الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
متخصصة يفقه أفرادها أمور دينهم بدرجة كبيرة، ويكونون على درجة عالية من الفطنة والذكاء وتتقن كل مجموعة منها لغة من اللغات الرائجة بين المسلمين وغير المسلمين من شعوب الأرض كالعربية والفارسية والأوردية والإنجليزية والفرنسية وغيرها، حتى يحقق العاملون في هذا الميدان الغاية المرجوة، ويصلوا إلى الهدف المنشود.
إن العلم والفقه في الدين والذكاء والفطنة واتقان اللغات الأجنبية من شرقية وغربية وسائل لا غنى عنها في العصر الحديث في الإعلام الإسلامي حتى يرتفع صوت الإسلام وتصل الدعوة الإسلامية إلى الناس أجمعين فيهتدي بنورها الضالون الحائرون.
وإيجاد الإعلام الإسلامي المتخصص عن طريق الإذاعة أمر ممكن بعون الله تعالى، إذا صح العزم، وهو أمر ضروري في العصر الحالي لمواجهة أعداء الإسلام الكثيرين وتبصير المسلمين بحقائق دينهم، وحمايتهم من الانحراف والانزلاق والانخداع بما يروجه أعداء الإسلام من دعايات مغرضة، وما يلفقونه من أباطيل، ويلقون بها في ساحة الشريعة الإسلامية الغراء، للتشويش على الدعوة الإسلامية وصرف المسلمين عن دينهم.
وليس معنى إيجاد إعلام إسلامي متخصص إهمال وسائل الإعلام الأخرى إذ ينبغي على أولي الأمر في الأقطار الإسلامية المختلفة أن يضعوا حدا للعبث ومظاهر الفساد البادية في وسائل الإعلام بصورتها الحالية بأن يراقبوها ويمنعوها من اغراء المسلمين بالتيارات الضالة المضللة وإشاعة الفساد والانحلال بينهم، وبخاصة بين الشباب ويجب على أولي الأمر ـ أيضا ـ أن يوجهوا وسائل الإعلام الحالية ـ على اختلاف أنواعها وألوانها ـ الوجهة الصحيحة التي لا تتعارض مع روح الإسلام، ولا تتنكر لأصل من أصوله ولا تتعارض مع ركن من أركانه، فالالتزام بالحق أمر واجب، والدعوة إلى تحكيم شريعة الله، ونشر رسالة الإسلام، والدفاع عنه، من الأمور الواجبة على المسلمين كافة وعلى أولياء الأمور فيهم بخاصة، والله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور.
واجب الإعلام الإسلامي:
إن واجب الإعلام الإسلامي ـ بعد إيجاده ـ أن يعمل في ميدانين في وقت واحد، أحدهما دفاعي والآخر تبليغي.
أما الميدان الدفاعي فيرد فيه على حملات أعداء الإسلام ويبين ما في هذه الحملات من زيف وأباطيل تهدف إلى تشكيك
المسلمين في حقائق دينهم حتى ينصرفوا عنه، وحتى يتوقف الذين يبحثون عن الإسلام لاتخاذه دينا يملأ الفراغ الذي خلت نفوسهم منه عن البحث عنه ويستمرون في ضلالهم وحيرتهم.
ويجب على العامين في ميدان الدفاع عن دين الله عن طريق الإعلام الإسلامي أن يفضحوا أكاذيب أعداء الإسلام ومفترياتهم وما يلفقونه من أباطيل يروجونها بواسطة وسائل الإعلام المختلفة للتشويش على الدعوة الإسلامية، حتى يستطيع المدافعون عن الإسلام أن يردوا كيد أعدائه في نحورهم، ويردوهم على أعقابهم مدحورين خائبين.
وأما الميدان التبليغي فيقوم العاملون فيه ـ عن طريق الإعلام الإسلامي ـ بالدعوة إلى دين الله في المواطن التي خلت من الدين، وفي المواطن التي خف ميزان الدين بين أهلها، لأن الناس في هذه المواطن في أنحاء العالم المختلفة يبحثون عن دين يجدون فيه الحق الذي يتقي مع الفطرة الكامنة في كل نفس، ويتمنون أن يجدوا دينا يجدون فيه الحق الذي يلتقي مع العقل المتشوق إلى الحق، الباحث عن الحقيقة.
ويستطيع الداعون إلى دين الله عن طريق الإعلام الإسلامي ـ أن يبينوا حقائق الإسلام للناس بلغاتهم المختلفة في جميع ربوع العالم، لأن بيان هذه الحقائق كاف في الأخذ بأيديهم إلى طريق الهداية والرشاد والسعادة في الدنيا والآخرة.
ويجب أن يبين الداعون إلى دين الله للناس أن الإسلام دين يتفق مع الفطرة وأنه المثل الأعلى للإنسانية، وأنه حرر العقل وأطلقه ليعود على الإنسانية بكل خير، وأنه حرر الإنسانية من ظلم البشرية وتناقضاتها، ووحد القوى الإنسانية التي تقود العالمين إلى السعادة القصوى، وإن الإسلام هو النظام الإلهي الكامل الذي يسعد الإنسانية في جميع المجالات العقلية والنفسية، والخلقية والعاطفية، والروحية والمادية والفردية والاجتماعية.
وينبغي أن يبين الداعون إلى دين الله أن الدين كله لله، وأن دين الله واحد هو الإسلام الذي بعث به رسله وأنزل به كتبه، وأن الأنبياء كلهم إخوة، دينهم واحد وأن الواجب الإيمان بهم، وبما أنزل إليهم جميعاً. قال الله تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ
مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} 1.
ويجب أن يبينوا للناس أن الله ختم بالإسلام جميع الديانات السماوية، وجعل نبي الإسلام ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ آخر لبنة في بيت النبوة العتيد، فتم بها بناؤه وكمل بها رواؤه، وأن العقيدة الإسلامية تقوم على الإيمان بالله إلها واحداً لا تنبغي الإلهية إلا له، وعلى الإيمان بأن له وحده الأسماء الحسنى والصفات العليا.
وينبغي أن يبينوا للناس أن الإيمان باليوم الآخر وبالبعث والجزاء مما يقتضيه العقل، تحقيقاً لقاعدة العدل فلا يعقل أن تكون هذه الحياة القصيرة ـ التي يحياها الناس في الدنيا ـ هي الغاية من خلق هذا العالم الكبير، وأن تكون نهاية المؤمن والكافر سواء، ونهاية الظالم والمظلوم سواء، ونهاية البر والفاجر سواء. قال الله تعالى جلت حكمته:{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} 2.
فإذا علم كل إنسان أنه مسؤول عما يعمل ومحاسب على ما يقدم، {وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى} ، {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} 4. سلك في حياته المسلك الصحيح، وحاسب نفسه بنفسه، وابتعد عن المذاهب الضالة، وأخلص في أداء ما وجب عليه، وبهذا تستقيم الأمور في هذه الحياة وهكذا يحقق الإسلام السعادة الإنسانية، وينقذها من الضلال والفناء.
إن الداعين إلى دين الله يستطيعون عن طريق الإعلام الإسلامي أن يبينوا للناس في مختلف أقطارهم وباللغات التي يفهمونها أن العقيدة الإسلامية ترتكز على أسس ثابتة من الفطرة الإنسانية العامة، والمنطق العقلي المستقيم والنصوص
1 البقرة: آية 285.
2 الجاثية: آية 21.
3 سورة ص: آية 27-28.
4 الزلزلة: آية 7-8.