الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما إذا لم يمت الحيوان به: كأن أصاب منه جناحاً، أو قدماً، ثم أدركه الصائد حياً، فذكاه الذكاة المشروعة، التي سنتحدث عنها، أو رماه بشيء يقتل بحدِّه: كسكّين وسهم، ونحوهما، فإنه يجوز أكله.
الثاني: إرسال جارحة من سباع البهائم أو جوارح الطير:
فلو أرسل جارحة من سباع البهائم، أو أرسل جارحة من جوارح الطير على الحيوان الذي يُراد اصطياده ـ بالشروط التي سنذكرها ـ فجرحته، ومات بجرحه جاز وحلّ أكله.
ومثال سباع البهائم: الكلب، والفهد، والنمر، ونحوها.
ومثال جوارح الطير: الصقر، والباز، والشاهين، ونحوها.
شروط الاصطياد بسباع البهائم وجوارح الطير:
وإنما تعتبر الاستعانة بسباع البهائم، وجوارح الطير وسيلة مشروعة للاصطياد، إذا تحققت فيها الشروط الأربعة التالية:
الشرط الأول:
أن تندفع إلى الحيوان الذي يُراد صيده إذا أرسلت إليه، بحيث تتجه إليه، ولا تقصد شيئاً غيره.
فلو هاجت واندفعت، ثم تحوّلت عن الحيوان الذي أرسلت نحوه إلى شيء آخر، اتجهت إليه بدافع من الغزيرة، لم يحلّ صيدها لذلك الحيوان الذي لم ترسل إليه إلا بالتذكية.
الشرط الثاني:
أن تنزجر إذا زجرت: أي تتوقف إذا استوقفها صاحبها في أيّ مرحلة من مراحل عَدْوِها، واتجاها نحو الصيد.
الشرط الثالث:
أن لا تأكل شيئاً من الصيد إذا قتلته قبل أن تصل به إلى صاحبها الذي أرسلها.
فأما إذا أكلت منه بعد أن وضعته بين يديه، وانصرفت عنه، فلا بأس بذلك.
الشرط الرابع:
أن يتكرّر ذلك منها: (أي هذه الشروط الثلاثة) مرّتين فأكثر، بحيث يغلب على الظن تعوّدها، وتعلمها ذلك.
والعبرة في كونها قد اعتادت ذلك، وتعلمته بظن أهل الخبرة في الصيد والجوارح.
والأصل في اعتبار هذه الشروط لحلّ الصيد بهذه الجوارح هو قول الله عز وجل: [قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ
…
] (المائدة: 4).
[مكلبين: من التكليب، وهو تأديب الحيوان وترويضه، وذلك بأن يسترسل إذا أغري بالصيد وسلّط عليه].
وقال الشافعي رحمه الله تعالى في بيان معنى " مكلبين": (إذا أمرت الكلب فأتمر، وإذا نهيته فانتهى، فهو كلب مكلّب).
ومعنى: " أمسكن عليكم" أي أمسكنه من أجلكم، وإنما يتحقق ذلك بالمحافظة على الصيد وعدم الأكل منه.
ومفهوم المخالفة يقتضي أنه إذا لم يمسك على صاحبه، بأن أكل منه، فإنه لا يحلّ، ولا يعتبر الاصطياد به عندئذٍ شرعياً.
ويدل على هذا من السنّة ما رواه عديّ بن حاتم رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إذا أرسلت كلبك المعلّم، وسمَّيت، فأمسكَ وقتلَ فكُلْ، وإن أكلَ فلا تأكل، فإنما أمسك على نفسه".
أخرجه البخاري في [الذبائح والصيد ـ باب ـ الصيد إذا غاب عنه يومين أو ثلاثة، رقم: 5167] ومسلم في [الصيد والذبائح ـ باب ـ الصيد