المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌تَفْسِير   الدفر بِالدَّال الْمُهْملَة النتن وَالْحَدِيد دفر وَقصد التَّوَاضُع فَذكر رَائِحَة - المصباح المضي في كتاب النبي الأمي ورسله إلى ملوك الأرض من عربي وعجمي - جـ ١

[ابن حديدة]

الفصل: ‌ ‌تَفْسِير   الدفر بِالدَّال الْمُهْملَة النتن وَالْحَدِيد دفر وَقصد التَّوَاضُع فَذكر رَائِحَة

‌تَفْسِير

الدفر بِالدَّال الْمُهْملَة النتن وَالْحَدِيد دفر وَقصد التَّوَاضُع فَذكر رَائِحَة الْحَدِيد وَأعْرض عَن أَوْصَافه الْحَسَنَة من الْقُوَّة وَالْقطع وَمِنْه تسمى الدُّنْيَا أم دفر

وَكَانَ رضي الله عنه شَدِيد التخشع

رُوِيَ أَنه كَانَ فِي وَجهه خطان أسودان من الْبكاء

قَالَ ابْنه عبد الله صليت وَرَاءه فَسمِعت حنينه من وَرَاء ثَلَاثَة صُفُوف

ختم الله لَهُ بِالشَّهَادَةِ وَكَانَ سَببهَا طعنه أَبُو لؤلؤة فَيْرُوز غُلَام الْمُغيرَة بن شُعْبَة وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي الصُّبْح بسكين مَسْمُومَة ذَات طرفين وَذَلِكَ لثلاث بَقينَ من ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَعشْرين وَكَانَ يَوْم الْأَرْبَعَاء

وَكَانَت خِلَافَته عشر سِنِين وَسِتَّة أشهر على خلاف فِي ذَلِك توفّي وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ سنة وَهُوَ الصَّحِيح

وَفتح بَاب الْفِتْنَة بعد على مَا ورد فِي الصَّحِيح روى مُحَمَّد بن الْحسن الشعري فِي كِتَابه الملامح والمعاريض عَن أبي اللَّيْث السَّمرقَنْدِي فِي قَوْله تَعَالَى {وَاتَّقوا فتْنَة} قَالَ عَن أبي ذَر رضي الله عنه إِن عمر رضي الله عنه أَخذ بِيَدِهِ يَوْمًا فغمزها فَقَالَ خل يَدي يَا قفل الْفِتْنَة فَقَالَ عمر مَا قَوْلك قفل الْفِتْنَة فَقَالَ إِنَّك جِئْت

ص: 57

ذَات يَوْم فَجَلَست فِي آخر الْقَوْم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَا تصيبكم فتْنَة مَا دَامَ هَذَا فِيكُم

وروى الشعري أَيْضا عَن عَليّ رضي الله عنه أَنه قَالَ أَنا وَعُثْمَان فتْنَة لهَذِهِ الْأمة

وَشَرحه فِيمَا روى معَاذ بن جبل رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَا يزَال بَاب الْفِتْنَة مغلقا عَن أمتِي مَا عَاشَ فيهم عمر بن الْخطاب فَإِذا هلك تَتَابَعَت عَلَيْهِم الْفِتَن

3 -

عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه

قَالَ ابْن عبد الْبر عُثْمَان بن عَفَّان بن أبي الْعَاصِ بن أُميَّة بن عبد شمس بن عبد منَاف يلتقي مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي عبد منَاف وَأمه أورى بنت كريز بن ربيعَة بن حبيب بن عبد شمس وَأمّهَا أم حَكِيم الْبَيْضَاء بنت عبد الْمطلب

وكنيته أَبُو عَمْرو وَقيل أَبُو عبد الله وَقيل أَبُو ليلى

كَانَ إِسْلَامه قَدِيما قبل دُخُول النَّبِي صلى الله عليه وسلم دَار الأرقم دَعَاهُ أَبُو بكر إِلَى الْإِسْلَام فَأسلم وَهَاجَر الهجرتين إِلَى الْحَبَشَة وَالْمَدينَة

وَتزَوج ابْنَتي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَكَانَ من كِتَابه ذكره عمر بن شبة فِي كِتَابه صلى الله عليه وسلم

قَالَ مُحَمَّد بن سعد وَكتب رَسُول الله

ص: 58

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لنهشل بن مَالك الوائلي من باهلة كتابا كتبه عُثْمَان رضي الله عنه يَأْتِي ذكره فِيمَا بعد من كتابي هَذَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى

