الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدولة الصفوية
(1) :
في الدولة الصفوية، والتي أسسها الشاه إسماعيل الصفوي فرض التشيع الاثني عشري على الإيرانيين قسراً، وجعل المذهب الرسمي لإيران.. وكان إسماعيل قاسياً متعطشاً للدماء إلى حد لا يكاد يصدق (2) ، ويشيع عن نفسه أنه معصوم وليس بينه وبين المهدي فاصل، وأنه لا يتحرك إلا بمقتضى أوامر الأئمة الاثني عشر (3) .
ولقد تقلد سيفه وأعمله في أهل السنة، وكان يتخذ سب الخلفاء الثلاثة وسيلة لامتحان الإيرانيين، فمن يسمع السب منهم يجب عليه أن يهتف قائلاً:"بيش باد كم باد".. هذه العبارة تعني في اللغة الأذربيجانية أن السامع يوافق على السب ويطلب المزيد منه، أما إذا امتنع السامع عن النطق بهذه العبارة قطعت رقبته حالاً، وقد أمر الشاه أن يعلن السب في الشوارع، والأسواق وعلى المنابر منذراً المعاندين بقطع رقابهم (4) ، وكان إذا فتح مدينة أرغم أهلها على اعتناق الرفض فوراً بقوة السلاح.
ويروى عنه أنه عندما فتح تبريز في بداية أمره وأراد فرض التشيع على أهلها بالقوة، أشار عليه بعض شيوخهم أن يتريث، لأن ثلثي سكان المدنية من أهل السنة، وأنهم لا يصبرون على سب الخلفاء الثلاثة على المنابر، ولكنه أجابهم:
(1) استمر ملك الدولة الصفوية من سنة 1905إلى سنة 1148هـ (مغنية/ الشيعة في الميزان: ص182)
(2)
علي الوردي/ لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث: ص56
(3)
كامل مصطفى الشيبي/ الفكر الشيعي والنزعات الصوفية حتى مطلع القرن الثاني عشر الهجري: ص413
(4)
كامل مصطفى الشيبي/ الفكر الشيعي والنزعات الصوفية حتى مطلع القرن الثاني عشر الهجري: ص58
"إذا وجدت من الناس كلمة اعتراض شهرت سيفي بعون الله فلا أبقي منهم أحداً حياً"(1) .
ومن ناحية أخرى اتخذ مسألة قتل الحسين وسيلة للتأثير النفسي، بالإضافة إلى أسلوب التهديد والإرهاب فأمر بتنظيم الاحتفال بذكر مقتل الحسين على النحو الذي يتبع الآن عندهم (2) . وأضاف إليه فيما يقال مجالس التعزية.
وهي التي يسمونها الآن "الشبيه" ويجرى فيها تمثيل مقتل الحسين.. فكان لهذا أثره على أولئك الأعاجم حتى رأى بعضهم أنه من أهل العوامل في نشر التشيع في إيران، لأن ما فيه من مظاهر الحزن والبكاء وما يصاحبه من كثرة الأعلام ودق الطبول وغيرهما يؤدي إلى تغلغل في العقيدة في أعماق النفس والضرب على أوتارها الكامنة" (3) .
ولقد آزر شيوخ الروافض سلاطين الصفويين في الأخذ بالتشيع إلى مراحل من الغلو وفرض ذلك على مسلمي إيران بقوة الحديد والنار.
وكان من أبرز هؤلاء الشيوخ شيخهم علي الكركي (4) ، الذي يلقبه الشيعة بالمحقق الثاني الذي قربه الشاه طهماسب، ابن الشاه إسماعيل وجعله الآمر المطاع في الدولة، فاستحدث هذا الكركي بدعاً جديدة في التشيع، فكان منها: "التربة التي يسجد عليها الشيعة الآن في صلواتهم. وقد ألف فيها رسالة سنة (933هـ)(5) ، كما ألف رسالة في تجويز السجود للعبد (6) ، وذلك مسايرة للسلطان إسماعيل
(1) كامل مصطفى الشيبي/ الفكر الشيعي والنزعات الصوفية حتى مطلع القرن الثاني عشر الهجري: ص58، وانظر: تاريخ الصفويين: ص55
(2)
الشيبي/ الفكر الشيعي: ص415
(3)
الوردي/ لمحات اجتماعية: ص59
(4)
علي بن هلال الكركي، هلك سنة (948هـ)
(5)
الفكر الشيعي: ص416 عن ترجمته في روضات الجنات ص404
(6)
لمحات اجتماعية: ص63
الصفوي الذي كان يغلو فيه أصحابه حتى إنهم يعبدونه ويسجدون له (1) .
