الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
22 - أبواب: الفتن وأشراط الساعة مع النفاق وصفات المنافقين
(متن الحديث)(إسناده)(درجته)(تخريجه)(موضعه في كتب الشيخ)
909/ 1 - (إِنَّ إبليسَ يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياهُ. فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة. يجيئ أحدُهُم، فيقول: فعلت كذا وكذا. فيقول: ما صنعت شيئًا! قال: ثم يجئ أحدُهُم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته. قال: فيُدنِيه منه، ويقول: نعم أنت!. قال الأعمش: أُراه قال: "فيلتزمُهُ").
(عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، مرفوعًا به).
(هذا حديثٌ صحيحٌ)(م، حم)(صحيح القصص / 39).
910/ 2 - (إن مِنْ أشراط الساعة: أن يتباهَى النَّاسُ في المساجد).
(رواه: عبد الله بن المبارك، ومؤمل بنُ إسماعيل، كلاهما عن حماد بن سلمة، عن أيوب السختياني -وهذا حديثه-، عن أبي قلابة، عن أنس رضي الله عنه مرفوعًا به.
ورواه: سعيد بن عامر، ويونس بنُ بكير، كلاهما عن أبي عامر الخزاز صالح ابنِ رستم، قال: قال أبو قلابة الجرميُّ: انطلقنا مع أنس نريد الزاوية فمررنا بمسجد، فحضرت صلاةُ الصبح، فقالوا لأنس: لو صلَّينا في هذا المسجد، فإنَّ بعضَ القوم يأتي المسجد الآخر. قال: أي مسجد؟ فذكرنا مسجدًا. فقال أنس .. فذكر نحوه مرفوعًا. ولأيوب السختياني فيه سياقان آخران، انظرهما وسياقَ أبي عامر الخزّاز فيما يأتي من "أحاديث المنيحة بسلسلة الأحاديث الصحيحة").
(قال البزار: هذا الحديث لا نعلم رواه عن أيوب إلا حماد بنُ سلمة بهذا الإسناد. انتهى. قلتُ: وهذا إسنادٌ صحيحٌ).
(خت، د، س، ق، حم، مي، يع، البزار، خز، حب، طب كبير، طب أوسط، وصغير، الضياء، هق)(تنبيه 12 / رقم 2372).
911/ 3 - (إذا كانت سنة ستين فمن كان عزبًا فلا يتزوج).
(قال أبو مسهر: حدثني عباد الخوَّاص، عن يحيى بن أبي عَمرو السيباني (1)، عن ابن محيريز، عن أبي سلام، قال: كنتُ إذا قدمتُ بيت المقدس نزلت على عبادة ابن الصامت، فدخلتُ المسجد فوجدته، وكعبًا ساجدَين، فسمعتُ كعبًا -يعني: ابن ماتع الحميري المعروف بكعب الأحبار-، يقول:
…
فذكره).
(صحيحٌ. وفيه إثبات سماع أبي سلام الأسود الحبشي ممطور الدمشقي الأعرج من: عبادة بن الصامت، ومن كعب. فأخرج أبو زرعة الدمشقي في تاريخه 1/ 374، قال: قلتُ لأبي مُسهر: فأبو سلام سمع من عبادة بن الصامت ومن كعب؟ فقال: نعم. حدثني عباد الخواص .. وذكر الإسناد المتقدم. قال أبو زرعة: قلتُ لأبي
(1) بالسين المهملة، ويتصحف بالشين المعجمة، وانظر التهذيب (31/ 480).
مُسهر: فسمع من كعب؟ قال: نعم. قال شيخُنا رضي الله عنه: وقد أثبت أبو مُسهر السماع بما حضره من الأسانيد، وإلا فقد يكون مستند العالم في النفي، هو عدم علمه بالإسناد. وقد روى أبو زرعة الدمشقي في تاريخه 1/ 374، عن مَرْوان ابن محمد، قال: قلتُ لمعاوية بن سلام: سمع جدُكَ من كعب؟ قال: لا أدري. اهـ. هذا مع ما ذكروه من اختصاص معاوية بن سلام بجده. والله أعلم) (أبو زرعة)(التسلية / ح 31؛ تنبيه 9 / رقم 2124).
912/ 4 - (بادِرُوا بالأعمال سِتًّا: الدَّجّالُ، والدُّخَانُ، ودابَّة الأرض، وطلوعُ الشمس من مغربها، وأمرُ العامة، وخويصَةُ أحدِكم. وقع عند الطبراني:"بادروا بالعمل .. ".
والمعنى: سابقوا ست آيات دالة على وجود القيامة، قبل وقوعها وحلولها، فإن العمل بعد وقوعها وحلولها لا يقبل ولا يعتبر).
(أمية بنُ بسطام العيشيُّ، ومحمد بنُ المنهال الضرير، قالا: حدثنا يزيد بنُ زُرَيع، عن شعبة. وعبد الصمد بنُ عبد الوارث، وعفان بن مسلم، وعبد الله بنُ رجاء، ثلَاثتُهُم، عن همام بن يحيى. كلاهما -يعني: شعبة وهمام- عن قتادة، عن الحسن، عن زياد بن رياح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، مرفوعًا به).
(م، حم، حب، طب أوسط، ابن منده، المزي)(تنبيه 12 / رقم 2375).
913/ 5 - (بينما راعٍ في غنمه عَدَا عليه الذّئْبُ، فأخذ منها شاةً، فطلبه الراعي، فالتفت إليه الذئبُ، فقال: مَن لها يوم السَّبُعِ، يوم ليس لها راع غيري؟!. وبينما رجلٍ يسوقُ بقرةً، قد حمل عليها،
فَالتَفَتَتْ إليه فكلمته، فقالت: إِنِّي لم أُخلَق لهذا، ولكني خلقت للحرث. فقال الناس: سبحان الله!. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فإني أُؤمن بذلك، وأبو بكر، وعُمر بنُ الخطاب - رضي الله الله عنهما -).
(قال البخاريُّ: ثنا أبو اليمان: نا شعيبٌ، عن الزهريّ، قال: أخبرني أبو سلمة ابن عبد الرحمن بن عوف، أن أبا هريرة رضي الله عنه، قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: .. فذكره). (هذا حديثٌ صحيحٌ، متفقٌ عليه. قال أبو عَمرو -غفر الله له-: ذكرت له سياقًا آخر في باب "فضائل النبيّ والآل والصحب" وسياق أوله: صلَّى بنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صلاةً ..).
(خ، م، س كبرى، د، ت، حم، حم فضائل، القطيعي زيادته فضائل، حمي، طي، ش، حب، ابن الأعرابي، طح مشكل، بغ).
