الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مبحث حد اللواط
-أما اللواط فإنه من الجرائم الخلقية التي لا تليق بالنوع الإنساني، وفطرته التي فطره الله عليها. فاللواط فيه عدوان ظاهر على الإنسانية، وخروج عن سنن الله الطبيعية، ولهذا سماه الله فاحشة كالزنى، قال تعالى:{أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين} : فمن ارتكب هذا الفعل الشائن فقد اختلفت فيه آراء الأئمة: فمنهم من قال: إنه يعاقب عقوبة الزاني وهي الإعدام. إن كان محصناً، أما الموطوء فعقوبته الجلد كالبكر، لأنه لا يتصور فيه إحصان. ومنهم من يقول: إن عقاب اللائط من باب التعزير، لا من باب الحد، فعلى القاضي أن يحبسه، أو يجلده، بما يراه رادعاً له عن الجريمة، فإذا تكررت منه، ولم يزدجر عزر بالإعدام (1)
(1) (اتفق الأئمة عليهم رضوان الله تعالى، على تحريم اللواط في نظر الشرع، وعلى أنه من الفواحش العظام، بل إنه لأفحش من جريمة الزنا، وإنه كبيرة من الكبائر، وذلك للأحاديث المتواترة في تحريمه، ولعن فاعله. ولكنهم اختلفوا في تحديد البينة على إثبات جريمته.
المالكية، والشافعية، والحنابلة - قالوا: إن البينة على اللواط مثل البينة على إثبات الزنا، فلا يثبت إلا بشهادة أربعة من الرجال العدول، ليس فيهم امرأة، يرون الميل في المكحلة.
الحنفية - قالوا: إن بينة اللوط غير بينة الزنا، لأن ضرره أخف منه، وجنايته اقل من جنايته، حيث لا يترتب على اللواط اختلاط النساب، ولا هتك الأعراض.. فثبتت البينة بشاهدين فقط، فلا يلحق بالزنا إلا بدليل، ولم يوجد دليل من الكتاب ولا من السنة فبقي الحكم على الأصل مثل باقي الأحكام والشهادات.
واختلف الأئمة في اللواط هل يوجب الحد أم التعزيز؟
المالكية، والحنابلة، والشافعية - قالوا: إن اللواط إذا ثبت يوجب الحد لكنهم اختلفوا في صفة الحد، قياساً على حكم الزنا، بجامع إيلاج فرج محرم، في فرج محرم.
المالكية، والحنابلة، وفي رواية عند الشافعية - قالوا: إن حد اللوط الرجم بالحجارة حتى يموت، الفاعل والمفعول به، بكراً كان أو ثيباً، ولا يعتد فيه بالإحصان وشرائطه المذكورة في حد الزنا، أو يقتلان بالسيف حداً، واحتجوا على رأيهم بأن التلوط نوع من أنواع الزنا، لأنه إيلاج فرج في فرج بشهوة ولذة، فيكون اللائط والملوط به داخلين تحت عموم الأدلة الواردة في الزاني المحصن والبكر الزاني.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ولقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه (اقتلوا الفاعل والمفعول به) وقول صلى الله عليه وسلم (اقتلوا الأعلى والأسفل) وبما أخرجه البيهقي من حديث سعيد بن جبير، ومجاهد عن أبن عباس رضي الله عنهم أنه سئل عن البكر يوجد في اللواط، قال:(يرجم) وقال صلى الله عليه وسلم (اقتلوا الفاعل والمفعول به أحصنا أم لم يحصنا) رواه أبو هريرة رضي الله عنه، وروى حماد بن إبراهيم، عن إبراهيم - يعني النخعي - قال: لو كان يستقيم أن يرجم مرتين لرجم اللوطي) وعن أبي موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أتى الرجل الرجل فهم زانيان، وإذا أتت المرأة المرأة فهما زانيتان) .
وقالوا: إن هذا الفعل زنا، يتعلق به حد الزنا بالنص، فأما من حيث الاسم فلأن الزنا فاحشة، وهذا الفعل فاحشة بنص القرآن الكريم، قال الله تعالى في شأن قوم لوط {أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين} ومن حيث المعنى - إن الزنا فعل معنوي له غرض، وهو إيلاج الفرج في الفرج على وجه محظور لا شبهة فيه، لقصد اللذة، وسفح الماء وقد وجد ذلك كله في اللواطه، فإن القبل والدبر كل واحد منهما فرج يجب ستره شرعاً، وهو عورة في الصلاة وخارجها، ويحرم النظر إلى واحد منهما، ولك واحد منهما مشتهى طبعاً، متلذذ بلمسه، ورؤيته، ونكاحه، حتى إن من لا يعرف الشرع لا يفصل بينهما. وقد نشرت الجرائد في العام الماضي أن مجلس الشيوخ الإنكليزي أصدر قانون يجيز زواج الرجل بالرجل، وإجراء العقد عليه، ومعاشرته معاشرة الزوجة، ونشرت صورة تثبت عقداً أجري في الكنيسة لذلك، وهذا من سخرية القدر وانحطاط النفوس - والعياذ بالله تعالى -. والمحل إنما يصير مشتهى طلباً لمعنى الحرارة واللين، وذلك لا يختلف بلا قبل والدبر، ولهذا أوجب الشارع الاغتسال بنفس الإيلاج في الموضعين، ولا شبهة في تمحيص الحرمة هنا، لأن المحل باعتبار الملك، ويتصور هذا الفعل مملوكاً في القبل، ولا يتصور الملك في الدبر، فكان تمحيص الحرمة هنا أبين وأظهر، حيث لا توجد شبهة ملك بحال، وكذلك معنى سفح الماء هنا أبلغ منه في قبل المرأة، لأن المحل هناك ينبت الولد، فيتوهم أن يكون الفعل حرثاً، وإن لم يقصد الزاني ذلك، ولا توهم في اللواطة، فكان تضييع الماء هنا أبين، وليس هذا القول على سبيل القياس، فالحد في القياس لا يثبت، ولكن هذا إيجاب الحج بالنص، وما كان اختلاف اسم المحل إلا كاختلاف اسم الفاعل.
