الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثاً: دعوى النبوة
أفرزت لوثات التصوف، وخيالات الفلسفة عنده دعوى غريبة، وكفراً صريحاً، حيث رسم للسالك أسفاراً أربعة:
ينتهي السفر الأول إلى مقام الفناء "وفيه السر الخفيّ والأخفى.. ويصدر عنه الشطح، فيحكم بكفره، فإن تداركته العناية الإلهية.. فيقر بالعبودية بعد الظهور بالربوبية"(1) . كما يقول.
وينتهي السفر الثاني عنده إلى أن "تصير ولايته تامة، وتفنى ذاته وصفاته وأفعاله في ذات الحق وصفاته وأفعاله، وفيه يحصل الفناء عن الفنائية أيضاً الذي هو مقام الأخفى، وتتم دائرة الولاية"(2) .
أما في السفر الثالث فإنه "يحصل له الصحو التام ويبقى بإبقاء الله، ويسافر في عوالم الجبروت والملكوت والناسوت، ويحصل له حظ من النبوة، وليست له نبوة التشريع، وحينئذ ينتهي السفر الثالث ويأخذ في السفر الرابع"(3) .
وبالسفر الرابع "يكون نبياً بنبوة التشريع"(4) .
فمراحل السفر عنده: الفناء، والولاية وفيها الفناء عن الفناء، والنبوة بلا تشريع، ثم النبوة الكاملة، وهي تتضمن أن النبوة مكتسبة عن طريق "رياضات" ومجاهدات أهل التصوف. وهي دعوى ترتد إلى أصول فلسفية صوفية قديمة، ولذا قال القاضي عياض: "ونكفر
…
من ادعى النبوة لنفسه، أو جوز اكتسابها والبلوغ
(1) مصباح الهداية: ص148
(2)
مصباح الهداية: ص148-149
(3)
مصباح الهداية: ص149
(4)
مصباح الهداية: ص149
بصفاء القلب إلى مرتبتها كالفلاسفة وغلاة الصوفية" (1) .
فهذه المقالة كفر صريح، وإلحاد مكشوف، كفر بالنبوة وبالأنبياء، وخروج عن دين الإسلام، ويبدو أنه يدعي لنفسه سلوك هذه "المقامات".. وقد ذكر في كتابه الحكومة الإسلامية "أن الفقيه الرافضي بمنزلة موسى وعيسى"(2) .
وينبغي أن لا يغيب عن البال أن مقام الإمامة عندهم أعلى من مقام النبوة - كما سبق ذكره (3) .- وسيأتي ذكر ذلك أيضاً من كلام الخميني نفسه، ومع ذلك فإن الخميني لا يدعى في إيران إلا "بالإمام" أي بالوصف الذي فوق وصف النبوة عندهم (4) .
ولهذا قال مرتضى كتبي (5)، وجان ليون (6) :"بالنسبة للغالبية العظمى من الشعب الإيراني لم يعد روح الله الخميني آية الله، إنما الإمام، وهو لقب نادرًا ما أعطي في تاريخ الشيعة"(7) .
وقد أكد هذا المعنى أحد المسئولين الإيرانيين ويدعى فخر الدين الحجازي حين قال: "إن الخميني أعظم من النبي موسى وهارون" فنال بهذا القول رضى الخميني فعينه نائباً عن طهران، ورئيساً لمؤسسة المستضعفين أعظم مؤسسة مالية في البلاد" (8) .
