الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عمر بن الْخطاب رضي الله عنه الْحَمد لله إِذا كَانَت الصَّلَاة أُوتيت الزَّكَاة وَإِذا كَانَت الطَّاعَة كَانَت الْجَمَاعَة
وَجَرِير الْقَائِل الخرس خير من الخلابة والبكم خير من الْبذاء الخلابة الخديعة وَالْبذَاء يُقَال بذيء اللِّسَان كثير الْعَيْب قَالَه ابْن فَارس
وَكَانَ جرير رَسُول عَليّ إِلَى مُعَاوِيَة رضي الله عنهم فحبسه مُدَّة طَوِيلَة ثمَّ رده برق مطبوع غير مَكْتُوب وَبعث مَعَه من يُخبرهُ بمنابذته لَهُ فِي خبر طَوِيل
روى عَنهُ بنوه عبيد الله وَالْمُنْذر وَإِبْرَاهِيم
نزل جرير الْكُوفَة وسكنها ثمَّ تحول إِلَى قرقيسياء وَمَات بهَا سنة أَربع وَخمسين وَقيل غير ذَلِك
تَفْسِير غَرِيبه
قَالَ الْجَوْهَرِي فِي قَوْله مِنْهَا العصل الطائش يُقَال للرجل المعوج السَّاق أعصل وشجرة عصلة عوجاء وسهام عصل معوجة والمعصل بِالتَّشْدِيدِ السهْم الَّذِي يلتوي إِذا رمي بِهِ وَهُوَ المُرَاد هُنَا
قَوْله ثقافها بالثاء الْمُثَلَّثَة رُوِيَ بِكَسْر الثَّاء وَفتحهَا مَعَ تَشْدِيد الْقَاف والمثاقفة والثقاف مَا تسوى بِهِ الرماح وَمِنْه قَول عَمْرو بن كُلْثُوم
(إِذا عض الثقاف بهَا اشمأزت
…
تشح قفا المثقف والجبينا) وتثقيفها تسويتها وَهَذَا مثل ضربه يثنى بذلك على سعد بن أبي وَقاص رضي الله عنه فِي إحكامه وَحسن سيرته مَعَ رَعيته إِذْ هُوَ من عُمَّال عمر
وَقَوله الخرس خير من الخلابة الخلابة الخديعة بِاللِّسَانِ تَقول مِنْهُ خلبه يخلبه بِالضَّمِّ وَفِي الْمثل إِذا لم تغلب فاخلب أَي فاخدع وَرجل خلاب وخلبوب أَي خداع كَذَّاب قَالَ الشَّاعِر
(وَشر الرِّجَال الغادر الخلبوب
…
)
فالبرق الخلب الَّذِي لَا غيث فِيهِ كَأَنَّهُ خَادع وَكَذَلِكَ السَّحَاب الَّذِي لَا مطر فِيهِ
قَوْله والبكم خير من الْبذاء قَالَ القَاضِي أَبُو الْفضل
عِيَاض رحمه الله هُوَ الْفُحْش فِي القَوْل بذو يبذو بِضَم ثَانِيهمَا مثل كرم يكرم والمصدر بذاء بفتحهما مَمْدُود كَذَا قَيده القيني وَقيل بذاء بِالْكَسْرِ ومباذأة وبذاءة وَكله مَهْمُوز وَرجل بذيء مَهْمُوز فَاحش القَوْل وَيَقُول فِيهِ بِذِي أَيْضا مشدد غير مَهْمُوز وَكَذَلِكَ أَيْضا فِي الرث الْهَيْئَة وَهِي البذاذة أَيْضا
5 -
جبر مولى أبي رهم
قَالَ ابْن عبد الْبر جبر بن عبد الله القبطي مولى أبي بصرة الْغِفَارِيّ هُوَ الَّذِي أَتَى من عِنْد الْمُقَوْقس بمارية الْقبْطِيَّة مَعَ حَاطِب بن أبي بلتعة إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
قَالَ السُّهيْلي مولى أبي رهم
6 -
حَاطِب بن أبي بلتعة اللَّخْمِيّ
قَالَ الْجَوْهَرِي المتبلتع الَّذِي يتظرف ويتكيس
وَقَالَ أَبُو الدقيش الْأَعرَابِي هُوَ الَّذِي يتبلتع فِي كَلَامه أَي يتحذلق ويتظرف وَلَيْسَ عِنْده شَيْء
قَالَ هدبة بن الخشرم
(وَلَا تنكحي إِن فرق الدَّهْر بَيْننَا
…
أغم الْقَفَا وَالْوَجْه لَيْسَ بأنزعا)
(ولاقرزلا وسط الرِّجَال جنادفا
…
إِذا مَا مَشى أَو قَالَ قولا تبلتعا)
والقرزل اللَّئِيم من الرِّجَال والجنادف بِالضَّمِّ الْقصير الغليظ الْخلقَة
قَالَ ابْن عبد الْبر حَاطِب بن أبي بلتعة من ولد لخم بن عدي يكنى أَبَا عبد الله وَقيل أَبَا مُحَمَّد
وَاسم أبي بلتعة عَمْرو بن رَاشد بن معَاذ اللَّخْمِيّ حَلِيف قُرَيْش وَيُقَال إِنَّه من مذْحج وَقيل هُوَ حَلِيف الزبير بن الْعَوام وَقيل بل كَانَ عبدا لِعبيد الله بن حميد بن زُهَيْر بن الْحَارِث بن أَسد بن عبد الْعزي بن قصي فكاتبه يَوْم الْفَتْح وَهُوَ من أهل الْيمن
وَالْأَكْثَر أَنه حَلِيف لبني أَسد بن عبد الْعُزَّى
شهد بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَة
وَمَات سنة ثَلَاثِينَ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ ابْن خمس