الشافعية في رواية - قالوا: حده مثل حد الزنا فيعتبر فيه الإحصان، وهو مذهب سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وقتادة، والنخعي، والثوري، والأوزاعي، وأبو طالب، والإمام يحيى، رحمهم الله قالوا يجلد البكر ويغرب، ويرجم المحصن منهما حتى يموت لأنه نوع من الزنا.
الحنفية - قالوا: لا حد في اللواط، ولكن يجب التعزير حسب ما يراه الإمام، رادعاً للمجرم، فإذا تكرر منه الفعل، ولم يرتدع، أعدم بالسيف تعزيراً، لا حداً، حيث لم يرد فيه نص صريح. قال الشوكاني رحمه الله في التعليق على هذا الرأي: ولا يخفى ما في هذا المذهب من المخالفة للأدلة
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
المذكورة، في خصوص اللواط، والدلة الواردة في الزاني على العموم، من الآيات والحاديث المتواترة في ذلك. أبو يوسف، والإمام محمد من الحنفية - خالفوا الإمام الأعظم في هذا الرأي، فقالوا: إن اللواطه فضاء للشهوة. وربما وصلت عند تعض الرجال إلى شهوة النساء من غير تفريق، فهي شهوة في محل مشتهى على وجه الكمال. لذلك يجب إقامة حد الزنا عليهما فيجلد البكر، ويرجم الثيب المحصن المستوفي لشروط الإحصان، وأن الله تعالى سمى قوم لوط لارتكابهم هذه الفعلة الشنيعة (مفسدين) والمفسد عقابه القتل والعذاب الأليم، قال تعالى:{قال رب انصرني على القوم المفسدين} آية 30 من سورة العنكبوت. قال الصاحبان: اتفق الصحابة رضوان الله عليهم أنه لا يسلم لهما أنفسهما، وإنما اختلفوا في كيفية تغليط عقوبتهما، فأخذنا بقولهم فيما اتفقوا عليه، رجحنا قول الإمام علي رضي الله عنه، بما يوجب عليهما من الحد
رأي الصحابة في عقوبة اللواط.
لقد اختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في كيفية حد اللواط بعد اتفاقهم على إقامته. أبو بكر الصديق - رضي الله تعالى عنه - قال: يقتلان بالسيف حداً ثم يحرقان بالنار، زجراً لهما، وتخويفاً لغيرهما، وهو رأي الإمام علي كرم الله وجهه، وكثير من السحابة رضي الله عنهم. قال الحافظ المنذري: حرق اللوطية بالنار أبو بكر، وعلي، وعبد الله بن الزبير، رضي الله عنهم، وهشام بن عبد الملك، وذلك بعد قتلهما بالسيف أو الرجم بالحجارة. وما أحق مرتكب هذه الجريمة، ومقارف هذه الرذيلة الذميمة، بأن يعاقب عقوبة يصير بها عبرة للمعتبرين، ويعذب تعذيباً يكسر شهوة الفسقة المتمردين، فحقيق بمن أتى بفاحشة قوم ما سبقهم بها من أحد من العالمين أن يصلي من العقوبة بما يكون في اشدن، والشناعة مشابهاً لعقوبتهم، وقد خسق الله بهم القرى وجعل عاليها سافلها، وأمطر عليهم حجارة من سجيل، واستأصل بذلك العذاب بكرهم ومحصنهم، وصغيرهم، وكبيرهم، ونسائهم وجالهم جزاء ارتكابهم هذه الفاحشة وسماهم القرآن ظلمة، ظلموا أنفسهم وظلموا الإنسانية كلها بهذا العمل الشنيع، فقال تعالى في كتابه العزيز:{فما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها، وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود، مسومة عنند ربك وما هي من الظالمين ببعيد} . آية 81، 83 من هود.
