الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رابعاً: الغلو في الرفض
بالنسبة لاتجاه الخميني في التشيع فإنه يأخذ بالمذهب الغالي والمتطرف وهو مذهب غلاة الروافض (1) . ومما يدل على ذلك أنه يعتمد مقالة غلاتهم في تفضيل الأئمة على أنبياء الله ورسله؛ فيقول:
"إن من ضرورات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل.. وقد ورد عنهم (ع) أن لنا مع الله حالات لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل"(2) .
وهذا هو مذهب غلاة الرافضة كما يقرر ذلك عبد القاهر البغدادي (3) ، والقاضي عياض (4) . وشيخ الإسلام ابن تيمية (5) .
وترى الخميني ينسب هذا المذهب لكل المعاصرين، وأن هذا من الضرورات عندهم؛ فالمعاصرون هم - بناء على ذلك - من غلاة الروافض في حكم أئمة الإسلام.
وليس ذلك فحسب، بل عقيدة الخميني في أئمته هي عقيدة الغلاة في حكم كبار شيوخ الشيعة في القرن الرابع؛ يدل على ذلك أنه يذهب إلى القول بأن أئمته "لا يتصور فيهم السهو والغفلة"(6) .
(1) ومن شغفه باسم الرافضة يسمي أحد كتبه "دروس في الجهاد والرفض"
(2)
الحكومة الإسلامية: ص52
(3)
انظر: أصول الدين: ص298
(4)
الشفاء: 2/290
(5)
منهاج السنة: 1/177
(6)
الحكومة الإسلامية: ص91
وهذا في نظر شيخهم ابن بابويه الملقب برئيس المحدثين هو مذهب الغلاة والمفوضة في الأئمة، والذين هم في نظر ابن بابويه وغيره يستحقون اللعن حيث قال:"إن الغلاة والمفوضة - لعنهم الله ينكرون سهو النبي صلى الله عليه وسلم.."(1) .
ونقل عن شيخه محمد بن الحسن بن الوليد أنه كان يعد نفي السهو عن النبي والإمام من الغلو (2) . وفي كتابه الاعتقادات حكم على هؤلاء الغلاة والمفوضة بقوله: "اعتقادنا في الغلاة والمفوضة أنهم كفار بالله جل اسمه، وأنهم شر من اليهود والنصارى والمجوس"(3) .
هذا والخميني في بقية عقائده لا يختلف عن عقائد الاثني عشرية التي تحدثت عنها صفحات هذا البحث.
وذلك في تكفيره لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم (4) . ولأهل السنة عموماً، حتى ينعتهم بالنواصب - ما عدا من يسمونهم بالمستضعفين (5) .- بل هو يأخذ بالرأي المتطرف من آراء قومه في ذلك، وهو معاملتهم كالحربي حيث قال:"والأقوى إلحاق الناصب بأهل الحرب في إباحة ما اغتنم منهم وتعلق الخمس به، بل الظاهر جواز أخذ ماله أينما وجد، وبأي نحو كان، ووجوب إخراج خمسه"(6) .
وهو يريد بالناصب أهل السنة وما يحلق بهم - في نظرهم - من الشيعة
(1) من لا يحضره الفقيه: 1/234
(2)
من لا يحضره الفقيه: 1/234
(3)
الاعتقادات: ص109
(4)
حتى إنه يقرر في كتابه تحرير الوسيلة مشروعية التبري من أعداء الأئمة في الصلاة - وأعداء الأئمة في قاموس الشيعة هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة أو سبعة - (تحرير الوسيلة: 1/169) وهو في كتابه: كشف الأسرار يصرح بتكفير الشيخين (انظر: كشف الأسرار: ص112 وما بعدها) وانظر: الندوي/ صورتان متضادتان: ص57-58، محمد منظور النعماني/ الثورة الإيرانية في ميزان الإسلام: ص 48 وما بعدها
(5)
تقدم تعريف هذا المصطلح عندهم ص: (913)
(6)
تحرير الوسيلة: 1/352، وانظر: وجاء دور المجوس: ص186
الزيدية ما عدا الجارودية - كما مر - لا الخوارج فقط والذين هم يسمون بالنواصب عند أهل السنة لإجماعهم على تكفير أمير المؤمنين علي، ولذلك يذكر الخوارج كقسم آخر مع النواصب فيقول مثلاً:"وأما النواصب والخوارج لعنهم الله تعالى فهما نجسان.."(1) .
