المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌((إهداء))

- ‌المقدمة

- ‌كيف يحكم المسلم في حياته قول الله تعالى((قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين))

- ‌وقفة مع القلب

- ‌أهمية النية والإخلاص

- ‌فضل النية

- ‌التحذير من النية السيئة

- ‌نية عامة

- ‌القسم الأول:النية في الحياة اليومية

- ‌النية في النوم

- ‌النية في الأكل والشرب

- ‌النية في العمل

- ‌النية في الزواج

- ‌النية في اللباس

- ‌النية في التجمل والزينة

- ‌النية في اللهو واللعب

- ‌القسم الثاني:النية في المعاملات

- ‌الأخلاق الإسلامية

- ‌النية في الأخلاق الحسنة

- ‌النية في بر الوالدين

- ‌النية في صلة الرحم

- ‌النية في معاملة الجيران

- ‌النية في اتخاذ الأصحاب

- ‌النية في المعاملة مع جميع المسلمين

- ‌النية في معاملة الناس

- ‌النية في الزيارة

- ‌النية في إعطاء الهدية

- ‌النية في معاملة الحيوان

- ‌القسم الثالث:النية في العبادات

- ‌النية في الصلاة

- ‌النية في الصيام

- ‌النية في الحج

- ‌النية في طلب العلم

- ‌النية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌النية في الصبر

- ‌النية في الصدقة

- ‌النية في الدعاء

- ‌النية في ذكر الله تعالى

- ‌النية في جميع الطاعات

- ‌النية في النوافل

- ‌القسم الرابع: تذكرة عامة

- ‌(المسارعة إلى الجنة)

- ‌اتقوا النار

- ‌نداء

- ‌الخاتمة

- ‌المراجع

الفصل: ‌النية في الصبر

‌النية في الصبر

إن المتأمل في سنن الله تعالى، ليعلم أن البلاء سنة من سننه الكونية القدرية، يقول الله عز وجل:{ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين} سورة البقرة: 155.

فلقد قدر الله مقادير الخلائق وآجالهم ونسخ آثارهم وأعمالهم وقسم بينهم معايشهم وأموالهم وخلق الموت والحياة ليبلوهم أيهم أحسن عملا وجعل الإيمان بقضاء الله تعالى وقدره ركنا من أركان الإيمان، فما في الأرض من حركة ولا سكون إلا بمشيئته وإرادته وما في الكون كائن إلا بتقدير الله وإيجاده والدنيا طافحة بالأكدار والأنكاد مطبوعة على المشاق والأهوال والعوارض والمحن، هي كالحر والبرد لا بد للعبد منهم والنفس لا تزكوا إلا بالتمحيص قال تعالى:{وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين. أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين} آل عمران: 141. يقول ابن الجوزي: من أراد أن تدوم له السلامة والعافية من غير بلاء فما عرف التكليف ولا أدرك التسليم.

والابتلاء لا يكون إلا عكس المقاصد وخلاف الأماني وضد الملذات، والكل حتما يتجرع مرارته ولكن ما بين مقل ومستكثر، يبتلى المؤمن ليهذب لا ليعذب؛ فتن في السراء ومحن في الضراء قال تعالى {وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون} الأعراف:168. والمكروه قد يأتي بالمحبوب، والمرغوب قد يأتي بالمكروه، فلا تأمن أن توافيك المضرة من جانب المسرة، ولا تيأس أن تأتيك المسرة من جانب المضرة قال تعالى {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم} سورة البقرة: 216. والفائز الحقيقي من مصائب الدنيا هو المؤمن قال صلى الله عليه وسلم ((عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذلك لأحد إلا المؤمن إذا أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)) رواه مسلم:2999

والصبر من محاسن أخلاق المسلم التي يتحلى بها، وهو: حبس النفس عما تكره أو احتمال المكروه بنوع من التسليم والرضى ولا يأذن لها في فعلها مهما تاقت لذلك طبعها ويحبسها عن البلاء إذا نزل بها فلا يتركها تجزع أو تسخط بل تبذل الجهد وتصبر. قال صلى الله عليه وسلم ((إن الله تعالى ينزل المعونة على قدر المئونة، وينزل الصبر على قدر البلاء)) صحيح الجمع1/ 1919. وقال صلى الله عليه وسلم ((ومن يتصبر يصبره الله)) البخاري:3/ 265،مسلم:1053

والصبر ثلاثة أنواع:

1 -

الصبر على الأقدار:

لابد لكل مسلم أن يعلم أنه كلما تسمك بدينه كلما عظم بلاءه، وليس هذا عجيبا لأن الله تعالى يبتلي المسلم على قدر دينه، وكلما صبر وتحمل كثر جزاؤه وارتفعت درجته في الجنة قال صلى الله عليه وسلم ((يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان دينه صلبا اشتد بلائه وإن كان في دينه رقَّة ابتلي على حسب دينه)) السلسلة الصحيحة:1/ 225

والصبر على الأقدار هو أن تصبر على ضيق المعيشة أو قلة الرزق أو مرض يصيبك أو فقد حبيب أو ضياع منصب أو مال ..