وروي عن أبن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ينكان من مان مرتفع مثل جبل شاهق، أو بناء مرتفع ويهدم عليهما الجدار ويتبعان بالأحجار حتى يموتا، كما حصل لقوم لوط.
وروي عن عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنه أنه قال: يحبسان في أنتن المواضع حتى يموتا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ولكن الراجح من هذه الآراء أن حده الرجم مطلقاً، بكراً أو ثباً.
فإن الله تعالى شرع فيه الرجم على الأمم السابقة فقال تعالى في شأن قوم لوط: {لنرسل عليهم حجارة من طين} ولأن القرآن الكريم سماهم فسقة خارجين عن حدود الدين، وتعاليم الشارع الحكيم فقال تعالى:{بل أنتم قوم مسرفون} وقال تبارك وتعالى: {إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون} آية 33 من العنكبوت ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن اللائط، وأخبر عنه بأنه مطرود من رحمة الله تعالى فقد روى النسائي رحمه الله تعالى في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(لعن الله من عمل عمل قوم لوط) واللعن هو الطرد من رحمته، ولأن هذا المنكر من الفواحش التي تقوض دعائم الأمم، وتعلك المجتمع، وتفسد شبابه ونساءه، ولهذا كان الحد فيه مشدداً عن غيره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(مانقض قوم العهد إلا كان القتل بينهم، ولا ظهرت الفاحشة في قوم إلا سلط الله عليهم الموت) وروى الترمدذي بسند صحيح أن غريب، وروي عن أنس رضي الله تعالى عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا استحلت أمتي خمساً، ععليهم الدمار: إذا ظهر التلاعن، وشربوا الخمر، ولبسوا الحرير، واتخذوا القيان، والكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء) رواه البيهقي في صحيحه، ومثل هذا الحد ينطبق على من أى امرأة اجنبية في دبرها روى أبو هريرة رضي الله تبارك وتعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:(الذي عمل عمل قوم لوط فارجموا العلى، والأسفل، وارجموهما جميعاً) .
ولأن الله تعالى بين في قوم لوط أنهم خرجوا عن مقتضى الفطرة الإنسانية، وما اشتملت عيه من الغريزة الجنسية من الحكمة التي يثصدها الإنسان العاقلن والحيوان العجم، فسجل عليهم أنهم يتقون من عملهم هذا الشهون، ويقصدون اللذة وحدها، بل إنهم أخس درجة من العجماوات، وأصل سبيلاً، فإن ذكورها تطلب أناثها بدافع الشهوة لأجل النسل الذي يحفظ به نوع كل منه، فهو قصد شريف فإذا حملت النثى فلا يقربهان ولا ينزو الذكر على الذكر ابداً. ولهذا وصفهم الله تعالى بأنهم مسرفون، وأنهم مجرمونن وأنهم ظالمون، وانهم مرنوا على عمل السيئاتن قال تعالى: رأتأتون الذكران من العالمينن وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم، بل أنتم قوم عادون} آية 165، 166 من الشعراء وقال تعالى:{قال رب انصرني على القوم المفسدين، ولماجاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين} آية 30 و 31 من العنكبوت وقال تعالى: رإنانزلون على أهل هذه القرية رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون} آية 34 من العنكبوت وقال تعالى: {ولوطا اذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين، إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون، وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون، فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين، وأمطرنا عليهم مطراً، فانظر كيف كان عاقبة المجرمين} [آيات 80، 81، 82، 83، 48، من سورة الأعراف] .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فإن عاقبة المجرمين لا تكون إلا وبالاً عليهم، ويستحقون أشد العذاب جزاء ما ارتكبوا هذه الفاحشة الشنيعة، روى الطبراني في صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:(إذا ظلم أهل الذمة، كانت الدولة دولة العدو، وإذا كثر الزنا، كثر السباء، واذاكثر اللواط رفع الله يده عن الخلق فلا يبالي في أي واد هلكوا) رواه جابر بن عبد الله النصاري رضي الله عنهما. فاللواط من السباب التي تودي بالأمم، وتهلك الشعوب، وتجعل أهلها محرمين من معونة الله وعنايته، لآنه يدعهم إلى انفسهم ويتركهم في شهواتهم يعمهون، ويرفع عنهم ولايته ومعونته، وتأييده ونصره. وروى الترمذي عن أبن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا ينظر الله عز وجل إلى رجل أتى رجلاً، أو امرأة في دبرها) رواه النسائي. وروى الطبراني في الوسط عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لاتقبل لهم شهادة أن لا إله إلا لله: الراكب والمركوب، والراكبة والمركوبة، والإمام الجائر) .
