطهرة ومخالفتها طعنوا في أعراض الحاملين لها، الذين لا طريق لنا إليها إلا من طريقهم، واستزلوا أهل العقول الضعيفة بهذه الذريعة الملعونة، والوسيلة الشيطانية، فهم يظهرون السب واللعن لخير الخليقة، ويضمرون العناد للشريعة، ورفع أحكامها عن العباد.

وليس في الكبائر أشنع من هذه الوسيلة إلا ما توسلوا بها إليه، فإنه أقبح منها، لأنه عناد لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولشريعته.

فكان حاصل ما هم فيه من ذلك أربع كبائر كل واحدة منها كفر بواح:

الأولى: العناد لله عز وجل.

والثانية: العناد لرسول صلى الله عليه وسلم.

والثالثة: العناد لشريعتهم المطهرة ومحاولة إبطالها.

والرابعة: تكفير الصحابة رضي الله عنهم، الموصوفين في كتاب الله سبحانه بأنهم أشداء على الكفار، وأن الله تعالى يغيظ بهم الكفار، وأنه قد رضي عنهم، مع أنه قد ثبت في هذه الشريعة المطهرة أن من كفر مسلماً كفر كما في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قال الرجل لأخيه:

(1) مختصر التحفة الاثني عشرية: ص300

(2)

الإمام محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني، علامة اليمن، صاحب فتح القدير، ونيل الأوطار وغيرهما من المؤلفات النافعة. توفي سنة (1250هـ) .

(انظر في ترجمته: البدر الطالع: 2/214-225)

ص: 1270

يا كافر، فقد باء بهما أحدهما، فإن كان كما قال وإلا رجعت عليه" (1) .

وبهذا يتبين أن كل رافضي خبيث يصير كافراً بتكفيره لصحابي واحد، فكيف بمن كفر كل الصحابة، واستثنى أفراداً يسيرة تغطية لما هو فيه من الضلال على الطغام الذين لا يعلقون الحجج؟! (2) .

شيوخ وعلماء الدولة العثمانية:

نقل زين العابدين بن يوسف الأسكوبي في رسالة كتبها أيام السلطان العثماني محمد خان بن السلطان إبراهيم خان أن علماء الدولة المتأخرين جميعاً أفتوا بكفرهم (3) .

علماء ما وراء النهر (4) :

قال الألوسي - صاحب التفسير -: "ذهب معظم علماء ما وراء النهر إلى كفر الاثني عشرية وحكموا بإباحة دمائهم وأموالهم وفروج نسائهم، حيث إنهم يسبون الصحابة رضي الله عنهم لا سيما الشيخين وهما السمع والبصر منه عليه الصلاة والسلام، وينكرون خلافة الصديق، ويقذفون عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها مما برأها الله تعالى منه، ويفضلون بأسرهم علياً كرم الله وجه.. على غير

(1) الحديث بنحوه في صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب من كفر أخاه من غير تأويل فهو كما قال: ج/97، ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان حال إيمان من قال لأخيه المسلم: يا كافر: 1/79، وأبي داود كتاب السنة، باب زيادة الإيمان ونقصانه: 5/64 (ح4687) والترمذي كتاب الإيمان، باب ما جاء فيمن رمى أخاه بكفر: 5/22 (ح2637) ، ومالك في الموطأ، كتاب الكلام، باب ما يكره من الكلام: ص984، وأحمد: 2/18، 23، 44، 47، والطيالسي: ص252 (ح1842) .}

(2)

الشوكاني/ نثر الجوهر على حديث أبي ذر، الورقة: 15-16 (مخطوط)

(3)

الأسكوبي/ الرد على الشيعة: الورقة 5ب

(4)

ما وراء النهر: يراد نهر جيحون بخراسان، فما كان في شرقيه يقال له بلاد الهياطلة، وفي الإسلام سموه ما رواء النهر، وما كان في غربيه فهو خراسان وولاية خوارزم. (معجم البلدان: 5/45)

ص: 1271

أولي العزم من المرسلين، ومنهم من يفضله عليه أيضاً.. ويجحدون سلامة القرآن العظيم من الزيادة والنقص" (1) .

هذه بعض فتاوى أئمة المسلمين وعلمائهم في هذه المسألة.

وأكتفي بهذا القدر، وفي الكتب الفقهية أقوال كثيرة في تكفيرهم، يمكن الرجوع إليها بيسر ولذا لا داعي لذكرها (2) .