وفي عقيدتهم في القرآن يلمح الخميني إلى تصديقه بخرافة وجود قرآن لعلي عرضه على الصحابة فرفضوه، وأنه متضمن لزيادات ليست في القرآن فيقول:"ولعل القرآن الذي جمعه (يعني علياً) وأراد تبليغه على الناس بعد رسول الله (2) . هو القرآن الكريم مع جميع الخصوصيات الدخيلة في فهمه المضبوطة عنده بتعليم رسول الله"(3) .
وهو يترحم على المجوسي الملحد صاحب فصل الخطاب، ويتلقى عن كتابه: مستدرك الوسائل ويحتج به (4) ، كما يتلقى من أصولهم التي حوت هذا الكفر، كالكافي للكليني (5) . والاحتجاج للطبرسي (6) . وغيرهما.
هذا وقد ذكر الندوي في ترجمته لبعض نصوص كشف الأسرار ما يتضمن مجاهرة الخميني بهذا الكفر (7) . وفي النص المترجم الذي بين يدي من كشف الأسرار يجيب الخميني على من يقول: لماذا لم يذكر الأئمة في القرآن بقوله:
"إن الذين لم يكن ارتباطهم بالإسلام والقرآن إلا لأجل الرئاسة والدنيا، وكانوا يجعلون القرآن وسيلة لمقاصدهم الفاسدة، كان من الممكن أن يحرفوا هذا
(1) تحرير الوسيلة: ص1/118
(2)
هكذا في النص بدون ذكر الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم
(3)
رسالة في التعادل والترجيح: ص26 (ضمن الجزء الثاني من الرسائل للخميني)
(4)
انظر: الحكومة الإسلامية: ص77
(5)
انظر: الحكومة الإسلامية: 62، 63، 94
(6)
انظر: الحكومة الإسلامية: ص77
(7)
انظر: صورتان متضادتان: ص58
الكتاب السماوي في حالة ذكر اسم الإمام في القرآن وأن يمسحوا هذه الآيات منه وأن يلصقوا وصمة العار هذه على حياة المسلمين" (1) . فهو هنا لم يصرح بوقوع التحريف إلا بالتمليح، ولكنه يزعم صراحة أنه بإمكان أحد من الناس تحريف كتاب الله، وفي هذا تكذيب لقوله سبحانه:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (2) .
وانظر إلى هذه العقلية المتعصبة والمغلقة، والتي تزعم أن الله سبحانه لم يذكر في كتابه ما هو - حسب اعتقادهم - أصل الدين وأساسه المتين خشية تحريف الصحابة له.
وكذلك يقول الخميني بخرافة الغيبة ويزعم رجعته، بل يقول: لقد جاء الأنبياء جميعاً من أجل إرساء قواعد العدالة في العالم لكنهم لم ينجحوا حتى النبي محمد خاتم الأنبياء الذي جاء لإصلاح البشرية.. لم ينجح في ذلك، وإن الشخص الذي سينجح في ذلك هو المهدي المنتظر" (3) .
وقد استنكر المسلمون ذلك وأصدرت رابطة العالم الإسلامي بيانًا تنكر هذه المقالة وتوضح أنها تحوي مناقضة صريح للإسلام وما جاء به القرآن والسنة النبوية المطهرة، وما أجمعت عليه الأمة (4) . كما جرى الإنكار من جهات عديدة (5) .