(صحيح القصص / 35؛ الفوائد / 26 ح 2، التوحيد / 1420 هـ / رمضان).
914/ 6 - (ذَكَرَ رسولُ الله - صلى الله عميه وسلم - الدجال ذاتَ غَدَاةٍ، فَخَفَّضَ فيه، وَرَفَّعَ حتى ظَنَنَّاهُ في طائفةِ النَّخْلِ، فلما رحنا إليه، عرف ذلك فينا، فقال:"ما شأنكم؟ " قلنا: يا رسول الله! ذكرتَ الدجالَ الغداةَ، فخَفَّضت فيه وَرَفَّعتَ، حتى ظَنَنَّاه في طائفة النَّخْلِ. فقال: "غير الدجال أخوفني عليكم؛ إِنْ يخرج وأنا فيكم، فأنا حَجِيجُهُ دونكم؛ وإِنْ يخرح ولستُ فيكم، فامْرُؤٌ حجيجُ نفسه والله خليفتي على كل مسلمٍ. إنَّه شابٌ قَطَطٌ، عينُه طافيةٌ، كأَنِّي
أشَبِّهُهُ بعبدِ العُزَّى ابن قَطَن، فَمَنْ أدركه منكم فليقرأ عليه فواتحَ سورةِ الكهف؛ إنه خارج خَلَّةً بين الشام والعراق، فعاثَ يمينًا وعاثَ شمالًا، يا عباد الله فاثبُتُوا". قلنا: يا رسول الله! وما لُبثُهُ فى الأرض؟ قال: "أربعون يومًا: يومٌ كَسَنَةٍ، ويوم كشهرٍ، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم". قلنا: يا رسول الله! فذلك اليوم الذي كسنةٍ أتكفينا فيه صلاةُ يوم؟ قال: "لا، اقْدُروا له قَدْرَهُ". قلنا: يا رسول الله! وما إسراعه في الأرض؟ قال: "كالغيثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ، فيأتي على القوم فيدعوهم، فيؤمنون به ويستجيبون له. فيأمرُ السماءَ فتُمطِرُ، والأرض فَتُنْبِتُ، فتروح عليهم سَارِحَتُهُم أطول ما كانت ذرى، وأَسْبَغَهُ ضروعًا، وأمده خواصر، ثم يأتي القومَ فيدعوهم، فيردون عليه قوله، فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيءٌ مِنْ أموالِهم. ويمرُّ بالخَرِبَةِ، فيقول لها: أخرجي كنوزَك، فتتبعُهُ كُنوزُها كيعاسيب النَّحْلِ، ثم يدعو رجلًا مُمْتَلِئًا شبابًا، فيضرِبُهُ بالسيف، فيقطعه جزلتين رمية الغرض، ثم يدعوه فيُقْبِلُ ويتهلل وجهُهُ يضحكُ. فبينما هو كذلك إذ بعثَ الله تعالى المسيح ابنَ مريم صلى الله عليه وسلم، فينزلُ عند المنارةِ البيضاءِ، شَرْقِيِّ دمشق بين مَهْرُودَتَين، واضعًا كفيه على أجنحة مَلَكَينِ، إذا طأطأ رأسه قطرَ، وإذا رفعه تَحَدَّرَ منه جُمَانٌ كاللؤلؤ، فلا يحل لكافر يجد ريح نَفَسِهِ إلا مات،
وَنَفَسُهُ ينتهي إلى حيث ينتهي طَرْفُهُ، فيطلُبُهُ حتى يُدْركه بباب لُدٍّ، فَيَقْتُلُهُ. ثم يأتي عيسى صلى الله عليه وسلم قومٌ قد عصمهم الله منه، فيمسح عَنْ وجوههم، ويُحَدِّثُهُم بدرجاتهم في الجنة، فبينما هو كذلك إذ أوحى الله تعالى إلى عيسى صلى الله عليه وسلم إني قد أخرجتُ عبادًا لي، لا يَدَان لأحدٍ بقتالهم، فَحَرِّز عبادي إلى الطُّورِ. ويبعث الله يأجوجَ ومأجوجَ، وهم مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، فيمرُّ أوائلُهُم على بحيرة طبرية، فيشربون ما فيها، ويمرُّ آخرُهُم فيقولون: لقد كان بهذه مرَّةً ماءٌ. ويُحْصَرُ نبيُّ الله عيسى صلى الله عليه وسلم وأصحابُهُ، حتى يكونَ رأس الثور لأحدهم خيرٌ مِنْ مائة دينار لأحدكم اليوم، فيرغب نبيُّ الله عيسى وأصحابُهُ رضي الله عنهم إلى الله تعالى، فيرسل الله تعالى عليهم النَّغَفَ في رقابهم، فَيُصْبِحُون فَرْسَى كموت نفسٍ واحدةٍ، ثم يهبطُ نبيُّ الله عيسى صلى الله عليه وسلم، وأصحابُهُ رضي الله عنهم إلى الأرض، فلا يجدون في الأرض موضعَ شبر إلا ملأه زَهَمُهُم وَنَتَنُهُم، فرغبُ نبيُّ الله عيسى صلى الله عليه وسلم وأصحابُهُ رضي الله عنهم إلى الله تعالى، فيرسلُ الله تعالى طيرًا كأعناق البُخْتِ، فَتَحْمِلهُم، فتطرحهُم حيثُ شاء الله. ثم يرسل الله عز وجل مطرًا لا يُكِنُّ منه بيت مَدَر، ولا وَبَرٍ، فَيَغْسِلُ الأرض حتى يترُكَهَا كالزّلَقَةِ، ثم يُقالُ للأرضِ: أنبتي ثمرتك، وَرُدِّي
بركتك. فيومئذٍ تأكُلُ العصابةُ مِنَ الرُّمَّانةِ، ويستظلون بِقِحْفِهَا، ويُبَارَكُ في الرِّسْلِ. حتى إنَّ اللَّقْحَةَ مِنَ الإبلِ لتكفي الفئامَ مِنَ النَّاسِ، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذَ من الناس. فبينما هم كذلك إذ بعث الله تعالى ريحًا طيبةً، فتأخُذُهُم تحتَ آباطِهم، فتقبضُ رُوحَ كلِّ مؤمنٍ وكلِّ مسلمٍ، ويبقى شِرَارُ الناس يتهارجون فيها تَهَارُجُ الحُمُرِ، فعليهم تقومُ الساعةُ.
