الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إجماع الشرائع على أن القذف اعتداء على الأعراض
-وقد اجمعت الشرائع والعقول، على أن القذف بهذا المعنى اعتداء على الأعراض التي، يقتضي النظام العام صيانتها خصوصاً إذا لوحظ، ما يترتب عليه من شر، وفاسدن لأن قذف المحصنات بالزنا يوجب لا محالة العداوة، والبغضاء بين الأسر، ويولد الضغائن والأحقاد، في نفوس الناس، وربما أفضى إلى الانتقام بقل النفس وذلك شر وبيل، يجب أن توضع له عقوبة تحذر الناس عنه، فلا يطلقون لألسنتهم العنان فيه، حذراً مما يترتب عليه من شر وفساد.
أربعين ثم جاء به الآخر تمم له الثمانين، لأن الرعين وقع لهما، يبقى الباقي أربعين، ولو قذف آخر قبل أن يأتي به الثاني، تكون الثمانون لهما جيمعاً، ولا يضرب ثمانين مسأنفاً لأن ما بقي تمامه حد الأحرار، فجاز أن يدخل فيه الأحرار، وذلك لتداخل حد القذف.
الشافعية قالوا: إن اختلف المقذوف، أو المقذوف به وهو الزنا لا يتداخل لأن الغلب في حد القذف حق العبد عندهم، فإن قذف جماعة بكلمات، أو قذف واحداً مرات بزنا آخر يجب لكل قذف حد.
مبحث إذا قذف الصبي أو المجنون زوجته
إذا قذف الصبي أو المجنون امرأته، أو أجنبياً، فلا حد عليهما ولا لعان، لا في الاحال ولا بعد البلوغ، لسقوط التكليف عنهما لقوله صلى الله عليه وسلم:(رفع القلم عن ثلاث) ولكن يعزران للتأديب إن كان لهما تمييز، فلو لم تتفق إقامة التعزير على الصبي حتى بلغ يسقط عنه التعزير.
قذف الأخرس
الحنفية قالوا: لا يصح قذف الأخرس، ولا لعانه. ولا يقام عليه الحد، لأن إشارته غير مفهومة، وفيها شك وشبهة والحدود تدرأ بالشبهات.
الشافعية قالوا: إن الأخرس إذا كانت له إشارة مفهومة، أو كتابة معلومة وقذف محصناً أو محصنة بالإشارة، أو بالكتابة لزمه الحد، وكذا يصح لعانه، وهو قول أقرب إلى ظاهر الآية الكريمة، لأن من كتب، أو أشار إلى القذف وفهم منه ذلك، فقد رمى المحصنة، وألحق العار بها، فوجب اندراجه تحت الظاهر، ولأنا نقيس قذفه ولعانه على سائر الأحكام.
قذف الكافر
اتفق الأئمة رحمهم الله على دخول الكافر تحت عموم الآية في قوله تعالى: {والذين يرمون المحصنات} لأن الاسم يتناوله ولا مانع، فللمسيحي واليهودي إذا قذف المسلم يجلد ثمانين سوطاً مثل المسلم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وإذا دخل الحربي دارنا بامان فقذف مسلماً حداً، لأن فيه حق العبدن وقد التزم إيفاء حقوق العباد، ولأنه طمع في أن لا يؤذى، فيكون ملتزماً بالضرورة أن لا يؤذي.
قذف المجوسي بعد إسلامه
الحنفية قالوا: إذا قذف رجل مجوسياً تزوج بأمه، أو أخته، أو بنته، ثم أسلم ففسخ نكاحهما فقذفه مسلم في حال إسلامه يقام عليه الحد، بناء على أن انكحتهم لها حكم الصحة عندهم.
الشافعية، والمالكية، والحنابلة، رحمهم الله تعالى قالوا: إذا قذف مسلم مجوسياً بعد إسلامه فلا يحد، لأن أنكحتهم ليس لها حكم الصحة عندهم، فلا يكون المجوسي محصناً.
الحكم إذا مات المقذوف
الحنفية قالوا: إن حد القذف لا يورث، بل يسقط بموت المقذوف قبل إقامة الحد على قاذفه، وإذا مات بعد ما اقيم عليه بعض الحد سقط الباقي لأنه حق لله تعالى ولم يثبت جليل من الكتاب والسنة علىلا أن الشرع جعل الوارث له حق المطالبة بحد القذف على الميتم المقذوف أو وصيه ولن حد القذف لو كان مورثاً لكان للزوج أو الزوجة فيه نصيب ولأنه حق ليس فيه معنى المال والوثيقة فلا يورث كالوكالة والمضاربة، ولا ينقلب مالاً عند سقوطه، ولا ستحلف عليه القاذف، ويتصف بالرق.
الشافعية والحنابلة قالوا: إن حد القذف يورث فإذا مات المقذوف قبل استيفاء الحد فيقام الباقي، والعفو يثبت للوارث في حد القذف، وكذلك إذا كان الواجب بحقه التعزير فإنه يوؤث عنه، وكذا لو أنشأ القذف بعد المورث ثبت لوارثه طلبه الحد وذلك لأن حد القذف هو حق الآدمي لأنه يسقط بعفوه ولا يستوفى إلا بطلبه، ويحلف فيه المدعي إذا أنكر، وإذا كان حق الآدمي وجب أن يورث لقوله عليه الصلاة والسلام:(ومن ترك حقاً فلورثته) ولا تبطل الشهادة بالتقادم ويجب على المأمن ولا يصح الرجوع عنه بعد الإقرار به.