اللواط يستوجب لعنة الله حقاً إن اللواط يستوجب لعنة الله وغضبه، ولعنة الملائكة، والناس أجمعين، لآنه فعل شاذ ينتافى مع العقل السليم، والذوق المستقيم ويدل على أن صاحبه قد خلع جلباب الحياء والمروءة، وتخلى عن سائر صفات أهل الشهامة، وتجرد حتى من عادات البهائم، بل أقبح وأفظع من العجماوات، فناهيك برذيلة تتعفف عنها الكلاب والحمر والخنازوير، فكيف يليق فعلها ممن هو في صورة كبيرة، أو غني أو عظيمن كلان بل هو اسف من قدره، وأشأم من خبةه ،انت، من الجيفة القذرة، وأحق بالشرور، وأولى بالفضيحة من غيره، وأهل للخزي والعار، فإن القاتل، والسارق، والزاني، لا يكون في نظر المجتمع مثل الائط بل يكونون أحسن منه حالاً، واشرف بالنسبة له لأنه خائن لعهد الله تعالى وما له من المانة فبعداً وسحقاً، وهلاكاً في جهنم ورئس المصير، ولهذا شدد علماء الإسلام في البعد عن هذه الجريمةن من إطالة النظر إلى الغلام الأمرد ولا سيما إن كان صاحب صورة جميلة. وبعضهم اشترط في تحريمها أن تكون بشهوة لأنها ذريعة للفاحشة، ومهيجة للشهوة الكامنة. عن الحسن بن ذكوان رحمه الله أنه قال: لا تجالسوا أولاد الأغنياء، فإن لهم صوراً جميلة كصورة النساء، وهم أشد فتنة من النساء. وعن النجيب بن السدي رحمه الله أه قال: كان يقال: (لايبيت الرجل في بيت مع الأمرد)، وعن أبن سهل أنه قال: سيكون في هذه الأمة قوم يقال لهم اللوطيون، وهم على ثلاثة أصناف: صنف ينظرون، وصنف يصافحون، وصنف يعملون ذلك العمل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وعن مجاهد أنه قال: لو أن الذي يعمل ذلك العمل (يعني عمل قوم لوط) اغتسل بكل قطرة نزلت من السماء، وكل قطرة في باطن الأرض، لم يزل نجساً حتى يتوب من ذنبه. وجاء رجل إلى مجلس الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ومعه صبي حسن الوجهن جميل الصورة فقال له الإمام، من هذا منك؟ قال: أبن أختي، قال له، لا تجىء به هنا مرة ثانية، ولا تمشي معه في الطريق، لئلا يظن بك من لا يعرفك، ويعرفه. وجخل سفيان الثوري رحمه الله، الحمام العام، فدخل عليه صبي حسن الوجه، عاري الجسد، فصرخ، أغمض عينيه وقال: أخرجوه، فإني أرى مع كل امرأة شيطاناً وأرى مع كل صبي أرد بضعة عشر شيطاناً. وذلك كله لأن ضرر هذه الفعلة الشنيعة من أخطر الأضارار على الرجال والنساء، بل على الفرد والمجتمتع، والإنسانية كلها، فنسأل الله الحفظ والعصمة أنه سميع الدعاء.
حرمة المصاهرة باللواط
الحنفية، والشافعية، المالكية - قالوا: بعدم تحريم المصاهرة بسبب اللواطة.
الحنابلة - قالوا: تثبت حرمة المصاهرة باللواطة مثل الزنان فمن لاط بولد يطيق الجماع، أو لاط برجل، حرم كل منهما على أم الآخر وابنته نصاً، لأنه وطء في فرج مشتهى ينشر الحرمة كوطء المرأة فتثبت حرمة المصاهرة عقاباً لهما. وقد لخص العلماء مضار اللواط فيما يأتي.
أولاً - جناية على الفطرة البشرية السليمة، لآن النفوس السليمة تستفحشه وتراه أقبح من الزنا لقذارة المحل.
ثانياً - مفسدة للشبان بالإسراف في الشهوة، لأنها تنال بسهولة.
ثالثاً - تذل الرجال بما تحدثه فيهم من داء - الأبنة - ولا يستطيع أن يرفع رأسه بعد أن وضع نفسه.
رابعاً - تفسد النساء اللواتي تنصرف أزواجهن عنهن بسبب حبهم للواطة، فيقصورا فيما يجب عليهم من إحصانهن، وإشباع شهواتهن، فيعرضهن ذلك للتهاون في أعراضهن.
خامساً - قلة النسل، بانتشار هذه الفاحشة، لأن من لوازمها الرغبة عن الزواج والإعراض عن النساء.
سادساً - الرغبة في إتيان النساء في أدبارهن، وفي ذلك الفساد كل الفساد.
سابعاً - من يتعود هذه الفاحشة يميل إلى استمناء اليد، وإتيان البهائم، وهما جريمتان فبيحتان، شديدتا الضرر في الأبدان، مفسدتان للأخلاق، مضعيتان للصحة البدنية وهما محرمتان كاللواطة، والزنا، في جميع الملل والأديان، لما لهما من الأضرار الخطيرة المهلكة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ثامناً - إفساد الحياة الزوجية، وتفكك العائلات والأسر، وغرس العداوة والبغضاء.
تاسعاً - يحمل الشبان على الإضراب عن الزواج وتحمل مسؤولية الأسرة، وفي ذلك ما فيه من المفاسد المقوضة لدعائم المجتمع، لأن الحيان الزوجية فيها إحصان كل من الزوجين.