وَسِتِّينَ سنة وَصلى عَلَيْهِ عُثْمَان رضي الله عنه
وَقد شهد الله لحاطب بِالْإِيمَان فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا عدوي وَعَدُوكُمْ أَوْلِيَاء} الْآيَة
وَذَلِكَ أَن حَاطِبًا كتب إِلَى أهل مَكَّة قبل حَرَكَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَيْهَا عَام الْفَتْح يُخْبِرهُمْ بِبَعْض مَا يُرِيد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بهم من الْغَزْو إِلَيْهِم وَبعث كِتَابه مَعَ امْرَأَة فَنزل جِبْرِيل عليه السلام بذلك على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَبعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي طلب الْمَرْأَة إِلَى رَوْضَة خَاخ فَأخذ الْكتاب مِنْهَا وأتى بِهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَاعْتَذر حَاطِب وَقَالَ مَا فعلته رَغْبَة عَن ديني فَنزلت فِيهِ آيَات من صدر سُورَة الممتحنة
فَأَرَادَ عمر قَتله فَقَالَ صلى الله عليه وسلم (إِنَّه قد شهد بَدْرًا) الحَدِيث قَالَه ابْن عبد الْبر ورويناه فِي صَحِيح البُخَارِيّ بِتَمَامِهِ
قَالَ السُّهيْلي الْمَرْأَة الَّتِي بعث مَعهَا الْكتاب اسْمهَا سارة مولاة لقريش
قَالَ وَقيل إِنَّه كَانَ فِي كتاب حَاطِب إِلَى أهل مَكَّة إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه إِلَيْكُم بِجَيْش كالليل يسير كالسيل وَأقسم بِاللَّه لَو
سَار إِلَيْكُم وَحده لنصره الله عَلَيْكُم فَإِنَّهُ منجز لَهُ مَا وعده فِيكُم فَإِن الله وليه وناصره
قَالَ وَفِي هَذَا الحَدِيث دَلِيل على قتل الجاسوس الْمُسلم فَإِن عمر رضي الله عنه أَرَادَ قَتله فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم (إِنَّه شهد بَدْرًا) فعلق حكم الْمَنْع من قَتله بِشُهُود بدر فَدلَّ على أَن من فعل مثل فعله وَلَيْسَ ببدري أَنه يقتل
وروى ابْن عبد الْبر عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ جَاءَ غُلَام لحاطب إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَا يدْخل حَاطِب الْجنَّة وَكَانَ شَدِيدا على الرَّقِيق فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (كذبت لَا يدْخل النَّار أحد شهد بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَة)
وأرسله رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى مصر وَهُوَ أحد السِّتَّة الَّذين ذكرهم حسان فِي شعره
وأرسله أَبُو بكر رضي الله عنه فِي خِلَافَته أَيْضا وَيَأْتِي ذكر من ذَلِك فِي بَابه إِن شَاءَ الله تَعَالَى
7 -
حَيَّان بن مِلَّة
قَالَ عبد الْكَرِيم الْحلَبِي فِي تَرْجَمَة دحْيَة وَذكر ابْن الْأَثِير عَن ابْن إِسْحَاق ان حَيَّان بن مِلَّة أَخُو أنيف الْيَمَانِيّ من أهل فلسطين لَهُ صُحْبَة وَصَحب دحْيَة بن خَليفَة إِلَى قَيْصر لما بَعثه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ
لم يذكرهُ ابْن عبد الْبر فِي بَابه فَالله سبحانه وتعالى أعلم
8 -
الْحَارِث بن عُمَيْر الْأَزْدِيّ
أحد بني لَهب بَعثه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بكتابه إِلَى الشَّام إِلَى ملك الرّوم وَقيل إِلَى صَاحب بصرى فَعرض لَهُ شُرَحْبِيل بن عَمْرو الغساني فأوثقه رِبَاطًا ثمَّ قدم فَضربت عُنُقه صبرا وَلم يقتل لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم رَسُول غَيره
فَلَمَّا اتَّصل برَسُول الله صلى الله عليه وسلم خَبره بعث إِلَى مُؤْتَة زيد ابْن حَارِثَة فِي نَحْو ثَلَاثَة آلَاف فلقيتهم الرّوم فِي نَحْو من مائَة ألف قَالَه ابْن عبد الْبر
وَذكره ابْن سيد النَّاس فتح الدّين فِي عُيُون الْأَثر وَزَاد فَاشْتَدَّ ذَلِك عَلَيْهِ حِين بلغه الْخَبَر