غريب الحديث:
(فخفض فيه ورفع) في معناه قولان: أحدهما أن خفض بمعنى حقر، وقوله (رفع) أي عظمه وفخمه. فمن تحقيره وهوانه على الله تعالى عَوَرُه، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم "هو أهون على الله من ذلك"، وأنه لا يقدر على قتل أحد إلا ذلك الرجل، ثم يعجز عنه، وأنه يضمحل أمره، ويقتل بعد ذلك، هو وأتباعه. ومن تفخيمه وتعظيم فتنته والمحنة به هذه الأمور الخارقة للعادة وأنه ما من نبي إلا وقد أنذره قومه. والوجه الثاني أنه خفض صوته في حال الكثرة فيما تكلم فيه، فخفض بعد طول الكلام والتعب ليستريح، ثم رفع ليبلغ صوته كل أحد بلاغا كاملًا مفخما.
(غير الدجال أخوفني عليكم) فيه أوجه، أظهرها: أنه من أفعل التفضيل، وتقديره: غير الدجال أخوف مخوفاتي عليكم.
(قطط) أي: شديد جعودة الشعر، مباعد للجعودة المحبوبة. (إنه خارج خلة بين الشام والعراق) قال القاضي: المشهور فيه خلة، قيل معناه سمعت ذلك وقبالته.
(فعاث يمينا وعاث شمالا) العيث الفساد، أو أشد الفساد، والإسراع فيه.
(اقدروا له قدره) قال القاضي وغيره: هذا حكم مخصوص بذلك اليوم شرعه لنا صاحب الشرع
…
ومعني اقدروا له قدره: أنه إذا مضى بعد طلوع الفجر قدر ما يكون بينه وبن الظهر كل يوم، فصلوا الظهر. ثم إذا مضى بعده قدر ما يكون بينها وبين العصر، فصلوا العصر. وإذا مضى بعد هذا قدر ما يكون بينها وبين المغرب، فصلوا المغرب. وكذا العشاء والصبح ثم الظهر ثم العصر ثم المغرب، وهكذا حتي ينقضي ذلك اليوم، وقد وقع فيه صلوات سنة، فرائض كلها مؤداة في وقتها. أما الثاني الذي كشهر، والثالث الذي كجمعة، فقياس اليوم الأول أن يقدر لهما كاليوم الأول على ما ذكرناه.
(فتروح عليهم) يعني: ترجع آخر النهار. (سارحتهم) السارحة: هي الماشية التي تسرح أي تذهب أول النهار إلى المرعى.
(ما كانت ذُرًّا) الذرا يعني: الأعالي والأسنمة، جمع ذروة بالضم والكسر.
(أسبغهُ ضُرُوعًا) أي: أطوله لكثرة اللبن. (أَمَدَّهُ خَواصِرَ) لكثرة امتلائها من الشبع.
(فيصبحون ممحلين) المحل، على وزن فحل، هو الجدب والقحط، يقال أمحل البلد إذا أجدب.
(كيعاسيب النحل) هذا ذكور النحل، وقيل: جماعة النحل لا ذكورها خاصة، لكنه غنى عن الجماعة باليعسوب وهو أميرها. (فيقطعه جَزْلَتَين) أي: قطعتين.
(رَمْيَةَ الغرض) أي: أنه يجعل بين الجزلتين مقدار رمية.
(بين مهرودتين) أي: لابس مهرودتين، أي: ثوبين مصبوغين بورس ثم بزعفران، وقيل: هما شقتان والشقة نصف الملاءة.
(تحدر منه جمان كاللؤلؤ) الجمان حبات من الفضة تصنع على هيئة اللؤلؤ الكبار،
والمراد يتحدر منه الماء على هيئة اللؤلؤ في صفائه، فسمى الماء جمانا لشبهه به في الصفاء والحسن. (بباب لد) بلدة قريبة من بيت القدس.
(لا يَدَانِ لأحدٍ بقتالهم) يدان تثنية يد، ومعناه: لا قدرة ولا طاقة. (فحرز عبادي إلى الطور) أي ضمهم واجعله لهم حِرْزا، يقال أحرزت الشيء أحرزه إحرازا إذا حفظته وضممته إليك وصنته عن الأخذ.
(من كل حدب) من كل أكمة، من كل موضع مرتفع. (ينسلون) أي: يخضون مسرعين. (فيرغب نبيُّ الله) أي إلى الله، أو يدعو.
(النَّغَف) هو دود يكون في أنوف الإبل والغنم، الواحدة نغفة. (فَرْسَى) أي قتلى، واحدهم فريس، كقتيل وقتلى. (زَهَمُهُم) أي دسمهم. (البُخْت) هي جمال طوال الأعناق. (لا يَكُنُّ) أي لا يمنع من نزول الماء. (مَدَر) هو الطين الصلب.
(كالزلَقَةِ أو كالزَّلَفَةِ) معناه كالمرآة. (العصابة) هي الجماعة. (بِقِحْفِهَا) بكسر القاف هو مقعر قشرها، شبهها بقحف الرأس، وهو الذي فوق الدماغ، وقيل ما انفلق من جمجمته وانفصل. (الرِّسْل) هو اللبن.
(اللقحة) بكسر اللام وفتحها لغتان مشهورتان، والكسر أشهر، وهي القريبة العهد بالولادة. (الفئام) أي: الجماعة الكثيرة. (الفَخْذ من الناس) أي: الجماعة من الأقارب وهم دون البطن والبطن دون القبيلة.
(يتهارجون فيها تهارج الحمر) أي: يجامع الرجال النساء علانية بحضرة الناس كما يفعل الحمير ولا يكترثون لذلك).
(عن النواس بن سمعان رضي الله عنه، قال: ..... فذكر الحديث). (هذا حديثٌ صحيحٌ)(م، ت، ق، حم)(صحيح القصص / 73 - 75، تنبيه 5 / رقم 1295).
915/ 7 - (إنَّ يأجُوجَ ومأجُوجَ يَحفِرونَ كل يومٍ حتى إذا كادوا يرَوْنَ شُعَاع الشمس، قال الذي عليهم: ارجعوا فسنَحْفِرُهُ غدًا. فيُعِيدُهُ الله أشدَّ ما كان حتى إذا بلغت مُدتهُم وأراد الله أن يبعثهم على الناس، حفروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس، قال الذي عليهم: ارجعوا فَسَتَحْفِرُونه غدًا إنْ شاء الله تعالى، واستثنوا، فيعودون إليه، وهو كهيئَتِه حين تركوه، فيحفرونه ويخرجون على الناس، فَيَنْشِفُونَ الماءَ، ويتحصَّنُ الناسُ منهم في حُصُونهم، فيرمون بسهامهم إلى السماء، فترجع، عليها الدَّمُ الذي اجفَظَّ. فيقولون: قَهَرْنا أهلَ الأرض، وعَلَوْنا أهلَ السماء، فيبعثُ الله نَغَفًا في أقفائِهم فيقتلهم بها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده! إن دوابَّ الأرض لَتَسمَنُ وتَشْكَرُ شَكَرًا مِنْ لُحُومِهم.
