الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل فِي الْأَلْفَاظ الْوَقْعَة فِي الْعدَد وَفِيه مسَائِل
إِحْدَاهَا لفظ الْعدَد أَقَله اثْنَان فَصَاعِدا قَالُوا أحد لَيْسَ بِعَدَد بل هُوَ أصل لَهُ وَقد صرح أَصْحَابنَا فِي الْفُرُوع بذلك وَجزم بِهِ الرَّافِعِيّ فِي الصَّلَاة فِي الْكَلَام على أقل الْوتر وَفِي الْجَنَائِز فِي الْكَلَام على أقل الْكَفَن وَفِي الْبَاب الثَّانِي من أَبْوَاب الْإِقْرَار إِذا علمت ذَلِك فيتفرع عَلَيْهِ الْإِقْرَار والوصايا وَالنُّذُور وَنَحْوهَا فَإِذا قَالَ لَهُ عَليّ أقل أعداد الدَّرَاهِم لزمَه دِرْهَمَانِ كَذَا قَالَ الرَّافِعِيّ فِي الْإِقْرَار فِي الْبَاب السَّابِق ذكره لكنه ذكر بعده بأسطر مَا يشكل عَلَيْهِ فَقَالَ لَو قَالَ عَليّ مائَة عدد من الدَّرَاهِم اعْتبر الْعدَد دون الْوَزْن وَهُوَ كَلَام غير مُحَرر بل إِن كَانَ هَذَا اللَّفْظ وَهُوَ عدد مجرورا فِي هَذَا الْكَلَام بِالْإِضَافَة وَهُوَ الْمُتَبَادر إِلَى الْفَهم فَالْقِيَاس وجوب مِائَتي دِرْهَم عددا نَاقِصَة لِأَنَّهُ اعْترف بِمِائَة من الْعدَد وَأَقل الْعدَد اثْنَان وَإِن كَانَ مَنْصُوبًا فَكَذَلِك لِأَنَّهُ تَفْسِير للمائة كَمَا لَو قَالَ مائَة ثوبا أَي بِالتَّنْوِينِ فَإِن الْمِائَة تجب كَمَا نَقله ابْن الرّفْعَة وَإِن كَانَ الْجُمْهُور من النُّحَاة قد منعُوا النصب وَإِن كَانَ مَرْفُوعا فَالْقِيَاس إِن الْمِائَة مُبْهمَة وَيلْزمهُ تَفْسِيرهَا بِمَا لَا ينقص قِيمَته عَن دِرْهَمَيْنِ عددا
وَقد جزم الرَّافِعِيّ فِي (نَظِيره) بِمثلِهِ فَقَالَ لَو قَالَ لَهُ عَليّ ألف دِرْهَم (برفعهما وتنوينهما) من غير عطف فسر الْألف بِمَا لَا ينقص قِيمَته عَن دِرْهَم وَإِن كَانَا ساكنين أَوجَبْنَا الْأَقَل لاحْتِمَال إِرَادَته وَقد صرح بِهِ أَيْضا الرَّافِعِيّ فِي الْبَاب الْمَذْكُور فِي مِثَال آخر فَقَالَ إِذا قَالَ لَهُ عِنْدِي كَذَا دِرْهَم بِالسُّكُونِ فَيكون كالمجرور لِأَنَّهُ الْمُتَيَقن
الثَّانِيَة كم اسْم يدل عَلَيْهِ دُخُول حرف الْجَرّ حَيْثُ قَالُوا بكم دِرْهَم شريت ثَوْبك خلافًا لمن زعم أَنَّهَا حرف وَهِي بسيطة خلافًا للكسائي وَالْفراء حَيْثُ ذَهَبا إِلَى أَنَّهَا مركبة من كَاف التَّشْبِيه وَمَا الاستفهامية فحذفت ألها كَمَا تحذف مَعهَا سَائِر حُرُوف الْجَرّ ثمَّ سكنت الْمِيم لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وتستعمل لمُطلق الْأَعْدَاد كَقَوْلِك خُذ كم شِئْت وَتَكون أَيْضا استفهامية فتفسر باسم مَنْصُوب وخبرية للتكثير فتفسر باسم مجرور فَتَقول كم دِرْهَم عِنْد زيد (بجر) دِرْهَم أَي عِنْده كثير من الدَّرَاهِم إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة مَا إِذا قَالَ لوَكِيله