وَكَانَ ذَلِك سَبَب غَزْوَة مُؤْتَة وَهِي بِأَدْنَى البلقاء من أَرض الشَّام فِي جُمَادَى الأول سنة ثَمَان وَيَأْتِي ذكر مِنْهَا فِي حرف الْخَاء من الرُّسُل
9 -
حُرَيْث بن زيد الْخَيل
ذكره ابْن سعد فِي رسله إِلَى يحنة بن رؤبة الإيلي يَأْتِي
ذكره فِي تَرْجَمته صلى الله عليه وسلم
قَالَ ابْن عبد الْبر اسْمه حُرَيْث زيد بن الْخَيل وسمى أَبَاهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حِين أسلم زيد الْخَيْر بن مهلهل بن زيد بن منْهب الطَّائِي أسلم هُوَ وَأَبوهُ وَأَخُوهُ مكنف وَشهد قتال الرِّدَّة مَعَ خَالِد بن الْوَلِيد
قَالَ وَذكره الدَّارَقُطْنِيّ
10 -
حَرْمَلَة
ذكره ابْن سعد أَيْضا مَعَ حُرَيْث رَسُولا إِلَى يحنة الإيلي وَلم ينْسبهُ وَذكر ابْن عبد الْبر جمَاعَة اسمهم حَرْمَلَة فَلم أعلم أَيهمْ هُوَ
11 -
خَالِد بن الْوَلِيد
ذكرنَا طرفا من خَبره ورفعنا نسبه عِنْد ذكر كِتَابه صلى الله عليه وسلم
وَيَأْتِي خبر إِسْلَامه مَعَ عَمْرو بن العَاصِي فِي تَرْجَمَة النَّجَاشِيّ رضي الله عنهم
شهد غَزْوَة مُؤْتَة بِنَاحِيَة كرك الشوبك من بِلَاد الشَّام وَكَانَ لَهُ فِيهَا
آثَار جميلَة
قَالَ ابْن إِسْحَاق وَكَانَ بهَا من الرّوم ونصارى الْعَرَب مائَة ألف وَأَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَة آلَاف وَكَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أعْطى الرَّايَة زيد ابْن حَارِثَة فَقتل ثمَّ أَخذهَا جَعْفَر فَقتل ثمَّ أَخذهَا عبد الله بن رَوَاحَة فَقتل قَالَ الْحَاكِم فِي الإكليل فَأخذ الرَّايَة ثَابت بن أقرم أَخُو بني العجلان وَقَالَ يَا معشر الْمُسلمين اصْطَلحُوا على رجل مِنْكُم
قَالُوا أَنْت قَالَ لَا وَرفع الرَّايَة فَاصْطَلَحُوا على خَالِد بن الْوَلِيد فَدفع الرَّايَة لَهُ وَقَالَ أَنْت أعلم بِالْقِتَالِ مني
فَلَمَّا أصبح خَالِد جعل مُقَدّمَة الْجَيْش ساقته وساقته مقدمته وميمنته ميسرته وميسرته ميمنته فَأنْكر الْمُشْركُونَ مَا كَانُوا يعْرفُونَ من راياتهم وهيأتهم وَقَالُوا قد جَاءَهُم مدد فرعبوا وانكشفوا منهزمين وَقتلُوا مقتلة لم يَقْتُلهَا قوم وَأُصِيب نَاس من الْمُسلمين وغنموا بعض أَمْتعَة الْمُشْركين فَكَانَ مِمَّا غنموا خَاتمًا جَاءَ بِهِ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ قتلت صَاحبه فنفله لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
وروى عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ قَالَ كَانَ لي رَفِيق من أهل الْيمن فلقينا جموع الرّوم بمؤتة وَفِيهِمْ رجل على فرس لَهُ أشقر عَلَيْهِ سرج مَذْهَب وَسلَاح مَذْهَب فَجعل الرُّومِي يغري بِالْمُسْلِمين وَقعد لَهُ الْيَمَانِيّ خلف صَخْرَة فَمر بِهِ الرُّومِي فعرقب فرسه فَخر وعلاه
فَقتله وَحَازَ سلبه وسلاحه
فَلَمَّا فتح الله للْمُسلمين بعث إِلَيْهِ خَالِد فَأخذ مِنْهُ السَّلب قَالَ عَوْف فَأَتَيْته فَقلت يَا خَالِد أما علمت أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للْقَاتِل قَالَ بلَى وَلَكِنِّي استكثرته فَقلت لتردنه إِلَيْهِ أَو لأعرفنكها عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأبى أَن يرد عَلَيْهِ
قَالَ عَوْف واجتمعنا عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فقصصت عَلَيْهِ قصَّة الْيَمَانِيّ وَمَا فعل خَالِد فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (يَا خَالِد مَا حملك على مَا صنعت) فَقَالَ يَا رَسُول الله استكثرته فَقَالَ (رد عَلَيْهِ مَا أخذت مِنْهُ) قَالَ عَوْف فَقلت دُونك يَا خَالِد ألم أُفٍّ لَك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (وَمَا ذَاك) قَالَ فَأَخْبَرته قَالَ فَغَضب وَقَالَ (يَا خَالِد لَا ترد عَلَيْهِ هَل أَنْتُم تاركون لي امرائي لكم لكم صفوة أَمرهم وَعَلَيْهِم كدره) وَهَذَا الحَدِيث فِيهِ نظر كَأَنَّهُ وَالله أعلم مَنْسُوخ بِمَا وَقع لأبي قَتَادَة فِي غَزْوَة حنين فَإِنَّهَا مُتَأَخِّرَة عَن مُؤْتَة
