المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

(ترى الغر الجحاجح من قُرَيْش … إِذا مَا الْأَمر فِي - المصباح المضي في كتاب النبي الأمي ورسله إلى ملوك الأرض من عربي وعجمي - جـ ١

[ابن حديدة]

الفصل: (ترى الغر الجحاجح من قُرَيْش … إِذا مَا الْأَمر فِي

(ترى الغر الجحاجح من قُرَيْش

إِذا مَا الْأَمر فِي الْحدثَان غالا)

(قيَاما ينظرُونَ إِلَى سعيد

كَأَنَّهُمْ يرَوْنَ بِهِ هلالا)

‌تَفْسِير

الجحجاح السَّيِّد

وغال الْأَمر أهلك وَأخذ من حَيْثُ لَا يدْرِي بِهِ قَالَه الْجَوْهَرِي

وَكَانَ يُقَال لَهُ عكة الْعَسَل لكرمه وَكَانَ إِذا سَأَلَهُ سَائل فَلم يكن عِنْده مَا يُعْطِيهِ كتب لَهُ بِمَا يُرِيد أَن يُعْطِيهِ إِلَى أَيَّام يسره

قَالَ وَلما عزل عَن الْمَدِينَة انْصَرف من الْمَسْجِد وَحده فَرَأى رجلا يتبعهُ فَقَالَ لَهُ أَلَك حَاجَة قَالَ لَا وَلَكِنِّي رَأَيْتُك وَحدك فوصلت جناحك فَقَالَ لَهُ وصلك الله يَا أخي اطلب لي دَوَاة وجلدا وناد مولَايَ فلَانا فَأتي بذلك فَكتب بِعشْرين ألف دِرْهَم دينا عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُ إِذا جَاءَت غلتنا دفعنَا ذَلِك إِلَيْك فَمَاتَ فِي تِلْكَ السّنة فَأتى بِالْكتاب إِلَى ابْنه عَمْرو بن سعيد الْأَشْدَق فَدفع إِلَيْهِ عشْرين ألف دِرْهَم

ص: 103

توفّي فِي خلَافَة مُعَاوِيَة سنة تسع وَخمسين قَالَه ابْن عبد الْبر

وَهُوَ ابْن أخي سعيد ابْن الْعَاصِ بن أُميَّة صَاحب التَّرْجَمَة وَأحد كِتَابه صلى الله عليه وسلم وذكرته اسْتِطْرَادًا للفائدة

قَالَ عبد الْكَرِيم فِي المورد العذب الهني ذكر سعيد بن سعيد بن الْعَاصِ بن أُميَّة شَيخنَا أَبُو مُحَمَّد الدمياطي فِي جملَة كِتَابه صلى الله عليه وسلم

23 -

السّجل

روى عبد الْكَرِيم الْحلَبِي فِي شَرحه للسيرة لعبد الْغَنِيّ قَالَ السّجل كَاتب لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم ذكره ابْن مَنْدَه وَأَبُو نعيم وَقَالَ ابْن الْأَثِير هُوَ مَجْهُول

قَالَ وَرُوِيَ عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ كَانَ كَاتب للنَّبِي صلى الله عليه وسلم يُقَال لَهُ السّجل فَأنْزل الله تَعَالَى {يَوْم نطوي السَّمَاء كطي السّجل للكتب} وَقَالَ هَذَا غَرِيب تفرد بِهِ حمدَان بن سعيد عَن ابْن نمير عَن عبيد الله عَن نَافِع

قَالَ السُّهيْلي فِي

ص: 104

التَّعْرِيف والإعلام فِيمَا أبهم فِي الْقُرْآن من الْأَسْمَاء والأعلام وَقد تكلم على هَذِه الْآيَة الْكَرِيمَة فَقَالَ السّجل فِيمَا ذكر مُحَمَّد بن الْحسن الْمُقْرِئ عَن جمَاعَة من الْمُفَسّرين قَالَ ملك فِي السَّمَاء الثَّالِثَة ترفع إِلَيْهِ أَعمال الْعباد ترفعها إِلَيْهِ الْحفظَة الموكلون بالخلق فِي كل خَمِيس واثنين وَكَانَ من أعوانه فِيمَا ذكرُوا هاروت وماروت

