الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
355 -
عن عائشة رضي الله عنها: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أنْ يُسْتَمْتَعَ بِجُلُودِ المَيْتَةِ إذا دُبِغَتْ.
قوله: "بإهاب"، (الإهاب): الجلد.
راوي هذا الحديث: عبد الله بن عكيم، وهو ليس من الصحابة؛ لأنه لم يلق النبي عليه السلام.
* * *
356 -
وعن مَيْمُونة رضي الله عنها قالت: مرَّ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم رِجالٌ يَجُرُّون شاةً، قال:"لو أخذْتُمْ إهابَهَا"، قالوا: إنَّها مَيْتَةٌ، فقال:"يُطَهِّرُهُ الماءُ والقَرَظُ"، ويُروى:"دِباغُها طُهُورُها".
قوله: "لو أخذتم إهابها"؛ أي: لو أخذتم إهابها فدبغتُموه لكان حسنًا، أو: لكان جائزًا.
قوله: "يطهره الماء والقَرَظ"، (القَرَظ): ورق شجرٍ - أي: سلم -، أو قشرُ بلوطٍ يُدبغ به، يعني: يطهِّره خلطُ القَرَظ بالماء ودباغةُ الجلد به، والله أعلم.
* * *
10 - باب المَسْح على الخُفَّيْنِ
(باب المسح على الخفين)
مِنَ الصِّحَاحِ:
357 -
سُئِلَ عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه عَن المَسْحِ على الخُفَّيْنِ، فقال:
جَعلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ثلاثةَ أيَّامٍ ولَيالِيَهُنَّ للمُسافِر، ويومًا وليلةً للمُقيمِ.
قوله: "سئل علي (1)
…
" إلى آخره، معناه ظاهر.
* * *
358 -
عن المُغيرة بن شُعبة رضي الله عنه: أنَّه غَزا معَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم غَزْوَةَ تبوكَ، قال المُغيرةُ: فتبرَّزَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قِبَلَ الغائطِ، فحمَلْتُ معهُ إداوةً، فلمَّا رَجَعَ أخذتُ أُهريقُ على يَدَيْهِ مِنَ الإداوةِ، فغسلَ يَدَيْهِ ووجْهَهُ، وعليهِ جُبَّةٌ مِنْ صوفٍ، ذهبَ يَحْسِرُ عَنْ ذِراعَيْهِ، فضاقَ كُمُّ الجُبَّةِ، فأخرجَ يَدَيْهِ مِنْ تحتِ الجُبَّةِ، وألقى الجُبَّةَ على مَنْكِبَيْهِ، وغسلَ ذِراعَيْهِ، ثم مسحَ بناصِيَتِهِ وعلَى العِمامةِ، ثم أَهوَيْتُ لأنزِعَ خُفَّيْهِ فقال:"دَعْهُمَا، فإنِّي أدْخَلْتُهُما طاهِرَتَيْنِ"، فمسحَ عليهِما، ثمَّ ركِبَ ورَكِبْتُ، فانتهَيْنَا إلى القَوْمِ وقدْ قامُوا إلى الصَّلاةِ يُصلِّي بهم عبدُ الرَّحمنِ بن عَوْفٍ رضي الله عنه وقدْ ركعَ بهم ركعةً، فلمَّا أحسرَّ بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ذهبَ يتأخَّرُ، فأَوْمأَ إليهِ، فأدركَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إحدى الرَّكعتَيْنِ معهُ، فلمَّا سلَّمَ قامَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وقُمْتُ، فَرَكَعْنا الرَّكْعَةَ التي سَبَقَتْنا.
قوله: "تبرَّز"؛ أي: خرج "قِبَل الغائط" - بكسر القاف وبفتح الباء - أي: جانبَ وناحيةَ، يقضي فيه حاجته.
"إداوة"؛ أي: مطهرة فيها الماء؛ ليتوضأ منها.
قوله: "قبل الفجر"؛ أي: وكان خروجه لقضاء الحاجة قبل الفجر.
