المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

صلة بقبيلة "عقرب" "عقارب" المذكورة. وقد كانت "عقرب" تابعة لـ"بني سخيم" - المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام - جـ ٤

[جواد علي]

الفصل: صلة بقبيلة "عقرب" "عقارب" المذكورة. وقد كانت "عقرب" تابعة لـ"بني سخيم"

صلة بقبيلة "عقرب""عقارب" المذكورة.

وقد كانت "عقرب" تابعة لـ"بني سخيم" وحليفة لهم، ونازلة في جوارهم. يفهم ذلك من الجمل والتعبيرات في كتاباتهم الدالة على خضوعهم لـ"بني سخيم" مثل "آدم بن سخيم"، أي:"خول وخدم بني سخيم"1، فهو تعبير يدل على العبودية والخضوع.

1 ORIENTALLA، VOL.، V، "1936"، P.22، 286، MM 7، RW 53، SAN.htm'A 1909، JEMEN، II، 337، SAB. INSCHR.، S. 26

ص: 52

‌خولان وردمان:

وخولان من القبائل الكبيرة القوية التي ذُكرت في عدد كبير من الكتابات العربية الجنوبية، وقد رأينا اسمهم لامعًا في أيام المعينيين. وقد ذكرت أنهم هاجموا مع السبئيين قافلة معينية كان يقودها "كبيران"، وحمد المعينيون آلهتهم وشكروها على نجاة هذه القافلة، وهي من القبائل العربية الحية السعيدة الحظ؛ لأنها ما تزال معروفة، ولها مع ذلك تأريخ قديم قد نصعد به إلى الألف الأول قبل الميلاد1.

ويرجع النسابون نسب "خولان" إلى "خولان بن عرو بن إلحاف بن قضاعة"2 أو إلى "خولان بن عمرو بن مالك بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن عمرو بن عريب بن كهلان بن سبأ"3. ويميزون بين "خولان قضاعة" وهم إخوة "بَليّ" و"حيدان"، وبين "خولان أدد"4، وقد يذكرون "خولان" أخرى في "مذحج"5.

وقد صير اسم "خولان" بمرور الزمان، اسم رجل نسل ذرية تكاثرت وتوالدت، فكانت منها هذه القبيلة العظيمة، وقد جعل له النسابون أبًا وجدًّا

1 ENCY.، VOL.، II، P.933

2 منتخبات "35"، "خولان بن عمرو بن إلحاف بن قضاعة بن مالك بن حمير بن سبأ" البلدان "3/ 491"، "وخولان: قبيلة باليمن، وهو خولان ابن عمرو بن إلحافي بن قضاعة"، تاج العروس "7/ 312".

3 Ency.، Vol.، II، P.933

4 الإكليل "10/ 3".

5 الإكليل "10/ 3"، صبح الأعشى "1/ 326".

ص: 52

وأجدادًا بعد هذا الجد، كما جعلوا له ولدًا ذكروا أسماءهم. ويمثل هذا النسب الاختلاط الذي كان بين الخولانيين وغيرهم من القبائل بمرور الزمان حتى أيام النسابين، فدون على نحو ما وصل إلى عملهم من أفواه الرواة.

ومواطن الخولانيين قديمًا أرضون متصلة بأرض السبئيين، فكانوا يسكنون في جوار "مأرب" و"صرواح"، وهي لب أرض سبأ، ثم هاجرت جماعات منهم فسكنت الأرضين العالية من شرق "صنعاء"، وقد قبل للخولانيين الذين سكنوا هذه المنطقة "خولان العالية"؛ تمييزًا لهم عن "خولان قضاعة"1، وهذا التمييز لا يستند إلى حقيقة، يمكن رَجْعُها إلى اختلاف النسب2. وإنما نشأ من اختلاف طبيعة المكان، ومن الأحوال السياسية والاقتصادية التي فرقت بين الخولانيين، وباعدت بين فروعهم، فظن أنهم من نسبين مختلفين.

وقد كان الخولانيون يتعبدون عند ظهور الإسلام لصنم لهم اسمه "عم أنس"3 "عميأنس". وقد ذكر "ياقوت الحموي" أنه "في خولان كانت النار التي تعبدها اليمن"4، ذكر ذلك في أثناء حديثه عن "مخلاف خولان" المنسوب إلى "خولان قضاعة". وقد تكون هذه العبادة -إن صح قول ياقوت- قد اقتُبِسَتْ من الفرس عَبَدَةِ النيران.

وقد ذهب "الويس شبرنكر" و"نيبور" إلى أن قبيلة "خولان" هي "حويلة" المذكورة في التوراة5، ولكن هناك صعوبات كثيرة تحول دون قبول هذا الرأي.

