الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خامساً: قوله بعموم ولاية الفقيه
تعتقد الاثنا عشرية أن الولاية العامة على المسلمين منوطة بأشخاص معينين بأسمائهم وعددهم، قد اختارهم الله كما يختار أنبياءه (1) . وهؤلاء الأئمة أمرهم كأمر الله، وعصمتهم كعصمة رسل الله، وفضلهم فوق فضل أنبياء الله.
ولكن آخر هؤلاء الأئمة - حسب اعتقادهم - غائب منذ سنة (260هـ) ولذا فإن الاثني عشرية تحرم أن يلي أحد منصبه في الخلافة حتى يخرج من مخبئه، حتى تقول:"كل راية ترفع قبل أن يقوم القائم فصاحبها طاغوت وإن كان يدعو إلى الحق"(2) .
وعلى هذا مضى شيعة القرون الماضية.. وقد استطاعوا أن يأخذوا "مرسوماً إمامياً" وتوقيعاً من الغائب - على حد زعمهم - يسمح لشيوخهم أن يتولوا بعض الصلاحيات الخاصة به، لا كل الصلاحيات وهذا التوقيع يقول:"أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا.."(3) .
وواضح من خلال هذا "النص" أنه يأمرهم بالرجوع في معرفة أحكام الحوادث الواقعة والجديدة إلى شيوخهم.
ولذلك استقر الرأي عند الشيعة على أن ولاية فقهائهم خاصة بمسائل الإفتاء وأمثالها، كما ينص عليه "توقيع المنتظر". أما الولاية العامة التي تشمل السياسة وإقامة الدولة، فهي من خصائص الغائب وهي موقوفة حتى يرجع من غيبته، ولذلك عاش أتباع هذا المذهب وهم ينظرون إلى خلفاء المسلمين على أنهم غاصبون مستبدون، ويتحسرون لأنهم قد استولوا على سلطان إمامهم، ويدعون الله في كل
(1) انظر: فصل الإمامة
(2)
مضى تخريجه من كتب الشيعة ص (738)
(3)
مضى تخريجه من كتب الشيعة ص (894)
لحظة على أن يعجل بفرجه حتى يقيم دولتهم، ويتعاملون مع الحكومات القائمة بمقتضى عقيدة التقية، لكن غيبة الحجة طالت، وتوالت قرون قاربت الاثني عشر دون أن يظهر، والشيعة محرمون من دولة شرعية حسب اعتقادهم، فبدأت فكرة القول بنقل وظائف المهدي للفقيه تداعب أفكار المتأخرين منهم.
وقد أشار الخميني إلى أن شيوخهم النراقي (1) . (ت1245هـ) والنائيني (2) . (ت1355هـ) قد ذهبا إلى أن للفقيه جميع ما للإمام من الوظائف والأعمال في مجال الحكم والإدارة والسياسة (3) .
ولم يذكر الخميني أحداً من شيوخهم نادى بهذه الفكرة قبل هؤلاء، ولو وجد لذكره، لأنه يبحث عما يبرر مذهبه.
فإذن عقيدة عموم ولاية الفقيه لم توجد عند الاثني عشرية قبل القرن الثالث عشر.
وقد التقط الخميني هذا الخيط الذي وضعه من قبله، وراح ينادي بهذه الفكرة، وضرورة إقامة دولة برئاسة نائب الإمام لتطبيق المذهب الشيعي، فهو يقول: "واليوم - في عهد الغيبة - لا يوجد نص على شخص معين يدير شؤون الدولة، فما هو الرأي؟ هل تترك أحكام الإسلام معطلة؟ أم نرغب بأنفسنا عن الإسلام؟ أم نقول: إن الإسلام جاء ليحكم الناي قرنين من الزمان فحسب ليهملهم بعد ذلك؟ أو نقول: إن الإسلام قد أهمل أمور تنظيم الدولة؟ ونحن نعلم أن عدم وجود الحكومة يعني ضياع ثغور الإسلام وانتهاكها، ويعني تخاذلنا عن أرضنا، هل يسمح بذلك في ديننا؟ أليست الحكومة ضرورة من ضرورات
(1) أحمد بن محمد بن مهدي النراقي الكاشاني (1185-1245هـ)
(2)
حسين بن عبد الرحمن النجفي النائيني (1273-1355هـ)
(3)
الحكومة الإسلامية: ص74
الحياة؟ " (1) .
