الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لهم الحياة الكريمة، والكسب الحلال فلا حاجة بعد ذلك لأي عمل.
وبهذا وأمثاله يأخذ الدعاة منزلتهم اللائقة، ويؤدون دورهم بصورة حسنة ناجحة، وهكذا يمكن إعداد الدعاة القائمين بالعمل فعلاً بتدريبهم، وإعانتهم وإمدادهم بالكتب والمؤلفات، ورفع مكانتهم وكل ذلك وفق خطة منظمة وتحت إشراف دقيق.
تهيئة الدعاة الجدد
الإختيار المبكر
…
وبالنسبة لتهيئة دعاة جدد من أجل القيام بتبليغ الدعوة بعد إعدادهم فإني أقترح لإعدادهم بالإضافة إلى ما سبق من اقتراح للدعاة العاملين ما يلي:-
1) الاختيار المبكر:
يولد الطفل بمجموعة من الصفات الموروثة من والديه، ويكتسب مجموعة أخرى من بيئته الأسرية، فإذا ما بدأ دراسته الأولى في المدرسة أو الكتاب أخذ في اكتساب المزيد من الصفات عن طريق أقرانه وأساتذته.
وكم كنت أتمنى اختيار طلبة الدعوة مع بدء تعليمهم، لكن صعوبة ذلك يدفعنا إلى اقتراح اختيار هؤلاء الطلاب بعد المرحلة الأولى على أن يستفاد من هذه المرحلة بما يدرس فيها كمعرفة أصول اللغة وحفظ بعض القرآن الكريم وتربية بعض الملكات الفطرية عند الولد. وينبغي في هذه المرحلة أن توضع بطاقة لكل طالب تدون فيها ميوله، ورغباته، ومستوى ذكائه، وقدرته على التحصيل الدراسي ومدى استجابته لتوجيه أساتذته أمراً ونهياً، ومدى تأثره بأقرانه وتأثيره فيهم، لأن هذه المعلومات تعتبر مؤشراً على شخصية الطالب واتجاهاته فيما بعد.
ومن الممكن اختبار بعض الطلاب لدراسة علوم الدعوة بعد المرحلة الأولى على أساس استعداداتهم وميولهم. يقول ابن سينا: " إذا فرغ الصبي من تعلم القرآن الكريم وحفظ أصول اللغة أنظر عند ذلك إلى ما يراد أن تكون صناعته فوجهه لطريقه بعد أن يعلم مدير الصبي أن ليس كل صناعة يرومها الصبي ممكنة له مواتية لكن ما شاكل طبعه وناسبه"1. وتلك ملاحظة هامة لأن وضع الإنسان في موضع يتفق مع ميوله واستعداداته أول شروط النجاح ولنقتد في ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم فهو الذي اختار أبا بكر وعمر رضي الله عنهما للشورى واختار أبا عبيدة وخالداً وأسامة للحرب
1 التربية عند علماء المسلمين ص 17 المقدمة.
والقتال، واختار علياً ومعاذاً للحكم والقضاء، وهكذا سائر الصحابة الذين وكل إليهم بأعمال متعددة. وما تم ذلك إلا وفق استعداد كل منهم ليقوم بما يعهد إليه من مهام، ومن الممكن أيضاً عقد لقاءات شخصية للطلاب لاختبار قدرتهم واستعدادهم لهذا النوع من الدراسة لأن الاستعداد الشخصي أساس للتفوق العلمي، ولقد كان السلف رضوان الله عليهم يختبرون من يعلمون حتى لا يضعوا البذرة في أرض سبخة، ومن ذلك ما حدث من الخليل بن أحمد عالم العربية حينما أتاه النظام بولده إبراهيم وقال له: علم لي ولدي هذا، فإنه اختبره أولاً، وقال له صف هذا الكأس وأشار إلى كأس في يده فقال الغلام: بمدح أم بذم؟
قال: بمدح.
فقال الغلام: تريك القذى، ولا تقبل الأذى، ولا تستر ما وراء.
قال: فذمها.
فقال الغلام: يسرع إليها الكسر، ولا تقبل الجبر.
ومن ذلك أيضاً أن الحافظ العراقي لما ذهب إلى شيخ ابن البابا ليتلقى عنه الحديث اختبره أولا حيث قال له: من ابن البيع؟
قال الحافظ: الحاكم أبو عبد الله النيسابوري.
فقال له: من أبو محمد الهلالي؟
قال: سفيان بن عيينة.
قال له: هلم يا بني. وعرف مكانته من الوعي والإدراك، واستعداده للتعلم وعلمه.
إن مثل هذا الاختبار يتم اليوم في عدد من الدراسات المتخصصة التي تبدأ من وقت مبكر كدور المعلمين والمعلمات، ومعاهد الخدمة الاجتماعية، والمدارس العسكرية المشروعة، وذلك كله لينجح الطالب بعد تخرجه فيما يوكل إليه من أعمال.
وقد أدرك قدر هذا الاختبار المبكر مع الاختيار أصحاب المذاهب الوضعية ورجال الكنائس العالمية فعملوا به وأخذوا يعدون لباطلهم دعاة فيهم الذكاء والنشاط والإخلاص، وغير ذلك من الصفات التي تنتشر بها الأفكار والعقائد.
وإعداد الدعاة إلى الإسلام يجب أن يندرج في هذا الخط الطبيعي، حيث يختارون في سن مبكرة، وتختبر مستوياتهم الذهنية وقدراتهم الشخصية ليسهل إعدادهم، ويكونوا بعد تخرجهم على مستوى أهمية الدعوة، وأهميه العمل لها.