المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌نحو خطة إعلامية هادفة - المؤتمر العالمي لتوجيه الدعوة وإعداد الدعاة

[-]

فهرس الكتاب

- ‌افتتاح المؤتمر

- ‌كلمة سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌كلمة معالي وزير التعليم العالي

- ‌كلمة فضيلة الشيخ عبد المحسن العباد

- ‌كلمة فضيلة الشيخ أبي الحسن الندوي

- ‌اختيار سماحة الشيخ بن باز رئيساً للمؤتمر

- ‌كلمة رئيس المؤتمر

- ‌كلمة فضيلة الشيخ العباد بعد انتخابه نائباً لرئيس المؤتمر:

- ‌كلمة فضيلة الشيخ محمد الغزالي مقرر المؤتمر

- ‌أعضاء المؤتمر يرفعون برقية شكر إلى سمو نائب جلالة الملك

- ‌رد سمو الأمير فهد بن عبد العزيز

- ‌رئيس وأعضاء المؤتمر يشكرون سمو الأمير فهد بن عبد العزيز

- ‌جواب سمو الأمير فهد بن عبد العزيز

- ‌دليل المؤتمر

- ‌مدخل

- ‌محتوى الدليل

- ‌تقديم

- ‌الأهداف العامة للمؤتمر

- ‌الموضوعات الرئيسية للمؤتمر

- ‌من البحوث التي قدمت للمؤتمر

- ‌لجان المؤتمر

- ‌المدعوون لحضور المؤتمر

- ‌من خارج المملكة العربية السعودية

- ‌من داخل المملكة

- ‌برنامج المؤتمر

- ‌اليوم الأول

- ‌الفترة الصباحية

- ‌اليوم الثاني

- ‌فترة الصباح

- ‌فترة المساء:

- ‌اليوم الثالث

- ‌فترة الصباح

- ‌فترة المساء:

- ‌اليوم الرابع

- ‌فترة الصباح

- ‌فترة المساء:

- ‌اليوم الخامس

- ‌فترة الصباح

- ‌فترة المساء:

- ‌اليوم السادس

- ‌فترة الصباح

- ‌فترة المساء:

- ‌يوم الجمعة

- ‌من بحوث المؤتمر

- ‌‌‌بعض سمات الدعوة في هذا العصرلفضيلة الشيخ أبي الحسن الندوي

- ‌بعض سمات الدعوة في هذا العصر

- ‌كيفية إعداد الداعية للدكتور أحمد أحمد غلوش

- ‌تمهيد

- ‌وجوب تبليغ الدعوة وإعداد الدعاة

- ‌الصفات الواجبة للدعاة

- ‌الإيمان العميق

- ‌ العلم الدقيق

- ‌ الخلق المتين

- ‌كيفية إعداد الدعاة

- ‌مدخل

- ‌ الإشراف المنظم:

- ‌ إقامة دورات للتعليم والتدريب:

- ‌ مكتبة الداعية:

- ‌ المؤلفات الموضوعية:

- ‌ المجلة المتخصصة:

- ‌ تحسين المستوى الإجتماعي للدعاة:

- ‌تهيئة الدعاة الجدد

- ‌الإختيار المبكر

- ‌مدارس الدعاة:

- ‌ كليات الدعوة:

- ‌الدعاة المبعوثين للخارج

- ‌العون الواسع

- ‌ تعيين مساعدين للدعاة:

- ‌ حماية الدعاة:

- ‌الخاتمة

- ‌إعداد الداعية ومعالجة بعض مشاكل الدعوة للشيخ محمد محمد أبو فرحة

- ‌مدخل

- ‌الظروف مواتية:

- ‌مهمة الداعي

- ‌واجب هيئات الدعوة

- ‌الطريق إلى الدعوة

- ‌هيئة عامة للدعوة

- ‌(مهمة الهيئة)

- ‌مقر الهيئة

- ‌كلية خاصة بالدعوة

- ‌مدخل

- ‌المواد الدراسية

- ‌التفرقة في التخصص

- ‌(الناحية العملية في تربية الدعاة)

