الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل فِي الْبَدَل
وَهُوَ التَّابِع الْمَقْصُود بالحكم من غير توَسط حرف مُتبع كَقَوْلِك مَرَرْت بأخيك زيد أَو بزيد أَخِيك واحترزنا بالقيد الأول عَن النَّعْت والتأكيد وَعطف الْبَيَان وبالقيد الثَّانِي عَن عطف النسف إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة مَا إِذا كَانَ لَهُ بنت وَاحِدَة اسْمهَا زَيْنَب مثلا فَقَالَ زَوجتك بِنْتي حَفْصَة فَالْقِيَاس وَبِه صرح بَعْص النُّحَاة أَنه إِن قصد الْبَدَلِيَّة صَحَّ لِأَن الْبَدَل يحب تَقْدِير الْعَامِل مَعَه فَهُوَ هَهُنَا فِي تَقْدِير جملتين فَكَأَنَّهُ قَالَ زَوجتك بِنْتي زَوجتك حَفْصَة
وَلَو نطق هَكَذَا لَكَانَ العقد صَحِيحا بِالْجُمْلَةِ الأولى عِنْد من يجوز الْفَصْل الْيَسِير بالأجنبي بِخِلَاف عطف الْبَيَان فَإِن الْعَامِل لَيْسَ مُقَدرا بل هُوَ عَامل وَاحِد توجه إِلَى قَوْله بِنْتي المفسرة بحفصة وَلَيْسَت لَهُ بنت بِهَذَا التَّفْسِير وَأَيْضًا فَإِن الْبَدَل لَا يسْتَلْزم أَن يكون مَدْلُوله مَدْلُول الْمُبدل مِنْهُ فَإِنَّهُ قد يكون للإضراب وَقد يكون للغلط وَعطف الْبَيَان يسْتَلْزم ذَلِك
وَحِينَئِذٍ فَبَان بذلك أَن مُرَاده بالبنت هُوَ مَا بعده وَلَيْسَ لَهُ ذَلِك فأبطالناه وَقد أطلق الرَّافِعِيّ فِي الْمَسْأَلَة حِكَايَة وَجْهَيْن وَصحح الصِّحَّة وَتَبعهُ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَة وَلَا بُد من مَجِيء مَا ذَكرْنَاهُ وَلَو كَانَت لَهُ دَار وَاحِدَة فَقَالَ
بِعْتُك دَاري وحدودها وَغلط فِي حُدُودهَا فَيتَّجه إِلْحَاقه بِمَا ذَكرْنَاهُ فَإِن لم يعلم المُرَاد فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَالْقِيَاس الصِّحَّة حملا للعقود على ذَلِك
وَمِنْهَا لَو كَانَ لَهُ بنتان فَأَرَادَ تَزْوِيج إِحْدَاهمَا فَلَا بُد من تمييزها عَن الْأُخْرَى إِمَّا بِالنِّيَّةِ أَو بِالْإِشَارَةِ أَو الصّفة وَنَحْو ذَلِك فَلَو ميزها فَقَالَ مثلا
ابْنَتي فَاطِمَة فَالْقِيَاس عكس مَا ذَكرْنَاهُ فِي الْفَرْع قبله فَإِن أَرَادَ عطف الْبَيَان صَحَّ لِأَنَّهُ بَين مُرَاده وَإِن اراد الْبَدَل لم يَصح لِأَنَّهُ لَو كَانَ لَهُ بنتان فَاطِمَة وَزَيْنَب فَقَالَ زَوجتك فَاطِمَة وَلم يقل بِنْتي فَإِنَّهُ لَا يَصح كَمَا قَالَه أَصْحَابنَا وعللوه بِكَثْرَة الفواطم إِذا علمت ذَلِك فإرادة الْبَدَل هَهُنَا تَجْعَلهُ جملتين كَمَا تقدم فَكَأَنَّهُ قَالَ زَوجتك بِنْتي زَوجتك فَاطِمَة وَلَو قَالَ هَكَذَا لم يَصح لِأَنَّهُ لم يحصل (تَفْسِير لَا للْبِنْت) وَلَا لفاطمة وَقد أطلق الرَّافِعِيّ فِي هَذِه الْمَسْأَلَة الصِّحَّة وَالْمُتَّجه حمله على مَا إِذا أَرَادَ عطف الْبَيَان أَو أطلق كَمَا تقدم فِي الْمَسْأَلَة السَّابِقَة وَقَرِيب من هَذِه الْمسَائِل مَا ذكره فِي الْبَحْر فَقَالَ لَو زوج ابْنَته من وَكيل الْخَاطِب فَقَالَ زوجت بِنْتي (مِنْك للخاطب) الَّذِي وكلك قَالَ الْأُسْتَاذ ابو اسحق الإِسْفِرَايِينِيّ لايجوز لِأَنَّهُ أضَاف النِّكَاح إِلَى غير الزَّوْج وَالْمَقْصُود من النِّكَاح أَعْيَان الزَّوْجَيْنِ وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا يجوز لِأَنَّهُ قد بَين بقوله للَّذي وكلك أَن العقد وَاقع لَهُ
قلت ومراعاة عطف الْبَيَان يَقْتَضِي الصِّحَّة بِخِلَاف الْبَدَل وَكَلَام الْقَائِل الأول يُوهم بطلَان العقد بِالْكُلِّيَّةِ وَالْقِيَاس وُقُوعه للْوَكِيل