الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التعصيب: الشد، "أن يعصب"؛ أي: أن يشد خرقةً على جرحه حتى لا يصل إليه الماء، ويمسح بالماء على وجه الخرقة ويتيمم.
وفي الفقه خلافٌ في تقديم التيمم على الوضوء وتأخيره، وليس في الغسل ترتيب.
* * *
12 - باب الغُسْل المَسْنون
(باب الغسل المسنون)
مِنَ الصِّحَاحِ:
371 -
عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءَ أحدُكُم الجُمعَة فَلْيَغْتَسِل".
(مِنَ الصِّحَاحِ):
قوله: "إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل" هذا أمرُ سنةٍ لا وجوبٍ، وغسلُ الجمعة لا يصحُّ قبل الصبح.
* * *
372 -
وقال: "غُسْلُ يومِ الجمعةِ واجِبٌ على كُلِّ مُحْتَلِمٍ"، رواه أبو سعيد الخُدري رضي الله عنه.
قوله: "غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم".
قوله: "واجب": هذا تأكيد الاستحباب، وليس المراد به الوجوب، وهذا كقول القائل: حقُّ فلان علينا واجبٌ، ودعاؤه واجب. ومعلومٌ أن دعاءه غير واجب.
قوله: "على كل محتلم"؛ أي: بالغ؛ لأن الصبي غير مأمور، وعلَّة الغُسل: إزالة الوسخ والرائحة الكريهة كي لا يتأذى بعض الناس برائحة بعض.
* * *
373 -
وقال: "حقٌّ على كُلِّ مُسلمٍ أنْ يَغْتَسِلَ في كُلِّ سَبعةِ أيَّامٍ يومًا يَغسِلُ فيه رأسَهُ وجَسَدَهُ"، رواه أبو هريرة رضي الله عنه.
قوله: "حق على كل مسلم"!
بحثُ قوله: "حق"، كبحثِ قوله:"واجب"، وقد ذكر.
* * *
مِنَ الحِسَان:
374 -
عن سَمُرَة بن جُنْدب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ توضَّأَ يومَ الجمعةِ فَبِها ونِعْمَتْ، ومن اغتسَلَ فالغُسْلُ أفْضَلُ".
قوله: "فبها"؛ أي: فبالشريعة أَخَذَ، و"نعمت"؛ أي: نعمت الخصلةُ الوضوء.
هذا الحديث صريحٌ بأن غسل الجمعة سنَّة.
* * *
375 -
وقال: "مَنْ غَسَّلَ مَيَّتًا فَلْيَغْتَسِلْ، ومَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأَ"، رواه أبو هريرة.
وقال: "من غسل ميتًا فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ".
علة الغسل: أنه ربما يلحقه رَشاشٌ من الماء المغسول به الميت من
موضعٍ فيه نجاسة، وربما يعرق من الخوف والدهشة، فيستحبُّ له الغسل لإزالة العرق ورائحة الإبط الحاصلةِ في ذلك الوقت، ولتطهير أعضائه من الرشاش.
فإن قيل: قد قلتم: إن الغسل لإزالة الرشاش النجس، فينبغي أن يكون الغسل واجبًا؛ لأن إزالة النجاسة واجبة.
قلنا: إنما يجب إذا تحقَّق وصول الرشاش النجس إليه، وها هنا لم يتحقق، بل يحتمل، فيستحب ولا يجب، وأما الوضوء لحمل الجنازة: وإن لم يكن له الوضوء، فالوضوء عليه واجبٌ إذا أراد الصلاة على الميت، وإن كان له الوضوء قبل الحمل، ثم حمل الميت، فيستحبُّ له تجديدُ الوضوء بعد وضع الجنازة احتياطًا؛ لأنه ربما خرج منه ريحٌ لشدة دهشته وخوفه من حمل الجنازة وثقلِ حمل الجنازة، وهو لا يعلم بذلك من الدهشة، وربما يتغير وجهه من الخوف، فيستحب له الوضوء لإزالة التغير.
وقيل: قوله: (فليتوضأ)؛ يعني: ليكون على الوضوء حين حمل الجنازة؛ ليصلي على الميت.
* * *
376 -
عن عائشة رضي الله عنها: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يغتسِلُ مِنْ أربَعٍ: مِنَ الجَنابةِ، ويومَ الجُمعةِ، ومِنَ الحِجامَةِ، وغُسْلِ الميِّتِ.
قولها: "ومن الحجامة"، يعني: مَن احتجم يستحبُّ له أن يغتسل؛ لأنه ربما يصيبه رشاشٌ من الدم وهو لا يعلم.
قولها: "وغسل الميت" ليس المراد به أن النبي عليه السلام غسل ميتًا فاغتسل من غسله، بل معناه أمرُ مَن غسل ميتًا بالاغتسال بعد الفراغ من غسله.
* * *
377 -
عن قَيْس بن عاصم رضي الله عنه: أنَّهُ أسلمَ، فأمَرَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ يغتسِلَ بماءٍ وسِدْرٍ.
قوله: "فأمره النبي عليه السلام أن يغتسل بماء وسدر".
الكافر إذا أسلم وقد جامع أو احتلم في الكفر فهو جنب، والغسلُ عليه فريضة، وإن اغتسل في الكفر لم يصح غسله؛ لأن الغسل يحتاج إلى النية، والنية عبادة، والعبادة لا تصح من الكافر.
وعند أبي حنيفة: يكفيه اغتساله في حال الكفر، وفيه قول الشافعي رضي الله عنه.
فأما إذا أسلم الكافر ولم يكن جنبًا، بأن بلغ بالسنِّ، ولم يجامع ولم يحتلم، فالسنَّة أن يغتسل.
وهل يغتسل قبل قول كلمتي الشهادة أو بعدها؟ فيه خلافٌ، والأصح: تأخير الغسل على قول كلمتي الشهادة، يؤمر أولاً بقول كلمتي الشهادة، ثم يؤمر بالغسل.
والغرض من اغتساله: تطهيرٌ من النجاسة المحتملة على أعضائه، ومن الوسخ والرائحة الكريهة.
وعند مالك وأحمد: يجب عليه الغسل، وإن لم يكن جنبًا.
وأما الغُسل بالماء والسِّدر؛ فاستعمال السِّدر للتنظيف؛ لأن السدر يطيِّبُ الجسد، وهذا إذا جُعل السدر في الماء ولم يتغيَّر الماء، فإن تغيَّر يصبُّ الماء المتغير على جسده للتطيُّب (1)، ثم يصب الماء الصافي على جسده ليصح اغتساله.
ويحتمل أن يريد باستعمال السدر غسلَ الرأس به.
كنية "قيس": أبو علي، واسم جده: سنان بن خالد بن منقر بن عبيد
(1) في "ش": "للتنظيف".