الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اعتقادهم في أصول الدين:
ففي مقام توحيد الربوبية وإفراد الله جل شأنه بأفعاله فإن للمعاصرين كلمات في إعطاء الأئمة ما للرب جل شأنه بأفعاله مما لم يؤثر عن أسلافهم من الاثني عشرية.
فهذا أحد شيوخهم ويدعى عبد الحسين العاملي قالوا: إنه كان آية من آياتهم التي ينسبونها - زوراً - إلى الله سبحانه. يقول هذا العاملي في مدح أمير المؤمنين علي - برأه الله مما يفترون -:
أبا حسن أنت عين الإله
…
وعنوان قدرته السامية
وأنت المحيط يعلم الغيوب
…
فهل عندك تعزب من خافية
وأنت مدير رحى الكائنات
…
وعلة إيجادها الباقية
لك الأمر إن شئت تنجي غداً
…
وإن شئت تفسح بالناصية (1) .
انظر كيف جعل مخلوقًا من مخلوقات الله هو الإله بعينه، والمتصف بما للرب من تدبير وإحياء وإماتة.. فهو مدبر أمر الكائنات وعلة إيجادها ومظهر القدرة الإلهية.. وهو المحيط بعلم الغيب، بل هو مالك يوم الدين، إذ له الأمر في ذلك اليوم، ونجاة العباد، وهلاكهم بمشيئته (2) .
وهذا ثمرة مرة (طبيعية) لروايات الكليني والقمي والمجلسي.. التي سلف عرض أمثلة من موادها التي تتجه إلى هذا الاتجاه.
(1) ديون الحسين/ الجزء الأول من القسم الثاني الخاص في الأدب العربي: ص48
(2)
بل صرح شاعرهم الآخر بأن علياً تجمعت فيه كل صفات الإله، حيث قال: جميع صفات الرب فيه تجمعت.. وما اجتمعت إلا لسر وحكمة.
(انظر: الحائري/ مقتبس الأثر: 1/246)
واثنا عشرية اليوم تمثل في رواياتها، وبلسان طائفة من شيوخها السبئية وغيرها من الفرق التي تؤله علياً، والتي كنا نظن أنها بادت وانقرضت، فإذا بها تعيش في أحضان الاثني عشرية حتى يقال بأن السبئية هي الاسم الأقدام والاثنا عشرية هي الاسم الأحدث لحقيقة واحدة.. وتلك الكلمات لم تصدر عن عامي من عوامهم، أو كاتب صغير من كتابهم، بل صدرت من آية من آياتهم يرجع لقوله الآلاف.
وتجد أن محمد حسيين آل كاشف الغطا أحد كبار مراجع الشيعة وآياتهم، ومن ينادي بالتقريب بين أهل السنة والشيعة يقول في مدح أئمته:
يا كعبة الله إن حجت لها الـ أملاك فعرشه ميقاتها
أنتم مشيئته التي خلقت بها الـ أشياء بل ذرئت بها ذراتها
أنا في الورى قال لكم إن لم أقل ما لم تقله في المسيح غلاتها (1) .
لقد جعل أئمته هم الكعبة التي تحج إليها الملائكة، وجعل عرش الرحمن هو ميقاتها، وجعلهم هم مشيئة الله وقدرته التي خلقت بها الأشياء. وقطع على نفسه عهداً أن يقول في أئمته ما لم تقله غلاة النصرانية في المسيح، ولعله بهذه الأوصاف قد وصل إلى ما أراد.
هذا ما يقوله كبير مراجع الشيعة في هذا العصر، ومن يمثلهم في مؤتمرات ومن يعتبر عند بعض أهل السنة الذين لم يطلعوا على حقيقته من معتدلي الشيعة ولهذا قدموه إماماً لهم في مؤتمر القدس الأول (2) ، لأن له وجهين وقولين والتقية لا تنتهي أسرارها وأساليبها عندهم.
(1) ديوان شعراء الحسين/ جمع محمد باقر النجفي: ص12 (ط: طهران 1374هـ)
(2)
انظر: في مؤتمر القدس الأول مجلة الأزهر، المجلد 25/506، 638، 979، المسلمين، المجلد السادس ص45. وانظر: تعليق محمد رشيد رضا في المنار على تقديم محمد حسين آل كاشف الغطا إماماً لهم في الصلاة في مجلة المنار: المجلد 29 ص 628
ولو ذهبت أسجل ما وجدته لهم في هذا الاتجاه لطال بنا المقام (1) . وأقول: إن المادة الشعرية الكبيرة التي تركها شعراء الشيعة وأدباؤها فيها من هذا "الغلو" ما لا يخطر على البال.. ويبدو أن لهيب العاطفة وجذوة الحماس يغطي سلطان التقية فتظهر الحقيقة عارية بلا خداع أو تزوير.. ولهذا فإن هذا الموضوع يستحق دراسة خاصة.