ويلاحظ هنا عدة أمور:

أولاً: إن هذا حكمهم - رحمة الله عليهم - قبل انتشار كتب الروافض، ومجاهرتهم بعقائدهم بمثل ما هو واقع اليوم.. ولهذا تضمنت صفحات هذا البحث عقائد للاثني عشرية كان ينسبها علماء الإسلام للقرامطة الباطنية كمسألة نقص القرآن وتحريفه، والذي استفاض أمرها في كتبهم، وكذلك جملة مما جاء في اعتقادهم في أصول الدين، وهناك عقائد لم تكن معروفة كعقيدة الطينة ونحوها..

ومعنى هذا أن حكمهم اليوم عليهم أشد.

(1) نهج السلامة: ص29، 30 (مخطوط)

(2)

انظر - مثلاً - العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية لابن عابدين، وقد ساق فيها فتوى الشيخ نوح الحنفي، حيث كفرهم لوجوه كثيرة، وهي فتوى طويلة (انظر: العقود الدرية: ص92) . وكذلك ذكر ما قاله أبو السعود المفسر ونقل فيه إجماع علمائهم على تكفيرهم (المصدر السابق: ص93) .

وفي الفتاوى البزازية للشيخ محمد بن شهاب المعروف بابن البزاز المتوفى سنة (827هـ) قال: يجب إكفار الكيسانية في إجازتهم البداء على الله تعالى، وإكفار الروافض في قولهم برجعة الأموات.. إلخ. (الفتاوى البزازية المطبوعة على هامش الفتاوى الهندية: 6/318) .

وفي الأشباه والنظائر لابن نجيم قال: سب الشيخين ولعنهما كفر. (الأشباه والنظائر ص190) . وانظر: نواقض الروافض لمخدوم الشيرازي حيث ساق أقوال أصحاب المذاهب الأربعة في تكفير الرافضة/ الورقة: 187أوما بعدها، وتكفير الشيعة، لمطهر بن عبد الرحمن بن إسماعيل/ الورقة: 51

ص: 1272

ثانياً: أن الرافضة المتأخرين والمعاصرين جمعوا أخس المذاهب وأخطرها..

جمعوا مقالة القدرية في نفي القدر، والجهمية في نفي الصفات، وقولهم إن القرآن مخلوق، والصوفية - عند جملة من رؤساء مذهبهم - في ضلالة الوحدة والاتحاد، والسبيئة في تأليه علي، والخوارج والوعيدية في تكفير المسلمين، والمرجئة في قولهم: إن حب علي حسنة لا يضر معها سيئة.. بل ساروا في سبيل أهل الشرك في تعظيم القبور، والطواف حولها، بل ويصلون إليها مستدبرين القبلة، إلى غير ذلك مما هو عين مذهب المشركين (1) .

فهل يبقى بعد ذلك شك في أن هذه الطائفة ارتضت لنفسها مذهباً غير مذهب المسلمين؟! فهم إن شهدوا الشهادتين إلا أنهم نقضوا بنواقض كثيرة كما ترى.

لكن مما يجب مراعاته حسب منهج أهل السنة في التكفير "أن هذه الأقوال التي يقولونها والتي يعلم أنها مخالفة لما جاء الرسول صلى الله عليه وسلم هي كفر، وكذلك أفعالهم التي هي من جنس أفعال الكفار بالمسلمين هي أيضاً كفر.. لكن تكفير الواحد المعين من أهل القبلة والحكم بتخليده في النار موقوف على ثبوت شروط التكفير، وانتفاء موانعه؛ فإنا نطلق القول بنصوص الوعد والوعيد والتكفير والتفسيق ولا يحكم للمعين بدخوله في ذلك العام حتى يقوم فيه المقتضي الذي لا معارض له، ولهذا لا يكفر العلماء من استحل شيئاً من المحرمات لقرب عهده بالإسلام أو لنشأته ببادية بعيدة، فإن حكم الكفر لا يكون إلا بعد بلوغ الرسالة، ومن هؤلاء من لا يكون بلغته النصوص المخالفة لما يراه، ولا يعلم أن الرسول بعث بذلك، فيطلق أن هذا القول كفر، ويكفر من قامت عليه الحجة التي يكفر تاركها دون غيره"(2) .

(1) انظر تفصيل ذلك كله وإثبات أن الاثني عشرية تقول بهذه المذاهب، الباب الثاني من هذه الرسالة، وص:(1069) وما بعدها

(2)

الفتاوى: 28/500-501، وانظر لتفصيل هذه المسألة: الفتاوى: 12/466 وما بعدها، 23/345 وما بعدها

ص: 1273