قَالَ ابْن عَائِذ ثمَّ إِن خَالِدا لما أَخذ الرَّايَة قَاتلهم قتالا شَدِيدا ثمَّ انحاز الْفَرِيقَانِ عَن غير هزيمَة وَرفعت الأَرْض لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى نظر إِلَى معترك الْقَوْم وَلما أَخذ خَالِد اللِّوَاء قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم هُوَ بِالْمَدِينَةِ (الْآن حمي الْوَطِيس) وَرُوِيَ أَنه صلى الله عليه وسلم قَالَ (ثمَّ أَخذ الرَّايَة خَالِد بن الْوَلِيد نعم عبد الله وأخو الْعَشِيرَة وَسيف من سيوف الله)
وَعَن خَالِد قَالَ لقد انْقَطع فِي يَدي يَوْمئِذٍ تِسْعَة أسياف حَتَّى وَقعت فِي يَدي صفيحة يَمَانِية فَصَبَرت
وَصلى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ظهر ذَلِك الْيَوْم وَأخْبر الْمُسلمين بخبرهم
ووفد يعلى بن مُنَبّه على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِخَبَر أهل مُؤْتَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (إِن شِئْت أَخْبَرتك بخبرهم) قَالَ أَخْبرنِي فَأخْبرهُ خبرهم كُله فَقَالَ وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا تركت من حَدِيثهمْ حرفا وَاحِدًا فَقَالَ (إِن الله رفع لي الأَرْض حَتَّى رَأَيْت معتركهم وهم بِالشَّام ورأيتهم فِي الْجنَّة على سرر من ذهب وَإِن الله تَعَالَى أبدل جعفرا بيدَيْهِ جناحين يطير بهما فِي الْجنَّة) وَكَانَ رضي الله عنه أَخذ اللِّوَاء وَنزل عَن فرس لَهُ شقراء فعرقبها فَكَانَت أول فرس عرقبت فِي الْإِسْلَام فقاتل حَتَّى قطعت يَمِينه فَأخذ اللِّوَاء بيساره فَقطعت فاحتضن اللِّوَاء فَقتل وَهُوَ كَذَلِك ضربه رجل من الرّوم فَقَطعه نِصْفَيْنِ فَوجدَ فِي أحد نصفيه بضعَة وَثَمَانُونَ جرحا ووجدوا فِيمَا أقبل من بدنه اثْنَتَيْنِ وَسبعين ضَرْبَة بِسيف وطعنه بِرُمْح
قَالَ الْبَغَوِيّ أنزل الله تَعَالَى فِي الْوَلِيد بن الْمُغيرَة {ذَرْنِي وَمن خلقت وحيدا وَجعلت لَهُ مَالا ممدودا وبنين شُهُودًا}
وَكَانُوا سَبْعَة وهم الْوَلِيد بن الْوَلِيد وخَالِد وَعمارَة وَهِشَام وَالْعَاص وَقيس وَعبد شمس أسلم مِنْهُم ثَلَاثَة خَالِد وَهِشَام والوليد
وَكَانَ الْوَلِيد شَدِيد الْعَدَاوَة لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَمَات على كفره
12 -
دحْيَة بن خَليفَة الْكَلْبِيّ
قَالَ ابْن عبد الْبر دحْيَة بن خَليفَة بن فَرْوَة بن فضَالة بن زيد بن امْرِئ الْقَيْس بن الْخَزْرَج والخزرج الْعَظِيم هُوَ زيد مَنَاة بن عَامر بن بكر ابْن عَامر الْأَكْبَر بن عَوْف بن بكر بن عَوْف بن عذرة ابْن زيد اللات بن رفيدة بن ثَوْر بن كلب
كَانَ من كبار الصَّحَابَة أسلم قَدِيما لم يشْهد بَدْرًا وَشهد أحدا وَمَا بعْدهَا
وَسكن دمشق بقرية المزة
وَبَقِي إِلَى خلَافَة مُعَاوِيَة
وَبَعثه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى قَيْصر فِي الْهُدْنَة سنة سِتّ من الْهِجْرَة
وَهُوَ أحد الرُّسُل السِّتَّة
وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُشبههُ بِجِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام
قَالَ عبد الْكَرِيم الْحلَبِي دحْيَة فِي لُغَة أهل الْيمن الرئيس
قَالَ المطرزي الدحو الْبسط لِأَن الرئيس يبسط أَصْحَابه
قَالَ يَعْقُوب بِكَسْر الدَّال لَا غير وَقَالَ أَبُو حَاتِم بِالْفَتْح لَا غير
ابْن امْرِئ الْقَيْس بن الْخَزْرَج بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَإِسْكَان الزَّاي وَفتح الرَّاء وَكسرهَا بَعضهم وَهُوَ فِي اللُّغَة الْعَظِيم
