الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْحَنَابِلَةُ (1) ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَسَلْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنهم (2) .
قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَهُوَ رَأْيُ رَبِيعَةَ وَالأَْوْزَاعِيِّ وَمَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَسَائِرِ فُقَهَاءِ الأَْمْصَارِ، وَذَكَرَ عِيَاضٌ وَجَمَاعَةٌ: أَنَّ عِدَّةَ مَنْ قَال بِجَوَازِ تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ صَحَابِيًّا (3) .
وَقَيَّدَ الشَّافِعِيَّةُ جَوَازَ التَّكْفِيرِ قَبْل الْحِنْثِ بِمَا إِذَا كَفَّرَ بِغَيْرِ الصَّوْمِ وَلَمْ يَكُنِ الْحِنْثُ مَعْصِيَةً. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَخَّرَ التَّكْفِيرُ عِنْدَ الْحِنْثِ خُرُوجًا مِنَ الْخِلَافِ (4) .
الْقَوْل الثَّانِي:
يَرَى أَصْحَابُهُ عَدَمَ جَوَازِ التَّكْفِيرِ قَبْل الْحِنْثِ، إِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَأَشْهَبُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَنَقَلَهُ الْبَاجِيُّ عَنْ مَالِكٍ (5) .
(1) المدونة الكبرى 3 / 116، 117، وروضة الطالبين للنووي 11 / 17، وكشاف القناع 6 / 243.
(2)
كشاف القناع للبهوتي 6 / 243، وفتح الباري 11 / 617، ونيل الأوطار 10 / 171، وصحيح مسلم بشرح النووي 11 / 109.
(3)
فتح الباري 11 / 617، ونيل الأوطار 10 / 171، والمجموع شرح المهذب 18 / 117، وصحيح مسلم بشرح النووي 11 / 109.
(4)
المراجع السابقة.
(5)
المبسوط للسرخسي 8 / 147، والبحر الرائق 4 / 316، ومواهب الجليل للحطاب 3 / 275، وفتح الباري 11 / 617، ونيل الأوطار 10 / 171، والجامع لأحكام القرآن 6 / 275، وصحيح مسلم بشرح النووي 11 / 109.
وَاسْتَدَل الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْكَفَّارَةَ تُجْزِئُ قَبْل الْحِنْثِ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} (1) .
وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنَ الآْيَةِ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ بِإِرَادَةِ الْحِنْثِ لأَِنَّ التَّقْدِيرَ: إِذَا حَلَفْتُمْ فَأَرَدْتُمُ الْحِنْثَ، كَمَا أَنَّ ظَاهِرَ الآْيَةِ يُفِيدُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ وَجَبَتْ بِنَفْسِ الْيَمِينِ فَيَجُوزُ التَّكْفِيرُ قَبْل الْحِنْثِ، لِتَكُونَ الْكَفَّارَةُ مُحَلِّلَةً لِلْيَمِينِ (2) .
كَمَا اسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ إِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَفِي رِوَايَةٍ: ثُمَّ ائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ (3) .
وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّهُ صَرِيحٌ فِي تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ، حَيْثُ أَمَرَ صلى الله عليه وسلم بِالتَّكْفِيرِ عَنِ الْيَمِينِ، ثُمَّ عَطَفَ الإِْتْيَانَ بِغَيْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِثُمَّ الَّتِي تُفِيدُ التَّرْتِيبَ وَالتَّرَاخِيَ، فَدَل هَذَا دَلَالَةً وَاضِحَةً
(1) سورة المائدة / 89.
(&# x662 ;) فتح الباري 11 / 617، ونيل الأوطار 10 / 170، والجامع لأحكام القرآن 6 / 275.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" يا عبد الرحمن إذا حلفت على يمين. . . ". أخرجه مسلم (3 / 1274) ، والرواية الأخرى لأبي داود (3 / 585) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٥٠)</span><hr/></div>عَلَى إِجْزَاءِ الْكَفَّارَةِ قَبْل الْحِنْثِ (1) .</p>كَمَا اسْتَدَلُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْقَتْل بَعْدَ الْجِرَاحِ، فَكَمَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ عَلَى الْعَوْدِ، وَالْقَتْل الْخَطَأُ بَعْدَ الْجِرَاحِ وَقَبْل الْمَوْتِ كَذَلِكَ يَجُوزُ تَقْدِيمُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ قَبْل الْحِنْثِ، لأَِنَّهُ كَفَّرَ بَعْدَ سَبَبِهِ فَجَازَ (2) .</p>وَبِأَنَّ عَقْدَ الْيَمِينِ لَمَّا كَانَ يُحِلُّهُ الاِسْتِثْنَاءُ وَهُوَ كَلَامٌ، فَلأَِنْ تُحِلَّهُ الْكَفَّارَةُ وَهُوَ فِعْلٌ مَالِيٌّ أَوْ بَدَنِيٌّ أَوْلَى (3) .</p>وَاسْتَدَل الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ جَوَازِ التَّكْفِيرِ قَبْل الْحِنْثِ: بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَْيْمَانَ} (4) مَعَ قَوْله تَعَالَى: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} (5) .</p>وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ هَذِهِ الآْيَةِ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ لِلْحِنْثِ وَلَيْسَتْ لِلْيَمِينِ مِنْ وَجْهَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْوَّل: </span>تَصْوِيرُهُ فِي صَدْرِ الآْيَةِ نَفْيُ مُؤَاخَذَتِنَا عَنْ لَغْوِ الْيَمِينِ وَأَنَّهُ سبحانه وتعالى يُؤَاخِذُنَا بِمَا عَقَّدْنَا مِنَ الأَْيْمَانِ وَالْوَفَاءِ بِهَا، كَقَوْلِهِ عز وجل:{وَلَا تَنْقُضُوا الأَْيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} (6) ، فَإِنْ تَرَكْتُمْ ذَلِكَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح الباري 11 / 616، وصحيح مسلم بشرح النووي 11 / 112.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح الباري 11 / 617، وكشاف القناع للبهوتي 6 / 244.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح الباري 11 / 617.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة المائدة / 89.</p><font color=#ff0000>(5)</font> سورة المائدة / 89.</p><font color=#ff0000>(6)</font> سورة النحل / 91.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٥٠)</span><hr/></div>فَكَفَّارَتُهُ كَذَا. وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} تَقْدِيرُهُ: أَيْ فَتَرَكْتُمُ الْمُحَافَظَةَ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَال عز وجل:{وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} (1)، وَالْمُحَافَظَةُ تَكُونُ بِالْبِرِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌الثَّانِي: </span>أَنْ يَكُونَ عَلَى إِضْمَارِ الْحِنْثِ، أَيْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِحِنْثِكُمْ فِيمَا عَقَّدْتُمْ، وَكَذَا فِي قَوْله تَعَالَى:{ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} ، أَيْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَحَنِثْتُمْ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} (2)، مَعْنَاهُ: فَحَلَقَ عَامِدًا أَوْ غَطَّى رَأْسَهُ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ. وَقَوْلُهُ عز وجل: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (3)، مَعْنَاهُ: فَتَحَلَّل. وَقَوْلُهُ عز وجل: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (4) ، فَأَفْطَرَ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ، لأَِنَّ ظَاهِرَ الْمَلْفُوظِ وَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي هُوَ سَبَبُ التَّخْفِيفِ لَا يَصْلُحُ سَبَبًا لِلْوُجُوبِ فَصَارَ اسْتِعْمَال الرُّخْصَةِ مُضْمَرًا فِيهِ، كَذَلِكَ هَاهُنَا لَا تَصْلُحُ الْيَمِينُ الَّتِي هِيَ تَعْظِيمُ الرَّبِّ جل جلاله سَبَبًا لِوُجُوبِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة المائدة / 89.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 196.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة البقرة / 196.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة البقرة / 184.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٥١)</span><hr/></div>التَّكْفِيرِ، فَيَجِبُ إِضْمَارُ مَا هُوَ صَالِحٌ وَهُوَ الْحِنْثُ (1) .</p>كَمَا اسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ عَنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ (2) . وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: إِنِّي وَاللَّهِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلَاّ أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَتَحَلَّلْتُهَا (3) .</p>وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيَّنَ أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ بِالْحِنْثِ، لأَِنَّهَا لَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً بِنَفْسِ الْيَمِينِ لَقَال عليه الصلاة والسلام:" مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَلْيُكَفِّرْ " مِنْ غَيْرِ التَّعَرُّضِ لِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَأَلْزَمَ الْحِنْثَ إِذَا كَانَ خَيْرًا ثُمَّ التَّكْفِيرَ. فَلَمَّا خَصَّ الْيَمِينَ عَلَى مَا كَانَ الْحِنْثُ خَيْرًا مِنَ الْبِرِّ بِالنَّقْضِ وَالْكَفَّارَةِ، عُلِمَ أَنَّهَا تَخْتَصُّ بِالْحِنْثِ دُونَ الْيَمِينِ نَفْسِهَا، وَأَنَّهَا لَا تَجِبُ بِعَقْدِ الْيَمِينِ دُونَ الْحِنْثِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الجامع لأحكام القرآن 2 / 274 وما بعدها.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها. . . ". أخرجه مسلم (3 / 1272) من حديث أبي هريرة.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " إني والله - إن شاء الله - لا أحلف على يمين فأرى. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 11 / 608) ، ومسلم (3 / 1270) من حديث أبي موسى الأشعري.</p><font color=#ff0000>(4)</font> بدائع الصنائع 3 / 19، والمبسوط 8 / 147، 148، والبحر الرائق 4 / 316.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٥١)</span><hr/></div>وَقَالُوا: لَا يَصِحُّ التَّكْفِيرُ قَبْل الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ، سَوَاءٌ كَانَ بِالْمَال أَوْ بِالصَّوْمِ لأَِنَّ الْكَفَّارَةَ لِسَتْرِ الْجِنَايَةِ وَلَا جِنَايَةَ، وَالْيَمِينُ لَيْسَتْ بِسَبَبٍ، لأَِنَّهَا مَانِعَةٌ مِنَ الْحِنْثِ غَيْرُ مُفْضِيَةٍ بِخِلَافِ التَّكْفِيرِ بَعْدَ الْجُرْحِ قَبْل الْمَوْتِ لأَِنَّهُ مَفْضِيٌّ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: الْقَتْل:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِي الْقَتْل شِبْهِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَمَا أُجْرِيَ مَجْرَى الْخَطَأِ.</p>وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي وُجُوبِهَا فِي الْقَتْل الْعَمْدِ وَالْقَتْل بِسَبَبٍ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْكَفَّارَةُ فِي الْقَتْل الْعَمْدِ</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِي الْقَتْل الْعَمْدِ عَلَى قَوْلَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>عَدَمُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِي الْقَتْل الْعَمْدِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ وَبِهِ قَال الثَّوْرِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ (2) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَنْ قَتَل مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَاّ أَنْ يَصَّدَّقُوا} ، وقَوْله تَعَالَى:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البحر الرائق 4 / 316.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تبيين الحقائق 6 / 99، 100 - المطبعة الأميرية الكبرى، والمبسوط 25 / 67، ومواهب الجليل شرح مختصر خليل 6 / 268، والمغني 8 / 96، والجامع لأحكام القرآن 5 / 331.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٥٢)</span><hr/></div>00 {وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} .</p> </p>‌<span class="title">‌وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنَ الآْيَتَيْنِ: </span>أَنَّ اللَّهَ عز وجل أَوْجَبَ فِي الآْيَةِ الأُْولَى كَفَّارَةَ الْقَتْل الْخَطَأِ ثُمَّ ذَكَرَ فِي الآْيَةِ الثَّانِيَةِ الْقَتْل الْعَمْدَ، وَلَمْ يُوجِبْ فِيهِ كَفَّارَةً، جَعَل جَزَاءَهُ جَهَنَّمَ، فَلَوْ كَانَتِ الْكَفَّارَةُ فِيهِ وَاجِبَةً لَبَيَّنَهَا وَذَكَرَهَا، فَكَانَ عَدَمُ ذِكْرِهَا دَلِيلاً عَلَى أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ (1) .</p>كَمَا اسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ سُوَيْدٍ رضي الله عنه قَتَل رَجُلاً، فَأَوْجَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِ الْقَوَدَ وَلَمْ يُوجِبْ كَفَّارَةً (2) .</p>وَقَالُوا: إِنَّ الْقَتْل الْعَمْدَ فِعْلٌ يُوجِبُ الْقَتْل فَلَا يُوجِبُ كَفَّارَةً، كَزِنَا الْمُحْصَنِ (3) ، وَإِنَّ الْكَفَّارَةَ دَائِرَةٌ بَيْنَ الْعِبَادَةِ وَالْعُقُوبَةِ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ سَبَبُهَا دَائِرًا بَيْنَ الْحَظْرِ وَالإِْبَاحَةِ لِتَعَلُّقِ الْعِبَادَةِ بِالْمُبَاحِ وَالْعُقُوبَةِ بِالْمَحْظُورِ، وَقَتْل الْعَمْدِ كَبِيرَةٌ مَحْضَةٌ، فَلَا تُنَاطُ بِهِ كَسَائِرِ الْكَبَائِرِ، مِثْل الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالرِّبَا، وَلِعَدَمِ جَوَازِ قِيَاسِهِ عَلَى الْخَطَأِ، لأَِنَّهُ دُونَهُ فِي الإِْثْمِ، فَشَرْعُهُ لِدَفْعِ الأَْدْنَى لَا يَدُل عَلَى دَفْعِ الأَْعْلَى،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 8 / 96.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" إن الحارث بن سويد بن الصامت قتل رجلاً. . . ". أورده ابن سعد في الطبقات (3 / 553) دون إسناد.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 8 / 96.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٥٢)</span><hr/></div>وَلأَِنَّ فِي الْقَتْل الْعَمْدِ وَعِيدًا مُحْكَمًا، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَال يَرْتَفِعُ الإِْثْمُ فِيهِ بِالْكَفَّارَةِ مَعَ وُجُودِ التَّشْدِيدِ فِي الْوَعِيدِ بِنَصٍّ قَاطِعٍ لَا شُبْهَةَ فِيهِ، وَمَنِ ادَّعَى غَيْرَ ذَلِكَ كَانَ تَحَكُّمًا مِنْهُ بِلَا دَلِيلٍ، وَلأَِنَّ الْكَفَّارَةَ مِنَ الْمُقَدَّرَاتِ فَلَا يَجُوزُ إِثْبَاتُهَا بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ، وَلأَِنَّ قَوْله تَعَالَى:{فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} هُوَ كُل مُوجِبِهِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي سِيَاقِ الْجَزَاءِ لِلشَّرْطِ، فَتَكُونُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ نَسْخًا، وَلَا يَجُوزُ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِالرَّأْيِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ فِي الْقَتْل الْعَمْدِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الزُّهْرِيُّ (2) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَى وَاثِلَةُ بْنُ الأَْسْقَعِ رضي الله عنه قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَأَتَاهُ نَفَرٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، فَقَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ إِنَّ صَاحِبًا لَنَا قَدْ أَوْجَبَ فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اعْتِقُوا عَنْهُ رَقَبَةً، يَعْتِقِ اللَّهُ بِكُل عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ (3) ، فَقَدْ أَوْجَبَ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم الْكَفَّارَةَ فِيمَا يَسْتَوْجِبُ النَّارَ، وَلَا تُسْتَوْجَبُ النَّارُ إِلَاّ فِي قَتْل الْعَمْدِ (4) ، فَدَل هَذَا عَلَى أَنَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 6 / 99، 100، والجامع لأحكام القرآن 5 / 331.</p><font color=#ff0000>(2)</font> روضة الطالبين للنووي 9 / 380، والمغني 8 / 96.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث واثلة بن الأسقع: " كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك. . . " أخرجه ابن حبان (الإحسان 10 / 145 - 146) والحاكم (2 / 212) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مغني المحتاج 4 / 107.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٥٣)</span><hr/></div>الْقَتْل الْعَمْدَ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ.</p>كَمَا اسْتَدَلُّوا بِأَنَّ الْكَفَّارَةَ إِذَا وَجَبَتْ فِي قَتْل الْخَطَأِ مَعَ عَدَمِ الْمَأْثَمِ، فَلأَِنْ تَجِبَ فِي الْعَمْدِ وَقَدْ تُغَلَّظُ بِالإِْثْمِ أَوْلَى، لأَِنَّهُ أَعْظَمُ إِثْمًا وَأَكْبَرُ جُرْمًا وَحَاجَةُ الْقَاتِل إِلَى تَكْفِيرِ ذَنْبِهِ أَعْظَمُ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْكَفَّارَةُ فِي الْقَتْل بِالتَّسَبُّبِ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِي الْقَتْل بِالتَّسَبُّبِ عَلَى قَوْلَيْنِ: فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (2) إِلَى وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِي الْقَتْل بِالتَّسَبُّبِ.</p>وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَل مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} ، فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْكَفَّارَةَ فِي الْقَتْل الْخَطَأِ دُونَ تَفْرِقَةٍ بَيْنَ كَوْنِ الْقَتْل قَدْ وَقَعَ عَلَى سَبِيل الْمُبَاشَرَةِ أَوِ التَّسَبُّبِ.</p>وَلأَِنَّهُ قَتَل آدَمِيًّا مَمْنُوعًا مِنْ قَتْلِهِ لِحُرْمَتِهِ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ بِالْمُبَاشَرَةِ (3) . وَلأَِنَّ السَّبَبَ كَالْمُبَاشَرَةِ فِي إِيجَابِ الضَّمَانِ، فَكَانَ كَالْمُبَاشَرَةِ فِي إِيجَابِ الْكَفَّارَةِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 4 / 107.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مواهب الجليل 6 / 242، وحاشية الرهوني على شرح الزرقاني 8 / 17، وروضة الطالبين 9 / 380، والمغني 8 / 93.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مغني المحتاج 4 / 108.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مغني المحتاج 4 / 108.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٥٣)</span><hr/></div>وَلأَِنَّ فِعْل الْقَاتِل سَبَبٌ لإِِتْلَافِ الآْدَمِيِّ يَتَعَلَّقُ بِهِ ضَمَانُهُ، فَتَعَلَّقَتْ بِهِ الْكَفَّارَةُ، كَمَا لَوْ كَانَ رَاكِبًا فَأَوْطَأَ دَابَّتَهُ إِنْسَانًا (1) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِي الْقَتْل بِالتَّسَبُّبِ، وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ الْكَفَّارَةَ إِنَّمَا تَجِبُ بِتَحَقُّقِ الْقَتْل، وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْقَتْل بِالْمُبَاشَرَةِ، أَمَّا الْقَتْل بِالتَّسَبُّبِ، فَإِنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي عَقْدِهِ، فَلَمْ يَسْتَنِدِ الْفِعْل إِلَيْهِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْكَفَّارَةُ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْجَنِينِ</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِيمَا إِذَا ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَةٍ أَوْ ضَرَبَتِ امْرَأَةٌ بَطْنَ نَفْسِهَا، أَوْ شَرِبَتْ دَوَاءً لِتُسْقِطَ وَلَدَهَا عَمْدًا، فَأَلْقَتْ جَنِينًا حَيًّا ثُمَّ مَاتَ.</p>وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِيمَا إِذَا أَلْقَتِ الْمَرْأَةُ جَنِينًا مَيِّتًا، بِعُدْوَانٍ:</p>فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ قَوْل عُمَرَ وَالْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ وَإِسْحَاقَ إِلَى وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ (3)، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَنْ قَتَل مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني لابن قدامة 8 / 93.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تبيين الحقائق 6 / 142، 144.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الجامع لأحكام القرآن 5 / 323، وبداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد 2 / 381، ومغني المحتاج 4 / 108، والمغني 8 / 96، وكشاف القناع 6 / 65.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٥٤)</span><hr/></div>وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عز وجل أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ فِي كُل قَتْلٍ خَطَأٍ دُونَ تَفْرِقَةٍ بَيْنَ جَنِينٍ وَغَيْرِهِ، وَالْجَنِينُ مَقْتُولٌ، فَوَجَبَ أَنْ يَدْخُل فِي هَذَا الْعُمُومِ، لأَِنَّنَا حَكَمْنَا لَهُ بِالإِْيمَانِ تَبَعًا لأَِبَوَيْهِ، فَيَكُونُ دَاخِلاً فِي عُمُومِ هَذَا النَّصِّ وَلَا يُخْرِجُهُ إِلَاّ دَلِيلٌ آخَرُ وَلَمْ يُوجَدْ بَعْدُ (1) ، وَلأَِنَّهُ آدَمِيٌّ مَعْصُومٌ وَبِذَلِكَ قَضَى عُمَرُ رضي الله عنه (2) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِي الْجَنِينِ، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالْغُرَّةِ فِي الْجَنِينِ (3) ، فَقَدْ قَضَى صلى الله عليه وسلم بِالْغُرَّةِ وَلَمْ يَذْكُرِ الْكَفَّارَةَ، وَلَوْ وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ لَذَكَرَهَا، لأَِنَّ هَذَا بَيَانٌ لِحُكْمِ الشَّرْعِ وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ.</p>وَقَالُوا: إِنَّ الْكَفَّارَةَ فِيهَا مَعْنَى الْعُقُوبَةِ، لأَِنَّهَا شُرِعَتْ زَاجِرَةً، وَفِيهَا مَعْنَى الْعِبَادَةِ، لأَِنَّهَا تَتَأَدَّى بِالصَّوْمِ، وَقَدْ عُرِفَ وُجُوبُهَا فِي النَّفُوسِ الْمُطْلَقَةِ - وَالْجَنِينُ نَفْسٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ - فَلَا يَتَعَدَّاهَا، لأَِنَّ الْعُقُوبَةَ لَا يَجْرِي فِيهَا الْقِيَاسُ.</p>وَإِنَّ الْجَنِينَ جُزْءٌ أَوْ عُضْوٌ مِنْ وَجْهٍ، فَلَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف القناع 6 / 66.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 4 / 108.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالغرة في الجنين ". أخرجه البخاري (فتح الباري 12 / 247) ، ومسلم (3 / 1309) من حديث أبي هريرة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٥٤)</span><hr/></div>يَدْخُل تَحْتَ مُطْلَقِ النَّصِّ وَلِهَذَا لَمْ يَجِبْ فِيهِ كُل الْبَدَل، فَكَذَا لَا تَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ، لأَِنَّ الأَْعْضَاءَ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا، لأَِنَّهُ ارْتَكَبَ مَحْظُورًا، فَإِذَا تَقَرَّبَ بِهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى كَانَ أَفْضَل لَهُ، وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى مِمَّا صَنَعَ مِنَ الْجَرِيمَةِ الْعَظِيمَةِ.</p>وَكَذَلِكَ فَإِنَّ الْقَتْل غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ لِجَوَازِ أَنَّ الْحَيَاةَ لَمْ تُخْلَقْ فِيهِ، حَيْثُ لَمْ تُعْرَفْ حَيَاتُهُ وَلَا سَلَامَتُهُ، وَالْكَفَّارَةُ إِنَّمَا تَجِبُ بِتَحَقُّقِ الْقَتْل (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَعَدُّدُ الْكَفَّارَةِ بِتَعَدُّدِ الْقَاتِل</span></p><font color=#ff0000>18 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ بِتَعَدُّدِ الْقَاتِلِينَ وَاتِّحَادِ الْمَقْتُول عَلَى قَوْلَيْنِ: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى كُل مَنِ اشْتَرَكَ فِي قَتْلٍ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ، وَبِهِ قَال الْحَسَنُ وَعِكْرِمَةُ وَالنَّخَعِيُّ وَالْحَارِثُ الْعُكْلِيُّ وَالثَّوْرِيُّ (2) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهَا كَفَّارَةٌ وَجَبَتْ لَا عَلَى سَبِيل الْبَدَل عَنِ النَّفْسِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ عَلَى كُل وَاحِدٍ مِنَ الْجَمَاعَةِ إِذَا اشْتَرَكُوا فِي سَبَبِهَا، لأَِنَّ مَا كَانَ يَجِبُ عَلَى الْوَاحِدِ إِذَا انْفَرَدَ يَجِبُ عَلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق للزيلعي 6 / 128، 141، 143، وبدائع الصنائع 7 / 326.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 7 / 252، والبناية شرح الهداية للعيني 10 / 49، والجامع لأحكام القرآن 5 / 331، ومغني المحتاج 4 / 108، والمغني 8 / 95.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٥٥)</span><hr/></div>كُل وَاحِدٍ مِنَ الْجَمَاعَةِ إِذَا اشْتَرَكُوا، كَكَفَّارَةِ الطِّيبِ لِلْمُحْرِمِ.</p>وَبِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ، وَهِيَ مِنْ مُوجِبِ قَتْل الآْدَمِيِّ، فَكَمُلَتْ فِي حَقِّ كُل وَاحِدٍ مِنَ الْمُشْتَرِكِينَ كَالْقِصَاصِ (1) .</p>وَذَهَبَ أَبُو ثَوْرٍ وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْجَمِيعِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ حِكَايَةٌ عَنِ الأَْوْزَاعِيِّ، وَحَكَاهُ أَبُو الْخَطَّابِ عَنْ أَحْمَدَ (2)</p>وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَنْ قَتَل مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} .</p>وَذَلِكَ أَنَّ لَفْظَةَ (مَنْ) تَتَنَاوَل كُل قَاتِلٍ، الْوَاحِدَ وَالْجَمَاعَةَ وَلَمْ تُوجِبِ الآْيَةُ إِلَاّ كَفَّارَةً وَاحِدَةً وَدِيَةً، وَالدِّيَةُ لَا تَتَعَدَّدُ فَكَذَلِكَ لَا تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ.</p>وَلأَِنَّهَا كَفَّارَةُ قَتْلٍ فَلَمْ تَتَعَدَّدْ بِتَعَدُّدِ الْقَاتِلِينَ مَعَ اتِّحَادِ الْمَقْتُول، كَكَفَّارَةِ الصَّيْدِ الْحَرَمِيِّ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَعَدُّدُ الْكَفَّارَةِ بِتَعَدُّدِ الْقَتْلَى وَالْقَاتِل وَاحِدٌ</span></p><font color=#ff0000>19 -</font> ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمَقْتُولِينَ، قَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوِ اصْطَدَمَتْ حَامِلَانِ وَأَسْقَطَتَا جَنِينَيْهِمَا وَمَاتَتَا فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 4 / 108، والمغني 8 / 96.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 8 / 95، ومغني المحتاج 4 / 108.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 8 / 95، 96.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٥٥)</span><hr/></div>فِي تَرِكَتِهَا أَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ عَلَى الصَّحِيحِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ عَلَى قَاتِل نَفْسِهِ، وَأَنَّهَا لَا تَتَجَزَّأُ، فَتَجِبُ عَلَى كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا كَفَّارَةٌ لِنَفْسِهَا وَثَانِيَةٌ لِجَنِينِهَا وَثَالِثَةٌ لِصَاحِبَتِهَا وَرَابِعَةٌ لِجَنِينِهَا لأَِنَّهُمَا اشْتَرَكَتَا فِي إِهْلَاكِ أَرْبَعَةِ أَنْفُسٍ، وَمُقَابِل الصَّحِيحِ: تَجِبُ كَفَّارَتَانِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَالِثًا: الإِْفْطَارُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ:</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ جَامَعَ فِي الْفَرْجِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ عَامِدًا بِغَيْرِ عُذْرٍ أَنْزَل أَمْ لَمْ يُنْزِل (2) .</p>كَمَا لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي عَدَمِ وُجُوبِهَا عَلَى مَنْ جَامَعَ فِي الْفَرْجِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ وَنَحْوِهِ. وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي وُجُوبِهَا عَلَى مَنْ جَامَعَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ إِذَا اقْتَرَنَ بِهِ إِنْزَالٌ.</p>كَمَا اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِهَا عَلَى مَنْ جَامَعَ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ مُخْطِئًا أَوْ جَاهِلاً، وَفِي وُجُوبِهَا بِتَعَمُّدِ الإِْفْطَارِ بِغَيْرِ الْجِمَاعِ كَالأَْكْل وَالشُّرْبِ وَنَحْوِهِمَا لِغَيْرِ عُذْرٍ.</p>وَسَنَعْرِضُ هَذَا الْخِلَافَ فِي الْفُرُوعِ الآْتِيَةِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْكَفَّارَةُ بِالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ:</span></p><font color=#ff0000>21 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 4 / 91، وحاشية الباجوري على ابن قاسم 2 / 143، 66، والمغني لابن قدامة 7 / 358.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 3 / 120 - 121.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٥٦)</span><hr/></div>فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ، وَرَوَاهُ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بَيْنَ كَوْنِ الْفَرْجِ قُبُلاً أَوْ دُبُرًا، مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (1) . وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ أَفْسَدَ صَوْمَ رَمَضَانَ بِجِمَاعٍ فِي الْفَرْجِ فَأَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ كَالْوَطْءِ (2) .</p>وَبِأَنَّ الْجَمِيعَ وَطْءٌ، وَلأَِنَّ الْجَمِيعَ فِي إِيجَابِ الْحَدِّ وَاحِدٌ، فَكَذَلِكَ إِفْسَادُ الصَّوْمِ وَإِيجَابُ الْكَفَّارَةِ (3) ، وَبِأَنَّهُ مَحِلٌّ مُشْتَهًى، فَتَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ كَالْوَطْءِ فِي الْقُبُل (4) .</p>وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْوَطْءَ فِي الدُّبُرِ لَا يُوجِبُ كَفَّارَةً، لِقُصُورِ الْجِنَايَةِ لأَِنَّ الْمَحِل مُسْتَقْذَرٌ، وَمَنْ لَهُ طَبِيعَةٌ سَلِيمَةٌ لَا يَمِيل إِلَيْهِ، فَلَا يَسْتَدْعِي زَاجِرًا، لِلاِمْتِنَاعِ بِدُونِهِ، فَصَارَ كَالْحَدِّ فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ (5) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْكَفَّارَةُ بِوَطْءِ الْبَهِيمَةِ</span></p><font color=#ff0000>22 -</font> وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ بِالْوَطْءِ فِي فَرْجِ الْبَهِيمَةِ فِيهِ قَوْلَانِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْوَّل: </span>لَا تَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ، وَهُوَ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَحَكَاهُ الدَّارِمِيُّ عَنْ أَبِي عَلِيِّ بْنِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع 6 / 341، والمغني 3 / 122، وتبيين الحقائق 1 / 327.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 3 / 122.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المجموع 6 / 341.</p><font color=#ff0000>(4)</font> تبيين الحقائق 1 / 327.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المرجع نفسه.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٥٦)</span><hr/></div>خَيْرَانَ وَأَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ (1) . وَاسْتَدَلُّوا: بِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ، وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِوَطْءِ الآْدَمِيَّةِ فِي إِيجَابِ الْحَدِّ وَفِي كَثِيرٍ مِنْ أَحْكَامِهِ (2) .</p>وَسَوَاءٌ فِي هَذَا كُلِّهِ أَنْزَل أَمْ لَا (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الثَّانِي: </span>تَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَبِهِ قَال الْمَالِكِيَّةُ، لأَِنَّهُ وَطْءٌ فِي فَرْجٍ مُوجِبٍ لِلْغُسْل، مُفْسِدٌ لِلصَّوْمِ، فَأَشْبَهَ وَطْءَ الآْدَمِيَّةِ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ بَاشَرَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ</span></p><font color=#ff0000>23 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْمُبَاشَرَةَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ إِذَا لَمْ يَقْتَرِنْ بِهَا الإِْنْزَال لَا تُوجِبُ الْكَفَّارَةَ.</p>وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِيمَا إِذَا اقْتَرَنَ بِهَا الإِْنْزَال عَلَى قَوْلَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>عَدَمُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِالإِْنْزَال بِالْمُبَاشَرَةِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ (5) ، وَالشَّافِعِيَّةُ (6) ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 1 / 327، والمجموع 6 / 341، والمغني 2 / 123.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 3 / 123.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المجموع 6 / 341.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المجموع 6 / 341، وحاشية الدسوقي 1 / 522.</p><font color=#ff0000>(5)</font> تبيين الحقائق 1 / 329.</p><font color=#ff0000>(6)</font> المجموع 6 / 341.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٥٧)</span><hr/></div>وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ (1) .</p>وَاسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ أَفْطَرَ بِغَيْرِ جِمَاعٍ تَامٍّ فَأَشْبَهَ الْقُبْلَةَ، وَلأَِنَّ الأَْصْل عَدَمُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ، وَلَا نَصَّ فِي وُجُوبِهَا، وَلَا إِجْمَاعَ وَلَا قِيَاسَ، وَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ عَلَى الْجِمَاعِ فِي الْفَرْجِ، لأَِنَّهُ أَبْلَغُ بِدَلِيل أَنَّهُ يُوجِبُهَا مِنْ غَيْرِ إِنْزَالٍ، وَيَجِبُ بِهِ الْحَدُّ إِذَا كَانَ مُحَرَّمًا، وَيَتَعَلَّقُ بِهِ اثْنَا عَشَرَ حُكْمًا، وَلأَِنَّ الْعِلَّةَ فِي الأَْصْل الْجِمَاعُ بِدُونِ الإِْنْزَال، وَالْجِمَاعُ هَاهُنَا غَيْرُ مُوجِبٍ فَلَمْ يَصِحَّ اعْتِبَارُهُ بِهِ (2) .</p>قَال النَّوَوِيُّ: إِذَا أَفْسَدَ صَوْمَهُ بِغَيْرِ الْجِمَاعِ كَالأَْكْل وَالشُّرْبِ، وَالاِسْتِمْنَاءِ وَالْمُبَاشَرَاتِ الْمُفْضِيَاتِ إِلَى الإِْنْزَال، فَلَا كَفَّارَةَ، لأَِنَّ النَّصَّ وَرَدَ فِي الْجِمَاعِ، وَهَذِهِ الأَْشْيَاءُ لَيْسَتْ فِي مَعْنَاهُ (3) .</p>وَقَال الزَّيْلَعِيُّ: وَلَا كَفَّارَةَ بِالإِْنْزَال فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، لاِنْعِدَامِ الْجِمَاعِ صُورَةً، وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ لِوُجُودِهِ مَعْنًى، وَالْمُرَادُ بِمَا دُونَ الْفَرْجِ غَيْرِ الْقُبُل وَالدُّبُرِ كَالْفَخِذِ وَالإِْبِطِ وَالْبَطْنِ، وَهُوَ فِي مَعْنَى اللَّمْسِ وَالْمُبَاشَرَةِ وَالْقُبْلَةِ (4) . وَقَال: وَلَوْ أَنْزَل بِقُبْلَةٍ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ لِوُجُودِ مَعْنَى الْجِمَاعِ وَهُوَ الإِْنْزَال بِالْمُبَاشَرَةِ، دُونَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 3 / 121.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 3 / 121.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المجموع 6 / 341.