(1) كشف الأسرار: ص114
(2)
الحجر 9
(3)
من خطاب ألقاه الخميني بمناسبة ذكرى مولد الإمام المهدي - كما يعتقدون - في الخامس عشر من شهر شعبان 1400هـ، وأذيع في راديو طهران. (الرأي العام الكويتية بتاريخ 17 شعبان 1400هـ، وانظر: مجلة المجتمع الكويتية، العدد (488) في 8/7/1980م، وانظر: أحمد الأفغاني/ سراب في إيران: ص41-42 ونهج الخميني: ص45-47)
(4)
انظر: الاستنكار في جديدة المدينة (السعودية) 4 رمضان 1400هـ، وجريدة أخبار العالم الإسلامي بتاريخ 9 رمضان 1400هـ
(5)
فقد أصدر علماء المغرب بياناً في ذلك نشر في مجلة (دعوى الحق) العدد الرابع، الصادر في: شعبان - رمضان 1400هـ، انظر: نهج الخميني: ص49
وقد نشرت مجلة الجماعة الإسلامية بباكستان خطاب الخميني، وعلقت عليه بقولها:"هذا نفي للإسلام، وتاريخ الإسلام، وأمر لا يحتمله حتى الأصدقاء"(1) . وهو في تصريحه هذا لم يخرج عن طبيعة مذهبه المفرطة في الغلو، فهو يرى أن الأئمة (والمهدي منهم) أفضل من الأنبياء، ويرى أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدوا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بسبب بيعة أبي بكر دون علي، وجوهر الرسالة عندهم هو إمامة علي، ولهذا قال:"يعتبر الرسول لولا تعيينه الخليفة من بعده غير مبلغ للرسالة" فمن هنا قال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينجح لأنه لم يتول علي الخلافة بعده مباشرة!
وقد أصدر الخميني بياناً يجيب فيه على المنكرين، وليس في جوابه إلا التأكيد على هذا المنكر، حيث قال:"ونقول بأن الأنبياء لم يوفقوا في تنفيذ مقاصدهم، وأن الله سيبعث في آخر الزمان شخصاً يقوم بتنفيذ مسائل الأنبياء"، ثم ينكر على المنكرين بأنهم يسعون لتفريق المسلمين" (2) .
ويقول خميني إن "تعاليم الأئمة كتعاليم القرآن"(3) ، بل هو يعمل حتى بحكايات الرقاع ويعطيها نفس القدسية التي توليها الأمة لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم (4) . إلى آخر قائمة العقائد التي تقول بها الاثنا عشرية، ويتابعهم فيها خميني، وقد يأخذ بأشدها تطرفاً مما لا حاجة إلى تفصيله واستقصائه. إذ الغرض بيان أنه لم يكن كما يتوهم أصحاب تلك النظرة السطحية الساذجة.. لكن رأيت بعضهم يقول: بأن الخميني قد تخلى عن بعض عقيدته في التقية (5) ، وأنه قد أمر أتباعه
(1) وذلك في عددها الصادر في 29 ذي الحجة 1404هـ، انظر: نهج خميني في ميزان الفكر الإسلامي: ص52
(2)
الخميني/ مسألة المهدي المنتظر مع رسالة أخرى ص22، مركز الإعلام العالم للثورة الإسلامية في إيران
(3)
الحكومية الإسلامية: ص113
(4)
وقد استدل بها على مذهبه في عموم ولاية الفقيه (انظر: الحكومة الإسلامية ص76-77)
(5)
انظر: أحمد جلي/ دراسة عن الفرق: ص154-155
بالصلاة مع أهل السنة مما يعد اعتدالاً في صورته الظاهرة.
والجواب عن ذلك يوجد في رسالته في التعادل والترجيح، وفي رسالته في التقية، وحسبك أن تعلم من هذا إيمانه بأن أصل دينهم يقوم على مخالفة أهل السنة، وأن هذا الأصل هو من المرجحات عنده في حالة اختلاف الروايات.. فهو يقول:"إن أخبارهم الآمرة بالأخذ بخلاف العامة.. كقوله: "ما خالف العامة ففيه الرشاد".. وقوله: "دعوا ما وافق القوم فإن الرشد في خلافهم" هي من أصول الترجيح، وليس الترجيح بها بمحض التعبد، بل "لكون المخالفة لهم طريقاً إلى الواقع، والرشد في مخالفتهم" (1) .