قوله: فينشفون الماء: أصل النشف دخول الماء في الأرض أو الثوب، يقال نشفت الأرض الماء تنشفه نشفًا يعني شربته. قوله: فترجع، عليه، الماء اجفظَّ: أي ملأها: أي ترجع السهام حال كون الدم ممتلئًا عليها، فكان قوله: عليها الدم اجفظ، جملة حالية من قوله: فترجع، فلفظ اجفظ من باب احمرَ من الجِفظ، في القاموس: الجِفيظ المقتول المنتفخ، والجَفظُ الملء، واجفاظّت الجيفة واجفأظَّت كالحمأرّ واطمأنّ يعني: انتفخت. قوله: وتشكَرُ شَكَرًا: أي تسمن وتمتليءُ شحما. يقال شكِرت الناقة تشكَر شَكَرا إذا سمنت وامتلأ ضرعُها لبنا - هكذا نقلته من حاشية ابن ماجه).
(رواه قتادة، قال: ثنا أبو رافع، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ..
وذكره). (سنده صحيحٌ. وصرَّح قتادة بالتحديث عند ابن ماجه وابن حبان وغيرها. وفيه إثباتُ سماع قتادة، من أبي رافع الصائغ. وردٌّ على من نفى من العلماء سماعه منه. فقد قال شعبة وأحمد وأبو داود في "سننه" (5190): إن قتادة لم يسمع من أبي رافع. قال أحمد: "بينهما خلاس والحسن"، وكذلك قال الدارقطنيُّ في "العلل"(11/ 209)، وليس كما قالوا. قال شيخنا أبو إسحاق رضي الله عنه: والصواب في هذا أنه إذا جاءنا سماعُ راوٍ مِنْ شيخه بإسنادٍ صحيحٍ، لا مطعنَ فيه، فالواجب تقديمه على قول العالم بالنفي فإنَّ مستندهم في إثبات السماع ونفيه = إنما هو الأسانيد، والأمثلة على ذلك يطول ذكرها. اهـ.) (ت، ق واللفظ له، حم، ك، حب، ابن جرير)(التسلية / ح 31؛ تنبيه 9 / رقم 2124).
916/ 8 - (لا تقومُ الساعةُ حتى يتباهى النَّاسُ في المساجد).
(محمد بنُ عبد الله الخزاعي، وعبد الله بنُ معاوية الجمحيَّ، وعفان بنُ مسلم، وعبد الصمد بنُ عبد الوارث، ويونس بنُ محمد، والحسن بُن موسى، قالوا: ثنا حماد ابنُ سلمة، عن أيوب السختياني -وهذا حديثه-، عن أبي قلابة، عن أنس ابن مالك رضي الله عنه مرفوعًا به. ورواه: سعيد بن عامر، ويونس بنُ بكير، كلاهما عن أبي عامر الحزّاز صالح بنِ رستم، قال: قال أبو قلابة الجرميُّ: انطلقنا مع أنس نريد الزاوية فمررنا بمسجد، فحضرت صلاةُ الصبح، فقالوا لأنس: لو صلَّينا في هذا المسجد، فإن بعضَ القوم يأتي المسجد الآخر. قال: أي مسجد؟ فذكرنا مسجدًا. فقال أنس رضي الله عنه .. فذكر نحوه مرفوعًا. وانظر سياق أبي عامر فيما يأتي من "أحاديث المنيحة بسلسلة الأحاديث الصحيحة"). (قال البزار: هذا الحديث لا نعلم رواه. عن أيوب إلا حماد بنُ سلمة بهذا الإسناد. انتهى. قلتُ: وهذا إسنادٌ صحيحٌ)(تقدم تخريجه في الحديث الثاني من هذا الباب)(تنبيه 12 / رقم 2372).
917/ 9 - (لا يسمعُ النِّداء في مسجدي هذا، ثم يخرجُ منه إلا لحاجة، ثم لا يرجعُ إليه إلا مُنافقٌ).
(قال الطبرانيُّ: ثنا عليّ بنُ سعيد الرازيُّ، قال: نا أبو مصعب، قال: نا عبد العزيز ابنُ أبي حازم، قال: حدثني أبي وصفوان بنُ سُلَيم، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا به.
وقد خولفَ صفوان بنُ سُلَيم وأبو حازم. فرواه سفيان بنُ عُيَينة وهذا حديثه، والأوزاعيّ، وغيره: عن عبد الرحمن بنِ حرملة، قال: كنتُ عند ابن السيب، فجاءه رجلٌ، فسألهُ عن بعض الأمر، ونادى الثاني فأراد أن يخرجَ، فقال له سعيدٌ: قد نودي بالصلاة، فقال الرجلُ: إنَّ أصحابي قد مضوا، وهذه راحلتي بالباب. قال: فقال له: لا تخرج فإنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، قال: لا يخرجُ من المسجد بعد النداء إلا منافقٌ، إلا رجلٌ يخرج لحاجته، وهو يريد الرجعة إلى الصلاة. فأبى الرجلُ إلا أن يخرج، فقال سعيدٌ: دونكم الرجلُ. فإنِّي عنده ذات يومٍ إذ جاءَه رجلٌ فقال: يا أبا محمد! ألم ترَ إلى هذا الرجل أبي، يعني هذا الذي أبي إلا أن يخرج؛ وقعَ عن راحلته فانكسرت رجلُهُ. فقال له سعيدٌ: قد ظننتُ أنَّه سيصيبُهُ أمرٌ.
يعني خالفهما: عبد الرحمن بنُ حرملة -ولم يكن بجيّد الحفظ-، فرواه عن سعيد بن المسيب، عن النبيّ قال:"لا يخرج من المسجد أحدٌ .. ". هكذا مرسلًا. ولم يقل: "مسجدي هذا"). (قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث موصولًا عن أبي هريرة؛ عن صفوان وأبي حازم، إلا ابنُ أبي حازم، تفرَّد به
أبو مصعب. قال المنذري في "الترغيب"(1/ 189): رواتُهُ محتجٌّ بهم في الصحيح. وقال الهيثميُّ في "المجمع"(2/ 5): رجالُهُ رجالُ الصحيح. قال شيخُنا: الرواية الوصولة أولى، وليس فيها من ينظرُ في حاله إلا عليّ بن سعيد الرازيّ، شيخ الطبراني، فقد أثنى عليه ابنُ يونس بالفهم والحفظ، وقال:"تكلموا فيه". فقال الحافظ في "اللسان": "لعل كلامهم فيه من جهة دخوله في أعمال السلطان". وهذا التعليل له وجهٌ. ولكن سئل الدارقطني: كيف هو في الحديث؟ قال: "حدث بأحاديث لم يُتابع عليها". ووثقه مسلمة بنُ قاسم، وقال:"كان ثقة عالما بالحديث". وقد علمتُ بكثرة النَّظر في "المعجم الأوسط" أن شيخَ الطبرانيِّ قلَّما يتفرَّدُ بحديثٍ. والله أعلم.
