الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والتي تهفو إليها قلوب المسلمين في جميع أنحاء العالم، وهي القطر الذي يحمل لواء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث ويبذل غاية الجهد من أجل نصرة الإسلام، وتوحيد كلمة المسلمين، {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} 1.
وسأحاول في هذا البحث أن أبين أساس الدعوة الإسلامية ثم أبين خطر وسائل الإعلام بصورتها الحالية في الأقطار الإسلامية، وكيف أنها تتعاون مع أعداء الإسلام في محاربة الإسلام والتشويش على دعوته، وأن أبين واجب المسلمين في أقطارعم المختلفة نحو وسائل الإعلام وضرورة توجيهها وتحويلها إلى أدوات بناء للمجتمع الإسلامي، بدلا من كونها أدوات هدم وتدمير، ثم أبين ضرورة ايجاد إعلام إسلامي متخصص مع الاستفادة من وسائل الإعلام المختلفة في ايصال الدعوة الإسلامية إلى جميع أنحاء العالم، بمختلف اللغات الرائجة بين الناس وبالله التوفيق..
1الحج: آية 40
أولا:
أساس الدعوة الإسلامية
إن أساس الإسلام هو التوحيد الخالص لله، المصفى من دخائل الشرك كلها، ظاهرها وخفيها، حيث لا يصح إيمان مؤمن إلا إذا أخلص عبادته لله تعالى، مستيقنا أنه لا إله إلا هو سبحانه وتعالى بيده كل شيء، وإليه كل شيء، وعنده كل شيء، لا يملك أحدا معه سبحانه ضرا ولا نفعا لنفسه أو لغيره. قال تعالى:{وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَيَاةً وَلا نُشُوراً ولا يملكون موتاً ولا حياة ولا نشوراً} 2.
فأساس الدعوة الإسلامية هو الإيمان بالله واحدا لا شريك له، ثم ما يقوم في ظل هذا الإيمان من شريعة شرعها الله لعباده في تعبدهم لله، وفي بناء مجتمعهم المؤمن بالله، وينبغي على كل مسلم بعد أن يثبت أركان الإسلام في نفسه أن يدعو الناس جميعا من مسلمين وغير مسلمين إلى الإيمان بالله. واخلاص العبادة له وحده حتى يحييهم الله حياة طيبة ويجزيهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون.
لهذا يجب أن تكون أمة الإسلام داعية إلى هذا الدين الذي أكرمها الله به، فينبغي على العلماء أن يبين للناس أمور دينهم، ويقوموا فيه آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر، فمن
2 الفرقان: آية3
آتاه الله علما يجب أن ينفقه فيما ينفع الناس في دينهم ودنياهم، فكما دعا الله إلى طلب الرزق والإنفاق منه، دعا إلى طلب العلم والإنفاق منه، فقال تعالى:{آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ} 1.
والقرآن الكريم الذي أقام الرسول به أمة الإسلام، ورفعها به إلى درجة لم تبلغها ولن تبلغها أمة من الأمم، من عظمة النفوس، وسمو الأخلاق، وكمال الفضائل الإنسانية، هذا القرآن هو الذي بأيدينا اليوم، لم يتبدل منه حرف، ولم تتغير منه كلمة، ولكن الذي تغير وتبدل هم أصحاب القرآن والداعون به إلى الله.
إن القرآن دواء وشفاء، يداوي يشفي بقدر ما تستجيب له النفوس، وتتقبله العقول، وتتفاعل وتنفعل به المدركات والمشاعر، فإذا لم يجد النفوس الطيبة المستجيبة والعقول السليمة المتقبلة والمدركات والمشاعر المتقبلة المنفعلة فإنه يظل بمعزل عنها أشبه بالنور لا تكتحل به الأبصار المحجبة دونه بحجاب كثيف، يقول الله تعالى:{قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} 3.
ولهذا فإن أهم ما ينبغي أن يتصف به الداعي أن يكون على بصيرة ووعي بالطبيعة الإنسانية، وأن يتعرف إلى المسالك الطبيعية التي يسلك بها إلى النفوس حيث يجد لدعوته مكان القبول لها والإنتفاع بها، وذلك بأن يكون الداعي معايشاً للحياة مع الناس، وان يرصد الأحداث التي تعرض لهم، والتي تكون مسرحا لأفكارهم، ومدارا لحديثهم، عندئذ تبدأ مهمة الداعي بعرض هذه الأحداث، ومناقشتها على ضوء الشريعة الإسلامية وما تقدمه من حل لمثل هذه الأحداث العارضة، لأن في هذا ما يشد الناس إلى الدين، ويوثق صلتهم به، فيفزعون إليه كلما عرض لهم أمر بعد هذا، ليجدوا فيه كلمة الفصل فيما يهمهم ويشغل بالهم.
1 الحديد: آية 7
2التوبة: آية 122
3فصلت: آية 44