المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الخامس: التذكير والتأنيث - المدخل إلى علم اللغة ومناهج البحث اللغوي

[رمضان عبد التواب]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة:

- ‌القسم الأول: ال‌‌مدخلإلى علم اللغة

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: الدراسة الصوتية

- ‌مدخل

- ‌كيف يحدث الصوت الإنساني:

- ‌الأصوات الصامتة والمتحركة:

- ‌بيننا وبين القدماء في وصف بعض الأصوات

- ‌الضاد

- ‌الطاء:

- ‌الجيم:

- ‌القاف:

- ‌العين:

- ‌نظرية الفونيم والكتابة:

- ‌أصوات العلة "الحركات

- ‌المقاطع الصوتية:

- ‌النبر والتنغيم:

- ‌الفصل الثاني: نشأة اللغة الإنسانية

- ‌مدخل

- ‌المذهب الأول:

- ‌المذهب الثاني:

- ‌المذهب الثالث:

- ‌المذهب الرابع:

- ‌المذهب الخامس:

- ‌المذهب السادس:

- ‌المذهب السابع:

- ‌الفصل الثالث: علم اللغة والمجتمع الإنساني

- ‌الفصل الرابع: علم اللغة والنفس الإنسانية

- ‌الفصل الخامس: علم اللغة والجغرافيا اللغوية‌‌ الأطلس اللغوي

- ‌ الأطلس اللغوي

- ‌طريقة عمل الأطلس اللغوي

- ‌مدخل

- ‌ الطريقة الألمانية:

- ‌ الطريقة الفرنسية:

- ‌الفرق بين الطريقتين:

- ‌محاولات "برجشتراسر" في هذا الميدان

- ‌الفصل السادس: اللغة المشتركة واللهجات

- ‌الفصل السابع: الصراع اللغوي "أسبابه ونتائجه

- ‌القسم الثاني: مناهج البحث اللغوي وتطبيقات المنهج المقارن

- ‌الفصل الأول: المنهج المقارن بين مناهج البحث اللغوي

- ‌مدخل

- ‌ المدرسة اللغوية البنيوية:

- ‌ مدرسة النحو التوليدي التحويلي:

- ‌ مدرسة القوالب:

- ‌المستويات النحوية:

- ‌الفصل الثاني: في أصوات اللغة

- ‌ الأصوات الشفوية:

- ‌ أصوات الصفير والأصوات الإنسانية:

- ‌ صوت الجيم:

- ‌ الكاف والقاف:

- ‌ أصوات الحلق:

- ‌ الأصوات المائعة:

- ‌الفصل الثالث: أبنية الفعل

- ‌ الوزن الأصلي "مجرد الثلاثي

- ‌ وزن فعل

- ‌ وزن فاعل:

- ‌ وزن السببية:

- ‌ وزن المطاوعة بالتاء:

- ‌المطاوعة البنون

- ‌ المبنى للمجهول:

- ‌ أبنية أخرى:

- ‌الفصل الرابع: أدوات التعريف والتنكير

- ‌الفصل الخامس: التذكير والتأنيث

- ‌الفصل السادس: إسناد الماضي إلى الضمائر

- ‌الغائب المفرد المذكر

- ‌ الغائبة المفردة المؤنثة:

- ‌جمع الغائبين

- ‌ جمع الغائبات:

- ‌ المخاطب المذكر:

- ‌ المخاطبة المؤنثة:

- ‌ جمع المخاطبين:

- ‌ جمع المخاطبات:

- ‌ المتكلم المفرد:

- ‌ المتكلمون:

- ‌الفصل السابع: الأفعال المعتلة

- ‌الفصل الثامن: تطابق العدد في الجملة الفعلية

- ‌قائمة المصادر:

- ‌أولا: المصادر العربية

- ‌ثانيا: المصادر الأفرنجية:

- ‌فهرس الموضوعات:

الفصل: ‌الفصل الخامس: التذكير والتأنيث

‌الفصل الخامس: التذكير والتأنيث

ص: 251

بين اللفظة والعلامة، للتوكيد وحرصا على البيان، فقالوا: كبش ونعجة، وبلد ومدينة"1.