عاشراً - تسبب أضراراً خطيرة للفاعل مثل مرض الزهري والسيلان وغيرهما، وأضراراً للمفعول به، فتنزل منه الأشياء الكريهة من غير أن يستطيع إمساكها. وعلى العموم فإن أضرار هذه الفاحشة لا نستطيع حصرها لكثرتها وشناعتها، وخطورتها على الفرد والمجتمع.
فإنها نذير الرعب، وداعي الخيبة، ودليل السقوط، وسبب الدناءةن وفقدان الشهامة والنجدة، وتدعو إلى انتشار الأوبئة، والأمراض الخبيثة الفتاكةن وتجلب السل والصفرة وترفع رحنة الله، وتحل غضبه، وتوجب اللعنة والعقاب على الفاعلين والمفعولين، وتوجد الصغار في نفس اللائط، وترفع الحياء من الوجوه، وترد شهادة الفاعل والمفعول به، وتوجب عليهما اشد العقاب في الدنيا والدار الآخرة. ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بنفي المخنث من المدينة حتى لا يفسد مجتمعها واهتم الشارع الحكيم بالنهي عنها، وفرض العقاب الرادع لها. ووردت الأحاديث الكثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تنفر المسلمين من الوقوع فيها وتحذرهم من عواقبها الوخيمةن وتهول من شناعتهان وتبين لهم فظاعتها وخطرها الجسيم. عن أبي هريرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:(لعن الله سبعة من خلقه من فوق سبع سمواته، وردد اللعنة على كل واحد منهم ثلاثاً، ولعن كل واحد منهم لعنة تكفيه، قال: ملعةن من عمل عمل قوم لوط، ملعون من عمل عمل قوم لوط، ملعون من عمل عمل قوم لوط، ملعون من ذبح لغير الله، ملعون من أتى شيئاً من البهائم، ملعون من عق والديه، ملعون من جمع بين امرأة وابنتها، ملعون من غير حدود الأرض، ملعون من ادعى إلى غير مواليه) .
حرمة اتيان النساء في أدبارهن
اتفقت كلمة علماء المسلمين على أن من أتى امرأته، أو أمته، في دبرها وترك القبل فلا يقام عليه حد، حيث لم يرد من الشارع الحكيم حد في هذه الحالات.
ولكنهم قالوا: بأن من يعمل هذا العمل الشنيع يكون آثماً، مستوجباً للعقاب الأخروي حيث ارتكب فعلاً ممنوعاً شرعاً، غير مسموح بهن بل منهي عن الوقوع فيه والالتجاء إليه، فقد وردت أحاديث كثيرة عن الرسول المعصوم صولات الله وسلامه عليه تحرم إتيان النساء في أدبارهنن روى خذيمة بن ثابت، وأبو هريرة، وعلي بن طلق رحمهم الله تعالى كلهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:(لا تأتوا النساء في أدبارهن) .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وروي عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (هي اللوطة الصغرى) يعني إتيان النساء في أدبارهن. وروى حماد بن سلمة عن حكيم بن الثرم عن أبي تميم، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(من أى حائضاً، أو امرأة في دبرها، أو كاهناً فصدقه، فقد كفر بما نزل على محمد) رواه الترمذي والإمام أحمد. وحدد القرآن مكان النكاح وهو القبل لأنه محل الحرث، والمكان الذي ينبت منه الولد، وحرم غيره، روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن اليهود قالوا للمسلمين فيمن أى امرأة وهي مدبرة - في قبلها. جاء ولده أحول، فأنزل الله تعالى:{نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا انكم ملاقوه وبشر المؤمنين} آية: 223 من البقرة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مقبلة ومدبرة ما كان في المخرج) .
وقد وردت الأحاديث المروية من طرق متعددة بالزجر عن فعله وتعاطيه. فقد روي عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (استحيوا إن الله لا يستحي من الحق، لا يحل لكم أن تأتوا النساء في حشوشهن) وروى الإمام أحمد عن خذيمة بن ثابت (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يأتي الرجل امرأته في دبرها)(ومن طريق أخرى) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (استحيوا إن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أعجازهن) رواه النسائي وأبن ماجة من طريق خذيمة وروى الترمذي والنسائي عن أبن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا ينظر الله إلى رجل أى رجلاً، أو امرأة في الدبر) ثم قال الترمذي هذا حديث حسن غريب وقال عبد أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر بن طاوس عن ابيه أن رواه النسائي عن طريق أبن المبارك عم عمر به نحوه - وقال عبد ايضاً في تفسيره: حدثنا إبراهيم عن الحاكم عن ابيه عن عكرمة قال، جاء رجل إلى أبن عباس وقال: كنات آتي أهلي في دبرها وسمعت قول الله تعالى: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} فظننت أن ذلك لي حلال فقال: يا وكيع إنما قوله: {فأتوا حرثم أنى شئتم} قائمة، وقادعدة، ومقبلة، ومدبرة في أقبالهن لا تعدو ذلك إلى غيره، وروى الإمام أحمد حدثنا عبد الصمد حدثنا همام حدثنا قتادة، عن عمرو بن شعيبن عن أبيه عند جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(الذي يأتي امرأته في دبرها هي اللوطة الصغرى) .
