المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مؤامرة ابن العلقمي الرافضي: - أصول مذهب الشيعة الإمامية الإثني عشرية - عرض ونقد - - جـ ٣

[ناصر القفاري]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الرابع: الشيعة المعاصرون وصلتهم بأسلافهم

- ‌تمهيد:

- ‌الفصل الأول: الصلة في مصادر التلقي

- ‌الفصل الثاني: صلتهم بالفرق القديمة

- ‌الفصل الثالث: الصلة العقدية بين القدامى والمعاصرين

- ‌المبحث الأول: عقيدة المعاصرين في كتاب الله

- ‌الوجه الأول: إنكار وجودها في كتبهم أصلاً

- ‌الوجه الثاني: الاعتراف بوجودها ومحاولة تبريره

- ‌الوجه الثالث: المجاهرة بهذا الكفر والاستدلال به

- ‌الوجه الرابع: التظاهر بإنكار هذه الفرية مع محاولة إثباتها بطرق ماكرة خفية

- ‌(اتجاه المعاصرين في تأويل كتاب الله) :

- ‌السنة عند المعاصرين:

- ‌الإجماع عند المعاصرين:

- ‌اعتقادهم في أصول الدين:

- ‌الإمامة:

- ‌المسألة الأولى: موقف المعاصرين من تكفير أصولهم للمسلمين:

- ‌المسألة الثانية: موقفهم من الحكومات الإسلامية

- ‌المسألة الثالثة: موقف المعاصرين من الصحابة رضوان الله عليهم

- ‌العصمة:

- ‌الرجعة:

- ‌التقية:

- ‌الفصل الرابع: دولة الآيات

- ‌فكر مؤسسها

- ‌أولاً: الاتجاه الوثني

- ‌ثانياً: الغلو في التصوف

- ‌ثالثاً: دعوى النبوة

- ‌رابعاً: الغلو في الرفض

- ‌خامساً: قوله بعموم ولاية الفقيه

- ‌معارضة بعض شيوخ الشيعة لمذهب الخميني في ولاية الفقيه:

- ‌دستور دولة الآيات:

- ‌الباب الخامس: أثرهم في العالم الإسلامي والحكم عليهم

- ‌الفصل الأول: أثرهم في العام الإسلامي

- ‌المجال العقدي والفكري

- ‌إحداث الشرك في أمة محمد صلى الله عليه وسلم:

- ‌الصد عن دين الله:

- ‌ظهور فرق الزندقة والإلحاد:

- ‌محاولة إضلال المسلمين في سنة نبيهم:

- ‌دخولهم في مذهب أهل السنة - في الظاهر - للإضلال:

- ‌نشر الرفض في العالم الإسلامي:

- ‌ظهور اتجاه رافضي عند بعض الكتاب المنتسبين للسنة:

- ‌تشويه تاريخ المسلمين:

- ‌أثرهم في الأدب العربي:

- ‌المجال السياسي

- ‌مؤامرة ابن العلقمي الرافضي:

- ‌الدولة الصفوية

- ‌المجال الاجتماعي

- ‌أولاً: علاقتهم مع المسلمين:

- ‌ثانياً: الفتن الداخلية:

- ‌ثالثاً: الإباحية:

- ‌المجال الاقتصادي

- ‌الفصل الثاني: الحكم عليهم

- ‌المبحث الأول: الحكم عليهم بأنهم مبتدعة وليسوا بكفرة

- ‌المبحث الثاني: القول بكفرهم

- ‌فتوى شيخ الإسلام في الرافضة بعد الاستيلاء عليهم:

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌مؤامرة ابن العلقمي الرافضي:

وحسبي أن أختار مثالين منها للوقوف عندها قليلاً لأخذ العبرة:

الأول: يتصل بتأثير الشيعة داخل الدولة الإسلامية، وسأتوقف عند حادثة ابن العلقمي وتآمره لإسقاط الدولة الإسلامية.

والثاني: في تأثير دول الشيعة على المسلمين، وسأتوقف عند الدولة الصفوية.

‌مؤامرة ابن العلقمي الرافضي:

وملخص الحادثة أن ابن العلقمي كان وزيراً للخليفة العباسي المستعصم، وكان الخليفة على مذهب أهل السنة، كما كان أبوه وجده، ولكن كان فيه لين وعدم تيقظ، فكان هذا الوزير الرافضي يخطط للقضاء على دولة الخلافة، وإبادة أهل السنة، وإقامة دولة على مذهب الرافضة، فاستغل منصبه، وغفلة الخليفة لتنفيذ مؤامراته ضد دولة الخلافة، وكانت خيوط مؤامراته تتمثل في ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى: إضعاف الجيش، ومضايقة الناس.. حيث سعى في قطع أرزاق عسكر المسلمين، وضعفتهم:

قال ابن كثير: "وكان الوزير ابن العلقمي يجتهد في صرف الجيوش، وإسقاط اسمهم من الديوان، فكانت العساكر في أخر أيام المستنصر قريباً من مائة ألف مقاتل.. فلم يزل يجتهد في تقليلهم، إلى أن لم يبق سوى عشرة آلاف"(1) .