وصحفه ابْن قُتَيْبَة فَقَالَ الْخَزْرَج
كَانَ جِبْرِيل ينزل على صُورَة دحْيَة وَكَانَ من أجمل النَّاس
رُوِيَ أَنه كَانَ إِذا قدم من الشَّام لم تبْق معصر إِلَّا خرجت تنظر إِلَيْهِ قَالَ الْجَوْهَرِي المعصر الْجَارِيَة أول من أدْركْت وحاضت
قَالَ دحْيَة لما قدمت من الشَّام أهديت إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَاكِهَة يابسة فستق ولوز وكعك وجبة صوف وخفين ساذجين فلبسهما حَتَّى
تخرقا
وَأَعْطَانِي قبطية وَقَالَ (أعْط صَاحبَتك مِنْهَا تَجْعَلهُ خمارا ومرها تجْعَل تَحْتَهُ شَيْئا لِئَلَّا يصف)
قَالَ الْجَوْهَرِي الْقبْطِيَّة ثِيَاب بيض رقاق من كتَّان تتَّخذ بِمصْر
قَالَ أَبُو الْخطاب ابْن دحْيَة ذُو النسبين توفّي دحْيَة بقرية تيم على مَقْبرَة من ناصرة فِي خلَافَة مُعَاوِيَة وقبره فِي أَعلَى الْجَبَل بعد أَن دَعَا على نَفسه أَن يقبضهُ الله لما رأى من رَغْبَة النَّاس عَن هدي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وهدي أَصْحَابه
قَالَ وَلَا خلاف بَين أهل النّسَب أَن دحْيَة أعقب وَولده مدفون على مقربة من قرافة مصر مستجاب فِيهِ الدُّعَاء وَهُوَ الْأَمِير أَبُو النَّجْم بدر بن خَليفَة رضي الله عنه
13 -
رِفَاعَة بن زيد الجذامي
قَالَ ابْن عبد الْبر رِفَاعَة بن زيد بن وهب الضبيبي من بني الضبيب هَذَا قَول أهل الحَدِيث
وَقَالَ أهل النّسَب الضبيني بالنُّون قبل الْيَاء الْأَخِيرَة من بني ضبينة من جذام
قدم على النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي هدنة الْحُدَيْبِيَة فِي جمَاعَة من قومه فأسلموا وَعقد لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لِوَاء وَأهْدى إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم غُلَاما وَكتب لَهُ كتابا إِلَى قومه فأسلموا
يُقَال إِنَّه أهْدى إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْغُلَام الْأسود الْمُسَمّى مدعما الْمَقْتُول بِخَيْبَر
وَذكره ابْن إِسْحَاق أَيْضا فِي السِّيرَة بِنَحْوِ من هَذَا
14 -
زِيَاد بن حَنْظَلَة
التَّمِيمِي ثمَّ الْعمريّ
قَالَ ابْن عبد الْبر لَهُ صُحْبَة وَلَا أعلم لَهُ رِوَايَة وَهُوَ الَّذِي بَعثه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى قيس بن عَاصِم والزبرقان بن بدر ليتعاونوا على مُسَيْلمَة وطليحة وَالْأسود وَقد عمل لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَكَانَ مُنْقَطِعًا إِلَى عَليّ رضي الله عنه وَشهد مَعَه مشاهده كلهَا
وَذكره سيف بن عمر فِي كتاب الرِّدَّة
15 -
سليط بن عَمْرو
ابْن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مَالك بن حسل بن عَامر بن لؤَي الْقرشِي العامري أَخُو السَّكْرَان وَسُهيْل ابْني عَمْرو وَكَانَ من الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين هَاجر الهجرتين وَشهد بَدْرًا
وَبَعثه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى هَوْذَة وَإِلَى ثُمَامَة بن أَثَال الْحَنَفِيّ كَمَا سَيَأْتِي فِي تَرْجَمَة الْمُلُوك إِن شَاءَ الله تَعَالَى قَالَه ابْن عبد الْبر
وَقَالَ الطَّبَرِيّ قتل بِالْيَمَامَةِ سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَقيل سنة أَربع عشرَة وَهُوَ أحد السِّتَّة أَيْضا
16 -
السَّائِب بن الْعَوام
ابْن خويلد بن أَسد الْقرشِي الْأَسدي أَخُو الزبير أمهما صَفِيَّة بنت عبد الْمطلب
شهد أحدا وَالْخَنْدَق والمشاهد كلهَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقتل يَوْم الْيَمَامَة شَهِيدا قَالَه ابْن عبد الْبر
قَالَ عبد الْكَرِيم وَبَعثه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى مُسَيْلمَة بِكِتَاب آخر بعد عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي
