الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
13 - أبواب: الحدود والأحكام والأقضية والديات والقسامة والنذور والأيمان والكفارات
(متن الحديث)(إسناده)(درجته)(تخريجه)(موضعه في كتب الشيخ)
699/ 1 - (أنَّ رجلًا عَضَّ يَدَ رجلٍ، فانتزع يده فسَقَطَتْ ثَنِيَّتُهُ أو ثَنَاياه، فاستعدى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ما تأمُرُنِي؟ تأمُرُنِي أنْ آمُرَهُ أنْ يدعَ يَدَهُ فِي فِيكَ تَقْضَمُها كما يَقْضَمُ الفحلُ؟ ادفع يَدَكَ حتى يعضَّها ثُمَّ انتَزِعْها.
غريب الحديث: قوله فاستعدى رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعني طلب منه النصرة، وأعداني عليه يعني أعانني ونصرني. قوله ما تأمرني! أتامرني أن آمره: معناه الإنكار عليه).
(أخرجه مسلمٌ في الحدود من صحيحه 1673/ 21، قال: ثنا أحمد بنُ عثمان النَّوفليّ: ثنا قُرَيش بنُ أنس، عن ابنِ عون، عن محمد بنِ سيرين، عن عِمران ابن حصين رضي الله عنه بهذا).
(صحيحٌ. وفيه سماع محمد بن سرين من عِمران بن حصين رضي الله عنه. قال شيخُنا رضي الله عنه: فقد نقل الحافظ في التهذيب 9/ 211، عن الدارقطنيّ، أنه قال: محمد بنُ سيرين لم يسمع من عِمران بن حصين. قلتُ: وهذا النفيُّ فيه نظرٌ.
قال أبو عَمرو -غفر الله له-: فهذا هو الحديث الثالث عند مسلم وفيه سماع ابن سيرين من عِمران؛ وراجع الحديث الأول حديث "يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب" في أبواب: "الجنة" ج 2، والثاني حديث:"أنَّ رجلًا أعتق ستةَ مملوكين له عند موته .. " في أبواب "البيوع والتجارات والوكالات مع العتق" ج 2) (م)(تنبيه 9 / رقم 2124؛ التسلية / ح 31).
700/ 2 - (إني لقاعدٌ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجلٌ يقود آخر بِنِسْعَةٍ. فقال: يا رسول الله! هذا قتلَ أخي. فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أقتلتَهُ؟ " (فقال: إنه لو لم يعترف أقمتُ عليه البيِّنةَ) قال: نعم قتلتُهُ. قال: "كيف قتلتَهُ؟ " قال: كنتُ أنا وهو نختبط مِنْ شَجَرَةٍ، فسبَّنِي، فأغضبني، فضربتُهُ بالفأسِ على قَرْنِهِ فقتلتُهُ. فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"هل لك من شيء تُؤَدِّيه عن نفسك؟ " قال: ما لِي مالٌ إلا كِسَائي، وفَأسِي. قال:"فترى قومَك يشتروُنَكَ؟ " قال: أنا أهونُ على قومي مِن ذاك. فرمى إليه بنسعته. وقال: "دُونَكَ صاحِبَكَ". فانطلق به الرجل. فلمَّا ولَّى، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"إِنْ قَتَلَهُ فهو مِثلُهُ"، فرجع. فقال يا رسول الله! إنه بلغني أنك قلتَ:"إِنْ قَتَلَهُ فهو مِثْلُهُ"، وأخذتُهُ بأمرِكَ. فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"أَمَا تُرِيدُ أنْ يبُوءَ بإثمِكَ وإثمِ صاحِبِكَ؟ " قال: يا نبي اللهِ! (لعله قال): بلى. قال: "فإِنَّ ذاك كذاك"، قال: فرمى بِنِسعَتِهِ وخلَّى سَبِيلَهُ.
غريب الحديث: قوله النسعة: قطعة من الجلد تجعل زمامًا أو حبلا يقود به البعير وخلافه. قوله فقال إنه لو لم يعترف .. : هذا قول القائد، الذي هو وليّ القتيل، أدخله الراوي بين سؤال النبي صلى الله عليه وسلم وبين جواب القاتل يريد أنه لا مجال له في الإنكار. قوله نختبط: يعني نضرب ورق الشجر بالعصا ليتناثر ويُعلَفُ به الإبل. قوله على قرنه: يعني على جانب رأسه. قوله إن قتله فهو مثله: يعني أنه مثله في أنه لا فضل ولا منة لأحدهما على الآخر، لأنه استوفى حقه منه، بخلاف ما لو عفا عنه، فإنه كان له الفضل والمنة وجزيل ثواب الآخرة وجميل الثناء في الدنيا. قوله أَما تُرِيدُ أنْ يبُوءَ بإثمِكَ وإثمِ صاحِبِكَ: يعني يلتزم ذنبك وذنب أخيك المقتول ويتحملهما، أو معناه أن يتحمل إثم المقتول بإتلافه مهجته، وإثم الوليّ لكونه فجعهُ في أخيه المقتول).
(أخرجه مسلمٌ في كتاب القسامة / باب صحة الإقرار بالقتل وتمكين وليّ القتيل من القصاص واستحباب طلب العفو منه / رقم 1680/ 32، قال: ثنا عُبَيد الله بنُ معاذ العنبريُّ: ثنا أبي هو معاذ بنُ معاذ العنبريُّ: ثنا أبو يُونُس هو حاتم بنُ أبي صغيرة مسلم القشيريُّ البصريُّ، عن سماك بنِ حرب، أنَّ علقمة بنَ وائل: حدثه أنَّ أباه: حدثه، قال: إني لقاعدٌ
…
وذكر الحديث. وأخرجه أبو داود في سننه، فذكرتُ إسناده ولفظه فِي الحديث التالي).