- ‌واجب الدعاة نحو أنفسهم

- ‌مشكلات الدعوة والدعاة في العصر الحديث وكيفية التغلب عليها؟ للدكتور محمد حسين الذهبي

- ‌مدخل

- ‌أولا: تمويل الدعوة

- ‌ثانيا ـ جهاز الدعوة

- ‌ثالثا: مناخ الدعوة

- ‌عقبات وتحديات تعترض طريق الدعوة

- ‌من هنا فلنبدأ أعمالنا للدعوة للشيخ محمد المجذوب

- ‌تمهيد

- ‌من أين نبدأ:

- ‌الإسلام والجاهليات

- ‌تصحيح الداخل أولا:

- ‌هذه التناقضات:

- ‌تراثنا المهدد:

- ‌من هنا فابدأوا:

- ‌لابد من حوار:

- ‌لا منقذ إلا الإسلام:

- ‌وأخيرا:

- ‌‌‌بين يدي العلاجللدكتور محمد الهراس

- ‌بين يدي العلاج

- ‌رسالة الإعلام في بلاد الإسلام وعلاقتها بالدعوة الإسلامية للشيخ عبد الله بن إبراهيم الأنصاري

- ‌مدخل

- ‌نحو خطة إعلامية سليمة:

- ‌نحو خطة إعلامية هادفة

- ‌الدعوة الإسلامية ووسائل الإعلام للدكتور عبد المنعم محمد حسين

- ‌مقدمة

- ‌ أساس الدعوة الإسلامية

- ‌الدعوة الإسلامية في العصر الحالي:

- ‌ خطر وجود وسائل الإعلام بصورتها الحالية

- ‌ ضرورة إيجاد إعلام إسلامي

- ‌واجب الإعلام الإسلامي:

- ‌((خاتمة))

- ‌الأساليب التبشيرية في العصر الحديث للدكتور علي محمد جريشة

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأول: التبشير الحديث.. من الغرب

- ‌مقدمة:

- ‌المطلب الأول: أساليب التبشير الحديث

- ‌المطلب الثاني: ((التغيير السياسي))

- ‌الفصل الثاني: الغزو الفكري من الشرق

- ‌توطئة

- ‌المطلب الأول: الماركسية.. مبدأ

- ‌المطلب الثاني: الماركسية.. وسيلة

- ‌الفصل الثالث: الدعوة الإسلامية في وجه الغزو الفاجر

- ‌((توطئة))

- ‌المطلب الأول: وسيلة الإسلام

- ‌المطلب الثاني: هدف الإسلام

- ‌توصيات المؤتمر

- ‌مدخل

- ‌في مجال الدعوة الإسلامية ووسائلها وأساليبها وسبل تعزيزها وتطوير أدائها

- ‌في مجال ((إعداد الدعاة))

- ‌في مجال مشاكل الدعوة والدعاة:

- ‌في مجال وسائل الإعلام:

- ‌في مجال الدعوات والاتجهات المضادة للإسلام:

- ‌توصيات عامة

الفصل: ‌نحو خطة إعلامية هادفة

ويراها العامة والخاصة الصغير والكبير الذكر والأنثى.. وماذا فيها؟؟!.

هذه أغنية خليعة تدعو إلى الحب!!! والأغنية العربية اليوم ـ أيها الإخوة ـ أصبحت مدعاة للتساؤل، لقد انفصمت عن أخلاقنا وأعرافنا وتقاليدنا وأضحت في طور من الشذوذ يستدعي للعلاج..

فهذا رجل (أو شبه رجل) يتلفظ بألفاظ سخيفة وينادي حبيبته ببكاء وعويل. وذاك آخر يستجدي صاحبته ويسترضيها لتمن عليه باللقاء..

وغير ذاك من التفاهة المضحكة المبكية..

وشبابنا وبناتنا يرددون هذه التفاهات ترديدا أعمى، فماذا تكون النتيجة بعد.. ذلك؟.

وماذا ننتظر لهذا الجيل وعلى يديه؟؟!!.