وفي مقام توحيد الألوهية فإن مزارات الشيعة ومشاهدها اليوم قد أصبحت من أكبر مظاهر الشرك بالله تعالى، ولا أمل في تغيير هذا المنكر عندهم، لأنه مؤيد بتلك الروايات المنسوبة زوراً لأهل البيت، عكس الأمر عند أهل السنة والذي هو انحرف في واقعهم تنكره أصولهم، وقد رأى هذا الشرك كل من زار تلك المشاهد.
يقول الشيخ موسى جار الله بعد زيارة له لإيران والعراق استمرت عدة أشهر بأنه رأى المشاهد والقبور عندهم معبودة (2) .
ويقول الشيخ أبو الحسن الندوي بعد زيارة له إلى إيران عن مشهد علي الرضا: "فإذا دخل غريب في مشهد سيدنا علي الرضا لم يشعر إلا وأنه داخل الحرم فهو غاص بالحجيج مدوي بالبكاء والضجيج، عامر بالرجل والنساء، مزخوف بأفخر الزخارف والزينات، قد تدفقت إليه ثروة الأثرياء، وتبرعات الفقراء"(3) .
وقد ذكر صاحب التحفة الاثني عشرية بأنهم لا يزالون يغلون في قبور
(1) لمن أراد المزيد من الأمثلة والشواهد ينظر: الحائري/ مقتبس الأثر: 1/153، 245-248، محسن الأمين/ أعيان الشيعة: 5/219، وديون الحسين لمجموعة من شيوخ الروافض في مواضع كثيرة، وعبد الحسين الأميني/ الغدير: 7/34-67 وغيرها
(2)
الوشيعة: المقدمة ص (ط)
(3)
أبو الحسن الندوي/ من نهر كإبل إلى نهر اليرموك: ص93، مجلة الاعتصام، السنة (41) ، العدد (3)
الأئمة ويطوفون حولها، بل ويصلون إليها مستدبرين القبلة، إلى غير ذلك من الأمور التي يستقل لديها فعل المشركين مع أصنامهم (1) . ثم قال: إن حصل لك ريب من ذلك فاذهب إلى بعض مشاهدهم لترى الحقيقة بعينك (2) .
وتجد شيخهم المعاصر محمد المظفر في كتابه الذي ألفه لبيان عقائد طائفته وسماه "عقائد الإمامية" والذي ارتضاه شيعته فلم نر أحدًا أنكر عليه شيئًا مما جاء فيه، وقد صاغه بأسلوب يغلب عليه طابع الدعاية للتشيع، ومع ذلك تجده لم يحجم عن التأكد على عقيدة الرافضة في قبور الأئمة فذكر أن مما امتازت به طائفته واختصت به في أضرحة أئمتهم "تشيدها وإقامة العمارات الضخمة عليها، ولأجلها يضحون بكل غال ورخيص عن إيمان وطيب نفس"(3) .
ثم صرح بأن سبب ذلك ما زعمه من "وصايا" الأئمة وحثهم شيعتهم على الزيارة، وترغيبهم فيما لها من الثواب الجزيل عند الله تعالى.. وباعتبار أن هاتيك القبور - كما يزعم - من خير المواقع لاستجابة الدعاء (4) ، والانقطاع إلى الله تعالى (5) .
ثم ذكر آداب ومناسك الزيارة عندهم بلا حياء ولا خوف من إعلان هذه المظاهر الوثنية (6) .