</p><font color=#ff0000>(4)</font> تبيين الحقائق 1 / 329.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٥٧)</span><hr/></div>الْكَفَّارَةِ لِقُصُورِ الْجِنَايَةِ، فَانْعَدَمَ صُورَةُ الْجِمَاعِ، وَهَذَا لأَِنَّ الْقَضَاءَ يَكْفِي لِوُجُوبِهِ وُجُودَ الْمُنَافِي صُورَةً أَوْ مَعْنًى، وَلَا يَكْفِي ذَلِكَ لِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ، فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الْمُنَافِي صُورَةً وَمَعْنًى، لأَِنَّهَا تَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ، بِخِلَافِ سَائِرِ الْكَفَّارَاتِ حَيْثُ تَجِبُ مَعَ الشُّبْهَةِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ بِالإِْنْزَال بِالْمُبَاشَرَةِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ، قَالُوا: وَلَوْ تَعَمَّدَ إِنْزَال مَنِيٍّ بِتَقْبِيلٍ أَوْ مُبَاشَرَةٍ أَوْ بِإِدَامَةِ فِكْرٍ أَوْ نَظَرٍ وَكَانَ عَادَتُهُ الإِْنْزَال (2) .</p>وَهُوَ قَوْل عَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَإِسْحَاقَ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ (3)، وَأَبِي خَلَفٍ الطَّبَرِيِّ مِنْ تَلَامِذَةِ الْقَفَّال الْمَرْوَزِيِّ (4) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ فُطِّرَ بِجِمَاعٍ فَأَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ كَالْجِمَاعِ فِي الْفَرْجِ (5) .</p> </p>‌<span class="title">‌وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ جَامَعَ نَاسِيًا وَمَا أَشْبَهَهُ:</span></p><font color=#ff0000>24 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ جَامَعَ فِي الْقُبُل مُتَعَمِّدًا لِغَيْرِ عُذْرٍ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 1 / 324.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الدسوقي 1 / 528، 529) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 3 / 121.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المجموع 6 / 341.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المغني 3 / 121.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٥٨)</span><hr/></div>وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي وُجُوبِهَا عَلَى مَنْ جَامَعَ نَاسِيًا أَوْ مُخْطِئًا أَوْ جَاهِلاً عَلَى قَوْلَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>لَا كَفَّارَةَ عَلَى مَنْ جَامَعَ نَاسِيًا أَوْ مُخْطِئًا أَوْ جَاهِلاً.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ (1) ، وَالْمَالِكِيَّةُ (2) ، وَالشَّافِعِيَّةُ (3)، وَبِهِ قَال: إِسْحَاقُ وَاللَّيْثُ وَالأَْوْزَاعِيُّ (4)، وَهُوَ قَوْل ابْنِ الْمُنْذِرِ وَالْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ وَالثَّوْرِيِّ (5) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} .</p>وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ (6) .</p>فَفِي الآْيَةِ وَالْحَدِيثِ نَصٌّ عَلَى رَفْعِ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ وَالإِْكْرَاهِ، وَالْمُرَادُ رَفْعُ الْحُكْمِ، لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ مَوْجُودٌ حِسًّا، وَالْحُكْمُ نَوْعَانِ: دُنْيَوِيٌّ وَهُوَ الْفَسَادُ، وَأُخْرَوِيٌّ وَهُوَ الإِْثْمُ، وَمُسَمَّى الْحُكْمِ يَشْمَلُهُمَا، فَيَتَنَاوَل الرَّفْعُ الْحُكْمَيْنِ، فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، لأَِنَّ الْكَفَّارَةَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 3 / 71.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مواهب الجليل للحطاب 2 / 431، 437، الجامع لأحكام القرآن 2 / 321.</p><font color=#ff0000>(3)</font> روضة الطالبين 2 / 374، والمجموع 6 / 324.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الجامع لأحكام القرآن 2 / 321، 322.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المغني 3 / 121، 122، والجامع لأحكام القرآن 2 / 322.</p><font color=#ff0000>(6)</font> حديث:" إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان. . . ". أخرجه ابن ماجه (1 / 659) والحاكم (2 / 198) من حديث ابن عباس، واللفظ لابن ماجه، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٥٨)</span><hr/></div>لِرَفْعِ الإِْثْمِ وَهُوَ مَحْطُوطٌ عَنِ النَّاسِ (1) .</p>وَبِمَا وَرَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: مَنْ أَفْطَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ نَاسِيًا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ (2) .</p>وَالدَّلَالَةُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ ظَاهِرَةٌ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ نَاسِيًا سَوَاءٌ كَانَ الْفِطْرُ بِالْجِمَاعِ أَوْ غَيْرِهِ (3) .</p>وَبِأَنَّ كَفَّارَةَ الْفِطْرِ فِي نَهَارِ رَمَضَانِ تَخْتَلِفُ عَنْ سَائِرِ الْكَفَّارَاتِ حَيْثُ تَجِبُ هَذِهِ الْكَفَّارَاتُ مَعَ الشُّبْهَةِ، أَمَّا كَفَّارَةُ الْفِطْرِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَتَسْقُطُ مَعَ الشُّبْهَةِ.</p> </p>‌<span class="title">‌وَالْفَرْقُ: </span>أَنَّ الْكَفَّارَةَ إِنَّمَا تَجِبُ لأَِجْل جَبْرِ الْفَائِتِ، وَفِي الصَّوْمِ حَصَل الْجَبْرُ بِالْقَضَاءِ، فَكَانَتِ الْكَفَّارَةُ زَاجِرَةً فَقَطْ، فَشَابَهَتِ الْحُدُودَ فَتَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ (4) .</p>وَبِقِيَاسِ الْجِمَاعِ عَلَى الأَْكْل وَالشُّرْبِ، فَكَمَا أَنَّ مَنْ أَكَل أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، كَذَلِكَ مَنْ جَامَعَ نَاسِيًا أَوْ مُخْطِئًا أَوْ جَاهِلاً لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ (5) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 1 / 322.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " من أفطر في شهر رمضان ناسيًا. . . ". أخرجه الدارقطني (2 / 178)، وقال النووي في المجموع (6 / 324) : بإسناد صحيح أو حسن.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المجموع 6 / 324.</p><font color=#ff0000>(4)</font> تبيين الحقائق 1 / 324.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المجموع 6 / 323.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٥٩)</span><hr/></div>جَامَعَ نَاسِيًا أَوْ مُخْطِئًا أَوْ جَاهِلاً. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ (1) ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ عَطَاءٍ (2)، وَهُوَ قَوْل ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ (3) .</p>وَاسْتَدَل الْحَنَابِلَةُ وَمَنْ مَعَهُمْ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذَا جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ هَلَكْتُ. قَال: مَا لَكَ؟ قَال: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ. فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَل تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قَال: لَا. قَال: فَهَل تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَال: لَا. قَال: فَهَل تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَال: لَا. قَال: فَمَكَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ، أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ - وَالْعَرَقُ الْمِكْتَل - قَال: أَيْنَ السَّائِل؟ فَقَال: أَنَا. قَال: خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ فَقَال الرَّجُل: عَلَى أَفْقَرِ مِنِّي يَا رَسُول اللَّه؟ فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا - يُرِيدُ الْحَرَّتَيْنِ - أَهْل بَيْتٍ أَفْقَرَ مِنْ أَهْل بَيْتِي، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَال: أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ (4) .</p>فَهَذَا الْحَدِيثُ نَصٌّ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف القناع 2 / 324، والمغني 3 / 121.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الجامع لأحكام القرآن 2 / 322، والمغني 3 / 122.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الجامع لأحكام القرآن 2 / 322.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث أبي هريرة: " بينا نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 163) ، ومسلم (2 / 781 - 782) والسياق للبخاري.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٥٩)</span><hr/></div>مَنْ جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَكَانَ عَامِدًا أَمْ سَاهِيًا أَمْ جَاهِلاً أَمْ مُخْطِئًا مُخْتَارًا كَانَ أَوْ مُكْرَهًا، لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَسْتَفْصِل الأَْعْرَابِيَّ وَلَوِ اخْتَلَفَ الْحُكْمُ بِذَلِكَ لَاسْتَفْصَلَهُ، لأَِنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ، وَالسُّؤَال مُعَادٌ فِي الْجَوَابِ، كَأَنَّهُ قَال: إِذَا وَاقَعْتَ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ فَكَفِّرْ (1) .</p>وَبِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ يَحْرُمُ الْوَطْءُ فِيهِ، فَاسْتَوَى عَمْدُهُ وَغَيْرُهُ كَالْحَجِّ (2) .</p>وَبِأَنَّ إِفْسَادَ الصَّوْمِ وَوُجُوبَ الْكَفَّارَةِ حُكْمَانِ يَتَعَلَّقَانِ بِالْجِمَاعِ، لَا تُسْقِطُهُمَا الشُّبْهَةُ، فَاسْتَوَى فِيهِمَا الْعَمْدُ وَالسَّهْوُ كَسَائِرِ أَحْكَامِهِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ بِتَعَمُّدِ الإِْفْطَارِ بِالأَْكْل وَالشُّرْبِ وَنَحْوِهِمَا:</span></p><font color=#ff0000>25 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ أَكَل أَوْ شَرِبَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلاً أَوْ مُخْطِئًا.</p>وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي وُجُوبِهَا بِتَعَمُّدِ الأَْكْل أَوِ الشُّرْبِ وَنَحْوِهِمَا عَلَى قَوْلَيْنِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ بِتَعَمُّدِ الأَْكْل وَالشُّرْبِ وَنَحْوِهِمَا فِي نَهَارِ رَمَضَانَ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف القناع 2 / 324، والمغني 3 / 120، 121.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشاف القناع 2 / 324.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 3 / 122.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٠)</span><hr/></div>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ (1) ، وَالْمَالِكِيَّةُ (2)، وَبِهِ قَال عَطَاءٌ وَالْحَسَنُ وَالزُّهْرِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ (3) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ فَأَمَرَهُ عليه الصلاة والسلام أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً (4) .</p>وَبِمَا رُوِيَ مِنْ قَوْل الرَّسُول صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُظَاهِرِ (5) .</p>وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ فِي الْحَدِيثِ الأَْوَّل مَنْ أَفْطَرَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً دُونَ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ إِفْطَارٍ وَإِفْطَارٍ، وَجَعَل جَزَاءَ الْفِطْرِ مُتَعَمِّدًا فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي جَزَاءَ الْمُظَاهِرِ مُطْلَقًا، وَالْمُظَاهِرُ تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، فَتَجِبُ عَلَى كُل مَنْ أَفْطَرَ بِأَكْلٍ أَوْ بِغَيْرِهِ.</p>وَقَالُوا: إِنَّ الْكَفَّارَةَ تَتَعَلَّقُ بِالإِْفْسَادِ لِهَتْكِ حُرْمَةِ الشَّهْرِ عَلَى سَبِيل الْكَمَال لَا بِالْجِمَاعِ، لأَِنَّ الْمُحَرَّمَ هُوَ الإِْفْسَادُ دُونَ الْجِمَاعِ، وَلِهَذَا تَجِبُ عَلَيْهِ بِوَطْءِ مَنْكُوحَتِهِ وَمَمْلُوكَتِهِ إِذَا كَانَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 1 / 327.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير 1 / 527، 528.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 3 / 115، والمجموع 6 / 330.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث أبي هريرة:" أن رجلاً أفطر في رمضان. . . ". أخرجه الدارقطني (2 / 191) ورجح إرساله.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث: " من أفطر في رمضان متعمدًا. . . ". قال عنه الزيلعي في نصب الراية (2 / 449) : حديث غريب بهذا اللفظ، لم أجده.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٠)</span><hr/></div>بِالنَّهَارِ لِوُجُودِ الإِْفْسَادِ، لَا بِاللَّيْل لِعَدَمِهِ، بِخِلَافِ الْحَدِّ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام جَعَل عِلَّةً لَهَا بِقَوْلِهِ: مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ. . . الْحَدِيثَ، فَبَطَل الْقَوْل بِتَعَلُّقِهَا بِالْجِمَاعِ.</p>وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ شَهْوَةَ الْفَرْجِ أَشَدُّ هَيَجَانًا وَلَا الصَّبْرَ عَنِ اقْتِضَائِهِ أَشَدُّ عَلَى الْمَرْءِ، بَل شَهْوَةُ الْبَطْنِ أَشَدُّ، وَهُوَ يُفْضِي إِلَى الْهَلَاكِ، وَلِهَذَا رَخَّصَ فِيهِ فِي الْمُحَرَّمَاتِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ لِئَلَاّ يَهْلِكَ، بِخِلَافِ الْفَرْجِ، وَلأَِنَّ الصَّوْمَ يُضْعِفُ شَهْوَةَ الْفَرْجِ، وَلِهَذَا أَمَرَ عليه الصلاة والسلام الْعَزَبَ بِالصَّوْمِ وَالأَْكْل يُقَوِّي شَهْوَةَ الْبَطْنِ، فَكَانَ أَدْعَى إِلَى الزَّاجِرِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>عَدَمُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِتَعَمُّدِ الأَْكْل وَالشُّرْبِ وَنَحْوِهِمَا فِي نَهَارِ رَمَضَانَ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ (2) ، وَالْحَنَابِلَةُ (3) ، وَبِهِ قَال سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالنَّخَعِيُّ وَابْنُ سِيرِينَ وَحَمَّادٌ وَدَاوُدُ (4) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ الأَْصْل عَدَمُ الْكَفَّارَةِ إِلَاّ فِيمَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ، وَقَدْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِإِيجَابِ الْكَفَّارَةِ فِي الْجِمَاعِ، وَمَا سِوَاهُ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ، لأَِنَّ الْجِمَاعَ أَغْلَظُ، وَلِهَذَا يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 1 / 328.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المجموع 6 / 328، 329.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 3 / 115.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المجموع 6 / 329.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦١)</span><hr/></div>مِلْكِ الْغَيْرِ، وَلَا يَجِبُ فِيمَا سِوَاهُ فَبَقِيَ عَلَى الأَْصْل، وَإِنْ بَلَغَ ذَلِكَ السُّلْطَانَ عَزَّرَهُ، لأَِنَّهُ مُحَرَّمٌ لَيْسَ فِيهِ حَدٌّ وَلَا كَفَّارَةٌ، فَثَبَتَ فِيهِ التَّعْزِيرُ، كَالْمُبَاشَرَةِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ مِنَ الأَْجْنَبِيَّةِ (1) .</p>وَبِأَنَّهُ أَفْطَرَ بِغَيْرِ جِمَاعٍ، فَلَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ الْكَفَّارَةَ، كَبَلْعِ الْحَصَاةِ أَوِ التُّرَابِ، أَوْ كَالرَّدَّةِ عِنْدَ مَالِكٍ، وَلأَِنَّهُ لَا نَصَّ فِي إِيجَابِ الْكَفَّارَةِ بِهَذَا، وَلَا إِجْمَاعَ.</p>وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى الْجِمَاعِ، لأَِنَّ الْحَاجَةَ إِلَى الزَّجْرِ عَنْهُ أَمَسُّ، وَالْحُكْمُ فِي التَّعَدِّي بِهِ آكَدُ، وَلِهَذَا يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ إِذَا كَانَ مُحْرِمًا وَيَخْتَصُّ بِإِفْسَادِ الْحَجِّ دُونَ سَائِرِ مَحْظُورَاتِهِ، وَوُجُوبِ الْبَدَنَةِ، وَلأَِنَّهُ فِي الْغَالِبِ يُفْسِدُ صَوْمَ اثْنَيْنِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ بِالإِْكْرَاهِ عَلَى الْجِمَاعِ:</span></p>اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الرَّجُل أَوِ الْمَرْأَةِ إِذَا أُكْرِهَا عَلَى الْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ.</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ إِذَا كَانَ الْمُكْرَهُ رَجُلاً:</span></p><font color=#ff0000>26 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الرَّجُل الْمُكْرَهِ عَلَى الْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ عَلَى قَوْلَيْنِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع 6 / 328.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 3 / 116.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>عَدَمُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الرَّجُل الْمُكْرَهِ عَلَى الْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ (1) ، وَالْمَالِكِيَّةُ (2) ، وَالشَّافِعِيَّةُ (3)، وَهُوَ رِوَايَةُ أَبِي الْخَطَّابِ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ (4) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ (5) .</p>وَبِأَنَّ الْكَفَّارَةَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ عُقُوبَةً أَوْ مَاحِيَةً لِلذَّنْبِ، وَلَا حَاجَةَ إِلَيْهَا مَعَ إِكْرَاهٍ، لِعَدَمِ الإِْثْمِ فِيهِ (6) .</p>وَبِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِيهِ، وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى مَا وَرَدَ الشَّرْعُ فِيهِ، لاِخْتِلَافِهِمَا فِي وُجُودِ الْعُذْرِ وَعَدَمِهِ (7) .</p>وَبِأَنَّ فَسَادَ الصَّوْمِ يَتَحَقَّقُ بِالإِْيلَاجِ، وَهُوَ مُكْرَهٌ فِيهِ، لأَِنَّهُ لَيْسَ كُل مَنِ انْتَشَرَتْ آلَتُهُ يُجَامِعُ (8) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 1 / 327، وابن عابدين 2 / 101، 102.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير 1 / 527، ومواهب الجليل للحطاب 2 / 437.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مغني المحتاج 1 / 443، والشرواني على تحفة المحتاج 3 / 447، وأسنى المطالب 1 / 425</p><font color=#ff0000>(4)</font> المغني 3 / 124.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث:" إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان. . . ". تقدم فقرة 24.</p><font color=#ff0000>(6)</font> المغني 3 / 124.</p><font color=#ff0000>(7)</font> المغني 3 / 124، 125.</p><font color=#ff0000>(8)</font> شرح فتح القدير لابن الهمام 2 / 255، وتبيين الحقائق 1 / 322.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ عَلَى الرَّجُل الْمُكْرَهِ عَلَى الْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ (1)، وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ (2) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَال: بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ هَلَكْتُ، قَال: مَا لَكَ؟ قَال: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَل تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قَال: لَا. قَال: فَهَل تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَال: لَا. قَال: فَهَل تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَال: لَا. فَمَكَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ - وَالْعَرَقُ الْمِكْتَل - قَال: أَيْنَ السَّائِل؟ فَقَال: أَنَا، قَال: خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ، فَقَال الرَّجُل: عَلَى أَفْقَرِ مِنِّي يَا رَسُول اللَّهِ؟ فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا - يُرِيدُ الْحَرَّتَيْنِ - أَهْل بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْل بَيْتِي. فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَال: أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ (3) .</p>فَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف القناع 2 / 324، والمغني 3 / 124، 125.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 527، ومواهب الجليل 2 / 437.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث أبي هريرة قال: " بينا نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم. . . ". تقدم فقرة 24.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٢)</span><hr/></div>عَلَى كُل مَنْ جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ مُخْتَارًا كَانَ أَوْ مُكْرَهًا لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَسْتَفْصِل الأَْعْرَابِيَّ، وَلَوِ اخْتَلَفَ الْحُكْمُ بِذَلِكَ لَاسْتَفْصَلَهُ، لأَِنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ، وَالسُّؤَال مُعَادٌ فِي الْجَوَابِ، كَأَنَّهُ قَال: إِذَا وَاقَعْتَ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ فَكَفِّرْ (1) .</p>وَبِأَنَّهُ عِبَادَةٌ يَحْرُمُ الْوَطْءُ فِيهِ، فَاسْتَوَى عَمْدُهُ وَغَيْرُهُ كَالْحَجِّ (2) .</p>وَبِأَنَّ الإِْكْرَاهَ عَلَى الْوَطْءِ لَا يُمْكِنُ، لأَِنَّهُ لَا يَطَأُ حَتَّى يَنْتَشِرَ، وَلَا يَنْتَشِرُ إِلَاّ عَنْ شَهْوَةٍ، فَكَانَ كَغَيْرِ الْمُكْرَهِ، لأَِنَّهُ مُلْتَذٌّ بِالْجِمَاعِ، لأَِنَّ الاِنْتِشَارَ أَمَارَةُ الاِخْتِيَارِ (3) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ إِذَا كَانَ الْمُكْرَهُ امْرَأَةً:</span></p><font color=#ff0000>27 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ إِذَا أُكْرِهَتْ عَلَى الْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ عَلَى قَوْلَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>عَدَمُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهَا إِذَا أُكْرِهَتْ عَلَى الْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ (4) ، وَالشَّافِعِيَّةُ (5) ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف القناع 2 / 324.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشاف القناع 2 / 324.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 3 / 124، وتبيين الحقائق 1 / 327، ومواهب الجليل للحطاب 2 / 437.</p><font color=#ff0000>(4)</font> تبيين الحقائق 1 / 327.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المجموع 6 / 336.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٣)</span><hr/></div>وَالْحَنَابِلَةُ (1) ، وَبِهِ قَال الْحَسَنُ وَالثَّوْرِيُّ وَالأَْوْزَاعِيُّ (2) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهَا فِعْلٌ، فَلَمْ تُفْطِرْ كَمَا لَوْ صُبَّ فِي حَلْقِهَا مَاءٌ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا (3) .</p>وَبِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَأْمُرِ الأَْعْرَابِيَّ الَّذِي وَاقَعَ إِلَاّ بِكَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ، مَعَ مِسَاسِ الْحَاجَةِ إِلَى الْبَيَانِ (4) . وَبِأَنَّ صَوْمَ الْمَرْأَةِ نَاقِصٌ، لأَِنَّهُ يُعْرَّضُ أَنْ يَبْطُل بِعُرُوضِ الْحَيْضِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ كَامِل الْحُرْمَةِ، فَلَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ الْكَفَّارَةُ (5) .</p>وَبِأَنَّ الْوَاجِبَ لَوْ تَعَلَّقَ بِهَا لأَُمِرَتْ بِإِخْرَاجِهِ (6)، فَعَدَمُ أَمْرِهَا بِإِخْرَاجِهِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُكْرَهَةِ عَلَى الْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ وَيَتَحَمَّلُهَا الزَّوْجُ عَنْهَا.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ (7) ، وَالشَّافِعِيَّةُ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 3 / 123.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 3 / 123، وكشاف القناع 2 / 325.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 3 / 124.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المجموع 6 / 444.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المجموع 6 / 444.</p><font color=#ff0000>(6)</font> المجموع 6 / 444.</p><font color=#ff0000>(7)</font> مواهب الجليل 2 / 436، 437.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٣)</span><hr/></div>مُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ (1) .</p>وَاسْتَدَل الْمَالِكِيَّةُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ بِأَنَّ الزَّوْجَ بِإِكْرَاهِ زَوْجَتِهِ عَلَى الْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، أَوْجَبَ عَلَى الزَّوْجَةِ مَا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهَا، فَيَتَحَمَّلُهُ هُوَ، وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ عَنْهَا (2)</p>‌<span class="title">‌وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ وَهُوَ مُجَامِعٌ</span></p>فَرَّقَ الْفُقَهَاءُ بَيْنَ النَّزْعِ فِي الْحَال مَعَ أَوَّل طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَبَيْنَ اسْتِدَامَةِ الْجِمَاعِ، وَخَصُّوا كُل حَالَةٍ بِأَحْكَامِهَا.</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ النَّزْعُ مَعَ أَوَّل طُلُوعِ الْفَجْرِ:</span></p><font color=#ff0000>28 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ نَزَعَ مَعَ أَوَّل طُلُوعِ الْفَجْرِ عَلَى قَوْلَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَبِهِ قَال أَبُو حَفْصٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ (3) . وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ النَّزْعَ تَرْكٌ لِلْجِمَاعِ، فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْجِمَاعِ، لأَِنَّ مَا تَعَلَّقَ بِفِعْل شَيْءٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِتَرْكِهِ، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُل دَارًا وَهُوَ فِيهَا، فَخَرَجَ مِنْهَا، أَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ وَهُوَ عَلَيْهِ فَبَدَأَ يَنْزِعُهُ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع 6 / 336.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مواهب الجليل 2 / 436.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تبيين الحقائق 1 / 344، ومواهب الجليل 2 / 441، والمجموع 6 / 309، والمغني 3 / 126.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٤)</span><hr/></div>فَلَا يَحْنَثُ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا.</p>وَبِأَنَّ الإِْنْزَال مِنْ مُبَاشَرَةٍ مُبَاحَةٍ، فَلَمْ يَجِبْ فِيهِ شَيْءٌ، كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ قِصَاصًا فَمَاتَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ.</p>وَبِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُسْتَطَاعُ الاِمْتِنَاعُ عَنْهُ، وَمِمَّا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ فَكَانَ عَفْوًا (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ.</p>وَبِهِ قَال ابْنُ حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَجُمْهُورُ الْحَنَابِلَةِ، وَزُفَرُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ (2) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ فِي حَال النَّزْعِ مُبَاشِرٌ لِلْجِمَاعِ، لأَِنَّ النَّزْعَ جِمَاعٌ يُتَلَذَّذُ بِهِ، فَتَعَلَّقَ بِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالاِسْتِدَامَةِ (3) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ اسْتِدَامَةُ الْجِمَاعِ مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ</span></p><font color=#ff0000>29 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْوَاجِبِ عَلَى مَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ وَهُوَ مُجَامِعٌ، فَاسْتَدَامَ الْجِمَاعَ عَلَى قَوْلَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ: الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (4) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ مَنْعُ صَوْمِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 3 / 126، والمجموع 6 / 303، 322، والمبسوط للسرخسي 3 / 140، 141.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 3 / 126، كشاف القناع 2 / 325، وتبيين الحقائق 1 / 344.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تبيين الحقائق 1 / 344، المغني 3 / 126.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مواهب الجليل 2 / 441، والمجموع 6 / 309، والمغني 3 / 126.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٤)</span><hr/></div>بِجِمَاعٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَأَثِمَ بِهِ لِحُرْمَةِ الصَّوْمِ، فَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، كَمَا لَوْ وَطِئَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَوْ فِي أَثَنَاءِ النَّهَارِ.</p>وَبِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْفِعْل هُنَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ كَفَّارَةٌ، فَوَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ بِاسْتِدَامَتِهِ، لِئَلَاّ يَخْلُوَ جِمَاعٌ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ عَمْدًا مِنْ كَفَّارَةٍ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ (2) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ الْمُوجِبَ لِلْكَفَّارَةِ عِنْدَهُمْ هُوَ الْفِطْرُ عَلَى وَجْهٍ تَتَكَامَل بِهِ الْجِنَايَةُ وَذَلِكَ لَمْ يُوجَدْ فِيمَا إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ، وَهُوَ مُخَالِطٌ لأَِهْلِهِ، فَدَاوَمَ عَلَى ذَلِكَ، لأَِنَّ شُرُوعَهُ فِي الصَّوْمِ لَمْ يَصِحَّ مَعَ الْمُجَامَعَةِ، وَالْفِطْرُ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ، وَلَمْ يُوجَدْ.</p>وَقَالُوا أَيْضًا: وَلَئِنْ كَانَ الْمُوجِبُ لِلْكَفَّارَةِ الْجِمَاعَ الْمُعْدِمَ لِلصَّوْمِ فَالْجِمَاعُ هُوَ إِدْخَال الْفَرْجِ فِي الْفَرْجِ، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ بَعْدَ التَّذَكُّرِ وَلَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِدْخَال الْفَرْجِ فِي الْفَرْجِ، وَإِنَّمَا وُجِدَ مِنْهُ الاِسْتِدَامَةُ وَذَلِكَ غَيْرُ الإِْدْخَال، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُل دَارًا وَهُوَ فِيهَا لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ مَكَثَ فِي الدَّارِ سَاعَةً، فَهَذَا مِثْلُهُ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 3 / 126، 127، والمجموع 6 / 309، 310.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تبيين الحقائق 1 / 340، والمبسوط 3 / 141.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المبسوط 3 / 141.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٥)</span><hr/></div>ج -‌<span class="title">‌ كَفَّارَةُ مَنْ جَامَعَ يَظُنُّ عَدَمَ طُلُوعِ الْفَجْرِ</span></p><font color=#ff0000>30 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ جَامَعَ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّ الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ بَعْدُ، فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ قَدْ طَلَعَ، عَلَى مَذْهَبَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْمَذْهَبُ الأَْوَّل: </span>لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَبِهِ قَال ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنهم، وَعَطَاءٌ، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالزُّهْرِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَالْحَسَنُ (1) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ (2) .</p>وَلأَِنَّ الْكَفَّارَةَ لِرَفْعِ الْمَأْثَمِ وَهُوَ مَحْطُوطٌ عَنِ الْمُخْطِئِ (3) .</p>وَبِأَنَّهُ جَامَعَ وَهُوَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ يَحِل لَهُ ذَلِكَ، وَكَفَّارَةُ الصَّوْمِ عُقُوبَةٌ تَجِبُ مَعَ الْمَأْثَمِ، فَلَا تَجِبُ مَعَ اعْتِقَادِ الإِْبَاحَةِ كَالْحَدِّ، لأَِنَّهُ مَعْذُورٌ. وَأَنَّهُ بَنَى الأَْمْرَ عَلَى الأَْصْل، فَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ لِتَصَوُّرِ الْجِنَايَةِ لأَِنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدِ انْتِهَاكَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 1 / 242، ومواهب الجليل 2 / 427، 428، والمجموع 6 / 307 - 309.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" إن الله وضع عن أمتي. . . ". تقدم تخريجه ف 24.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تبيين الحقائق 1 / 322.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٥)</span><hr/></div>حُرْمَةِ الصَّوْمِ بِالْجِمَاعِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْمَذْهَبُ الثَّانِي: </span>عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ (2) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ الْمُجَامِعِ الْمَذْكُورِ آنِفًا حَيْثُ أَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالتَّكْفِيرِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ وَلَا تَفْصِيلٍ.</p>وَبِأَنَّهُ أَفْسَدَ صَوْمَ رَمَضَانَ بِجِمَاعِ تَامٍّ، فَوَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ كَمَا لَوْ عَلِمَ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَثَرُ الْعَارِضِ فِي سُقُوطِ الْكَفَّارَةِ</span></p><font color=#ff0000>31 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي سُقُوطِ الْكَفَّارَةِ عَمَّنْ جَامَعَ فِي أَوَّل النَّهَارِ، ثُمَّ مَرِضَ أَوْ جُنَّ، أَوْ كَانَتِ امْرَأَةٌ فَحَاضَتْ أَوْ نُفِسَتْ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ عَلَى قَوْلَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>عَدَمُ سُقُوطِ الْكَفَّارَةِ بِحُدُوثِ الْعَارِضِ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْظْهَرِ، وَبِهِ قَال اللَّيْثُ وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَأَبُو ثَوْرٍ (4) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ مَعْنًى طَرَأَ بَعْدَ وُجُوبِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع 6 / 337، 338، 340، وتبيين الحقائق 1 / 342، ومواهب الجليل 1 / 427، 438.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 3 / 126.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 3 / 127.