17 -
شُجَاع بن أبي وهب
وَيُقَال ابْن وهبان بن ربيعَة بن أَسد ابْن صُهَيْب بن مَالك بن كثير بن غنم بن دودان بن أَسد بن خُزَيْمَة الْأَسدي حَلِيف لبني عبد شمس يكنى أَبَا وهب
أسلم قَدِيما وَشهد هُوَ وَأَخُوهُ عقبَة بن أبي وهب بَدْرًا والمشاهد كلهَا
وَهُوَ من مهاجرة الْحَبَشَة الْهِجْرَة الثَّانِيَة وَقدم مِنْهَا حِين بَلغهُمْ إِسْلَام أهل مَكَّة وَبَعثه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى الْحَارِث بن أبي شمر الغساني وَإِلَى جبلة بن الْأَيْهَم وَاسْتشْهدَ يَوْم الْيَمَامَة وَهُوَ ابْن بضع وَأَرْبَعين سنة قَالَه ابْن عبد الْبر
يَقُول مُؤَلفه عَفا الله عَنهُ وَلَعَلَّ عقبَة الَّذِي ذكره ابْن سعد فِي الْكتاب وَلم يذكر لَهُ نسبا أَن يكون هُوَ عقبَة بن وهب أَخُو شُجَاع هَذَا فَالله أعلم
وَقَالَ ابْن عَسَاكِر إِنَّه صلى الله عليه وسلم بعث شجاعا إِلَى هِرقل مَعَ دحْيَة بن خَليفَة
وَذكر عبد الْكَرِيم الْحلَبِي أَنه هَاجر إِلَى الْحَبَشَة الْهِجْرَة الثَّانِيَة وَعَاد إِلَى مَكَّة ثمَّ هَاجر إِلَى الْمَدِينَة
وَبَعثه سَرِيَّة فِي شهر ربيع الأول سنة ثَمَان وَهُوَ أحد السِّتَّة الَّذين بعثوا
18 -
شُرَحْبِيل
ذكر ابْن سعد فِي رسله صلى الله عليه وسلم إِلَى يحنة بن رؤبة صَاحب أَيْلَة شُرَحْبِيل كَمَا سَيَأْتِي فِي حرف الْيَاء عِنْد ذكر الْمُلُوك وَلم يرفع لَهُ نسبا وَلَا ذكر لَهُ أَبَا يعرف بِهِ وَذكر ابْن عبد الْبر فِي بَاب شُرَحْبِيل سِتَّة نفر وَذكر مِنْهُم شُرَحْبِيل بن غيلَان بن سَلمَة الثَّقَفِيّ قَالَ وَكَانَ أحد الْخَمْسَة الَّذِي بعثتهم ثَقِيف بِإِسْلَامِهِمْ مَعَ عبد ياليل فَلَا أعلم هُوَ هَذَا أَو شُرَحْبِيل بن حَسَنَة الْكَاتِب أَو غَيرهمَا وَالله أعلم
19 -
صلصل بن شُرَحْبِيل
قَالَ ابْن عبد الْبر لَا أَقف عَن نسبه لَهُ صُحْبَة وَلَا أعلم لَهُ رِوَايَة وَخَبره مَشْهُور فِي إرْسَال رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى صَفْوَان بن أُميَّة وسبرة الْعَنْبَري ووكيع الدَّارمِيّ وَعَمْرو بن المحجوب العامري وَعَمْرو بن الخفاجي من بني عَامر وَهُوَ أحد رسله صلى الله عليه وسلم
وَذكره سيف فِي كتاب الرِّدَّة
20 -
ضرار بن الْأَزْوَر الْأَسدي
قَالَ ابْن عبد الْبر ضرار بن الْأَزْوَر بن مرداس بن حبيب بن عَمْرو بن كثير بن عَمْرو بن شَيبَان الْأَسدي يكنى أَبَا الْأَزْوَر وَيُقَال أَبُو بِلَال
كَانَ فَارِسًا شجاعا شَاعِرًا مطبوعا اسْتشْهد يَوْم الْيَمَامَة
وَلما قدم على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقَالَ
(تركت الْخُمُور وَضرب القداح
…
وَاللَّهْو تعللة وانتهالا)
(فيا رب لَا تغبن صفقتي
…
فقد بِعْت أَهلِي وَمَالِي بدالا)
قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا غبنت صفقتك يَا ضرار وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بَعثه إِلَى بني الصيداء وَبَعض بني الدئل
وَقَالَ مُوسَى بن عقبَة عَن ابْن شهَاب قتل ضرار بن الْأَزْوَر يَوْم أجنادين فِي خلَافَة أبي بكر الصّديق رضي الله عنه
وَقَالَ غَيره توفّي ضرار بن الْأَزْوَر فِي خلَافَة عمر بِالْكُوفَةِ
وَذكر الْوَاقِدِيّ قَالَ قَاتل ضرار بن الْأَزْوَر يَوْم الْيَمَامَة قتالا شَدِيدا حَتَّى قطعت ساقاه جَمِيعًا فَجعل يحبو على رُكْبَتَيْهِ وَيُقَاتل وتطؤه الْخَيل حَتَّى غَلبه الْمَوْت
وَقد قيل مكث ضرار بن الْأَزْوَر بِالْيَمَامَةِ مجروحا ثمَّ مَاتَ قبل أَن يرتحل خَالِد بِيَوْم
قَالَ وَهَذَا أثبت عِنْدِي من غَيره انْتهى مَا قَالَه ابْن عبد الْبر مُخْتَصرا