وروي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سبعة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم، ويقول: ادخلوا النار مع الداخلين: الفاعل، والمفعول به، والنكاح يده وناكح البهيمة، وناكح المرأة في دبرها، وجامع بين امرأة وابنتها، والزاني بحليلة جاره، ومؤذي جاره حتى يلعنه) .
وروى الإمام أحمد قال: حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن سهيل بن أبي صالح عن الحارث بن مخلد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الذي يأتي امرأته في دبرها لا يظر الله إليه) .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وروى النسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ملعون من أتى امرأته في دبرها) وفي رواية أخرى: (ملعون من أت النساء في أدبارهن) . قال النسائي: حدثنا إسحاق بن منصور حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن أبي هريرة قال: (إتيان الرجال النساء في ادبارهن كفر) ثم رواه عن بندار عن عبد الرحمن به قال: من أتى امرأة في دبرها وتلك كفر) هكذا رواه النسائي من طريق الثوري عن ليث عن مجاهد عن أبي هريرية عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أتى شيئاً من الرجال والنساء في ادبارهن فقد كفر) والمراد بالكفر في الحديث إنما هو كفر النعمة وهي النساء اللاتي احلهن الله عز وجل. وروى أبن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه قال: (محاش النساء حرام) . وقال الثوري عن الصلت بن بهرام عن أبي المعتمر عن أبي جويرية قال: سأل رجل علياً عن إتيان المرأة في دبرها فقال: سفلت سفل الله بك الم تسمع قول الله عز وجل: {أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين} قال الإمام أبن كثير في تفسيره وقد تقدم قول أبن عباس، وأبن مسعود، وأبي الدرداي، وابي هريرة، وعبد الله بن عمرو، في تحريم ذلك، وهو الثابت بلا شك عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما انه يحرمه، فقد روي إنه سئل عن ذلك فقال: وهل يفعل ذلك احد من المسلمين؟ وروي أن رجلاً سأل الإمام مالك بن أنس: ما تقول في إتيان النساء في أدبارهن قال: ما أنتم إلا قوم عرب هل يكون الحرث إلا موضع الزرع؟، لا تعدوا الفرج. قال: يا أبا عبد الله إنهم يقولن إنك تقول ذلك، قال يكذبون
علي) فهذا هو الثابت عنه رحمه الله تعالى. فقد اتفقت كلمة الأئمة جميعاً الحنفية، والشافعية، والحنابلة، والمالكية من غير خلاف منهم، على تحريم هذا الفعل وشناعته وعدم جوازه بحال من الأحوال، في الزوجة والأمة وغيرهما، وهو قول سعيد بن المسيب، وابي سلمة، وعكرمةن وطاوس، وعطاء، وسعيد بن جبير، وعروة بن الزبير، ومجاهد بن جبر، والحسن البصري وغيرهم من السلف جميعاً أنكروا ذلك الفعل اشد الإنكار ومنهم من يطلق على فعله الكفر، وهو مذهب جمهور العلماءز ومما يدل على تحريم هذا العمل قول الله تعالى:{وقدموا لأنفسكم} فإن معناه من فعل الطاعات مع امتثال ما أنهاكم عنه من ترك المحرمات التي نهيتكم عنها. لذلك قال: {واتقوا الله واعلموا انكم ملاقوه} أي اتقوا الله في اتيان نسائكم، فلا تأتوهن إلا في موضع الحرث وهو الفرج، فهو سيحاسبكم على اعمالكم جميعاً ومن جملتها هذا العمل المشين وقول الله تعالى:{وبشر المؤمنين} أي المطيعين لله تعالى فيما أمرهم، التاركين ما عنه زجرهم.