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المدونة 1 / 221، والمغني 2 / 125، والمجموع 6 / 340، 351.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٦)</span><hr/></div>الْكَفَّارَةِ، فَلَمْ يُسْقِطْهَا كَالسَّفَرِ.</p>وَبِأَنَّهُ أَفْسَدَ صَوْمًا وَاجِبًا فِي رَمَضَانَ بِجِمَاعٍ تَامٍّ، فَاسْتَقَرَّتِ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَطْرَأْ عُذْرٌ.</p>وَأَنَّهُ قَصَدَ هَتْكَ حُرْمَةِ الصَّوْمِ أَوَّلاً بِمَا فَعَل (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>سُقُوطُ الْكَفَّارَةِ بِحُدُوثِ الْعَارِضِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَبِهِ قَال الثَّوْرِيّ، وَهُوَ الْقَوْل الآْخَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (2) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ الْمَرَضَ الطَّارِئَ يُبِيحُ الْفِطْرَ، فَتَبَيَّنَ بِهِ أَنَّ الصَّوْمَ لَمْ يَقَعْ مُسْتَحَقًّا، لأَِنَّ الْمَرَضَ مَعْنًى يُوجِبُ تَغَيُّرَ الطَّبِيعَةِ إِلَى الْفَسَادِ، يَحْدُثُ أَوَّلاً فِي الْبَاطِنِ، ثُمَّ يَظْهَرُ أَثَرُهُ، فَلَمَّا مَرِضَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ الْمُرَخِّصُ مَوْجُودًا وَقْتَ الْفِطْرِ، فَمُنِعَ انْعِقَادُهُ مُوجِبًا لِلْكَفَّارَةِ.</p>وَبِأَنَّ وُجُودَ أَصْل الْمَرَضِ شُبْهَةٌ، وَالْكَفَّارَةُ لَا تَجِبُ مَعَهَا.</p>وَبِأَنَّ الْحَيْضَ دَمٌ يَجْتَمِعُ فِي الرَّحَمِ شَيْئًا فَشَيْئًا، حَتَّى يَتَهَيَّأَ لِلْبُرُوزِ فَلَمَّا بَرَزَ مِنْ يَوْمِهِ، ظَهَرَ تَهَيُّؤُهُ وَيَجِبُ الْفِطْرُ، أَوْ تَهَيُّؤُ أَصْلِهِ فَيُورِثُ الشُّبْهَةَ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 3 / 127، والمجموع 6 / 340، 351.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تبيين الحقائق 1 / 340، والمجموع 6 / 340.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٦)</span><hr/></div>وَبِأَنَّ الْجُنُونَ يُنَافِي الصَّوْمَ، فَتَبَيَّنَ بِعُرُوضِهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ صَائِمًا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ (1) .</p>إِلَاّ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ خَصُّوا ذَلِكَ بِالْعَارِضِ السَّمَاوِيِّ الَّذِي لَا صُنْعَ لَهُ فِيهِ وَلَا فِي سَبَبِهِ فَإِنْ كَانَ الْعَارِضُ بِصُنْعِهِ كَالسَّفَرِ وَجُرْحِ نَفْسِهِ فَالْمُعْتَمَدُ لُزُومُهَا (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ بِالْجِمَاعِ فِي صَوْمِ غَيْرِ رَمَضَانَ</span></p><font color=#ff0000>32 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ جَامَعَ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ، أَوْ فِي صَوْمٍ هُوَ كَفَّارَةُ الْجِمَاعِ.</p>وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي وُجُوبِهَا عَلَى مَنْ جَامَعَ فِي صَوْمِ قَضَاءِ رَمَضَانَ، أَوْ صَوْمِ النَّذْرِ، عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ (3) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ الْكَفَّارَةَ وَرَدَتْ فِي هَتْكِ حُرْمَةِ رَمَضَانَ، إِذْ لَا يَجُوزُ إِخْلَاؤُهُ عَنِ الصَّوْمِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنَ الزَّمَانِ. وَبِأَنَّهُ جَامَعَ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ، فَلَمْ تَلْزَمْهُ الْكَفَّارَةُ، كَمَا لَوْ جَامَعَ فِي صِيَامِ الْكَفَّارَةِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع 6 / 451، وشرح فتح القدير لابن الهمام 2 / 262.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 2 / 110.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تبيين الحقائق 1 / 329، مواهب الجليل 2 / 433، والمجموع 6 / 342، 345، والمغني 3 / 125.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٧)</span><hr/></div>وَيُفَارِقُ الْقَضَاءُ الأَْدَاءَ، لأَِنَّهُ مُتَعَيَّنٌ بِزَمَانٍ مُحْتَرَمٍ فَالْجِمَاعُ فِيهِ هَتْكٌ لَهُ، بِخِلَافِ الْقَضَاءِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ أَفْسَدَ قَضَاءَ رَمَضَانَ بِالْجِمَاعِ، وَبِهِ قَال قَتَادَةُ (2) .</p>وَاسْتَدَل عَلَى وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ جَامَعَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ بِالْمَعْقُول فَقَال: إِنَّ قَضَاءَ رَمَضَانَ عِبَادَةٌ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ فِي أَدَائِهَا، فَوَجَبَتْ فِي قَضَائِهَا كَالْحَجِّ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّالِثُ: </span>تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ عَامِدًا فِي نَذْرِ صَوْمِ الدَّهْرِ كُلِّهِ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سَحْنُونٌ، وَابْنُ الْمَاجِشُونِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ.</p>وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ لَمَّا أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا فِيمَا لَا يُجْبَرُ بِقَضَاءٍ، أَشْبَهَ الْفِطْرَ فِي رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا، فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ بِقَضَاءٍ، إِذْ قَدْ جَاءَ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَقْضِيهِ بِصِيَامِ الدَّهْرِ وَإِنْ صَامَهُ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَعَدُّدُ الْكَفَّارَةِ بِتَعَدُّدِ الْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ</span></p><font color=#ff0000>33 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ مَنْ تَكَرَّرَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 1 / 329، والمجموع 6 / 342، والمغني 3 / 125.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المجموع 6 / 345، والمغني 3 / 125.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 3 / 125.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مواهب الجليل 2 / 433.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٧)</span><hr/></div>جِمَاعُهُ فِي نَهَارِ يَوْمٍ وَاحِدٍ مِنْ رَمَضَانَ قَبْل تَكْفِيرِهِ، فَإِنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ.</p>كَمَا لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي أَنَّ مَنْ كَفَّرَ، ثُمَّ جَامَعَ ثَانِيَةً فِي يَوْمٍ آخَرَ فَإِنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ ثَانِيَةٌ.</p>وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي‌<span class="title">‌ تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ جَامَعَ فِي يَوْمَيْنِ وَلَمْ يُكَفِّرْ</span>.</p>كَمَا اخْتَلَفُوا فِي تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ جَامَعَ ثُمَّ كَفَّرَ، ثُمَّ جَامَعَ ثَانِيَةً فِي نَفْسِ الْيَوْمِ، وَإِلَيْكَ مَا قَالَهُ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ:</p> </p>أ - تَعَدُّدُ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ جَامَعَ فِي يَوْمَيْنِ وَلَمْ يُكَفِّرْ:</p><font color=#ff0000>34 -</font> إِذَا جَامَعَ فِي يَوْمَيْنِ مِنْ رَمَضَانَ وَلَمْ يُكَفِّرْ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يَلْزَمُهُ بِذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>تَلْزَمُهُ كَفَّارَتَانِ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ قَوْل اللَّيْثِ وَابْنِ الْمُنْذِرِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ وَمَكْحُولٍ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَحْمَدُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ (1) .</p>وَقَدِ اسْتَدَل الْجُمْهُورُ بِأَنَّ صَوْمَ كُل يَوْمٍ عِبَادَةٌ مُنْفَرِدَةٌ، فَإِذَا وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ بِإِفْسَادِهِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مواهب الجليل 2 / 346، والمجموع 6 / 333، 337، والمغني 3 / 133.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٨)</span><hr/></div>لَمْ تَتَدَاخَل كَفَّارَاتُهَا، كَرَمَضَانَيْنِ، وَكَالْحَجَّتَيْنِ، وَكَالْعُمْرَتَيْنِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>تُجْزِئُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَبِهِ قَال الزُّهْرِيُّ وَالأَْوْزَاعِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ إِطْلَاقِ الْخِرَقِيِّ، وَاخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ (2) . وَاسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ وَمَنْ مَعَهُمْ بِأَنَّهَا جَزَاءٌ عَنْ جِنَايَاتٍ تَكَرَّرَ سَبَبُهَا قَبْل اسْتِيفَائِهَا فَيَجِبُ أَنْ تَتَدَاخَل كَالْحَدِّ (3) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ تَعَدُّدُ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ جَامَعَ فَكَفَّرَ ثُمَّ جَامَعَ ثَانِيَةً فِي نَفْسِ الْيَوْمِ:</span></p><font color=#ff0000>35 -</font> إِذَا جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَكَفَّرَ، ثُمَّ جَامَعَ ثَانِيَةً فِي نَفْسِ الْيَوْمِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يَلْزَمُهُ بِالْجِمَاعِ الثَّانِي عَلَى قَوْلَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْجِمَاعِ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ (4)</p>وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ الْجِمَاعَ الثَّانِي لَمْ يُصَادِفْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 3 / 132.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 2 / 101، والمغني 3 / 132، 133، والمجموع 6 / 336.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع 2 / 101.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر 1 / 240، ومواهب الجليل 2 / 436، والمجموع 6 / 336، 337.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٨)</span><hr/></div>صَوْمًا مُنْعَقِدًا، وَلَمْ يَمْنَعْ صِحَّتَهُ، فَلَمْ يُوجِبْ شَيْئًا كَالْجِمَاعِ فِي اللَّيْل، بِخِلَافِ الْجِمَاعِ الأَْوَّل (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ ثَانِيَةٌ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ (2) .</p>وَاسْتَدَل الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ الصَّوْمَ فِي رَمَضَانَ عِبَادَةٌ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْجِمَاعِ فِيهَا، فَتَكَرَّرَتْ بِتَكَرُّرِ الْوَطْءِ إِذَا كَانَ بَعْدَ التَّكْفِيرِ كَالْحَجِّ.</p>وَبِأَنَّهُ وَطْءٌ مُحَرَّمٌ لِحُرْمَةِ رَمَضَانَ فَأَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ كَالأَْوَّل، وَفَارَقَ الْوَطْءَ فِي اللَّيْل فَإِنَّهُ غَيْرُ، مُحَرَّمٍ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَنْ تَقَيَّأَ عَمْدًا فِي نَهَارِ رَمَضَانَ</span></p><font color=#ff0000>36 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ، لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ تَقَيَّأَ عَمْدًا فِي نَهَارِ رَمَضَانَ عَلَى قَوْلَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْقَضَاءُ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ: الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَبِهِ قَال عَلِيٌّ وَابْنُ عُمَرَ وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ وَعَلْقَمَةُ وَالزُّهْرِيُّ وَإِسْحَاقُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع 6 / 337، 450.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 3 / 133.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 3 / 133.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٩)</span><hr/></div>وَالثَّوْرِيُّ وَالأَْوْزَاعِيُّ (1) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَمَنِ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ (2) .</p>وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّهُ نَصٌّ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَى مَنِ اسْتَقَاءَ دُونَ الْكَفَّارَةِ، لأَِنَّهَا لَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً لَبَيَّنَهَا الرَّسُول صلى الله عليه وسلم لأَِنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ.</p>وَبِأَنَّ الإِْفْطَارَ عَمْدًا فِي نَهَارِ رَمَضَانَ لَمْ يَتَحَقَّقْ صُورَةً فَقَصُرَتْ، فَانْتَفَتِ الْكَفَّارَةُ، لأَِنَّ الْكَفَّارَةَ أَقْصَى عُقُوبَةً فِي الإِْفْطَارِ، فَيَحْتَاجُ إِلَى كَمَال الْجِنَايَةِ، لأَِنَّ فِي نُقْصَانِهَا شُبْهَةَ الْعَدَمِ وَهِيَ تَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، وَبِهِ قَال عَطَاءٌ وَأَبُو ثَوْرٍ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌رَابِعًا: مَحْظُورَاتُ الْحَجِّ أَوِ الإِْحْرَامِ</span></p><font color=#ff0000>37 -</font> قَدْ يَعْرِضُ لِقَاصِدِ الْحَجِّ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 1 / 325، ومواهب الجليل 2 / 422، والمجموع 6 / 319، 320، والمغني 3 / 117.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" من ذرعه القيء فليس عليه قضاء. . . ". أخرجه الترمذي (3 / 89) من حديث أبي هريرة، وقال: حسن غريب.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح القدير 2 / 260، والمدونة الكبرى 1 / 200.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المجموع 6 / 320.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٦٩)</span><hr/></div>إِتْمَامِهِ أَوِ الإِْتْيَانِ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الأَْكْمَل، كَمَرَضٍ أَوْ عُذْرٍ أَوْ مَوْتٍ، أَوْ فَوَاتِ وَقْتٍ أَوْ تَجَاوُزِ مِيقَاتٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَلِجَبْرِ ذَلِكَ شُرِعَتِ الْكَفَّارَةُ، وَالْكَفَّارَاتُ الْوَاجِبَةُ فِي ذَلِكَ إِمَّا مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا، وَإِمَّا غَيْرُ مَنْصُوصٍ عَلَيْهَا.</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (الإِْحْرَامُ ف 145 - و 185 - وَإِحْصَارٌ ف 33 وَحَرَمٌ ف 13) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَعَدُّدُ الْجَزَاءِ بِتَعَدُّدِ الصَّيْدِ</span></p><font color=#ff0000>38 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي تَحْرِيمِ قَتْل الصَّيْدِ وَالدَّلَالَةِ عَلَيْهِ فِي الْحَرَمِ، كَمَا لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا قَتَل الصَّيْدَ، أَوِ اصْطَادَ أَوْ دَل عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ لِلنَّصِّ عَلَى ذَلِكَ (1) .</p>وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَعَدُّدِ الْجَزَاءِ بِتَعَدُّدِ الصَّيْدِ عَلَى قَوْلَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>فِي كُل صَيْدٍ جَزَاءٌ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ أَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ وَبِهِ قَال الثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ (2) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْل مَا قَتَل مِنَ النَّعَمِ} .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بداية المجتهد 1 / 306، 307.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المبسوط 4 / 107، وحاشية الدسوقي 2 / 69، والمجموع 7 / 436، والمغني 3 / 522.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٠)</span><hr/></div>وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنَ الآْيَةِ: أَنَّهَا أَوْجَبَتِ الْجَزَاءَ عَلَى الْعَامِدِ بِعُمُومِهَا، وَذِكْرُ الْعُقُوبَةِ فِي‌<span class="title">‌ الثَّانِيَةِ </span>لَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ، كَمَا قَال اللَّهُ تَعَالَى:{فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} .</p>فَأَثْبَتَ أَنَّ الْعَائِدَ لَوِ انْتَهَى كَانَ لَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ (1) .</p>يَقُول النَّوَوِيُّ: وَفِي هَذِهِ الآْيَةِ دَلَالَتَانِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الأُْولَى: </span>أَنَّ لَفْظَ الصَّيْدِ إِشَارَةٌ إِلَى الْجِنْسِ، لأَِنَّ الأَْلِفَ وَاللَاّمَ يَدْخُلَانِ لِلْجِنْسِ أَوْ لِلْعَهْدِ، وَلَيْسَ فِي الصَّيْدِ مَعْهُودٌ، فَتَعَيَّنَ الْجِنْسُ وَأَنَّ الْجِنْسَ يَتَنَاوَل الْجُمْلَةَ وَالأَْفْرَادَ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى:{وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ} يَعُودُ إِلَى جُمْلَةِ الْجِنْسِ وَآحَادِهِ.</p> </p>الثَّانِيَةُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَال: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْل مَا قَتَل مِنَ النَّعَمِ} وَحَقِيقَةُ الْمُمَاثَلَةِ: أَنْ يَفْدِيَ الْوَاحِدَ بِوَاحِدٍ، وَالاِثْنَيْنِ بِاثْنَيْنِ، وَالْمِائَةَ بِمِائَةٍ، وَلَا يَكُونُ الْوَاحِدُ مِنَ النَّعَمِ مَثَلاً لِجَمَاعَةٍ صَيُودٌ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 3 / 522، 523.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المجموع 7 / 323.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٠)</span><hr/></div>وَقَالُوا إِنَّ الصَّيْدَ نَفْسٌ تُضْمَنُ بِالْكَفَّارَةِ، فَتَكَرَّرَتْ بِتَكَرُّرِ الْقَتْل، فَيَسْتَوِي فِيهِ الْمُبْتَدِئُ وَالْعَائِدُ كَقَتْل الآْدَمِيِّ (1) .</p>وَإِنَّهَا غَرَامَةُ مُتْلِفٍ يَجِبُ بِهِ الْمِثْل أَوِ الْقِيمَةُ، فَتَكَرَّرَ بِتَكَرُّرِ الإِْتْلَافِ، كَمَا فِي الآْدَمِيِّ (2) .</p>وَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ قِيَاسُ جَزَاءِ الصَّيْدِ عَلَى غَيْرِهِ، لأَِنَّ جَزَاءَهُ مُقَدَّرٌ بِهِ وَيَخْتَلِفُ بِصِغَرِهِ وَكِبَرِهِ، وَإِنَّمَا يُقَاسُ عَلَى مَنْ أَتْلَفَ صَيْدَيْنِ مَعًا، حَيْثُ يَجِبُ جَزَاؤُهُمَا عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إِذَا تَفَرَّقَا (3) .</p>قَال الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: وَلأَِنَّا أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَتَل صَيْدَيْنِ دَفْعَةً وَاحِدَةً لَزِمَهُ جَزَاءَانِ، فَإِذَا تَكَرَّرَ قَتْلُهُمَا مَعًا، وَجَبَ تَكَرُّرُهُ بِقَتْلِهِمَا مُرَتَّبًا كَالْعَبْدَيْنِ وَسَائِرِ الأَْمْوَال (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>يَجِبُ الْجَزَاءُ بِالصَّيْدِ الأَْوَّل دُونَ مَا بَعْدَهُ، وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَال شُرَيْحٌ وَالْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ وَالنَّخَعِيُّ وَقَتَادَةُ وَهِيَ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ أَحْمَدَ.</p>وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى: إِنْ كَفَّرَ عَنِ الأَْوَّل فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِلَاّ فَلَا شَيْءَ لِلثَّانِي (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع 7 / 323.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 3 / 522، والمجموع 7 / 436.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 3 / 523.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المجموع 7 / 323، 324.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المغني 3 / 522.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧١)</span><hr/></div>وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْل مَا قَتَل} وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ هَذِهِ الآْيَةِ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَّقَ وُجُوبَ الْجَزَاءِ عَلَى لَفْظِ " مَنْ ".</p>قَالُوا: وَمَا عُلِّقَ عَلَى لَفْظِ " مَنْ " لَا يَقْتَضِي تَكْرَارًا، كَمَا لَوْ قَال: مَنْ دَخَل الدَّارَ فَلَهُ دِرْهَمٌ، أَوْ مَنْ دَخَلَتِ الدَّارَ فَهِيَ طَالِقٌ فَإِذَا تَكَرَّرَ دُخُولُهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ إِلَاّ دِرْهَمًا بِالدُّخُول الأَْوَّل، وَإِذَا تَكَرَّرَ دُخُولُهَا لَا يَقَعُ إِلَاّ طَلْقَةٌ بِالدُّخُول الأَْوَّل، فَلَا يَتَكَرَّرُ الْجَزَاءُ بِتَكْرَارِ الْقَتْل، وَلأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَال:{وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} ، وَلَمْ يُرَتِّبْ عَلَى الْعَوْدِ غَيْرَ الاِنْتِقَامِ، إِذْ لَوْ كَانَ تَكَرُّرُ الْجَزَاءِ وَاجِبًا لَرَتَّبَهُ عَلَى الْعَوْدِ مَعَ الاِنْتِقَامِ، فَكَانَ عَدَمُ ذِكْرِهِ دَلِيلاً عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ وَتَكَرُّرِهِ.</p> </p>‌<span class="title">‌صَيْدُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ:</span></p><font color=#ff0000>39 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْجَزَاءِ بِقَتْل صَيْدِ حَرَمِ الْمَدِينَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>لَا جَزَاءَ فِيهِ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ، وَالرِّوَايَةُ الأُْولَى عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 4 / 105، والجامع لأحكام القرآن 6 / 306، والمجموع 7 / 480، 514، والمغني 3 / 354.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧١)</span><hr/></div>وَاسْتَدَلُّوا بِعُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عِيرٍ إِلَى ثَوْرٍ، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا، أَوْ آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَل اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلَا عَدْلاً (1) .</p>وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنَ الْحَدِيثِ: أَنَّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَ بِأَنَّ الْمَدِينَةَ حَرَمٌ، وَبِأَنَّ كُل مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا اسْتَحَقَّ الطَّرْدَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَاسْتَحَقَّ الْوَعِيدَ الشَّدِيدَ، وَلَمْ يَذْكُرْ كَفَّارَةً، وَلَوْ كَانَتِ الْكَفَّارَةُ وَاجِبَةً لَذَكَرَهَا لأَِنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ (2) .</p>وَبِمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى بَعْضَ الصِّبْيَانِ بِالْمَدِينَةِ طَائِرًا، فَطَارَ مِنْ يَدِهِ، فَجَعَل يَتَأَسَّفُ عَلَى ذَلِكَ، وَرَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَل النُّغَيْرُ (3) - اسْمُ ذَلِكَ الطَّيْرِ وَهُوَ طَيْرٌ صَغِيرٌ مِثْل الْعُصْفُورِ - فَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُل عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْجَزَاءِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " المدينة حرم ما بين عير إلى ثور. . . ". أخرجه مسلم (2 / 1147) من حديث علي بن أبي طالب.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الجامع لأحكام القرآن 6 / 307.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى بعض. . . ". أورده السرخسي (المبسوط 4 / 105) والذي ورد في صحيح البخاري (فتح الباري 10 / 582) ومسلم (3 / 1692، 1693) أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على الصبي وعنده الطير، وزاد النسائي في عمل اليوم والليلة (ص286) أنه دخل عليه وقد مات الطير.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٢)</span><hr/></div>بِصَيْدِ حَرَمِ الْمَدِينَةِ، لأَِنَّهُ لَوْ كَانَ لِصَيْدِ الْمَدِينَةِ حُرْمَةُ الْحَرَمِ، لَمَا نَاوَلَهُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. صَبِيًّا (1) . وَقَالُوا: إِنَّ هَذِهِ بُقْعَةٌ يَجُوزُ دُخُولُهَا بِغَيْرِ إِحْرَامٍ فَلَا يَجِبُ بِصَيْدِ حَرَمِهَا جَزَاءٌ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْبُلْدَانِ، بِخِلَافِ الْحَرَمِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لأَِحَدٍ أَنْ يَدْخُلَهُ إِلَاّ مُحْرِمًا (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>وُجُوبُ الْجَزَاءِ بِقَتْل صَيْدِ حَرَمِ الْمَدِينَةِ، وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَابْنِ الْمُنْذِرِ، وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ (3) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لأَِهْلِهَا، وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ (4) .</p>وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ: أَنَّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَ بِأَنَّهُ حَرَّمَ الْمَدِينَةَ، كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، فَيَجِبُ فِي قَتْل صَيْدِهِ الْجَزَاءُ كَمَا يَجِبُ فِي قَتْل صَيْدِ حَرَمِ مَكَّةَ، لاِسْتِوَائِهِمَا فِي التَّحْرِيمِ (5) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَعَدُّدُ الْجَزَاءِ بِقَتْل الصَّيْدِ وَالأَْكْل مِنْهُ:</span></p><font color=#ff0000>40 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 4 / 105.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المبسوط 4 / 105، والمغني 3 / 354.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 3 / 354، والمجموع 7 / 480 - 514.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث:" إن إبراهيم حرم مكة. . . ". أخرجه مسلم (1 / 991) عن عبد الله بن زيد بن عاصم.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المغني 3 / 354، المجموع 7 / 480، 514.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٢)</span><hr/></div>قَتَل صَيْدًا أَوْ ذَبَحَهُ فَأَكَل مِنْهُ أَثِمَ.</p>وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي الْجَزَاءِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، إِذَا قَتَل صَيْدًا أَوْ ذَبَحَهُ فَأَكَل مِنْهُ عَلَى قَوْلَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>عَلَيْهِ جَزَاءٌ وَاحِدٌ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَصَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ (1) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ صَيْدٌ مَضْمُونٌ بِالْجَزَاءِ، فَلَمْ يُضْمَنْ ثَانِيًا كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ بِغَيْرِ الأَْكْل.</p>وَبِالْقِيَاسِ عَلَى صَيْدِ الْحَرَمِ إِذَا قَتَلَهُ أَوْ أَكَلَهُ.</p>وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَا لَوْ قَتَلَهُ مُحْرِمٌ آخَرُ، ثُمَّ أَكَل هَذَا مِنْهُ (2) .</p>وَبِأَنَّ تَحْرِيمَ أَكْلِهِ لِكَوْنِهِ مَيْتَةً، فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْمَيْتَاتِ، لأَِنَّ الْمَيْتَةَ لَا تُضْمَنُ بِالْجَزَاءِ، وَإِنَّمَا تُوجِبُ الاِسْتِغْفَارَ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>عَلَيْهِ جَزَاءَانِ:</p>وَبِهِ قَال أَبُو حَنِيفَةَ، وَعَطَاءٌ.</p>وَاسْتَدَلَاّ بِأَنَّ قَتْل هَذَا الصَّيْدِ مِنْ مَحْظُورَاتِ إِحْرَامِهِ، وَالْقَتْل غَيْرُ مَقْصُودٍ لِعَيْنِهِ بَل لِلتَّنَاوُل مِنَ الصَّيْدِ، فَإِذَا كَانَ مَا لَيْسَ بِمَقْصُودٍ مِنْ مَحْظُورَاتِ إِحْرَامِهِ يَلْزَمُهُ الْجَزَاءُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الجامع لأحكام القرآن 6 / 302، والمجموع 7 / 330 - 508، والمغني 3 / 314، والمبسوط 4 / 86.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المجموع 7 / 330.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المبسوط 4 / 86، المغني 3 / 314.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٣)</span><hr/></div>بِهِ، فَمَا هُوَ مَقْصُودٌ بِذَلِكَ أَوْلَى (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَنْشَأُ الْخِلَافِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ:</span></p>وَيَرْجِعُ سَبَبُ اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ إِلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي اعْتِبَارِ أَكْل الصَّيْدِ تَعَدِّيًا ثَانِيًا عَلَيْهِ سِوَى تَعَدِّي الْقَتْل أَمْ لَا؟ وَإِذَا كَانَ تَعَدِّيًا فَهَل هُوَ مُسَاوٍ لِلتَّعَدِّي الأَْوَّل أَمْ لَا؟ (2) .</p>وَقَدِ اسْتَدَل كُل فَرِيقٍ بِأَدِلَّةٍ تُؤَيِّدُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْجَزَاءُ فِي إِتْلَافِ بَيْضِ الصَّيْدِ:</span></p><font color=#ff0000>41 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ضَمَانِ بَيْضِ الصَّيْدِ الْمُحَرَّمِ عَلَى الْمُحْرِمِ إِذَا كَسَرَهُ عَلَى قَوْلَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>وُجُوبُ الْجَزَاءِ فِيهِ (3) .</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ (4) ، وَالْمَالِكِيَّةُ (5) ، وَالشَّافِعِيَّةُ (6) ، وَالْحَنَابِلَةُ (7) .</p>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِنَّ الْجَزَاءَ فِي إِتْلَافِ الْمُحْرِمِ بَيْضَ الصَّيْدِ هُوَ الْقِيمَةُ وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 4 / 86، والمجموع 7 / 330، والمغني 3 / 304.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بداية المجتهد 1 / 307.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بداية المجتهد 1 / 308، والمبسوط 4 / 101، والمجموع 7 / 319، المغني 3 / 515.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المبسوط 4 / 87، 101.</p><font color=#ff0000>(5)</font> بداية المجتهد 1 / 308، وحاشية الدسوقي 2 / 84.</p><font color=#ff0000>(6)</font> المجموع 6 / 317، 318، 332.</p><font color=#ff0000>(7)</font> المغني 3 / 515، 516.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٣)</span><hr/></div>فِي بَيْضِ النَّعَامِ يُصِيبُهُ الْمُحْرِمُ ثَمَنُهُ (1) ، وَلأَِنَّ الْبَيْضَ لَا مِثْل لَهُ فَتَجِبُ قِيمَتُهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ لِكَوْنِهِ مَذَرًا فَلَا شَيْءَ فِيهِ، إِلَاّ بَيْضَ النَّعَامِ فَإِنَّ لِقِشْرِهِ قِيمَةً فِي الْجُمْلَةِ.</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ الْجَزَاءَ الْوَاجِبَ فِي إِتْلَافِ بَيْضِ الصَّيْدِ هُوَ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>لَا جَزَاءَ فِي إِتْلَافِ الْمُحْرِمِ بَيْضَ الصَّيْدِ، وَبِهِ قَال الْمُزَنِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَاسْتَدَل بِأَنَّهُ لَا رُوحَ فِيهِ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌إِزَالَةُ الشَّعَرِ:</span></p><font color=#ff0000>42 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي تَحْرِيمِ إِزَالَةِ الشَّعَرِ قَبْل التَّحَلُّل وَأَنَّهُ يَجِبُ بِهِ الْفِدْيَةُ (وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ إِحْرَامٌ ف 155) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَجِبُ عَلَى الْمُحْرِمِ بِلُبْسِ الْمَخِيطِ، وَإِمَاطَةِ الأَْذَى مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ</span></p><font color=#ff0000>43 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْمُحْرِمِ بِلُبْسِ الْمَخِيطِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَإِمَاطَةِ الأَْذَى مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ عَلَى قَوْلَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في بيض النعام يصيبه المحرم: " ثمنه ". أخرجه ابن ماجه (2 / 1031) من حديث أبي هريرة، وضعف إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (2 / 147) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> المجموع 7 / 317.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٤)</span><hr/></div>الْمَنْصُوصُ عَلَيْهَا.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ: الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَبِهِ قَال الأَْوْزَاعِيُّ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>عَلَيْهِ دَمٌ فَقَطْ.</p>وَبِهِ قَال الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَرِوَايَةٌ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ (2) (وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ إِحْرَامٌ ف 152 - 159) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْكَفَّارَاتُ الْوَاجِبَةُ بِالْجِمَاعِ وَدَوَاعِيهِ:</span></p><font color=#ff0000>44 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْجِمَاعَ مِنْ مُفْسِدَاتِ الْحَجِّ لِقَوْلِهِ سبحانه وتعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَال فِي الْحَجِّ} .</p>كَمَا لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي أَنَّ مَنْ وَطِئَ قَبْل الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَقَدْ أَفْسَدَ حَجَّهُ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ (3) ، وَكَذَلِكَ مَنْ وَطِئَ مِنَ الْمُعْتَمِرِينَ قَبْل أَنْ يَطُوفَ وَيَسْعَى وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ أَيْضًا فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِالْوَطْءِ قَبْل التَّحَلُّل الأَْكْبَرِ فِي الْفَرْجِ أَوْ دُونَهُ، مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ بَهِيمَةٍ، أَنْزَل أَوْ لَمْ يُنْزِل.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المدونة الكبرى 1 / 428، والمجموع 7 / 248، وروضة الطالبين 3 / 136، والمغني 3 / 492، 493، والجامع لأحكام القرآن 2 / 383.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المبسوط 4 / 73، 75، 77، 122، 128، والمغني 3 / 493.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المجموع 7 / 290.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٤)</span><hr/></div>كَمَا لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِمُبَاشَرَةِ مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ مِنَ الْقُبْلَةِ وَاللَّمْسِ وَالنَّظَرِ وَتَكْرَارِهِ وَغَيْرِهَا مِنْ مَحْظُورَاتِ الإِْحْرَامِ (1) .</p>وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمَا فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ إِذَا طَاوَعَتْهُ وَفِي تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ بِتَعَدُّدِ الْجِمَاعِ وَدَوَاعِيهِ وَأَثَرِ النِّسْيَانِ وَالْجَهْل فِي سُقُوطِهَا.