الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذ الأصل أنه لم يشربه إلا وهو عالم بكونه مسكراً، ومختاراً، فإن تبين أنه أُكره على شربه بتهديد أو جرت الخمر في حلقه، وتبين أنه لم يعلم أنها خمر، لم يجز حده.
ودليل ذلك عموم قوله صلى الله عليه وسلم: " إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه" رواه ابن ماجه في [الطلاق ـ باب ـ طلاق المُكره، والناسي، رقم: 2045] عن ابن عباس رضي الله عنهما.
ولا يدخل في حكم شيء من البيّنات، أو الإقرار: القيء، ولا الإستكناه؛ وهو شم رائحة المسكر من الفم، لاحتمال عذر، من نحو غلط، أو إكراه. وإذا وقع الاحتمال، لم يجز الحد.
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلّوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة".
أخرجه أبو داود في [الحدود ـ باب ـ ما جاء في درء الحدود، رقم: 1424].
من يتولى تنفيذ الحدّ:
حد الشرب ـ كغيره من الحدود ـ إنما يتولى تنفيذه الحاكم.
فلو لم يعلم الحاكم بالأمر، أو لم يثبت عنده موجب الحد، لم يجُزْ لغيره من عامّة الناس أن يتولى عنه إقامة الحدّ، درءاً للفتنة.
ولا يكلف شارب الخمر، أو مستحق الحدّ، أياً كان أن يعرض نفسه للحدّ أمام القضاء. بل يكفيه أن يتوب توبة صادقة بينه وبين ربه سبحانه وتعالى.
روى البخاري في [المحاربين ـ باب ـ إذا أقرّ بالحدّ ولم يبين، رقم: 6437] ومسلم في [التوبة ـ باب ـ قوله إن الحسنات يذهبن السيئات،
رقم: 2764] عن أنس رضي الله عنه قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم، فجاءه رجل، فقال: يا رسول الله، إني أصبت حداً، فأقمه عليّ، قال: ولم يسأل عنه، قال: وحضرت الصلاة، فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة، قام إليه الرجل، فقال: يا رسول الله، إني أصبت حداً فأقم فيَّ كتاب الله، قال: قال: " أليس قد صلّيت معنا"؟ قال: نعم، قال:" فإن الله قد غفر لك ذنبك، أو قال: حدَّك".
وفي حديث مشابه عند مسلم، [رقم: 2763] قال عمر رضي الله عنه للرجل: (لقد سترك الله لو سترت نفسك)، قال ذلك على مسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ينكره عليه.
فدل على أن هذا هو المطلوب في شرع الله عز وجل، أن يستر الإنسان على نفسه، ويتوب بينه وبين ربه تبارك وتعالى.