الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عندئذٍ لا يعتبر تذكية، ولا يحلّ الذبيحة، إلا إذا ذُكِي قبل ذلك ذكاة الضرورة التي تحدّثنا عنها.
ولا يعتبر سيلان الدم من عروقه بعد ذبحه دليل وجود الحياة المستقرة.
الشرط الثاني: قطع كلِّ من الحلقوم، والمريء.
والحلقوم: هو مجرى النَّفَس.
والمريء: هو مجرى الطعام.
فلو بقى شيء من أحدهما، ولو يسيراً لم تحلّ الذبيحة.
ودليل ذلك ما رواه البخاري في [الشركة ـ باب ـ قسمة الغنم، رقم: 2356] ومسلم في [الأضاحي ـ باب ـ جواز الذبح بكل ما أنهر الدم، رقم: 1968] عن رافع بن خديج رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه، فكُلُوه، ليس السنّ والظفر".
فقد شرط في الذبح ما ينهر الدم، وإنما يكون ذلك بقطع كلٍّ من الحلقوم والمريء، فإن الحياة تفقد بقطعهما، وتوجد بسلامتهما غالباً.
الشرط الثالث: الإسراع بالقطع، وبدفعة واحدة، بحيث لو تأنّى، فبلغ الحيوان حركة المذبوح قبل قطع جميع الحلقوم والمريء، بطلت التذكية، ولم تحمل الذبيحة.
وتعرف الحياة المستقرة في الذبيحة بشدة الحركة بعد الذبح.
فلو تأنى بالذبح، وأبطأ في محاولة القطع، فلما انتهى من الذبح، لم يجد حركة في الحيوان، كان ذلك دليلاً على أنه قد فقد الحياة المستقرة قبل تمام الذبح، وبذلك يتبين أن الذبيحة لم تُذَكّ، ولا يحل أكلها.
ج) الشروط المتعلقة بآلة الذبح:
وهذه الآلة لها شروط نجملها في الشرطين التاليين:
الشرط الأول: أن تكون الآلة مما يجرح بحدِّه، من حديد ونحاس ورصاص، وقصب وزجاج، وحجر، وغير ذلك.
فلا تتم التذكية بما يقتل رضخاً بثقله، كحجر غير محدَّد.
ودليل ذلك حديث البخاري ومسلم السابق: " ما أنهر الدم وذكر عليه اسم الله عليه فكُلُوه".
وإنما ينهر الدم ـ أي يسيله بشدة ـ ما يجرح بحدِّه، أما ما يقتل رضخاً بثقله، فليس من شأنه أن ينهر الدم.
الشرط الثاني: أن تكون آلة الذبح سنّاً، ولا ظفراً.
فلا تحلّ الذبيحة التي ذبحت بأحدهما، ولو كان جارحاً، بما له من حدّ، واستنزف الدم كله.
وذلك لأن الذبح بأحدهما مستثنى بنص الحديث من عموم ما يجوز الذبح به، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حديث رافع بن خديج رضي الله عنه، عند الشيخين، السابق ذكره: "
…
ليس السن والظفر".
ويدخل في حكم السن والظفر سائر أنواع العظام، سواء كانت من آدمي، أو غيره.
أما الحكمة من هذا الاستثناء، فهي كما قال بعض العلماء: التعبّد المحض. وقد عرفت أن أحكام الذبائح قائمة في جملتها على التعبّد، وليست قائمة على شيء من العلل والمصالح، التي تُدار عليها الأحكام المصلحية.
فالأفضل في معرفة سبب الاستثناء الوقوف عند هذا القول. والله أعلم.