فإن قيل: قول الله تعالى: {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت إيمانهم فإنهم غير ملومين} يقتضي إباحة وطء النساء في أدبارهين، لورود الإباحة مطلقة غير مقيدة بشيء، ولا مخصوصة بمكان دون آخر.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فالجواب على ذلك: أنه قال الله تعالى: {فأتوهن من حيث أمركم الله} ثم قال تعالى: {فأتوا حرثكم أنى شئتم} فأبانت هذه الآية الموضع المأمور به شرعاً، وهو موضع الحرث الذي يأتي منه الولد ولم يرد إطلاق الوطء بعد حظره إلا في موضع الولد، فهو مقصور عليه، دون غيره، وهو قاض مع ذلك على قوله تعالى:{إلا على أزواجهم} فكانت هذه الآية مرتبة على ما ذكر من حكم الحائض، فالآية التي في البقرة تدل على أن إباحة الوطء مقصورة على الجماع الجائز في الفرج دون غيره، لأنه موضع الحرث الذي نصت عليه الآية الكريمة حيث قال:{فأتوا حرثكم} وهو موضع الولد، قال أبو بكر الرازي الحصاص في كتابه (أحكام القرآن) عند ذكر إتيان النساء في أدبارهن: كان أصحابنا يحرمون ذلك، وينهون عنه، أشد النهي. وعن علي بن طلق رحمه الله أنه قال: سمعت رسول للث صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تأتوا النساء في أستاههن، فإن الله لا يستحي من الحق) رواه الإمام أحمد والترمذي وقال: حديث حسن. من هذا يتضح أن إتيان النساء في أدبارهن عمل شنيع، وجرم فظيع، لا يقره شرع، ولا يرضى به عاقل. ومفاسده لا تعد، ولا تحصى. بل ربما كان أخطر على الفرد والسر؟؟، والجماعات، من أي جناية أخرى غيرها من أنواع المحرمات، فليتق الله هؤلاء السفلة الذين يأتون نساءهم في أدبارهن، ويعملون عمل قوم لوط، ويظنون أنه جائز في الإسلام. نسأل الله تعالى الحفظ والعصمة عن الزلل.
حرمة وطء البهيمة
اختلف الأئمة الأربعة رضوان الله عليهم في حد وطء البهيمة، بعد اتفاقهم على حرمتها وشناعتها.
الحنفية - قالوا: لا حد في هذه الفاحشة حيث إنه لم يرد شيء عن ذلك في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسوله صلوات الله وسلامه عليه. ولم يثبت ان الرسول صلى الله عليه وسلم أقام الحد على من وقع في هذه الفاحشة. ولكن يجب عليه التعزير بما يراه الحاكم، من الحبس أو الضرب أو التوبيخ أو غير ذلك مما يكون زاجراً له ولغيره، عن ارتكابه.
المالكية - قالوا: إن حده كحد الزنا، فيلج البكر، ويرجم المحصن، وذلك لأنه نكاح فرج محرم شرعاً مشتهى طبعاً، مثل القبل، والدبر، فأوجب الحد كالزنا.
الشافعية - قالوا: عندهم ثلاثة آراء: أهرها، الحد كما قال المالكية، فحكمه مثل الزنا، القول الثاني: إنه يقتل بكراً، أو ثيباً، وذلك لما روي عن الرسول صلوات الله وسلامه عليه أنه قال:(منوقع على بهيمة فاقتلوهن واقتلوا البهيمة) رواه غلإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي عن أبن عباس رقد روى هذا الحديث أبن ماجة في سننه، من حديث إبراهيم بن اسماعيل عن داود بن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الحصين عن عكرمة، عن أبن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(من وقع على ذات محرم فاقتلوه، ومن وقع على بهيمة فاقتله، واقتلوا البهيمة) . القول الثالث: إنه يعزر، ولا حد فيه، حسب ما يراه الإمام موافقة لمذهب الحنفية.
الحنابلة - قالوا: يجب عليه الحد، وفي صفة الحد عندهم روايتان، إحداهما كاللواطة وثانيهما أنه يعزر، وهو الراجح عندهم، مثل قول الحنفية. ولعل هذه الأحكام تختلف باختلاف أحوال الناس في الدين، والورع كمالاً، ونقصاً، شباباً، وكهول، فيخفف عن الآراذل والشبان، وويشدد العقاب على أشراف الناس وكبارهم، بالحد أو القتل، على قاعدة - كل من عظمت مرتبته، عظمت صغيرته، وزاد عقابه جزاء فعله لآن حسنات الارار سيئات المقربين. وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أربعة يصبحون في غضب الله ويمسون في سخط الله، قلت: من هم يا رسول الله؟ قال: المتشبهون من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال، والذي يأتي البهيمة، والذي يأتي الرجال) رواه الطبراني رحمه الله.
حكم البهيمة الموطوءة
واختلف الأئمة في حكم البهيمة الموطوءة.
المالكية - قالوا: لا يجب قتلها سواء أكانت مما يؤكل لحمها، أم لا، وذلك لأنه لم يرد في الشرع شيء صريح في الأمر بذبحها وما ورد في رواية أبن عباس في المر بقتلها رواية ضعيفة ولا يعمل بها.
الحنفية - قالوا: إن كانت البهيمة ملكه يجب قتلها، وذلك حتى لا يتكلم الناس عليه كلما رأوها ذاهبة، وراجعة، فيقولون هذه التي فعل بها فلان، فيقعون في إثم الغيبة، وتسقط مكانة الفاعل عندهم، وبما يكون قد تاب من ذنبه، ولأن الرجل إذا رآها يميل إلى مواقعتها مرة ثانية، فكان من الأحوط قتلها. ولما أخرجه البيهقي عن أبن عباس رضي الله عنهما عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال:(ملعون من وقع على بهيمة) وقال في رواية أخرى: (اقتلوه واقتلوها معه، لا يقال هذه التي فعل بها كذا وكذا) ومال اليهقي إلى تصحيحه لما رواه أبو يوسف بإسناده إلى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، أنه أتي برجل وقع على بهيمة، عزره بالضرب، وأمر بلابهيمة فذبحت، وأحرقت بالنار. وإنما قتلها حتى لا تأتي بولد مشوه، ولا تؤكل بعد ذبحها لأن لحمها قد تنجس منه. وقد روي أن راعياً أتى بهيمة فولدت حيواناً مشوه الخلقة.