ومثل ذلك يلاحظ في اللغات الهندوأوربية كذلك، ففي الإنجليزية مثلا: son "ابن" في مقابل: daughter "ابنة"، وكذلك brother "أخ" في مقابل: sister "أخت". ومثل ذلك في الألمانية: Sohn "ابن" في مقابل: Tochter "ابنة" وكذلك Bruder "أخ" في مقابل:Schweser "أخت".. وهكذا.

غير أن هناك أشياء لا صلة لها بالجنس الحقيقي على وجه الإطلاق، مثل الجمادات كالحجر والجبل، والمعاني كالعدل والكرم، وغير ذلك، فمثل هذه الأمور لا يلحظ فيها تذكير ولا تأنيث، بالمدلول الحقيقي الطبيعي لهاتين الكلمتين. وكان ذلك -فيما يبدو- هو السبب الذي جعل بعض اللغات تقسم الأسماء الموجودة فيها إلى ثلاثة أقسام: مذكر ومؤنث، وقسم ثالث هو ما يسمى في اللغات الهندوأوربية بالمحايد "Neuter"، وهو في الأصل ما ليس مذكرا ولا مؤنثا.

ولكن اللغات البشرية، لم تسر كلها هذا الشوط على نمط واحد، فقد وزعت اللغات السامية مثلا، أسماء القسم الثالث، وهو المحايد، على القسمين الآخرين، وصارت الأسماء فيها إما مذكرة وإما مؤنثة. ويقول المستشرق "رايت" W. Wright:"اعتبر خيال الساميين النشيط كل الأشياء -حتى تلك التي لا حياة فيها- ذات حياة وشخصية"2.

1 انظر: الأشباه والنظائر للسيوطي 1/ 31.

2 Lectures on the Comparative Grammar 131.

ص: 252

ومثل ذلك حدث في اللغة الفرنسية؛ إذ ليس في أسمائها إلا التذكير والتأنيث، "وكانت الإنجليزية في ذلك أوغل من الفرنسية، فقد كانت الإنجليزية القديمة، تميز في الأداة ثلاث صيغ مختلفة للأجناس الثلاثة المختلفة: thact seo ، se بل كانت تحتوي على تصريف كامل للأداة، فيه أربع حالات مختلفة لكل فرع من فروع العدد، ولكنها ما لبثت أن بسطت هذا التصريف إذ إنها قالت أولا في حالة الرفع بتأثير القياس: theo the theat، ثم جمعت بين المذكر والمؤنث في صيغة واحدة the، وأخيرا أسقطت المبهم "ويقصد به المحايد"، فلم يبق لها في المفرد إلا صيغة واحدة، وفضلا عن ذلك كانت هذه الصيغة هي صيغة الجمع، ولما فقدت الأداة تصرفها، حرمت اللغة من التعبير عن الجنس؛ لأن الصفة من جهتها صارت مجردة من التصريف"1.

وقد فطن بعض العلماء إلى أن التذكير والتأنيث في اللغة من خصائص الحيوان وأن إطلاقه على غير ذلك يكون على سبيل المجاز، فقال ابن رشد:"والتذكير والتأنيث في المعاني إنما يوجد في الحيوان، ثم قد يتجوز في ذلك في بعض الألسنة، فيعبر عن بعض الموجودات بالألفاظ، التي أشكالها أشكال مؤنثة، وعن بعضها بالتي أشكالها أشكال مذكرة. وفي بعض الألسنة ليس يلفى فيه المذكر والمؤنث شكل خاص، كمثل ما حكي أنه يوجد في لسان الفرس، وقد يوجد في بعض الألسنة أسماء هي وسط بين المذكر والمؤيث، على ما حكي أنه يوجد كذلك في اليونانية"2.

1 انظر: اللغة لفندريس 130.

2 تلخيص الخطابة 569.

ص: 253

وقد أهملت بعض اللغات ناحية التذكير والتأنيث تماما، وقسمت الأسماء فيها إلى أسماء أحياء وأسماء جمادات، "ومثل ذلك مجموعة البانتو في جنوب إفريقيا، ففي هذه اللغات يراعي المتكلم في صيغ الأسماء التفرقة بين الجي والجماد"1. وكذلك "لغة الألجونكين algonquin تميز بين جنس حي وجنس غير حي"2. ويقول بروكمان: "وفي اللغات البدائية، ليس هناك نوعان فحسب من الجنس، كما في اللغات السامية ولا ثلاثة أنواع كما في اللغات الهندوأوربية، بل فيها غالبا أنواع كثيرة، يفترق بعضها عن بعض نحويا، وتتوزع فيها كل أشياء العالم المحسوس. ويرجع هذا التوزيع في الأساس، إلى تأملات لاهوتية، أو بتعبير أحسن تأملات خرافية، على قدر ما يبدو للرجل البدائي، أن العالم كله من الأحياء"3.