قَالَ الأقليشي قيل للمهلب بن أبي صفرَة لم قيل لعُثْمَان ذُو النورين قَالَ لِأَنَّهُ لَا نعلم أحدا أرسل سترا على ابْنَتي نَبِي غَيره

قَالَ ابْن مُنِير الْحلَبِي فِي الشَّرْح ثَبت عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ سَأَلت رَبِّي عز وجل أَن لَا يدْخل النَّار أحدا صاهر إِلَيّ أَو صاهرت إِلَيْهِ

وَسِيَاق سَنَده إِلَى سهل بن سعد قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم هَل فِي الْجنَّة برق قَالَ نعم إِن عُثْمَان يتَحَوَّل من منزل إِلَى منزل فتبرق الْجنَّة رَوَاهُ الْحَاكِم وَصَححهُ على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَزَاد غَيره برقين فَلذَلِك سمي ذَا النورين

قَالَ الأقليشي روينَا عَن أنس بن مَالك رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم صعد أحدا وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان رضي الله عنهم فَرَجَفَ بهم فَضَربهُ بِرجلِهِ وَقَالَ اسكن أحد فَإِن عَلَيْك نَبيا وصديقا وشهيدين

وَعَن جَابر بن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ لعُثْمَان يَا عُثْمَان أَنْت وليي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة

وَعَن أم كُلْثُوم بنت ثُمَامَة قَالَت سَأَلت عَائِشَة رضي الله عنها عَن عُثْمَان رضي الله عنه قَالَت لقد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَاضِعا رَأسه على فَخذي وَعُثْمَان عَن يَمِينه وَجِبْرِيل يوحي إِلَيْهِ قَالَت وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول اكْتُبْ عُثْمَان فَمَا كَانَ الله ينزل تِلْكَ الْمنزلَة إِلَّا كَرِيمًا على الله تَعَالَى وعَلى رَسُوله صلى الله عليه وسلم

وَعَن

ص: 59

أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ رمقت النَّبِي صلى الله عليه وسلم ذَات لَيْلَة رَافعا يَدَيْهِ من أول اللَّيْل إِلَى أَن طلع الْفجْر يَدْعُو لعُثْمَان رضي الله عنه وَهُوَ يَقُول اللَّهُمَّ عُثْمَان رضيت عَنهُ فارض عَنهُ

بذل فِي طَاعَة الله تَعَالَى الْأَمْوَال فنال من الثَّوَاب مَا نَالَ

وَعَن عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة قَالَ جَاءَ عُثْمَان إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِأَلف دِينَار حِين جهز جَيش الْعسرَة فنثرها فِي حجره قَالَ فَرَأَيْت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يقلبها فِي حجره وَيَقُول مَا ضرّ عُثْمَان مَا عمل بعد الْيَوْم مرَّتَيْنِ

وَعَن الزُّهْرِيّ أَنه قَالَ حمل عُثْمَان بن عَفَّان فِي غَزْوَة تَبُوك على تِسْعمائَة بعير وَأَرْبَعين بَعِيرًا ثمَّ جَاءَ بستين فرسا فَأَتمَّ بهَا الْألف

وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ قحط الْمَطَر على عهد أبي بكر الصّديق رضي الله عنه فَاجْتمع النَّاس إِلَى أبي بكر فَقَالُوا السَّمَاء لم تمطر وَالْأَرْض لم تنْبت وَالنَّاس فِي شدَّة شَدِيدَة فَقَالَ أَبُو بكر انصرفوا واصبروا فانكم لَا تمشون حَتَّى يفرج الله الْكَرِيم عَنْكُم فَمَا لبثنا إِلَّا قَلِيلا إِذْ جَاءَ عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه من الشَّام مائَة رَاحِلَة برا أَو قَالَ طَعَاما فَاجْتمع النَّاس إِلَى بَابه وقرعوا عَلَيْهِ الْبَاب فَخرج إِلَيْهِم عُثْمَان فِي مَلأ من النَّاس فَقَالَ مَا تشاؤون فَقَالُوا الزَّمَان قحط وَالسَّمَاء لم تمطر وَالْأَرْض لم تنْبت وَالنَّاس فِي شدَّة شَدِيدَة وَقد بلغنَا أَن عنْدك طَعَاما فبعنا حَتَّى نوسع على فُقَرَاء الْمُسلمين قَالَ عُثْمَان حبا وكرامة ادخُلُوا فاشروا فَدخل التُّجَّار فَإِذا الطَّعَام