(صحيحٌ. وفيه إثبات سماع علقمة بن وائل من أبيه وائل بن حجر رضي الله عنه.
قال شيخُنا: فقد سُئل ابنُ معين عن سماع علقمة بن وائل بن حُجْرٍ من أبيه، فقال:"لم يسمع من أبيه". وقال الترمذيُّ: في كتاب العلل الكبير ق 38/ 1: "سألتُ محمدًا عن علقمة بن وائل هل سمع من أبيه؟ فقال: إنه ولد بعد موت أبيه بستة أشهرٍ". وترجمه الحافظُ في التقريب، فقال:"لم يسمع من أبيه".
قلتُ: وهذا النفي فيه نظرٌ، فقد ثبت سماعُهُ من أبيه. فأخرجه مسلمٌ وغيره.
قال أبو عَمرو: ذكرتُ حديثًا آخر فيه سماع علقمة من أبيه في أبواب "الصلاة والمساجد" ج 2، وهناك أثبت شيخُنا أن البخاري إنما يثبت عدم سماع عبد الجبار من أبيه لا علقمة فإنه يثبت سماعه من أبيه) (م. د)(تنبيه 9 / رقم 2124؛ التسلية / ح 31).
701/ 3 - (كنتُ عند النبيّ صلى الله عليه وسلم، إذْ جيء برجلٍ قاتلٍ في عنقه النِّسعة، قال: فدعا وليَّ المقتول، فقال: "أتعفو؟ " قال: لا، قال: "أفتأخذ الدية؟ " قال: لا، قال: "أفقتل؟ " قال: نعم، قال: "اذهب به". فلمَّا ولَّى، قال: "أتعفو؟ " قال: لا، قال: "أفتأخذ الدية؟ " قال: لا، قال: "أفتقتل؟ " قال: نعم، قال: "اذهب به". فلمَّا كان في الرابعة، قال: "أما إنك إنْ عفوت عنه فإنه يبوءُ بإثمه وإثم صاحبه" قال: فعفا عنه. قال: فأنا رأيتُهُ يجر النِّسعة).
(أخرجه أبو داود 4499، قال: ثنا عبيد الله بنُ عُمر بن ميسرة الجشمي: ثنا يحيى ابنُ سعيد، عن عوف: ثنا حمزة أبو عُمر العائذي: حدثني علقمة بنُ وائل: حدثني وائل بنُ حجر، فذكره).
(وهذا إسنادٌ صحيح، وحمزة هو ابنُ عَمرو العائذيّ. وثقه النسائيُّ وابنُ حبان، وقال أبو حاتم: شيخ)(د)(تنبيه 9 / رقم 2124؛ التسلية / ح 31).
702/ 4 - (الظهرُ يُركَبُ بنفقتهِ إذا كان مَرْهُونًا، ولَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ بنفقتِهِ إذا كان مَرهونًا، وعلى الذي يركبُ ويشربُ النفقةُ.
قوله الدَّرّ، بفتح المهملة وتشديد الراء، مصدر بمعنى الدارة، أي: ذات الضرع. وقولة لبن الدّرّ: هو من إضافة الشيء إلى نفسه، وهو كقوله تعالى: وحبَّ الحصيد).
(أخرجه البخاريُّ في كتاب الرهن 5/ 143 رقم 2512، قال: ثنا محمد بنُ مُقَاتل: نا عبد الله هو ابنُ المبارك: نا زكريا هو ابنُ أبي زائدة، عن الشعبي، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم
…
وذكر الحديث).
(صحيحٌ. وفيه إثبات سماع الشعبي من أبي هريرة.
قال شيخُنا: فقد قيل إنَّ أحمد كان ينكر سماع الشعبي من أبي هريرة. وقد احتج البخاريُّ بروايته عن أبي هريرة في حديثين أحدهما في "كتاب الرهن" والآخر في "التفسير- سورة الزمر"، واحتج به مسلمٌ في حديث عن أبي هريرة، قال:"ثلاثُ خِصالٍ سمعتهن مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني تميم .. " وتخريج البخاريّ لهذه الترجمة حجة في إثبات السماع. أهـ.
فائدة: قال الحافظ في الفتح: ليس للشعبي عن أبي هريرة في البخاري سوى هذا الحديث وآخر في تفسير الزمر وعلَّق له ثالثًا في النِّكاح. اهـ.) (خ)(التسلية / ح 31؛ تنبيه 9 / رقم 2124).
703/ 5 - (عسى أن يكون بعدي أقوامٌ يُكَذِّبون بالرَّجِمِ. يقولون: لا نجده في كتاب الله، لولا أن أزيدَ في كتاب الله ما ليس فيه لكتبتُ أنَّهُ حقٌّ، قد رجم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ورجم أبو بكرٍ ورجمتُ).
(رواه الحافظ في التهذيب بإسناده إلى مسدد في مسنده عن ابن أبي عديّ، قال: ثنا داود هو ابنُ أبي هند، عن سعيد بن السيب، قال: سمعتُ عُمر بنَ الخطاب على
هذا المنبر، يقول:
…
فذكره. قال الحافظُ: هذا الإسناد على شرط مسلم).
