الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مبحث جواز العفو في القصاص
-وقد عرفت أن القصاص يسقط بالعفو أو الصلح، بخلاف الحد فإنه لا يسقط بالعفو، لأنه حق الله تعالى، ولكن هذا هو رأي الحنفية.
أما غيرهم فإنهم يقولون: إن الذي لا يسقط بالعفو هو حد الزنا، وحد السرقة، بعد رفع الأمر إلى الحاكم، وأما حد القذف، فإنه يسقط بالعفو مطلقاً، وإذا كنت على ذكر مما بيناه لك سابقاً، من أن حد الزنا لا يقع إلا إذا شهد بالجريمة اربعة شهود، رأوا بأعينهم الفعل نفسه وذلكمتعذرن لا يمن تحقيقه عملياً، فإن تنفيذه يكون منوطاً بإقرار الجاني وحده.
أما حد الشرب فبعضهم يرى أنه من بابب التعزير.
وعلى هذا يمكن أن يقال: إن الحد الذي يتصور وقوعه، ولا يسقط بالعفو هو حد السرقة بعد رفعه إلى الحاكم على الوجه الذي بيناه سابقاً (1)
مجنون، وأن يكون بالغاص، فلا قصاص على صبي وأن يكون مختاراً، فلا قصاص على مكره، وأن يكون مباشراً للقتل، فلا قصاص على من قتل من غير مباشرة الفعل، وأن يكون غير مشارك فيه غيره وأن لا يكون اباً للمقتول، ولا سيداً له، على تفصيل فيما يأتي:
ويشترط في المقتول: أن يكون مكافئاً لدم القاتل والذي تختلف فيه النفوس هو الإسلام، والكفر، والحرية، والعبودية، والذكورة، والأنوثةن والواحد، والكثيرن وأن يكون معصوم الدم.
ويشترط في صفة القتل: أن يكون (عمداً) بلا جناية من القاتل قصاصاً، إلا أن يعفو الأولياء أو يصالحوا لأن الحق لهمن لكن اختلفوا.
الحنفية قالوا: إن القصاص واجب عيناً، وليس للولي أخذ الدية إلا برضا القاتل، لما ورج في الكتاب والسنة.
الشافعية قالوا: إن للولي حق العدول إلى المال من غير مرضاة القاتل لأنه تعين موقعاً للهلاك فيجوز بدون رضاه.
وفي قول: أن الواجب أحدهما لا بعينه وبتعين باختياره، لأن حق العبد شرع جابراً، وفي كل نو جبر فيتخير) .
-
(1)
(اختلف العلماء في هل القصاص يكفر ذنب الجاني أم لا؟
فقال بعضهم: إن إقامة الحد على القاتل، والقصاص منه إذا رضي به وتاب، فإنه يكفر عنه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ثم القتل لقول صلى الله عليه وسلم: (الحدود كفارات لأهلها) فعمم ولم يخصص فعلاً عن غيره، ولأن الله تعالى أكرم، وأرحم بعبده أن يعذبه مرتين، مرة في الدنيا بالقود، ومرة في الآخرة بالنار، وهو الراجح.
وقال بعضهم: إن القصاص لا يكفر الذنب، ولا يرفع عنه الإصم في الآخرة، لأن المقتول ظلماً، لا منفعة له في القصاص البتة، وإنما القصاص منفعته للأحياء فقط، لينتهني الناس عن القتل.
قال تعالى: {ولكم في القصاص حياة} ولما روي عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يجيء المقتول متعلقاً بقاتله يوم القيامة، آخذاً رأسه بيده الأخرى، فيقول: يارب سل هذا فيم قتلني؟ قال: فيقول: قتلته لكتون العزة لك، فيقول: فإنها لي، قال: ويجيء آخر متعلقاً بقاتله، يقول: رب سل هذا فيم قتلني؟ قال: فيقول: قتلته لتكون العزة لفلان، قال: فإنها ليست له، بؤ بإثمه، فيهوي في النار سبعين خريفاً) وفي الباب أحاديث كثيرة، وأما الحديث الذي ورد في أن الحدود تكفر الذنوب، فإنه يختص بالحدود التي فيها حق الله تعالى.
المالكية، والحنابلة، والشافعية - قالوا: العمد إما يوجب القصاص جزاماً مثل قتل المرتد مرتداً، فإن الواجب فيه القود جزماً.
وإما أن يوجب الدية جزماً، كما أذا قتل الوالد ولده، أو إذا قتل المسلم الذمي فإن موجبه الدية قطعاً. أو التخيير بين القصاص والدية، فيجوز للولي العفو عن القود، على الدية بغير رضا الجاني، لما روى البيهقي عن مجاهد وغيره (كان في شرع موسى صلى الله عليه وسلم تحتم القصاص جزماً، وفي شرع عيسى صلى الله عليه وسلم الدية فقط، فخفف الله تعالى عن هذه الأمة، وخيرها بين الأمرين) لما في الإلزام بأحدهما من المشقة، ولأن الجاني محكوم عليه فلا يعتبر رضاه كالمحال عليه والمضمون عنه، ولو عفا عن عضو من أعضاء الجاني سقط كلهن كما أن تطليق بعض المرأة تطليق لكلها، ولو عفا بعض المتستحقين سقط أيضاً، وإن لم يرض البعض الآخر وانتقل الأمر إلى الدية، لأن القصاص لا يتجزأ، ويغلب فيه جانب السقوط لحقن الدماء، ولا يؤثر فيه الجهل، فلو قطع عضو رقيق فعفا عنه سيده قبل معرفته بالعضو المعفو عنه، صح العفو لأن العفو مستحب، فقد رغب الشارع فيه وجعا إليه، قال تعالى:{فمن عفا واصلح فأجره على الله أنه لا يحب الظالمين} آية 40 من الشورى وقول الرسول: (من قتل له قتيل فأهله لين خيرتين: إن أحبوا قتلوا وإن أحبوا اخذوا الدية) .
وروى البيهقي وغيره عن أنس رضي الله تعالىعنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ما رفعاليه قصاص قط إلا أمر فيه بالعفو) .
وعن عدي بن ثابت قال: هشم رجل فم رجل على عهد معاوية، فأعطى دينه، فأبى أن يقبل حتى أعطى ثلاثاً) ، فقال رجل: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من تصدق بدم أو دونه، كان كفارة له من يوم ولد إلى يوم تصدق) رواه أبو يعلى.
وعن عبادة بن الصامت رضي الله تبارك وتعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من