ص: 60

مَوْضُوع فِي دَار عُثْمَان رضي الله عنه

فَقَالَ معشر التُّجَّار كم تربحونني على شرائي من الشَّام قَالُوا للعشرة اثْنَا عشر قَالَ عُثْمَان قد زادوني قَالُوا للعشرة أَرْبَعَة عشر قَالَ عُثْمَان زادوني قَالُوا للعشرة خَمْسَة عشر قَالَ عُثْمَان قد زادوني قَالَ التُّجَّار يَا أَبَا عَمْرو مَا بَقِي فِي الْمَدِينَة تجار غَيرنَا فَمن ذَا الَّذِي زادك قَالَ زادني الله عز وجل بِكُل دِرْهَم عشرا أعندكم زِيَادَة قَالُوا اللَّهُمَّ لَا قَالَ فَإِنِّي أشهد الله أَنِّي قد جعلت هَذَا الطَّعَام صَدَقَة على فُقَرَاء الْمُسلمين

قَالَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فَرَأَيْت فِي لَيْلَتي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَعْنِي فِي الْمَنَام وَهُوَ على برذون أبلق عَلَيْهِ حلَّة من نور فِي رجلَيْهِ نَعْلَانِ من نور وَبِيَدِهِ قضيب من نور وَهُوَ مستعجل قلت يَا رَسُول الله قد اشْتَدَّ شوقي إِلَيْك وَإِلَى كلامك فَأَيْنَ تبادر قَالَ يَا ابْن عَبَّاس إِن عُثْمَان بن عَفَّان تصدق بِصَدقَة وَإِن الله تَعَالَى قد قبلهَا مِنْهُ وزوجه بهَا عروسا فِي الْجنَّة وَقد دعينا إِلَى عرسه

فَأكْرم بِمَال يُوصل صَاحبه هَذِه الرُّتْبَة وينيله هَذِه الخصوصية والقربة

وَلَقَد رُوِيَ عَنهُ رضي الله عنه أَنه كَانَ يطعم النَّاس طَعَام الْإِمَارَة وَيدخل بَيته فيأكل الْخلّ وَالزَّيْت

وَعَن عبد الله بن شَدَّاد بن الْهَاد قَالَ رَأَيْت عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه يَوْم الْجُمُعَة على الْمِنْبَر وَعَلِيهِ إِزَار عدني غليظ يُسَاوِي أَرْبَعَة دَرَاهِم أَو خَمْسَة وريطة كوفية ممشقة

الريطة الملاءة إِذا كَانَت قِطْعَة وَاحِدَة وَلم تكن لفقتين قَالَه

ص: 61

الْجَوْهَرِي

والممشق اللبيس وَقيل الْمَصْبُوغ

وَعَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رضي الله عنه أَنه قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي حَائِط فَاسْتَفْتَحَ رجل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم افْتَحْ لَهُ وبشره بِالْجنَّةِ فَإِذا أَبُو بكر رضي الله عنه واستفتح آخر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم افْتَحْ لَهُ وبشره بِالْجنَّةِ ففتحت لَهُ وبشرته بِالْجنَّةِ فَإِذا عمر رضي الله عنه ثمَّ استفتح آخر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم افْتَحْ لَهُ وبشره بِالْجنَّةِ على بلوى تصيبه ففتحت لَهُ وبشرته بِالْجنَّةِ وَإِذا هُوَ عُثْمَان بن عَفَّان فَأَخْبَرته بِالَّذِي قَالَ فَقَالَ الله الْمُسْتَعَان

وَعَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قَالَ أُتِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِجنَازَة رجل يُصَلِّي عَلَيْهِ فَلم يصل عَلَيْهِ فَقيل يَا رَسُول الله مَا رَأَيْنَاك تركت الصَّلَاة على أحد قبل هَذَا قَالَ إِنَّه كَانَ يبغض عُثْمَان فَأَبْغضهُ الله

وَعَن الْحسن بن عَليّ رضي الله عنهما أَنه قَالَ مَا كنت لأقاتل بعد رُؤْيا رَأَيْتهَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مُتَعَلقا بالعرش وَرَأَيْت أَبَا بكر وَاضِعا يَده على منْكب النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَرَأَيْت عمر وَاضِعا يَده على منْكب أبي بكر وَرَأَيْت عُثْمَان وَاضِعا يَده على منْكب عمر وَرَأَيْت دونهم دَمًا فَقلت مَا هَذَا فَقيل هَذَا دم عُثْمَان الله يطْلب بِهِ

وَقَالَ الأقليشي رحمه الله فِي عُثْمَان رضي الله عنه يمدحه وضمنها من قَول حسان رَضِي الله عَنهُ