(صحيحٌ. وفيه إثبات سماع سعيد بنِ المسيب من عُمر بن الخطاب.
قال شيخُنا رضي الله عنه: فقد نقل ابنُ أبي حاتم في المراسيل ص 71 عن ابن معين وأبي حاتم، قالا: أن سعيد بن المسيب لم يسمع من عُمر. وقال أبو حاتم: يدخل في المسند على المجاز. ويقصد: أن فيه شوب اتصال. ونقل الحافظ في التهذيب 4/ 87 - 88 عن الواقدي، قال: لم أر أهل العلم يصححون سماع ابن المسيب من عُمر وإن كانوا قد رووه. فقال الحافظ: قد وقع لي بإسنادٍ صحيحٍ لا مطعن فيه فيه تصريح سعيد بسماعه من عُمر. ثم ذكر الحافظ الإسناد كما تقدم. قال الحاكم في المستدرك 1/ 126: فأمَّا سماع سعيد من عُمر فمختلفٌ فيه، وأكثر أئمتنا على أنه قد سمع منه، وهذه ترجمةٌ معروفةٌ في المسانيد. اهـ.
وقد نقل ابنُ أبي حاتم في المراسيل ص 72 حجة ابن معين في نفي السماع. فقال عباسٌ الدوريِّ لابنِ معين: هو يقول -يعني ابن المسيب- وُلِدتُ لسنتين مضتا من خلافة عُمر؟ قال يحيى: ابنُ ثمان سنين يحفظُ شيئًا؟!
قال شيخُنا: فنقول: نعم، وما يفعل بصغار الصحابة كمحمود بن الربيع والحسن والحسين ومن جرى في مضمارهم؟ وصحة السماع تقاس باعتبار التمييز، كما عليه أهل المعرفة. والله أعلم.
قال أبو عَمرو: انظر القاعدة التي ذكرها شيخُنا وأخرجتُها فيما مضى في الحديث رقم 9، ورقم 38 ونظيرها في الأرقام: 94، 137، 299، 362، 473، 495) (الحافظ تهذيب، مُسَدَّد)(التسلية / ح 31).
704/ 6 - (قد رجمتُها بِسُنَّةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم)
(أخرجه البخاري في كتاب الحدود / باب رجم المحصن، وقال الحسن: مَنْ زني بأُختِهِ فحدُّه حدُّ الزاني 12/ 117 رقم 6812، قال: ثنا آدم: ثنا شعبة: ثنا سلمة بنُ كُهَيل، قال: سمعتُ الشعبيَّ، يحدِّثُ عن عليّ رضي الله عنه حين رجم المرأةَ يوم الجمعة، وقال: .. فذكره.
وأخرجه الحاكمُ في المستدرك 4/ 405، قال: حدثناه أبو عبد الله محمد بنُ عبد الله الزاهد الأصبهاني: ثنا أحمد بنُ يونس الضبي: ثنا جعفر بنُ عون: ثنا إسماعيل بنِ أبي خالد، قال: سمعتُ الشعبيَّ وسُئِلَ: هل رأيت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه؟ قال: رأيته أبيضَ الرأسِ واللحية. قِيل: فهل تذكر عنه شيئًا؟ قال: نعم. أذكر أنه جلد شُراحةَ يومَ الخميس ورجمها يومَ الجمعة، فقال: جلدتُها بكتاب الله، ورجمتُها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال الحاكم: وهذا إسنادٌ صحيحٌ. ووافقه الذهبيُّ.
شُراحة: بالشين المعجمة وعليها ضمة، والحاء المهملة وعليها فتحة؛ وهي امرأةٌ من هَمْدان).
(قال شيحُنا رضي الله عنه: قال الحاكم: لم يسمع مِن عليّ، وإنما رآه رؤية.
وقال الدارقطني في العلل: لم يسمع مِن عليّ، إلا حرفًا واحدًا ما سمع غيره. اهـ.
قال الحافظ: كأنه عني ما أخرجه البخاريُّ في الرَّجم، عنه، عن عليِّ، حين رجم المرأة. قال: رجمتُها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. اهـ. قُلْتُ: ولا أعرف الشعبيَّ بتدليسٍ. قال ابنُ معين: إذا حدث عن رجل فسمَّاهُ، فهو ثقة يحتج بحديثه. اهـ.
ولا يؤخذ مِنْ عبارته أنه يتهمه بتدليس، فضلًا عن ثبوته عليه. وإدراكُه لعليٍّ منصوصٌ عليه، فما المانع مِن سماعه منه) (خ، ك)(جُنَّةُ المُرتاب / 243).
705/ 7 - (لمَّا رجعتُ إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم وقد دفنتُهُ (1) قال لِي قولًا ما أحِبُّ أنَّ لِي به الدنيا).
(رواه أبو داود الطيالسي 121، قال: ثنا شعبة، قال: وأخبرني الفضيل أبو معاذ هو البصرى ابنُ ميسرة الأزدي العقيلي، عن أبي حريز السجستانيّ هو عبد الله ابنُ الحسين الأزدي قاضي سجستان، عن الشعبيّ، كل: قال عليّ: .. فذكره).
(سنده حسن إِنْ ثبتَ سماع الشعبيّ من عليّ. قال الحاكم: لم يسمع مِن عليّ، وإنما رآه رؤية. وقال الدارقطنيُّ في العلل: لم يسمع مِن عليّ، إلا حرفًا واحدًا ما سمع غيره. قال الحافظ: كأنه عنى ما أخرجه البخاريُّ في الرَّجم، عنه، عن عليّ، حين رجم المرأة. قال: رجمتُها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. أهـ.