</p> </p>‌<span class="title">‌وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمَوْطُوءَةِ:</span></p><font color=#ff0000>45 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ إِذَا طَاوَعَتْ زَوْجَهَا عَلَى الْوَطْءِ عَلَى قَوْلَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهَا كَمَا هِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ (2) ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَبِهِ قَال ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالنَّخَعِيُّ وَالضَّحَّاكُ، وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ حَكَاهُ الْخُرَاسَانِيُّونَ (3) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَال: اهْدِ نَاقَةً وَلْتُهْدِ نَاقَةً. وَلأَِنَّهَا أَحَدُ الْمُتَجَامِعَيْنِ مِنْ غَيْرِ إِكْرَاهٍ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع 7 / 291.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المبسوط 4 / 118.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية الدسوقي 2 / 70، والمغني 3 / 335، 336، والمجموع 7 / 395.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٥)</span><hr/></div>فَلَزِمَهَا الْكَفَّارَةُ كَالرَّجُل (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>عَدَمُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهَا، وَيُجْزِئُهُمَا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ الأَْصَحُّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ (2) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ جِمَاعٌ وَاحِدٌ فَلَمْ يُوجِبْ أَكْثَرَ مِنْ كَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ كَحَالَةِ الإِْكْرَاهِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَعَدُّدُ الْكَفَّارَةِ بِتَعَدُّدِ الْجِمَاعِ وَدَوَاعِيهِ:</span></p><font color=#ff0000>46 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ فِي تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ إِذَا كَانَ الْوَطْءُ الثَّانِي بَعْدَ التَّكْفِيرِ عَنِ الأَْوَّل (4) .</p>وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ بِتَعَدُّدِ الْجِمَاعِ وَدَوَاعِيهِ قَبْل التَّكْفِيرِ عَلَى قَوْلَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>عَدَمُ تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ بِتَعَدُّدِ الْجِمَاعِ أَوْ دَوَاعِيهِ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَقَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ، وَبِهِ قَال مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ (5) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ جِمَاعٌ مُوجِبٌ لِلْكَفَّارَةِ، فَإِذَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 3 / 335، المجموع 7 / 395.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المجموع 7 / 395، والمغني 3 / 336.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 3 / 336.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المغني 3 / 336، 337.</p><font color=#ff0000>(5)</font> بداية المجتهد 1 / 315، والمغني 3 / 336، والمجموع 7 / 407، 472، والمبسوط 4 / 119.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٥)</span><hr/></div>تَكَرَّرَ قَبْل التَّكْفِيرِ عَنِ الأَْوَّل، لَمْ يُوجِبْ كَفَّارَةً ثَانِيَةً كَالصِّيَامِ.</p>وَأَنَّهُ إِذَا لَمْ يُكَفِّرْ عَنِ الأَْوَّل، تَتَدَاخَل كَفَّارَتُهُ، كَمَا يَتَدَاخَل حُكْمُ الْمَهْرِ وَالْحَدِّ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>تَعَدُّدُ الْكَفَّارَةِ بِتَعَدُّدِ الْجِمَاعِ أَوْ دَوَاعِيهِ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ (2) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ كُل وَطْءٍ سَبَبٌ لِلْكَفَّارَةِ بِانْفِرَادِهِ، فَأَوْجَبَهَا كَالْوَطْءِ الأَْوَّل.</p>وَأَنَّ الإِْحْرَامَ وَوُجُوبَ الْفِدْيَةِ بَاقِيَانِ بِارْتِكَابِ سَائِرِ الْمَحْظُورَاتِ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ، فَإِنَّهُ بِالْجِمَاعِ الأَْوَّل قَدْ خَرَجَ عَنْهُ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَثَرُ النِّسْيَانِ وَالْجَهْل فِي سُقُوطِ الْكَفَّارَةِ:</span></p><font color=#ff0000>47 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي سُقُوطِ الْكَفَّارَةِ عَمَّنْ جَامَعَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلاً لإِِحْرَامِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>عَدَمُ سُقُوطِ الْكَفَّارَةِ بِالْجَهْل أَوِ النِّسْيَانِ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 3 / 336، والمجموع 7 / 472.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المجموع 7 / 407، 472، والمغني 3 / 336.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 3 / 336، والمجموع 7 / 472.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المبسوط 4 / 121، وبداية المجتهد 1 / 315، والمغني 3 / 340، والمجموع 7 / 475، 395، 478.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٦)</span><hr/></div>وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يَكَادُ يَتَطَرَّقُ النِّسْيَانُ إِلَيْهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ.</p>وَأَنَّ الْجِمَاعَ مُفْسِدٌ لِلصَّوْمِ دُونَ غَيْرِهِ، فَاسْتَوَى عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ، بِخِلَافِ مَا دُونَهُ.</p>وَأَنَّهُ سَبَبٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ الْقَضَاءِ فِي الْحَجِّ، فَاسْتَوَى عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ كَالْفَوَاتِ (1) -.</p>وَبِعَدِمِ الْقِيَاسِ فِيهِ عَلَى الصَّوْمِ، لأَِنَّهُ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ، فَإِنَّ الصَّوْمَ يَحْصُل الْفِطْرُ فِيهِ قَبْل تَمَامِ حَقِيقَةِ الْجِمَاعِ، وَغَيْرُ الْجِمَاعِ فِي الصَّوْمِ لَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ، وَإِنَّمَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِخُصُوصِ الْجِمَاعِ فَافْتَرَقَا (2) .</p>وَأَنَّ الْحُكْمَ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ الْجِمَاعِ، لأَِنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ فِي الإِْحْرَامِ الرَّفَثُ وَالرَّفَثُ اسْمٌ لِلْجِمَاعِ، وَبِسَبَبِ النِّسْيَانِ لَا يَنْعَدِمُ عَيْنُ الْجِمَاعِ، وَهَذَا لأَِنَّهُ قَدِ اقْتَرَنَ بِحَالَةِ مَا يَذْكُرُهُ، وَهُوَ هَيْئَةُ الْمُحْرِمِينَ، فَلَا يُعْذَرُ بِالنِّسْيَانِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ إِذَا أَكَل أَوْ شَرِبَ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقْتَرِنْ بِحَالَةِ مَا يَذْكُرُهُ، فَجُعِل النِّسْيَانُ فِيهِ عُذْرًا فِي الْمَنْعِ مِنْ إِفْسَادِهِ، بِخِلَافِ الْقِيَاسِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>سُقُوطُ الْكَفَّارَةِ عَنِ الْجَاهِل وَالنَّاسِي.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 3 / 340.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 3 / 341.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المبسوط 4 / 121.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٦)</span><hr/></div>وَبِهِ قَال الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَهُمْ (1) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ الْحَجَّ عِبَادَةٌ تَتَعَلَّقُ الْكَفَّارَةُ بِإِفْسَادِهَا فَيَخْتَلِفُ حُكْمُهَا بِالْعَمْدِ وَالسَّهْوِ كَالصَّوْمِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ بِدُونِ إِحْرَامٍ</span></p><font color=#ff0000>48 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي تَحْرِيمِ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ بِدُونِ إِحْرَامٍ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْل تِلْكَ النَّاحِيَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا، كَالشَّامِيِّ يَمُرُّ بِمِيقَاتِ الْمَدِينَةِ، وَسَوَاءٌ تَجَاوَزَهُ عَالِمًا بِهِ أَوْ جَاهِلاً، عَلِمَ تَحْرِيمَ ذَلِكَ أَوْ جَهِلَهُ، وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ إِلَيْهِ وَالإِْحْرَامُ مِنْهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي أَنَّ مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ بِدُونِ إِحْرَامٍ ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ قَبْل أَنْ يُحْرِمَ فَأَحْرَمَ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ.</p>وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ بِدُونِ إِحْرَامٍ ثُمَّ أَحْرَمَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>عَلَيْهِ الدَّمُ مُطْلَقًا، أَيْ وَإِنْ رَجَعَ إِلَى الْمِيقَاتِ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الثَّوْرِيِّ، وَبِهِ قَال زُفَرُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) روضة الطالبين 3 / 143، والمجموع 7 / 395، 475.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المجموع 7 / 478.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٧)</span><hr/></div>مِنَ الْحَنَفِيَّةِ (1) . وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: مَنْ تَرَكَ نُسُكًا فَعَلَيْهِ دَمٌ (2) ، وَلأَِنَّهُ أَحْرَمَ دُونَ مِيقَاتِهِ فَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الدَّمُ كَمَا لَوْ لَمْ يَرْجِعْ.</p>وَلأَِنَّ وُجُوبَ الدَّمِ بِجِنَايَتِهِ عَلَى الْمِيقَاتِ بِمُجَاوَزَتِهِ إِيَّاهُ مِنْ غَيْرِ إِحْرَامٍ، وَجِنَايَتُهُ لَا تَنْعَدِمُ بِعَوْدِهِ فَلَا يَسْقُطُ الدَّمُ الَّذِي وَجَبَ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ إِنْ أَحْرَمَ وَتَلَبَّسَ بِنُسُكٍ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمِيقَاتِ، فَإِنْ لَمْ يَتَلَبَّسْ وَرَجَعَ إِلَى الْمِيقَاتِ فَأَحْرَمَ مِنْهُ سَقَطَ الدَّمُ عَنْهُ فِي الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.</p>وَهُوَ قَوْل أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ.</p>وَاسْتَدَلُّوا عَلَى سُقُوطِ الدَّمِ إِذَا لَمْ يَتَلَبَّسْ بِنُسُكٍ بِأَنَّهُ قَطَعَ الْمَسَافَةَ مِنَ الْمِيقَاتِ مُحْرِمًا وَأَدَّى الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا بَعْدَهُ فَكَانَ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ مِنْهُ.</p>وَبِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مُحْرِمًا عِنْدَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بداية المجتهد 1 / 317، والشرح الصغير 1 / 24، 25، والمغني 3 / 266، والمبسوط 4 / 170.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" من ترك نسكًا فعليه دم "، أخرجه ابن حزم مرفوعًا كما في التلخيص لابن حجر (2 / 229)، ونقل عنه أن في إسناده جهالة. وورد من قول ابن عباس موقوفًا عليه بلفظ: من نسي نسكًا شيئًا أو تركه فيهرق دمًا. أخرجه مالك في الموطأ (1 / 419) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> المراجع السابقة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٧)</span><hr/></div>الْمِيقَاتِ لَا أَنْ يُنْشِئَ الإِْحْرَامَ عِنْدَ الْمِيقَاتِ فَإِنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ قَبْل أَنْ يَنْتَهِيَ إِلَى الْمِيقَاتِ ثُمَّ مَرَّ بِالْمِيقَاتِ مُحْرِمًا وَلَمْ يُلَبِّ عِنْدَ الْمِيقَاتِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَكَذَلِكَ إِذَا عَادَ إِلَى الْمِيقَاتِ بَعْدَ مَا أَحْرَمَ وَلَمْ يُلَبِّ لأَِنَّهُ تَدَارَكَ مَا هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَهُوَ كَوْنُهُ مُحْرِمًا عِنْدَ الْمِيقَاتِ (1) .</p>وَعَلَّلُوا عَدَمَ سُقُوطِ الدَّمِ بَعْدَ تَلَبُّسِهِ بِنُسُكٍ بِأَنَّ النُّسُكَ تُؤَدَّى بِإِحْرَامٍ نَاقِصٍ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّالِثُ: </span>عَدَمُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ إِنْ رَجَعَ قَبْل أَنْ يَتَلَبَّسَ بِأَعْمَال الْحَجِّ وَلَبَّى، فَإِنْ تَلَبَّسَ أَوْ رَجَعَ وَلَمْ يُلَبِّ كَانَ عَلَيْهِ الدَّمُ، وَبِهِ قَال أَبُو حَنِيفَةَ (3)، وَاسْتَدَل بِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال لِذَلِكَ الرَّجُل: ارْجِعْ إِلَى الْمِيقَاتِ وَإِلَاّ فَلَا حَجَّ لَكَ.</p>وَلأَِنَّ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ لَمَّا انْتَهَى إِلَى الْمِيقَاتِ حَلَالاً وَجَبَ عَلَيْهِ التَّلْبِيَةُ عِنْدَ الْمِيقَاتِ وَالإِْحْرَامِ، فَإِذَا تَرَكَ ذَلِكَ بِالْمُجَاوَزَةِ حَتَّى أَحْرَمَ وَرَاءَ الْمِيقَاتِ، ثُمَّ عَادَ فَإِنْ لَبَّى فَقَدْ أَتَى بِجَمِيعِ مَا هُوَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ، فَيَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ، وَإِنْ لَمْ يُلَبِّ فَلَمْ يَأْتِ بِجَمِيعِ مَا اسْتُحِقَّ عَلَيْهِ.</p>وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ أَحْرَمَ قَبْل أَنْ يَنْتَهِيَ إِلَى الْمِيقَاتِ، لأَِنَّ مِيقَاتَهُ هُنَاكَ مَوْضِعُ إِحْرَامِهِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 4 / 170، 171، ومغني المحتاج 1 / 474، 475.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المراجع السابقة.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المبسوط 4 / 170.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٨)</span><hr/></div>وَقَدْ لَبَّى عِنْدَهُ، فَقَدْ خَرَجَ الْمِيقَاتُ الْمَعْهُودُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِيقَاتًا لِلإِْحْرَامِ فِي حَقِّهِ، فَلِهَذَا لَا يَضُرُّهُ تَرْكُ التَّلْبِيَةِ عِنْدَهُ، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ غَسَل رَأْسَهُ بِالْخَطْمِيِّ وَالسِّدْرِ:</span></p><font color=#ff0000>49 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ اغْتِسَال الْمُحْرِمِ بِالْمَاءِ وَالاِنْغِمَاسِ فِيهِ لِلنَّصِّ (2) .</p>كَمَا لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي كَرَاهِيَةِ غَسْل الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ بِالسِّدْرِ وَالْخَطْمِيِّ وَنَحْوِهِمَا.</p>وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَى مَنْ غَسَل رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِهِمَا أَوْ بِأَيِّهِمَا عَلَى قَوْلَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>عَدَمُ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَبِهِ قَال أَبُو ثَوْرٌ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَالثَّوْرِيُّ (3) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَهُ بَعِيرُهُ اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ - أَوْ قَال: ثَوْبَيْهِ - وَلَا تُحَنِّطُوهُ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا (4) فَقَدْ أَمَرَ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم بِغَسْلِهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 4 / 171.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 3 / 299.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المجموع 7 / 355، 463، والمغني 3 / 299.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث:" اغسلوه بماء وسدر. . . ". أخرجه البخاري (فتح البخاري 4 / 64) ومسلم (2 / 865) والسياق للبخاري.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٨)</span><hr/></div>بِالسِّدْرِ مَعَ إِثْبَاتِ حُكْمِ الإِْحْرَامِ فِي حَقِّهِ، وَالْخَطْمِيُّ كَالسِّدْرِ، فَلَا فِدْيَةَ فِي غَسْل الرَّأْسِ أَوِ اللِّحْيَةِ بِهِمَا.</p>وَقَالُوا إِنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ، فَلَمْ تَجِبِ الْفِدْيَةُ بِاسْتِعْمَالِهِ كَالتُّرَابِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>وُجُوبُ الْفِدْيَةِ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ (2) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ الْخَطْمِيَّ مِنَ الطِّيبِ، فَلَهُ رَائِحَةٌ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ زَكِيَّةً، وَهُوَ يَقْتُل الْهَوَامَّ. أَيْضًا فَتَتَكَامَل الْجِنَايَةُ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَيَيْنِ، فَلِهَذَا يَلْزَمُهُ الدَّمُ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌شَمُّ الْعُصْفُرِ وَاسْتِعْمَالُهُ</span></p><font color=#ff0000>50 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ بِاسْتِعْمَال الْعُصْفُرِ أَوْ مَا صُبِغَ بِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>عَدَمُ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ بِاسْتِعْمَال الْعُصْفُرِ أَوْ مَا صُبِغَ بِهِ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ قَوْل جَابِرٍ وَابْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَعَقِيل بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَرِوَايَةٌ عَنْ عَائِشَةَ وَأَسْمَاءَ رضي الله عنهم (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 3 / 300.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المبسوط 4 / 124، وبداية المجتهد 1 / 317، والمغني 4 / 299.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المبسوط 4 / 125، وبداية المجتهد 1 / 317.</p><font color=#ff0000>(4)</font> بداية المجتهد 1 / 279.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٩)</span><hr/></div>وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ سَمِعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى النِّسَاءَ فِي إِحْرَامِهِنَّ عَنِ الْقُفَّازَيْنِ وَالنِّقَابِ وَمَا مَسَّ الْوَرْسُ وَالزَّعْفَرَانُ مِنَ الثِّيَابِ، وَلْتَلْبَسْ بَعْدَ ذَاكَ مَا أَحَبَّتْ مِنْ أَلْوَانِ الثِّيَابِ، مِنْ مُعَصْفَرٍ أَوْ خَزٍّ أَوْ حُلِيٍّ أَوْ سَرَاوِيل، أَوْ خُفٍّ أَوْ قَمِيصٍ (1) .</p>وَبِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ قَالَتْ: كُنَّ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُحْرِمْنَ فِي الْمُعَصْفَرَاتِ (2) . فَقَدْ أَبَاحَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَلْبَسَ مَا أَحَبَّتْ مِنْ أَلْوَانِ الثِّيَابِ الْمُعَصْفَرَةِ وَهِيَ مُحْرِمَةٌ، فَدَل ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا فِدْيَةَ فِي لُبْسِهِ (3) .</p>وَلأَِنَّهُ قَوْل جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ، فَكَانَ إِجْمَاعًا.</p>وَلأَِنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ، فَلَمْ يُكْرَهْ مَا صُبِغَ بِهِ كَالسَّوَادِ وَالْمَصْبُوغِ بِالْمُغْرَةِ، وَلَا يُقَاسُ عَلَى الْوَرْسِ وَالزَّعْفَرَانِ، لأَِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا طِيبٌ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث ابن عمر " سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى النساء في إحرامهن. . . ". أخرجه الحاكم (1 / 487) وصححه ووافقه الذهبي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث عائشة بنت سعد:" كن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يحرمن في المعصفرات ". أخرجه الإمام مالك في المناسك كما في المغني لابن قدامة (3 / 318) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 3 / 318.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٧٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>وُجُوبُ الْفِدْيَةِ بِاسْتِعْمَال الْعُصْفُرِ أَوْ مَا صُبِغَ بِهِ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَبِهِ قَال الثَّوْرِيُّ (1) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَاهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ لُبْسِ الْقِسِيِّ الْمُعَصْفَرِ (2) .</p>وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْمُوَرَّسِ وَالْمُزَعْفَرِ، لأَِنَّهُ صَبْغٌ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ فَأَشْبَهَ ذَلِكَ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌وُجُوبُ الْفِدْيَةِ بِلُبْسِ السَّرَاوِيل عِنْدَ عَدَمِ الإِْزَارِ</span></p><font color=#ff0000>51 -</font> الْمُحْرِمُ مَمْنُوعٌ مِنْ لُبْسِ الْقُمُصِ وَالْعَمَائِمِ وَالسَّرَاوِيلَاتِ وَالْخِفَافِ وَالْبَرَانِسِ وَتَجِبُ بِهِ الْفِدْيَةُ، لأَِنَّهُ فِعْلٌ مَحْظُورٌ فِي الإِْحْرَامِ فَتَجِبُ بِهِ الْفِدْيَةُ كَالْحَلْقِ.</p>وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَى مَنْ لَبِسَ السَّرَاوِيل عِنْدَ عَدَمِ الإِْزَارِ عَلَى قَوْلَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>عَدَمُ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَبِهِ قَال عَطَاءٌ وَعِكْرِمَةُ وَالثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 4 / 7، والمغني 3 / 318.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث علي بن أبي طالب:" أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس القسي " أخرجه مسلم (3 / 1648) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> بداية المجتهد 1 / 279، والمغني 3 / 318.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٠)</span><hr/></div>وَأَبُو ثَوْرٍ وَغَيْرُهُمْ (1) . وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ يَقُول: مَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إِزَارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيل (2) . وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الإِْبَاحَةِ، ظَاهِرٌ فِي إِسْقَاطِ الْفِدْيَةِ، لأَِنَّهُ أَمَرَ بِلُبْسِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ فِدْيَةً.</p>كَمَا يَقْتَضِي تَجْوِيزَ اللُّبْسِ عِنْدَ فَقْدِ الإِْزَارِ، وَالأَْصْل فِي مُبَاشَرَةِ الْجَائِزَاتِ نَفْيُ الْمُؤَاخَذَةِ، فَدَل هَذَا عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ بِاسْتِعْمَال السَّرَاوِيل لِلْمُحْرِمِ عِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ الإِْزَارِ (3) .</p>وَقَالُوا: لُبْسُ السَّرَاوِيل مُخْتَصٌّ بِحَالَةِ عَدَمِ وُجُودِ غَيْرِهِ (الإِْزَارِ) فَلَمْ تَجِبْ بِهِ فِدْيَةٌ، قِيَاسًا عَلَى مَنْ عَدِمَ النَّعْلَيْنِ، فَإِنَّ لَهُ لُبْسَ الْخُفَّيْنِ الْمَقْطُوعَيْنِ، وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ بِالاِتِّفَاقِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَاسُوا عَلَيْهِ مِنْ تَحْرِيمِ لُبْسِ الْقَمِيصِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الرِّدَاءَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ لُبْسُهُ، فَلَا ضَرُورَةَ إِلَيْهِ، بِخِلَافِ الإِْزَارِ فَإِنَّهُ يَجِبُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع 7 / 249، 260، 451، 453، والمغني 1 / 301، وبداية المجتهد 1 / 318.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث ابن عباس رضي الله عنهما:" سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب بعرفات. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 57) ، ومسلم (2 / 835) واللفظ للبخاري.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 3 / 301.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٠)</span><hr/></div>لُبْسُهُ لِسَتْرِ الْعَوْرَةِ، فَإِذَا لَمْ يَجِدْ عَدَل إِلَى السَّرَاوِيل وَلأَِنَّ السَّرَاوِيل لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَّزِرَ بِهِ، وَيُمْكِنَهُ أَنْ يَرْتَدِيَ الْقَمِيصَ (لِذَا قُلْنَا) لَوْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَتَّزِرَ بِالسَّرَاوِيل لَمْ يَجُزْ لُبْسُهُ (1) .</p>وَقَالُوا إِنَّ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما الَّذِي وَرَدَ فِيهِ النَّهْيُ مُطْلَقًا عَنْ لُبْسِ هَذِهِ الأَْشْيَاءِ عَامٌّ مَخْصُوصٌ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فَيُحْمَل الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>وُجُوبُ الْفِدْيَةِ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ (2) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى لُبْسِ الْقَمِيصِ، فَكَمَا يَحْرُمُ لُبْسُهُ إِذَا لَمْ يَجِدِ الرِّدَاءَ وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ بِهِ، فَكَذَا السَّرَاوِيل إِذَا لَمْ يَجِدِ الإِْزَارَ فَإِنَّهُ تَجِبُ الْفِدْيَةُ بِلُبْسِهِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌لُبْسُ الْخُفَّيْنِ لِعَدَمِ النَّعْلَيْنِ</span></p><font color=#ff0000>52 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ لُبْسِ الْخُفَّيْنِ عِنْدَ عَدَمِ النَّعْلَيْنِ.</p>وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَى مَنْ لَمْ يَقْطَعْهُمَا إِذَا لَبِسَهُمَا لِعَدَمِ النَّعْلَيْنِ، وَفِي وُجُوبِهَا عَلَى مَنْ لَبِسَهُمَا مَقْطُوعَيْنِ مَعَ وُجُودِ النَّعْلَيْنِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 3 / 301، والمجموع 7 / 266.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المبسوط 4 / 128، وبداية المجتهد 1 / 318.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المبسوط 4 / 126، 128.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ لِعَدَمِ قَطْعِ الْخُفَّيْنِ</span></p><font color=#ff0000>53 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَى مَنْ لَمْ يَقْطَعِ الْخُفَّيْنِ عِنْدَ لُبْسِهِمَا لِعَدَمِ النَّعْلَيْنِ عَلَى قَوْلَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>وُجُوبُ الْفِدْيَةِ بِعَدَمِ قَطْعِ الْخُفَّيْنِ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ، وَبِهِ قَال عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَالنَّخَعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما (1) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلاً سَأَل النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟</p>فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَال صلى الله عليه وسلم: إِلَاّ أَحَدٌ لَا يَجِدُ النَّعْلَيْنِ، فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَل مِنَ الْكَعْبَيْنِ (2) .</p>وَهُوَ نَصٌّ فِي وُجُوبِ قَطْعِ الْخُفَّيْنِ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِقَطْعِهِمَا، وَالأَْمْرُ لِلْوُجُوبِ، فَإِذَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 4 / 126، 127، وحاشية الدسوقي 2 / 56، وروضة الطالبين 3 / 128، والمجموع 7 / 453، 265، والمغني 3 / 301.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: ابن عمر: " أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم: ما يلبس المحرم من الثياب ". أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 401) ومسلم (2 / 834) واللفظ لمسلم.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨١)</span><hr/></div>لَمْ يَقْطَعْهُ فَقَدْ خَالَفَ وَاجِبًا مِنْ وَاجِبَاتِ الْحَجِّ، فَتَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، كَمَا أَنَّهُ تَضَمَّنَ زِيَادَةً عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالزِّيَادَةُ مِنَ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>عَدَمُ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ بِعَدَمِ قَطْعِ الْخُفَّيْنِ:</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ قَوْل عَطَاءٍ وَعِكْرِمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ الْقَدَّاحِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ علي بن أبي طالب رضي الله عنهما وَهُوَ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ عَنْ أَحْمَدَ (2) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: السَّرَاوِيل لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الإِْزَارَ، وَالْخُفَّانِ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ (3) .</p>وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إِزَارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيل (4) .</p>فَقَدْ أَبَاحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لُبْسَ الْخُفَّيْنِ مُطْلَقًا لِمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ، وَالسَّرَاوِيل لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الإِْزَارَ، فَدَل هَذَا بِعُمُومِهِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 3 / 301، والمجموع 7 / 266.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 3 / 301.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: ابن عباس: " السراويل لمن لم يجد الإزار. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 57) ومسلم (2 / 835) واللفظ لمسلم.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: جابر بن عبد الله: " من لم يجد نعلين. . . ". أخرجه مسلم (2 / 836) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٢)</span><hr/></div>الْفِدْيَةِ عَلَى مَنْ لَمْ يَقْطَعِ الْخُفَّيْنِ، إِذَا لَبِسَهُمَا عِنْدَ عَدَمِ النَّعْلَيْنِ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْل عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه: قَطْعُ الْخُفَّيْنِ فَسَادٌ، يَلْبَسُهُمَا كَمَا هُمَا.</p>وَقَالُوا إِنَّهُ مَلْبُوسٌ أُبِيحَ لِعَدَمِ غَيْرِهِ، فَأَشْبَهَ السَّرَاوِيل.</p>وَإِنْ قَطَعَهُ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ حَالَةِ الْحَظْرِ، فَإِنَّ لُبْسَ الْمَقْطُوعِ مُحَرَّمٌ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى النَّعْلَيْنِ كَلُبْسِ الصَّحِيحِ.</p>وَإِنَّ فِي الْقَطْعِ إِتْلَافَ الْمَال وَإِضَاعَتَهُ (1)، وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ إِضَاعَةِ الْمَال (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌لُبْسُ الْخُفَّيْنِ مَقْطُوعَيْنِ مَعَ وُجُودِ النَّعْلَيْنِ</span></p><font color=#ff0000>54 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَى مَنْ لَبِسَ الْخُفَّيْنِ مَقْطُوعَيْنِ مَعَ وُجُودِ النَّعْلَيْنِ عَلَى قَوْلَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>وُجُوبُ الْفِدْيَةِ بِلُبْسِ الْمَقْطُوعِ مَعَ وُجُودِ النَّعْل.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَبِهِ قَال أَبُو ثَوْرٍ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 3 / 301.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال ". أخرجه البخاري (فتح الباري 11 / 306) ومسلم (3 / 1314) من حديث المغيرة بن شعبة.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بداية المجتهد 1 / 279، 318، والمغني 3 / 302، 303، والمجموع 7 / 249، 250، وفتح العزيز مع المجموع 7 / 453، والمغني 3 / 302، 303.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٢)</span><hr/></div>وَاسْتَدَلُّوا بِالأَْحَادِيثِ السَّابِقَةِ الْمَرْوِيَّةِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ رضي الله عنهم، فَقَدْ شَرَطَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي إِبَاحَةِ لُبْسِ الْخُفَّيْنِ عَدَمَ النَّعْلَيْنِ، فَدَل هَذَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اللُّبْسُ مَعَ وُجُودِهِمَا.</p>وَقَالُوا: إِنَّهُ مَخِيطٌ لِعُضْوٍ عَلَى قَدْرِهِ، فَوَجَبَتْ عَلَى الْمُحْرِمِ الْفِدْيَةُ بِلُبْسِهِ كَالْقُفَّازَيْنِ، وَلأَِنَّهُ يُتْرِفُهُ بِلُبْسِ الْخُفَّيْنِ فِي دَفْعِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالأَْذَى، فَتَجِبُ بِهِ الْفِدْيَةُ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>عَدَمُ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ بِلُبْسِ الْمَقْطُوعِ مَعَ وُجُودِ النَّعْل.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَبِهِ قَال بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ (2) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ صَارَ كَالنَّعْل بِدَلِيل عَدَمِ جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَيْهِ لأَِنَّهُ بِالْقَطْعِ صَارَ فِي مَعْنَى النَّعْلَيْنِ لأَِنَّهُ لَا يَسْتُرُ الْكَعْبَ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌لُبْسُ الْقُفَّازَيْنِ</span></p><font color=#ff0000>55 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَى الرَّجُل بِلُبْسِ الْقُفَّازَيْنِ.</p>وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي وُجُوبِهَا عَلَى الْمَرْأَةِ إِذَا لَبِسَتِ الْقُفَّازَيْنِ عَلَى قَوْلَيْنِ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع 7 / 250، والمغني 3 / 302.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المبسوط 4 / 127، وفتح القدير 2 / 141 - 142، والمجموع 7 / 250.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح القدير 2 / 141 - 142، والمجموع 7 / 250.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>وُجُوبُ الْفِدْيَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ بِلُبْسِ الْقُفَّازَيْنِ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَبِهِ قَال عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ وَالنَّخَعِيُّ وَإِسْحَاقُ (1) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: لَا تَنْتَقِبُ الْمُحْرِمَةُ، وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ (2) .</p>وَالْحَدِيثُ نَصٌّ فِي تَحْرِيمِ لُبْسِ الْقُفَّازَيْنِ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي حَال إِحْرَامِهَا، وَيَلْزَمُ مِنْهُ وُجُوبُ الْفِدْيَةِ عَلَيْهَا، لأَِنَّهَا لَبِسَتْ مَا نُهِيَتْ عَنْ لُبْسِهِ فِي الإِْحْرَامِ، فَلَزِمَتْهَا الْفِدْيَةُ كَالنِّقَابِ (3) .</p>وَقَالُوا: إِنَّ الْيَدَ عُضْوٌ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ سَتْرُهُ فِي الصَّلَاةِ، فَلَا يَجُوزُ لَهَا سَتْرُهُ فِي الإِْحْرَامِ كَالْوَجْهِ.</p>وَإِنَّ الرَّجُل لَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ كَشْفُ رَأْسِهِ تَعَلَّقَ حُكْمُ إِحْرَامِهِ بِغَيْرِهِ، فَمُنِعَ مِنْ لُبْسِ الْمَخِيطِ فِي سَائِرِ بَدَنِهِ، كَذَلِكَ الْمَرْأَةُ لَمَّا لَزِمَهَا كَشْفُ وَجْهِهَا، يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَلَّقَ حُكْمُ الإِْحْرَامِ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْبَعْضِ، وَهُوَ الْيَدَانِ.