ص: 62

(حوى الْفَضَائِل ذُو النورين عُثْمَان

إِذْ حل فِي قلبه نور وإيقان)

(صهر الرَّسُول على بنتيه قدستا

وَلم يحز مثل هَذَا قبل إِنْسَان)

(ولي أَحْمد فِي الدُّنْيَا وآخرة

لَهُ صَلَاح وإيمان وإحسان)

(أما الْحيَاء فَفِي خديه مؤتلق

وَفِي الْفُؤَاد لَهُ نور وبرهان)

(أما السخاء فوصف كَانَ يَصْحَبهُ

فوجهه بضياء الْجُود يَزْدَان)

(كم سد من خلل بِمَا لَهُ جلل

وَصد من علل وَالله منان)

(كَانَت ولَايَته بِالْعَدْلِ قَائِمَة

حَتَّى استطار من الْفُسَّاق طغيان)

(فَقَتَلُوهُ اعتداء وسط منزله

كَأَنَّمَا هُوَ للفجار قرْبَان)

(ضحوا بأشمط عنوان السُّجُود بِهِ

فليله الدَّهْر تَسْبِيح وَقُرْآن)

(قد رَاح روح شَهِيد الدَّار مؤتلقا

وَعَمه فِي العلى روح وَرَيْحَان)

قَالَ ابْن عبد الْبر كَانَ عُثْمَان رضي الله عنه ربعَة لَيْسَ بالقصير

ص: 63

وَلَا بالطويل حسن الْوَجْه رَقِيق الْبشرَة كَبِير اللِّحْيَة عظيمها أسمر اللَّوْن كثير الشّعْر ضخم الكراديس بعيد مَا بَين الْمَنْكِبَيْنِ

بُويِعَ لَهُ بالخلافة يَوْم السبت غرَّة الْمحرم سنة أَربع وَعشْرين بعد دفن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه بِثَلَاثَة أَيَّام باجتماع النَّاس عَلَيْهِ

وَقتل بِالْمَدِينَةِ يَوْم الْجُمُعَة لثمان عشرَة خلت من ذِي الْحجَّة سنة خمس وَثَلَاثِينَ من الْهِجْرَة وَهُوَ ابْن تسعين سنة وَدفن بِالبَقِيعِ وَقيل غير ذَلِك

ولي الْخلَافَة اثْنَتَيْ عشرَة سنة إِلَّا عشرَة أَيَّام

وَفِي هَذِه التواريخ خلاف ذكرهَا ابْن عبد الْبر فِي استيعابه وَغَيره

4 -

عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه

ابْن عَم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَبُو طَالب أَخُو عبد الله وَالِد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قرشي هاشمي يكنى أَبَا الْحسن وَأَبا تُرَاب وَذكر ابْن الْجَوْزِيّ كنية ثَالِثَة وَهُوَ أَبُو قَصم

قَالَ ابْن دحْيَة فِي تأليفه مرج الْبَحْرين فِي فَوَائِد المشرقين والمغربين وَيُقَال لعَلي أَبُو القصم قَالَ ذَلِك يَوْم أحد فِي مبارزته لأبي سعيد بن أبي طَلْحَة

والقصم جمع قصمة وَهِي العضلة الْمهْلكَة وَيجوز أَن يكون جمع قصماء وَهِي الداهية الَّتِي تقصم قَالَ الْجَوْهَرِي وقصم مثل قثم يحطم مَا لَقِي

ص: 64

قَالَ ابْن إِسْحَاق وَقد حَدثنِي بعض أهل الْعلم أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا سمى عليا أَبَا تُرَاب إِنَّه كَانَ إِذا عتب على فَاطِمَة فِي شَيْء لم يكملها وَلم يقل لَهَا شَيْئا تكرههُ إِلَّا أَنه يَأْخُذ تُرَابا فيضعه على رَأسه قَالَ فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا رأى عَلَيْهِ التُّرَاب يعرف أَنه عَاتب على فَاطِمَة فَيَقُول مَالك يَا أَبَا تُرَاب وَسَماهُ وَالِده عليا

روى الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك إِن اسْم عَليّ أَسد وَذَلِكَ أَن أمه لما وَلدته سمته أسدا باسم أَبِيهَا وأبى أَبُو طَالب وَقَالَ سميه عليا فَهُوَ حَيْثُ يَقُول يَوْم خَيْبَر

(أَنا الَّذِي سمتني أُمِّي حيدره

)

وَلم يقل سماني أبي

والحيدرة الْأسد

وَفِي سنه حِين أسلم أَقْوَال مِنْهَا أَنه أسلم وَهُوَ ابْن خمس عشرَة سنة وَقيل عشرَة قَالَه ابْن إِسْحَاق