(1) انظر: مختصر التحفة الاثني عشرية: ص300
(2)
مختصر التحفة الاثني عشرية: ص300
(3)
محمد رضا المظفر/ عقائد الإمامية: ص133
(4)
لو كانت من خير المواقع وفيها كل ذلك الفضل الذي يتحدثون عنه لورد ذكر ذلك في الكتاب الكريم والسنة المطهرة، ولأصبحت من الأمور المعلومة المشهورة، ولما خفيت على الأمة، واختص بنقلها حثالة من الكذابين المعروفين بالافتراء على أهل البيت، ولو كان شيء مما قالوه حقاً لما ورد النهي الصريح المؤكد بالنهي عن اتخاذ القبور مساجد
(5)
محمد رضا المظفر/ عقائد الإمامية: ص133
(6)
محمد رضا المظفر/ عقائد الإمامية: ص135-139
وما فتئ ثلة شيوخهم المعاصرين يجاهرون - بلا وجل أو خجل - بأن كربلاء أفضل من الكعبة المشرفة، فهذا كبير مراجع الشيعة ومن يتزعم الدعوة للتقريب بين السنة والشيعة يدعي أن كربلاء أفضل من الكعبة البيت الحرم الذي جعله الله قياماً للناس ومثابة وأمنًا وبارك فيه بنص التنزيل الإلهي.
فيترنم مرجع الشيعة محمد حسين آل كاشف الغطاء مخالفاً لنص القرآن وإجماع المسلمين يترنم بهذا البيت الوثني وهو قوله:
ومن حديث كربلاء والكعبة
…
لكربلاء بان علو الرتبة
وهو يرى أن هذا من ضرورات مذهبهم فيقول بأن كربلاء "أشرف بقاع الأرض بالضرورة"(1) . لأنه قد شهدت بذلك آثارهم وأخبارهم - كما يقرر -.
وهذه الشهادة التي يعتمدها يجب أن تنجعل برهان ودليلاً على كذب هذه الأخبار، ومروق من وضعها عن الدين، وخروج من صدق بها عن إجماع المسلمين.. وأين كربلاء من قول الله تعالى:{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ، فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} (2) .
فهل بعد هذا يبقى قول لقائل:
{أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (3) .
هذا وأقوال شيوخهم المعاصرين في هذا المعنى كثيرة (4) .
(1) محمد حسين آل كاشف الغطاء/ الأرض والتربة الحسينية: ص55-56
(2)
آل عمران 96-97
(3)
محمد 24
(4)
كقول آيتهم ميرزا حسين الحائري: "كربلاء تلك التربية الطيبة الطاهرة، والأرض المقدسة التي قال في حقها رب السموات والأرضين (انظر كيف يفترون الكذب على رب العالمين) مخاطباً للكعبة حينما افتخرت على سائر البقاع: قري واستقري لولا أرض كربلاء وما ضمته لما =
وإذا كانت كتب الشيعة القديمة تقرر بأن الله قد تاب على الأنبياء بتوسلهم بالأئمة (1) ، فإن هذا المعنى المتناهي في الغلو والذي يتضمن تفضيل الأئمة على الأنبياء (2) . والمتناهي في السذاجة والغفلة؛ إذ يفترض وجود هؤلاء الأئمة في حياة الأنبياء السابقين، والموغل في الدعوة إلى الشرك بالله سبحانه وعبادة غيره جل شأنه.. فإن هذا المعنى الذي يحمل هذه "البلايا" وغيرها يقرره بعض كبار شيوخهم ويوصي ابنه بالعمل بمقتضاه فيقول آيتهم وحجتهم عبد الله الممقاني: "وعليك بني بالتوسل بالنبي وآله صلى الله عليهم أجمعين، فإني قد استقصيت الأخبار فوجدت أنه ما تاب الله على نبي من أنبيائه من الزلة (3) إلا بالتوسل بهم (4) .
واذا كانت مصادرهم القديمة تجعل زيارة قبر الحسين أفضل من الحج إلى بيت الله سبحانه، فإن هذا المعنى الخطير يتكرر على ألسنة شيوخهم المعاصرين، ويدعون إلى هذا، لأن فيه - كما يخدعون أتباعهم - " الثواب الجزيل عند الله باعتبار
= خلقتك، ثم يقول هذا "الرافضي": وكذلك أصبحت هذه البقعة المباركة بعدما صارت مدفناً للإمام رضي الله عنه مزاراً للمسلمين (!) وكعبة للموحدين (!) ومطافاً للملوك والسلاطين ومسجداً للمصلين (الحائري/ أحكام الشيعة: 1/32) .
ويقول د/ عبد الجواد آل طعمة في كتاب له يسمى تاريخ كربلاء بأن نصوصهم قد اعتبرت كربلاء أفضل بقاع الأرض فهي تعتبر عند الشيعة أرض الله المختارة المقدسة المباركة، وهي في مقاييسهم حرم الله وحرم رسوله وقبة الإسلام، وفي تربتها الشفاء، وأن هذه المزايا لم تجتمع لأي بقعة حتى الكعبة. (تاريخ كربلاء: ص115-116، والكتاب موثق من عدد من آياتهم، انظر: مقدمات الكتاب) .