ثم عقد مبحثاً بعنوان "في الأخبار الواردة بمخالفة العامة"(2) . وذكر أن أخبارهم في هذا الباب نوعان: الأول يأمر بالأخذ بما خالف العامة في حالة تعارض الروايات عن الأئمة، والنوع الثاني يأمر بالمخالفة مطلقاً.
فذكر من النوع الأول خمس روايات:
قال: "عن الحسن بن الجهم قال: قلت للعبد الصالح (3) . يروى عن أبي عبد الله عليه السلام شيء ويروى عنه خلافه فبأيهما نأخذ؟ فقال: خذ بما خالف القوم وما وافق القوم فاجتبنه"(4) .
والروايات الباقية لا تخرج عن هذا المعنى، وفي بعضهما الأمر بالعرض على كتب الحديث عند أهل السنة فيقول:"فاعرضوهما على أخبار العامة فما وافق أخبارهم فذروه وما خالف أخبارهم فخذوه"(5) .
(1) انظر: رسالة التعادل والترجيح: ص71
(2)
رسالة التعادل والترجيح: ص80
(3)
يعني الإمام
(4)
رسالة التعادل والترجيح: ص80
(5)
رسالة التعادل والترجيح: ص80-81
وعقب الخميني على هذا النوع من الأخبار بقوله: "ولا يخفى وضوح دلالة هذه الأخبار على أن مخالفة العامة مرجحة في الخبرين المتعارضين مع اعتبار سند بعضهما، بل صحة بضعها على الظاهر واشتهار مضمونها بين الأصحاب، بل هذا المرجع هو المتداول العام الشايع في جميع أبواب الفقه وألسنة الفقهاء"(1) .
فأنت ترى خميني يؤكد على رفض أي خبر عندهم يوافق أهل السنة وكأنهم من اليهود والنصارى المنهي عنه التشبه بهم، ولكن في كتبهم ما يصرح أنهم أكفر من اليهود والنصارى (2) .
أما النوع الثاني: وهو أخبارهم التي تأمرهم بمخالفة أهل السنة مطلقاً وذلك بالبحث عن أعمال أهل السنة وأقوالهم وعقائدهم لمخالفتها، فذكر من هذا النوع خمس روايات.
الرواية الأولى: وهي التي تأمر الشيعي بسؤال مفتي البلد للعمل بخلاف فتواه، حيث يقول:"ائت فقيه البلد فاستفته من أمرك فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه، فإن الحق فيه"(3) .
وهذه الرواية وما أشببها من هذا النوع أثارات إشكالاً عند الشيعة وهو أن في أخبار أهل السنة - ولا سيما في الفقه - ما هو موافق لأخبار الشيعة فإذا عمل بهذه الروايات بإطلاق، فقد يترتب على ذلك الخروج من المذهبين رأساً، ولذلك عقب الخميني على كل رواية من هذه الروايات بما يحاول به أن يتخلص به من هذا الإشكال، فعقب على الرواية السابقة بقوله:
"موردها صورة الاضطرار وعدم طريق إلى الواقع فأرشده إلى طريق يرجع إليه لدى سد الطرق، ولا يستفاد منها جواز رد الخبر من طريقنا إذا كان موافقاً
(1) رسالة التعادل والترجيح: ص82
(2)
انظر: ص (714-715) من هذه الرسالة
(3)
رسالة التعادل والترجيح: ص82
لهم" (1) .
ثم قال: "وقوله.. ما أنتم والله على شيء مما هم فيه، ولا هم على شيء مما أنتم فيه فخالفوهم فما هم من الحنيفية على شيء.
فالظاهر منها المخالفة في عقائدهم وفي أمر الإمامة وما يرتبط بها، ولا تدلان على رد الخبر الموافق لهم" (2) . (يعني الموافق للأمة) .