قال أبو عَمرو -غفر الله له-: وانظر رواية أخرى صحيحة عن أبي الشعثاء وعن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه. ذكرتها وما يتعلق بها في أبواب "الصلاة والمساجد والأذان"، برقم 441/ 14، والحمد لله رب العالمين.
ومن الضعيف في هذا الباب، ما رواه:
عبد الجبار بنُ عُمر، عن ابن أبي فروة، عن محمد بن يوسف مولى عثمان، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه مرفوعًا بلفظ: من أدركه الأذانُ في المسجد، ثمّ خرجَ، لم يخرُج لحاجةٍ وهو لا يُريد الرجعة، فهو مُنافقٌ.
وإسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا. وابنُ أبي فروة: هو إسحاق ابنُ عبد الله بن أبي فروة، متروك. وعبد الجبار بنُ عُمر: وهَّاه أبو زرعة).
(الموصول أخرجه: طب أوسط. المرسل أخرجه: مد، عب، هق. حديث عثمان أخرجه؛ ق، المزي)(تنبيه 12 / رقم 2380).
918/ 10 - (مَثَلُ المُؤمِن مَثَلُ خامَةِ الزَّرع، لا تزالُ الرِّيحُ تُمِيلُهُ، ولا يزالُ المؤمنُ يُصيبُهُ البلاءُ، ومثلُ المُنافِق كمثلِ شجر الأرز، لا تهتز حتى تُسْتَحْصَد).
(عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا به). (هذا حديثٌ صححٌ. وله شاهد من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه)(خ، م، ت، حم، عب، ش، ش إيمان، حب، هق شعب، بغ)(الأمراض / 46 ح 17).
919/ 11 - (مَنْ صَعد الثَنِيَّة ثنيَّةَ المُرار، فإنّه يُحَطُّ عنه ما حُطَّ عن بني إسرائيل).
(قُرَّة بن خالد، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم .. فذكره. قال جابرٌ: فإن أول من صعدها خيلُنا خيلُ بني الخزرج، ثم تتامَّ الناسُ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "كلكم مغفورٌ له إلا صاحبَ الجملَ الأحمر"، فقلنا: تعالَ يستغفرْ لك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لأن أجدَ ضالتي أحبُّ إلي من أن يستغفرَ لي صاحبُكُم، وإذا هو يَنْشُدُ ضالته). (هذا حديثٌ صحيحٌ. والثنية: الطريقُ بين الجبلين. والمُرار: شجرٌ مر. وثَنِيَّة المُرار: قال ابنُ إسحاق: هي مهبط الحُدَيبية)(م، طب أوسط، المُخلِّص، كر)(تنبيه 12 / رقم 2489).
920/ 12 - (نكحتُ ابنَ المُغيرة، وهو مِنْ خِيَارِ شَبَابِ قُرَيشٍ يومَئِذٍ، فَأُصِيبَ في أَوَّلِ الجهادِ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فلما تَأَيَّمْتُ، خَطَبَنِي عبد الرحمن بنُ عَوف في نَفَرٍ من أَصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وخطبني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على مولاهُ أُسَامَة بن زَيْد، وكنتُ قد حُدِّثْتُ،
أَنَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم -قال أحَبَّني فَلْيُجِبَّ أسامةَ" فلما كَلَّمني أَنَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، قلتُ: أَمْرِي بِيَدِكَ، فَاَنكحْنِي من شِئْتَ. فقال: "انتَقِلِي إلى أُمِّ شَرِيكٍ". وأم شريك امرأةٌ غَنِيَّةٌ، من الأنصارِ، عظيمَةُ النَّفَقَةِ في سبيل الله، يَنْزِلُ عليها الضِّيفَانُ. فقلت: سَأَفْعَلُ. فقال: "لا تفعلي، إِنَّ أم شريك امرأة كثيرةُ الضِّيفَانِ، فإني أكره أن يسقُطَ عنكِ خِمَارُكِ أو يَنْكَشِفَ الثَّوبُ عن سَاقَيْكِ، فَيَرَى القومُ منكِ بَعْضَ ما تكرهينَ، ولكن انتَقِلِي إلى ابن عَمِّكِ عبد اللهِ بن عَمرو بن أُمِّ مَكْتُوم" -وهو رَجُلٌ من بني فِهْرٍ، فهرِ قريش، وهو من البطنِ الذي هِيَ منه-، فَانْتَقَلْتُ إليه. فلما انقضَتْ عِدَّتِي سمعتُ نداءَ المُنَادِي، مُنَادِي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، يُنَادِي: الصلاةَ جامعةً. فخرجْتُ إلى المسجدِ، فَصَلَّيْتُ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فكنتُ في صَفِّ النِّساءِ التي تَلِي ظُهُورَ القومِ، فلمَّا قَضَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صلَاتهُ، جَلَسَ على الْمِنْبَرِ وهو يَضْحَكُ، فقال: "لِيَلْزَمْ كُلُّ إنسانٍ مُصَلاهُ". ثم قال: "أَتَدْرُونَ لِمَ جَمَعْتُكُم؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "إلي والله ما جمعتُكُمْ لرغبَةٍ ولا لرهبَةٍ، ولكنْ جمعتُكُم لأَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيُّ، كان رجلا نصْرَانِيًّا، فَجَاءَ فَبَايَعَ وأَسْلَمَ، وَحَدَّثَنِي حَدِيثًا، وَافَقَ الذي كنتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْ مَسِيحِ الدَّجَّالِ. حدثنه أَنَّهُ رَكِبَ في سَفِينَةٍ بحرِيَّةٍ، مع ثلاِثينَ رجلا من لَخْمِ وَجُذَامَ، فَلَعِبَ بِهِم المَوْجُ شهْرًا في البحر، ثُمَّ