إن النتيجة معروفة وظاهرة جداً، وهي خطيرة إن لم نتدارك الأمر من الآن.. إنها انعكاس ذلك على السلوك وظهور جيل مخنث تافه لا هدف له، ولا عقيدة تعصمه ولا إيمان يحميه.

وماذا تفعل المدرسة بعد ذلك؟

أو ماذا يفعل التوجيه التربوي؟

إن ما يبنيه المعلم في سنين بعد جهد جهيد وعرق تستطيع أغنية تافهة في الإذاعة أو التليفزيون أن تهدمه في لحظات، والغناء مزمار الشيطان والشيطان لا يدعو إلا إلى الباطل والفساد.

ولله در القائل:

متى يبلغ البنيان يوما تمامه إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم

لابد أيها الإخوة من وضع حد لهذا العبث وهذا التخريب.. في من؟ في فلذات أكبادنا، رجال الغد، وعتاد الأمة فما هي الخطة إذن..؟

ص: 165

‌نحو خطة إعلامية هادفة

وتصوري للوضع الإعلامي الصحيح هو أن يكون جهاز الإعلام في كل دولة إسلامية مكونا من شطرين رئيسيين

أـ الموظفون.

ب ـ وجود هدف إعلامي محدد. ألا وهو بناء صرح أخلاقي متين للأمة. ولنبدأ في تصورنا للعنصر الأول.

أـ الموظفون:

والموظف في قطاع الإعلام عصب هام جدا لعملية التوجيه في الدولة، لذلك ينبغي أن يعد إعدادا خاصا لهذه المهمة، وأن يكون كفؤا للقيام بأعبائها.

إن عملية الإعداد ينبغي أن تبدأ منذ البداية في الحياة التعليمية وأن يعد النابغون

ص: 165

بعد ذلك إعدادا عاليا في مستواه لكي يصلح لتولي هذه المهمة الخطيرة في أي من أجهزة الإعلام المختلفة.

وإن أول صفة ينبغي أن يتحلى بها موظف الإعلام هي الالتزام الخلقي في كل ما يعطيه للمجتمع من غذاء عقلي أو توجيه، وقضية الالتزام الخلقي هذه أو الديني بمعنى أصح لهي الشيء الوحيد الذي ينقص رجال الأمة الإسلامية اليوم في هذا الميدان والشواهد كثيرة جدا على ما أقول:

صحيفة تنشر إعلانا واضحا جدا في أبرز مكان في صفحاتها عن نوع من السجائر وتجعل من مدخنيه أنهم في قمة الرجولة وغاية الاستمتاع.

فهل هذا منطق؟

وهل هذا صحيح؟

إننا لو بحثنا هذا الأمر من الناحية الصحية على الفرد في استفتاء عام لوجدنا إجابة لا يختلف عليها اثنان أبدا هي أن (التدخين ضار وخبيث) ، ولربما صاحب الجريدة أو كاتب الإعلان ومدبجه لا يدخن، ولربما يعرفون أن مثل هذه الإعلانات أصبحت محرمة في صحف الغرب وفي أمريكا بالذات، بل تكتب على علب السجائر عبارة بشعة تجعل العاقل يفر منها كما يفر من الوحش الكاسر.. هذه العبارة هي: ـ

هذا الذي تدخنه يسبب السرطان

من هنا يتضح لنا قضية الالتزام الخلقي أو الديني بمفهومنا نحن ومفهومهم هم.

تغلبت المادة علينا وأصبحنا ندعو إلى السجائر في صحفنا ومجلاتنا بل وإذاعاتنا أيضا، لماذا؟ لنحصل على فائدة مادية، ونسينا أمرا أهم من ذلك نسينا الحفاظ على صحة أبناء وطننا، فقدم لهم الخبثاء السم في الدسم، وأغووهم تماما كما يغوي الشيطان جنوده بالإثم والمعصية، لقد قدمت السجائر وإعلاناتها كمثال وهناك ما هو أدهى من ذلك وأمر كالخمر مثلا لا تجد في بلاد الإسلام دعاية مضادة لها كما يوجد في بلاد الغرب فهم يهاجمونها من جميع الجوانب الأخلاقية والصحية والمادية والاجتماعية وغير ذلك بينما نحن نعلن عنها في بعض صحافتنا وأفلامنا وأجهزة إعلامنا الأخرى وشتان بيننا وبينهم.

