الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي الْأَسْمَاء وَفِيه فُصُول يشْتَمل كل مِنْهَا على مسَائِل
فصل فِي لفظ الْكَلَام اعْلَم أَن الْكَلَام فِي اللُّغَة اسْم جنس يَقع على الْقَلِيل وَالْكثير كَذَا صرح بِهِ الْجَوْهَرِي ثمَّ زَاد عقبه أيضاحا فَقَالَ يَقع على الْكَلِمَة الْوَاحِدَة وعَلى الْجَمَاعَة مِنْهَا بِخِلَاف الْكَلم فَإِنَّهُ لَا يكون أقل من ثَلَاث كَلِمَات انْتهى فعلى هَذَا إِذا قلت كلمت زيدا فَمَعْنَاه وجهت الْكَلَام إِلَيْهِ
وَقَالَ ابْن عُصْفُور الْكَلَام فِي أصل اللُّغَة اسْم لما يتَكَلَّم بِهِ من الْجمل مفيدة كَانَت أَو غير مفيدة وَمَا ذكره من كَونه اسْما لَا مصدرا مُوَافق لما سبق عَن الْجَوْهَرِي وَحِينَئِذٍ فَيكون اسْما للألفاظ أَو مُشْتَركا بَينهَا وَبَين الْمعَانِي النفسانية وَأما تَقْيِيده بالجمل فمخالف لَهُ وَلغيره وَكَأَنَّهُ عبر بذلك نظرا للْغَالِب هَذَا كُله إِذا لم يسْتَعْمل اسْتِعْمَال الْمصدر كَقَوْلِك سَمِعت كَلَام زيد وَقَوله تَعَالَى {حَتَّى يسمع كَلَام الله} وَنَحْو ذَلِك فَإِن اسْتعْمل اسْتِعْمَاله كَقَوْلِك كلمت زيدا كلَاما أَو تكلم كلَاما فَاخْتَلَفُوا فِيهِ كَمَا قَالَه ابْن الخباز فِي
شرح الجزولية فَقيل إِنَّه مصدر لأَنهم أعملوه فَقَالُوا كَلَامي زيد أحسن وَقيل انه اسْم مصدر وَنَقله ابْن الخشاب فِي شرح جمل الْجِرْجَانِيّ الْمُسَمّى بالمرتجل عَن الْمُحَقِّقين
والخباز الْمَذْكُور أَولا فِي آخِره زَاي مُعْجمَة (والخشاب) الْمَذْكُور ثَانِيًا بالشين الْمُعْجَمَة وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة وَالدَّلِيل على أَنه اسْم مصدر أَن الْفِعْل الْمَاضِي الْمُسْتَعْمل من هَذِه الْمَادَّة أَرْبَعَة
أَحدهَا كلم ومصدره التكليم كَقَوْلِه تَعَالَى {وكلم الله مُوسَى تكليما} وَكَذَلِكَ الْكَلَام بِكَسْر الْكَاف وَتَشْديد اللَّام كَقَوْلِه تَعَالَى {وكذبوا بِآيَاتِنَا كذابا} كَذَا قَالَه الْجَوْهَرِي وَمُقْتَضى كَلَامه أَن الثَّانِي مقيس وَلَكِن نَص النُّحَاة على خِلَافه
الثَّانِي تكلم ومصدره التَّكَلُّم بِضَم اللَّام وَمِنْه مَا أنْشدهُ ابْن الخشاب
…
ونشتم بالأفعال لَا بالتكلم
…
الثَّالِث كالم ومصدره المكالمة وَكَذَا الْكَلَام بِكَسْر الْكَاف وَالتَّخْفِيف كضارب مُضَارَبَة وضرابا إلاأن الثَّانِي لَا ينقاس
الرَّابِع تكالم ومصدره تكالما بِضَم اللَّام فَظهر بذلك أَنه لَيْسَ مصدرا بل اسْم مصدر وَلم يتَعَرَّض فِي الارتشاف لهَذَا الْخلاف
وَلما كَانَ مَقْصُود النُّحَاة إِنَّمَا هُوَ الْبَحْث فِي الْأَلْفَاظ ترجموا الْكَلَام لَا التكليم والتكلم والمكالمة وَنَحْوهَا لِأَنَّهَا مصَادر مدلولها تَوْجِيه الْكَلَام إِلَى المستمع أَو من فِي حكم المستمع كالنائم والساهي تَقول كَلمه يكلمهُ تكليما أَي وَجه الْكَلَام إِلَيْهِ يوجهه توجيها
فَإِن قيل فَمَا الْفرق بَين الْمصدر وَاسم الْمصدر قُلْنَا فرق ابْن يعِيش وَغَيره فَقَالُوا الْمصدر مَدْلُوله الْحَدث وَاسم الْمصدر مَدْلُوله لفظ وَذَلِكَ اللَّفْظ يدل على الْحَدث
وَهَذَا الْفرق يَأْتِي نَحوه فِي الْفِعْل كاسكت مَعَ اسْم الْفِعْل كصه وَخَالف بَعضهم فَقَالَ أَن اسْم الْفِعْل وَاسم الْمصدر كالفعل والمصدر فِي الدّلَالَة وَالْأول هُوَ
الصَّوَاب الْمُوَافق لمدلول اللَّفْظ وَبِه جزم فِي اسْم الْفِعْل شَيخنَا أَبُو حَيَّان فِي أَوَائِل شرح الألفية عِنْد قَول ابْن مَالك كصة (وحيهل) هَذَا كُله فِيمَا يتَعَلَّق بالْكلَام من جِهَة اللُّغَة فتفطن لَهُ فَإِنَّهُ مُشْتَمل على أُمُور مهمه وَأما حَده عِنْد النُّحَاة فَفِيهِ عبارتان أحسنهما أَنه قَول دَال على نِسْبَة إسنادية مَقْصُودَة لذاتها واحترزنا بالإسنادية عَن النِّسْبَة التقييدية كنسبة الْإِضَافَة نَحْو غُلَام زيد وَنسبَة النَّعْت نَحْو جَاءَ الرجل الْخياط واحترزنا بالمقصودة لذاتها عَن الْجمل الَّتِي تقع صلَة نَحْو جَاءَ الَّذِي خرج أَبوهُ
إِذا علمت مَا ذَكرْنَاهُ من تَفْصِيل الْكَلَام لُغَة وَاصْطِلَاحا وَعلمت أَنه يُطلق فِي اللُّغَة على الْكَلِمَة الْوَاحِدَة مستعملة كَانَت أم لَا وَأَن أقل مَا يُمكن أَن تكون الْكَلِمَة على حرفين وَأَن انْتِقَال الْكَلَام والكلمة إِلَى مَا ذكره النجَاة عرف لَهُم حَادث فِي اللُّغَة فيتفرع عَلَيْهِ مَا قَالَه أَصْحَابنَا من إبِْطَال الصَّلَاة بذلك لِأَن قَوْله عليه الصلاة والسلام إِن صَلَاتنَا لَا يصلح فِيهَا شَيْء من كَلَام الْآدَمِيّين متناول لَهُ لُغَة كَمَا تقدم وَعرفا فَإِن الْمغمى عَلَيْهِ وَنَحْوه