ويقول آيتهم العظمى محمد الشيرازي بأننا "نقبل أضرحتهم كما نقبل الحجر الأسود، وكما نقبل جلد القرآن الكريم". (مقالة الشيعة/ المرجع الديني عندهم محمد الشيرازي: ص8)
(1)
انظر: ص (445) من هذا الكتاب
(2)
وهو مذهب غلاة الروافض كما يقوله القاضي عياض، والبغدادي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، ونقل الشيخ محمد بن عبد الوهاب الإجماع على كفر من ذهب إلى ذلك انظر: ص (614) من هذه الرسالة
(3)
لاحظ اعترافهم بزلات الأنبياء مع أنهم يدعون العصمة المطلقة في الأئمة!
(4)
مرآة الرشاد: ص104
أنها من أفضل الطاعات والقربات.." (1) .
ولهذا يوصي آيتهم عبد الله الممقاني ابنه بزيارة الحسين في كل يوم يقول: "وعليك بني بزيارته (يعني قبر الحسين) في كل يوم من البعد مرة، والمضي إليه في كل شهر مرة، وإن كنت في بلدة بعيدة ففي السنة مرة"(2) .
لاحظ أن هذا الشيخ لم يوص ابنه بالصلاة.. بل أوصاه بالاتجاه إلى القبر حيث ترفع للشرك رايات، لأن ذلك عندهم من أفضل القربات.. وهذه شرعة المشركين.
وقد علق الابن (3) . على هذه الوصية بقوله: "قد ورد أن من زاره - عارفاً بحقه - كتب الله له ثواب ألف حجة وألف عمرة".
إلي أن قال: "وكأنما زار الله (!!) . وحق على الله ألا يعذبه بالنار، ألا وإن الإجابة تحت قبته والشفاء في تربيه.."(4) . ومن زار قبر الحسين عليه السلام ليله النصف من شعبان وليلة الفطر، وليله عرفة في سنة واحدة كتب الله له ألف حجة مبرورة، وألف عمرة متقبلة، وقضيت له ألف حاجة من حوائج الدنيا والآخرة (5) . "ومن أتاه يوم عرفة عارفاً بحقه كتب الله له ألف حجة، وألف عمرة متقبلات، وألف غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل"(6) .
وهكذا تتفق كتب الشيعة قديمها وجديدها على هذا الاعتقاد الوثني وينسبون هذا لأئمة أهل البيت بل وللإسلام، ولا يعلم المسلمون كلهم بهذا الأمر،
(1) عقائد الإمامية: ص133
(2)
مرآة الرشاد: ص105-114
(3)
محيي الدين الممقاني
(4)
مرآة الرشاد: ص110 (الحاشية)
(5)
مرآة الرشاد: ص113 (الحاشية)
(6)
مرآة الرشاد: ص113 (الحاشية)
بل ينفرد بنقله الرافضة دون غيرهم.. ولا شك أنهم بشذوذهم هذا يعلنون كذبهم، ويفضحون مذهبهم.. ولقد كان لهذه "النصوص" أثرها الخطير في دنيا الشيعة، حيث أحيت عقيدة المشركين في مزارات الشيعة ومشاهدها فأصبحت المشاهد معمورة والمساجد مهجورة، وعلماؤهم يؤيدون هذا المنكر ويسعون لتثبيته واستمراره.
بل قد جاءت روايات لهم صريحة في التحذير من هذا المنكر الذي يفعلونه.
ولكن مراجعهم تتستر على مثل هذه النصوص ولا تود أن تظهر لأولئك الأتباع الأغرار، بل إنها تنكر وجودها عندهم إمعاناً في حجب هذا "النور" عن شيعتهم وأتباعهم.
يقول مجتهد الشيعة الأكبر - كما يصفونه - محسن الأمين في كتابه "الحصون المنيعة" وهو يدافع عن اتخاذ الشيعة للقبور مساجد.. يقول في رده للنصوص الواردة في أمهات كتب المسلمين في النهي عن اتخاذ القبور مساجد والبناء عليها بأن ذلك مما انفرد أهل السنة بنقلة وهو معارض بما زعمه متواتراً من طرق أهل البيت (1) .
أقول: إن هذا النهي قد جاء أيضاً من طرق الشيعة بروايات كثيرة أخرجها الحر العالمي في وسائل الشيعة وغيره - كما مر (2) . - فإما أن كان هذا المدعو بالأمين غير أمين وأراد التكتم على حقيقة موجودة في كتبهم، أو هو جاهل بما في مدوناتهم.. مع أنه آية من آياتهم المنسوبة زواراً إلى الله سبحانه.