وهذه التأملات الخرافية، التي يتحدث عنها بروكلمان، توجد كذلك في اللغات التي قسمت الأسماء فيها إلى مذكر ومؤنث؛ إذ إننا لا نجد في كثير من الأحيان صلة عقلية منطقية، بين الاسم وما يدل عليه من تذكير أو تأنيث. والدليل على فقدان هذه الصلة العقلية، أن من اللغات ما يعد بعض الكلمات مؤنثا، وهي مذكرة في لغات أخرى، والعكس بالعكس، فمثلا تعد اللغة العربية:"الخمر" و"السن" و"السوق" كلمات مؤنثة، في حين تعدها اللغة الألمانية مذكرة، فهي فيها كما يلي: der Markt der Zahn der Wein. كما تعد اللغة العربية أيضا: "الصدر" و"الأنف"

1 من أسرار اللغة 91.

2 اللغة لفندريس 131.

3 فقه اللغات السامية 95.

ص: 254

و"اللسان" كلمات مذكرة، وهي على العكس، من ذلك مؤنثة في الألمانية، فهي فيها: die Zunge die Nase die die Brust.

وحتى تلك اللغات التي تفرق بين المذكر والمؤنث والمحايد، كالألمانية، نلحظ فيها هي الأخرى، فقدان هذه الصلة العقلية المنطقية، فالحجر der Stein والمطر der Regen مذكران في الألمانية، مع أنه لا أثر فيهما للتذكير الحقيقي، وكان أولى بهما أن يكونا في قسم المحايد. وكذلك العالم die Welt والباب die Tur مؤنثان في الألمانية، ولا نرى فيهما أثرا من آثار التأنيث الحقيقي.

وقد ترتب على فقدان هذه الصلة العقلية بين الاسم ومدلوله الجنسي، أن يهتز هذا المدلول في أذهان أصحاب اللغة أنفسهم، فهناك من يظن أن كلمة:"مستشفى" مثلا مؤنثة، مع أنها مذكرة، ويظهر أن تأنيثها قد جاء قياسا على الكلمة الأخرى:"إسبيتالية" المستعارة من اللغات الأوربية. وكذلك كلمة "السَّلْم" يظن كثير من الناس أنها مذكرة، وهي مؤنثة، كما جاء في القرآن الكريم، في قوله تعالى:{وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} [الأنفال: 8، 61] .

وهذا هو السر في أن كثيرا من الكلمات التي تسمى بالمؤنثات السماعية في اللغة العربية -وهي التي تخلو من علامات التأنيث- قد روي لنا فيها التذكير كذلك. وينسب ذلك في بعض الأحيان، إلى مختلف القبائل العربية، نحو قول أبي زيد:"أهل تهامة يقولون: العُضُد والعُضْد، والعُجُز والعُجْز، ويؤنثونهما. وتميم تقول: العَجُز والعَضُد ويذكرون"1.

1 انظر: الغريب المصنف 361/ 2.

ص: 255

_________

1 Brockelmann، Grundriss I 405.

2 سر صناعة الإعراب 1/ 165 وانظر كذلك: كتاب سيبويه 2/ 13؛ 2/ 82؛ 2/ 348 والخصائص 1/ 200 والاقتراح 82 وابن يعيش 10/ 39.

ص: 256

وهذه الفكرة الخاطئة هي إحدى نتائج الجهل باللغات السامية، يقول في ذلك برجشتراسر:"وذكر الزمخشري أن التاء في الأخت والبنت أبدلت من الواو، وذلك أنه ظن أن مادتهما: أخو وبنو، وأن التاء أصلية لام الفعل قامت مقام الواو، ونحن نعرف أن الأخ والابن من الأسماء القديمة جدا، التي مادتها مركبة من حرفين فقط، لا من ثلاثة أحرف، وأن التاء وإن لم تسبقها فتحة هي تاء التأنيث، فهي في غير اللغة العربية، وخصوصا في الأكادية والعبرية، كثيرا ما لا فتحة قبلها"1.