وَفِي السّنَن لأبي دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما السّجل كَاتب كَانَ للنَّبِي صلى الله عليه وسلم

وَهَذَا لَا يعرف فِي كتاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَلَا فِي أَصْحَابه من اسْمه السّجل وَلَا وجد إِلَّا فِي هَذَا الْخَبَر

قَالَ عبد الْكَرِيم الْحلَبِي وَذكر ابْن دحْيَة أَن رجلا من بني النجار كَانَ يكْتب الْوَحْي لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ تنصر فأظهر الله فِيهِ لنَبيه صلى الله عليه وسلم معْجزَة وَهُوَ أَنه لما دفن لم تقبله الأَرْض

وروينا فِي صَحِيح البُخَارِيّ من بَاب عَلَامَات النُّبُوَّة عَن أنس رضي الله عنه كَانَ رجل نَصْرَانِيّا فَأسلم وَقَرَأَ الْبَقَرَة وَآل عمرَان وَكَانَ يكْتب للنَّبِي صلى الله عليه وسلم فَعَاد نَصْرَانِيّا فَكَانَ يَقُول مَا يدْرِي مُحَمَّد إِلَّا مَا كتبت لَهُ فأماته الله فدفنوه فَأصْبح وَقد لفظته الأَرْض فَقَالُوا هَذَا فعل مُحَمَّد وَأَصْحَابه لما هرب مِنْهُم نبشوا عَن صاحبنا فألقوه فَحَفَرُوا لَهُ وأعمقوا لَهُ

ص: 105

فَأصْبح وَقد لفظته الأَرْض فَقَالُوا هَذَا فعل مُحَمَّد وَأَصْحَابه نبشوا عَن صاحبنا فألقوه فَحَفَرُوا لَهُ وأعمقوا لَهُ فِي الأَرْض مَا اسْتَطَاعُوا فَأصْبح وَقد لفظته الأَرْض فَعَلمُوا أَنه لَيْسَ من النَّاس فألقوه

24 -

شُرَحْبِيل ابْن حَسَنَة

وَهِي أمه وَأَبوهُ عبد الله بن المطاع بن عبد الله من كِنْدَة حَلِيف لبني زهرَة يكنى أَبَا عبد الرَّحْمَن نسب إِلَى أمه حَسَنَة وَقيل تبنته وَلَيْسَت بِأُمِّهِ

وَهُوَ أول من كتب لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم

كَانَ من مهاجرة الْحَبَشَة مَعْدُود فِي وُجُوه قُرَيْش وَكَانَ أَمِيرا على ربع من أَربَاع الشَّام

ومواقفه فِي فتوح الشَّام مَعْرُوفَة مَشْهُورَة مِنْهَا لقاءه هُوَ وَعَمْرو بن الْعَاصِ لقسطنطين بن هِرقل خرج إِلَيْهِم من قيسارية الشَّام فِي ثَمَانِينَ ألف لابس من بطارقة الرّوم وأبطالهم وملوكهم مِمَّن انحاز مِنْهُم إِلَيْهِ بساحل الشَّام ومبارزته رضي الله عنه لقيدمون ابْن أُخْت الْملك هِرقل وَكَانَ الْمُسلمُونَ فِي خَمْسَة آلَاف فَخرج إِلَيْهِ والراية بِيَدِهِ فَقَالَ لَهُ عَمْرو بن الْعَاصِ اركز الرَّايَة لِئَلَّا تشغلك فركزها

ص: 106

شُرَحْبِيل فوقفت كالنخلة وغاصت فِي حجر كَأَنَّهَا قد سمرت فِيهِ فتفاءل بالنصر وَخرج للقاء قيدمون والمسلمون يسْأَلُون الله وَيدعونَ لَهُ بالنصر على عدوه

فَلَمَّا رَآهُ البطريق وتأمله ضحك من زيه وَترْجم بلغته وَكَانَ لَهُ صَوت كالرعد وَكَانَ ضخما من الرِّجَال يرى على سَرْجه كَأَنَّهُ البرج والتاج على رَأسه وَكَانَ شُرَحْبِيل رضي الله عنه نحيف الْجِسْم من كَثْرَة صِيَامه وقيامه