ويقول في موضع آخر: "قد مر على الغيبة الكبرى لإمامنا المهدي أكثر من ألف عام، وقد تمر ألوف السنين قبل أن تقتضي المصلحة قدوم الإمام المنتظر في طول هذه المدة المديدة، هل تبقى أحكام الإسلام معطلة؟ يعمل الناي من خلالها ما يشاؤون؟ ألا يلزم من ذلك الهرج والمرج؛ القوانين التي صدع بها نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم وجهد في نشرها، وبيانها وتنفيذها طيلة ثلاثة وعشرين عاماً، هل كان كل ذلك لمدة محدودة؟ هل حدد الله عمر الشريعة بمائتي عام مثلاً؟ الذهاب إلى هذا الرأي أسوأ في نظري من الاعتقاد بأن الإسلام منسوخ"(2) .
ثم يقول: "إذن فإن كل من يتظاهر بالرأي القائل بعدم ضرورة تشكيل الحكمة الإسلامية فهو ينكر ضرورة تنفيذ أحكام الإسلام، ويدعو إلى تعطيلها وتجميدها، وهو ينكر بالتالي شمول وخلود الدين الإسلامي الحنيف"(3) .
فخميني يرى لهذه المبرارات التي ذكرها خروج الفقيه الشيعي وأتباعه للاستيلاء على الحكم في بلاد الإسلام نيابة عن المهدي، وهو يخرج بهذا عن مقررات دينهم ويخالف وصايا أئمته الكثيرة في ضرورة انتظار الغائب وعدم التعجيل بالخروج (4) .
حتى قال أحد آياتهم ومراجعهم في هذا العصر: "وقد توافرت عنهم (ع) حرمة الخروج على أعدائهم وسلاطين عصرهم"(5) ، ذلك أن منصب الإمامة لا يصلح عندهم إلا للمنصوص عليه من عند الله ولا يعني رضاهم بهذه الحكومات.
(1) الحكومة الإسلامية: ص48
(2)
الحكومة الإسلامية: ص26
(3)
الحكومة الإسلامية: ص26-27
(4)
انظر: ص1089-1090 من هذه الرسالة
(5)
محمد الحسيني البغدادي النجفي (يلقب بالاية العظمى، والمرجع الديني الأعلى) في كتابه "وجوب النهضة لحفظ البيضة": ص93
وهذه المبررات التي ساقها الخميني لبيان ضرورة إقامة الدولة الشيعية، ونيابة الفقيه عن المهدي في رئاستها كان ينبغي أن توجه جهة أخرى لو كان لشيوخ الشيعة صدق في القول ونصح لأتباعهم، هذه الوجهة هي نقد المذهب من أصله الذي قام على خرافة الغيبة وانتظار الغائب، والذي انتهى بهم إلى هذه النهاية.
وعلى كل فهذه شهادة مهمة وخطيرة من هذه الحجة والآية على فساد مذهب الرافضة من أصله، وأن إجماع طائفته كل القرون الماضية كان على ضلالة، وأن رأيهم في النص على إمام معين، والذي نازعوا من أجله أهل السنة طويلاً وكفروهم أمر فاسد أثبت التاريخ والواقع فساده بوضوح تام، وهاهم يضطرون للخروج عليه بقوله:"بعموم ولاية الفقيه" بعد أن تطاول عليهم الدهر، ويئسوا من خروج من يسمونه "صاحب الزمان"، فاستولوا حينئذ على صلاحياته كلها، وأفرغ الخميني كل مهامه ووظائفه لنفسه، ولبعض الفقهاء من بني جنسه ودينه، لأنه يرى ضرورة تولي مهام منصب الغائب في رئاسة الدولة. ومن أجل إقناع طائفته بهذا المبدأ ألف كتابه "الحكومة الإسلامية" أو "ولاية الفقيه".