</p>وَإِنَّ الإِْحْرَامَ تَعَلَّقَ بِيَدِهَا تَعَلُّقَهُ بِوَجْهِهَا،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بداية المجتهد 1 / 280، 318، والمغني 3 / 329، والمجموع 7 / 269، 454.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: ابن عمر: " لا تنتقب المحرمة. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 52) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 3 / 329، 330.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٣)</span><hr/></div>لأَِنَّ وَاحِدًا مِنْهُمَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>عَدَمُ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ إِذَا لَبِسَتِ الْقُفَّازَيْنِ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وعَائِشَةَ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنهم، وَبِهِ قَال الثَّوْرِيُّ (2) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَال: إِحْرَامُ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا (3) .</p>وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ إِحْرَامَ الْمَرْأَةِ الَّذِي يَجِبُ كَشْفُهُ إِلَاّ لِضَرُورَةٍ هُوَ وَجْهُهَا، وَهَذَا يَدُل عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ بِتَغْطِيَةِ مَا عَدَا الْوَجْهَ لأَِنَّهُ خَصَّ الْوَجْهَ بِالْحُكْمِ، فَدَل عَلَى أَنَّ مَا عَدَاهُ بِخِلَافِهِ.</p>وَبِمَا رُوِيَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يُلْبِسُ بَنَاتَهُ الْقُفَّازَيْنِ وَهُنَّ مُحْرِمَاتٌ.</p>وَقَالُوا: إِنَّهُ عُضْوٌ يَجُوزُ سَتْرُهُ بِغَيْرِ الْمَخِيطِ، فَجَازَ سَتْرُهُ بِهِ كَالرِّجْلَيْنِ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَخْمِيرُ الْمُحْرِمِ وَجْهَهُ</span></p><font color=#ff0000>56 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ إِحْرَامَ الْمَرْأَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع 7 / 454، 455، والمغني 3 / 329.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المبسوط 4 / 128، والمجموع 7 / 269، 454، والمغني 3 / 329، وبداية المجتهد 1 / 280.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " إحرام المرأة في وجهها. . . ". أخرجه الدارقطني (2 / 294) ، وأشار البيهقي في السنن (5 / 47) إلى ترجيح كونه موقوفًا على ابن عمر.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المجموع 7 / 454، والمبسوط 4 / 128، والمغني 3 / 329.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٤)</span><hr/></div>فِي وَجْهِهَا، وَأَنَّ لَهَا أَنْ تُغَطِّيَ رَأْسَهَا وَتَسْتُرَ شَعْرَهَا، كَمَا لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي أَنَّ الرَّجُل الْمُحْرِمَ لَا يُخَمِّرُ رَأْسَهُ.</p>وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَى الرَّجُل الْمُحْرِمِ بِتَخْمِيرِ وَجْهِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>عَدَمُ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ بِتَخْمِيرِ الْوَجْهِ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَجَابِرٍ رضي الله عنهم وَالْقَاسِمِ وَطَاوُسٍ وَالثَّوْرِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ (1) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: إِحْرَامُ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا وَإِحْرَامُ الرَّجُل فِي رَأْسِهِ (2) .</p>وَبِمَا رُوِيَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ آنِفًا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال فِي الرَّجُل الَّذِي وَقَصَهُ بَعِيرُهُ: خَمِّرُوا وَجْهَهُ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ (3) .</p>وَبِمَا رُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رضي الله عنهما وَمَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ كَانُوا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع 7 / 250، 254، 268، 439، 440، والمغني 3 / 325، وبداية المجتهد 1 / 279.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" إحرام المرأة في وجهها وإحرام الرجل في رأسه " سبق تخريجه في (ف 55) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث ابن عباس في الرجل الذي وقصة بعيره تقدم (ف49) ، وتقدم تخريجه.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٤)</span><hr/></div>يُخَمِّرُونَ وُجُوهَهُمْ وَهُمْ حُرُمٌ (1) .</p>وَبِمَا وَرَدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَال: رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ بِالْعَرْجِ وَهُوَ مُحْرِمٌ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ، قَدْ غَطَّى وَجْهَهُ بِقَطِيفَةٍ أُرْجُوَانٍ (2) .</p>يَقُول ابْنُ قُدَامَةَ: فَبِهَذَا عَمِل عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، وَهُوَ قَوْل غَيْرِهِمْ مِمَّنْ سَمَّيْنَا مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ، فَكَانَ إِجْمَاعًا (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>وُجُوبُ الْفِدْيَةِ بِتَخْمِيرِ الْوَجْهِ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ (4) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ رَجُلاً وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ - وَهُوَ مُحْرِمٌ - فَوَقَصَتْهُ، فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ وَلَا وَجْهَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُلَبِّي (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع 7 / 268.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أثر عبد الله بن عامر:" رأيت عثمان بن عفان بالعرج. . . ". أخرجه البيهقي (5 / 54) وصحح إسناده النووي في المجموع (7 / 268) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 3 / 325، وانظر المجموع 7 / 268.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المبسوط 4 / 127، 128، وبداية المجتهد 1 / 279، 325، والمغني 3 / 325.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث: " اغسلوه بماء وسدر. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 64) و (مسلم 2 / 866) واللفظ لمسلم.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٥)</span><hr/></div>فَهُوَ نَصٌّ فِي أَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يُغَطِّي رَأْسَهُ وَلَا وَجْهَهُ، فَمَنْ فَعَل خِلَافَ ذَلِكَ يَكُونُ مُرْتَكِبًا لِمَحْظُورٍ تَجِبُ بِهِ الْفِدْيَةُ (1) .</p>وَرَوَى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ مَا فَوْقَ الذَّقْنِ مِنَ الرَّأْسِ لَا يُخَمِّرُهُ الْمُحْرِمُ (2) .</p>وَقَالُوا: إِنَّ الْمَرْأَةَ يَحْرُمُ عَلَيْهَا تَغْطِيَةُ وَجْهِهَا فِي إِحْرَامِهَا، فَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُل تَغْطِيَةُ رَأْسِهِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌خَامِسًا - كَفَّارَةُ الظِّهَارِ</span></p><font color=#ff0000>57 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْمُسْلِمَ الْحُرَّ إِذَا قَال لاِمْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، يَكُونُ مُظَاهِرًا مِنْهَا، وَيَلْزَمُهُ لِلْعَوْدِ إِلَيْهَا كَفَّارَةُ الظِّهَارِ.</p>كَمَا لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِالظِّهَارِ الْمُعَلَّقِ عَلَى شَرْطٍ إِلَاّ إِذَا تَحَقَّقَ الشَّرْطُ.</p>وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي أَنَّ مَنْ ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ لَهُ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ بِكَلِمَاتٍ يَكُونُ مُظَاهِرًا مِنْهُنَّ جَمِيعًا.</p>وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ فَكَفَّرَ ثُمَّ ظَاهَرَ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 4 / 7.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بداية المجتهد 1 / 279.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 3 / 326.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٥)</span><hr/></div>وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ عَلَى تَوَافُرِ شَرْطِ الْقُدْرَةِ عَلَى أَدَاءِ الْكَفَّارَةِ.</p>وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْمُظَاهِرَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْءُ زَوْجَتِهِ قَبْل التَّكْفِيرِ، وَعَلَى أَنَّ مَنْ جَامَعَ قَبْل التَّكْفِيرِ يَكُونُ آثِمًا وَعَاصِيًا لِمُخَالَفَتِهِ أَمْرَ اللَّهِ عز وجل {مِنْ قَبْل أَنْ يَتَمَاسَّا} .</p>وَاخْتَلَفُوا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ عَلَى تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (ظِهَارٌ ف 8 وَمَا بَعْدَهَا) .</p> </p>‌<span class="title">‌وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ إِذَا ظَاهَرَتْ مِنْ زَوْجِهَا</span></p><font color=#ff0000>58 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ إِذَا ظَاهَرَتْ مِنْ زَوْجِهَا كَأَنْ تَقُول لِزَوْجِهَا: أَنْتَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَبِي، أَوْ تَقُول: إِنْ تَزَوَّجْتُ فُلَانًا فَهُوَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَبِي، وَذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>عَدَمُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهَا لِعَدَمِ صِحَّةِ الظِّهَارِ مِنْهَا.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَبِهِ قَال إِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالثَّوْرِيُّ وَسَالِمٌ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَرَبِيعَةُ وَأَبُو الزِّنَادِ (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 6 / 227، والجامع لأحكام القرآن 17 / 276، وروضة الطالبين 8 / 265، وتفسير الرازي 29 / 253. والمغني 7 / 384.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٦)</span><hr/></div>وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنَ الآْيَةِ: أَنَّ الْخِطَابَ فِيهَا مُوَجَّهٌ لِلرِّجَال، وَلَيْسَ لِلنِّسَاءِ، لأَِنَّ اللَّهَ عز وجل قَال:{وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ} وَلَمْ يَقُل: وَاللَاّئِي تُظَاهِرْنَ مِنْكُمْ مِنْ أَزْوَاجِهِنَّ، فَدَل ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الظِّهَارَ إِنَّمَا هُوَ خَاصٌّ بِالرِّجَال (1) .</p>وَقَالُوا إِنَّ الظِّهَارَ قَوْلٌ يُوجِبُ التَّحْرِيمَ فِي الزَّوْجَةِ، وَيَمْلِكُ الزَّوْجُ رَفْعَهُ، لأَِنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالنِّكَاحِ، فَاخْتَصَّ بِهِ الرَّجُل دُونَ الْمَرْأَةِ، لأَِنَّهَا لَا تَمْلِكُ التَّحْرِيمَ بِالْقَوْل كَالطَّلَاقِ (2) .</p>وَأَضَافُوا إِنَّ الْحَل وَالْعَقْدَ (التَّحْلِيل وَالتَّحْرِيمَ) فِي النِّكَاحِ بِيَدِ الرِّجَال وَلَيْسَ بِيَدِ الْمَرْأَةِ مِنْهُ شَيْءٌ، فَهُوَ حَقٌّ لِلرَّجُل، فَلَمْ تَمْلِكِ الْمَرْأَةُ إِزَالَتَهُ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>إِنَّهُ لَيْسَ بِظِهَارٍ وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.</p>قَال الْقَاضِي: لَا تَكُونُ مُظَاهِرَةً رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ، وَاخْتُلِفَ عَنْ أَحْمَدَ فِي الْكَفَّارَةِ.</p>فَنَقَل عَنْهُ جَمَاعَةٌ: عَلَيْهَا كَفَّارَةُ الظِّهَارِ لِمَا رَوَى الأَْثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ عَائِشَةَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 7 / 384، والجامع لأحكام القرآن 17 / 276.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 7 / 384، والمبسوط 5 / 227، وتفسير الرازي 29 / 253.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 7 / 384، والجامع لأحكام القرآن 17 / 276.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٦)</span><hr/></div>بِنْتَ طَلْحَةَ قَالَتْ: إِنِّي تَزَوَّجْتُ مُصْعَبَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَهُوَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَبِي، فَسَأَلَتُ أَهْل الْمَدِينَةِ فَرَأَوْا أَنَّ عَلَيْهَا الْكَفَّارَةَ، وَلأَِنَّهَا زَوْجٌ أَتَى بِالْمُنْكَرِ مِنَ الْقَوْل وَالزُّورِ فَلَزِمَهُ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ.</p>وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ أَحْمَدَ: لَيْسَ عَلَيْهَا كَفَّارَةٌ، لأَِنَّهُ قَوْلٌ مُنْكَرٌ وَزُورٌ وَلَيْسَ بِظِهَارٍ، فَلَمْ يُوجِبْ كَفَّارَةً.</p>وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ، عَلَيْهَا كَفَّارَةُ الْيَمِينِ: قَال ابْنُ قُدَامَةَ وَهَذَا أَقْيَسُ عَلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَأَشْبَهُ بِأُصُولِهِ، لأَِنَّهُ لَيْسَ بِظِهَارٍ، وَمُجَرَّدُ الْقَوْل مِنَ الْمُنْكَرِ وَالزُّورِ لَا يُوجِبُ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّالِثُ: </span>إِنَّهُ ظِهَارٌ وَعَلَيْهَا كَفَّارَةُ الظِّهَارِ، وَهَذَا قَوْل أَبِي يُوسُفَ وَالْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ، لأَِنَّ الْمَعْنَى فِي جَانِبِ الرَّجُل تَشْبِيهُ الْمُحَلَّلَةِ بِالْمُحَرَّمَةِ وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ فِي جَانِبِهَا، وَالْحِل مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌سُقُوطُ الْكَفَّارَةِ بِالاِسْتِثْنَاءِ بِالْمَشِيئَةِ:</span></p><font color=#ff0000>59 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي سُقُوطِ الْكَفَّارَةِ بِالاِسْتِثْنَاءِ بِالْمَشِيئَةِ فِي الظِّهَارِ عَلَى قَوْلَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>سُقُوطُ الْكَفَّارَةِ بِالاِسْتِثْنَاءِ بِالْمَشِيئَةِ فِي الظِّهَارِ وَعَدَمِ انْعِقَادِهِ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 7 / 384، والجامع لأحكام القرآن 17 / 276.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 2 / 575، والمبسوط 6 / 227.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٧)</span><hr/></div>وَالْحَنَابِلَةُ، وَبِهِ قَال أَبُو ثَوْرٍ (1) وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال مَنْ حَلَفَ فَاسْتَثْنَى فَإِنْ شَاءَ مَضَى، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ غَيْرَ حِنْثٍ (2) .</p>وَفِي لَفْظٍ: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَال: إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدِ اسْتَثْنَى فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ (3) .</p>وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّهُ يَدُل بِعُمُومِهِ عَلَى أَنَّ قَصْدَ التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ يَمْنَعُ الاِنْعِقَادَ فِي الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الأَْيْمَانِ لأَِنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي عُمُومِ الْحَدِيثِ.</p>وَاسْتَدَلُّوا بِقِيَاسِ الظِّهَارِ عَلَى الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى بِجَامِعِ التَّكْفِيرِ فِي كُلٍّ، وَلَمَّا كَانَتِ الْيَمِينُ بِاللَّهِ تَعَالَى يَصِحُّ الاِسْتِثْنَاءُ فِيهَا وَيُمْنَعُ انْعِقَادُهَا، فَكَذَلِكَ الظِّهَارُ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>عَدَمُ سُقُوطِ الْكَفَّارَةِ بِالاِسْتِثْنَاءِ بِالْمَشِيئَةِ فِي الظِّهَارِ لاِنْعِقَادِهِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ (4) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ الطَّلَاقَ وَالْعِتَاقَ وَالْمَشْيَ وَالصَّدَقَةَ، وَكَذَلِكَ الظِّهَارُ، لَيْسَتْ أَيْمَانًا شَرْعِيَّةً، بَل هِيَ إِلْزَامَاتٌ، بِدَلِيل أَنَّ حُرُوفَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 3 / 232، 235، وإعانة الطالبين 4 / 24، والمغني 7 / 350.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من حلف فاستثنى فإن شاء مضى، وإن شاء ترك غير حنث ". أخرجه النسائي (7 / 12) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" من حلف على يمين فقال. . . ". أخرجه الترمذي (4 / 108) وقال حديث حسن.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حاشية الدسوقي 2 / 129.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٧)</span><hr/></div>الْقَسَمِ لَا تَدْخُل عَلَيْهَا وَأَنَّ الْحَلِفَ بِهَا مَمْنُوعٌ، فَلَوْ قَال: يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. لَزِمَهُ وَلَا اعْتِبَارَ لِمَشِيئَتِهِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌سُقُوطُ الْكَفَّارَةِ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ فِي الظِّهَارِ الْمُؤَقَّتِ</span></p><font color=#ff0000>60 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي سُقُوطِ الْكَفَّارَةِ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ فِي الظِّهَارِ الْمُؤَقَّتِ كَأَنْ يَقُول الزَّوْجُ: أَنْتَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي شَهْرًا، أَوْ حَتَّى يَنْسَلِخَ الشَّهْرُ أَوْ شَهْرُ رَمَضَانَ عَلَى تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي (ظِهَارٌ ف 6) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَعَدُّدُ الْكَفَّارَةِ بِتَعَدُّدِ الظِّهَارِ</span></p>اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ مِرَارًا وَلَمْ يُكَفِّرْ، وَفِي تَعَدُّدِهَا، عَلَى مَنْ ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ لَهُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ أَوْ بِكَلِمَاتٍ.</p>أ - تَعَدُّدُ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ ظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ مِرَارًا وَلَمْ يُكَفِّرْ</p><font color=#ff0000>61 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ مِرَارًا وَلَمْ يُكَفِّرْ عَلَى قَوْلَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>عَدَمُ تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ مِرَارًا وَلَمْ يُكَفِّرْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المرجع السابق.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٨)</span><hr/></div>كَانَ فِي مَجْلِسٍ أَوْ فِي مَجَالِسَ، نَوَى بِذَلِكَ التَّأْكِيدَ أَوِ الاِسْتِئْنَافَ أَوْ أَطْلَقَ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَبِهِ قَال عَطَاءٌ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَطَاوُسٌ وَالشَّعْبِيُّ وَالزُّهْرِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ 17 وَابْنُ حَامِدٍ وَالْقَاضِي، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ (1) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} .</p>فَفِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى عَدَمِ تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ مِرَارًا، لأَِنَّهَا عَامَّةٌ تَتَنَاوَل مَنْ ظَاهَرَ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَمَنْ ظَاهَرَ مِرَارًا كَثِيرَةً، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ عَلَيْهِ تَحْرِيرَ رَقَبَةٍ فَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ التَّكْفِيرَ الْوَاحِدَ كَافٍ فِي الظِّهَارِ، سَوَاءٌ كَانَ مَرَّةً وَاحِدَةً أَمْ مِرَارًا كَثِيرَةً (2) .</p>كَمَا اسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ قَوْلٌ لَمْ يُؤَثِّرْ تَحْرِيمًا فِي الزَّوْجَةِ، لأَِنَّهَا قَدْ حَرُمَتْ بِالْقَوْل الأَْوَّل، فَلَمْ تَجِبْ بِهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ كَالْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى (3) .</p>وَأَنَّهُ لَفْظٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ كَفَّارَةٌ، فَإِذَا كَرَّرَهُ كَفَاهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الدسوقي 2 / 445، والمغني 7 / 386، وروضة الطالبين 8 / 276.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تفسير الرازي 29 / 360.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 7 / 286.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٨)</span><hr/></div>وَاحِدَةٌ، كَالْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>تَعَدُّدُ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ مِرَارًا وَلَمْ يُكَفِّرْ إِذَا لَمْ يَرِدْ بِهِ التَّأْكِيدُ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَقَتَادَةَ (2) .</p>وَاسْتَدَل هَؤُلَاءِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} .</p>وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنَ الآْيَةِ: أَنَّهَا تُفِيدُ تَعَدُّدَ الْكَفَّارَةِ بِتَعَدُّدِ الظِّهَارِ لأَِنَّهَا تَقْتَضِي كَوْنَ الظِّهَارِ عِلَّةً لإِِيجَابِ الْكَفَّارَةِ، فَإِذَا وُجِدَ الظِّهَارُ الثَّانِي وُجِدَتْ عِلَّةُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ، وَهَذَا الظِّهَارُ الثَّانِي: إِمَّا أَنْ يَكُونَ عِلَّةً لِلْكَفَّارَةِ الأُْولَى، أَوْ لِكَفَّارَةٍ ثَانِيَةٍ وَالأَْوَّل بَاطِلٌ لأَِنَّ الْكَفَّارَةَ الأُْولَى وَجَبَتْ بِالظِّهَارِ الأَْوَّل، فَتَكْوِينُ الْكَائِنِ مُحَالٌ، كَمَا أَنَّ تَأَخُّرَ الْعِلَّةِ عَنِ الْحُكْمِ مُحَالٌ، فَثَبَتَ أَنَّ الظِّهَارَ الثَّانِيَ يُوجِبُ كَفَّارَةً ثَانِيَةً (3) .</p>كَمَا اسْتَدَلُّوا بِقِيَاسِ الظِّهَارِ عَلَى الطَّلَاقِ، فَإِذَا نَوَى الاِسْتِئْنَافَ تَعَلَّقَ بِكُل مَرَّةٍ حُكْمٌ كَالطَّلَاقِ (4) .</p>وَأَنَّ كُل ظِهَارٍ يُوجِبُ تَحْرِيمًا لَا يَرْتَفِعُ إِلَاّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 7 / 286.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المبسوط 5 / 226، والمغني 7 / 386.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تفسير الرازي 29 / 259.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المغني 7 / 386.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٩)</span><hr/></div>بِالْكَفَّارَةِ، فَيَجِبُ فِي كُل ظِهَارٍ كَفَّارَةٌ (1) .</p>وَأَنَّ تَكْرَارَ الظِّهَارِ فِي امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ كَتَكْرَارِ الْيَمِينِ، فَكَمَا يَجِبُ بِاعْتِبَارِ كُل يَمِينٍ كَفَّارَةً، فَكَذَلِكَ يَجِبُ بِاعْتِبَارِ كُل ظِهَارٍ كَفَّارَةً (2) .</p>وَإِنَّمَا اشْتَرَطُوا أَنْ لَا يَقْصِدَ بِهِ التَّأْكِيدَ، لأَِنَّ الإِْنْسَانَ قَدْ يُكَرِّرُ اللَّفْظَ، وَيَقْصِدُ بِهِ التَّغْلِيظَ وَالتَّشْدِيدَ دُونَ إِرَادَةِ التَّجْدِيدِ.</p>وَلأَِنَّ الظِّهَارَ لَا يُوجِبُ نُقْصَانَ الْعَدَدِ فِي الطَّلَاقِ، لأَِنَّهُ لَيْسَ بِطَلَاقٍ وَلَا يُوجِبُ الْبَيْنُونَةَ وَإِنْ طَالَتِ الْمُدَّةُ، كَمَا أَنَّهُ لَا يُوجِبُ زَوَال الْمِلْكِ وَإِنَّمَا يَحْرُمُ الْوَطْءُ قَبْل التَّكْفِيرِ مَعَ قِيَامِ الْمِلْكِ (3) .</p>وَفَصَّل الشَّافِعِيَّةُ فَقَالُوا: لَوْ كَرَّرَ لَفْظَ الظِّهَارِ فِي امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ تَكْرِيرًا مُتَّصِلاً وَقَصَدَ بِهِ تَأْكِيدًا فَظِهَارٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ اسْتِئْنَافًا فَالأَْظْهَرُ الْجَدِيدُ التَّعَدُّدُ، وَإِنْ فَصَل بَيْنَ أَلْفَاظِ الظِّهَارِ الْمُكَرَّرِ وَقَصَدَ بِتَكْرِيرِ الظِّهَارِ اسْتِئْنَافًا فَالأَْظْهَرُ التَّعَدُّدُ وَكَذَا لَوْ قَصَدَ تَأْكِيدًا فَإِنَّهُ لَا يُقْبَل فِي الأَْصَحِّ (4) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ تَعَدُّدُ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ لَهُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ</span></p><font color=#ff0000>62 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ عَلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 3 / 235.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المبسوط 5 / 226.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع 3 / 235.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مغني المحتاج 3 / 358.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٨٩)</span><hr/></div>مَنْ ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ لَهُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ عَلَى قَوْلَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>عَدَمُ تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ لَهُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ قَوْل عَلِيٍّ وَعُمَرَ وَعُرْوَةَ وَطَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وَرَبِيعَةَ وَالأَْوْزَاعِيِّ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ، وَالشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ (1) .</p>وَقَيَّدَ الْمَالِكِيَّةُ عَدَمَ التَّعَدُّدِ بِمَا إِذَا لَمْ يَنْوِ كَفَّارَاتٍ وَإِلَاّ تَعَدَّدَتْ (2) .</p>وَاسْتَدَل هَذَا الْفَرِيقُ بِمَا حُكِيَ مِنْ عُمُومِ قَوْل عُمَرَ وَعَلِيٍّ رضي الله عنهم حَيْثُ قَالَا: إِذَا كَانَ تَحْتَ الرَّجُل أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فَظَاهَرَ مِنْهُنَّ يُجْزِيهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنهم جَمِيعًا - وَرَوَاهُ الأَْثْرَمُ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ رضي الله عنهم وَلَا نَعْرِفُ لَهُمَا فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفًا، فَكَانَ إِجْمَاعًا (3) .</p>وَقَالُوا: إِنَّهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ، فَلَمْ يَجِبْ بِهَا أَكْثَرُ مِنْ كَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ كَالْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الدسوقي 2 / 445، والمغني 7 / 357، وروضة الطالبين 8 / 275.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الخرشي 4 / 108، والدسوقي 2 / 445.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الجامع لأحكام القرآن 17 / 278، المغني 7 / 357.</p><font color=#ff0000>(4)</font> كشاف القناع 5 / 375.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٠)</span><hr/></div>وَإِنَّ الظِّهَارَ كَلِمَةٌ تَجِبُ بِمُخَالَفَتِهَا الْكَفَّارَةُ، فَإِذَا وُجِدَتْ فِي جَمَاعَةٍ أَوْجَبَتْ كَفَّارَةً وَاحِدَةً كَالْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى (1) .</p>وَإِنَّ الظِّهَارَ هَاهُنَا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَالْكَفَّارَةُ الْوَاحِدَةُ تَرْفَعُ حُكْمَهَا وَتَمْحُو إِثْمَهَا، فَلَا يَبْقَى لَهَا حُكْمٌ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>تَعَدُّدُ الْكَفَّارَةِ بِتَعَدُّدِ النِّسْوَةِ اللَاّئِي ظَاهَرَ مِنْهُنَّ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ، وَبِهِ قَال الْحَسَنُ، وَالنَّخَعِيُّ وَالزُّهْرِيُّ وَيَحْيَى الأَْنْصَارِيُّ وَالْحَكَمُ وَالثَّوْرِيُّ (3) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْل أَنْ يَتَمَاسَّا} .</p>وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ هَذِهِ الآْيَةِ أَنَّهَا أَفَادَتْ تَعَدُّدَ الْكَفَّارَةِ بِتَعَدُّدِ اللَّوَاتِي ظَاهَرَ مِنْهُنَّ، لأَِنَّهَا تَقْتَضِي كَوْنَ الظِّهَارِ عِلَّةً لإِِيجَابِ الْكَفَّارَةِ، فَإِذَا وُجِدَ الظِّهَارُ وُجِدَتْ عِلَّةُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ، فَإِذَا ظَاهَرَ مِنْهُنَّ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ لَزِمَهُ كَفَّارَاتٌ بِعَدَدِ اللَّوَاتِي ظَاهَرَ مِنْهُنَّ.</p>وَبَيَانُهُ: أَنَّهُ ظَاهَرَ مِنْ هَذِهِ، فَلَزِمَهُ كَفَّارَةٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 7 / 357.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 7 / 357.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المبسوط 5 / 266، وروضة الطالبين 8 / 275، وتفسير الرازي 29 / 260، والمغني 7 / 357.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٠)</span><hr/></div>بِسَبَبِ هَذَا الظِّهَارِ، وَظَاهَرَ أَيْضًا مِنَ الثَّانِيَةِ، فَالظِّهَارُ الثَّانِي لَا بُدَّ وَأَنْ يُوجِبَ كَفَّارَةً أُخْرَى وَهَكَذَا (1) .</p>وَقَالُوا إِنَّ الظِّهَارَ يُوجِبُ تَحْرِيمًا مُؤَقَّتًا يَرْتَفِعُ بِالْكَفَّارَةِ، فَإِذَا أَضَافَهُ إِلَى مَحَالٍّ مُخْتَلِفَةٍ، يَثْبُتُ فِي كُل مَحِلٍّ حُرْمَةٌ لَا تَرْتَفِعُ إِلَاّ بِالْكَفَّارَةِ كَالتَّطْلِيقَاتِ الثَّلَاثِ لَمَّا كَانَتْ تُوجِبُ حُرْمَةً مُؤَقَّتَةً تَرْتَفِعُ بِزَوْجٍ آخَرَ، فَإِذَا أَوْجَبَهَا فِي أَرْبَعِ نِسْوَةٍ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، تَثْبُتُ فِي حَقِّ كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حُرْمَةٌ لَا تَرْتَفِعُ إِلَاّ بِزَوْجٍ (2) .</p>وَإِنَّ الظِّهَارَ وَإِنْ كَانَ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنَّهَا تَتَنَاوَل كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ عَلَى حِيَالِهَا، فَصَارَ مُظَاهِرًا مِنْ كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، وَالظِّهَارُ لَا يَرْتَفِعُ إِلَاّ بِالْكَفَّارَةِ، فَإِذَا تَعَدَّدَ التَّحْرِيمُ تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ (3) .</p>وَإِنَّهُ وَجَبَ الظِّهَارُ وَالْعَوْدُ فِي حَقِّ كُل امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ عَنْ كُل وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ، كَمَا لَوْ أَفْرَدَهَا بِهِ (4) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ تَعَدُّدُ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ ظَاهَرَ مِنْ نِسَائِهِ بِكَلِمَاتٍ</span></p><font color=#ff0000>63 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ عَلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تفسير الرازي 29 / 260.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المبسوط 5 / 226.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع 3 / 234، 235.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المغني 7 / 357.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩١)</span><hr/></div>مَنْ ظَاهَرَ مِنْ نِسَائِهِ بِكَلِمَاتٍ، كَأَنْ قَال لِكُل وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، عَلَى قَوْلَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>تَعَدُّدُ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ ظَاهَرَ مِنْ نِسَائِهِ بِكَلِمَاتٍ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ.</p>وَبِهِ قَال عُرْوَةُ وَعَطَاءٌ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَالْحَكَمُ وَيَحْيَى الأَْنْصَارِيُّ، وَعَامَّةُ فُقَهَاءِ الأَْمْصَارِ (1) .</p>وَفَصَّل الشَّافِعِيَّةُ فَقَالُوا: لَوْ ظَاهَرَ مِنْ نِسَائِهِ الأَْرْبَعِ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ فَإِنْ لَمْ يُوَالِهَا كَانَ مُظَاهِرًا مِنْهُنَّ لِوُجُودِ لَفْظِ الظِّهَارِ الصَّرِيحِ، فَإِنْ أَمْسَكَهُنَّ زَمَنًا يَسَعُ طَلَاقَهُنَّ فَعَائِدٌ مِنْهُنَّ، وَتَجِبُ عَلَيْهِ أَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ لِوُجُودِ الظِّهَارِ وَالْعَوْدِ فِي حَقِّ كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ.</p>وَإِنْ وَالَاهَا صَارَ بِظِهَارِ الثَّانِيَةِ عَائِدًا فِي الأُْولَى، وَبِظِهَارِ الثَّالِثَةِ عَائِدًا فِي الثَّانِيَةِ وَبِظِهَارِ الرَّابِعَةِ عَائِدًا فِي الثَّالِثَةِ، فَإِنْ فَارَقَ الرَّابِعَةَ عَقِبَ ظِهَارِهَا فَعَلَيْهِ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ، وَإِلَاّ فَأَرْبَعٌ (2) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهَا أَيْمَانٌ مُتَكَرِّرَةٌ عَلَى أَعْيَانٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 5 / 226، وحاشية الدسوقي 3 / 445، والجامع لأحكام القرآن 17 / 278، والمغني 7 / 357، 358، وروضة الطالبين 8 / 275.</p><font color=#ff0000>(2)</font> روضة الطالبين 8 / 275.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩١)</span><hr/></div>مُتَفَرِّقَةٍ فَكَانَ لِكُل وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ كَمَا لَوْ كَفَّرَ ثُمَّ ظَاهَرَ.</p>وَأَنَّهَا أَيْمَانٌ لَا يَحْنَثُ فِي إِحْدَاهَا بِالْحِنْثِ فِي الأُْخْرَى، فَلَا تُكَفِّرُهَا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ كَالأَْصْل.</p>وَأَنَّ الظِّهَارَ مَعْنًى يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ، فَتَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ بِتَعَدُّدِهِ فِي الْمَحَال الْمُخْتَلِفَةِ كَالْقَتْل (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>لَا تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ وَتُجْزِئُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ</p>قَال أَبُو بَكْرٍ: هُوَ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَاخْتَارَهَا، وَقَال: هَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ اتِّبَاعًا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَالْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَرَبِيعَةَ وَقَبِيصَةَ (&# x662 ;) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَمْ تَتَكَرَّرْ بِتَكَرُّرِ سَبَبِهَا كَالْحَدِّ (3) .</p> </p>د -‌<span class="title">‌ تَعَدُّدُ الْكَفَّارَةِ بِالْوَطْءِ قَبْل التَّكْفِيرِ</span></p><font color=#ff0000>64 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ بِالْجِمَاعِ قَبْل التَّكْفِيرِ، وَعَدَمِ تَعَدُّدِهَا عَلَى قَوْلَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>عَدَمُ تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ بِالْجِمَاعِ قَبْل التَّكْفِيرِ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: الْحَنَفِيَّةُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 7 / 358.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 7 / 358.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 7 / 358.