المرحلة الثانية: مكاتبة التتار: يقول ابن كثير: "ثم كاتب التتار، وأطمعهم في أخذ البلاد، وسهل عليهم ذلك، وحكى لهم حقيقة الحال وكشف لهم ضعف الرجال"(2) .

المرحلة الثالثة: النهي عن قتال التتار وتثبيط الخليفة والناس:

فقد نهى العامة عن قتالهم (3) . وأوهم الخليفة وحاشيته أن ملك التتار يريد

(1) البداية والنهاية: 13/202

(2)

البداية والنهاية: 13/202

(3)

منهاج السنة: 3/38

ص: 1218

مصالحتهم، وأشار على الخليفة بالخروج إليه والمثول بين يديه لتقع المصالحة على أن يكون نصف خراج العراق لهم، ونصفه للخليفة، فخرج الخليفة إليه في سبعمائة راكب من القضاة والفقهاء والأمراء والأعيان.. فتم بهذه الحيلة قتل الخليفة ومعن معه من قواد الأمة وطلائعها بدون أي جهد من التتر. وقد أشار أولئك الملأ من الرافضة وغيرهم على المنافقين على هولاكو أن لا يصالح الخليفة، وقال الوزير ابن العلقمي: متى وقع الصلح على المناصفة لا يستمر هذا إلا عاماً أو عامين، ثم يعود الأمر إلى ما كان عليه قبل ذلك، وحسنوا له قتل الخليفة، ويقال إن الذي أشار بقتله الوزير ابن العلقمي، ونصير الدين الطوسي (1) .

ثم مالوا على البلد فقتلوا جميع من قدروا عليه من الرجال والنساء والولدان والمشايخ والكهول والشبان، ولم ينج منهم أحد سوى أهل الذمة من اليهود والنصارى، ومن التجأ إليهم، وإلى دار الوزير ابن العلقمي الرافضي (2) .

وقد قتلوا من المسلمين ما يقال إنه بضعة عشر ألف ألف إنسان أو أكثر أو أقل، ولم ير في الإسلام ملحمة مثل ملحمة الترك الكفار المسمين بالتتر، وقتلوا الهاشميين، وسبوا نساءهم من العباسيين وغير العباسيين، فهل يكون موالياً لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم من يسلط الكفار على قتلهم وسبيهم وعلى سائر المسلمين (3)

وقتل الخطباء والأئمة، وحملة القرآن، وتعطلت المساجد والجماعات والجمعات مدة شهور ببغداد (4) .

وكان هدف ابن العلقمي "أن يزيل السنة بالكلية وأن يظهر البدعة الرافضة، وأن يعطل المساجد والمدارس، وأن يبني للرافضة مدرسة هائلة ينشرون بهذا مذهبهم

(1) وكان النصير عند هولاكوا قد استصحبه في خدمته لما فتح قلاع الألموت، وانتزعها من أيدي الإسماعيلية (ابن كثير/ البداية والنهاية:(13/201))

(2)

البداية والنهاية: 13/201-202

(3)

منهاج السنة: 3/38

(4)

البداية والنهاية: 13/203

ص: 1219

فلم يقدره الله على ذلك، بل أزال نعمته عنه وقصف عمره بعد شعور يسيرة من هذه الحادثة، وأتبعه بولده" (1) .

فتأمل هذه الحادثة الكبرى والخيانة العظمى، واعتبر بطيبة بعض أهل السنة إلى حد الغفلة بتقريب أعدى أعدائهم، وعظيم حقد هؤلاء الروافض وغلهم على أهل السنة، فهذا الرافضي كان وزيراً للمستعصم أربع عشرة سنة، وقد حصل له من التعظيم والوجاهة ما لم يحصل لغيره من الوزراء، فلم يجد هذا التسامح والتقدير في إزالة الحقد والغل الذي يحمله لأهل السنة، وقد كشف متأخروا الرافضة القناع عن قلوبهم، وباحوا بالسر المكنون فعدوا جريمة ابن العلقمي والنصير الطوسي في قتل المسلمين من عظيم مناقبهما عندهم. فقال الخميني في الإشادة بما حققه نصير الطوسي:".. ويشعر الناس (يعني شيعته) بالخسارة.. بفقدان الخواجة نصير الدين الطوسي وأضرابه ممن قدم خدمات جليلة للإسلام"(2) .