وروينا فِي جَامع التِّرْمِذِيّ بعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْم الِاثْنَيْنِ وَأسلم عَليّ يَوْم الثُّلَاثَاء

ص: 65

قَالَ ابْن إِسْحَاق ثمَّ إِن عليا جَاءَ بعد ذَلِك الْيَوْم يَعْنِي بعد إِسْلَام خَدِيجَة وصلاتها مَعَه فوجدهما يصليان فَقَالَ مَا هَذَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم دين الله الَّذِي اصْطفى لنَفسِهِ وَبعث بِهِ رسله

أَدْعُوك إِلَى الله وَإِلَى عِبَادَته وَكفر بِاللات والعزى فَقَالَ حَتَّى أحدث أَبَا طَالب فكره رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن يفشى سره فَقَالَ لعَلي إِن لم تسلم فاكتم ثمَّ أوقع الله الْإِسْلَام فِي قلبه فَأصْبح حَتَّى جَاءَهُ فَأسلم وَكَانَ مِمَّا أنعم الله بِهِ على عَليّ أَن كَانَ فِي حجر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ صَغِير

قَالَ القَاضِي عِيَاض خرج الطَّحَاوِيّ فِي مُشكل الحَدِيث عَن أَسمَاء بنت عُمَيْس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يُوحى إِلَيْهِ وَرَأسه فِي حجر عَليّ رضي الله عنه فَلم يصل الْعَصْر حَتَّى غربت الشَّمْس فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أصليت يَا عَليّ قَالَ لَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ إِنَّه كَانَ فِي طَاعَتك وَطَاعَة رَسُولك فاردد عَلَيْهِ الشَّمْس قَالَت أَسمَاء فرأيتها غربت ثمَّ رَأَيْتهَا طلعت بَعْدَمَا غربت ووقفت على الْجبَال وَالْأَرْض وَذَلِكَ بالصهباء فِي خَيْبَر

قَالَ وَهَذَا الحَدِيث ثَابت وَرُوَاته ثِقَات

وَحكى الطَّحَاوِيّ أَن أَحْمد بن صَالح كَانَ يَقُول لَا يَنْبَغِي لمن سَبيله الْعلم التَّخَلُّف عَن حفظ حَدِيث أَسمَاء لِأَنَّهُ من عَلَامَات النُّبُوَّة

وَذكر ابْن الْجَوْزِيّ هَذَا الحَدِيث فِي الموضوعات وَعين

ص: 66

وَاضعه وَقَالَ ثَبت فِي الصَّحِيح عَنهُ عليه السلام إِن الشَّمْس لم تحبس لأحد إِلَّا ليوشع

وَذكر الشَّيْخ ضِيَاء الدّين أَبُو النجيب السهرودي فِي كتاب آدَاب المريدين لخدمة رب الْعَالمين زواج عَليّ لفاطمة رضي الله عنهما قَالَ وَرُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لما هم بتزويج فَاطِمَة رضي الله عنها من عَليّ رضي الله عنه قَالَ لَهُ تكلم لنَفسك خَطِيبًا وَقد اجْتمع الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار فَقَالَ الْحَمد لله حمدا يبلغهُ ويرضيه وَصلى الله على مُحَمَّد صَلَاة تزلفه وتحظيه وَالنِّكَاح مِمَّا أَمر الله بِهِ ورضيه واجتماعنا فِيمَا أذن الله فِيهِ وَقدره وَهَذَا مُحَمَّد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم زَوجنِي ابْنَته فَاطِمَة رضي الله عنها على صدَاق مبلغه خَمْسمِائَة دِرْهَم وَقد رضيت فَاسْأَلُوهُ واشهدوا

وَقَالَ عَليّ رضي الله عنه مَا كَانَ لنا إِلَّا إهَاب كَبْش نبيت عَلَيْهِ بِاللَّيْلِ ونعلف عَلَيْهِ الناضح بِالنَّهَارِ

وروى مُحَمَّد بن ظفر فِي كتاب أنباء نجباء الْأَبْنَاء أَن أَبَا طَالب ابْن عبد الْمطلب قَالَ لفاطمة بنت أَسد وَهِي زَوجته أم أَوْلَاده يَا فَاطِمَة مَا لي لَا أرى عليا يحضر طعامنا فَقَالَت إِن خَدِيجَة بنت خويلد قد تألفته فَقَالَ أَبُو طَالب لَا أحضر طَعَاما غَابَ عَنهُ عَليّ

ص: 67