فَالْتَقَيَا فسبقه شُرَحْبِيل فَضَربهُ بِالسَّيْفِ لم يعْمل فِيهِ شَيْئا ونبا السَّيْف وضربه قيدمون فَشَجَّهُ وتواخزا على الْخَيل ثمَّ سقطا على الأَرْض وَجعلا يتصارعان وسط الطين ويتخبطان فِيهِ وَكَانَ الْمَطَر كأفواه الْقرب وَمَال عَدو الله على شُرَحْبِيل وَضرب بِيَدِهِ على مراق بَطْنه فقلعه من الأَرْض وَرمى بِهِ على ظَهره ثمَّ اسْتَوَى على صَدره وهم بنحره فَنَادَى شُرَحْبِيل ربه يَا غياث المستغيثين فَخرج إِلَيْهِ من صُفُوف الرّوم طليحة بن خويلد الْأَسدي وَكَانَ ادّعى النُّبُوَّة بعد وَفَاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

فَلَمَّا قرب مِنْهُمَا ظن قيدمون أَنه إِنَّمَا خرج ليعطيه جَوَاده فَلَمَّا قرب مِنْهُمَا ترجل وَمَال على البطريق وسحبه بِرجلِهِ عَن صدر شُرَحْبِيل وَقَالَ قُم يَا عبد الله فقد جَاءَك الْغَوْث من غياث المستغيثين فَوَثَبَ شُرَحْبِيل ينظر إِلَيْهِ مُتَعَجِّبا من قَوْله وَفعله وَإِذا بِالرجلِ متلثما وَقد جرد سَيْفه وَضرب البطريق ضَرْبَة قطع رَأسه وَقَالَ يَا عبد الله خُذ سلبه

فَقَالَ شُرَحْبِيل وَالله مَا رَأَيْت أعجب من أَمرك لِأَنِّي رَأَيْتُك قد جِئْت من

ص: 107

نَحْو جَيش الْمُشْركين فَمن أَنْت قَالَ أَنا الشقي طليحة الَّذِي كذبت على الله وَزَعَمت أَن الْوَحْي كَانَ ينزل عَليّ من السَّمَاء ثمَّ أسلم وَله قصَّة مَعْرُوفَة ذكرهَا الْوَاقِدِيّ رحمه الله

قَالَ ابْن عبد الْبر توفّي شُرَحْبِيل رضي الله عنه فِي طاعون عمواس سنة ثَمَان عشرَة وَهُوَ ابْن سبع وَسِتِّينَ سنة

25 -

أَبُو سُفْيَان صَخْر بن حَرْب

ابْن أُميَّة بن عبد شمس بن عبد منَاف الْقرشِي الْأمَوِي غلبت عَلَيْهِ كنيته وَأمه صَفِيَّة بنت حزن الْهِلَالِيَّة عمَّة مَيْمُونَة هُوَ أَبُو مُعَاوِيَة وَيزِيد وَعتبَة وإخوتهم ولد قبل الْفِيل بِعشر سِنِين

وَكَانَ من أَشْرَاف قُرَيْش فِي الْجَاهِلِيَّة وَكَانَ تَاجِرًا يُجهز التُّجَّار بأمواله وأموال قُرَيْش إِلَى الشَّام وَغَيرهَا من أَرض الْعَجم وَكَانَ يخرج أَحْيَانًا بِنَفسِهِ

وَكَانَت إِلَيْهِ راية الرؤساء الْمَعْرُوفَة بالعقاب وَكَانَت لَا يحبسها إِلَّا رَئِيس فَإِذا حميت الْحَرْب وَضَعتهَا فِي يَد الرئيس وَيُقَال كَانَ أفضل قُرَيْش فِي الْجَاهِلِيَّة رَأيا ثَلَاثَة عتبَة وَأَبُو جهل وَأَبُو سُفْيَان فَلَمَّا أَتَى الله بِالْإِسْلَامِ أدبروا فِي الرَّأْي

أسلم أَبُو سُفْيَان يَوْم الْفَتْح وَشهد مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حنينا وَأَعْطَاهُ من غنائمها مائَة بعير وَأَرْبَعين أُوقِيَّة فدينها لَهُ بِلَال وَأعْطى ابنيه يزِيد وَمُعَاوِيَة

وَكَانَ يكنى بِأبي حَنْظَلَة بِابْنِهِ حَنْظَلَة الْمَقْتُول يَوْم

ص: 108