والخدمات التي يعني هنا هي ما كشفها الخوانساري من قبله في قوله في ترجمة النصير الطوسي: "ومن جملة أمره المشهور المعروف المنقول حكاية استيزاره للسلطان المحتشم.. هولاكو خان.. ومجيئه في موكب السلطان المؤيد مع كمال الاستعداد إلى دار السلام بغداد لإرشاد العباد وإصلاح البلاد.. بإبادة ملك بني العباس، وإيقاع القتل العام من أتباع أولئك الطغام، إلى أن أسال من دمائهم الأقذار كأمثال الأنهار، فانهار بها في ماء دجلة، ومنها إلى نار جهنم دار البوار"(3) .

(1) البداية والنهاية: 13/202-203

(2)

الحكومة الإسلامية: ص128

(3)

روضات الجنات: 6/300-301، وانظر أيضاً في ثناء الروافض على النصير الطوسي النوري الطبرسي/ مستدرك الوسائل: 3/483، القمي/ الكنى والألقاب: 1/356

ص: 1220

فهم يعدون تدبيره لإيقاع القتل العام بالمسلمين، من أعظم مناقبه، وهذا القتل هو الطريق عندهم لإرشاد العباد وإصلاح البلاد، ويرون مصير المسلمين الذي استشهدوا في هذه "الكارثة" إلى النار، ومعنى هذا أن هولاكو الوثني وهو الذي يصفه بالمؤيد، وجنده هم عندهم من أصحاب الجنة؛ لأنهم شفوا غيظ هؤلاء الروافض من المسلمين، فانظر إلى عظيم هذا الحقد!! حتى صار قتل المسلمين من أغلى أمانيهم.. وصار الكفار عندهم أقرب إليهم من أمة الإسلام.

هذه قصة ابن العلقمي أوردتها معظم كتب التاريخ (1) ، وأقرتها كتب الرافضة، وأشادت بها.. ومع ذلك فقد حاول الراوفض المعاصرين توهين القصة والطعن في ثبوتها، وحجته أن الذين ذكروا الحادثة غير معاصرين للواقعة، وحينما جاء على من ذكر الحادثة من معاصريها مثل: أبي شامة شهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل (ت665هـ) كان جوابه عن ذلك بأنه وإن عاصر الحادثة معاصرة زمانية، لكنه من دمشق فلم تتوفر فيه المعاصرة المكانية (2) .

وهي محاولة لرد ما استفاض أمره عند المؤرخين، كمحاولتهم في إنكار وجود ابن سبأ، وقد بحثت في كتب التاريخ فوجدت شهادة هامة لأحد كبار المؤرخين تتوفر فيه ثلاث صفات: الأولى: أن الشيعة يعدونه من رجالهم، والثانية: أنه من بغداد، والثالثة: أنه متوفى سنة 674هـ.

فهو شيعي بغدادي معاصر للحادثة؛ ذلك هو الإمام الفقيه علي بن أنجب المعروف بابن الساعي الذي شهد بجريمة ابن العلقمي فقال: "

وفي أيامه (يعني المستعصم) استولت التتار على بغداد، وقتلوا الخليفة، وبه انقضت الدولة العباسية من أرض العراق، وسببه أن وزير الخليفة مؤيد الدين ابن العلقمي كان رافضياً..

(1) وانظر أيضاً في قصة تآمره: ابن شاكر الكتبي/ فوات الوفيات: 2/313، الذهبي/ العبر: 5/225، السبكي/ طبقات الشافعية: 8/262-263 وغيرها

(2)

انظر: محمد الشيخ الساعدي/ مؤيد الدين بن العلقمي وأسرار سقوط الدولة العباسية، وقد ساعدت جامعة بغداد على نشر الكتاب

ص: 1221

ثم ساق القصة (1) . وابن الساعي هذا ذكره محسن الأمين من رجال الشيعة فقال: "علي بن أنجب البغدادي المعروف بابن الساعي له أخبار الخلفاء ت674هـ"(2) .

ويكفي دلالة على صلة الروافض بنكبة المسلمين وتمني حصول أمثالها هذا التشفي الذي صدر على ألسنة شيوخهم المتأخرين والمعاصرين كالخوانساري، والخميني وأمثالهما.

(1) مختصر أخبار الخلفاء: ص136-137

(2)

أعيان الشيعة: 1/305

ص: 1222