وَذكره سيف بن عمر التَّمِيمِي فَقَالَ فِي محاربة النَّبِي صلى الله عليه وسلم أهل الرِّدَّة قَالَ حاربهم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بالرسل والكتب
قَالَ قَالَ ابْن عَبَّاس قَاتل النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْأسود ومسيلمة وطليحة وأشياعهم بالرسل وَلم يشْغلهُ مَا كَانَ فِيهِ من وجع عَن أَمر الله عز وجل والذب عَن دينه فَبعث وبر بن يحنس إِلَى فَيْرُوز وجشيش الديلمي فِي جمَاعَة ذكرته وَذكرت كلا مِنْهُم فِي بَابه من حُرُوف المعجم فِي الرُّسُل
ثمَّ قَالَ يَعْنِي سيف بن عمر وَبعث ضرار بن الْأَزْوَر الْأَسدي إِلَى عَوْف الزّرْقَانِيّ من بني الصيداء وَسنَان الْأَسدي ثمَّ الغنمي وقضاعي الديلمي
يَقُول مُؤَلفه عَفا الله عَنهُ وَقد ذكره الْوَاقِدِيّ فِي
فتوح الشَّام وَذكر مواقفه فِي حروب كَثِيرَة مِنْهَا بَيت لهيا وهم على حِصَار دمشق وأمير الْجَيْش خَالِد بن الْوَلِيد رضي الله عنه وَأَنه برز لِلْقِتَالِ وَهُوَ عَار بسراويله على فرس عَرَبِيّ
وَذكر أسره وخلاصه على يَدي رَافع بن عميرَة الطَّائِي
وَذكر أَيْضا أَن أَبَا عُبَيْدَة رضي الله عنه بَعثه على جَيش بعد فتح حلب وَأَن جبلة بن الْأَيْهَم أسره أَيْضا وَمَعَهُ مِائَتَيْنِ من الصَّحَابَة وَأَنه دخل بِهِ إِلَى أنطاكية إِلَى الْملك هِرقل وَأَنه أَرَادَ قَتله فَمَنعه من ذَلِك يوقنا صَاحب حلب وَكَانَ يوقنا إِذْ ذَاك مُسلما يكتم إِسْلَامه من الرّوم لينصب عَلَيْهِم وَأنْشد ضرار أبياتا يُخَاطب فِيهَا يوقنا وَابْن عَمه مِنْهَا
(أَلا أَيهَا الشخصان بِاللَّه بلغا
…
سلامي إِلَى أطلال مَكَّة وَالْحجر)
(فلقيتما مَا عشتما ألف نعْمَة
…
بعز وإقبال يَدُوم مَعَ النَّصْر)
وَهِي نَحْو الثَّلَاثِينَ بَيْتا يتشوق فِيهَا إِلَى أَهله وَأُخْته خَوْلَة وَكَانَت من المترجلات البازلات ذكر مواقفها مَعَ أَخِيهَا ضرار أَيْضا فِي فتوح الشَّام
وَذكره أَيْضا فِي فتوح مصر وَأَن القبط أسروه هُوَ وَأُخْته من
سَاحل الشَّام وَأتوا بهما إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة فِي مراكب الْبَحْر وَأَن خَالِدا خلصهما عِنْد توجههما مَعَ جَيش من القبط إِلَى دير الزّجاج
وَالْمَشْهُور فِي زَمَاننَا هَذَا أَن قَبره بِظَاهِر دمشق فَالله أعلم أَي ذَلِك كَانَ
21 -
ظبْيَان بن مرْثَد السدُوسِي
أرْسلهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى بكر ابْن وَائِل ذكره ابْن سعد فِي الطَّبَقَات وَلم يذكرهُ ابْن عبد الْبر فِي بَابه
22 -
عبد الله بن حذافة السَّهْمِي
قَالَ عبد الْكَرِيم الْحلَبِي رحمه الله وَهَذَا أحد السِّتَّة الَّذين بَعثهمْ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُلُوك الَّذين ذكرهم ابْن سعد وَهُوَ عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم بن عَمْرو بن هصيص بن كَعْب بن لؤَي الْقرشِي أَبُو حذافة
أسلم قَدِيما وَهَاجَر إِلَى الْحَبَشَة الْهِجْرَة الثَّانِيَة مَعَ أَخِيه خُنَيْس زوج حَفْصَة بنت عمر بن الْخطاب قبل النَّبِي صلى الله عليه وسلم
ذكر ابْن يُونُس فِي تَارِيخه أَنه شهد بَدْرًا وَأَنه من أهل مصر وَرَوَاهُ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَلم يذكر ذَلِك غَيره
وَبَعثه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى كسْرَى كَمَا سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَهُوَ الْقَائِل لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم حِين قَالَ سلوني عَمَّا شِئْتُم قَالَ من أبي يَا رَسُول الله قَالَ أَبوك حذافة بن قيس فَقَالَت لَهُ أمه مَا سَمِعت بِابْن أعق مِنْك
أمنت أَن تكون أمك قارفت مَا تقارف نسَاء الْجَاهِلِيَّة فتفضحها على أعين النَّاس فَقَالَ وَالله لَو ألحقني بِعَبْد أسود للحقت بِهِ