وفي باب الأسماء والصفات: يقرر شيوخهم المعاصرين مذهب المتأخرين عند الشيعة وهو التعطيل، ويقتفون أثر المعتزلة في ذلك حذو القذة بالقذة
(1) محسن الأمين/ الحصون المنيعة: ص27
(2)
انظر ما نقلته عن كتبهم المعتمدة في ذلك: ص481
فيقولون - مثلا - بخلق القرآن (1) ، وينكرون رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة (2) ، وينكرون صفاته سبحانه (3) . الثابتة له بالكتاب والسنة، ويصفون الله سبحانه بالسلوب بقول شيخهم المظفر في كتابه عقائد الإمامية تحت عنوان عقيدتنا في الله:".. ليس هو بجسم ولا صورة، وليس جوهراً ولا عرضاً، وليس له ثقل أو خفة، ولا حركة أو سكون، ولا مكان ولا زمان، ولا يشار إليه"(4) .
وأنت ترى أنهم في وصفهم له سبحانه بهذه الصفات السلبية المحضة قد نفوا الوجود الحق له تعالى، ولا جديد عندهم في ذلك، فهذه كلمات رددها الجهمية من قبلهم وهم على آثارهم يهرعون، ومن هنا يخطئ من يظن أن الجهمية المعطلة قد توارت عن الوجود واندثرت.
وهم يكفرون من يخالفهم في تعطيلهم. يقول المظفر: "ومن قال.. إنه ينزل إلى السماء الدنيا، أو إنه يظهر إلى أهل الجنة كالقمر، أو نحو ذلك فإنه بمنزلة الكافر به.. وكذلك يلحق بالكافر من قال: إنه يتراءى لخلقه يوم القيامة"(5) .
ويزعمون أن العقل دلهم على هذا التعطيل (6) .
وهل كان العقل مصدراً للتلقي في أمر غيبي، وهل يوافق العقل السوي على وصف الله سبحانه بهذه الصفات السلبية التي ليس عليها دليل، ويرد ما نزل به الوحي؟
ثم ما حصيلة الأفكار والفلسفات التي تحدثت عن هذه المسألة بمعزل عن
(1) انظر: محسن الأمين/ أعيان الشيعة: 1/461، الأميني النجفي/ الغدير: 3/139
(2)
انظر: محسن الأمين/ أعيان الشيعة: 1/463، عقائد الإمامية: ص59
(3)
انظر: الغدير: 3/139
(4)
عقائد الإمامية: ص59
(5)
عقائد الإمامية: ص59-60
(6)
عقائد الإمامية: ص60
الوحي الإلهي؟ إنها لم تخلف سووي ركام من التناقضات، وعبث كعبث الأطفال، وعادت على أصحابها بالحيرة والقلق.
وما نهاية من جعل العقل دليله وقائده من المتكلمين في التاريخ الإسلامي؟ أليست هي الحيرة والضياع. وقد وجد من جرب الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية أنها لا تروي غليلاً ولا تشفي عليلاً، وأن أقرب الطرق طريقة القرآن، ولكنهم حين أعراضوا عنها كان سعيهم في ضلال (1) ، وأضاعوا الجهد والوقت، وأشغلوا الأمة، وصرفوها عن وظائفها الواجبة.
ومنهج أهل السنة في الأسماء والصفات منهج عظيم لالتزامه بالكتاب والسنة، وحفظه لوقت المسلم وجهده وطاقته وعقله من أن يبددها في البحث عما لم يكلف به، ولا سبيل للوصول إلى معرفة كيفيته.
بقي أن نضيف اتجاهاً آخر لمعاصريهم في عقيدتهم في التوحيد وهو اقتفاء أثر الصوفية الذين يذهبون إلى القول بأن التوحيد مراتب أدناها مرتبة عندهم هو مدلول كلمة الإسلام العظيمة: "لا إله إلا الله" فشرعوا من الدين ما لم يأذن به الله، ووصلوا عن طريق هذه المراتب إلى الكفر البواح، والقول بالاتحاد، وأن المخلوق عين الخالق؛ فخرجوا بذلك عن العقل والنقل، والدين، وفاقوا النصارى في شركهم الذين قالوا بحلول الإله في عيسى؛ لأن النصارى قالوا بحلول خاص وهؤلاء قالوا بالحلول العام.
