الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشرعية من كل خطط التنمية التي تمدها للمستقبل القريب.. ولا معنى لذلك إلا التصميم على الغائها نهائيا.
فإذا التفتنا إلى ميدان الإعلام، وجدنا الأبواب مفتحة لكل الأفكار المحاربة للإسلام، ولكل الفنون المدمرة لآدابه وفضائله. وربما عثرنا في بعض الزوايا القصية على بعض الكلمات التي تحاول أن تعرض، في استحياء، بعض معاني الإسلام، ولكن ما يحيط بها من نقائض كافية لأن تجعل منها شيأ غير معقول ولا مقبول.. حتى كتاب الله الذي غير تاريخ البشرية، وعلمها ما لم تكن تعلم من حقوق الإنسان ورسالته العليا، فلما يقدم للناظر أو السامع إلا مصحوبا لسبيل من الأغاني أو المزامير، التي لا داعي لها، سوى اشعار السامع أو المشاهد أن هذا القرآن ليس أكثر من بعض هذه (الألوان) الترفيهية..
تراثنا المهدد:
ولا عجب أن تنحدر معاملة المعاني الإسلامية لدى وسائل الإعلام الرسمية في بعض هذه الدول، إلى مثل ذلك الدرك المؤسف، ما دام بعض كبار المسؤلين فيها لا يتحرجون عن الطعن الصريح في عصمة القرآن، والغمز من رسالة محمد (صلوات الله وسلامه عليه) حتى ليتهمونه على رؤوس الأشهاد بالتقول على الله، والدعوة إلى عبادة ذاته، والإستعانة بالأساطير الوهمية للتأثير على الأتباع.. إلى آخرين لا يسترون سخريتهم بالإسلام، حين يعلنون إيمانهم بالماركسية والإسلام جميعا، ولا يكتفون بذلك لأنفسهم بل يفرضون هذا التزوير على شعوبهم المسلمة بقوة الحديد والنار، ثم لا يستنكفون أن يحرقوا منكري هذا الإفك المبين بالنار على ملأ من العالمين.. ومع ذلك لا يرون بأسا من أن يحضروا مؤتمرا الإسلام، وينيبون عنهم من يتحدث بإسمه في كل مناسبة خاصة به..
وقد أعطى هؤلاء أنفسهم حق الإفتاء في كل ما يريدونه من الإسلام، دون ما حاجة سوى أنهم يملكون القوة التي تمكنهم من اذلال شعوبهم، وزج أحرارها في غياهب السجون، والتفنن في ابتداع عجائب التعذيب، يصبونها على كل من يجرؤ على مواجهتهم بكلمة (لا) ..
ولعل موقف هؤلاء من المرأة المسلمة يمثل قمة الإستهتار بقداسة الإسلام.. فالسائح في ديارهم أينما اتجه تطالعه اللافتات الصارخة بتحرير المرأة.. وقد أصبح هذا شعار كل حكومة تنعت
نفسها بالتقدمية في بلاد الإسلام.
وبقليل من التحقيق يتضح لكل ذي بصيرة أن المراد بهذا التحرير ليس تمكين المرأة من طلب العلم الذي يناسبها ولا رفع المظالم التي ترهقها في بعض الأوساط التي أدارت ظهرها لشريعة الله، بل دفعتها إلى الخروج على كل القيم التي ميزت المسلمة عن سائر النساء، إذ أعطتها من الحقوق ما لم تحلم به امرأة في العالم كله حتى الساعة..
ولا شك أن رافعي شعار (تحرير المرأة) في عالم الإسلام يدركون جيدا أن إفساد المرأة المسلمة باستجرارها إلى التحلل من فضائل الإسلام، إنما هو أقصر طريق إلى تدمير الحصون الداخلية للمجتمع الإسلامي.. لأنه سيجهز على مقومات البيت الذي لم يبق سواه لتربية الأجيال المؤمنة..
ومن أجل ذلك يعبئون كل الطاقات التي يملكونها، لتفريغ المسلمة من كل تقديس لمواريثها الدينية، وفي مقدمة ذلك تشويه القيم الأصلية، وشحن نفسها بالتنفير من كل موحياتها، وأنجح مجال لذلك مؤسسات العلم التي أمكن تجريدها حتى اليوم كل الحصانات الذاتية، ثم مؤسسات الدولة التي ركزت على استخدام المرأة، فأصبحت من أهم العوامل المفتتة لبقايا الأخلاق..
وما أحسبني بمعذور إذا أنا أغفلت بجانب هذه الألغام الناسفة، موضوع الشباب الذي يبتعث لاستجلاب المعرفة من معاقل الكفر، فإذا هو ـ إلا من رحم الله ـ فريسة مكشوفة لكل خبيث النية عليم اللسان.. ثم لا يلبث إلا قليلا حتى يسلخ من الزاد اليسير الذي حمله عن دينه دون تعمق ولا تدبر.. فإذا عاد إلى بلده بعد من الدراسة كان أكبر همه تهديم ما يواجهه من تراث حُشِي صدره بالحقد عليه..
وإني لهذا المسكين، الذي سُيّب دون معين، أن يصمد لألوان المغريات التي أعدت لاصطياده منذ الخطوة الأولى.. إذ كان عليه، من أجل اتقان لغة القوم، أن يتخذ سكنه في أسرة لا يسمع ولا يرى فيها إلا ما يخالف مقومات دينه، ثم تأتي الرحلات والحفلات والشهوات.. فلا تبقى من ميراثه النفسي نقيرا ولا قطميرا..
فكيف إذا تذكرنا أن هذا الشباب هو الذي يتولى وسيتولى مقادة المجتمع وتكييفه على الوجه الذي لا يؤمن بغيره!..