وهو لا يوافق على ولاية كل أجد أمور الدولة؛ بل يخصص ذلك بفقهاء الشيعة، ويحصر الحكم والسلطان بهم، حيث يقول:" وبالرغم من عدم وجود نص على شخص من ينوب عن الإمام (ع) حال غيبته، إلا أن خصائص الحاكم الشرعي.. موجودة في معظم فقهائنا في هذا العصر، فإذا أجمعوا أمرهم كان في ميسورهم إيجاد وتكوين حكومة عادلة منقطعة النظير"(1) .
وأقول: إذا كانت حكومة الآيات والفقهاء لا مثيل لها في العدل - كما يقول - فيما حاجتهم بخروج المنتظر إذاً؟
وهو يرى أن ولاية الفقيه الشيعي كولاية رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: "فالله
(1) الحكومة الإسلامية: ص48-49
جعل الرسول ولياً للمؤمنين جميعاً.. ومن بعده كان الإمام (ع) ولياً، ومعنى ولايتهما أن أوامرهما الشرعية نافذة في الجميع" (1) .
ثم يقول: "نفس هذه الولاية والحاكمية موجودة لدى الفقيه، بفارق واحد هو أن ولاية الفقيه على الفقهاء الآخرين لا تكون حيث يستطيع عزلهم أو نصبهم، لأن الفقهاء في الولاية متساوون من ناحية الأهلية"(2) .
فنظرية الخميني - كما ترى - ترتكز على أصلين:
الأول: القول بالولاية العامة للفقيه.
والثاني: أنه لا يلي رئاسة الدولة إلا الفقيه الشيعي.
وهذا خروج عن دعوى تعيين الأئمة، وحصرهم باثني عشر، لأن الفقهاء لا يحصرون بعدد معين، وغير منصوص على أعيانهم فيعني هذا أنهم عادوا لمفهوم الإمامة حسب مذهب أهل السنة - إلى حد ما (3) .- وأقروا بضلال أسلافهم وفساد مذهبهم بمقتضى هذا القول.
لكنهم يعدون هذا المبدأ (ولاية الفقيه) نيابة عن المهدي حتى يرجع، فهم لم يتخلوا عن أصل مذهبهم، ولهذا أصبح هذا الاتجاه - في نظري - لا يختلف عن مذهب البابية، لأنه يزعم أن الفقيه الشيعي هو الذي يمثل المهدي، كما أن الباب يزعم ذلك، ولعل الفارق أن الخميني يعد كل فقهائهم أبواباً.
وإن شئت قل: إن الخميني أخرج "المهدي المنتظر" عند الروافض، لأن صلاحياته ووظائفه أناطها بالفقيه؛ بل إنه بهذا المبدأ لم يخرج "مهدياً" واحداً بل أخرج العشرات، لأن كثيراً من شيوخهم وآياتهم لهم الأحقية بهذا المنصب فهو
(1) الحكومة الإسلامية: ص51
(2)
الحكومة الإسلامية: ص51
(3)
أقول: إلى حد ما؛ لأنهم خرجوا من حصر الإمامة بالشخص إلى حصرها بالنوع وهو الفقيه الشيعي
يقول: "إن معظم فقهائنا في هذا العصر تتوفر فيهم الخصائص التي تؤهلهم للنيابة عن الإمام المعصوم"(1) .
وبمقتضى هذه النيابة يكون أمرهم كأمر الرسول حيث يقول: "هم الحجة على الناس كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم حجة الله عليهم، وكل من يتخلف عن طاعتهم، فإن الله يؤاخذه ويحاسبه على ذلك"(2) .
ويقول: "وعلى كل فقد فوض إليهم (يعني إلى شيوخ الروافض) الأنبياء جميع ما فوض إليهم، وائتمنوهم على ما اؤتمنوا عليه"(3) .