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٢)</span><hr/></div>وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَمُوَرِّقٍ الْعِجْلِيِّ وَأَبِي مِجْلَزٍ وَالنَّخَعِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُذَيْنَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَالأَْوْزَاعِيِّ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ (1)</p>وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْل أَنْ يَتَمَاسَّا} .</p>فَهَذِهِ الآْيَةُ قَدْ دَلَّتْ عَلَى تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ بِالْجِمَاعِ قَبْل التَّكْفِيرِ لأَِنَّهَا أَفَادَتْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُظَاهِرِ كَفَّارَةٌ قَبْل الْعَوْدِ، فَإِذَا جَامَعَ قَبْل التَّكْفِيرِ فَقَدْ فَاتَتْ صِفَةُ الْقَبْلِيَّةُ، فَيَبْقَى أَصْل الْوُجُوبِ، وَلأَِنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيهَا عَلَى أَنَّ تَرْكَ تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْجِمَاعِ، يُوجِبُ كَفَّارَةً أُخْرَى (2) .</p>كَمَا اسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلاً ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ فَوَقَعَ عَلَيْهَا قَبْل أَنْ يُكَفِّرَ، فَقَال لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا؟ فَقَال: رَأَيْتُ خَلْخَالَهَا فِي ضَوْءِ الْقَمَرِ، فَقَال لَهُ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم: فَاعْتَزِلْهَا حَتَّى تُكَفِّرَ عَنْكَ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 5 / 225، وفتح القدير 4 / 94، وبداية المجتهد 2 / 98، والجامع لأحكام القرآن 17 / 283، وتفسير الرازي 29 / 260، والمغني 7 / 383.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تفسير الرازي 29 / 260.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" أن رجلا ظاهر من زوجته. . . ". أخرجه أبو داود (2 / 666) والترمذي (3 / 493) من حديث ابن عباس، واللفظ لأبي داود، وقال الترمذي: حديث حسن غريب صحيح.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٢)</span><hr/></div>فَهَذَا الْحَدِيثُ نَصٌّ فِي عَدَمِ تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ بِالْوَطْءِ قَبْل التَّكْفِيرِ، لأَِنَّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ بِاعْتِزَال زَوْجَتِهِ حَتَّى يُكَفِّرَ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِتَكْرَارِ التَّكْفِيرِ لِجِمَاعِهِ زَوْجَتِهِ قَبْل أَنْ يُكَفِّرَ عَنْ ظِهَارِهِ، وَإِنَّمَا أَمَرَهُ أَنْ يُكَفِّرَ تَكْفِيرًا وَاحِدًا (1) ، إِذْ لَوْ كَانَ الْوَاجِبُ مُتَعَدِّدًا لَبَيَّنَهُ لَهُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لأَِنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>تَعَدُّدُ الْكَفَّارَةِ بِالْجِمَاعِ قَبْل التَّكْفِيرِ.</p>وَبِهِ قَال عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَقَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ وَالزُّهْرِيُّ وَقَتَادَةُ وَابْنُ شِهَابٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ (2) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ الْكَفَّارَةَ الأُْولَى لِلظِّهَارِ الَّذِي اقْتَرَنَ بِهِ الْعَوْدُ، وَالثَّانِيَةُ وَجَبَتْ لِلْوَطْءِ الْمُحَرَّمِ، كَالْوَطْءِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ.</p>وَبِأَنَّ الْكَفَّارَةَ تَتَعَدَّدُ عُقُوبَةً لَهُ عَلَى إِقْدَامِهِ عَلَى الْحَرَامِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بداية المجتهد 2 / 98، والمغني 7 / 384.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 7 / 383، والجامع لأحكام القرآن 17 / 283 وتفسير الرازي 29 / 260، وبداية المجتهد 2 / 98.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 7 / 383.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ بِمُجَرَّدِ الظِّهَارِ دُونَ الْعَوْدِ</span></p><font color=#ff0000>65 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِمُجَرَّدِ الظِّهَارِ دُونَ الْعَوْدِ عَلَى قَوْلَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>عَدَمُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ دُونَ الْعَوْدِ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَبِهِ قَال عَطَاءٌ وَالنَّخَعِيُّ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ وَأَبُو عُبَيْدٍ (1) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْل أَنْ يَتَمَاسَّا} .</p>وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنَ الآْيَةِ: أَنَّهَا نَصٌّ فِي مَعْنَى وُجُوبِ تَعَلُّقِ الْكَفَّارَةِ بِالْعَوْدِ، لأَِنَّ الْكَفَّارَةَ وَجَبَتْ فِي الآْيَةِ بِأَمْرَيْنِ هُمَا: ظِهَارٌ وَعَوْدٌ، فَلَا تَثْبُتُ بِأَحَدِهِمَا (2) .</p>وَبِقِيَاسِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ عَلَى كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، فَكَمَا أَنَّ الْكَفَّارَةَ فِي الْيَمِينِ إِنَّمَا تَلْزَمُ بِالْمُخَالَفَةِ أَوْ بِإِرَادَةِ الْمُخَالَفَةِ، فَكَذَلِكَ الأَْمْرُ فِي الظِّهَارِ (3) .</p>وَبِأَنَّ الْكَفَّارَةَ فِي الظِّهَارِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، فَلَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 3 / 237، وحاشية الدسوقي 2 / 446، وروضة الطالبين 8 / 270، والمغني 7 / 351، وبداية المجتهد 2 / 91.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بداية المجتهد 2 / 91، والمغني 7 / 352.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بداية المجتهد 2 / 91.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٣)</span><hr/></div>يَحْنَثُ بِغَيْرِ الْحِنْثِ كَسَائِرِ الأَْيْمَانِ، وَالْحِنْثُ فِيهَا هُوَ الْعَوْدُ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ بِمُجَرَّدِ الظِّهَارِ دُونَ الْعَوْدِ</p>وَبِهِ قَال طَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ وَالشَّعْبِيُّ وَالزُّهْرِيُّ وَقَتَادَةُ (2) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْل أَنْ يَتَمَاسَّا} .</p>وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنَ الآْيَةِ: أَنَّهَا تُفِيدُ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ بِمُجَرَّدِ الظِّهَارِ، لأَِنَّ اللَّهَ عز وجل قَال:{ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} وَالْعَوْدُ: هُوَ الْعَوْدُ بِالظِّهَارِ فِي الإِْسْلَامِ، لأَِنَّ مَعْنَى الآْيَةِ: أَنَّ الظِّهَارَ كَانَ طَلَاقَ الْجَاهِلِيَّةِ، فَنُسِخَ تَحْرِيمُهُ بِالْكَفَّارَةِ (3) .</p>وَقَالُوا: إِنَّ الظِّهَارَ سَبَبٌ لِلْكَفَّارَةِ، وَقَدْ وُجِدَ فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ (4) وَأَنَّهُ مَعْنًى يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ الْعُلْيَا، فَوَجَبَ أَنْ يُوجِبَهَا بِنَفْسِهِ لَا بِمَعْنًى زَائِدٍ، تَشْبِيهًا بِكَفَّارَةِ الْقَتْل وَالْفِطْرِ (5) .</p>وَإِنَّ الْكَفَّارَةَ وَجَبَتْ لِقَوْل الْمُنْكَرِ وَالزُّورِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 7 / 352.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بداية المجتهد 2 / 91، والمغني 7 / 351، وتفسير الرازي 29 / 259.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بداية المجتهد 2 / 92.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المغني 7 / 351.</p><font color=#ff0000>(5)</font> بداية المجتهد 2 / 91.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٤)</span><hr/></div>وَهَذَا يَحْصُل بِمُجَرَّدِ الظِّهَارِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْعَوْدُ الْمُوجِبُ لِلْكَفَّارَةِ</span></p><font color=#ff0000>66 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي بَيَانِ مَعْنَى الْعَوْدِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>الْعَهْدُ: هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَهِيَ الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ الْمَشْهُورَةُ عِنْدَ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَبِهِ قَال الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>الْعَوْدُ هُوَ الْوَطْءُ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ وَطَاوُسٍ وَالزُّهْرِيِّ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ لَكِنَّهَا ضَعِيفَةٌ عِنْدَ أَصْحَابِهِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّالِثُ: </span>الْعَهْدُ: هُوَ أَنْ يُمْسِكَهَا فِي النِّكَاحِ زَمَنًا يُمْكِنُهُ فِيهِ مُفَارَقَتَهَا، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الرَّابِعُ: </span>الْعَوْدُ: هُوَ تَكْرَارُ لَفْظِ الظِّهَارِ وَإِعَادَتُهُ.</p>وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بُكَيْرُ بْنُ الأَْشَجِّ وَأَبُو الْعَالِيَةِ، وَهُوَ قَوْل الْفَرَّاءِ (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني لابن قدامة 7 / 351.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 3 / 236، وحاشية الدسوقي 2 / 447، وبداية المجتهد 2 / 91، والمغني 7 / 353.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تفسير الرازي 29 / 258، والمغني 7 / 352، 353، وحاشية الدسوقي 2 / 447، وبداية المجتهد 2 / 91.</p><font color=#ff0000>(4)</font> روضة الطالبين 8 / 271، وتفسير الرازي 29 / 257.</p><font color=#ff0000>(5)</font> الجامع لأحكام القرآن 17 / 281، وبداية المجتهد 2 / 91، والمغني 7 / 353، وتفسير الرازي 29 / 259.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٤)</span><hr/></div>وَقَدِ اسْتَدَل أَصْحَابُ الْقَوْل الأَْوَّل: بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْل أَنْ يَتَمَاسَّا} .</p>وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنَ الآْيَةِ أَنَّهَا نَصٌّ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عِنْدَ الْعَزْمِ عَلَى الْوَطْءِ، كَأَنَّهُ تَعَالَى قَال: إِذَا عَزَمْتَ عَلَى الْوَطْءِ فَكَفِّرْ قَبْلَهُ (1)، كَمَا قَال سبحانه وتعالى:{إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} .</p>وَقَالُوا: إِنَّهُ قَصَدَ بِالظِّهَارِ تَحْرِيمَهَا، فَالْعَزْمُ. عَلَى وَطْئِهَا عَوْدٌ فِيمَا قَصَدَ.</p>وَإِنَّ الظِّهَارَ تَحْرِيمٌ، فَإِذَا أَرَادَ اسْتِبَاحَتَهَا فَقَدْ رَجَعَ فِي ذَلِكَ التَّحْرِيمِ، فَكَانَ عَائِدًا (2) .</p>وَإِنَّ الْمَفْهُومَ مِنَ الظِّهَارِ هُوَ أَنَّ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ فِيهِ، إِنَّمَا يَكُونُ بِإِرَادَتِهِ الْعَوْدَةَ إِلَى مَا حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ بِالظِّهَارِ، وَهُوَ الْوَطْءُ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْعَوْدَةُ إِمَّا الْوَطْءُ نَفْسُهُ، أَوِ الْعَزْمُ عَلَيْهِ وَإِرَادَتُهُ (3) .</p>وَاسْتَدَل أَصْحَابُ الْقَوْل الثَّانِي: بِأَنَّ الْعَوْدَ فِعْلٌ ضِدُّ قَوْلِهِ، وَمِنْهُ الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ هُوَ الرَّاجِعُ فِي الْمَوْهُوبِ، وَالْعَائِدُ فِي عِدَتِهِ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 3 / 236.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 7 / 353.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بداية المجتهد 2 / 91.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٥)</span><hr/></div>التَّارِكُ لِلْوَفَاءِ بِهَا، وَالْعَائِدُ فِيهَا نَهْيٌ عَنْهُ: فَاعِل الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، قَال تَعَالَى:{ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ} فَالْمُظَاهِرُ مُحَرِّمٌ لِلْوَطْءِ عَلَى نَفْسِهِ، وَمَانِعٌ لَهَا مِنْهُ، فَالْعَوْدُ فِعْلُهُ (1) ، أَيْ فِعْل الْوَطْءِ الَّذِي حَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِظِهَارِهِ.</p>وَبِأَنَّ الظِّهَارَ يَمِينٌ مُكَفِّرَةٌ، فَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ فِيهَا، وَهُوَ فِعْل مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ كَسَائِرِ الأَْيْمَانِ وَإِنَّمَا تَجِبُ بِالْوَطْءِ، لأَِنَّهَا يَمِينٌ تَقْتَضِي تَرْكَ الْوَطْءِ، فَلَا تَجِبُ كَفَّارَتُهَا إِلَاّ بِهِ كَالإِْيلَاءِ (2) .</p>وَاسْتَدَل أَصْحَابُ الْقَوْل الثَّالِثِ: بِأَنَّهُ لَمَّا ظَاهَرَ فَقَدْ قَصَدَ التَّحْرِيمَ، فَإِنْ وَصَل ذَلِكَ بِالطَّلَاقِ، فَقَدْ تَمَّمَ مَا شَرَعَ فِيهِ مِنَ التَّحْرِيمِ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، فَإِذَا سَكَتَ عَنِ الطَّلَاقِ، فَذَلِكَ يَدُل عَلَى أَنَّهُ نَدِمَ عَلَى مَا ابْتَدَأَ بِهِ مِنَ التَّحْرِيمِ، فَحِينَئِذٍ تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ (3) .</p>وَاسْتَدَل أَصْحَابُ الْقَوْل الرَّابِعِ: بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} .</p>وَهَذِهِ الآْيَةُ تَدُل عَلَى أَنَّ الْعَوْدَ هُوَ إِعَادَةُ مَا فَعَلُوهُ، وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَاّ بِالتَّكْرَارِ، لأَِنَّ الْعَوْدَ فِي الشَّيْءِ إِعَادَتُهُ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 7 / 353.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 7 / 354.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تفسير الرازي 29 / 257، ومغني المحتاج 3 / 356.</p><font color=#ff0000>(4)</font> تفسير الرازي 29 / 259، المغني 7 / 353.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٥)</span><hr/></div>وَقَالُوا إِنَّ الَّذِي يُعْقَل مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ فِي الْعَوْدِ إِلَى الشَّيْءِ، إِنَّمَا هُوَ فِعْل مِثْلِهِ مَرَّةً ثَانِيَةً، كَمَا قَال تَعَالَى:{وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} ، كَمَا أَنَّ الْعَوْدَ فِي الْقَوْل عِبَارَةٌ عَنْ تَكْرَارِهِ، قَال تَعَالَى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ} فَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} أَيْ يَرْجِعُونَ إِلَى الْقَوْل الأَْوَّل فَيُكَرِّرُونَهُ.</p>وَقَدِ اتَّفَقَ أَهْل التَّأْوِيل عَلَى أَنَّ عَوْدَهُمْ لِمَا نُهُوا عَنْهُ، هُوَ إِتْيَانُهُمْ مَرَّةً ثَانِيَةً بِمِثْل مَا نُهُوا عَنْهُ، وَمَا فَعَلُوهُ أَوَّل مَرَّةٍ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌شُرُوطُ الْكَفَّارَةِ</span></p>ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ لِلْكَفَّارَةِ شُرُوطًا عَامَّةً وَأُخْرَى خَاصَّةً تَتَعَلَّقُ بِكُل سَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِهَا:</p> </p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: الشُّرُوطُ الْعَامَّةُ فِي الْكَفَّارَاتِ:</span></p>يُشْتَرَطُ فِي الْكَفَّارَاتِ عُمُومًا شُرُوطٌ، مِنْهَا:</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّرْطُ الأَْوَّل: النِّيَّةُ:</span></p><font color=#ff0000>67 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِي الْكَفَّارَةِ لِصِحَّتِهَا وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ: فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَتَا ظِهَارٍ فَأَعْتَقَ رَقَبَتَيْنِ لَا يَنْوِي عَنْ إِحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا جَازَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 3 / 236.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٦)</span><hr/></div>عَنْهُمَا، وَكَذَا إِذَا صَامَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَطْعَمَ مِائَةً وَعِشْرِينَ مِسْكِينًا جَازَ، لأَِنَّ الْجِنْسَ مُتَّحِدٌ فَلَا حَاجَةَ إِلَى نِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَإِنْ أَعْتَقَ عَنْهُمَا رَقَبَةً وَاحِدَةً أَوْ صَامَ شَهْرَيْنِ كَانَ لَهُ أَنْ يَجْعَل ذَلِكَ عَنْ أَيِّهِمَا شَاءَ، وَإِنْ أَعْتَقَ عَنْ ظِهَارٍ وَقَتْلٍ لَمْ يَجُزْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، لأَِنَّ نِيَّةَ التَّعْيِينِ فِي الْجِنْسِ الْمُتَّحِدِ غَيْرُ مُفِيدٍ فَتَلْغُو وَفِي الْجِنْسِ الْمُخْتَلِفِ مُفِيدٌ، وَقَال زُفَرُ لَا يَجْزِيهِ عَنْ أَحَدِهِمَا فِي الْفَصْلَيْنِ (1) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لَوْ أَعْتَقَ رَقَبَتَيْنِ عَنْ كَفَّارَتَيْ ظِهَارٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ فِطْرٍ فِي رَمَضَانَ وَأَشْرَكَ بَيْنَهُمَا فِي كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لَمْ يُجْزِهِ.</p>وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً وَاحِدَةً عَنْ كَفَّارَتَيْنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ صَامَ عَنْهُمَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ حَتَّى يَصُومَ عَنْ كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا شَهْرَيْنِ، وَقَدْ قِيل: إِنَّ ذَلِكَ يَجْزِيهِ.</p>وَلَوْ ظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتَيْنِ لَهُ فَأَعْتَقَ رَقَبَةً عَنْ إِحْدَاهُمَا بِغَيْرِ عَيْنِهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ وَطْءُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَتَّى يُكَفِّرَ كَفَّارَةً أُخْرَى، وَلَوْ عَيَّنَ الْكَفَّارَةَ عَنْ إِحْدَاهُمَا جَازَ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا قَبْل أَنْ يُكَفِّرَ الْكَفَّارَةَ عَنِ الأُْخْرَى، وَلَوْ ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فَأَعْتَقَ عَنْهُنَّ ثَلَاثَ رِقَابٍ، وَصَامَ شَهْرَيْنِ، لَمْ يُجْزِهِ الْعِتْقُ وَلَا الصِّيَامُ، لأَِنَّهُ إِنَّمَا صَامَ عَنْ كُل وَاحِدَةٍ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَإِنْ كَفَّرَ عَنْهُنَّ بِالإِْطْعَامِ جَازَ أَنْ يُطْعِمَ عَنْهُنَّ مِائَتَيْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الهداية وشروحها 4 / 109.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٦)</span><hr/></div>مِسْكِينٍ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَرَّقَ بِخِلَافِ الْعِتْقِ وَالصِّيَامِ، لأَِنَّ صِيَامَ الشَّهْرَيْنِ لَا يُفَرَّقُ وَالإِْطْعَامُ يُفَرَّقُ (1) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْكَفَّارَةِ نِيَّةُ الْكَفَّارَةِ بِأَنْ يَنْوِيَ الْعِتْقَ أَوِ الصَّوْمَ أَوِ الإِْطْعَامَ عَنِ الْكَفَّارَةِ لأَِنَّهَا حَقٌّ مَالِيٌّ يَجِبُ تَطْهِيرًا كَالزَّكَاةِ، وَالأَْعْمَال بِالنِّيَّاتِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهَا بِأَنْ تُقَيَّدَ بِظِهَارٍ أَوْ غَيْرِهِ، كَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِي زَكَاةِ الْمَال تَعْيِينُ الْمَال الْمُزَكَّى بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِبَادَةٌ مَالِيَّةٌ بَل تَكْفِي نِيَّةُ أَصْلِهَا، فَلَوْ أَعْتَقَ رَقَبَتَيْنِ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ وَكَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ قَتْلٍ وَظِهَارٍ أَجْزَأَهُ عَنْهُمَا، وَإِنْ أَعْتَقَ وَاحِدَةً وَقَعَتْ عَنْ إِحْدَاهُمَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ تَعْيِينُهَا فِي النِّيَّةِ كَالصَّلَاةِ لأَِنَّهَا فِي مُعْظَمِ خِصَالِهَا نَازِعَةٌ إِلَى الْغَرَامَاتِ فَاكْتُفِيَ فِيهَا بِأَصْل النِّيَّةِ (2) .</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لَا يُجْزِئُ إِطْعَامٌ وَعِتْقٌ وَصَوْمٌ إِلَاّ بِنِيَّةٍ، بِأَنْ يَنْوِيَهُ عَنِ الْكَفَّارَةِ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا الأَْعْمَال بِالنِّيَّاتِ (3) ، وَلأَِنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى سَبِيل الطُّهْرَةِ فَافْتَقَرَ إِلَى النِّيَّةِ كَالزَّكَاةِ فَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فَنَوَى عَنْ كَفَّارَتَيْنِ أَجْزَأَهُ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ تَعْيِينُ سَبَبِهَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تفسير القرطبي 17 / 285.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 3 / 359.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" إنما الأعمال بالنيات ". أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 9) ومسلم (3 / 1515) من حديث عمر بن الخطاب.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٧)</span><hr/></div>سَوَاءٌ عَلِمَهُ أَوْ جَهِلَهُ، لأَِنَّ النِّيَّةَ تَعَيَّنَتْ لَهَا، وَلأَِنَّهُ نَوَى عَنْ كَفَّارَتِهِ وَلَا مُزَاحِمَ لَهَا فَوَجَبَ تَعْلِيقُ النِّيَّةِ بِهَا، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَاتٌ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ لَمْ يَجِبْ تَعْيِينُ سَبَبِهَا فَلَوْ كَانَ مُظَاهِرًا مِنْ أَرْبَعٍ فَأَعْتَقَ عَبْدًا عَنْ ظِهَارِهِ أَجْزَأَهُ عَنْ إِحْدَاهُنَّ وَحَلَّتْ لَهُ وَاحِدَةٌ مِنْ نِسَائِهِ غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ، لأَِنَّهُ وَاجِبٌ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَأَجْزَأَتْهُ نِيَّةٌ مُطْلَقَةٌ، كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمُ يَوْمَيْنِ مِنْ رَمَضَانَ فَتَخْرُجُ بِقُرْعَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي نَظَائِرِهِ، فَإِنْ كَانَ الظِّهَارُ مِنْ ثَلَاثِ نِسْوَةٍ فَأَعْتَقَ عَنْ ظِهَارِ إِحْدَاهُنَّ وَصَامَ عَنْ ظِهَارِ أُخْرَى لِعَدَمِ مَنْ يُعْتِقُهُ وَمَرِضَ فَأَطْعَمَ ظِهَارَ أُخْرَى أَجْزَأَهُ لِمَا تَقَدَّمَ وَحَل لَهُ الْجَمِيعُ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ وَلَا تَعْيِينٍ، لأَِنَّ التَّكْفِيرَ حَصَل عَنِ الثَّلَاثِ.</p>وَإِنْ كَانَتِ الْكَفَّارَاتُ مِنْ أَجْنَاسٍ كَظِهَارٍ وَقَتْلٍ وَجِمَاعٍ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ وَيَمِينٍ لَمْ يَجِبْ تَعْيِينُ السَّبَبِ أَيْضًا، لأَِنَّهَا عِبَادَةٌ وَاجِبَةٌ فَلَمْ تَفْتَقِرْ صِحَّةُ أَدَائِهَا إِلَى تَعْيِينِ سَبَبِهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ مِنْ جِنْسٍ. وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ مِنْ ظِهَارٍ بِأَنْ قَال لِكُل مِنْ زَوْجَتَيْهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ مِنْ ظِهَارٍ وَقَتْلٍ فَقَال: أَعْتَقْتُ هَذَا عَنْ هَذِهِ الزَّوْجَةِ أَوْ أَعْتَقْتُ هَذَا عَنْ هَذِهِ الزَّوْجَةِ الأُْخْرَى، أَوْ قَال: أَعْتَقْتُ هَذَا عَنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَهَذَا عَنْ كَفَّارَةِ الْقَتْل. أَجْزَأَهُ، أَوْ قَال أَعْتَقْتُ هَذَا عَنْ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٧)</span><hr/></div>إِحْدَى الْكَفَّارَتَيْنِ وَأَعْتَقْتُ هَذَا عَنِ الْكَفَّارَةِ الأُْخْرَى مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ أَجْزَأَهُ لِمَا تَقَدَّمَ، أَوْ أَعْتَقَهُمَا أَيِ الْعَبْدَيْنِ عَنِ الْكَفَّارَتَيْنِ مَعًا أَوْ قَال أَعْتَقْتُ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَيْ مِنَ الْمَعْنَيَيْنِ عَنْهُمَا أَيِ الْكَفَّارَتَيْنِ جَمِيعًا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّرْطُ الثَّانِي: الْقُدْرَةُ:</span></p><font color=#ff0000>68 -</font> يُشْتَرَطُ قُدْرَةُ الْمُكَفِّرِ عَلَى التَّكْفِيرِ، لأَِنَّ إِيجَابَ الْفِعْل عَلَى غَيْرِ الْقَادِرِ مُمْتَنِعٌ.</p>فَإِذَا كَانَتِ الْكَفَّارَةُ مُرَتَّبَةً فَلَا يُجْزِئُهُ الاِنْتِقَال مِنْ خَصْلَةٍ إِلَى مَا بَعْدَهَا حَتَّى يَعْجِزَ عَنِ الأُْولَى، فَمَنْ مَلَكَ رَقَبَةً مَثَلاً لَا يُجْزِئُهُ الاِنْتِقَال عَنِ الْعِتْقِ إِلَى الصِّيَامِ، وَمَنِ اسْتَطَاعَ الصِّيَامَ لَا يُمْكِنُهُ الاِنْتِقَال إِلَى الإِْطْعَامِ وَذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ.</p>وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُعْتَبَرُ الْمُكَفِّرُ فِيهِ قَادِرًا أَوْ عَاجِزًا عَنِ التَّكْفِيرِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ فِي أَظْهَرِ الأَْقْوَال إِلَى أَنَّ الْوَقْتَ الْمُعْتَبَرَ لِلْقُدْرَةِ وَالْيَسَارَ هُوَ وَقْتُ الأَْدَاءِ، قَالُوا: لأَِنَّ الْكَفَّارَةَ عِبَادَةٌ لَهَا بَدَلٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا فَاعْتُبِرَ حَال أَدَائِهَا.</p>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ إِلَى أَنَّ الْوَقْتَ الْمُعْتَبَرَ هُوَ وَقْتُ الْوُجُوبِ، لأَِنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ عَلَى وَجْهِ الطُّهْرَةِ، فَكَانَ الاِعْتِبَارُ بِحَالَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف القناع 5 / 388، 389.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٨)</span><hr/></div>الْوُجُوبِ كَالْحَدِّ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: شُرُوطُ الْكَفَّارَاتِ الْخَاصَّةِ</span></p>تَخْتَلِفُ هَذِهِ الشُّرُوطُ بِاخْتِلَافِ أَسْبَابِهَا وَوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ:</p> </p>‌<span class="title">‌شُرُوطُ وُجُوبِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ:</span></p><font color=#ff0000>69 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْبُلُوغَ وَالْعَقْل وَالاِنْعِقَادَ شُرُوطٌ لِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِالْيَمِينِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ، لأَِنَّ الْقَلَمَ - أَيِ التَّكْلِيفَ - مَرْفُوعٌ عَنْهُمَا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الْمُبْتَلَى حَتَّى يَبْرَأَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَكْبَرَ (2) .</p>كَمَا لَا كَفَّارَةَ عَلَى مَنْ لَغَا فِي يَمِينِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَْيْمَانَ} (3) وَالْمُرَادُ بِالْعَقْدِ الْقَصْدُ.</p>وَاخْتَلَفُوا بَعْدَ ذَلِكَ فِي الإِْسْلَامِ، وَالاِخْتِيَارِ، وَالْعَمْدِ، هَل تُعْتَبَرُ شُرُوطًا لِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ أَمْ لَا؟ وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي (أَيْمَانٌ ف 51 - 54)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 5 / 97، 98، والكافي لابن عبد البر 1 / 454، ومغني المحتاج 3 / 365، وكشاف القناع (5 / 376) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" رفع القلم عن ثلاثة. . . ". أخرجه أبو داود (4 / 558) والحاكم (2 / 59) من حديث عائشة، واللفظ لأبي داود، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة المائدة / 89.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌شُرُوطُ وُجُوبِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ</span></p><font color=#ff0000>70 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْبُلُوغَ وَالْعَقْل شَرْطَانِ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْمُظَاهِرِ، لأَِنَّ عَبَّارَةَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لَغْوٌ فَلَا تَكُونُ مُوجِبَةً لَهَا.</p>وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِهَا عَلَى غَيْرِ الْمُسْلِمِ وَعَلَى الْمُكْرَهِ وَغَيْرِ الْعَامِدِ.</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي (ظِهَارٌ ف 16، 21)</p> </p>‌<span class="title">‌شُرُوطُ وُجُوبِ كَفَّارَةِ الْقَتْل الْخَطَأِ</span></p>مِنَ الشُّرُوطِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ مَا يَلِي:</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ الإِْسْلَامُ</span></p><font color=#ff0000>71 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى اشْتِرَاطِ الإِْسْلَامِ فِي الْقَاتِل لإِِيجَابِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ، لأَِنَّهَا عِبَادَةٌ تَحْتَاجُ إِلَى النِّيَّةِ، وَالْكُفَّارُ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِهَا.</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ فِي إِيجَابِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْقَاتِل، لأَِنَّ الْكَافِرَ مُخَاطَبٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَالْكَفَّارَةُ مِنْ فُرُوعِهَا (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 7 / 297، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 4 / 286، ومغني المحتاج 4 / 107، والمغني 8 / 93، 94.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٩)</span><hr/></div>ب -‌<span class="title">‌ الْبُلُوغُ وَالْعَقْل:</span></p><font color=#ff0000>72 -</font> يَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَدَمَ اشْتِرَاطِ الْبُلُوغِ وَالْعَقْل فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْقَاتِل، فَتَجِبُ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ عِنْدَهُمْ.</p>وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ الْكَفَّارَةَ حَقٌّ مَالِيٌّ فَتَجِبُ فِي مَالِهِمَا، فَيُعْتِقُ الْوَلِيُّ عَنْهُمَا مِنْ مَالِهِمَا وَلَا يَصُومُ بِحَالٍ، وَإِنْ صَامَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ أَجْزَأَهُ.</p>وَلأَِنَّ الْكَفَّارَةَ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ أَيْ جَعَل الشَّيْءَ سَبَبًا، فَالشَّارِعُ جَعَل الْقَتْل سَبَبًا لِتَحْرِيرِ الرَّقَبَةِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ، وَالصَّوْمَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ عِنْدَ الْعَجْزِ وَلَمْ يَجْعَل ذَلِكَ عَلَى الْفَوْرِ، فَالصَّبِيُّ أَهْلٌ لِلصَّوْمِ بِاعْتِبَارِ الْمُسْتَقْبَل.</p>وَقَالُوا: إِنَّ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ لَمْ تَجِبْ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لأَِنَّ سَبَبَهَا قَوْلٌ وَالْقَوْل غَيْرُ مُعْتَبَرٍ مِنْهُمَا، بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْقَتْل فَإِنَّ سَبَبَهَا فِعْلٌ وَهُوَ مُعْتَبَرٌ مِنَ الْجَمِيعِ (1) .</p>وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الْبُلُوغَ وَالْعَقْل شَرْطَانِ لِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِي الْقَتْل، فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى الْقَاتِل الصَّبِيِّ أَوِ الْمَجْنُونِ لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُمَا وَلأَِنَّ الْقَتْل مَعْدُومٌ مِنْهُمَا حَقِيقَةً (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 4 / 286، ومغني المحتاج 4 / 107، والكافي لابن قدامة 4 / 143.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البناية على الهداية 10 / 18، وبدائع الصنائع 7 / 293.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٩٩)</span><hr/></div>ج -‌<span class="title">‌ الاِخْتِيَارُ:</span></p><font color=#ff0000>73 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ هَذَا الشَّرْطِ عَلَى قَوْلَيْنِ:</p>الأَْوَّل: ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْقَاتِل أَنْ يَكُونَ مُخْتَارًا، وَأَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَى الْقَاتِل الْمُكْرَهِ لأَِنَّهُ مَسْلُوبُ الإِْرَادَةِ (1)، وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ (2) ، فَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُل عَلَى نَفْيِ الإِْثْمِ عَنِ الْمُكْرَهِ وَالْمُخْطِئِ، وَنَفْيُ الإِْثْمِ يُوجِبُ نَفْيَ الْكَفَّارَةِ، لأَِنَّهَا شُرِعَتْ لِمَحْوِهِ.</p>الثَّانِي: ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ الاِخْتِيَارُ فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ عِنْدَهُمْ عَلَى الْمُكْرَهِ لأَِنَّهُ بَاشَرَ الْقَتْل، وَلأَِنَّ الْكَفَّارَةَ عِبَادَةٌ وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا (3) .</p> </p>د -‌<span class="title">‌ الْحُرِّيَّةُ فِي الْقَاتِل:</span></p><font color=#ff0000>74 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ الْحُرِّيَّةِ عَلَى قَوْلَيْنِ:</p>الأَْوَّل: يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ اشْتِرَاطَ حُرِّيَّةِ الْقَاتِل لِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ لأَِنَّ الْعَبْدَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المراجع السابقة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان. . . ". أخرجه ابن ماجه (1 / 659) والحاكم (2 / 198) من حديث ابن عباس، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مغني المحتاج 4 / 107، 108.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٠)</span><hr/></div>عِنْدَهُمْ لَيْسَ مِنْ أَهْل الْكَفَّارَةِ، لأَِنَّهُ وَمَا مَلَكَ مِلْكٌ لِسَيِّدِهِ، وَالصَّوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ يُضْعِفُهُ فَيَضُرُّ بِسَيِّدِهِ (1) .</p>الثَّانِي: يَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ حُرِّيَّةُ الْقَاتِل لِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ فَتَجِبُ عِنْدَهُمْ عَلَى الْعَبْدِ كَمَا تَجِبُ عَلَى غَيْرِهِ (2) ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ قَتَل مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} الآْيَةَ (3) ، فَالآْيَةُ عَامَّةٌ لَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَ الأَْحْرَارِ وَالْعَبِيدِ لأَِنَّ " مَنْ " مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ وَلَا تُخَصَّصُ إِلَاّ بِدَلِيلٍ.</p> </p>‌<span class="title">‌شُرُوطُ وُجُوبِ كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ</span></p><font color=#ff0000>75 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الإِْسْلَامَ وَالْبُلُوغَ وَالْعَقْل شُرُوطٌ لِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِسَبَبِ انْتِهَاكِ حُرْمَةِ الصَّوْمِ بِالْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، لأَِنَّ الْكَافِرَ لَا يُعْتَبَرُ صَوْمُهُ شَرْعًا وَالْمَجْنُونُ كَذَلِكَ، أَمَّا الصَّبِيُّ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ يَصِحُّ صَوْمُهُ لَكِنَّهُ لَا يَعْقِل حُرْمَةَ هَذَا الشَّهْرِ (4) .</p>كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ رَمَضَانَ شَرْطٌ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فَلَا تَجِبُ فِي غَيْرِهِ كَقَضَائِهِ أَوْ صَوْمِ النَّذْرِ وَنَحْوِهِ، لأَِنَّ الْكَفَّارَةَ إِنَّمَا وَجَبَتْ لِهَتْكِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الدسوقي 4 / 286، بدائع الصنائع 7 / 297.