قُلْتُ: ولا أعرف الشعبيُّ بتدليسٍ. قال ابنُ معين: إذا حدث عن رجل فسمَّاهُ، فهو ثقة يحتج بحديثه. اهـ. ولا يؤخذ مِنْ عبارته أنه يتهمه بتدليس، فضلًا عن ثبوته عليه. وإدراكُه لعليّ منصوصٌ عليه، فما المانع مِن سماعه منه. والدارقطنيُّ على جلالته في الفن وتقدمه لم يُحط بكل شيء علمًا. والله أعلم) (طي)(جُنَّةُ المُرتَاب / 243).
706/ 8 - (ليس على المجنون ولا السكران طلاقٌ).
(قال أبو زرعة: حدثني آدم، قال: ثنا ابنُ أبي ذئب، عن الزهريّ، قال: قال رجلٌ لعمر بنِ عبد العزيز: طلَّقتُ امرأتي، وأنا سكران. قال الزهريُّ: فكان رأي عُمر بنِ عبد العزيز مع رأينا أن يجلدهُ، ويفرق بينه وبين امرأته حتى حدَّثهُ أبان ابنُ
(1) أي أبا طالب، كما مرَّ في حديثٍ قبله عند الطيالسي.
عثمان بن عفان، قال: .. فذكره. فقال عُمر: تأمروني! وهذا يحدثني عن عثمان ابن عفان؟ فَجَلَدَهُ، وردَّ إليه امرأتَهُ).
(صحيحٌ. وفيه إثبات سماع الزهري من أبان بنِ عثمان.
قال شيخُنا رضي الله عنه: قال ابنُ أبي حاتم في المراسيل ص 191، 192: قال أبي: "لم أختلف أنا وأبو زرعة وجماعةٌ مِنْ أصحابنا أنَّ الزهريَّ لم يسمع مِنْ أبان ابنِ عثمان شيئًا، وكيف سمع مِنْ أبان، وهو يقول: بلغني عن أبان؟ قيل له: فإنَّ محمد بنَ يحيى النيسابوري يقول: قد سمع. قال: محمد بنُ يحيى كان بابُهُ السلامة!!.
ونقل أيضًا عن أبيه، قال: الزهري لم يسمع مِنْ أبان بنِ عثمان شيئًا، لا أنه لم يدركه، قد أدركه، وقد أدرك مَنْ هو أكبرُ منه، ولكن لا يثبتُ له السماعُ منه، كما أنَّ حبيب بنَ أبي ثابت، لا يثبت له السماع مِنْ عُروة بنِ الزبير، وقد سمع ممن هو أكبر منه، غير أنَّ أهلَ الحديث قد اتفقوا على ذلك، واتفاق أهل الحديث على شيءٍ، يكون حُجَّةً. اهـ.
قلتُ: رضي الله عنك! فالجوابُ عمَّا ذكرتَهُ مِنْ وُجُوهٍ:
الأول: أَن أهل الحديث إذا اتفقوا على الشيء يكون حُجَّة، فنعم، ولكن كيف يكون إجماعًا، وقد خالف فيه محمد بنُ يحيى الذُّهلِيّ، وكانت له عنايةٌ خاصةٌ بمرويات الزهري، وكتابُهُ "علل حديث الزهرى" والمعروف باسم:"الزهريات" مِنْ الشهرة بمكان، وقد أظهر فيه علمًا جمًّا، حتى قال أحمد بنُ حنبل:"ما قدم علينا رجلٌ أعلم بحديث الزهري مِن محمد بنِ يحيى".
وقيل ليحيى بنِ معين لِمَ لا تجمع حديث الزهري؟ فقال: "كفانا محمد بنُ يحيى جمع حديث الزهري".
وقال الخطيبُ في تاريخه 3/ 415: "صنَّف حديث الزهريّ وجوَّده".
فينبغي أنْ يُقدَّم كلامُ مَنْ هذا وصفُهُ على كلام غيره، فيما يتعلق بمرويات الزهريّ، ما لم يظهر أنَّهُ غلطَ فيه بدلائلَ راجحةٍ.
فكيف يُقالُ في مثله مع هذه العناية: "كان بابُهُ السلامة" التي تشي بالتساهل وقلَّةِ النَّظر؟.
الثاني: أنَّ أبان بنَ عثمان كان قاضيًا لعُمر بنِ عبد العزيز، كما أنَّ الزهريَّ هو أوَّلُ من جَمَعَ حديثَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بأمر عُمر بنِ عبد العزيز، وهما جميعًا أبناءُ مدينة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فكيف يُقال في مثل هذه المعاصرة البيِّنَة: أن الزهريَّ لم يسمع من أبان بن عثمان؟ مع أن أبا حاتم قال -كما في العلل 1607 - : "سليمان ابنُ عبد الرحمن الدمشقيّ ثقةٌ، وعبيد بنُ فيروز جزريٌّ لا بأس به، فيُشبهُ أن يكون زيد ابنُ أبي أنيسة سمع مِن عبيد بنِ فيروز، لأنه من أهل بلدِهِ". انتهى.