بل أشار إلى أن دولة الفقيه الشيعي كدولة مهديهم الموعودة، وقال:"كل ما يفقدنا (4) . هو عصا موسى، وسيف علي بن أبي طالب"(5) . (ع) وعزيمتهما الجبارة، وإذا عزمنا على إقامة حكم إسلامي سنحصل على عصا موسى، وسيف علي بن أبي طالب" (6) .
والجمع بين عصا موسى، وسيف علي بن أبي طالب كناية - فيما يبدو لي - عن تعاون اليهود مع الشيعة في دولة الآيات، وهذا ما وقع بعضه في دولة الخميني، كما في فضائح صفقات الأسلحة، والتعاون السري بينهما الذي تناقلته وكالات الأنبياء واشتهر أمره.
والخميني يقرر أن تشكيل الحكومة الشيعية لم يقع من شيعته الماضيين حيث يقول: "في السابق لم نعمل ولم ننهض سوية لتشكيل حكومة تحطم الخائنين
(1) الحكومة الإسلامية: ص113
(2)
الحكومة الإسلامية: ص80
(3)
الحكومة الإسلامية: ص80
(4)
يريد أن يقول: كل ما نفقده
(5)
وهذه من مواريث المهدي عن الأنبياء والأئمة (انظر: أصول الكافي: 1/231)
(6)
الحكومة الإسلامية: ص135
المفسدين" (1) . ويقول: "ولم تسنح الفرصة لأئمتنا للأخذ بزمام الأمور، وكانوا بانتظارها حتى آخر لحظة من الحياة، فعلى الفقهاء العدول أن يتحينوا هم الفرص وينتهزوها من أجل تنظيم وتشكيل حكومة
…
" (2) .
وقد قامت حكومات شيعية، ولكنها ليست محكومة من قبل "الآيات" و"نواب المعصوم"، ولذا عدوا حكومتهم أول دولة إسلامية (يعني شيعية) .
قال بعض الروافض: "إن الخميني أسس الجمهورية الإسلامية العظمى في إيران.. لأول مرة في تاريخ الإسلام وحقق حلم الأنبياء والرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم والأئمة المعصومين عليهم السلام"(3) .
ويرى آيتهم "الطالقاني" أن حكومة الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه لا تصل إلى مقام دولتهم، وأنها تمهيد لقيامها، حيث يقول:"إننا نعتقد أن الجمهورية الإسلامية هي المؤهلة للحياة في هذا الزمان، ولم تكن مؤهلة للحياة في فجر الإسلام.. إن التحولات الاجتماعية والسياسية التي شهدها العالم منذ الرسول والخلفاء الراشدين وحتى اليوم هي التي توفر الأساس الموضوعي لقيام الجمهورية الإسلامية"(4) .
فأنت ترى أن طبيعة النظرة الشيعية دائماً تجنح إلى الغلو، وتقديس الأشخاص، والتطرف في الاعتقادات.. كما ترى في نظرة طالقاني إلى جمهورية خميني، بل ادعى بعضهم أن خميني قد بشر به أئمتهم من قبل (5) .
(1) الحكومة الإسلامية: ص 40
(2)
الحكومة الإسلامية: ص 54
(3)
أحمد الفهري (ويلقبونه بالعلامة) في تقديمه لكتاب سر الصلاة للخميني: ص10
(4)
نشرت ذلك جريدة السفير اللبنانية بتاريخ 31/3/1979م وقد نقل ذلك: محمد جواد مغنية، واعتبره فهماً جديداً للجمهورية الإسلامية لا يقوله إلا من عاش الإسلام بقلبه وعقله (!) (انظر: الخميني والدولة الإسلامية: ص113)
(5)
محمد جواد مغنية/ الخميني والدولة الإسلامية: ص38-39
هذا وقد مضى ما ترويه الشيعة عن سيرة مهديهم بعد عودته من غيبته - حسب اعتقادهم - وأنه لا همّ له ولا عمل إلا القتل والانتقام، حتى يقولون: إنه بعث "بالجفر الأحمر" وبالذبح، وإنه يخص العرب بمجازره.. إلخ (1) . ونجد اليوم هذه السيرة المزعومة قد بدت ملاحمها في دولة الآيات، حيث بدأ الخميني وأعوانه مشروع دولة المهدي بمجازرهم الرهيبة في داخل إيران وخارجها.