وهذا دليلٌ على أن تحصيل أسباب الصلاة من الوضوء وغيره يستحبُّ قبل دخول الصلاة.
(1) في جميع النسخ: "عن علي".
"فلما رجع"؛ أي: فلما رجع من قضاء الحاجة "أخذت"؛ أي: طفِقْتُ أُهريق؛ أي: أصبُّ على يديه.
وهذا دليلٌ على أن صبَّ الماء على يد المتوضَّئ ليتوضَّأ جائز.
"فغسل يديه"؛ أي: كفيه.
قوله: "وعليه جبة من صوف" وهذا دليلٌ على أن لبس الصوف سنةٌ.
"ذهب"؛ أي: طفق "يحسر عن ذراعيه"؛ أي: يُبعد كمَّيه عن ذراعيه، "فضاق كمُّ الجبة" بحيث لا يقدر أن يخرج يده إلى المرافق عن كم الجبة من غايةِ ضيقِ الكم.
وهذا دليلٌ على أن الكمَّ الضيِّقَ سنة.
"أهويت"؛ أي: قصدتُ.
قوله: "دعهما"؛ أي: اتركهما ولا تنزعهما عن رجليَّ "فإني أدخلْتُهما طاهرتين"؛ يعني: لبستهما في حالةِ كونِ قدميَّ طاهرتين، يعني: كنت على وضوءٍ كامل حين لبستهما، فيجوز المسحُ عليهما.
وهذا دليلٌ على أن المسح على الخفين إنما يجوز إذا لبس الخفين على وضوء كامل.
"فانتهينا"؛ أي: وصلنا.
"يصلِّي بهم"؛ أي: كان عبد الرحمن بن عوف إمامَهم، وقد جاء في رواية أخرى: أن رسول الله عليه السلام قال لهم بعد الفراغ من الصلاة: "أحسنتم، صلُّوا الصلاة لوقتها"؛ يعني: إذا دخل وقت الصلاة صلُّوا الصلاة لوقتها، ولا تؤخِّروا الصلاة لانتظار الإمام، وتركُ انتظار الإمام إنما يستحبُّ إذا علموا أن الإمام يجيء بعد مضي زمان كثير، ولم يعلموا متى يجيء الإمام، أما
إذا علموا مجيء الإمام في زمانٍ يسيرٍ يستحبُّ انتظاره، وإن كان موضع الإمام قريبًا من المسجد يستحبُّ إعلامه وقتَ الصلاة.
قوله: "وقد ركع بهم ركعة"؛ أي: وقد صلَّى بهم ركعةً " [فلما] أحس بالنبي عليه السلام"؛ أي: علم عبد الرحمن مجيء النبي عليه السلام "ذهب يتأخر"؛ أي: عزم على أن يتأخر عن موضعه؛ ليتقدم النبي عليه السلام.
"فأومأ"؛ أي: أشار إليه النبي عليه السلام أن يكون على حاله، "فأدرك النبي عليه السلام إحدى الركعتين معه"، يعني: اقتدى النبي عليه السلام بعبد الرحمن في ركعتهم الباقية، وهذا دليل على أن اقتداء الأفضل بمن دونه جائز إذا علم الإمام أركان الصلاة.
"فركعنا"؛ أي: صلينا.
"سبقَتْنا"؛ أي: فاتت عنَّا مع الإمام.
* * *
مِنَ الحِسَان:
359 -
قال أبو بَكْرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنَّهُ رخَّص للمُسافرِ ثلاثةَ أيَّامٍ وليالِيَهُنَّ، وللمُقيمِ يومًا وليلةً، إذا تطهَّرَ فلبِسَ خُفَّيْهِ أنْ يمسحَ عليهِما.
(مِنَ الحِسَان):
قوله: "أرخص"؛ أي: جوَّز.
"فلبس خفَّيه" الفاء للتعقيب، يعني: ليكن وضوؤه متقدمًا على لبس الخف، فلو لبس الخفَّ على الحدث ثم توضأ لا يجوز المسح على الخف.