فأنتَ ترى أنَّ أبا حاتم ليس في يده دليلٌ على أن زيد بنَ أبي أنيسة سمع من عبيد ابن فيروز سوى سكنى البلد الواحد، فَلِمَ لا يقال مثلُهُ في سماع الزهريّ مِن أبان ابنِ عثمان وكلاهما مدنيٌّ؟! وانظر ما تقدم برقم 1655.
أمَّا قول الزهريّ: "بلغني عن أبان" فأيُّ شيءٍ فيه؟ وهل كلُّ حديث الزهريُّ عن أبان قال فيه: "بلغني" فقد يُحمل هذا على حديث بعينِهِ، أو قد يُحمل على اختلاف الرواة عليه، إلى غير ذلك من الأسباب.
وقد يروي الشيخُ بلاغًا عمَّن سمعَ منه أحاديث.
الثالث: أنَّ وجهَ الشبهِ بعيدٌ بين رواية الزهري عن أبان، ورواية حبيب بن أبي ثابت عن عُروة، فإنَّ حبيب بنَ أبي ثابت كوفيٌّ، وعُروة بنُ الزبير مدنيٌّ، بخلاف الزهري
عن أبان، فكلاهما مدنيٌّ. فكما أنَّ العلماء قد يثبتون الاتصال بين الراويين بسكني البلد الواحد، فإنهم أيضًا يحكمون بالانقطاع بينهما باختلاف بلديهما.
أقولُ هذا مع أنَّ الكوفيين صحّحُوا حديثَ: حبيب بنِ أبي ثابت، عن عروة ابنِ الزبير، عن عائشةَ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قبَّل بعضَ نسائه، ثم خرجَ إلى الصلاة، ولم يتوضأ. قال عُروة: قلتُ لها: ما هي إلا أنتِ؟ قال: فضحكت.
أخرجه د 179، ت 86، ق 502، حم 6/ 210، ش 1/ 44، وإسحاق بنُ راهويه في المسند 566، وابنُ جرير في تفسيره 9630، قط 1/ 137 - 138، هق 1/ 125 - 126، وابنُ المنذر في الأوسط 15 من طريق وكيع بن الجراح: ثنا الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابتٍ به.
قال ابنُ عبد البر في الاستذكار 3/ 52: "صحَّحَ هذا الحديث الكوفيون وثبَّتُوه، لرواية الثقات من أئمة الحديث له. وحبيبٌ لا يُنكرُ لقاؤه عُروة، لروايته عمَّن هو أكبرُ من عُروة، وأقدمُ موتًا". وقد نقل الترمذيُّ عن البخاريّ مثل مقالة أبي حاتمٍ.
الرابع: أنني وقفتُ على نصٍّ جليلٍ في تصحيح سماع الزهريّ من أبان.
فقد قال أبو زرعة الدمشقيّ في تاريخه 1/ 508 - 510: "وأنكر بعضُ أهل العلم أنَّ يكون ابنُ شهاب سمع مِن أبان بن عثمان بن عفان. فذكرتُ ذلكَ لعبد الرحمن ابن إبراهيم، فدم ينكر لقاءه. وقال لي: عُمر بنُ عبد العزيز ولَّى أبان بنَ عثمان ابن عفان على المدينة، والزهريّ في صحابة عُمر بنِ عبد العزيز بالمدينة.
ثم قال أبو زرعة: حدثني آدم، قال: ثنا ابنُ أبي ذئب،
…
فذكر الحديث بسنده ومتنه كما تقدم، ثم قال أبو زرعة: فهذه مشاهدةٌ وسماعٌ صحيحٌ، ثم نظرنا فوجدنا أمثالَ ابنِ شهاب قد سمع مِن أبان بنِ عثمان، وسمعَ منه مَنْ هو دونه في السنِّ.
ثم قال أبو زرعة: فحدثني، الوليد بنُ عتبة، قال: ثنا الوليد بنُ مسلم، قال: نا ابنُ لهيعة، عن أبي الأسود، قال: سمعتُ أبان بنَ عثمان، وعُمر بنَ عبد العزيز، وعُروة ابنَ الزبير، وهشام بنَ إسماعيل يفتتحون بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} .
وقال أبو زرعة: ثنا محمد بنُ سعيد بنِ الأصبهانيّ، قال: ثنا عبد السلام بنُ حربٍ، عن يحيى بنِ سعيد، قال: سمعتُ سالمًا وأبان بنَ عثمان: إذا دخلت في الحيضة الثالثة، فليس بينهما ميراث.
قال أبو زرعة: حديث يحيى بن سعيد من نبيل الحديث.
ثم قال أبو زرعة: وقد سمع منه: عاصم بنُ عبيد الله، ومحمد بنُ إسحاق، فكلُّ هذا دليلٌ على صحَّةِ حديث ابن أبي ذئب. وقد قلتُ لعبد الرحمن بنِ إبراهيم: أتستوحشُ مِن حديث ابنِ أبي ذئبٍ، وسماع الزهريّ مِن أبان؟ قال: لا. "انتهى.
فهؤلاء ثلاثةٌ من العلماء يثبتون سماع الزهريّ مِن أبان بنِ عثمان، فأين الإجماع؟!.).
(أبو زرعة)(تنبيه 10 / رقم 2138).
باب غرز الخشب في جدار الجار:
707/ 9 - (إذا استأذنَ أَحَدَكُم جارُهُ أنْ يَغرِزَ خَشَبَهُ في حائطٍ، فلا يمنَعْهُ. فلما قضى أبو هريرة رضي الله عنه حديثَهُ طَأطَئُوا رُءُوسَهُم، قال: مَا لي أرَاكُم عنها مُعرضينَ، والله! لأرْمِينَّها بينَ أكْتَافِكُم. سياق ابن الجارود).
