الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع: دولة الآيات
وبعد أن تبين صلة الشيعة المعاصرين بقدمائهم، وأن الارتباط قائم ووثيق بينم، بل إن ما كان يعد غلواً عند الماضين أصبح ضرورياً عند المعاصرين، فهل ثمة حاجة بعد ذلك للوقوف عند دولتهم؟ أليس الأمر قد اتضح لكل ذي عينين؟ إن سبب تخصيص دولتهم الحاضرة بالدارسة والتقويم، يعود إلى أمرين أساسيين:
الأول:
أنها طرحت بلسان زعيمها، ونص دستورها فكرة جديدة في محيط التشيع الاثني عشري، أثارت جدلاً بين شيوخ الشيعة بين مؤيد ومعارض، تلك هي فكرة نقل وظائف المهدي وصلاحياته بعد طول غيبته، وتأخر خروجه إلى الفقيه الشيعي بالكامل كما سيأتي تفصيله والحديث عن آثاره، حيث إن الخميني استولى تماماً على وظائف مهديهم المنتظر بعد قيام دولته.
السبب الثاني:
بأنه قيل إن هذه الدولة هي التي تمثل الإسلام في هذا العصر، وشيوخها هم المراجع للمسلمين، ومؤسسها من المجددين، وراجع هذا على بعض المسلمين، وقيل بعد قيام دولتهم بأنه قد عاد "المذهب الشيعي إلى نقائه الأصيل ولاء لله ورسوله صلى الله عليه وسلم وحباً لآل بيته حباً صادقاً لوجه الله لا يفقد صاحبه احترام غيرهم من المسلمين وخصوصاً صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم"(1) .
وزعمت بعض الصحف "أن ردود الفعل التي أحدثتها (حركة الخميني)
(1) مجلة البلاغ، العدد (512) ، 9 ذي القعدة 1399هـ
كان مبعثها أن حركة الخميني حركة إسلامية مائة في المائة" (1) . ورشحت مجلة المعرفة التونسية الخميني لنيل جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام (2) .
ومضت على هذا النهج مجلات أخرى كالرائد (3) ، والدعوة (4) ، والرسالة (5) ، والأمان (6) . وغيرها. وهذه المجلات كلها منتسبة لأهل السنة.
وقد كتب بعض المنتمين لأهل السنة كتابات عن الخميني وثورته، يشيد بها ويعدها المثال الصادق للحكومة الإسلامية (7) .
وأصدرت بعض الحركات الإسلامية بيانات تثني وتؤيد المنهج الخميني حتى جاء في بيان التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وصف حكم الخميني بأنه "الحكم الإسلامي الوحيد في العالم"(8) .
فكانت فتنة مدلهمة لا تزال آثارها باقية، وإن أفاق البعض، وتبينت له الحقيقة، إلا أن منهم من لا يزال يعد ما يثار عن شيعة الخميني إنما هي "ضجة مفتعلة"(9) .
وقد استغل الشيعة هذا الجو بالدعاية لمذهبهم ونشره، وساهمت هذه الحملة
(1) مجلة الاعتصام، العدد الخامس، السنة الثانية والأربعون، ربيع أول 1399هـ
(2)
انظر: مجلة المعرفة التونسية، العدد (9) ، السنة الخامسة، ذي الحجة 1399هـ
(3)
انظر: الرائد الألمانية، العدد (34) ذي الحجة 1398هـ، ص25-26
(4)
انظر: الدعوة المصرية، العدد (30) في 1/12/1398هـ، ص8
(5)
انظر: الرسالة اللبنانية، العدد (31) ، جمادى الثانية 1399هـ
(6)
انظر: الأمان اللبنانية، العدد (31) ، 9 شوال 1399هـ
(7)
مثل: "الخميني الحل الإسلامي والبديل"، تأليف فتحي عبد العزيز، ونشرته دار المختار الإسلامي، و"مع ثورة إيران" وهو البحث الثالث من البحوث التي يصدرها المركز الإسلامي في آخن، وكتاب:"نحو ثورة إسلامية" لمحمد عنبر
(8)
انظر: الشيعة والسنة ضجة مفتعلة، وهو من سلسلة الكتب التي تصدرها دار المختار الإسلامي: ص52
(9)
انظر: الشيعة والسنة ضجة مفتعلة، وهو من سلسلة الكتب التي تصدرها دار المختار الإسلامي: ص52
الإعلامية الدعائية في الصحف الإسلامية على إخفاء الحقيقة أمام شباب المسلمين، لأنها هي لا تعرف شيئاً من الخلاف بين الشيعة والسنة إلا أنه خلاف حول من يستحق الولاية: عليّ أم أبو بكر، وتلك أمة خلت، وليس هذا الخلاف بأمر ذي بال اليوم.
فكان هذا الوضع مجالاً خصباً لنشر الفتنة والرفض.. ومن هنا فإنه لابد من بيان الحقيقة ونشرها بين الناس.
ولابد من نقد دعوى الجديد والتجديد، وحكاية التغيير وتقويمها، ولعل دراسة فكر مؤسسها، ومواد دستورها، هي التي يمكن على ضوئها إصدار حكم موضوعي محايد في أمرها (1) .
(1) وقد كتبت عن مسألة الخميني والتقريب في رسالتي للماجستير، وفي هذه الدراسة أكمل الموضوع بكشف جوانب جديدة، لعلها لم تطرق من قبل فيما نشر من كتب حول الخميني