بِعْ هَذَا الثَّوْب بكم شِئْت فَإِنَّهُ يَبِيعهُ بِالْقَلِيلِ وَالْكثير وَلَكِن لَا يَبِيعهُ إِلَّا بِالْحَال من نقد الْبَلَد بِخِلَاف مَا إِذا قَالَ بِمَا شِئْت فَإِن لَهُ أَن يَبِيع بِنَقْد الْبَلَد وَغَيره لِأَنَّهَا مَوْضُوعَة للْحَقِيقَة وَلَكِن لَا يَبِيعهُ إِلَّا بِثمن الْمثل حَالا خلاف مَا لَو قَالَ لَهُ كَيفَ شِئْت فَإِنَّهُ يَبِيع بِالْحَال والمؤجل لِأَن كَيفَ للصفة وَلَا يَبِيعهُ إلابثمن الْمثل من نقدالبلد لِأَنَّهُ لم يَأْذَن فِي البيع بِغَيْرِهِمَا فحملنا الْإِطْلَاق عَلَيْهِ كَذَا قَالَه الرَّافِعِيّ وَغَيره
الثَّالِثَة كَذَا أَصْلهَا كَاف التَّشْبِيه وَاسم الْإِشَارَة ثمَّ إِن الْعَرَب نقلوها عَن ذَلِك فاستعملوها للعدد وَلغيره فَإِن كَانَت لغير الْعدَد فَتكون مُفْردَة ومعطوفة فَتَقول لَهُ عِنْدِي كَذَا (أَي شَيْء) وَنزل الْمَطَر مَكَان كَذَا ومررت بدار كَذَا فمكان كَذَا وَتقول أَيْضا أعجبتني دَار كَذَا بتنوين دَار ووصفها بِكَذَا وَإِذا كَانَت كِنَايَة عَن اعدد فمذهب الْبَصرِيين أَن تمييزها لَا يكون إِلَّا مُفردا مَنْصُوبًا مُطلقًا
وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ إِنَّهَا تفسر بِهِ الْعدَد الَّذِي هُوَ كِنَايَة عَنهُ فَمن الثَّلَاثَة إِلَى الْعشْرَة يُمَيّز بِجمع مجرور بعد مُفْرد نَحْو لَهُ عِنْدِي كَذَا دَرَاهِم
وَعَن الْمركب كَأحد عشر إِلَى تِسْعَة عشر بمفرد مَنْصُوب بعد تركيب كَذَا فَتَقول لَهُ عِنْدِي كَذَا كَذَا درهما وَعَن الْعُقُود بمفرد مَنْصُوب بعد إِفْرَاد كَذَا فَإِن كنيت بهَا بعد عَن عقد مَعْطُوف كَأحد وَعشْرين إِلَى تسعين عطفت ونصبت تمييزها وَإِن كنيت عَن الْمِائَة وَالْألف فتفردها (وتجر تمييزها) إِذا تقرر مَا ذَكرْنَاهُ فقد اخْتلف أَصْحَابنَا فَذهب أَبُو اسحق الْمروزِي إِلَى سلوك مَا سبق أَنه مُقْتَضى النَّحْو إِن كَانَ الْمقر عَارِفًا بِهِ وَالْمَشْهُور خِلَافه بل يلْزمه دِرْهَم وَاحِد سَوَاء رفع مَا بعد كَذَا أَو نَصبه أَو جَرّه أَو وقف عَلَيْهِ وَسَوَاء كرر لفظ كَذَا أَو لم يكرره اللَّهُمَّ إِلَّا إِذا كَرَّرَه بالْعَطْف مَعَ النصب فَيلْزمهُ دِرْهَمَانِ وَلَو قَالَ (لَهُ عَليّ) كَذَا وَسكت فَهُوَ كَقَوْلِه شَيْء هَكَذَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي بَاب الْإِقْرَار وَقَالَ فِي بَاب الْوَصِيَّة لَو قَالَ أَعْطوهُ كَذَا كَذَا من (دنانيري) أعطي دِينَارا فَإِن عطف فدينارين فَإِن (أفرد أَي) قَالَ من ديناري فحبة بِلَا عطف وحبتين مَعَ الْعَطف كَذَا نَقله عَن الْبَغَوِيّ ثمَّ استشكله وَقَالَ يَنْبَغِي إِلْحَاق الْجمع بِالْإِفْرَادِ حَتَّى يَكْتَفِي بالحبة والحبتين وَمن فروع الْمَسْأَلَة مَا إِذا قَالَ لامْرَأَته أَنْت كَذَا أَو علق