(رواه سفيان بنُ عُيَينة، عن الزهري، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:
…
فذكره. ولفظ مالك يأتي في الحديث القادم). (إسنادهُ صحيح) (م،
عو، د، ت، ق، شفع، حم، حمي، يع، هق، قاضي المارستان) (كتاب المنتقى / ح 1096؛ غوث 3 / ح 1020؛ تنبيه 7 / رقم 1678؛ رقم 1679).
708/ 10 - (لا يمنعْ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغرِزَ خَشَبَهُ في جِدَارِهِ. ثم يَقُولُ أبو هريرة: ما لِي أَرَاكُمْ عنها مُعْرِضِنَ، واللهِ لأرْمِيَنَّ بها بين أَكْتَافِكُمْ. ولفظ يحيي بن يحيى عند مسلم: لا يمنعْ أحدُكم جَارَهُ أَنْ يضعَ خَشَبَةً في جداره. ووقع عند بعضهم: لا يمنعنَّ.
قال الحافظُ في الفتح 5/ 110:
قوله: "باب لا يمنع جارٌ جارَهُ أنْ يَغْرِزَ خشبةً في جِدَارِهِ": كذا لأبي ذر بالتنوين على إفراد الخشبة، ولغيره بصيغة الجمع وهو الذي في حديث الباب، قال ابنُ عبد البر: رُوِيَ اللفظان في الموطأ، والمعنى واحدٌ، لأنَّ المرادَ بالواحد الجنس. انتهى. وهذا الذي يتعينُ للجمعِ بين الروايتين، وإلا فالمعنى قد يختلفُ باعتبارِ أنَّ أمرَ الخشبةِ الواحدةِ أخفُّ في مُسامَحَةِ الجارِ بخلاف الخشب الكثير، ورَرَىَ الطحاويُّ عن جماعةٍ من المشايخ أنهم رووه بالإفراد، وأنكر ذلك عبد الغني، بنُ سعيد (2)، فقال: الناس كُلُّهم يقولونه بالجمع إلا الطحاويّ؛ وما ذكرتُهُ مِنْ اختلاف الرواة في الصحيح يَرُدُّ على عبد الغني بنِ سعيد إلا إِنْ أرادَ خَاصًّا مِنَ الناسِ كالذين روى عنهم الطحاويُّ
(2) قال شيخُنا في تنبيه 7 / رقم 1678: نقل السلفي في الطيوريات ج 13 / ق 218/ 2 أنَّ الحافظ عبد الغني بنَ سعيد سُئِلَ عن قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: "لا يمنعن أحدكم جاره أن يضع خشبةً في جداره" أهو على الجمع أم على التوحيد؟ فقال: الناس كلُّهم يقولونه على الجمع، إلا ما كان من أبي جعفر الطحاويّ، فإنه يقول على التوحيد "خشبة"!.
فَلَهُ اتجاه. اهـ.).
(قال البخاريُّ في كتاب المظالم من صحيحه / باب لا يمنع جارٌ جارَه أنَّ يغرِزَ خشبةً في جِداَرِه 5/ 110 رقم 2463: ثنا عبد الله بنُ مَسْلَمَةَ هو القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن ابن شِهَابٍ، عن الأعْرَج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:
…
فذكره). (صحيحٌ. وله طرق أخرى عن أبي هريرة (3)، وشواهد عن بعض الصحابة، ذكرتها في غوث المكدود) (ط، خ، م، عو، د، ت، ق، شفع، حم، حمي، ابن جرير تهذيب، حب، يع، جا، طح مشكل، ابن عبد البر، أبو سعيد النقاش، قاضي المارستان، هق، بغ)(التسلية / ح 58؛ حديث الوزير / 237 - 238 ح 76،75؛ غوث 3 / ح 1020؛ كتاب المنتقى / ح 1096؛ تنبيه 7 / رقم 1678؛ رقم 1679).
709/ 11 - (لا يمنعنَّ أحدُكم جارَهُ أنْ يَغرِزَ خشبةً على جِدَارِهِ).
(حدَّثَ به: ابنُ حبان في صحيحه رقم 515، قال: أخبرنا محمد بنُ الحسن ابنِ قُتَيبة، قال: ثنا محمد بنُ رمح، قال: ثنا الليث بنُ سعد، عن مالك بنِ أنس، عن الزهري، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا. قال ابنُ رمحٍ: سمعتُ الليث، يقول:"هذا أولُ ما لمالكٍ عندنا وآخرُه". فعقَّبَ ابنُ حبان، قائلا: في قول الليث: هذا أولُ ما لمالكٍ عندنا وآخره، دليلٌ على أنَّ الخبرَ الذي رواه: قُراد -هو: الخزاعي، واسمه عبد الرحمن بنُ غزوان-، عن الليث، عن مالك، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قصة المماليك = خبرٌ باطلٌ لا أصل له. اهـ.
قال شيخُنا رضي الله عنه: والعلماءُ يستَدِلُّونَ بمثلِ هذا الحصرِ علي بُطلان ما
(3) ذكرتُ طريقًا آخر له في أبواب: الأشربة.