</p><font color=#ff0000>(2)</font> روضة الطالبين 9 / 380، والكافي لابن قدامة 4 / 143.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة النساء / 92.</p><font color=#ff0000>(4)</font> شرح منح الجليل 1 / 397 ط مكتبة النجاح - ليبيا، ومغني المحتاج 1 / 442، والكافي لابن قدامة 1 / 343.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٠)</span><hr/></div>حُرْمَةِ الشَّهْرِ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْحُرْمَةُ مَوْجُودَةً فِي غَيْرِهِ (1) .</p><font color=#ff0000>76 -</font> وَاخْتَلَفُوا فِي اشْتِرَاطِ الْعَمْدِ وَالاِخْتِيَارِ: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْعَمْدَ وَالاِخْتِيَارَ شَرْطَانِ فِي وُجُوبِهَا، فَلَمْ يُوجِبُوا الْكَفَّارَةَ بِالْجِمَاعِ الْحَادِثِ عَلَى وَجْهِ الإِْكْرَاهِ أَوِ الْخَطَأِ (2) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ: إِلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْعَمْدِ وَالاِخْتِيَارِ لِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِالْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، فَتَجِبُ عِنْدَهُمْ عَلَى مَنْ جَامَعَ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَسْتَفْصِل السَّائِل عَنْ حَالِهِ وَلَوْ كَانَ الْحُكْمُ يَخْتَلِفُ لَاسْتَفْصَلَهُ (3) .</p>وَقَدْ سَبَقَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِ أَسْبَابِ الْكَفَّارَةِ بِالْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ (ف 25 - 27) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يُشْتَرَطُ لإِِجْزَاءِ الْكَفَّارَاتِ</span></p>وَهِيَ الشُّرُوطُ الَّتِي يَجِبُ تَوَافُرُهَا فِي أَفْرَادِ الْكَفَّارَاتِ حَتَّى تَكُونَ مُجْزِئَةً.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 2 / 409 ط مصطفى الحلبي، مواهب الجليل 2 / 433، وروضة الطالبين 2 / 374، والكافي 1 / 356.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البناية شرح الهداية 3 / 300 وما بعدها، وحاشية ابن عابدين 2 / 409، ومواهب الجليل 2 / 431، وشرح منح الجليل 2 / 402، ومغني المحتاج 2 / 443، وروضة الطالبين 2 / 374.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كشاف القناع 2 / 323، والكافي لابن قدامة1 / 356.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الشُّرُوطُ الْخَاصَّةُ بِالإِْطْعَامِ فِي الْكَفَّارَاتِ:</span></p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: مِنْ حَيْثُ الْكَيْفِيَّةُ:</span></p><font color=#ff0000>77 -</font>‌<span class="title">‌ التَّمْلِيكُ: </span>اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ التَّمْلِيكِ فِي الإِْطْعَامِ إِلَى فَرِيقَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْفَرِيقُ الأَْوَّل: </span>وَهُمُ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: يَشْتَرِطُونَ أَنْ يَكُونَ الإِْطْعَامُ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ، كَكُل الْوَاجِبَاتِ الْمَالِيَّةِ فَإِذَا قَدَّمَ الْمُكَفِّرُ الطَّعَامَ إِلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ عَلَى وَجْهِ الإِْبَاحَةِ لَمْ يُجْزِئْهُ.</p>وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ التَّكْفِيرَ وَاجِبٌ مَالِيٌّ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْقَدْرِ لِيَتَمَكَّنَ الْفَقِيرُ مِنْ أَخْذِهِ، وَالْقَوْل بِالإِْبَاحَةِ وَالتَّمْكِينِ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ، حَيْثُ إِنَّ الْفَقِيرَ قَدْ يَأْخُذُ حَقَّهُ كَامِلاً وَقَدْ لَا يَأْخُذُهُ لَا سِيَّمَا وَأَنَّ كُل مِسْكِينٍ يَخْتَلِفُ عَنِ الآْخَرِ صِغَرًا وَكِبَرًا، جُوعًا وَشِبَعًا.</p>وَأَنَّ الطَّعَامَ عَلَى سَبِيل الإِْبَاحَةِ يَهْلِكُ عَلَى مِلْكِ الْمُكَفِّرِ وَلَا كَفَّارَةَ بِمَا هَلَكَ فِي مِلْكِهِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْفَرِيقُ الثَّانِي: </span>وَهُمُ الْحَنَفِيَّةُ: لَا يَشْتَرِطُونَ تَمْلِيكَ الطَّعَامِ فِي الْكَفَّارَاتِ، بَل الشَّرْطُ هُوَ التَّمْكِينُ، فَيَكْفِي عِنْدَهُمْ دَعْوَةُ الْمَسَاكِينِ إِلَى قُوتِ يَوْمٍ - غَدَاءً وَعَشَاءً - فَإِذَا حَضَرُوا وَتَغَدَّوْا وَتَعَشَّوْا كَانَ ذَلِك مُجْزِئًا (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الكبير بهامش الدسوقي 2 / 132، وحاشية القليوبي 4 / 274، والمغني 8 / 734 وما بعدها.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تبيين الحقائق 3 / 11، والمبسوط 8 / 151 - ط. دار المعرفة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠١)</span><hr/></div>وَاسْتَدَلُّوا. بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} (1) وَالإِْطْعَامُ فِي اللُّغَةِ: اسْمٌ لِلتَّمْكِينِ مِنَ الطَّعَامِ لَا أَنْ يَمْتَلِكَهُ، وَالْمَسْكَنَةُ: الْحَاجَةُ، فَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى أَكْل الطَّعَامِ دُونَ تَمَلُّكِهِ.</p>وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى:{مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} (2)، وَالإِْطْعَامُ لِلأَْهْل يَكُونُ عَلَى سَبِيل الإِْبَاحَةِ لَا عَلَى سَبِيل التَّمَلُّكِ.</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: مِنْ حَيْثُ الْمِقْدَارُ:</span></p><font color=#ff0000>78 -</font> ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يُعْطَى كُل مِسْكِينٍ مُدًّا وَاحِدًا مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ، وَلَا يَجُوزُ إِخْرَاجُ قِيمَةِ الطَّعَامِ عَمَلاً بِنَصِّ الآْيَةِ {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} .</p>وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُنْقِصَ الْحِصَصَ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى عِشْرِينَ مِسْكِينًا عَشْرَةَ أَمْدَادٍ لِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ نِصْفُ مُدٍّ إِلَاّ أَنْ يُكْمِل لِعَشَرَةٍ مِنْهُمْ مَا نَقَصَ.</p>كَمَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الإِْطْعَامُ لِلْعَشَرَةِ فَلَا يَصِحُّ التَّلْفِيقُ، فَلَوْ أَطْعَمَ خَمْسَةً وَكَسَا خَمْسَةً لَا يُجْزِئُ.</p>وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يُعْطِيَ الْمُدَّ لِكُل وَاحِدٍ مِنَ الْعَشَرَةِ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ، وَلَا يُجْزِئُ عِنْدَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة المائدة / 89.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة المائدة / 89.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٢)</span><hr/></div>الْمَالِكِيَّةِ تَكَرُّرُ الإِْعْطَاءِ لِوَاحِدٍ، فَلَوْ أَطْعَمَ وَاحِدًا عَشْرَةَ أَمْدَادٍ فِي عَشْرَةِ أَيَّامٍ لَا يُجْزِئُهُ (1) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يُعْطَى لِكُل مِسْكِينٍ مُدَّانِ أَيْ نِصْفُ صَاعٍ (2) مِنَ الْقَمْحِ أَوْ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ قِيمَةُ ذَلِكَ مِنَ النُّقُودِ أَوْ مِنْ عُرُوضِ التِّجَارَةِ، لأَِنَّ الْمَقْصُودَ دَفْعُ الْحَاجَةِ، وَذَلِكَ يُمْكِنُ تَحَقُّقُهُ بِالْقِيمَةِ.</p>أَمَّا مِقْدَارُ طَعَامِ الإِْبَاحَةِ عِنْدَهُمْ: فَأَكْلَتَانِ مُشْبِعَتَانِ، أَيْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُغَدِّيَ كُل مِسْكِينٍ وَيُعَشِّيَهُ، وَكَذَلِكَ إِذَا عَشَّاهُمْ وَسَحَّرَهُمْ، أَوْ غَدَّاهُمْ غَدَاءَيْنِ وَنَحْوَ ذَلِكَ، لأَِنَّهُمَا أَكْلَتَانِ مَقْصُودَتَانِ.</p>أَمَّا إِذَا غَدَّى وَاحِدًا، وَعَشَّى وَاحِدًا آخَرَ لَمْ يَصِحَّ، لأَِنَّهُ يَكُونُ قَدْ فَرَّقَ طَعَامَ الْعَشْرَةِ عَلَى عِشْرِينَ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ.</p>كَذَلِكَ يَشْتَرِطُونَ أَنْ لَا يُعْطِيَ الْكَفَّارَةَ كُلَّهَا لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ دُفْعَةً وَاحِدَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً عَلَى عَشْرِ مَرَّاتٍ.</p>أَمَّا لَوْ أَطْعَمَ مِسْكِينًا وَاحِدًا عَشْرَةَ أَيَّامٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الدسوقي 2 / 132، والقوانين الفقهية ص 163، ومغني المحتاج 4 / 327، وحاشية القليوبي وعميرة 4 / 275، والمغني 8 / 736، والعدة شرح العمدة 483.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الصاع: أربعة أمداد. والمد: رطل وثلث بالرطل العراقي، والرطل العراقي (130 درهمًا) ، ويقدر بالكيل بثلث قدح مصري. يراجع مختار الصحاح ص 373 مادة " صوع "، مادة " مدد ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٢)</span><hr/></div>غَدَاءً وَعَشَاءً، أَوْ أَعْطَى مِسْكِينًا وَاحِدًا عَشْرَةَ أَيَّامٍ كُل يَوْمٍ نِصْفَ صَاعٍ جَازَ لأَِنَّ تَجَدُّدَ الْحَاجَةِ كُل يَوْمٍ يَجْعَلُهُ كَمِسْكِينٍ آخَرَ فَكَأَنَّهُ صَرَفَ الْقِيمَةَ لِعَشَرَةِ مَسَاكِينَ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَالِثًا: مِنْ حَيْثُ الْجِنْسُ:</span></p><font color=#ff0000>79 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمُجْزِئَ فِي الإِْطْعَامِ هُوَ الْبُرُّ، أَوِ الشَّعِيرُ، أَوِ التَّمْرُ، دَقِيقُ كُل وَاحِدٍ كَأَصْلِهِ كَيْلاً أَيْ نِصْفُ صَاعٍ فِي دَقِيقِ الْبُرِّ وَصَاعٌ فِي دَقِيقِ الشَّعِيرِ، وَقِيل: الْمُعْتَبَرُ فِي الدَّقِيقِ الْقِيمَةُ، لَا الْكَيْل، وَيَجُوزُ إِخْرَاجُ الْقِيمَةِ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الأَْصْنَافِ (2) .</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الإِْطْعَامَ يَكُونُ مِنَ الْقَمْحِ إِنِ اقْتَاتُوهُ، فَلَا يُجْزِئُ غَيْرُهُ مِنْ شَعِيرٍ أَوْ ذُرَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، فَإِنِ اقْتَاتُوا غَيْرَ الْقَمْحِ فَمَا يَعْدِلُهُ شِبَعًا لَا كَيْلاً (3) .</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الإِْطْعَامَ يَكُونُ مِنَ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ، لأَِنَّ الأَْبْدَانَ تَقُومُ بِهَا، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ (4) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى اشْتِرَاطِ أَنْ يَكُونَ الإِْطْعَامُ مِنَ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ، وَدَقِيقِهِمَا وَالتَّمْرِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 8 / 149 وما بعدها، وبدائع الصنائع 5 / 101 وما بعدها، وتحفة الفقهاء 2 / 506.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 3 / 478، 479.</p><font color=#ff0000>(3)</font> القوانين الفقهية ص 241، وحاشية الدسوقي 2 / 454.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مغني المحتاج 3 / 366، 367.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٣)</span><hr/></div>وَالزَّبِيبِ وَلَا يُجْزِئُ غَيْرُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ قُوتَ بَلَدِهِ إِلَاّ إِذَا عُدِمَتْ تِلْكَ الأَْقْوَاتُ (1) .</p>وَلَا يَجُوزُ إِخْرَاجُ الْقِيمَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ غَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ عَمَلاً بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} (2) وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌رَابِعًا: الْمُسْتَحِقُّ لِلإِْطْعَامِ:</span></p><font color=#ff0000>80 -</font> اشْتَرَطَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمَحَل الْمُنْصَرَفِ إِلَيْهِ الطَّعَامُ شُرُوطًا مِنْهَا:</p>أ - أَنْ لَا يَكُونَ مَنْ تُصْرَفُ إِلَيْهِ الْكَفَّارَةُ مِمَّنْ يَلْزَمُ الْمُكَفِّرَ نَفَقَتُهُ، كَالأُْصُول وَالْفُرُوعِ، لأَِنَّ الْقَصْدَ إِشْعَارُ الْمُكَفِّرِ بِأَلَمٍ حِينَ يُخْرِجُ جُزْءًا مِنْ مَالِهِ كَفَّارَةً عَنِ الذَّنْبِ الَّذِي ارْتَكَبَهُ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَتَحَقَّقُ إِذَا أَطْعَمَ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ.</p>ب - أَنْ يَكُونُوا مُسْلِمِينَ، فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ إِطْعَامُ الْكَافِرِ مِنَ الْكَفَّارَاتِ ذِمِّيًّا كَانَ أَوْ حَرْبِيًّا، وَأَجَازَ أَبُو حَنِيفَةَ - وَمُحَمَّدٌ إِعْطَاءَ فُقَرَاءِ أَهْل الذِّمَّةِ مِنَ الْكَفَّارَاتِ، لِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى:{فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} (4) ، مِنْ غَيْرِ تَفْرِقَةٍ بَيْنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف القناع 5 / 466.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة المائدة / 89.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة المجادلة / 4.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة المائدة / 89.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٣)</span><hr/></div>الْمُؤْمِنِ وَغَيْرِهِ.</p>ج - أَنْ لَا يَكُونَ هَاشِمِيًّا، لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَل لَهُمْ مَا يَكْفِيهِمْ مِنْ خُمُسِ الْغَنَائِمِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يُشْتَرَطُ فِي التَّكْفِيرِ بِالْكِسْوَةِ:</span></p><font color=#ff0000>81 -</font> اشْتَرَطَ الْفُقَهَاءُ لِلتَّكْفِيرِ بِالْكِسْوَةِ شُرُوطًا مُجْمَلُهَا - عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي بَعْضِهَا - مَا يَلِي: أ - أَنْ تَكُونَ الْكِسْوَةُ عَلَى سَبِيل التَّمْلِيكِ.</p>ب - أَنْ تَكُونَ الْكِسْوَةُ بِحَيْثُ يُمْكِنُ الاِنْتِفَاعُ بِهَا، فَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ قَدِيمًا أَوْ جَدِيدًا رَقِيقًا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ.</p>ج - أَنْ تَكُونَ مِمَّا يُسَمَّى كِسْوَةً، فَتُجْزِئُ الْمُلَاءَةُ وَالْجُبَّةُ وَالْقَمِيصُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَلَا تُجْزِئُ الْعِمَامَةُ وَلَا السَّرَاوِيل عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَكَذَلِكَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، لأَِنَّ لَابِسَهَا لَا يُسَمَّى مُكْتَسِيًا عُرْفًا بَل يُسَمَّى عُرْيَانًا خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ الَّذِينَ أَجَازُوا الْكِسْوَةَ بِالْعِمَامَةِ وَالسَّرَاوِيل، لأَِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ الْكِسْوَةِ.</p>د - أَنْ يُعْطَى لِلْمَرْأَةِ ثَوْبًا سَاتِرًا وَخِمَارًا يُجْزِئُهَا أَنْ تُصَلِّيَ فِيهِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 8 / 150 وما بعدها، وحاشية الدسوقي 2 / 454، ونهاية المحتاج 7 / 102، والمغني 7 / 375.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المبسوط 8 / 153، والشرح الكبير بهامش الدسوقي 2 / 132، والقليوبي وعميرة 4 / 274، والمغني 8 / 743.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌مَا يُشْتَرَطُ فِي التَّكْفِيرِ بِالصَّوْمِ:</span></p><font color=#ff0000>82 -</font> اشْتَرَطَ الْفُقَهَاءُ لِجَوَازِ الصِّيَامِ فِي الْكَفَّارَاتِ مَا يَلِي:</p>أ - النِّيَّةُ: فَلَا يَجُوزُ صَوْمُ الْكَفَّارَةِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ مِنَ اللَّيْل لأَِنَّهُ صَوْمٌ وَاجِبٌ.</p>ب - التَّتَابُعُ فِي صَوْمِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْقَتْل وَجِمَاعِ نَهَارِ رَمَضَانَ فَإِنْ قَطَعَ التَّتَابُعَ وَلَوْ فِي الْيَوْمِ الأَْخِيرِ وَجَبَ الاِسْتِئْنَافُ.</p>وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يَنْقَطِعُ بِهِ التَّتَابُعُ.</p>وَالتَّفْصِيل فِي (تَتَابُعٌ ف 3، 9 - 17) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يُشْتَرَطُ فِي التَّكْفِيرِ بِالإِْعْتَاقِ:</span></p><font color=#ff0000>83 -</font> اشْتَرَطَ الْفُقَهَاءُ فِي الرَّقَبَةِ الْمُجْزِئَةِ فِي الْكَفَّارَةِ مَا يَلِي:</p>أ - أَنْ تَكُونَ مَمْلُوكَةً مِلْكًا كَامِلاً لِلْمُعْتِقِ، فَلَا يَجُوزُ إِعْتَاقُ عَبْدٍ مَمْلُوكٍ لِلْغَيْرِ، كَمَا لَا يَجُوزُ لِلْمُكَفِّرِ أَنْ يَعْتِقَ نِصْفَ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ.</p>ب - أَنْ تَكُونَ الرَّقَبَةُ كَامِلَةَ الرِّقِّ، فَلَا يَجُوزُ إِعْتَاقُ الْمُدَبَّرِ، لأَِنَّهُ سَيُصْبِحُ حُرًّا بَعْدَ وَفَاةِ سَيِّدِهِ، وَكَذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ.</p>أَمَّا الْمُكَاتِبُ فَيَجُوزُ التَّكْفِيرُ بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.</p>ج - أَنْ تَكُونَ الرَّقَبَةُ سَلِيمَةً مِنَ الْعُيُوبِ الْمُخِلَّةِ بِالْعَمَل وَالْكَسْبِ، فَلَا يَجُوزُ إِعْتَاقُ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٤)</span><hr/></div>مَقْطُوعِ الْيَدَيْنِ أَوِ الرِّجْلَيْنِ أَوْ أَشَلِّهِمَا إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ.</p>د - أَنْ تَكُونَ الرَّقَبَةُ مُؤْمِنَةً، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ حَيْثُ يَرَوْنَ جَوَازَ إِعْتَاقِ الرَّقَبَةِ الْكَافِرَةِ فِي غَيْرِ كَفَّارَةِ الْقَتْل (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌خِصَال الْكَفَّارَةِ:</span></p><font color=#ff0000>84 -</font> خِصَال الْكَفَّارَةِ فِي الْجُمْلَةِ هِيَ: الْعِتْقُ وَالصِّيَامُ وَالإِْطْعَامُ وَالْكِسْوَةُ (2) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ كُلًّا مِنْ كَفَّارَةِ الصَّوْمِ وَالظِّهَارِ وَالْقَتْل مُرَتَّبَةٌ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً فَعَلَى الْمُكَفِّرِ أَنْ يَعْتِقَ رَقَبَةً إِذَا اسْتَطَاعَ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ بِأَنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ ذَلِكَ حِسًّا كَأَنْ يَكُونَ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ، أَوْ شَرْعًا كَأَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ثَمَنِهَا زَائِدًا عَلَى مَا يَفِي بِمُؤَنِهِ فَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فَإِنْ عَجَزَ الْمُظَاهِرُ أَوِ الْمُجَامِعُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ عَنِ الصَّوْمِ لِهَرَمٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ خَافَ مِنَ الصَّوْمِ زِيَادَةَ مَرَضٍ فَعَلَيْهِ إِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 3 / 7، والمبسوط 8 / 144، ومراقي الفلاح ص 366، وبداية المجتهد 2 / 285، والقوانين الفقهية ص 241، ومغني المحتاج 1 / 441، والمهذب مع المجموع 8 / 743، وكشاف القناع 5 / 379 وما بعدها.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 2 / 99 و5 / 95 وما بعدها، والمدونة 1 / 218، ومغني المحتاج 1 / 442 وما بعدها، والمغني لابن قدامة 3 / 127 وما بعدها، وكشاف القناع 2 / 327.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٥)</span><hr/></div>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ كَفَّارَةَ إِفْسَادِ الصَّوْمِ عَلَى التَّخْيِيرِ وَأَنَّ أَفْضَل خِصَالِهَا الإِْطْعَامُ لِكَثْرَةِ تَعَدِّي نَفْعِهِ.</p>وَأَمَّا كَفَّارَتَا الظِّهَارِ وَالْقَتْل فَهُمَا مُرَتَّبَتَانِ (1) .</p>فَإِنْ عَجَزَ عَنِ الْجَمِيعِ اسْتَقَرَّتْ فِي ذِمَّتِهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ لأَِحْمَدَ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِكَفَّارَةِ الصَّوْمِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْكَفَّارَاتِ فَتَسْتَقِرُّ عِنْدَهُمْ.</p>وَفِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ لأَِحْمَدَ، وَمُقَابِل الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَسْقُطُ عَنْهُ بِالْعَجْزِ عَنِ الأُْمُورِ الثَّلَاثَةِ كَزَكَاةِ الْفِطْرِ بِدَلِيل أَنَّ الأَْعْرَابِيَّ لَمْ يَأْمُرْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَفَّارَةٍ أُخْرَى لَمَّا دَفَعَ إِلَيْهِ التَّمْرَ (2) .</p>أَمَّا كَفَّارَةُ الْقَتْل فَلَيْسَ فِيهَا إِطْعَامٌ بَل هِيَ عِتْقُ رَقَبَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ لِلآْيَةِ الْكَرِيمَةِ.</p>وَقَال الْفُقَهَاءُ: إِنَّ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ عَلَى التَّخْيِيرِ ابْتِدَاءً وَمُرَتَّبَةٌ انْتِهَاءً فَيَخْتَارُ فِي أَوَّلِهَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جواهر الإكليل 1 / 150 - 151، والقوانين الفقهية ص 121، وأحكام القرآن للجصاص 2 / 245 وما بعدها.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 2 / 99، 5 / 95 - 96، 112، والقوانين الفقهية 120 - 122، ومغني المحتاج 1 / 444 - 445، 3 / 367، والمغني 3 / 129 - 132.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٥)</span><hr/></div>بَيْنَ إِطْعَامِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ أَوْ كِسْوَتِهِمْ أَوْ تَحْرِيرِ رَقَبَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَيْهِ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (1)، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} (2) .</p>وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِي الْعِتْقِ إِلَاّ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ سَالِمَةٍ مِنَ الْعُيُوبِ الْمُضِرَّةِ بِالْعَمَل وَذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْكَفَّارَاتِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي كَفَّارَةِ الْقَتْل:{وَمَنْ قَتَل مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} (3) وَمَا عَدَا كَفَّارَةِ الْقَتْل فَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهَا، وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْتِقَ أَمَةً. أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ (4) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُجْزِئُ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُؤْمِنَةٍ إِلَاّ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْل لإِِطْلَاقِ النُّصُوصِ فِي غَيْرِ الْقَتْل، وَلاِمْتِنَاعِ جَوَازِ قِيَاسِ الْمَنْصُوصِ بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ، وَلأَِنَّ فِي ذَلِكَ إِيجَابَ زِيَادَةٍ فِي النَّصِّ وَهُوَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أحكام القرآن للجصاص 2 / 453، وأحكام القرآن لابن العربي 2 / 158 وما بعدها، ومغني المحتاج 4 / 327، والمغني لابن قدامة 8 / 734.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة المائدة / 89.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة النساء / 92.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث:" أعتقها فإنها مؤمنة ". أخرجه مسلم (1 / 382) من حديث معاوية بن الحكم السلمي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٦)</span><hr/></div>يُوجِبُ النَّسْخَ عِنْدَهُمْ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌كَفَنٌ</span></p>.</p>انْظُرْ: تَكْفِينٌ</p> </p>‌<span class="title">‌كَفِيلٌ</span></p> </p>. انْظُرْ: كَفَالَة.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أحكام القرآن للجصاص 3 / 425، وحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 316، وجواهر الإكليل 1 / 151، ومغني المحتاج 3 / 360، 1 / 444، والمغني 7 / 359، 3 / 127، وكشاف القناع 2 / 323، 5 / 379 وما بعدها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌كَلأٌَ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> يُطْلَقُ الْكَلأَُ فِي اللُّغَةِ عَلَى مَعَانٍ مِنْهَا:</p>الْعُشْبُ رَطْبًا كَانَ أَمْ يَابِسًا، وَالْجَمْعُ أَكْلَاءٌ مِثْل سَبَبٍ وَأَسْبَابٍ، يُقَال: مَكَانٌ مُكْلِئٌ: فِيهِ كَلأٌَ (1) .</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ قَال الْكَاسَانِيُّ: الْكَلأَُ حَشِيشٌ يَنْبُتُ مِنْ غَيْرِ صُنْعِ الْعَبْدِ (2) .</p>وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ: هُوَ مَا يَنْبَسِطُ وَيَنْتَشِرُ وَلَا سَاقَ لَهُ كَالإِْذْخِرِ وَنَحْوِهِ (3)، وَقَال الدَّرْدِيرُ: الْكَلأَُ: الْعُشْبُ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌حُكْمُ الاِنْتِفَاعِ بِالْكَلأَِ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ مَا نَبَتَ مِنَ الْكَلأَِ فِي الأَْمَاكِنِ الْمُبَاحَةِ كَالأَْوْدِيَةِ، وَالْجِبَال وَالأَْرَاضِي الَّتِي لَا مَالِكَ لَهَا مُشْتَرَكٌ بَيْنَ النَّاسِ، وَلَا يُمْنَعُ أَحَدٌ مِنْ أَخْذِ كَلَئِهَا وَلَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، والمصباح المنير، وسبل السلام 3 / 86.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 6 / 193.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية ابن عابدين 5 / 283.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الشرح الكبير 4 / 70 هامش حاشية الدسوقي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٧)</span><hr/></div>رَعْيِ مَاشِيَتِهِ فِيهَا (1)، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: الْمَاءِ، وَالنَّارِ، وَالْكَلأَِ (2) .</p>وَقَال عليه الصلاة والسلام: ثَلَاثٌ لَا يُمْنَعْنَ: الْمَاءُ وَالْكَلأَُ وَالنَّارُ (3) .</p>وَالْحَدِيثَانِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّاسَ شُرَكَاءُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثِ، وَهُوَ إِجْمَاعٌ فِي الْكَلأَِ النَّابِتِ فِي أَرْضٍ مُبَاحَةٍ لَا مَالِكَ لَهَا، وَفِي الْجِبَال وَالأَْوْدِيَةِ، وَعَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لأَِحَدٍ مِنْ عَامَّةِ النَّاسِ أَنْ يَحْمِيَهُ لِنَفْسِهِ، وَيَمْنَعَ غَيْرَهُ مِنْ أَخْذِهِ أَوْ رَعْيِ مَاشِيَتِهِ (4)، أَمَّا النَّابِتُ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ أَوْ مُحَجَّرَةٍ فَفِي جَوَازِ حِمَاهُ خِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ:</p>قَال ابْنُ عَابِدِينَ: مَا نَبَتَ - أَيْ مِنَ الْكَلأَِ - فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ بِلَا إِنْبَاتِ صَاحِبِهَا حُكْمُهُ كَمَا سَبَقَ، أَيْ لَا يُمْنَعُ أَحَدٌ مِنَ الأَْخَذِ مِنْهُ وَلَا رَعْيُ مَاشِيَتِهِ فِيهِ، إِلَاّ أَنَّ لِرَبِّ الأَْرْضِ الْمَنْعَ مِنَ الدُّخُول فِي أَرْضِهِ (5)، قَال الْكَاسَانِيُّ: لَوْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُل مِلْكَ غَيْرِهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 5 / 283، والمغني 5 / 580، وشرح الزرقاني 7 / 74.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" المسلمون شركاء في ثلاث: الماء. . . ". أخرجه أبو داود (3 / 751) من حديث رجل من المهاجرين.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " ثلاث لا يمنعن: الماء. . . ". أخرجه ابن ماجه (2 / 826) من حديث أبي هريرة، وصحح إسناده ابن حجر في التلخيص (3 / 65) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> ابن عابدين 5 / 283، وسبل السلام 3 / 84 - 86، ونيل الأوطار 6 / 48 - 50، والمغني 5 / 580، وشرح الزرقاني 7 / 74، ومغني المحتاج 2 / 368.</p><font color=#ff0000>(5)</font> ابن عابدين 5 / 283.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٧)</span><hr/></div>لاِحْتِشَاشِ الْكَلأَِ فَإِذَا كَانَ يَجِدُهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَلِصَاحِبِ الأَْرْضِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنَ الدُّخُول وَإِنْ كَانَ لَا يَجِدُهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.</p>يُقَال لِصَاحِبِ الأَْرْضِ: إِمَّا أَنْ تَأْذَنَ لَهُ بِالدُّخُول وَإِمَّا أَنْ تَحُشَّ بِنَفْسِكَ فَتَدْفَعَهُ إِلَيْهِ (1) .</p>وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ: إِذَا احْتَشَّ مَالِكٌ آخَرُ الْكَلأََ الَّذِي نَبَتَ فِي أَرْضِهِ دُونَ إِنْبَاتٍ كَانَ أَنْبَتَهُ فِي أَرْضِهِ فَهُوَ مِلْكٌ لَهُ، وَلَيْسَ لأَِحَدٍ أَخْذُهُ بِوَجْهٍ لِحُصُولِهِ بِكَسْبِهِ (2) .</p>وَفِي كِتَابِ الْخَرَاجِ لأَِبِي يُوسُفَ: وَلَوْ أَنَّ أَهْل قَرْيَةٍ لَهُمْ مُرُوجٌ يَرْعَوْنَ فِيهَا، وَيَحْتَطِبُونَ مِنْهَا، وَقَدْ عُرِفَ أَنَّهَا لَهُمْ فَهِيَ لَهُمْ عَلَى حَالِهَا، يَتَبَايَعُونَهَا، وَيَتَوَارَثُونَهَا، وَيُحْدِثُونَ فِيهَا مَا يُحْدِثُ الرَّجُل فِي مِلْكِهِ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوا الْكَلأََ وَلَا الْمَاءَ، وَلأَِصْحَابِ الْمَوَاشِي أَنْ يَرْعَوْا فِي تِلْكَ الْمُرُوجِ وَيَسْتَقُوا مِنْ تِلْكَ الْمِيَاهِ، وَلَيْسَتِ الآْجَامُ كَالْمُرُوجِ، فَلَيْسَ لأَِحَدٍ أَنْ يَحْتَطِبَ مِنْ أَجَمَةِ أَحَدٍ إِلَاّ بِإِذْنِهِ، وَلَوْ أَنَّ صَاحِبَ بَقَرٍ رَعَى بَقَرَهُ فِي أَجَمَةِ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَضَمِنَ مَا رَعَى وَأَفْسَدَ.</p>وَالْكَلأَُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُدْفَعُ مُعَامَلَةً. ثُمَّ قَال: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لأَِهْل هَذِهِ الْقَرْيَةِ الَّذِينَ تَكُونُ لَهُمْ هَذِهِ الْمُرُوجُ، وَفِي مِلْكِهِمْ مَوْضِعُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 6 / 193.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 5 / 283.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٨)</span><hr/></div>مَسْرَحٍ وَمَرْعًى لِدَوَابِّهِمْ وَمَوَاشِيهِمْ غَيْرِ هَذِهِ الْمُرُوجِ، وَكَانُوا مَتَى أَذِنُوا لِلنَّاسِ فِي رَعْيِ هَذِهِ الْمُرُوجِ أَضَرَّ ذَلِكَ بِهِمْ وَبِمَوَاشِيهِمْ وَدَوَابِّهِمْ كَانَ لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوا كُل مَنْ أَرَادَ أَنْ يَرْعَى أَوْ يَحْتَطِبَ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ لَهُمْ مَرْعًى وَمَوْضِعُ احْتِطَابٍ حَوْلَهُمْ لَيْسَ لَهُ مَالِكٌ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَلَا يَحِل لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوا الاِحْتِطَابَ وَالرَّعْيَ مِنَ النَّاسِ (1) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لَا يَمْنَعُ مَالِكُ أَرْضٍ تَرَكَهَا اسْتِغْنَاءً عَنْهَا وَلَمْ يُبَوِّرْهَا لِلرَّعْيِ مِنْ رَعْيِ كَلأٍَ لَمْ يَزْرَعْهُ فِيهَا، وَلَا يَمْنَعُ رَعْيَ كَلأٍَ نَبَتَ فِي أَرْضٍ لَهُ لَا تَقْبَل الزَّرْعَ، وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُ مَنْ يُرِيدُ رَعْيَ مَاشِيَتِهِ مِنْ هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ، وَمَحَل عَدَمِ مَنْعِهِمَا، حَيْثُ لَمْ يَكْتَنِفْهُ زَرْعٌ لَهُ يَخْشَى أَنْ تُفْسِدَهُ الْمَوَاشِي، فَإِنِ اكْتَنَفَهُ فَلَهُ مَنْعُهُ، وَلَهُ مَنْعُ كَلأَِ مَرْجِ دَوَابِّهِ مِنْ أَرْضٍ يَمْلِكُهَا.</p>وَحِمَاهُ الَّذِي بَوَّرَهُ مِنْ أَرْضِهِ لِلْمَرْعَى، لَهُ مَنْعُ غَيْرِهِ مِنْ رَعْيِ كَلأَِ هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ، وَبَيْعِهِ، هَذَا وَمَا قَبْلَهُ فِي الأَْرْضِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ، أَمَّا غَيْرُهَا كَالْفَيَافِي، فَقَال ابْنُ رُشْدٍ: النَّاسُ فِيهِ سَوَاءٌ اتِّفَاقًا (2) .</p>وَإِنْ سَبَقَ شَخْصٌ إِلَى مَوْضِعٍ فِيهِ كَلأٌَ وَقَصَدَهُ مِنْ بُعْدٍ، فَتَرَكَهُ وَرَعَى مَا حَوْلَهُ فَهَل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كتاب الخراج لأبي يوسف ص 102 - 104.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح الزرقاني 7 / 74.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٨)</span><hr/></div>لَهُ أَنْ يَمْنَعَ غَيْرَهُ مِنَ الرَّعْيِ فِيهِ؟ قَال الْمَالِكِيَّةُ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:</p>لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ، قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ.</p>وَفِي قَوْلٍ: يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ.</p>وَفِي قَوْلٍ: إِنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي الْمَوْضِعِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ.</p>قَال الزُّرْقَانِيُّ: وَهُوَ أَعْدَل الأَْقْوَال وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ: لأَِنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمُقَامِ عَلَى الْمَاءِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي ذَلِكَ مَرْعًى فَتَذْهَبُ نَفَقَتُهُ فِي الْبِئْرِ بَاطِلاً (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يُحْمَى مِنْ مَوَاضِعِ الْكَلأَِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ الأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (2) إِلَى أَنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَحْمِيَ بُقْعَةَ مَوَاتٍ لِرَعْيِ نَعَمِ جِزْيَةٍ وَصَدَقَةٍ وَضَالَّةٍ وَضَعِيفٍ عَنِ النُّجْعَةِ بِأَنْ يَمْنَعَ النَّاسَ مِنْ رَعْيِ مَا حَمَاهُ بِحَيْثُ لَا يَضُرُّهُمْ، أَنْ يَكُونَ قَلِيلاً مِنْ كَثِيرٍ تَكْفِي بَقِيَّتُهُ النَّاسَ، لأَِنَّهُ صلى الله عليه وسلم حَمَا النَّقِيعَ لِخَيْل الْمُسْلِمِينَ (3) .</p>وَمُقَابِل الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: الْمَنْعُ لِخَبَرِ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح الزرقاني 7 / 74.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الرتاج 1 / 696 - 699، وعمدة القاري 12 / 212 وما بعدها، والزرقاني 7 / 67، ومغني المحتاج 2 / 368، والمغني 5 / 585 وما بعدها.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " حمى النقيع. . . ". أخرجه البيهقي في سننه (6 / 146) من حديث ابن عمر، وضعفه ابن حجر في فتح الباري (5 / 45) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٩)</span><hr/></div>00 لَا حِمَى إِلَاّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ (1) وَفِي شُرُوطِ الْجَوَازِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَسَائِل الْحِمَى تَفْصِيلٌ فِي مُصْطَلَحِ (حِمًى ف 6 وَمَا بَعْدَهَا) .</p> </p>‌<span class="title">‌رَعْيُ نَبَاتِ الْحَرَمِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> يَجُوزُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ رَعْيُ حَشِيشِ الْحَرَمِ وَكَلَئِهِ لأَِنَّ الْهَدَايَا كَانَتْ تُسَاقُ فِي عَصْرِهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ رضي الله عنهم، وَمَا كَانَتْ تُسَدُّ أَفْوَاهُهَا فِي الْحَرَمِ.