وقد اقترن اسم "خولان" باسم "ردمان" في كثير من النصوص، ويدل هذا بالطبع على وجود روابط وثيقة بين الجماعتين. وقد حكم الخولانيين والردمانيين أقيالٌ من "ذي معاهر"، فكان القيل سيدًا على القبيلتين في آن واحد في غالب الأحايين، وفي ذلك دلالة بالطبع على الصلات والروابط السياسية التي ربطت بين خولان وردمان وذي معاهر "ذ معهر".

1 الإكليل "10/ 3".

2 Ency.، II، P.933

3 الأصنام "ص43"، Ency.، II، P.933

4 البلدان "3/ 491".

5 Ency.، II، P.933

ص: 53

وقد عرف الإسلاميون "أقيال ذي معاهر"، فذكرهم الهمداني في مواضع من كتابه "الإكليل"، ذكر مثلًا أن "شحرار قصر بقصوى مشيد ببلاط أحمر للقيل ذي معاهر"1، وذكر أيضًا "قصر وعلان بردمان، وهو عجيب، وهو قصر ذي معاهر، ومن حوله أموال عظيمة"2. ويشير قول الهمداني الأخير إلى الصلات التي تربط هؤلاء الأقيال بردمان، وإلى أن أولئك الأقيال كانوا يقيمون بأرض ردمان.

ويرى "كلاسر" أن قصر "وعلان" الذي هو في "ذي ردمان"، كان مقر أقيال "ذي معهر"، أي: أقيال ردمان3. فوعلان إذن هو قصرهم، وهو مثل القصور الأخرى التي كانت للملوك والأقيال، وهي قصور وحصون يُحتمَى بها إذا شُعِرَ بالخطر؛ ولذلك عُدَّت رمزًا للدولة وللحكم.

وترد لفظة "ذ معهر" علمًا في الكتابات على "ردمان" و"خولان"4. وقد ذكر أيضا في نص "أبرهة" الذي دونه سنة "543م" لمناسبة إصلاح سد مأرب وترميمه، إذ جاء فيه: "ذ معهر بن ملكن"5. وقد ذهب "كلاسر" إلى أن المراد من "ذي معهر" في هذا المكان، ابن "أبرهة"، وكان قد تلقب -على رأيه- بهذا اللقب، الذي يشير إلى قصر "ذي معهر" بردمان6.

ومن أقيال "ذي معاهر" الذين حكموا الخولانيين والردمانيين، القيل "قول""كرب إسرع""كرب أسرع"، وكان من أسرة غنية لها أرضون زراعية خصبة تُسقَى بمياه الآبار في وادي "ضفخ""ضفخم"، ووادي "أخر" وفي أرض "ذات حراض""ذات حرض"، ووادي "مذيق"، وأماكن أخرى. وقد عُنيت أسرته بإصلاحها، وبإروائها من آبار حفرتها في هذه الأماكن، وكتبت ذلك على الحجارة7، تسجيلًا لعملها هذا؛ ليكون وثيقة شرعية بامتلاكها لهذه المواضع.

1 الإكليل "8/ 53".

2 الإكليل "8/ 89"، "وذو معاهر -بالضم-: قيل من أقيال حمير، قاله ابن دريد. قلت: هو تبع حسان بن أسعد بن صيفي بن زرعة"، تاج العروس "3/ 432"، ابن دريد، الاشتقاق "312" Von Kremer، Sudarablsche، Sage، S. 90، 126

3 Beitrage، S. 39

4 Beitrage، S. 39

5 السطران: 82 و38 من نص أبرهة.

6 Beitrage، S. 39

7 Orientalia، Vol.، I، "1932"، P.32

ص: 54

وورد اسم قيل آخر من أقيال "ذي معاهر" الذين حكموا القبيلتين المذكورتين هو القيل "كرب أسأر"، كانت له أملاك في أرض "ذات حرض""ذات حراض" بوادي "مضيق"1.

وورد اسم قيل آخر حكم القبيلتين معًا، هو القيل "نصرم يهحمد""نصر يهحمد""ناصر يهحمد"2، وهو من "ذ معهر""ذي معاهر". وقد دون هذه الكتابة لمناسبة قيامه بإصلاح أرض "وادي ملتنتم""وادي ملتنت" حيث حفر آبارًا، وأنشأ سدودًا، زرع أشجارًا أثمرت، وبذر حبوبًا. وقد سجل ذلك ملكا خاصا بـ"آل معاهر" وباسمه، وأعلنه للناس في شهر "صيد" من سنة مائة وأربع وأربعين من التقويم السبئي، وتقابل سنة تسع وعشرين بعد الميلاد3.