جاءَ خارج ذلك كما فعل ابنُ حبان. والمسالةُ أغلبيةٌ لا كُلِّية، إذ الإحاطةُ لله تعالى، سبحانه لا يحيطون بشيءٍ من علمه إلا بما شاء). (صحيحٌ)(حب، الفسوي، كر، السلفي طيوريات، عو، هق، نعيم حلية، أبو الشيخ رواية الأقران، ابن عبد البر)(تنبيه 2 / رقم 785؛ تنبيه 7 / رقم 1678).
710/ 12 - (لا يمنعنَّ أحدُكم جارَهُ أنْ يَضَعَ خشبةً في جِدَارِهِ).
(رواه: هشام الدستوائي، وعبد الأعلى، وشعبة. ثلاثتهم عن معمر بن راشد، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه، مرفوعًا.
وتابعه: عقيل بنُ خالد، فرواه عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعًا:"من سأله جارُهُ أنَّ يضع في جدارِهِ خشبته فلا يمنعه". قال أبو هريرة: ما لي أراكم عنها معرضين؟ والله! لأرمين بها بين أكتافكم.
أخرجه طح مشكل 3/ 152، قال: ثنا محمد بنُ عزيز الأيلي: ثنا سلامة بنُ روح، عن عقيل بنِ خالد بهذا الإسناد.
وتابعه: مالكٌ، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعًا.
أخرجه كر في تاريخ دمشق 24/ 259 من طريق أبي بكر بنِ المقرئ: نا الحسين ابنُ عبد الله بنِ يزيد الأزرق القطَّان الرقيُّ بها، وسليمان بنِ محمد الخزاعيّ الدمشقي، وجعفر بنِ أحمد الوزان الحرَّاني بحلب. قالوا: ثنا هشام بنُ خالد الأزرق: نا شعيب ابنُ إسحاق: نا مالك بهذا. قال ابنُ المقرئ: "هكذا حدثونا". يشير إلى نكارته. وهو باطلٌ عن مالكٍ).
(حديثٌ صحيحٌ. قال شيخُنا رضي الله عنه:
واعلم أنَّ روايةَ معمر هذا الحديث قد أنكره أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان. فقد سألهما ابنُ أبي حاتم كما في العلل 1413 عن هذا الحديث، فقالا:"وهم فيه معمرٌ، إنما هو: الزهريّ، عن الأعرج، عن أبي هريرة. كذا رواه مالكٌ وجماعةٌ، وهو الصحيح". اهـ.
قلتُ: رضي الله عنكما! فإن رواية مالك هذا الحديث، عن الزهري، عن الأعرج، عن أبي هريرة: لا تمنع أنَّ يرويه الزهريُّ أيضًا، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة. كيف؟ والأمرُ كما قال يعقوب بنُ شيبة- كما في التمهيد 10/ 217 - قال: سمعت عليّ بنَ المدينيّ، يقول: قال لي معن بنُ عيسى: أتنكرُ الزهريّ -وهو يتمرَّغُ في أصحاب أبي هريرة- أنَّ يروي الحديث عن عدَّة؟!
فإن قلتَ: يمنعُنا مِنْ تصحيح رواية معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب؛ أن الذين رووا هذا عن معمر هم أهل البصرة، مثل: شعبة بن الحجاج وهشام الدستوائي كما تقدَّم؛ ومن المعروف عند أهل العلم أنَّ معمر بنَ راشد لمَّا دخل البصرة لزيارة أمِّه حدَّث مِنْ غيرِ كتاب، فوقعت له أغاليط حملها عنه أهل البصرة، فأهل العلم يتوقفون في رواية أهل البصرة عنه.
فالجواب: أنَّ هذا صحيح، ولكن قد رواه أهل البصرة عنه، عن الزهري، عن الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعًا. فأخرجه ش 7/ 256 و 14/ 222 - 223، وابنُ جرير في تهذيب الآثار 1158 مسند ابن عباس، قال: ثنا ابنُ وكيع. قالا: ثنا عبد الأعلى بنُ عبد الأعلى: ثنا معمرٌ بهذا الإسناد.
وتابعه: عبد الصمد بنُ عبد الوارث -وهو بصريٌّ أيضًا- فرواه عن معمر بهذا الإسناد. ذكره قط في العلل 9/ 203.
وتابعهم: عبد الرزاق، فرواه عن معمر، عن الزهري، عن الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعًا. أخرجه أحمد 2/ 274. ومسلمٌ 1609/ 136، قال: ثنا عبد بنُ حميد. وابنُ جرير في التهذيب 1159، قال: ثنا الحجاج بن يوسف. والبيهقيُّ 6/ 68 عن أحمد بن يوسف السلمي. قالوا: ثنا عبد الزراق بهذا الإسناد.
فهذا يدلُّ على أنَّ الإسنادين كانا جميعًا عند معمر، وقد ميَّزَ بينهما، ولم يختلطا عليه، وإن كان الحديث: عن الزهري عن الأعرج، أشهر منه: عن الزهري عن سعيد. وقد رواه أكثرُ أصحاب الزهرى، عنه، عن الأعرج، عن أبي هريرة كما تقدم في الثلاثة أحاديث السابقة).
(طب أوسط، البزار، طح مشكل، ابن عبد البر، خط تلخيص)(تنبيه 7 / رقم 1678).
711/ 13 - (لا يمنعنَّ أحدُكم جارَهُ، أنْ يَضَعَ خشبةً في جِدَارِهِ.
ثم قال أبو هريرة: ما لي أراكم عنها معرضين؟ والله! لأرمينَّ بها بين أكتافكم).
(رواه: مالك بنُ أنس، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا.