"أبو بكرة": ثقفي، واسمه: نفيع بن الحارث بن كَلَدَة بن عمرو بن علاج.
* * *
360 -
وقال صَفوان بن عسَّال رضي الله عنه: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يأْمُرُنا إذا كُنَّا سَفْرًا أنْ لا نَنْزِعَ خِفافَنا ثلاثةَ أيَّامٍ ولَيالِيَهُنَّ إلَاّ مِنْ جنابةٍ، ولكنْ مِنْ غائطٍ وبَوْلٍ ونَوْمٍ.
قوله: "إذا كنَّا سفرًا"، (السَّفْر) بسكون الفاء؛ بمعنى المسافرين.
"أن لا ننزع خفافنا"؛ أي: أن نمسح على خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن، و (الخفاف): جمع خُفٍّ.
"إلا من جنابة"؛ يعني: لا ننزع خفافنا إلا عند غُسلِ الجنابة؛ فإنه لا يجوز للمغتسل أن يمسح على الخف، بل يجب عليه نزعُ الخف وغسلُ الرجلين كسائر الأعضاء.
قوله: "ولكن من غائطٍ وبول ونوم"؛ يعني: ننزع خفافنا عند غسل الجنابة، ولكن لا ننزعها عند البول والغائط والنوم، بل نتوضأ ونمسح على الخف.
فإن قيل: لم لا يجوز المسح على الخف للمغتسل ويجوز للمتوضيء؟.
قلنا: لأن الجنابة لا يكثر وقوعها، فلا يكون في نزع الخف عند غسل الجنابة مشقةٌ، وأما الحدث يكثر وقوعه، فيكون في نزع الخف مشقةٌ، فالمسحُ على الخف رخصةٌ، وورودُ الرخصة إنما يكون لرفع المشقة.
* * *
361 -
عن المُغيرة بن شُعبة رضي الله عنه أنه قال: وضَّأْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم في غَزْوَةِ تَبُوكَ، فمسحَ أعلى الخُفِّ وأسفلَه.
قال الشيخ الإِمام رضي الله عنه: هذا مرسلٌ لا يثبت، ورُوي متصلًا:
362 -
عن المُغيرة رضي الله عنه قال: رأيتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يمسحُ على الخُفَّيْنِ على ظاهرهِما.
قوله: "وضأت" بتشديد الضاد؛ أي: صببتُ ماء الوضوء على يدي رسول الله عليه السلام.
قول الشيخ: "هذا مرسلٌ لا يثبت" بعد قوله: "عن المغيرة" غير مستقيم؛ لأن المرسل هو الحديث الذي يرويه التابعي عن رسول الله عليه السلام، ولم يذكر الصحابي، وها هنا ذكر المغيرة وهو صحابي، وهو راوي هذا الحديث، فكيف يكون مرسلاً؟.
وأصل هذا الحديث: أن رجاء بن حَيْوَةَ روى عن ورَّادٍ كاتبِ المغيرة ومولاه: أن رسول الله عليه السلام مسح أعلى الخفِّ وأسفلَه.
فالحديث على هذا الطريق مرسل؛ لأن ورَّادًا روى هذا الحديث عن رسول الله عليه السلام، وترك ذكر المغيرة، وورَّادٌ تابعي.
فإذا عرفتَ هذا؛ فاعلم أن السنَّة عند الشافعي ومالك: أن يمسح أعلى الخفِّ وأسفله، وعند أبي حنيفة: أن يمسح أعلى الخف دون أسفله.
* * *
363 -
وعن المُغيرة رضي الله عنه قال: توضَّأَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ومسحَ على الجَوْرَبَيْنِ والنَّعْلَيْنِ.
قوله: "ومسح على الجوربين والنعلين" قال الخطابي: معنى قوله: (مسح على الجوربين والنعلين) أن النعلين لبسهما فوق الجوربين.
وقد جوَّز المسح على الجوربين: سفيان الثوري وأحمد بن حنبل.
وعند أبي يوسف ومحمد بن الحسن: يجوز المسح على الجوربين إذا كانا