الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مكلبين: معلمين لها الصيد، وسمي التعليم هنا تكليباً، لأنه أكثر ما يكون في الكلاب].
الحكمة من مشروعية الصيد:
اعلم أن الوسائل التي حدّدها الشارع لحل أكل الحيوانات، من تذكية: أي ذبح، وصيد ونحوهما داخلة في قسم التعبدات المحضة، وليست قائمة على شيء من العلل والمصالح التي تقوم على أمثالها أحكام المعاملات. غير أن للباحث أن يستجلي بعض الحِكَم من حلِّ أكل بعض الحيوانات دون بعضها الآخر، ومن مشروعية الصيد إلى جانب مشروعية التذكية بالذبح، فإن كثيراً من العبادات يمكن للباحث الوقوف على بعض أسرارها وحكمها.
وحكمة مشروعية الصيد تشبه الحكمة من مشروعية ذكاة الضرورة، أي التذكية الاضطرارية، التي سنتحدث عنها فيما بعد.
إذ لمّا كان في الحيوانات التي استطابتها العرب، وأقرّت الشريعة الإسلامية أكلها، ما هو وحشي، وغير أليف، يصعب إخضاعه للتذكية العادية يسّر الله سبحانه وتعالى على الناس سبيل الحصول على هذه الحيوانات عن طريق القنص والصيد، وأقام ذلك مقام التذكية الأصلية، إن لم يتمكن الصائد منها.
وفي ذلك من التيسير على الناس ما لا يخفى ألطافه وفوائده على أي متأمِّل وباحث.
ما يحلّ من الصيد وما لا يحلّ:
الأصل حلّ الصيد بأنواعه، مهما كان نوع الحيوانات المُصادة، ودليل ذلك عموم ما يدل عليه قول الله تعالى:[وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ](المائدة: 2).
إلا أنه يستثنى من عموم ذلك ما يلي:
1 -
صيد الحيوانات التي لا يحلّ أكلها، ولا يجوز قتلها، مما لا يعدّ ضارّاً، ولا مؤذياً، إذا كانت وسيلة الصيد من شأنها أن تؤذي الحيوان، أو تعطبه، أو تقتله.
فإن كانت وسيلة الصيد غير مؤذية: كشباك ونحوه، لم يحرم.
2 -
كل صيد يُبتغي منه مجرد العبث إذا كان بقتل، أو إعطاب، سواء كان الحيوان مما يحلّ أكله، أو مما يحرّم: كمن خرج لصيد الطيور لا يريد من ذلك إلا التسلية والعبث، وليس له في الأكل منها أيّ غرض، أو قصد.
3 -
صيد الحيوانات البرية المأكولة بالنسبة للمُحِرم، سواء كان ذلك بالقتل، أو الإعطاب، أو بمجرد وضع اليد عليه.
ودليل ذلك قول الله عز وجل: [لَا تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ](المائدة: 95). كما يحرّم أيضاً الصيد في الحرم، ولو كان الصائد غير مُحِرم.
ودليل ذلك ما رواه البخاري في [كتاب الحج ـ باب ـ فضل الحرم، رقم: 1510] وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: " إن هذا البلد حرمه الله، لا يعضد شوكه، ولا ينفر صيده، ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها".
[هذا البلد: مكة المكرمة.
حرمه الله: جعله الله حراماً، يحرم فيه ما ذكر في الحديث، وجعل له أيضاً حرمة وتعظيماً.
لا يعضد: لا يقطع ويكسر.
لا ينفر صيده: لا يزعج من مكانه، ولا يحل صيده.
لا يلتقط: لا يأخذ.