وقد بقيت تاء التأنيث، كما هي في الآشورية والحبشية، في حالتي الوصل والوقف. أما في اللغة العربية، فإنه تقلب هاء في حالة الوقف، فيقال عند الوقف: كبيره وصغيره، ولحيه، وبقره.

ونحن عندما نقول: إن التاء تقلب هاء، إنما ننظر إلى النتيجة النهائية، لا إلى التطور الصوتي، فإنه ليس ثمة علاقة صوتية بين التاء والهاء، وإنما تطور المسألة أن التاء سقطت حين الوقف على المؤنث، فبقي المقطع السابق عليها مفتوحا ذا حركة قصيرة. وهذا النوع من المقاطع، تكرهه العربية في أواخر الكلمات، فتتجنبه بإغلاق المقطع عن طريق امتداد النفس بهاء السكت. وهكذا يبدو الأمر كما لو أن تاء التأنيث قد قلبت هاء، على أن الحقيقة هي أن التاء قد سقطعت لعلة، وأن الهاء قد جاءت لعلة أخرى! فليس بينهما تبادل صوتي، كما ترى!.

ولأن هذه التاء تقلب هاء في الوقف -كما ذكرنا- رسمت في الإملاء العربي على صورة الهاء، فإن كل كلمة تكتب في الخط العربي، كما ينطق بها

1 التطور النحوي 51.

ص: 257

وقد انتقلت حالة الوقف إلى الوصل كذلك ي بعض اللهجات العربية القديمة؛ فقد روي لنا الفراء أن الوقف على هاء التأنيث في الوصل لغة

1 شذ على هذه القاعدة بعض كلمات الخط الذي كتب به المصحف العثماني؛ مثل كلمة: يبنوم=ياابن أم، وكذلك بعض الكلمات المؤنثة؛ إذ كتبت بالتاء المفتوحة في بعض التراكيب الإضافية وبالهاء=التاء المربوطة في بعضها الآخر؛ مثل:"رحمة" التي كتبت: "رحمت" في: البقرة 2/ 218 والأعراف 7/ 56 وهود 11/ 73 ومريم 19/ 2 والروم 30/ 50 والزخرف 43/ 32 وكذلك: "نعمة" التي وردت في عشرة مواضع من القرآن بالتاء المفتوحة "نعمت" في تراكيب إضافية، كما أن: امرأة، ومعصية، وغيابة، ومرضاة، وفطرة، وابنة، وبقية، قد وردت في جميع تراكيبها الإضافية في القرآن بالتاء المفتوحة. أما الكلمات: سنة، وكلمة، ولعنة، وشجرة، وقرة وجنة، فقد وردت في القرآن بالتاء المفتوحة في بعض التراكيب الإضافية، وبالهاء في بعضها الآخر.

2 في رسالته "علم الخط" ضمن كتاب: التحفة البهية والطرفة الشهية 54 كما يقول السيوطي أيضا في الإتقان 2/ 166: "القاعدة العربية أن اللفظ يكتب بحروف هجائية مع مراعاة الابتداء به والوقوف عليه". ويقول ابن الحاجب "شرح الشافية 3/ 315": "والأصل في كل كلمة أن تكتب بصورة لفظها، بتقدير الابتداء بها والوقف عليها".

3 هذا كما يرى بروكلمان "Grundriss I 409". ويشك "موسكاتي" S. Moscati في صحة هذا الرأي؛ انظر كتابه: An introduction 85.

ص: 258

_________

1 معاني القرأن الكريم 1/ 388.

2 كتاب سيبويه 2/ 213.

3 المقتضب 1/ 63.

ص: 259

ويقول الشيخ بهاء الدين بن النحاس في التعليقة على المقرب: "أجمع النحاة على أن ما فيه تاء التأنيث، يكون في الوصل تاء وفي الوقف هاء، على اللغة الفصحى. واختلفوا أيهما بدل من الأخرى، فذهب البصريون إلى أن التاء هي الأصل، وأن الهاء بدل عنها. وذهب الكوفيون إلى عكس ذلك. واستدل البصريون بأن بعض العرب يقول التاء في الوصل والوقف، كقوله:

الله نجاك بكفى مسلمت

ولا كذلك الهاء، فعلمنا أن التاء هي الأصل، وأن الهاء بدل عنها، وبأن لنا موضعا، قد ثبتت فيه التاء للتأنيث بالإجماع، وهو في الفعل، نحو:"قامت" و"قعدت"، وليس لنا موضع قد ثبتت الهاء فيه، فالمصير إلى أن التاء هي الأصل أولى، لما يؤدي قولهم من تكثير الأصول. واستدلوا أيضا بأن التأنيث في الوصل الذي ليس بمحل التغيير "بالتاء"، والهاء إنما جاءت في الوقف، الذي هو محل التغيير، فالمصير إلى أن ما جاء في محل التغيير هو البدل، أولى من المصير إلى أن البدل ما ليس في محل التغيير"1.