أرفؤا إلى جزيرَةٍ في البحرِ حتى مَغْرِب الشمسِ، فَجَلَسُوا في أَقْرُب السَّفِينَةِ، فدخلُوا الجزيرةَ، فلقِيَتْهُم دَابَّةٌ أَهْلَبُ، كثيرُ الشَّعَرِ، لا يدرُونَ ما قُبُلُهُ من دُبُرِهِ، من كثرة الشَّعَرِ، فقالُوا: ويلكِ! ما أَنْتِ؟ فقالت: أنا الجَسَّاسَةُ. قالوا: وما الجَسَّاسَةُ؟ قالت: أيها القومُ! انطلقُوا إلى هذا الرجلِ في الدَّيْرِ، فإنه إلى خبرِكُم بالأَشوَاقِ. قال: لما سَمَّتْ لنا رجلا فَرِقْنَا منها أَنْ تكونَ شَيْطَانَةً. قال: فانطَلَقنا سِرَاعًا حتى دَخَلْنَا الدَّيْرَ، فإذا فيه أَعْظَمُ إنسانٍ رأيناهُ قطُّ خَلْقًا، وَأَشَدُّهُ وِثَاقًا، مجموعةٌ يَدَاهُ إلى عُنُقِهِ، ما بين رُكْبَتَيْهِ إلى كَعْبَيْهِ بالحَدِيدِ. قلنَا: وَيْلَكَ! ما أنت؟. قال: قد قَدَرتمْ على خَبَرِي، فَأخْبِرُوني ما أَنْتُمْ؟ قالوا: نحنُ أُنَاسٌ من العربِ، ركب في سفينةٍ بحريةٍ، فَصَادَفْنَا البحرَ حين اغْتَلَمَ، فَلَعِبَ بِنَا المَوجُ شهرًا، ثم أَرْفَأنَا إلى جزيرتكَ هذه، فجلسنا في أَقْرُبِهَا، فدخلنا الجزيرةَ، فَلَقِيَتْنَا دَابَّةٌ أَهْلَبُ، كَثيرُ الشَّعَرِ، لا يدري ما قُبلُهُ من دُبُرِهِ من كثرةِ الشَّعَرِ. فقلنا: ويلكِ! ما أنتِ؟ فقالت: أنا الجَسَّاسَةُ. قلنا: وما الجَسَّاسَةُ؟ قالت: اعْمِدُوا إلى هذا الرجلِ في الدَّيْرِ، فإنّه إلى خبرِكُمْ بالأَشْوَاق، فأقبلنا إليكَ سِرَاعًا، وفزِعنا منها، ولم نأْمَنْ أَنْ تَكُونَ شَيْطَانةً، فقال: أَخْبِرُوني عن نخْلِ بَيْسَانَ؟. قلنا: عن أَيِّ شَأنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قال: أَسْأَلُكُمْ عن نخلِهَا، هل يُثْمِرُ؟ قلنا له: نعم. قال: أَمَا إنه يُوشِكُ أَنْ لا تُثْمِرَ. قال:
أَخْبِرُوني عن بُحَيْرَةِ الطَّبَرِيَّةِ؟ قلنا: عن أَيِّ شَأنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قال: هل فيها مَاءٌ؟ قالوا: هِيَ كَثيرَةُ المَاءِ، قال: أَمَا إِنَّ مَاءَها يُوشِكُ أَنْ يَذْهَبَ. قال: أَخْبِرُوني عن عَيْنِ زُغَرَ؟ قالوا: عن أَيِّ شَأنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قال: هل في الْعَيْنِ مَاءٌ؟ وهل يَزْرَعُ أَهْلُهَا بِمَاءِ الْعَيْنِ؟ قلنا له: نعم، هي كثيرَةُ الماءِ، وأهلُهَا يَزْرَعُونَ من مَائِهَا. قال: أَخْبِرُونِي عن نبِيِّ الأمِّيِّينَ ما فَعَلَ؟ قالوا: قد خَرَجَ من مَكَّةَ، ونَزَلَ يَثْرِبَ. قال: أَقَاتلَهُ العربُ؟ قلنا: نعم. قال: كيفَ صَنَعَ بِهِم؟ فأخبرناهُ أنهُ قد ظَهَرَ على من يَلِيهِ من العربِ وأطَاعُوهُ. قال لهم: قد كان ذلك؟ قلنا: نعم. قال: أَمَا إِنَّ ذَاكَ خَيْرٌ لهم أَنْ يُطِيعُوهُ. وإِنّي مُخْبِرُكُم عني. إني أنا المَسِيحُ. وإِنِّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لي في الخُرُوج، فَأَخْرُجَ فأسيرَ في الأرض فلا أَدَعُ قريةً إلا هَبَطْتُها في أربَعِينَ ليلةً غير مكةَ وطَيْبَةَ، فهُمَا مُحَرَّمَتَانِ عليَّ كلتاهُمَا، كما أردْتُ أَنْ أدخُلَ واحِدَةً -أو واحِدًا منهمَا- استَقْبَلَنِي مَلَكٌ بيده السيفُ صَلْتًا، يَصُدُّني عنها، وإِنَّ على كل نَقْبٍ منها مَلائكةً يحرُسُونَها". قالت: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وطَعَنَ بِمِخْصَرَتِهِ في المِنْبَرِ:"هذه طَيْبَةُ، هذه طَيْبَةُ، هذه طَيْبَةُ". يعني المَدِينَةَ: "ألا هل كنت حَدَّثْتُكُمْ ذلك؟ " فقال الناس: نعم. "فإنه أَعْجَبَنِي حَدِيثُ تَمِيمٍ أنَّهُ وَافَقَ الذي كنت أُحَدِّثُكُمْ عنه، وعن المدينةِ ومكَّةَ. ألا إنَّه في بحرِ الشام أو بحرِ اليمنِ،
لا بل من قِبَلِ المَشْرِقِ ما هو، من قِبَلِ المشرقِ ما هو، من قِبَلِ المشرقِ ما هو". وأَوْمَأَ بيده إلى المشرقِ. قالت: فَحَفِظْتُ هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا لفظ مسلم.
غريب الحديث: (ابن المغيرة) هو أبو عَمرو بنُ حفص بنِ المغيرة المخزومي، فطلقها، فتزوجها بعده أسامة بنُ زيد. (فأصيب في أول الجهاد) قال العلماء: ليس معناه أنه قتل في الجلاد مع النبي صلى الله عليه وسلم وتأيمت بذلك إنما تأيمت بطلاقه البائن. (لأن تميما الداري) هذا معدود من مناقب تميم لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم روى عنه هذه القصة، وفيه رواية الفاضل عن المفضول، ورواية المتبوع عن تابعه، وفيه رواية خبر الواحد. (ثم أرفؤا إلى جزيرة) أي التجأوا إليها. (فجلسوا في أقرب السفينة) الأقرب: جمع قارب على غير قياس، والقياس: قوارب، وهي سفينة صغيرة تكون مع الكبيرة كالجنيبة، يتصرف فيها ركاب السفينة لقضاء حوائجهم؛ وقيل: أقرب السفينة أدانيها أي ما قارب إلى الأرض منها. (أهلب) الأهلب غليظ الشعر كثيره. (اغتلم) أي هاج وجاوز حده المعتاد. (نخل بيسان) هي قرية بالشام. (بحيرة الطبرية) هي بحر صغير معروف بالشام. (عين زغر) هي بلدة معروفة في الجانب القبلي من الشام. (طيبة) هي المدينة، ويقال لها أيضًا طابة. (صلتا) بفتح الصاد وضمها أي مسلولا. (ما هو) قال القاضي: لفظة "ما هو" زائدة، صلة للكلام، ليست بنافية، والمراد إثبات أنه في جهة الشرق).