وكانت بدعه الكثيرة في المذهب الشيعي داعية للمصنفين من غير الشيعة إلى تلقيبه بمخترع الشيعة (2) . وقد ألف رسالة في لعن الشيخين رضي الله عنهما سماها "نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت"(3) .
ويقال: إنه هو الذي شرع السب في المساجد أيام الجمع (4) .
كذلك كان من شيوخ الدولة الصفوية المجلسي، والذي شارك السلطة في التأثير على المسلمين في إيران حتى يقال بأن كتابه "حق اليقين" كان سبباً في تشيع سبعين ألف سني من الإيرانيين" (5) .
والأقرب أن هذا من مبالغات الشيعة، فإن الرفض في إيران لم يجد مكانه إلا بالقوة والإرهاب، لا بالفكر والإقناع.
ثم نشأ الجيل اللاحق في جو المآتم الحسينية السنوية التي طورها الصفويون ليمتلئ الناشئ بتأثيرها حقداً وغيظاً حتى لا يكاد يستمع بسبب ذلك إلى حجة أو برهان.
وكان لكتاب المجلسي "بحار الأنوار" أثره في إشاعة الغلو بين الشيعة، حيث "جاء قراء التعزية، وخطباء المنابر فصاروا يأخذون منه ما يروق لهم وبذا ملؤوا أذهان العامة بالغلو والخرافة".
وقد كان هذا الكتاب من أوائل المؤلفات التي طبعت على نطاق واسع
(1) ولذا قال الحيدري بأن إسماعيل خرج عن جادة الرفض، وادعى الربوبية، وكان يسجد له عسكره (عنوان المجد: ص116-117)
(2)
النواقض/ الورقة: 98ب
(3)
الفكر الشيعي: ص416
(4)
الفكر الشيعي: ص416
(5)
دونلد سن/ عقيدة الشيعة: ص302
في العهد القاجاري، وقد وردت منه إلى العراق نسخ كثيرة مما أدى إلى انتشار معلوماته الغثة في أوساط الشعب العراقي على منوال ما حدث في إيران (1) .
كذلك لا ينسى الجانب الآخر من آثر الدولة الصفوية، وذلك في حروبها لدولة الخلافة الإسلامية، وتعاونها مع الأعداء من البرتغال ثم الإنجليز ضد المسلمين، وتشجيعها لبناء الكنائس ودخول المبشرين والقسس، مع محاربتهم للسنة وأهلها (2) .
هذه بعض أثار دولهم وأفرادهم في هذا المجال..
ومن كلمات شيخ الإسلام ابن تيمية (الخالدة) والمهمة في هذا الموضوع، والتي إذا طبقتها على الواقع، وإذا استقرأت من خلالها وقائع التاريخ رأيت صدقها كالشمس قوله رحمه الله:
"فلينظر كل عاقل فيما يحدث في زمانه، وما يقرب من زمانه من الفتن والشرور والفساد في الإسلام، فإنه يجد معظم ذلك من قبل الرافضة، وتجدهم من أعظم الناس فتناً وشراً، وأنهم لا يقعدون عما يمكنهم من الفتن والشرور وإيقاع الفساد بين الأمة"(3) .
ونحن قد علمنا بالمعاينة والتواتر أن الفتن والشرور العظيمة التي لا تشابهها فتن، إنما تخرج عنهم (4) .
(1) لمحات اجتماعية: ص77-78
(2)
انظر تفاصيل ذلك في: تاريخ الصفويين ص93 وما بعدها، وانظر: حاضر المعالم الإسلامي للدكتور جميل المصري: ص117
(3)
منهاج السنة: 3/243
(4)
منهاج السنة: 3/245