ولكن شيوخ الشيعة الذين ينقلون لهذه الطائفة على مر العصور وكر الدهور حثالة المذاهب المبتدعة، وزبالة الأفكار البشرية الساقطة، وغثاء النفوس المعقدة.. أخذوا بهذا الاتجاه الصوفي المريب، ونقلوه إلى قومهم، بل عدوه هو عقيدتهم المعتمدة.
(1) انظر: أمثلة من حيرتهم، وثمرة تجربتهم في: مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 5/10-11، ابن أبي العز/ شرح الطحاوية: ص 169-172، ملا علي القاري/ في الفقه الأكبر: ص10-12
يقول شيخهم وآيتهم إبراهيم الزنجاني (1) . في كتاب عقائد الإمامية الاثني عشرية (2) . تحت عنوان "عقيدة الشيعة في التوحيد": "إن مراتب التوحيد أربع.. توحيد العوام وتوحيد الخواص، وتوحيد خاص الخاص، وتوحيد أخص الخواص، والأول مدلول كلمة لا إله إلا الله"(3) .
ويذكر بأن شيعته تمتاز عن المسلمين جميعاً بعقيدة توحيد خاص الخاص، وتوحيد أخص الخواص (4) .
ويقول بأن المقام لا يتسع لشرح وتفاصيل هذه المراتب، لكنه يقول بأنهم أخذوها عن أمير المؤمنين علي في قوله:"أول الدين معرفته وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده.. نفي الصفات عنه.. فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثناه، ومن ثناه فقد جزأه، ومن جزأه فقد جهله، ومن جهله فقد أشار إليه، ومن أشار إليه فقد حده، ومن حده فقد عده.."(5) .
وهذا النص الذي ينسبه - زواراً وافتراءً - إلى أمير المؤمنين علي يتضمن تعطيل الله سبحانه من صفاته الثابتة بالكتاب والسنة. والاعتقاد بأن نفي الصفات هو كمال التوحيد، هو اعتقاد الجهمية الذين جعلوا من أصولهم "التوحيد" وضمنوه نفي الصفات، وكان مؤدى قولهم ونهاية أمرهم، تعطيل الذات؛ لأن نفي الصفات يؤدي إلى نفي الذات، لأن ذات مجردة عن الصفات، لا يتصور لها وجود في الخارج.
(1) وقد وصفه شيخهم الخوئي في تقريظه للكتاب بأنه "ركن الإسلام، عماد العلماء.."
(2)
والكتاب موثق من كبار شيوخهم وآياتهم كالخوئي، وحسن الموسوي
(3)
عقائد الإمامية الاثني عشرية: ص24
(4)
عقائد الإمامية الاثني عشرية: ص24
(5)
عقائد الإمامية الاثني عشرية: ص24
ولأن مذهب الجهمية في تعطيل الصفات مؤد لمذهب الحلول والاتحاد (1) . صار - فيما يظهر - هو عمدته، في ما ذهب إليه من القول بالتوحيد الخاص وخاص الخاص.
وحسبك أن تعرف مبلغ ضلالهم في اعتبارهم التوحيد الذي جاءت به الرسل ونزلت به الكتب، وأمر الله به الأولين والآخرين هو في المرتبة الدنيا من مراتب توحيدهم، وهم عندهم مقام يليق بالعوام ويناسب حالهم، وهل عندهم بذلك من علم فيخرجوه لنا؟ (2) .
وهذا كلام الله المنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا كلام خير القرون بعد الرسول صلى الله عليه وسلم. هل جاء هذا التقسيم عن أحد منهم؟ إن يتبعون في ذلك إلا أقوال شيوخهم وزنادقتهم، وما لهم بذلك من علم إلا اتباع الظن وما تهوى الأنفس وما تمليه عليهم شياطين الإنس والجن.
وحسبك أيضاً أن تدرك أن مبلغ أمرهم في سلوك هذه المقامات والتي باعترافهم ليست من مدلول معنى لا إله إلا الله هو الوصول بالسالك إلى مقام الإلحاد وهو ما يسمى بالحلول أو الاتحاد (3) .
(1) انظر: شرح الطحاوية: ص16
(2)
انظر: شرح الطحاوية: ص16
(3)
ذكر شيخ الإسلام أن مبدأ حدوث قول الاتحادية وأمثاله في أمة محمد صلى الله عليه وسلم هو زمن حدوث دولة التتار. (مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 2/171)