ديننا يأمرنا باجتنابها والبعد عن مجالسها فيقبل عليها المنحلون من أبناء أمتنا. أما هم ـ أعني أبناء الغرب ـ فلا شيء ينهاهم عنها إلا ما رأوه فيها من مضار اكتشفوها بالعقل والتجربة، فأعلنوا عليها حربا لا هوادة فيها

ص: 166

وهكذا يبدو التناقض فينا واضحا.

أيها الإخوة:

إن قضية الالتزام الديني كما أسميه أو الالتزام الأخلاقي كما يدعوه البعض، إنما هي قضية هامة وفي غاية من الخطورة، وينبغي أن تكون هي الجوهر الذي علينا اكتشافه أولا وقبل كل شيء في رجل الإعلام منا.

فلابد وأن تتوفر فيه صفات شتى: ـ

منها التفقه في دينه ومعرفة أحكامه

ومنها الإخلاص لعقيدته

ومنها الإلمام الكامل بثقافة الإسلام من لغة وتاريخ وغير ذلك.

ومنها الإطلاع على ثقافة الغرب للاستفادة من الصالح منها.

ومنها الإيمان المطلق بأننا نحن المسلمون أصحاب رسالة سامية وحملة أمانة السماء إلى الأرض.

وأننا نحن المسلمون ملزمون أيضا دينيا بتبليغها إلى الناس كافة على مختلف ألوانهم وأجناسهم وألسنتهم فإن فعلنا ذلك فقد كنا أوفياء لعقيدتنا وديننا وإلا فنحن مفرطون مضيعون لأمانتنا.

إن رجل الإعلام ينبغي أن يمر تحت منظار دقيق جدا لتعرف سجاياه وأهواؤه وطويته فإنه أخطر على الأمة من أي عدو آخر، أخطر عليها من الجهل والمرض والفقر، لأنه يستطيع وبسهولة جدا أن يوجهها إلى الهاوية التي تؤدي بماضيها وحاضرها ومستقبلها والعياذ بالله.

لهذا فإنني أكرر مؤكدا ضرورة التدقيق جدا في اختيار رجال الإعلام على أن يكونوا متصفين بكل ما يحض عليه ديننا الحنيف من حسن الخلق والتزام كامل، وفضيلة مستقاة من تعاليم السماء.

أما الهدف الذي نرمي إليه من هذه الخطة الإعلامية فهو لب موضوعنا هذا وهو الأساس الذي بنينا عليه هذا البحث.

إن الهدف في غاية من الوضوح ويتلخص في النقاط التالية: ـ

أولا:

نريد من الإعلام الإسلامي أن يشعر بعظم المسؤولية الملقاة على عاتق العاملين به فهم الذين يوجهون الأمة وينيرون لها السبيل بل إن أحدهم وهي الصحافة تسمى بلغة العصر، السلطة الرابعة من سلطات الأمة..

على ذلك فإن المسؤولية عظيمة ولابد أن يتولاها قوم عظام أيضا من ذوي الجباه العالية على مستوى من المسؤولية

ص: 167

والخلق وحسن الإدراك والتوجيه والثقافة والإخلاص لعقيدتهم.

ومن هذا المنطق لابد وأن تكون الأمة على بينة من أمرها، وينبغي للإعلام حينئذ أن يتحلى بالصدق والأمانة. الصدق في القول والأمانة في التوجيه بحيث لا يؤخد عليه التهويل أو التصغير في الأمور، حتى لا تضطر الأمة لاستقاء أنبائها وأخبارها من مصادر العدو الذي يظللها ويقودها إلى الشك والتفكك كما هو حادث اليوم لشديد الأسف.

ثانيا:

ينبغي أن يكون الإعلام مرآة لماضينا كما يكون وجها لحاضرنا. ولكن نرى أن الأمر غير ذلك في واقعنا المؤلم اليوم، ونظرة عابرة إلى حافتنا العربية، إلا ما نذر منها، توضح لنا هذا القول. ومثال آخر للإعلام في إذاعتنا المرئية (التليفزيون) .