والحقيقة أن واضعي روايات القتل العام الموعود بعد خروج الغائب المفقود يدركون أن مسألة الغيبة والمهدية لا تعدو أن تكون وهماً من الأوهام، ولكنهم يعبرون عما تكنه صدورهم، وتجيش به نفوسهم من أحقاد، وكذلك معظم شيوخ الشيعة غالبهم زنادقة يعرفون أن المهدي خرافة، ولذلك فهم إذا واتتهم فرصة لتحقيق أمانيهم في قتل المسلمين اهتبلوها، ولم ينتظروا فيها خروج مهديهم، لأنهم يعرفون أنه لن يخرج أبداً؛ لأنه لم يوجد أصلاً!
ولا أدل على ذلك من أن الخميني نفسه يقرر في كتابه تحرير الوسيلة أنه لا يجوز بسبب غيبة مهديهم البدء في الجهاد فيقول: "في عصر غيبة ولي الأمر وسلطان العصر عجل الله فرجه الشريف يقوم نوابه وهم الفقهاء الجامعون لشرائط الفتوى والقضاء مقامه في إجراء السياسات وسائر ما للإمام عليه السلام إلا البدأة بالجهاد"(2) .
ولكنه حينما أقام دولته قرر في دستورها: "أن جيش الجمهورية الإسلامية.. لا يحتملان فقط مسؤولية حفظ وحراسة الحدود، وإنما يتكفلان أيضاً بحمل رسالة عقائدية أي الجهاد في سبيل الله، والنضال من أجل توسيع حاكمية قانون الله في كافة أرجاء العالم"(3) .
(1) انظر: ص875 وما بعدها
(2)
تحرير الوسيلة: 1/284
(3)
الدستور لجمهورية إيران الإسلامية: ص16، منشورات مؤسسة الشهيد، وانظر: الطبعة الأخرى من الدستور، التي أصدرتها وزارة الإرشاد الإيرانية: ص10
فأنت ترى التناقض واضحاً، فهو في تحرير الوسيلة يجعل الجهاد من وظائف المهدي، وفي دستور دولتهم بعد قيامها يجعل الجهاد منوطاً بجيشها، ومن وظائف الفقيه، وذلك بمقتضى مذهبه الجديد في ولاية الفقيه، والتي نقلت فيها صلاحيات المهدي كلها للشيخ الشيعي. وقد نص أيضاً على ذلك دستورهم فقال:"وفي زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه تعتبر ولاية الأمر وإمامة الأمة في جمهورية إيران الإسلامية بيد الفقيه.."(1) .
ولذلك بعد قيام دولتهم أول ما بدأوا به قتال الشعوب الإسلامية بجنودهم، وبالمنظمات التابعة لهم في الولاء في بعض أقطار المسلمين.
ومع ذلك يزعم الخميني أحياناً أن هذا يدخل في نطاق الدفاع، والتأويل ليس له حدود فيقول:"إننا لا نريد أن نرفع السلاح ونهاجم أحداً، فالعراق يهاجمنا منذ مدة، بينما نحن لا نهاجمه، وإنما ندافع فقط، فالدفاع أمر واجب"(2) .