2 -

الصبر على ترك المعاصي:

هو أن تجاهد وتصبر نفسك على ترك المعاصي من أجل الله تعالى فإذا دعتك نفسك يوما إلى المعصية فتذكر مراقبة الله تعالى لك وأنه قادر عيك ومحيط بك وتذكر الوقوف بين يديه .. ، واعلم أن الله

ص: 54

تعالى سيبدلك خير منها في الآخرة، بأن يجعلك تتمتع بكل الملذات، فإن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر.

3 -

الصبر على فعل الطاعات:

وهذا النوع من أصعب أنواع الصبر فهو لا يكون بالقلب فقط بل بالقلب والعقل والجوارح، فعندما تتكاسل عن أداء الصلاة لابد أن تصبر وتجاهد نفسك لتقوم وتصلي وكذلك الصوم، فإنه يحتاج إلى صبر على ترك الطعام والشراب والشهوات قال تعالى:{رب السموات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته} مريم: 65. وجميع الأعمال الصالحة تحتاج إلى صبر ومجاهدة للنفس؛ قال تعالى: {ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين} محمد: 31. فجاهد نفسك واصبر إلى أن تلقى الله تعالى في دار النعيم المقيم والراحة الدائمة.

- شروط الصبر:

1 -

قال صلى الله عليه وسلم ((إنما الصبر عند الصدمة الأولى)) البخاري:3/ 138.

2 -

قول {إنا لله وإنا إليه راجعون} سورة البقرة: 156.

3 -

عدم خروج كلمة تنافي حكم الله تعالى، فرب كلمة جرى بها اللسان هلك بها الإنسان.

4 -

عدم الضجر والتسخط.

5 -

الرضى بقضاء اله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم ((عجبت للمؤمن إن الله تعالى لم يقض له قضاء إلا كان خيرا له)) صحيح الجامع2/ 3985.

6 -

عدم الشكوى لغير الله تعالى.

7 -

احتساب الأجر من الله تعالى.

8 -

اليقين بفرج الله تعالى.

- كيف تهون عليك المصيبة؟

1 -

أنها لم تكن في الدين.

2 -

معرفة عظم الأجر من الله تعالى.

3 -

معرفة قصر الدنيا.

4 -

التيقن بفرج الله تعالى وأنه سيبدلك خيرا منها.

5 -

تذكر رحمة الله تعالى.

6 -

أنها لم تكن أكبر من ذلك.

7 -

النظر فيمن فوقك من أصحاب المصائب.

8 -

أنك لا تعلم أين الخير، قال تعالى {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون} سورة البقرة:216.

- لماذا نصبر؟

* النية الأولى:

1 -

طاعة لأمر الله تعالى، قال عز وجل:{يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا} آل عمران: 200.

2 -

اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم فقد ضرب لنا أروع الأمثلة في الصبر وتحمل المشاقّ ليبلغنا الإسلام وينقذنا من النار.

* النية الثانية: للفوز بأجر الصبر.

أخي الحبيب: خفف المصاب عن نفسك بوعد الأجر وتسهيل الأمر لتذهب المحن بلا شكوى.

ص: 55

1 -

سبب لمغفرة الذنوب قال صلى الله عليه وسلم ((ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة؛ في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة)) صحيح الجامع2/ 5815.

2 -

يرفع الدرجات، قال صلى الله عليه وسلم ((إن الرجل ليكون له منزلة عند الله فما يبلغها بعمل، فلا يزال يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها)) صحيح الجامع:1/ 1625

3 -

يجلب الحسنات ويكفر السيئات قال صلى الله عليه وسلم ((ما من شيء يصيب المؤمن حتى الشوكة تصيبه إلا كتب الله له بها حسنة، وحط عنه بها خطيئة)) صحيح الجامع2/ 5723. وقال صلى الله عليه وسلم ((ما من شيء يصيب المؤمن في جسده يؤذيه إلا كفر الله عنه به من سيئاته)) صحيح الجامع2/ 5724، وفي رواية أخرى ((ما من شيء يصيب المؤمن من نصب ولا حزن ولا وصب، حتى الهم يُهِمه إلا يكفر الله به عنه من سيئاته)) صحيح الجامع2/ 5725.

4 -

الفوز بتعويض الله تعالى بخير منها قال صلى الله عليه وسلم ((ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: (إنا لله وإنا إليه راجعون) اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها إلا أجره الله في مصيبته، وأخلف الله له خيرا منها)) صحيح الجامع2/ 5764.