لقد سلط التليفزيون في العالم الإسلامي على واقع الغرب والشرق معا بما فيهما من مرارة مؤلمة، وواقع لا أخلاقي فنقلته لنا كما هو، بل وزينته لشبابنا ليقتدي به..

نرى ذلك في القصص والأفلام والمسلسلات.

نرى ذلك حتى في التاريخ القومي للغرب.

فقد نقل لنا التليفزيون ـ جزاه الله بما يستحق ـ كل شيء نقل لنا الخبيث قبل الطيب والطالح قبل الصالح والمر قبل الحلو، وأصبح ناقلا مقلدا في غاية من التفاهة والسوء، لا يعبر عن أصول حضارتنا ولا عراقة ديننا وتقاليدنا، ولكنه مسخ سيء، تاما كالغراب الذي تخلص من ريشه ليقلد الطاووس في شكله فأضحى مسخا لا يعبر عن هذا ولا ذلك.

هل كان الإعلام أمينا في نقل حضارة الإسلام نقلا صحيحا سويا؟

لا.. وألف مرة لا.. أقولها وأنا حزين وآسف على ذلك.

إن جماهيرنا تعرف عن رجال الغرب أكثر مما تعرف عن عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد وأبي عبيدة عامر بن الجراح، وغيرهم من رجالات الإسلام الأولين..

إن شبابنا يعرف عن الخنفسة بفضل إعلامنا ـ جزاه الله بما يستحق ـ أكثر مما يعرف عن سجايا أسلافنا وأخلاقهم.

عن نساءنا يعرفن عن نساء الغرب أكثر مما يعرفن عن أمهات المؤمنين

ص: 168

والبطلات الخالدات في تاريخ الإسلام.

لقد قام الإعلام في بلاد الإسلام بدوره الذي رسمه له العدو الغادر فقلب المعايير الخلقية لدى جيلنا المعاصر فأصبحت الرذيلة أوفى بالأداء من الفضيلة.

أصبح السفور هو التقدم، والتستر هو الرجعية وصارت الميوعة والتخنث هما علامة على السمو والرجولة هي الجلافة والتوحش..

أجل انقلبت المعايير لأن أعداء الإسلام أرادوا لنا ذلك، فكنا كما أرادوا.. وأضحينا لا نهتم إلا بالسفاسف من الأمور.

إن الإعلام الأعمى في بلاد الإسلام صار متخصصا في دراسات وفلسفات الفكر الغربي والشرقي كالديموقراطية والشيوعية. فمثلا نجد المقالات المدبجة هنا وهناك في معظم صحافتنا الإسلامية، هذا يحبذ وذاك يعارض وآخر يواسي بين الفريقين.. وهكذا.. نجد كل ذلك في صحافتنا منشورا لشبابنا، فيقتنع به فريق، ويعارضه فريق آخر.. ثم تدور الرحى حربا بعد ذلك بين الفريقين.. المتخاصمين فينشغل بال القوم بما بينهم وينسوا دنياهم وآخرتهم على حد سواء وتطحنهم الرحى جميعا، وتفنيهم وهم لا يعلمون من أين توالت عليهم المصارع..

ثالثا:

والإعلام أيضا ينبغي أن يكون أداة من أدوات توحيد الأمة ودعامة قوية من دعامات بنائها الفكري والروحي فاللغة المكتوبة أو المسموعة ينبغي أن تكون سليمة في مبناها ومعناها على حد سواء، صريحة في مغزاها معبرة بصدق عن رأي قائلها، حتى تولد الثقة في عقل سامعها فتستقر في ذهنه وقلبه ويكون لها فعل السحر فتؤتي الغاية المرجوة منها..

والصراحة حرة ومؤلمة في بعض الأحيان..