والأصل في دخول التاء على الأسماء في اللغة العربية، إنما هو تمييز المؤنث من الذكر. وقد ذكر الأشموني حالات أخرى، تدخل فيها التاء على الأسماء لغير التأنيث. ومن هذه الحالات:

1 انظر: الأشباه والنظائر للسيوطي 1/ 46 كما يقول ابن جني "المنصف 1/ 159": "ولمعترض أن يقول: ما تنكر أن تكون الهاء هي الأصل، وأن التاء في الوصل إنما هي بدل من الهاء في الوقف؟ فالجواب عن ذلك أن الوصل من المواضع التي تجري فيها الأشياء على أصولها، وأن الوقف من مواضع التغيير والبدل".

وانظر كذلك: المنصف 1/ 161 وشرح ابن يعيش 5/ 89 وشرح الشافية 2/ 288.

ص: 260

1-

تمييز الواحدة من الجنس؛ نحو: تمر وتمرة، ونخل ونخلة.

2-

المبالغة؛ نحو رواية.

3-

تأكيد المبالغة؛ نحو: علّامة ونسّابة.

4-

معاقبة ياء مفاعيل؛ نحو: زنادقة. فإذا جيء بالياء لم يؤت بالتاء فيقال: زناديق.

5-

الدلالة على النسب؛ نحو: أزرقي وأزارقة.

6-

الدلالة على تعريب الأسماء المعجمة؛ نحو: كيلجة وكيالجة، وهو مقدار معروف من الكيل.

7-

تكثير حروف الكلمة؛ نحو: قرية البلدة.

8-

التعويض عن فاء الكلمة أو عينها أولامها؛ نحو: عِدَة، وإقامة، وسَنَة.

9-

التعويض عن مدة تفعيل؛ نحو تزكية وتنمية.

وأما العلامة الثالثة للتأنيث، وهي الألف المقصورة، فتوجد في اللغة العربية على الأخص، في صيغة:"فُعْلَي" مؤنث: "أفعل" الدال على

1 شرح الأشموني على ألفية ابن مالك 4/ 97.

2 Brockelmann. Grundriss I 410.

ص: 261

وهاتان العلامتان الثانية والثالثة من علامات التأنيث، قد زالتا تقريبا من بعض اللهجات العربية الحديثة، وحلت محلها تاء التأنيث؛ فنحن نقول في: حمراء وبيضاء وصحراء وعمياء وميناء: حمره وبيضه وصحره وعميه ومينة، وكما نقول في: حُبلى وسَلمى وخُبَّازَى وعَدْوى وفَتْوى: حِبْله وسَلْمَه وخُبَّيزه وعَدْوَى وفَتْوَه.

وقد حدث مثل ذلك في لهجة الأندلس العربية، في القرن الرابع الهجري؛ فقد ذكر أبو بكر الزبيدي في كتابه:"لحن العوام" أن الأندلسين كانوا يقولون في عصره: مِينَه وحَلْوَه ودِفَله وحُبَارَه، في: ميناء وحلواء ودِفْلَى وحُبارى.

والسر في زوال هاتين العلامتين، وحلول العلامة الأولى، وهي التاء، محلهما، هو ميل اللغة إلى أن تسير في طريق السهولة والتيسير؛ فبدلا من أن

1 Brockelmann، Grundriss I 410.

2 انظر كذلك: التطور النحوي لبرجشتراسر 115.

ص: 262

يكون للتأنيث ثلاث علامات، تصبح في اللغة علامة واحدة لكل أنواع المؤنث. ونلحظ مثل هذا في لغة الطفل، الذي يميل إلى أن يؤنث المؤنث بالتاء وحدها؛ لأنها هي العلامة الكثيرة الشيوع في لغة الكبار من حوله، فنراه يقول مثلا:"قلم أحمر وكراسه أحمره". وهو يحتاج إلى بعض الوقت، حتى يدرك أن هناك صيغا أخرى للتأنيث.