5 -

البشرى برحمة الله تعالى وهدايته، قال تعالى:{وبشر الصابرين. الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون. أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} سورة البقرة: 155.

6 -

الجزاء بخير ثواب قال تعالى: {ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} النحل: 96.

7 -

الأجر بلا نهاية قال تعالى {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} الزمر: 10. أي بلا نهاية.

8 -

حفظ الله وإعانته لصابر، قال تعالى:{استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين} سورة البقرة: 153.

9 -

سبب من أسباب دخول الجنة قال تعالى: {جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب. سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار} الرعد: 23.

10 -

الصبر نور يشع على القلب والجسد قال صلى الله عليه وسلم ((الصبر ضياء)) رواه مسلم:223.

11 -

ينزل الطمأنينة والسعادة قال صلى الله عليه وسلم ((إن السعيد لمن جنب الفتن ولمن ابتلى فصبر)) صحيح الجامع1/ 1637.

12 -

يدفع عذاب الآخرة قال صلى الله عليه وسلم ((عذاب أمتي في دنياها)) صحيح الجامع2/ 3993.

13 -

فيه سبق إلى الجنة قال صلى الله عليه وسلم ((يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل أغنيائهم بنصف يوم وهو خمسمائة عام)) صحيح الجامع2/ 8076.

14 -

أفضل رزق للعبد قال صلى الله عليه وسلم ((ما رزق عبد خيرا له ولا أسع من الصبر)) صحيح الجامع2/ 5626.

15 -

الفوز بأجر الحاج؛ قال صلى الله عليه وسلم ((قال تعالى: إذا ابتليت عبدا من عبادي مؤمنا فحمدني وصبر على ما ابتليته فإنه يقوم من مضجعه ذلك كيوم ولدته أمه من الخطايا، ويقول الرب عز وجل للحفظة: إني أنا قيدت عبدي هذا وابتليته فأجْرُوا له ما كنتم تجرن له قبل ذلك من الأجر وهو صحيح)) صحيح الجامع2/ 4300.

16 -

الضمان بالجنة قال صلى الله عليه وسلم ((قال تعالى: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه – أي عينيه – ثم صبر عوضته منهما الجنة)) صحيح الجامع2/ 432.

ص: 56

17 -

سبب من أسباب الفلاح، قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون} آل عمران:200.

18 -

يحل البركة قال صلى الله عليه وسلم ((إن الله تعالى يبتلي العبد فيما أعطاه فإن رضي بما قسم الله له بورك له فيه ووسعه)) صحيح الجامع1/ 1869.

19 -

علامة لحب الله تعالى للعبد قال صلى الله عليه وسلم ((إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم)) صحيح الجامع1/ 2110. وقال صلى الله عليه وسلم ((أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل)) السلسلة الصحيحة:1/ 225.

20 -

عظم الأجر للصابر قال صلى الله عليه وسلم ((يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض)) صحيح الجامع2/ 8177. قال تعالى {إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير} هود: 11.

21 -

انتظار الخير من الله؛ قال صلى الله عليه وسلم ((لو تعلمون ما ادخر لكم ما حزنتم على ما زوي عنكم)) صحيح الجامع2/ 5261.

22 -

يدل على إرادة الله تعالى الخير لعبده، قال صلى الله عليه وسلم ((إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة)) صحيح الجامع1/ 308.

23 -

نيل رضى الله تعالى قال صلى الله عليه وسلم ((إن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضى)) صحيح الجامع1/ 2110.

24 -

العاقبة المحمودة في الدنيا والآخرة قال تعالى {فاصبر إن العاقبة للمتقين} هود: 49.

25 -

الصابر يجري أجره مادام صابرا محتسبا؛ قال صلى الله عليه وسلم ((إذا اشتكى العبد المسلم قال الله تعالى للذين يكتبون – أي الملائكة – اكتبوا له أفضل ما كان يعمل إذا كان طلقا حتى أطْلِقه)) صحيح الجامع1/ 343.

* النية الثالثة: لعدم الوقوع في الوعيد المترتب على الجزع وعدم الرضى ..

1 -

يوجب سخط الله تعالى قال صلى الله عليه وسلم ((إن عظم الجزاء مع عظم البلاء

ومن سخط فله السخط)) صحيح الجامع1/ 2110.

2 -

يمحق البركة؛ قال صلى الله عليه وسلم (( .... وإن لم يرض لم يبارك له، ولم يزد على ما كتب له)) صحيح الجامع1/ 1869.

3 -

سبب للهلاك، لأن الجزع معناه عدم الرضى بحكم الله تعالى وبأقداره.

**

ص: 57