لقد عرف شبابنا من الإذاعات المسموعة والمرئية على حد سواء كل شيء عن أوربا وأمريكا والصين وروسيا، وقليلا بل ونادرا ما نسمع عن أرضنا الإسلامية وما كان هذا الموقف الحزين المؤسف إلا لأن المسؤولين في الإعلام لا يدرون بذلك، إما لأنهم لا يشاهدوه أو لا يسمعوه، وإما لا يعرفون مقدار التبعة الملقاة على عاتقهم..

فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة

وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم

ص: 169

رابعا:

كل مجتمع من المجتمعات به مظاهر حياته كما فيه عوامل موته أيضا، وذلك كما يقول علماء الاجتماع.

ونظرة واقعية على مجتمعنا الإسلامي اليوم نرى ذلك بوضوح، نرى العلل تصرعه من كل جانب.

وواجب الإعلام الإسلامي أن يقوم بدراسة ميدانية لما بالمجتمع من أمراض ويوجه المسؤولين إليها، ويشخص لها الداء ويصف الدواء.. إن هذه النقطة من أهم النقاط التي ينبغي أن يوجه الإعلام نظره إليها، فإن علاج المجتمع جزء من واجب الصحافة والإذاعة المرئية والمسموعة.

خامسا:

تقديم الإسلام للمجتمع العالمي في ثوبه الحقيقي وهذا واجب آخر من واجبات الإعلام الإسلامي.. الدعوة إلى الله على بصيرة، وتقديم هذه الدعوة إلى مجتمعات أخرى في ثوب قشيب ناضر بلغات تلك المجتمعات تقديما مناسبا لجلال دين الإسلام وروعته وموضحا لوظيفة الإسلام والمسلمين في المجتمع الإنساني كافة..

ـ هل يستطيع الإعلام الإسلامي القيام بهذا الدور؟

ـ وهل ينجح في أن ينبه أنظار المسلمين إلى واقع دينهم؟

ـ وهل يستطيع أن يلفت أنظار غير المسلمين إلى روعة دين الإسلام؟

ـ وهل يستطيع أن يتحمل الأمانة ويبلغها للناس كافة بجميع الوسائل المسموعة والمرئية؟

ـ هل يستطيع أن يلم شعث المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها على كلمة لا إله إلا الله، ويعرفهم أنهم أعضاء في جسد واحد إذا ألم بجزء منه مكروه تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر؟

ـ هل ينجح في أن يقيم واقع المسلمين ويبين ما به من آلام وأمراض خبيثة من شيوعية وبهائية وقديانية وغير ذلك من ملل ونحل تفتك بجسد الأمة الإسلامية؟

ـ وهل يستطيع أن يحارب هذه النحل والملل ويخرجها من دار الإسلام إلى الديار الأخرى التي أنبتتها ثم تخلصت منها بأن صدرتها إلى المسلمين ففككت عرى وحدتهم وسممت أبدانهم، وفرقت كلمتهم وأودت بهم إلى التفرقة ثم إلى العداء والحرب بعد ذلك؟

ص: 170

ـ إننا لو نجحنا في ذلك لاستطعنا أن نخدم عقيدتنا بتسخير وسائل الإعلام كلها لها وهذا واجب ديني يحتم علينا أن ننهج في العمل لديننا وعقيدتنا.. فهل نحن سائرون؟

ـ وهل نحن إلى طريق الخير متوجهون؟

ـ وهل يا ترى سننجح في هذه المهمة العظمى؟

تأكدوا أيها الإخوة أن الأمر من بخطورة بمكان. وأن الإعلام بجميع وسائله المكتوبة والمرئية والمسموعة يتحمل العبء الأكبر.

وذلك واجبكم أنتم أيها الدعاة أن تتجهوا إلى هذا الميدان بالإعداد له، وتوجيه شباب الإسلام لساحته وتعريفهم بمدى أهميته، ويوم أن تنجحوا في تقديم داعية مسلم واع.. لهذا الميدان، بقدر ذلك يكون الانحسار في بحار الباطل وستجدوا أنفسكم في النهاية على شاطئ النصر والأمان.

فهل أنتم واصلون إليه؟

أرجو ذلك.

{وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً} . بإذن الله

ص: 171