(عن عامر بن شراحيل الشعبيِّ مِنْ شَعْب همدان، أنَّه سأل فاطمة بنتَ قيس، أخت الضحاك بنِ قيس، وكانت مِنَ المهاجرات الأُوَلُ، فقال: حدِّثيني حديثًا سمعتيه مِنْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، لا تُسْنِدِيه إلى أحدٍ غيره. فقالت: لئن شِئتَ لأَفْعَلَنَّ. فقال لها:
أجل، حدثيني. فقالت:. . فذكرت الحديث).
(هذا حديثٌ صحيحٌ)(م، د، ق)(صحيح القصص / 76 - 79).
921/ 13 - (فى أنْ يتباهَى النَّاسُ في المساجد).
(رواه: محمد بنُ عبد الرحيم صاعقة، قال: نا عفان بنُ مسلم، عن حماد بن سلمة، عن أيوب السختياني -وهذا حديثه-، عن أبي قلابة، عن أنس مرفوعًا به.
ورواه: سعيد بنُ عامر، ويونُس بنُ بكير، كلاهما عن أبي عامر الخزّار صالح ابنِ رستم، قال: قال أبو قلابة الجرميُّ: انطلقنا مع أنس نريد الزاوية فمررنا بمسجد، فحضرت صلاةُ الصبح، فقالوا لأنس: لو صلَّينا في هذا المسجد، فإنَّ بعضَ القوم يأتي المسجد الآخر. قال: أي مسجد؟ فذكرنا مسجدًا. فقال أنس. . فذكر نحوه مرفوعًا. ولأيوب السختياني فيه سياقان آخران، تقدَّم أحدهما، وسيأتي الآخر هو وسياقُ أبي عامر الخزّاز في "أحاديث المنيحة بسلسلة الأحاديث الصحيحة").
(قال البزار: هذا الحديث لا نعلم رواه عن أيوب إلا حماد بنُ سلمة بهذا الإسناد. انتهى. قلتُ: وهذا إسنادٌ صحيحٌ)(تقدم تخريجه في الحديث الثاني من هذا الباب)(تنبيه 12 / رقم 2372).
922/ 14 - ("لا يتمنين أحدكم الموت، فإنه عند انقطاع عمله، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بادروا بالأعمال خصالًا سِتًّا: إِمرةُ السُّفهاء، وكَثرةُ الشُّرْطِ، وقطيعةُ الرَّحم، وبيعُ الحُكم، واستخفافًا بالدَّمِ، ونشوًا يتخذون القرآنَ مَزَامِيرَ، يُقدّمونَ الرَّجُلَ، ليس بأفقههم، ولا أعلمهم، ما يقدمونه إلا ليُغَنِّيَهُم غِنَاءً".
ولفط الإمام أحمد: "لا يتمنى أحدُكم الموتَ، فإنه عند انقطاع عمله، ولا يُرَدُّ فَيَسْتَعْتِب، فقال: إني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: بادروا بالموت سِتًّا. . وذكرها إلا أنه قال في السادسة: ونشوًا يتخذون القرآن مزامير يقدِّمونَه يُغَنِّيهم وإن كان أقل منهم فِقْهًا".
قال السندي: قوله "عند انقطاع عمله" أي: فإن العمل ينقطع عند الموت ولا يُرَدُّ إلى الدنيا بعد الموت. "فيستَعْتب" علي بناء الفاعل: أي: يرجع عن الإساءة ويطلب رضي الله بالتوبة. "بادروا" أي: اطلبوا من الله تعالى أن يميتكم قبل هذه الست. "إمرة" بكسر الهمزة، أي إمارتهم. "الشُّرط بضم فسكون، وهو من يتقدم بين يدي الأمير لتنفيذ أوامره". "الحكم" أي: القضاء، أى: يتوسل إليه بالرشوة. "ونشوا" المشهور أنه بفتح فسكون، وقيل بفتحتين، وعلى الوجهين فآخره همزة، أي: جماعةً أحداثًا، وهو على الثاني جمع ناشيء، كَخَدَم جمع خادم، وعلى الأول تسمية بالمصدر. "يقدمونه" من التقديم، أي: الناس يقدمورن هذا الشاب في الصلاة.).
(رواه شريك، عن أبي اليقظان عثمان بن عُمير، عن زاذان أبي عُمر، عن عُليم الكندي، قال: كنت مع عابس الغفاريّ على سطح، فرأى قومًا يتحملون من الطاعون، فقال: ما هؤلاء يتحملون من الطاعون؟ يا طاعون خُذْني إليك -مرتين- فقال له ابن عمِّ له، ذو صحبةٍ: لم تتمنى الموت؟ وقد سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، يقول:. . . . فذكره).
(حسنٌ من حديث عابس الغفاري. وله شواهدٌ عن جماعة من الصحابة، منهم: أبو هريرة، والحكم ابن عَمرو الغفاري، وعَمرو بن عبسة، وعوف بن مالك رضي الله عنه).
(حم، أبو عبيد فضائل القرآن، خ كبير، طب كبير، طح مشكل، أبو غرزة مسند
عابس، ابن أبي الدنيا عقوبات، الجوزقاني، هق شعب) (التسلية / ح 88).
923/ 15 - (يأتي على الناس زمانٌ، يتباهُونَ بكثرةِ المساجد، لا يعمرونها إلا قليل).
(رواه: سعيد بنُ عامر، ويونُس بنُ بكير، كلاهما عن أبي عامر الحزّاز صالح ابنِ رستم -وهذا حديثه-، قال: قال أبو قلابة الجرميُّ: انطلقنا مع أنس نريد الزاوية فمررنا بمسجد، فحضرت صلاةُ الصبح، فقالوا لأنس: لو صلَّينا في هذا المسجد، فإنَّ بعضَ القوم يأتي المسجد الآخر. قال: أي مسجد؟ فذكرنا مسجدًا. فقال أنس. . . فذكره مرفوعًا.