وفيمن يرث ثلاثة أوجه لأصحاب الشافعية:
الأول: وهو الأصح عند الشافعية أنه يرثه جميع الورثة كالمال لا فرق بين النساء والرجال.
الثاني: يرثه ذوو الأنساب فيخرج منه الزوجان لأن الزوجين يصح افتراقهما أو غبدال كل واحد بغير صاحبة، ولن الزوجية ترتفع بالموت، ولآن المقصود من الحد دفع العار عن النسب، وذلك لا يلحق الزوج والزوجة، لبعد القرابة بينهما.
الثالث: إنه يرثه العصبات فقط دون النساء، لشدة ارتباط العصبة بعضهم ببعض، فكانوا أشد تعلقاً وارتباطاً بالمقذوف من مطلق الوثة وذلك مرجوح.
المالكية قالوا: للمقذوف حق المطالبة بحق قاذفه، وإن علم المقذوف على أن مارمي به منصف به، لأنه أفسد عليه عرضه، وليس للقاذف تحليف المقذوف على أنه بريء مما رماه به،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وللوارث الحق بالقيام، والمطالبة بحق مورثه المقذوف قبل الموت، أو بعده، لأن المعرة تلحق الواث بقذف مورثهن خصوصاً، إذا كان الميت أوصاه بغقامة الحد فليس للوارث في هذه الحالة العفو، ولا المماطلة، بل يجب على الحاكم تنفيذه، وللأبعد من المورثة كابن الابن القيام بطلب حق مورثه من إقامة حد القذف، فيتقدم الابن، ثم ابنه الخ.. إن سكت الأب وقيل: يجوز للأب القيام بالمطالبة بحد القذف مع وجود الأقرب، وإن لم يسكت الأقرب، لأن المعرة تلحق الجميع لا فرق بين الأقرب، والبعد.
أما الزوجان، فليس لحدهما حق المطالبة بإقامة الحد للآخر، لأن أحدهما ليس ولياً للآخر، ولا تلحقه به معرة بعد موته، ما لم يكن أحدهما قد أوصى الآخر بالمطالبة بحقه في إقامة الحد على القاذف قبل وفاته، في أن يطالب بالحد لأنه يصبح ولياً مثل الوارث.
الحنفية قالوا: لو قال له: يا أبن الزانية، وأمه ميتة، محصنة، فطلب الابن بحده حد القاذف، لأنه قذف محصنة بعد موتها، ولا يصح أن يطالب بحق الميت في حد القذف إلا من يقع القدح في نسبه بقذفه، ويلحقه العار به، وهو الوالد، وإن علا، والولد وإن سفل، لأن العار يلتصق بهما لمطانة الجزئية، فيكون القذف متناولاً لهم معنى، فلذلك يثبت لهم حق المطالبة.
مبحث من قذف ميتاً
وإذا كان المقذوف محصناً جاز لابنه الكافر، والعبد المطالبة بحد القذف، لأنه عيره بقذف محصن، فيأخذه بالحد، وذلك لأن الإحصان في الذي ينسب إلى الزنا شرط ليقع تعبيراً، عن الكمال.
مطالبة العبد لسيده والولد لوالده
الحنفية، والشافعية، والحنابلة قالوا: ليس للعبد أن يطالب مولاه بقذف أمه الحرة التي قذفها في حال موتها، بأن قال السيد لعبده: يا أبن الزانية وأمه ميتة وليس للابن أن يطالب أباه بقذف امه الحرة المسلمة التي قذفها في حال موتها، بأن قال له: با أبن الزانية لأن الب لا يعقاقب بسبب فرعه، ولهذا لا يقاد الوالد بولده، ولا يقطع بسرقته، لقوله تعالى:{فلا تقل لهما أفٍ} وقوله عليه الصلاة والسلام (لا يقاد الوالد بولده، ولا السيد بعبده) وللإجماع على كونه، لا يقاد به، فإن غهدار جنايته على نفس الولد توجب إهدارها في عرضه بطريق أولى، مع أن القصاص متيقن بسببه، والغالب فيه حق العبد، ولأن المولى لا يعاقب بسبب عبده وذلك، لأن حق عبده حقه، فلا يجوز أن يعاقب بسبب حق نفسه، ولقثول صلوات الله وسلامه عليه (لا يقاد الوالد بولده ولا السيد بعبده) ولان العبد من أموال السيد وملك له فلا حق له عليه.
المالكية في المشهور من المذهب قالوا: إذا قذف الوالد ابنه فقال له: يا أبن الزانية، بعد موت أمه الحرة المسلمة المحصنة، فإنه يجوز للابن أن يطالب أباه، بقذف أمه، ويقيم عليه الحد القذف كغيره من الجانب، وذلك لإطلاق الآية الكريمة {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء