الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أمثلة على ردع المجرمين
-ولنا على ذلك أمثلة ملموسة عملية، مثلاً: الكوكايين، والحشيش قد وضعت لهما الحكومة. في أول الأمر عقوبة خفيفة، فكانت مغرية لضعاف النفوس والأشرار على ارتكاب
مال له فيه شركة، بأن يسرق أحد الشريكين من حرز الآخر مالاً مشتراكً بينهما، لأن للسارق فيه حقاً، وهو شبهة تدرأ الحد عن السارق، فلا يقطع. ومن له على رجل آخر دراهم، فسرق مثلها لم يقطع، لأن ما فعله استيفاء لحقه الثابت، والدين الحال والمؤجل في عدم القطع سواء استحساناً. لأن التأجيل لتأخير المطالبة، والقياس أن يقطع لأنه لا يباح له لاخذه قبل الأجل لأن ثبوت الحق، وإن تأخرت المطالبة يصير شبهة، ولا يقطع لو سرق أكثر من حقه لأن بالزيادة يصير شريكاً في ذلك المال بمقدار حقه، ولا فرق بين كون المديون المسروق منه مماطلاُ أو غير مماطل ولو اخذ من غير جنس حقه. فإن كان حقه دراهم، أو دنانير فأخذ عروضاً قطع لأنه ليس له أخذها. وإن كان دراهم فأخذ دراهم فأخذ دنانير، أو على العكس قيل: يقطع لأنها لا تصير قصاصاً بحقه، وإنما يقع بيعاً فلا يصح إلا بالتراضي فليس له أخذها، وقيل: لا يقطع للمجانسة بينهما من حيث الثمنية، ويقطع لو سرق حلياً من فضة ودينه دراهم.
ولو سرق من غريم أبيه، أو غريم ولده الكبير قطع لأن حق الأخذ لغيره، ولو سرق من غريم ابنه الصغير لا يقطع، لأن له حق الأخذ بالنيابة عن الصغير؟
الشافعية قالوا: إذا كان المديون المسروق منه مماطلاُ فلا يقطع به، وإن كان غير مماطل يقطع إذا سرق منه، أما إذا أخذه بقصد الاستيفاء لم يقطع، لأنه حينئذ مأذون له في أخذه، وغير جنس حقه كجنس حقه في ذلك.
إذا عاد فسرق المسروق
الحنفية قالوا: من سرق عيناً فردها، با، كانت قائمةن ثم عاد فسرقها وهي بحالها لم يقطع، وذلك لن القطع أوجب سقوط عصمة بقيت شبهة أنها ساقطة، نظراً إلى اتحاد الملك والمحل، وقيام الموجب للسقوط، وهو وانتفى السقوط بعد تحققه كان مع شبهة عدمه، فيسقط بها الحد، بخلاف ما لو سرقه غيره.
ولأن تكرر الجنابة بعد القطع نادر، والنادر وجوده لا يشرع فيه عقوبة دنيوية زارجة فأنها حينئذ تعرى عن المقصود، وهو تقليل الجناية. إذ هي قليلة بالفعل فلم تقع في محل الحاجة.
المالكية، والحنابلة، والشافعية - قالوا: من سرق شيئاً فقطع فيه ثم عاد فسرقه وهو بحاله فإنه يقطع فيه مرة ثانية، لما رواه الدارقطني من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه بطريق الواقدي عن
الفعل، لا زاجرة لهم، فلم سنت قوانين صارمة، وأدرك هؤلاء الاشرار خطورتها، كفوا عن تعاطي هذه السموم، وهذه القوانين تقرها الشريعة الإسلامية، وتحبذها، لأن للحاكم أن يعزر بما يراه قاطعاً للجرائم، سواء كانت مقصورة على الشخص، أو تتقداه إلى المجتمع.
رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا سرق السارق فاقطعوا يده، ثم إن عاد فاقطعوا رجله اليسرى) الحديث، ولأن السرقة الثانية مثل الآولى في سببية القطع، بل أفحش لأن العود بعد الزاجر اقبح، وصار كما لو باعه المالك للسارق ثم اشتراه منه، ثم كانت السرقة فإنه يقطع اتفاقاً من غير خلاف، ولأن المتاع بعد رده على المسروق منه في حق السارق كعين أخرى في حكم الضمان، حتى لو غصبها السارق أو أتلفها كان ضامناً، فكذلك في حكم القطع، وعموم القرآن يوجب عليه القطع، ولأنه مال معصوم كامل المقدار اخذ من حرز لا شبهة فيه. وبهذه الوصاف لزمه القطع في المرة الولى، بكذلك في المرة الثانية.
هل يجتمع الغرم مع القطع
الحنفية، والحنابلة قالوا: إذا ثبتت الجناية على السارق فلا يجتمع عليه وجوب الغرم مع القطع، وإن تلف المسروق هلاكاً أو استهلاكاً فلا يضمن، فإن غرم فلا قطع، وإن قطع فلا غرم، أما إذا قطع السارق والعين قائمة في يده ردت على صاحبها، لبقائها على ملكهن من غير خلاف وللمسروق منه الخيار، فإن فاختار الغرم لم يقطع السارق، وإن اختارم القطع فلا غرامة عليه، لما رواه النسائي من حديث المسور بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(لا يغرم السارق إذا أقيم عليه الحد) ففي الحديث دليل على أن العين المسروقة إذا تلفت في د السارق لم يغرمها بعد أن وجب عليه القطع سواء أتلفها قبل القطع أو بعده، ولأن هذا القطع جزاء، والجزاء هو الكافي، فدل ذلك على أن هذا القطع كان في جناية السرقة، ولأن اجتماع حقين في حق واحد مخالف للأصول، فصار القطع بدلاً من الغرم، ولذلك إذا تكرر من السارق، سرقة ما قطع به، لم يقطع فيه مرة ثانية، لشبهة اتحا المحل، والسبب.
ولأن وجوب الضمان ينافي القطع، لأن يتملكه بعد أداء الضمان مستنداً إلى وقت الأخذ فتبين أنه أخذ ملكه، ولا قطع في ملكه، لكن القطع ثاب قطعاً، فما يؤدي إلى انتفائه فهو المنتفي والمؤدي إليه الضمان فينتفي الضمان.
المالكية قالوا: إن كان السارق موسراً وجب عليه القطع والغرم، وإن كان معسراً لم يجب عليه الضمان بل يقطع فقط. لأن له رائحة عذر لما ظهر عنده من الفاقة والحاجة، و {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها}
الشافعية رحمهم الله تعالى قالوا: يجب القطع والغرم على السارق على أي حال موسراً أو معسراً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (على اليد ما أخذت حتى تؤديه) ولقوله تعالى: {لا تأكلوا أموالكم بينكم