المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الجواب عن السؤال الثاني - الفقه على المذاهب الأربعة - جـ ٥

[عبد الرحمن الجزيري]

فهرس الكتاب

- ‌الجزءُ الخَامِس

- ‌تقديم

- ‌كتاب الحدود المقدمة في تعريف الحدود الشرعية

- ‌المعنى

- ‌ما يؤخذ من الحديث

- ‌بيان الحدود الشرعية وما في معناها

- ‌العقوبات الشرعية

- ‌القسم الأول

- ‌القسم الثاني

- ‌مبحث حد المحصن

- ‌مبحث حد غير المحصن

- ‌مبحث من قتل الرجل الذي زنى بامرأته

- ‌مبحث رأي المعتزلة والخوارج

- ‌مبحث الشهادة في الزنا

- ‌مبحث الإقرار بالزنى

- ‌مبحث الشبهات في الزنى

- ‌تشديد الشريعة في إثبات جريمة الزنا

- ‌مبحث اللعان

- ‌وقوع الفرقة باللعان

- ‌مبحث حرص الشريعة على محو الرذائل الخلقية

- ‌مبحث حد اللواط

- ‌كتاب حد السرقة

- ‌قوانين المعاملات في الإسلام

- ‌عناية الشريعة بالسرقة دون غيرها

- ‌مبحث أحكام غير السارق

- ‌مبحث المخالفات المالية

- ‌مبحث اعتراض الملاحدة

- ‌أمثلة على ردع المجرمين

- ‌رحمة الشريعة بالمفسدين

- ‌مبحث فائدة تحديد النصاب في القطع

- ‌باب حد القذف

- ‌إجماع الشرائع على أن القذف اعتداء على الأعراض

- ‌مبحث اعتراض الجهلة على حد القذف

- ‌مبحث العفو عن القاذف

- ‌مبحث مراعاة الشريعة لحال المجرم

- ‌القسم الثاني كتاب القصاص

- ‌مبحث عناية الشريعة بدماء الناس

- ‌مبحث عقاب قاتل النفس ظلماً

- ‌مبحث جواز العفو في القصاص

- ‌محاسن التشريع الإسلامي

- ‌مبحث سلطان أولياء الدم على القاتل

- ‌مبحث حق السلطان على القاتل

- ‌مبحث الجناية على الأطراف

- ‌القسم الثالث

- ‌باب التعزير

- ‌جواب وسؤال

- ‌مبحث دقة التشريع الإسلامي

- ‌سؤال وجوابه

- ‌مبحث دليل ثبوته

- ‌نظام الأسرة في الإسلام

- ‌مبحث أساس القوانين الشرعية

- ‌مبحث الكبائر من الذنوب

- ‌معنى الحديث

- ‌الجواب عن السؤال الثاني

- ‌الكبيرة الثامنة شهادة الزور

- ‌الكبيرة التاسعة اليمين الغموس

- ‌الكبيرة العاشرة الزنا

- ‌الكبيرة الحادية عشرة شرب الخمر

- ‌الكبيرة الثانية عشرة النميمة

- ‌الكبيرة التاسعة عشرة الغلول في الحرب

- ‌مبحث السحر

الفصل: ‌الجواب عن السؤال الثاني

‌الجواب عن السؤال الثاني

-إن الموبقات المذكورة في الحديث معنهاها المهلكات، وهي مودبة للهلاك الدنيوي والأخروي، لا محالة، ولكن الحديث الذي معنا لم ينص على كل الموبقات. بل هنالك موبقات ذكرت في الأحاديث الصحيحة الأخرى، وقد حصرها بعض العلماء في إحدى وعشرين، منها السبع المذكورة في الحديث الشريف.

وأما التولي يوم الزحف فهو من أكبر الكبائر، وأفحش الأمور. لأنه يدل على الجبن. والضعف والخور، وافسلام يربي المسلم على الشجاعة والثبات والعزة، ولأن الفرار أمام الأعداء عند اللقاء يسلب الأمة عزتها وكرامتها وشرفها، ويجعل السلطة لأعداء الإسلام والدين، وذلك موت أدبي للأمة فإما أن نعيش كراماً أعزاء، وإما أن نموت أحراراً شهداء، والاستشهاد في سبيل الله والوطن حياة كريمة، قال تعالى:{ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتاً بل أمحياء عند ربهم يرزقون} لهذا أمرنا الله تعالى بالثبات أمام الأعداء مهما كانت عدتهم، وقدرتهم، ونهانا عن الفرار من الزحف وعده من أعظم الكبائر التي تجلب غضب الله تعالى، وتحبط الأعمال، وتودي بصاحبها في نار جهنم وبئس القرار فقال تعالى:{يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفاً لقتال، أو متحيزاً إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير} وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون} .

فأمر الله المجاهدين بالصبر والثبات أمام الأعداء، لأن التولي فيه إضعاف لصفوف المسلمين، وتثبيط لعزائم المقاتلين، وإحداث فرقة بين صفوفهم، وفي ذلك صد عن سبيل الله عز وجل وتقوية للعدو، وكفى بذلك إثماً وعاراً في الدنيا والآخرة، لذلك أمرنا بالصبر وذكر الله تعالى أنه يعاقب الفارين بأشد أنواع العذاب. وأنه يكرم الشهداء في سبيله أعظم أنواع الإكرام والعزة.

وأما قذف المحصنات المؤمنات الغافلات فهو من أعظم الكبائر التي نهى عنها الشارع الحكيم.

فقال تعالى: {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم} فإن مقاصد الشرع الحكيم حفظ أعراض المسلين، وصون الشرف لصاحبه، والاحتفاظ بالكرامة، ووضع سياج منيع لعزة النفس، كان من مقتضى حكمته تبارك وتعالى أن سن التشريع الزاجر للنفوس الجامحة التي قد يدفعها الغضب إلى أن تصيب الناس في كرامتهم، وتخدش شرفهم، وتنكس رؤوسهم، والشرف أعز عزيز لدى المؤمن الغيور، فإن القتل أهون على المؤمن من ضياع شرفه وإهدار كرامته، وما قيمة الحياة لإنسان بغير كرامة وعزة، من أجل ذلك فرض الله تعالى حد القذف الرادع الكفيل بصيانة الأعراض وحفظ الكرامات، وإنما خص القذف بالرمي بالزنى، لأن فيه من العار بدناءة النفس، وهتك الستر، وافتضاح السوءات وانتهاك الحرمات، والدلالة على عدم الغيرة الذي هو من خصائص أخس الحيوانات، ما قارف به كل المربقات. فإن كان الرمي امرأة، كان في

ص: 390