فترى الخميني يعد مخالفة أهل السنة من أصول الترجيح عندهم، فأين الذين يمدون أيديهم للتقارب معه؟ وأين الذين يزعمون أنه تخلى عن تقيته مع أهل السنة؟!
أما أمره لطائفته بالصلاة مع أهل السنة فهو جزء من عمله بالتقية، وهو ما فصل القول فيه في رسالته في التقية، ولكن جملة من أهل السنة الذين يأخذون الأمور بظواهرها ولا معرفة لهم بخفايا المذهب الشيعي يشيدون بهذه الخطورة، ويعدونها من مناقب الخميني، ومساعيه في جمع المسلمين" (3) .
مع أنه عقد في رسالته في التقية مبحثاً خاصاً في ذلك بعنوان "في الروايات الدالة على صحة الصلاة مع العامة".. وقال فيه: "إنه قد وردت روايات خاصة تدل على صحة الصلاة مع الناس والترغيب في الحضور في مساجدهم والاقتداء بهم والاعتداد بها كصحيحة حماد بن عثمان عن أبي عبد الله أنه قال: "من صلى معهم في الصف الأول كان كمن صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصف الأول".
وعقب عليه الخميني بقوله: "ولا ريب أن الصلاة معه - يعني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صحيحة ذات فضيلة جمة فذلك الصلاة معهم حال التقية"(4) .
(1) رسالة التعادل والترجيح: ص82
(2)
رسالة التعادل والترجيح: ص83
(3)
انظر: ما كتبه في ذلك الشيخ محمد المجذوب في جريدة المدينة المنورة العدد (4808) ، 1 ربيع الأول 1400هـ
(4)
رسالة في التقية: ص108 (ضمن الجزء الثاني من الرسائل)
ثم قال: "وموثقة سماعه قال: سألته عن مناكحتهم والصلاة خلفهم؟ فقال: هذا أمر شديد لن تستطيعوا ذلك، قد أنكح رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى علي وراءهم"(1) .
ثم أشار إلى أن هذا النوع من التقية ليس مرتبطاً بالضرورة، وهو خاص بمعاملة أهل السنة، لأنه يرى أن التقية تكون اضطرارية في حال الخوف، وتكون للمداراة وهي حينئذ من أفضل الأعمال عندهم.. والحالة الأولى الأمر فيها واضح، لكن الحالة الثانية يبينها بقوله:"وأما التقية المداراتية المرغوب فيها - كذا - مما تكون العبادة معها أحب العبادات وأفضلها، فالظاهر اختصاصها بالتقية عن العامة، كما هو مصب الرويات على كثرتها"(2) .
فالتقية مع أهل السنة من أفضل الأعمال، وهي مشروعة بإطلاق عندهم.. ثم يشير بعد ذلك إلى نوع ثالث من أنواع التقية عندهم وهو الكتمان المقابل للإذاعة كما يقول:"فتكون على حد تعبيره بمعنى التحفظ عن إفشاء المذهب وعن إفشاء سر أهل البيت"(3) .
فهل بعد هذا يقال: بأن الخميني قد تخلى عن التقية والمخادعة؟
لكن من قال ذلك خفي عليه أن التقية عندهم أنواع، وأن التقية مع أهل السنة من أفضل الأعمال عندهم، وليست مشروطة بالضرورة.
وأخيراً حسبك أن تعرف أنه يعد عصر الخلفاء الراشدين عصر تقية فيقول: "إن من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زمان خلافة أمير المؤمنين ومن بعده إلى زمن الغيبة كان الأئمة وشيعتهم مبتلين بالتقية أكثر من مائتي سنة"(4) .
فتبين أن خميني من غلاة الروافض؛ بل هو يأخذ من آرائهم ما هو أكثر شذوذاً، ويتعمد مخالفة أهل السنة، وإن خرج عن ذلك فهو تقية.
(1) رسالة في التقية: ص198 (ضمن الجزء الثاني من الرسائل)
(2)
رسالة في التقية: 200
(3)
رسالة في التقية: ص184
(4)
رسالة في التقية: ص296