ورواه عن مالك هكذا: خالد بنُ مخلد القطوانيُّ).
(حديثٌ صحيحٌ. وله طرق عن أبي هريرة رضي الله عنه وشواهد عن بعض الصحابة رضي الله عنهم.
قال شيخنا رضي الله عنه: قال ابنُ عدي: وهذا الحديث لا يُعرف عن مالكٍ، عن أبي الزناد، إلا من رواية خالد بن مخلد، عنه. ورواه مالكٌ في الموطأ، عن الزهري، عن الأعرج، عن أبي هريرة. اهـ.
وقال أبو نعيم: تفرَّد به خالد بنُ مخلدٍ، عن مالكٍ، عن أبي الزناد. اهـ.
قلتُ: رضي الله عنكما! فلم يتفرد به خالد بنُ مخلد، فتابعه إسحاق بنُ سليمان، فرواه عن مالك، عن أبي الزناد بهذا الإسناد. أخرجه ابنُ جرير تهذيب 1152 - مسند ابن عباس، قال: ثنى محمد بنُ عمَّار الرازي، قال: ثنا إسحاق بنُ سليمان. وهذه متابعة صحيحةٌ تقوِّي رواية خالد.
وأخرجه ابنُ جرير أيضًا 1151، قال: ثني محمد بنُ عبد الله بنِ بزيع، قال: ثنا بشر بنُ المفضل، قال: ثنا عبد الرحمن بنُ إسحاق، عن أبي الزناد بسنده سواء.
وعبد الرحمن بنُ إسحاق مختلف فيه. لكن قال أحمد: "روى عن أبي الزناد أحاديث منكرة". وهذا من روايته عن أبي الزناد.
لكن مما يدُلُّ على أنه حفظ، أنَّ أبا أُوَيس -واسمه: عبد الله بنُ عبد الله بنِ أُوَيس- قد رواه عن عبد الله بنِ الفضل وأبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة مثله. أخرجه أحمد 2/ 396، قال: ثنا إبراهيم بنُ أبي العباس، قال: ثنا أبو أويس بهذا. وسنده جيِّدٌ.
فهذا يدلُّ على أنَّ الحديثَ محفوظٌ عن أبي الزناد. ولعله كان عند مالكٍ عن الزهري وأبي الزناد معًا. والله أعلم. وبعد كتابة ما تقدَّم رأيتُ ابنَ عبد البر في التمهيد 1/ 216، ذكر حديثَ خالد بنِ مخلد، عن مالكٍ، ثم قال:"يحتمل أنَّ يكون عند مالكٍ بالإسنادين جميعًا". وهو نصُّ قولِنا والحمدُ لله تعالى).
(خ، م، د، ت، ق، حم، ط، ص، حمي، يع، جا، ابن جرير تهذيب، طح مشكل، نعيم حلية، نعيم أخبار، هق، بغ، عديّ، ابن عبد البر).
(تنبيه 7 / رقم 1679؛ رقم 1678؛ تنبيه 2 / رقم 785؛ حديث الوزير /
237 -
238 ح 75، 76؛ التسلية / ح 58؛ غوث 3 / ح 1020؛ كتاب المنتقى / ح 1096).
القضاء باليمين مع الشاهد:
712/ 14 - (أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قضي باليمينِ معَ الشاهدِ الواحدِ).
(قال ابنُ الجارود في المنتقى: أخبرنا الربيع بنُ سُلَيمان، أنَّ ابنَ وهبٍ حدَّثهم، عن سُلَيمان -يعني ابنَ بلال-، عن ربيعةَ هو ابنُ أبي عبد الرحمن، عن سُهَيلٍ هو ابنُ أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه به.
وتابعه: محمد بن عبد الرحمن العامري فرواه، عن سهيل بن أبي صالح به. أخرجه الخطيب في التلخيص 1/ 582.
قال سليمان بنُ بلال: "فلقيتُ سهيلا فسألتُهُ عن هذا الحديث، فقال: ما أعرفه. فقلتُ له: إن ربيعة أخبرني به عنك. قال: فإِنْ كان ربيعة أخبرك عني، فحدِّث به عن ربيعة عني". اهـ.
وعند أبي داود: "قال عبد العزيز الدراورديُّ: فذكرتُ ذلك لسهيل، فقال: أخبرني ربيعة، وهو عندي ثقةٌ أني حدثتُهُ إياه، ولا أحفظُهُ. قال عبد العزيز: وقد كان أصابت سهيلًا عِلَّةٌ أذهبت بعضَ عقله، ونسي بعض حديثه، فكان سهيلٌ بعدُ يُحَدِّثُهُ عن ربيعة، عنه، عن أبيه"
قلتُ: ونسيان الثقة للحديث، لا يقدحُ فيه على رأي جمهور النقاد، وهو الرأيُ الراجح، وقد ناقشتُ هذا البحث في كتابي:"جنة المرتاب بنقد المغني عن الحفظ والكتاب" والحمد لله على التوفيق.
وللحديث طريق آخر، قويٌّ. أخرجه البيهقيُّ 10/ 169 من طريق مغيرة ابن عبد الرحمن، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة به.
وأسند البيهقيُّ، عن أحمد بن حنبل، أنه قال:"ليس في هذا الباب حديثٌ أصحّ من هذا". اهـ.).
(إسناده صحيحٌ)(د، ت، ق، جا، طح، هق).
(كتاب المنتقى / ح 1083؛ غوث 3/ 261 ح 1007؛ التسلية / ح 58).