أما إذا كانت البهيمة ملكاً لغيره فلا يجب ذبحها.
الشافعية - عندهم روايتان - إحدهما: إن كانت البهيمة مما يؤكل لحمها ذبحت، وإلا فلا، لأن في قتلها إتلاف المال من غير فائدة، وذلك أمر منهي عنه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
والرواية الثانية عندهم: ان البهيمة تعدم مطلقاًن سواء أكانت مما يؤكل لحمها أم لا، وذلك قطعاً للإشاعات، وستراً للفضيحن لن الله تعالى أمر بالستر على المسلم، فمن ستر على مسلم ستره الله في الدنيا والآخرة.
الحنابلة - قالوا: يجب ذبح البهيمة سواء أكانت ملكه أم لا، وسواء أكانت مما يؤكل لحمها أم لا، ويجبيب عليه ضمان قيمتها فيما إذا كانت البهيمة ملكاً لغيره، لأنه تسبب في إتلافها، ومن أتلف شيئاً فعليه ثمنه، عقوبة له وذلك خيفة الفضيحة على صاحب البهيمة، وعلى الفاعل فيها، لنه كلما رأوها ذكرتهم بهذه الفعلة الشنيعة.
حكم البهيمة بعد ذبحها
واختلف الأئمة في جواز أكل لحم البهيمة الموطوءة بعمد ذبحها.
الحنفية والحنابلة - قالوا: إن البهيمة إن كانت مما يؤكل لحمها، تحرق بالنار ولا يجوز أكلها.
المالكية - قالوا: يجوز الأكل منها بعد ذبحها فيأكل منها هو وغيره، من غير تحرج، لأنه لم يرد في الشرع دليل يحرم أكلها، فيبقى الحكم على الأصل، وهو الجواز.
الشافعية - عندهم روايتان: إحداهما جواز الأكل منها هو وغيره موافقة للمالكية رحمهم الله تعالى. الرواية الثانية عندهم: أنه يحرم أكلها عليه، وعلى غيره موافقة للحنفية والحنابلة وعلى الفاعل أن يضمن قيمتها لصاحبها إن كانت ملكاً للغير تأديباً له، وعقوبة على فعله المذموم شرعاً، وعقلاً.
الاستمناء باليد
ومن نكح يده - وتلذذ بها، أو إذا أتت المرأة المرأة وهو - السحاق، فلا يقام حد في هذه الصور بإجماع العلماء، لأنها لذة ناقصة، وإن كانت محرمة، والوجاب التعزير على الفاعل حسب ما يراه الإمام زاجراً له عن المنكر. والاستمناء باليد ذنب كبير، وإثم عظيم نهى عنه الشارع، وحذر منه الرسول صلى الله عليه وسلم لما يترتب عليه من الأمراض الصحية والاجتماعية، وقد ورد أن صاحبه يأتي يوم القيامة ويده حبلى إذا مات ولم يتب من ذنبه.
قال تعالى في كتابه العزيز {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين} فهذا بيان في ذكر حفظهم لفروجهم إلا على أزواجهم، أو ما ملكت أيمانهم من الإماء، وهذا يفيد تحريم ما سوى الأزواج وما ملكت الايمان، ويبن الله تعالى أن نكاح الازواج وما ملكت اليمن من شأن الآدمي، دون البهائم، ثم أكد ذلك بقوله تعال:{فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} فلا يحل اتعمل بالذكر، إلا في الزوجة أو في ملك اليمين، ولا يحل الاستمناء لأنه تعد على الفطرة فهذا يفيد حرمة الاستمناء باليد لأنه من شأن العادين على حدود الله تعالى الخارجين عن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الفطرة الإنسانية، وقال تعالى:{وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله} أي ليصبروا على الشهوة وكبح جماحها حتى يغنيهم الله من فضله ويسهل لهم طرق النكاح المشروع، فهي عادة قبيحة محرمة بالكتاب والسنة. وإن كان ذنبها أقل من الزنا، حيث أنه لم يترتب عليها ما يترتب على الزنا من الفساد واختلاط الأنساب.
المالكية - استدلوا على تحريم الاستمناء باليد بقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإن له وجاء) رواه أبن مسعود رضي الله تعالى عنه. وقالوا: لو كان الاستمناء باليد مباحاً في الشرع لأرشد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه أسهل من الصوم، ولكن عدم ذكره دل على تحريمه قال صاحب كتاب - سبل السلام - وقد أباح الاستمناء بعض الحنابلة، وبعض علماء الحنفية، إذا خاف على نفسه في الوقوع في الزنا - وهو رأي ضعيف لا يعتد به)
-