(1) الشفاء: 2/1070-1071
(2)
الحكومة الإسلامية: ص95
(3)
انظر: ص (565)
(4)
مصطلح الإمام عند الشيعة يختلف تماماً في مفهومه عند أهل السنة، ولذلك لا يلفت استعمال الشيعة له أنظار أهل السنة
(5)
مرتضى كتبي: أستاذ العلوم الاجتماعية في جامعة طهران
(6)
جان ليون فاندورن: صحافي فرنسي
(7)
المجتمع والدين عند الإمام الخميني، وقد نشر هذا البحث في:"اللوموند الفرنسية" ثم طبع في كتاب باسم "إيران" ص216
(8)
موسى الموسوي/ الثورة البائسة: ص147
ونجد محمد جواد مغنية يلمح إلى شيء من تفضيل الخميني على نبي الله موسى عليه السلام حين قال: "وقال السيد المعلم (يعني الخميني) ص (111) من الحكومة الإسلامية: "لماذا الخوف؟ فليكن حبساً أو نفياً أو قتلاً فإن أولياء الله يشرون أنفسهم ابتغاء مرضاة الله".
ثم علق على ذلك مغنية بقوله:" وليست هذه الكلمات مجرد سورة من سورات الغضب كما فعل موسى (ع) حين ألقى الألواح - التوراة - وأخذ برأس أخيه يجره، بل تنبني أيضاً على العلم والمنطق الصارم دون أن تلفحه نار العاطفة"(1) .
هذا نص مغنية بحروفه، وهو يفيد - كما يظهر - أن الخميني أكمل من نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام، وأن فعل الخميني مبني على العلم والمنطق، وموسى على الغضب والعاطفة.
وموسى عليه السلام أكرم وأعظم من أن يقارن بصفوة الصالحين، فكيف يفضل عليه الخميني، أو يذكر معه في مقارنة؟! ولكنه منطق الغلاة الذين فرغت قلوبهم من توقير أنبياء الله ورسله، لأن غلوهم في أئمتهم ونواب الأئمة قد استفرغ من نفوسهم عظمة الرسالة والرسل.
ويقال: إن الخميني أدخل اسمه في أذان الصلاة وقدمه على الشهادتين.
يقول د. موسى الموسوي (2) . "أدخل الخميني اسمه في أذان الصلوات، وقدم اسمه على اسم النبي الكريم، فأذان الصلوات في إيران بعد استلام الخميني للحكم، وفي كل جوامعها كما يلي: "الله أكبر، الله أكبر (خميني رهبر) أي أن الخميني هو القائد، ثم أشهد أن محمداً رسول الله" (3) . (بل لم تذكر
(1) الخميني والدولة الإسلامية: ص107
(2)
وهو حفيد شيخهم أبي الحسن الموسوي الأصبهاني، وهو أستاذ يحمل الدكتوراه من جامعة طهران، وجامعة باريس، وعمل في عدة جامعات كأستاذ في الاقتصاد والفلسفة
(3)
الثورة البائسة: ص162-163، وانظر: عبد الجبار العمر/ الخميني بين الدين والدولة: ص6
شهادة أن لا إله إلا الله أصلاً وقد كون هذا سهواً من المؤلف) .
وإذا كان شيخهم ابن بابويه في القرن الرابع يرى أن قول الشيعة في الأذان: "أشهد أن علياً ولي الله.. هو من وضع المفوضة"(1) . لعنهم الله تعالى (2) .
عرفت انفصال المعاصرين عن الغابرين، وأن المعاصرين قد امحت الفوارق بينهم وبين الغلاة، ولم يعد لديهم حدود يتوقفون عندها في السير بمذهبهم قدماً نحو الغلو والزندقة.
(1) المفوضة: من غلاة الشيعة، زعموا أن الله خلق محمداً ثم فوض له خلق العالم وتدبيره، ثم فوض محمد تدبير العالم إلى علي فهو المدبر الثاني.
(انظر عن المفوضة: مقالات الإسلاميين للأشعري: 1/88، الفرق بين الفرق للبغدادي: ص251، اعتقادات فرق المسلمين والمشركين للرازي: ص90، الخطط للمقريزي: 2/351، ومن كتب الشيعة: انظر المفيد/ تصحيح الاعتقاد: ص64-65، المجلسين/ بحار الأنوار: 25/345)
(2)
انظر: من لا يحضره الفقيه: 1/188-189