ويرى بعض الباحثين المحدثين، أن الألف المقصورة والممدودة في العربية، تطور عن تاء التأنيث في السامية الأولى. والسبب في هذا ما رآه من تطور هذه التاء في العبرية والآرامية إلى ألف المد.

والحقيقة أن وجود "الياء" فيما تبقى من أمثلة الألف المقصورة في العبرية والآرامية "التي عرضناها من قبل" يجعلنا نرى سلفا آخر للألف المقصورة، غير تاء التأنيث، هو "التاء". أي أننا نتصور أصل كلمة:"حُبْلَى" مثلا، على النحو التالي:

ص: 263

غير أن الفرق بين اللغتين أن العبرية، كتب خطها في أثناء المرحلة الوسطى، التي كانت تنطق فيها الهاء، على العكس من الآرامية، فقد كتب خطها في أثناء المرحلة الأخيرة، وكانت الهاء قد سقطت فيها من النطق.

وما نراه في بعض نصوص المعاجم العربية، من ورد مثل:"خنفسة" و"خنفسا" و"خنفساء"1، لا يصح أن يكون ركاما لغويا، لظاهرة تطور تاء التأنيث إلى الألف المقصورة، كما قد يظن. بل هو على العكس، بداية لمرحلة جديدة من اندثار ألف التأنيث المقصورة والممدودة، وحلول التاء محلهما، وهي تلك المرحلة التي انتهت بمثل ما في كثير من اللهجات العربية المعاصرة، من ضياع هاتين العلامتين كما شرحنا ذلك من قبل. أي أن التطور سار في هذه الكلمة قديما على النحو التالي: خنفساء خنفسا خنفسة، كما حدث بعد ذلك في مثل: صحراء صحرا صحرة.. وغير ذلك.

وفي اللغة العربية، تستغني عن علامة التأنيث مطلقا، تلك الصيغ التي تعبر عن الأحوال الخاصة بالمؤنث، والناتجة عن خصائص ذلك الجنس، مثل: حائض وعاقر وحامل وناهد ومعصر وكاعب وعانس وناشز.

وتحتوي اللغات السامية فيما عدا ذلك على الكثير من الكلمات المؤنثة بلا علامة تأنيث، وهو ما يسمى بالمؤنثات السماعية، مثل: عين وأذن وعضد وكتف وذراع وقدم وكف وظفر وجناح وكبد وضلع وعقب ودلو وسوق وأرنب ونعل وضبع. وغير ذلك كثير في العربية2.

1 انظر: القاموس المحيط "خنفس" "1/ 212.

2 حكي في بعض هذه الأمثلة التذكير كذلك. انظرها مع أمثلة أخرى في كتاب: "الإمتاع فيما يتوقف تأنيثه على السماع".

ص: 264

وقد حدث في بعض اللهجات العربية القديمة، مثل ذلك في بعض الكلمات؛ يقول الفراء:"والحال أنثى، وأهل الحجاز يذكرونها، وربما أدخلوا فيها الهاء2". ويسمى ابن خالويه ذلك تأكيد المؤنث؛ فيقول: "العرب تقول في تأكيد المؤنث، وإن لم يحسَّوا لَبْسًا: عَجُوزة وأتانة3".

ومثل ذلك حدث في العامية المصرية، مع بعض المؤنثات السماعية؛ إذ يدخل عليها المصريون تاء التأنيث؛ فيقولون في. خمر وسِكّين وعقرب وكبِد وقِدْر مثلا: خمرة وسكينة وعقربة وكبدة وقدرة. كما فقدت بعض المؤنثات السماعية فكرة التأنيث في أذهان المصريين، وأصبحت تستخدم استخدام المذكر؛ مثل: ذراع وقدم وإصبع وظفر وسوق وضبع وأرنب. ولم يبق إلا القليل من هذه المؤنثات السماعية القديمة، الذي يرتبط في أذهاننا بفكرة التأنيث، مثل: رِجْل ويد وعين ونفس، وغير ذلك.

1 انظر: فقه اللغات السامية لبروكلمان 95.

2 المذكر والمؤنث للفراء 93.

3 إعراب ثلاثين سورة 44.

ص: 265