وَكَانَت فِيهِ دعابة مَعْرُوفَة
وَعَن اللَّيْث بن سعد قَالَ بَلغنِي أَنه حل حزَام رَاحِلَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي بعض أَسْفَاره حَتَّى كَاد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقع
قَالَ ابْن وهب فَقلت لليث ليضحكه قَالَ نعم كَانَت فِيهِ دعابة
قَالَ عبد الْكَرِيم وأسرته الرّوم فَقَالَ لَهُ الطاغية تنصر وَإِلَّا ألقيتك فِي بقرة نُحَاس فَقَالَ لَا أفعل فَدَعَا بالبقرة فملئت زيتا وأغليت ودعا بِرَجُل من أُسَارَى الْمُسلمين فَعرض عَلَيْهِ النَّصْرَانِيَّة فَأبى فَأَلْقَاهُ فِي الْبَقَرَة فَإِذا عِظَامه تلوح فَقَالَ لعبد الله تنصر وَإِلَّا ألقيتك فِيهَا قَالَ لَا أفعل فَقرب إِلَيْهَا فَبكى فَقَالُوا جزع فَقَالَ مَا بَكَيْت جزعا مِمَّا يصنع بِي وَلَكِنِّي بَكَيْت حَيْثُ مَا لي إِلَّا نفس وَاحِدَة يفعل بهَا هَذَا فِي الله كنت أحب أَن يكون لي من الْأَنْفس عدد كل شَعْرَة فِي ثمَّ يفعل بِي هَذَا فأعجب بِهِ وَأحب أَن يُطلقهُ فَقَالَ تنصر وأزوجك ابْنَتي وأقاسمك ملكي قَالَ مَا أفعل قَالَ قبل رَأْسِي
وأطلقك وَأطلق مَعَك ثَمَانِينَ أَسِيرًا من الْمُسلمين قَالَ أما هَذِه فَنعم فَقبل رَأسه وَأطْلقهُ وَأطلق مَعَه ثَمَانِينَ أَسِيرًا
فَلَمَّا قدمُوا على عمر قَامَ إِلَيْهِ عمر فَقبل رَأسه فَكَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يمازحون عبد الله وَيَقُولُونَ قبلت رَأس العلج فَيَقُول أطلق الله بِتِلْكَ التقبيلة ثَمَانِينَ رجلا من الْمُسلمين
وَمن دعابته أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أمره على سَرِيَّة فَأَمرهمْ أَن يجمعوا حطبا ويوقدوا نَارا فَلَمَّا أوقدوها أَمرهم بالتقحم فِيهَا فَأَبَوا فَقَالَ لَهُم ألم يَأْمُركُمْ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بطاعتي وَقَالَ من أطَاع أَمِيري فقد أَطَاعَنِي فَقَالُوا مَا آمنا بِاللَّه وأطعنا رَسُوله إِلَّا لننجو من النَّار فصوب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فعلهم وَقَالَ (لَا طَاعَة لمخلوق فِي مَعْصِيّة الْخَالِق وَهُوَ // حَدِيث صَحِيح // روى البُخَارِيّ مَعْنَاهُ
توفّي عبد الله فِي خلَافَة عُثْمَان بِمصْر وَشهد فتحهَا وَدفن بمقبرتها
وَعَن أبي هُرَيْرَة أَن عبد الله بن حذافة صلى فَجهز بِصَلَاتِهِ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نَاجٍ رَبك بِقِرَاءَتِك يَا ابْن حذافة وَلَا تسمعني وأسمع رَبك
قَالَ عبد الْكَرِيم وَقيل إِنَّمَا سيره رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى كسْرَى لِأَنَّهُ كَانَ يتَرَدَّد إِلَيْهِم كثيرا
23 -
أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ
واسْمه عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار بن حَرْب بن عَامر ابْن عُمَيْر وَقيل هنزة وَقيل عنزة بن بكر بن عَامر بن عذر بن وَائِل بن نَاجِية بن الْجمَاهِر ابْن الْأَشْعر وَهُوَ نبت بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب ابْن قحطان وَفِي نسبه بعض الِاخْتِلَاف
وَأمه طيبَة وهب بن عك كَانَت قد أسلمت وَمَاتَتْ بِالْمَدِينَةِ قَالَه ابْن عبد الْبر
وَقَالَ ذكر الْوَاقِدِيّ أَنه قدم مَكَّة مَعَ إخْوَته فِي جمَاعَة من الْأَشْعَرِيين فحالف سعيد بن الْعَاصِ بن أُميَّة أَبَا أحيحة ثمَّ أسلم وَهَاجَر إِلَى أَرض الْحَبَشَة
وَقيل إِنَّه رَجَعَ بعد قدومه مَكَّة ومحالفته من حَالف من بني عبد شمس إِلَى بِلَاد قومه حَتَّى قدم مَعَ الْأَشْعَرِيين نَحْو خمسين رجلا فِي سفينة فألقتهم الرّيح إِلَى النَّجَاشِيّ بِأَرْض الْحَبَشَة فَوَافَقُوا خُرُوج جَعْفَر وَأَصْحَابه مِنْهَا فَأتوا مَعَهم وقدمت السفينتان مَعًا سفينة