ورواه: محمد بنُ عبد الله الخزاعيّ، وعبد الله بنُ معاوية الجمحيّ، وعفان بنُ مسلم، وعبد الصمد بنُ عبد الوارث، ويونس بنُ محمد، والحسن بُن موسى، قالوا: ثنا حماد ابنُ سلمة، عن أيوب السختياني، عن أبي قلابة، عن أنس مرفوعًا نحوه).
(لم يتفرد به سعيد بنُ عامر، وهو صدوق متماسك، فتابعه يونس بن بكير. وصالح ابنُ رستم، وثَّقَهُ: الطيالسيُّ، وأبو داود، والعجليُّ، وابنُ حبان، والبزار. ومشاه أحمد. وضعفه: ابنُ معين، والعقيليُّ، وأبو أحمد الحاكم. ولكنه لم يتفرد به، فتابعه أيوب السختيانيُّ، فرواه عن أبي قلابة، عن أنس نحوه.
ولأيوب السختياني في هذا الحديث ثلاثُ سياقات، انظرها جميعا فيما تقدم من "أحاديث المنيحة بسلسلة الأحاديث الصحيحة") (تقدم تخريجه في الحديث الثاني من هذا الباب)(تنبيه 12 / رقم 2372).
924/ 16 - (يأتي في آخر الزمان قومٌ حُدَثاءُ الأسنان، سُفهاءُ
الأحلام، يقولون من خير قول البَرِيَّة، يمرُقُون من الإسلام، كما يمرُقُ السهم من الرَّميَّة، لا يجاوز إيمانهم حناجِرَهم، فأينما لَقِيتُموهم فاقتلوهم، فإنَّ قتلهم أجرٌ لمن قتلهم يوم القيامة).
(رواه: سليمان الأعمش، عن خيثمة بن عبد الرحمن، عن سويد بن غفلة، قال: قال عليّ رضي الله عنه: إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا، فلأن أخرّ من السماء، أحبُّ إليّ من أن أكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإنما الحرب خدعة. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم:. . . . فذكره).
(حديثٌ صحيحٌ)(ح، م، د، س، س خصائص، حم، حم فضائل، عبد الله بن أحمد، يع، حب، ابن أبي عاصم، بغ أبو القاسم مسند ابن الجعد، بغ، عبد، البزار، أبو عمرو الداني، هق، هق دلائل، هق معرفة، ابن المغازلي).
(التسلية / ح 128؛ خصائص / 143 ح 173؛ سد الحاجة، ابن كثير 1/ 326؛ الفضائل / 263).
925/ 17 - (يخرج فيكم قومٌ تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وعملكم مع عملهم، ويقرءون القرآن لا يُجاوز تَرَاقِيَهم، يمرُقُون من الدين كما يمرُقُ السهم من الرميّة، ينظر في النصل فلا يرى شيئًا، وينظر في الرِّيشِ فلا يرى شيئًا، ويتمارَى في الفُوق. الفوق: هو الحزُّ الذي يجعل فيه الوتر).
(عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعًا).
(حديث صحيحٌ)(ح، عخ، س فضائل القرآن، بغ أبو القاسم، حم، حب، اللالكائي)(التسلية / ح 129؛ الخصائص / 141 ح 170 - 171).
926/ 18 - (يُدْنَى المؤمنُ يومَ القيامةِ من ربِّه عز وجل، حتى يضع عليه كنفه، فيقرره بذنوبه. فيقولُ: هل تعرف؟ فيقولُ؟ أَيْ ربِّ! أعرف. قال: فإني قد سترتها عليك في الدنيا، وإني أغفرها لك اليوم، فيُعطَى صحيفة حسناته، وأمَّا الكفارُ والمنافقون، فينادى بهم على رؤوس الخلائق: هؤلاء الذين كذبوا على الله.
قوله "يضع عليه كَنَفَهُ ": يعني ستره وعفوه).
(رواه قتادة، عن صفوان بنِ محرز، قال: بينا ابنُ عُمر يطوفُ، إذ عرض له رجلٌ، فقال: يا أبا عبد الرحمن! هل سمعتَ النبيّ صلى الله عليه وسلم في النجوى؟ فقال: سمعتُ النبيّ صلى الله عليه وسلم، يقول: "يدنى المؤمن. . ." الحديث. والسياق لمسلم في "صحيحه").
(قال أبو نعيم: هذا حديثٌ صحيحٌ، متفقٌ عليه، من حديث قتادة، رواه عنه عامة أصحابه، منهم: أبو عوانة وهمام وأبان وغيرهم).
(ح، م، ق، حم، ابن جرير، الآجري، ابن أبي عاصم، نعيم حلية)(الزهد / 72 - 73؛ البعث / 72).
927/ 19 - (أتيتُ عائشةَ زوجَ النبيّ صلى الله عليه وسلم حين خَسَفَتْ الشمسُ، فإذا النّاسُ قيامٌ يُصَلُّون، وإذا هي قائمةٌ تُصَلِّي، فقلتُ: ما للنّاسِ؟ فأشارتْ بيدِها نحو السماء، وقالت: سبحان الله! فقلت: آيةٌ،
فأشارت أَيْ نعم، فقمتُ حتى تجلاني الغَشْيُ، وجعلتُ أَصُبُّ فوقَ رَأسِي ماءً. فلما انصرف رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حَمِدَ الله وأثنى عليه ثم قال:"ما مِنْ شيءٍ كنتُ لم أَرَهُ إلا قد رأيتُهُ في مَقَامِي هذا، حتى الجَنَّةَ والنَّارَ، ولقد أُحِي إليَّ أنكم تُفْتَنُون في القبور، مثلَ أو قريبَ مِنْ فتنة الدَّجّال -لا أدري أَيَّ ذلكَ قالتْ أسماءُ-. يُؤتَى أحدُكم، فيقالُ له: ما عِلْمُكَ بهذا الرجل؟ فَأمَّا المؤمنُ أو المُوقِنُ -لا أدري أي ذلك قالت أسماءُ-، فيقولُ: هو محمد رسولُ الله، جاءنَا بالبيناتِ والهدى، فأجَبْنا وآمنَّا واتَّبعْنَا، فيقالُ له: نَمْ صَالِحنا، فقد عَلِمنَا إِنْ كنتَ لَمُؤمِنًا، وأمَّا المُنافِقُ أو المُرتَابُ -لا أدري أيَّ ذلكَ قالتْ أسماءُ-، فيقولُ: لا أدري سمعتُ النّاس يقولونَ شيئًا فَقُلْتُهُ").
(حدَّث به: هشام بنُ عروة، عن امرأته فاطمة بنت المنذر، عن جَدَّتِها أسماء بنت أبي بكر، أنها قالت:. . . فذكرته).
(صحيحٌ)(ح، ابن أبي داود)(البعث / 41).