ويعد هذا النص من النصوص المهمة، ولعله أقدم نص مؤرخ وفق تقويم ثابت معروف وصل إلينا4.

ويظهر من ذكر اسم الملك "العز يلط" وهو ملك حضرموت في هذا النص، ومن تعبير "القيل" صاحب النص عن الملك بلفظة "سيده"، أي سيد "نصر يهحمد": أنه كان تابعًا له، وفي أرض كانت إذ ذاك، أي: في النصف الأول من القرن الأول للميلاد، تحت حكم حكومة حضرموت. وقد دون هذا القيل أسماء الآلهة:"عثتر"، و"سين ذو علم"، و"عم ذو دونم"، و"وعلان"، و"عم ذو مبرم" إله "سليم"، و"عثتر ذو صنعتم"، و"ودّ إله منو

"، و"ذات بعدان"، و"ذات ظهران"، و"عليت" إلهة "حررم" "حرر"، و"شمس" إلهة "وبنن" و"علفقن"5. ذكر كل هذه الآلهة، ولم يذكر إله سبأ الرئيس وهو "المقه"، وفي إغفاله اسم "المقه" دلالة على أنه لم يكن على صلة حسنة بالسبئيين، وأنه لم يكن يعترف بسيادتهم عليه؛ ذلك لأنه كان تحت حكم ملك حضرموت.

1 LAPAR 4541، CIH 658، IV، III، I، P.92

2 GLASER 1430، 1619

3 REP. EPIG 3958، VII، I، P.12.، STUDI. LEXI.، III، S. 2

4 BACKGROUND، P.103

5 الفقرة الخامسة من النص إلى منتهى الفقرة الحادية عشرة.

ص: 55

وقد ورد اسم "خولان" في نص مهم جدًّا تعرض لخبر حرب نشبت في أيام ملوك "سبأ"، سقط منه اسم الملك، وسقطت منه كلمات عدة وأسطر أضاعت المعنى.

وقد شارك أصحاب هذه الكتابة في هذه الحرب، وعادوا منها موفورين سالمين، ولذلك سجلوا شكرهم للإله "المقه" رب مدينة "حرونم""حرون""حروان"1؛ لأنه نجاهم، ومن عليهم بنعمة السلامة. ويفهم من الكلمات الباقية في النص أن قبيلة "خولان" كانت قد ثارت على سبأ، فجهز السبئيون حملة عسكرية عليهم، دحرت خولان، وتغلبت عليها، وحصل السبئيون على غنائم كثيرة. وكان يحكم "خولان" قيل لم يرد في النص اسمه، ولعله سقط من الكتابة، وقد أشير إليه بـ"ذي خولان"2.

وورد في نص "معيني" ما يفيد اعتراض جماعة غازين من الخولانيين لقافلة معينية كانت تسلك طريق "معان" التجاري، وقد أفلتت من أيدي الغزاة ونجت، ولذلك شكرت الآلهة؛ لأنها ساعدتها في محنتها، وحمتها، ونجَّتها من التَّهْلُكة، وعبرت عن شكرها هذا بتدوين النص المذكور. وقد وقفت على معبد "ودّ كسم" إله معين، وقفًا في أرض "أيم"3، كما سبق أن تحدثت عن تعرض الخولانيين والسبئيين لقافلة تجارية معينية في الطريق بين "ماون""ماوان" و"رجمت""رجمة". وفي هذين الخبرين دلالة على نشاط الخولانيين في مناطق تقع شمال اليمن قبل الميلاد بزمان، وعلى أنهم كانوا من الذين يتحرشون بالطرق التجارية ويعترضون سبل المارة، كما يفعل الأعراب. ولعل هؤلاء الخولانيين كانوا من الأعراب المتنقلين.

وقد حكم الردمانيين أقيال منهم أيضًا؛ فقد ورد في أحد النصوص: "قول ومحرج شعبن ردمن ذ سلفن"، أي:"قيل ومحرج قبيلة ردمان صاحبة سلفان"، ويقصد بـ"سلفان""السلف""السلاف"، فردمان هؤلاء أصحاب الكتابة هم "ردمان السلف""السلاف"4. ولم يكن هذا القيل من "ذي معاهر".

1 REP. EPIG 4137، VII، I، P.95، VA 3844

2 الفقرات: 9 و10 و11 و12 و13 من النص.

3 REP. EPIG 3695، VI، II، P.278، JAUSSEN – SAVIGNAE، MISSION، I، P.242، 732.

4 GLASER 275، 276، CIH 648، IV، III، I، P.82، OM 51، MORDTMANN، MUSE IMPERIAL OTTOMAN، "1895"، PP.36

ص: 56