ولكنه يقرر أنه يريد أن يصدر ثورته حيث يقول: "إننا نريد أن نصدر ثورتنا الإسلامية إلى كافة البلاد الإسلامية"(3) . وهو لا يريد التصدير السلمي فحسب؛ بل يريد فرض مذهبه على المسلمين بالقوة، وقد أشار إلى ذلك قبل قيام دولته، وقرر أن سبيل ذلك هو إقامة دولة شيعية تتولى هذا الأمر فيقول:"ونحن لا نملك الوسيلة إلى توحيد الأمة الإسلامية (4) ، وتحرير أراضيها من يد المستعمرين وإسقاط الحكومات العميلة لهم، إلا أن نسعى إلى إقامة حكومتنا الإسلامية، وهذه بدورها سوف تتكلل أعمالها بالنجاح يوم تتمكن من تحطيم رؤوس الخيانة، وتدمر الأوثان والأصنام البشرية التي تنشر الظلم والفساد في الأرض"(5) .
(1) دستور الجمهورية الإسلامية في إيران: ص18، ط: وزارة الإرشاد
(2)
خطاب الخميني حول مسألة تحرير القدس والمهدي المنتظر: ص9-10
(3)
خطاب الخميني حول مسألة تحرير القدس والمهدي المنتظر: ص10
(4)
يعني على مذهب الروافض
(5)
الحكومة الإسلامية: ص35
وهؤلاء الروافض لا ينتقدون الحكومات لهذه الأسباب التي يذكرها، إذ لو كانت الحكومة أفضل حكومة على وجه الأرض لما نالت إلا سخطهم ومقتهم، إلا أن تكون على مذهب الرفض، وحسبك في هذا نظرتهم إلى خلافة الخلفاء الثلاثة الراشدين - رضوان الله عليهم -.
ولا تزال مهمة المهدي الموعودة في قتل المسلمين، تظهر على ألسنة حجتهم وآياتهم، وأنه سيبدأها خميني لأنه ينوب عن مهديهم في كل وظائفه. وقد كشف بعض شيوخهم عن ذلك؛ لأنهم كما يقول إمامهم:"مبتلون بالنزق وقلة الكتمان"(1) .
ففي احتفال رسمي وجماهيري أقيم في عبادان في 17/3/1979م تأييداً لإقامة الجمهورية الإسلامية، ألقى د. محمد مهدي صادقي خطبة في هذا الاحتفال سجلت باللغتين العربية والفارسية، ووصفتها الإذاعة بأنها مهمة ومما جاء في هذه الخطبة:
"أصرح يا إخواني المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أن مكة المكرمة حرم الله الآمن يحتلها شرذمة أشد من اليهود.." وذكر قبل ذلك بأنه حين تثبت ثورته سينتقلون "إلى القدس وإلى مكة المكرمة، وإلى أفغانستان، وإلى مختلف البلاد"(2) .
فتراهم يعتبرون الوضع في مكة، كوضع القدس الذي يحتله اليهود، ووضع أفغانستان التي يحتلها الشيوعيون.. على حين تجدهم يتعاطفون مع الحكم النصيري الكافر في سوريا ولا يمسونهم بنقد.
وقد نشرت مجلة الشهيد - لسان علماء الشيعة في قم - في العدد (46) الصادر بتاريخ 16 شوال 1400هـ صورة تمثل الكعبة المشرفة، وإلى جانبها صور
(1) أصول الكافي: 1/222
(2)
أذيعت هذه الخطبة من صوت الثورة الإسلامية من عبادان الساعة 12 ظهراً من يوم 17/3/1979م، انظر: وجاء دور المجوس: ص344-347
تمثل المسجد الأقصى المبارك وبينهما (يد قابضة على البندقية) وتحتها تعليق نصه: "سنحرر القبلتين"(1) .
(1) انظر: مجلة الشهيد، العدد المذكور، وانظر: جريدة المدينة السعودية الصادرة في 27 ذي القعدة 1400هـ، وانظر ما كتبه الشيخ محمد عبد القادر آزاد/ رئيس مجلس علماء باكستان عما شاهده في أثناء زيارته لإيران، حتى يقول بأنه رأى على جدران فندق هيلتون في طهران، والذي يقيمون فيه شعارات مكتوبًا عليها:"سنحرر الكعبة والقدس وفلسطين من أيدي الكفار": (انظر: الفتنة الخمينية للشيخ محمد آزاد: ص9)