</p>وَلِلتَّفْصِيل (ر: حَرَمٌ. ف 10 - 12) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " لا حمى إلا لله ورسوله " أخرجه البخاري (فتح الباري 5 / 44) من حديث الصعب بن جثامة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٠٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌كَلَالَةٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الْكَلَالَةُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْكَلَال: وَهُوَ التَّعَبُ وَذَهَابُ الْقُوَّةِ مِنَ الإِْعْيَاءِ، أَوْ هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الإِْكْلِيل: بِمَعْنَى. الإِْحَاطَةِ: مِنْ تَكَلَّلَهُ أَحَاطَ بِهِ (1) .</p>أَمَّا فِي الاِصْطِلَاحِ: فَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْمِ فِي الْمُرَادِ مِنَ الْكَلَالَةِ فَقِيل: الْكَلَالَةُ اسْمٌ لِلْوَرَثَةِ: مَا عَدَا الْوَالِدِينَ وَالْمَوْلُودِينَ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْكَلَالَةُ اسْمٌ لِلْمَيِّتِ الَّذِي لَا وَالِدَ لَهُ وَلَا وَلَدَ، فَالأَْبُ وَالاِبْنُ طَرَفَانِ لِلْمَيِّتِ فَإِذَا ذَهَبَا تَكَلَّلَهُ النَّسَبُ أَيْ أَطَافُوا بِالْمَيِّتِ مِنْ جَوَانِبِهِ، وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِل عَنِ الْكَلَالَةِ، فَقَال: مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَا وَالِدٌ (2) .</p>قَال الرَّاغِبُ فَجَعَلَهُ اسْمًا لِلْمَيِّتِ، وَكِلَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، وتفسير البغوي 1 / 404، وروح المعاني 3 / 229، والبحر المحيط لابن حيان 3 / 188، والمغني 6 / 167 - 168، وتفسير القرطبي في سورة النساء آية / 12، ومغني المحتاج 3 / 11، والمفردات للراغب الأصفهاني.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث أنه صلى الله عليه وسلم " سئل عن الكلالة. . . ". ورد بمعناه عند أبي داود في المراسيل (ص 272) من حديث أبي سلمة ابن عبد الرحمن بن عوف.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٠)</span><hr/></div>الْقَوْلَيْنِ صَحِيحٌ.</p><font color=#ff0000>2 -</font> وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ سبحانه وتعالى الْكَلَالَةَ فِي مَوْضِعَيْنِ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ: أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} (1) إِلَخْ الآْيَةِ.</p>وَالْمَوْضِعُ الثَّانِي قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُل اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْل حَظِّ الأُْنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُل شَيْءٍ عَلِيمٌ} (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌مِيرَاثُ الْكَلَالَةِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الَّذِينَ يَرِثُونَ كَلَالَةً أَصْنَافٌ مِنَ الْوَرَثَةِ يَجْمَعُهُمْ أَنَّهُمْ مَنْ عَدَا وَالِدِ الْمَيِّتِ وَوَلَدِهِ، وَهَؤُلَاءِ مِنْهُمُ: الإِْخْوَةُ الأَْشِقَّاءُ أَوْ لأَِبٍ أَوْ لأُِمٍّ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْوَرَثَةِ.</p>وَيُنْظَرُ تَفْصِيل مَا يَسْتَحِقُّهُ كُلٌّ مِنْهُمْ مِنَ التَّرِكَةِ فِي مُصْطَلَحِ (إِرْثٌ ف 42 - 45 وَمَا بَعْدَهَا) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النساء / 12.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النساء / 176.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌كَلَامٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الْكَلَامُ اسْمٌ مِنْ كَلَّمْتُهُ تَكْلِيمًا، وَالْكَلَامُ فِي أَصْل اللُّغَةِ: عِبَارَةٌ عَنْ أَصْوَاتٍ مُتَتَابِعَةٍ لِمَعْنًى مَفْهُومٍ.</p>وَفِي اصْطِلَاحِ النَّحْوِيِّينَ: هُوَ اسْمٌ لِمَا تَرَكَّبَ مِنْ مُسْنَدٍ وَمُسْنَدٍ إِلَيْهِ.</p>قَال الْفَيُّومِيُّ: وَالْكَلَامُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الْمَعْنَى الْقَائِمُ بِالنَّفْسِ لأَِنَّهُ يُقَال فِي نَفْسِي كَلَامٌ (1)، وَقَال اللَّهُ تَعَالَى:{وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ} (2) . وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ اللَّفْظُ</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> اللَّفْظُ فِي اللُّغَةِ لَهُ مَعَانٍ، يُقَال: لَفَظَ رِيقَهُ وَغَيَّرَهُ لَفْظًا: رَمَى بِهِ، وَلَفَظَ بِقَوْلٍ حَسَنٍ: تَكَلَّمَ بِهِ، وَتَلَفَّظَ بِهِ كَذَلِكَ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير ولسان العرب مادة (كلم) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة المجادلة / 8.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١١)</span><hr/></div>وَاسْتُعْمِل الْمَصْدَرُ اسْمًا وَجُمِعَ عَلَى أَلْفَاظٍ (1) . وَاللَّفْظُ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ: مَا يَنْطِقُ بِهِ الإِْنْسَانُ أَوْ مَنْ فِي حُكْمِهِ مُهْمَلاً كَانَ أَوْ مُسْتَعْمَلاً (2) .</p>وَالصِّلَةُ بَيْنَ اللَّفْظِ وَالْكَلَامِ: أَنَّ اللَّفْظَ أَعَمُّ مِنَ الْكَلَامِ.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الإِْشَارَةُ</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الإِْشَارَةُ فِي اللُّغَةِ: التَّلْوِيحُ بِشَيْءٍ يُفْهَمُ مِنْهُ مَا يُفْهَمُ مِنَ النُّطْقِ، كَالإِْيمَاءِ بِالرَّأْسِ، وَالْكَفِّ وَالْعَيْنِ (3) ، وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.</p>وَالصِّلَةُ بَيْنَ الإِْشَارَةِ وَالْكَلَامِ أَنَّهُمَا وَسِيلَةٌ لإِِفَادَةِ الْمَعْنَى.</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ السُّكُوتُ</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> السُّكُوتُ فِي اللُّغَةِ الصَّمْتُ وَانْقِطَاعُ الْكَلَامِ، وَالسُّكُوتُ خِلَافُ النُّطْقِ وَهُمَا مَصْدَرَانِ، قَال الرَّاغِبُ الأَْصْفَهَانِيُّ: السُّكُوتُ مُخْتَصٌّ بِتَرْكِ الْكَلَامِ (4) .</p>وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(2)</font> التعريفات للجرجاني.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المصباح المنير، والقاموس المحيط.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المصباح المنير، والقاموس المحيط، ولسان العرب، والمفردات للراغب الأصفهاني مادة (سكت) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> حاشية ابن عابدين 2 / 135.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١١)</span><hr/></div>وَالْعَلَاقَةُ بَيْنَ السُّكُوتِ وَالْكَلَامِ التَّضَادُّ.</p> </p>د -‌<span class="title">‌ الْخِطَابُ</span>.</p><font color=#ff0000>5 -</font> الْخِطَابُ فِي اللُّغَةِ الْكَلَامُ بَيْنَ مُتَكَلِّمٍ وَسَامِعٍ (1)، وَفِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ هُوَ: الْكَلَامُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ إِفْهَامُ مَنْ هُوَ مُتَهَيِّئٌ لِلْفَهْمِ (2) .</p>وَالْخِطَابُ أَخَصُّ مِنَ الْكَلَامِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> كَلَامُ الْعَاقِل الْبَالِغِ مُبَاحٌ فِي الأَْصْل لِلْقَاعِدَةِ الْفِقْهِيَّةِ الْكُلِّيَّةِ: (الأَْصْل فِي الأَْشْيَاءِ الإِْبَاحَةِ)(3) إِلَاّ أَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِمَا قَدْ يُحِيطُ بِهِ مِنْ قَرَائِنِ الأَْحْوَال تَعْتَرِيهِ الأَْحْكَامُ فَيَكُونُ وَاجِبًا، أَوْ مَنْدُوبًا، أَوْ مَكْرُوهًا، أَوْ حَرَامًا، إِلَى جَانِبِ حُكْمِهِ الأَْصْلِيِّ وَهُوَ الإِْبَاحَةُ وَذَلِكَ كَمَا يَلِي:</p>فَمِنَ الْكَلَامِ الْوَاجِبِ: النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ لِلدُّخُول فِي الإِْسْلَامِ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِ.</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (إِسْلَامٌ ف 17) .</p>وَمِنَ الْكَلَامِ الْوَاجِبِ تَكْبِيرَةُ الإِْحْرَامِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البحر المحيط 1 / 126.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الأشباه والنظائر لابن نجيم 1 / 97.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حاشية ابن عابدين 1 / 300 - 324، وحاشية الدسوقي 1 / 231، ومغني المحتاج 1 / 150، وكشاف القناع 1 / 330.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٢)</span><hr/></div>وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (تَكْبِيرَةُ الإِْحْرَامِ ف 2) .</p>وَمِنَ الْكَلَامِ الْمَنْدُوبِ التَّسْبِيحُ وَالذِّكْرُ فِي بَعْضِ أَفْعَال الصَّلَاةِ، كَالاِفْتِتَاحِ وَالرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ، وَالتَّلْبِيَةِ بَعْدَ الإِْحْرَامِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ (1) .</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (تَسْبِيحٌ ف 12 وَمَا بَعْدَهَا) .</p>وَمِنَ الْكَلَامِ الْمَكْرُوهِ:</p>الْكَلَامُ أَثْنَاءَ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ حَرَامٌ عِنْدَ الْبَعْضِ الآْخَرِ (2) .</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (صَلَاةُ الْجُمُعَةِ ف 27) .</p>وَمِنَ الْكَلَامِ الْمُحَرَّمِ: الْقَذْفُ وَالتَّلَفُّظُ بِالْكُفْرِ وَالسَّبِّ (3) .</p>وَأَمَّا كَلَامُ الْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ فَهُوَ لَغْوٌ وَلَا حُكْمَ لَهُ لاِنْعِدَامِ التَّكْلِيفِ فِي حَقِّهِمَا (4) لِقَوْل الرَّسُول صلى الله عليه وسلم: رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِل، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصادر السابقة والقليوبي وعميرة 2 / 98.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 1 / 550 - 551، وكشاف القناع 2 / 47، ومغني المحتاج 1 / 187، وحاشية الدسوقي 1 / 387.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية ابن عابدين 3 / 166، ومغني المحتاج 4 / 155، والمغني 8 / 215.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حاشية ابن عابدين 3 / 285، 2 / 389، ومغني المحتاج 4 / 137.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث: " رفع القلم عن ثلاثة. . . ". أخرجه أبو داود (4 / 560) والحاكم (2 / 59) من حديث عائشة، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٢)</span><hr/></div>وَالتَّفْصِيل فِي (أَهْلِيَّةٌ ف 14 - 27) .</p> </p>‌<span class="title">‌اشْتِرَاطُ الْكَلَامِ فِي بَعْضِ الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> الْكَلَامُ قَدْ يَكُونُ رُكْنًا فِي بَعْضِ الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ وَنَحْوِهَا كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ، وَتَكْبِيرَةِ الإِْحْرَامِ (1) ، وَالإِْيجَابِ وَالْقَبُول فِي عَقْدِ الزَّوَاجِ وَسَائِرِ الْعُقُودِ الأُْخْرَى فَإِنَّ الْكَلَامَ فِيهَا رُكْنٌ مَا دَامَ مُمْكِنًا، وَلَا تَصِحُّ بِدُونِهِ وَلَا تَنْعَقِدُ، فَإِذَا تَعَذَّرَ الْكَلَامُ كَالأَْخْرَسِ وَالْغَائِبِ قَامَتِ الْكِتَابَةُ وَالإِْشَارَةُ مَقَامَهُ بِشُرُوطٍ مَخْصُوصَةٍ (2) .</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (عَقْدٌ ف 6 وَمَا بَعْدَهَا) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَنْوَاعُ الْكَلَامِ وَطُرُقُ دِلَالَتِهِ عَلَى مَعْنَاهُ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> لِلْكَلَامِ أَنْوَاعٌ لَدَى الْعُلَمَاءِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ عِلْمِهِمْ، فَعُلَمَاءُ النَّحْوِ يُقَسِّمُونَهُ إِلَى اسْمٍ وَفِعْلٍ وَحَرْفٍ.</p>وَعُلَمَاءُ أُصُول الْفِقْهِ يُقَسِّمُونَ الْكَلَامَ إِلَى خَبَرٍ وَإِنْشَاءٍ، ثُمَّ يُقَسِّمُونَ كُلًّا مِنْهُمَا إِلَى أَقْسَامٍ مُخْتَلِفَةٍ، كَالأَْمْرِ وَالنَّهْيِ، وَالْمُطْلَقِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 1 / 300، 322، وحاشية الدسوقي 1 / 231، ومغني المحتاج 1 / 150، وكشاف القناع 1 / 330.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 2 / 262، ومغني المحتاج 3 / 139، وكشاف القناع 5 / 37.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٣)</span><hr/></div>وَالْمُقَيَّدِ، كَمَا يُقَسِّمُونَ الْكَلَامَ مِنْ حَيْثُ دِلَالَتُهُ عَلَى مَعْنَاهُ إِلَى حَقِيقَةٍ وَمَجَازٍ وَكِنَايَةٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُدْخِل الْكِنَايَةَ فِي الْحَقِيقَةِ أَوْ فِي الْمَجَازِ وَلَا يَجْعَلُهَا قَسِيمًا لَهَا، ثُمَّ إِنَّهُمْ يُقَسِّمُونَ الْكَلَامَ إِلَى عِبَارَةٍ وَإِشَارَةٍ وَدِلَالَةٍ، وَاقْتِضَاءٍ، وَإِلَى مُجْمَلٍ وَمُفَصَّلٍ، وَإِلَى مُشْكِلٍ وَمُشْتَرَكٍ، وَإِلَى مَنْطُوقٍ وَمَفْهُومٍ (1) .</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌هَل يُعَدُّ السُّكُوتُ كَلَامًا</span>؟ :</p><font color=#ff0000>9 -</font> الأَْصْل أَنَّ السُّكُوتَ لَا يُعَدُّ كَلَامًا، وَلَا يُبْنَى عَلَيْهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ مِمَّا يُبْنَى عَلَى الْقَوْل لِلْقَاعِدَةِ الْفِقْهِيَّةِ الْكُلِّيَّةِ:(لَا يُنْسَبُ إِلَى سَاكِتٍ قَوْلٌ)(2) .</p>إِلَاّ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَحْوَالٌ يَنْزِل السَّاكِتُ فِيهَا مَنْزِلَةَ الْمُتَكَلِّمِ، وَيُبْنَى عَلَى سُكُوتِهِ أَحْكَامُ الْقَائِل الْمُتَكَلِّمِ لِلْقَاعِدَةِ الْفِقْهِيَّةِ الْكُلِّيَّةِ (السُّكُوتُ فِي مَعْرِضِ الْحَاجَةِ بَيَانٌ)(3) .</p>فَإِذَا اسْتَأْذَنَ الأَْبُ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ الْعَاقِلَةَ الْبَالِغَةَ فِي أَمْرِ زَوَاجِهَا مِنْ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَسَكَتَتْ، عُدَّ ذَلِكَ دَلِيلاً عَلَى رِضَاهَا بِالزَّوَاجِ، لِحَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: وَإِذْنُهَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فواتح الرحموت 1 / 406.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المادة / 66 من مجلة الأحكام العدلية.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المادة / 67 من مجلة الأحكام العدلية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٣)</span><hr/></div>صُمَاتُهَا (1) وَذَلِكَ مَا لَمْ يُرَافِقِ السُّكُوتَ مِنَ الْقَرَائِنِ مَا يَدُل عَلَى الرَّفْضِ كَالْبُكَاءِ وَالإِْعْرَاضِ، وَإِلَاّ لَمْ يُعَدَّ رِضًا (2) .</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (سُكُوتٌ ف 11) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَقُومُ مَقَامَ الْكَلَامِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الإِْشَارَةَ الْمُفْهِمَةَ وَالْكِتَابَةَ تَقُومُ مَقَامَ الْعِبَارَةِ وَالْكَلَامِ.</p>فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: الإِْشَارَةُ مُعْتَبَرَةٌ وَقَائِمَةٌ مَقَامَ الْعِبَارَةِ فِي كُل شَيْءٍ.</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْكَلَامِ وَبِغَيْرِهِ مِنْ كُل مَا يَدُل عَلَى الرِّضَا.</p>وَقَال الْخَطِيبُ: إِشَارَةُ الأَْخْرَسِ وَكِتَابَتُهُ الْعَقْدَ كَالنُّطْقِ لِلضَّرُورَةِ.</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: الإِْشَارَةُ كَالْكَلَامِ وَتَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ وَالْكَلَامِ (3) .</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (إِشَارَةٌ ف 4، وَعَقْدٌ ف 15) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْكَلَامُ حَال قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَفِي الْخَلَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " إذنها صماتها ". أخرجه مسلم (2 / 1037) من حديث ابن عباس.</p><font color=#ff0000>(2)</font> درر الحكام لعلي حيدر 1 / 59، والمغني لابن قدامة 6 / 493.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 343 - 344، والفواكه الدواني 2 / 57، ومغني المحتاج 2 / 217، والمغني لابن قدامة 7 / 239، والإنصاف 2 / 98، ومطالب أولي النهى 4 / 422، 6 / 657.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٤)</span><hr/></div>وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى كَرَاهَةِ الْكَلَامِ أَثْنَاءَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَفِي الْخَلَاءِ وَلَا يَتَكَلَّمُ إِلَاّ لِضَرُورَةٍ بِأَنْ رَأَى ضَرِيرًا يَقَعُ فِي بِئْرٍ، أَوْ حَيَّةً أَوْ غَيْرَهَا تَقْصِدُ إِنْسَانًا أَوْ غَيْرَهُ مِنَ الْمُحْتَرَمَاتِ فَلَا كَرَاهَةَ فِي الْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ.</p>وَقَال ابْنُ سِيرِينَ وَالنَّخَعِيُّ: لَا بَأْسَ بِذِكْرِ اللَّهِ، لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ مَحْمُودٌ عَلَى كُل حَالٍ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْكَلَامُ أَثْنَاءَ الْوُضُوءِ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ التَّكَلُّمَ بِكَلَامِ النَّاسِ بِغَيْرِ حَاجَةٍ أَثْنَاءَ الْوُضُوءِ خِلَافُ الأَْوْلَى، وَإِنْ دَعَتْ إِلَى الْكَلَامِ حَاجَةٌ يَخَافُ فَوْتَهَا بِتَرْكِهِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَرْكُ الأَْدَبِ.</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى كَرَاهَةِ الْكَلَامِ حَال الْوُضُوءِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى (2) .</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (وُضُوءٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْكَلَامُ أَثْنَاءَ الأَْذَانِ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> صَرَّحَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ بِأَنَّ الْفَصْل بَيْنَ كَلِمَاتِ الأَْذَانِ بِأَيِّ شَيْءٍ كَسُكُوتٍ أَوْ كَلَامٍ أَوْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 1 / 165، والفتاوى الهندية 1 / 50، ومواهب الجليل 1 / 275، وكفاية الأخيار 2 / 19، والمجموع 2 / 90 - 91، والمغني 1 / 166 - 167، وكشاف القناع 1 / 63.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتاوى الهندية 1 / 8، ومواهب الجليل 1 / 255، والشرح الصغير 1 / 127، والمجموع 1 / 465، وكفاية الأخيار 1 / 17، وكشاف القناع 1 / 103 - 104، والفروع 1 / 152.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٤)</span><hr/></div>غَيْرِهِ إِنْ كَانَ يَسِيرًا فَلَا يُبْطِل الأَْذَانَ وَيَبْنِي عَلَى مَا مَضَى.</p>وَيَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ كَرَاهَةَ الْكَلَامِ الْيَسِيرِ إِنْ كَانَ لِغَيْرِ سَبَبٍ أَوْ ضَرُورَةٍ، وَقَالُوا. يُكْرَهُ الْكَلَامُ أَثْنَاءَ الأَْذَانِ حَتَّى وَلَوْ بِرَدِّ السَّلَامِ وَيُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَى الْمُؤَذِّنِ، وَيَرُدُّ السَّلَامَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الأَْذَانِ، وَيُبْطِلُهُ الْكَلَامُ الطَّوِيل لأَِنَّهُ يَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ الْمَشْرُوطَةَ فِي الأَْذَانِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ غَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ، وَأَجَازَ الْحَنَابِلَةُ رَدَّ السَّلَامِ فِي أَثْنَاءِ الأَْذَانِ (1) .</p>وَانْظُرْ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (أَذَانٌ ف 23) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْكَلَامُ بَيْنَ الإِْقَامَةِ وَالصَّلَاةِ:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي كَرَاهَةِ الْكَلَامِ فِي الإِْقَامَةِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ إِذَا كَانَ كَثِيرًا، أَمَّا إِذَا كَانَ الْكَلَامُ فِي الإِْقَامَةِ لِضَرُورَةٍ مِثْل مَا لَوْ رَأَى أَعْمَى يَخَافُ وُقُوعَهُ فِي بِئْرٍ أَوْ رَأَى مَنْ قَصَدَتْهُ حَيَّةٌ وَجَبَ إِنْذَارُهُ وَيَبْنِي عَلَى إِقَامَتِهِ.</p>أَمَّا الْكَلَامُ الْقَلِيل لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الْكَلَامُ بَل يُؤَدِّي إِلَى تَرْكِ الأَْفْضَل (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 1 / 149، والبحر الرائق 1 / 272، وحاشية ابن عابدين 1 / 260، ومواهب الجليل 1 / 427، وأسنى المطالب 1 / 128، والمجموع 3 / 112، والمغني 1 / 424 - 425، وكشاف القناع 1 / 241.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 1 / 409، وحاشية ابن عابدين 1 / 260، وأسنى المطالب 1 / 128، ونهاية المحتاج 1 / 411 - 412، والمجموع 3 / 115.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٥)</span><hr/></div>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَوَافَقَهُمُ الزُّهْرِيُّ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ الْكَلَامُ أَثْنَاءَ الإِْقَامَةِ وَبَيْنَ الإِْقَامَةِ وَالصَّلَاةِ، وَيَبْنِي عَلَى إِقَامَتِهِ، لأَِنَّ الإِْقَامَةَ حَدْرٌ وَهَذَا يُخَالِفُ الْوَارِدَ وَيَقْطَعُ بَيْنَ كَلِمَاتِهَا (1)</p>. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (إِقَامَةٌ ف 16) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْكَلَامُ بَعْدَ النِّيَّةِ وَقَبْل تَكْبِيرَةِ الإِْحْرَامِ:</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْكَلَامِ بَعْدَ النِّيَّةِ وَقَبْل تَكْبِيرَةِ الإِْحْرَامِ.</p>فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يَنْوِي الصَّلَاةَ الَّتِي يَدْخُل فِيهَا بِنِيَّةٍ لَا يَفْصِل بَيْنَهَا وَبَيْنَ التَّحْرِيمَةِ بِعَمَلٍ (2) .</p>وَقَال بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: إِذَا قَال الْمُؤَذِّنُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ وَجَبَ عَلَى الإِْمَامِ التَّكْبِيرُ مِمَّا يَدُل عَلَى كَرَاهَةِ الْكَلَامِ بَعْدَ النِّيَّةِ وَقَبْل تَكْبِيرَةِ الإِْحْرَامِ، هَذَا إِذَا كَانَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ لأَِمْرٍ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ فَلَا يُكْرَهُ.</p>وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ: كَرَاهَةَ الْكَلَامِ حِينَ الإِْقَامَةِ وَحُرْمَتَهُ بَعْدَ إِحْرَامِ الإِْمَامِ، وَلَا يَخْتَصُّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مواهب الجليل 1 / 427، وحاشية الدسوقي 1 / 179، والمغني 1 / 425، والإنصاف 1 / 420، وكشاف القناع 1 / 241.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 1 / 231، والفتاوى الهندية 1 / 71 - 72، وعمدة القاري 2 / 681.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٥)</span><hr/></div>ذَلِكَ بِالْجُمُعَةِ (1) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: الْكَلَامُ بَعْدَ النِّيَّةِ وَقَبْل تَكْبِيرَةِ الإِْحْرَامِ لَا يَجُوزُ وَيُبْطِل الصَّلَاةَ، وَلَوْ قَال: نَوَيْتُ أُصَلِّي الظُّهْرَ اللَّهُ أَكْبَرُ نَوَيْتُ، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لأَِنَّ قَوْلَهُ (نَوَيْتُ) بَعْدَ التَّكْبِيرِ كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ عَنِ الصَّلَاةِ وَقَدْ طَرَأَ بَعْدَ انْعِقَادِ الصَّلَاةِ فَأَبْطَلَهَا (2) .</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: وَلَوْ تَكَلَّمَ بَعْدَ النِّيَّةِ وَقَبْل التَّكْبِيرِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ لأَِنَّ الْكَلَامَ لَا يُنَافِي الْعَزْمَ الْمُتَقَدِّمَ وَلَا يُنَاقِضُ النِّيَّةَ الْمُتَقَدِّمَةَ فَتَسْتَمِرُّ إِلَى أَنْ يُوجَدَ مُنَاقِضٌ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْكَلَامُ فِي الصَّلَاةِ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُل بِالْكَلَامِ (4) لِمَا رَوَى زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ رضي الله عنه قَال: كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ، يُكَلِّمُ الرَّجُل صَاحِبَهُ وَهُوَ إِلَى جَنْبِهِ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَتْ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ وَنُهِينَا عَنِ الْكَلَامِ (5)، وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ رضي الله عنه قَال:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الدسوقي 1 / 385.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الباجوري 1 / 149، ومغني المحتاج 1 / 149، والمجموع 3 / 289.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كشاف القناع 1 / 316.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حاشية ابن عابدين 1 / 413، والمبسوط 1 / 170، وحاشية الدسوقي 1 / 289، ومغني المحتاج 1 / 195، ومطالب أولي النهى 1 / 520 - 538، والمغني 2 / 46،47.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث زيد بن أرقم: كنا نتكلم في الصلاة. . أخرجه مسلم (1 / 383) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٦)</span><hr/></div>00 بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ فَلَمَّا صَلَّى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ، فَوَاللَّهِ مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي، قَال: إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ (1) .</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي (صَلَاةٌ ف) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْكَلَامُ أَثْنَاءَ الْخُطْبَةِ وَقَبْلَهَا وَبَعْدَهَا وَبَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ:</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الْقَدِيمِ إِلَى أَنَّ الْكَلَامَ يَحْرُمُ أَثْنَاءَ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَيَجِبُ الإِْنْصَاتُ مِنْ حِينِ يَأْخُذُ الإِْمَامُ فِي الْخُطْبَةِ فَلَا يَجُوزُ الْكَلَامُ لأَِحَدٍ مِنَ الْحَاضِرِينَ، وَنَهَى عَنْ ذَلِكَ عُثْمَانُ وَابْنُ عُمَرَ، وَقَال ابْنُ مَسْعُودٍ: إِذَا رَأَيْتَهُ يَتَكَلَّمُ وَالإِْمَامُ يَخْطُبُ فَأَقْرِعْ رَأْسَهُ بِالْعَصَا (2)، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (3) قَال<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث معاوية بن الحكم السلمي: بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. . أخرجه مسلم (1 / 381 - 382) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتاوى الهندية 1 / 147، والطحطاوي على مراقي الفلاح 1 / 281 - 283، وحاشية الدسوقي 1 / 386، وشرح الزرقاني 2 / 64، وكفاية الأخيار 1 / 93، والمجموع 4 / 523، والمغني 2 / 323، وكشاف القناع 2 / 36 - 38.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الأعراف / 204.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٦)</span><hr/></div>أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ نَزَلَتْ فِي الْخُطْبَةِ وَسُمِّيَتِ الْخُطْبَةُ قُرْآنًا لاِشْتِمَالِهَا عَلَى الْقُرْآنِ الَّذِي يُتْلَى فِيهَا، وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْصِتْ وَالإِْمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ (1) وَاللَّغْوُ الإِْثْمُ.</p>قَال الْكَمَال بْنُ الْهُمَامِ: يَحْرُمُ فِي الْخُطْبَةِ كَلَامٌ وَإِنْ كَانَ أَمْرًا بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْبِيحًا وَالأَْكْل وَالشُّرْبُ وَالْكِتَابَةُ، وَيُكْرَهُ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ وَرَدُّ السَّلَامِ.</p>وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يُكْرَهُ الرَّدُّ لأَِنَّهُ فَرْضٌ (2) .</p>وَصَرَّحَ الدَّرْدِيرُ بِحُرْمَةِ رَدِّ السَّلَامِ أَثْنَاءَ الْخُطْبَةِ وَتَشْمِيتِ عَاطِسٍ وَنَهْيِ لَاغٍ أَوْ إِشَارَةٍ وَأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ (3)</p>وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: إِذَا سَمِعَ الإِْنْسَانُ مُتَكَلِّمًا لَمْ يَنْهَهُ بِالْكَلَامِ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَوْتَ وَلَكِنْ يُشِيرُ إِلَيْهِ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، فَيَضَعُ أُصْبُعَهُ عَلَى فِيهِ، وَمِمَّنْ رَأَى أَنْ يُشِيرَ وَلَا يَتَكَلَّمَ زَيْدُ بْنُ صُوحَانَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى وَالثَّوْرِيُّ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَكَرِهَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 414) ومسلم (2 / 582) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 2 / 37 - 38 نشر دار إحياء التراث العربي.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الصغير 1 / 512 - 513.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٧)</span><hr/></div>الإِْشَارَةَ طَاوُسٌ (1) .</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى إِلَى أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الْكَلَامُ، وَالإِْنْصَاتُ سُنَّةٌ (2) ، لِمَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَل عَلَيْهِ رَجُلٌ وَهُوَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَال: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَأَوْمَأَ النَّاسُ إِلَيْهِ بِالسُّكُوتِ فَلَمْ يَفْعَل وَأَعَادَ الْكَلَامَ فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الثَّالِثَةِ: وَيْحَكَ مَا أَعْدَدْتَ لَهَا قَال: حُبُّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَقَال: إِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ (3) . وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَلَامَهُمْ وَلَوْ حَرُمَ عَلَيْهِمْ لأََنْكَرَهُ عَلَيْهِمْ.</p>وَرَوَى أَنَسٌ رضي الله عنه قَال: بَيْنَمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ قَامَ رَجُلٌ فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ هَلَكَ الْكُرَاعُ وَهَلَكَ الشَّاةُ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَسْقِيَنَا. . . (4) وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.</p>وَوَرَدَ أَنَّ عُثْمَانَ دَخَل وَعُمَرُ يَخْطُبُ فَقَال عُمَرُ: مَا بَال رِجَالٍ يَتَأَخَّرُونَ بَعْدَ النِّدَاءِ، فَقَال عُثْمَانُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا زِدْتَ حِينَ سَمِعْتُ النِّدَاءَ أَنْ تَوَضَّأْتُ (5) ، فَدَلَّتِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 2 / 323.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المجموع 4 / 523، كفاية الأخيار 1 / 93، والمغني 2 / 320.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليه رجل وهو يخطب يوم الجمعة. أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (3 / 149) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث أنس: بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة. أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 412 - 413) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> أثر: أن عثمان دخل وعمر يخطب. . أخرجه مسلم (2 / 580) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٧)</span><hr/></div>الأَْحَادِيثُ عَلَى جَوَازِ الْكَلَامِ حَال الْخُطْبَةِ.</p><font color=#ff0000>18 -</font> وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَجُوزُ الْكَلَامُ قَبْل الشُّرُوعِ فِي الْخُطْبَةِ وَبَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا وَقَبْل الصَّلَاةِ، وَفِيمَا بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ خِلَافٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُهَذَّبِ، هَذَا فِي الْكَلَامِ الَّذِي لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ مُهِمٌّ، فَأَمَّا إِذَا رَأَى أَعْمَى يَقَعُ فِي بِئْرٍ أَوْ عَقْرَبًا تَدِبُّ عَلَى إِنْسَانٍ فَأَنْذَرَهُ فَلَا يَحْرُمُ بِلَا خِلَافٍ، وَكَذَا لَوْ أَمَرَ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ قَطْعًا وَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الأَْصْحَابُ (1) .</p>وَوَافَقَ الْحَنَابِلَةُ الشَّافِعِيَّةَ فِي جَوَازِ الْكَلَامِ قَبْل الْخُطْبَتَيْنِ وَبَعْدَهُمَا وَبَيْنَهُمَا إِذَا سَكَتَ الإِْمَامُ (2) .</p>وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: إِذَا خَرَجَ الإِْمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ تَرَكَ النَّاسُ الصَّلَاةَ وَالْكَلَامَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ خُطْبَتِهِ.</p>وَقَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لَا بَأْسَ بِالْكَلَامِ إِذَا خَرَجَ الإِْمَامُ قَبْل أَنْ يَخْطُبَ وَإِذَا نَزَل قَبْل أَنْ يُكَبِّرَ، وَاخْتَلَفَا فِي جُلُوسِهِ إِذَا سَكَتَ: فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُبَاحُ الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لأَِنَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح الزرقاني 2 / 65، وحاشية الدسوقي 1 / 387، والمغني لابن قدامة 2 / 323، والفتاوى الهندية 1 / 147، والطحطاوي 1 / 281 - 283.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المجموع 4 / 523، وكفاية الأخيار 1 / 93.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٨)</span><hr/></div>الْكَرَاهَةَ لِلإِْخْلَال بِفَرْضِ الاِسْتِمَاعِ وَلَا اسْتِمَاعَ هُنَا (1) .</p>وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يُبَاحُ الْكَلَامُ لإِِطْلَاقِ الأَْمْرِ (2) .</p>وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يَحْرُمُ الْكَلَامُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ وَيَجُوزُ بَعْدَ الْخُطْبَةِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْكَلَامُ فِي الْمَسَاجِدِ:</span></p><font color=#ff0000>19 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْكَلَامِ فِي الْمَسَاجِدِ</p>فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى كَرَاهَةِ الْكَلَامِ فِي الْمَسَاجِدِ بِأَمْرٍ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا (4) .</p>قَال الْحَنَفِيَّةُ: وَالْكَلَامُ الْمُبَاحُ فِيهِ مَكْرُوهٌ يَأْكُل الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُل النَّارُ الْحَطَبَ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَالْكَرَاهَةُ تَحْرِيمِيَّةٌ، لأَِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لَهُ.</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: وَيُكْرَهُ أَنْ يَخُوضَ فِي حَدِيثِ الدُّنْيَا، وَيُشْتَغَل بِالطَّاعَةِ مِنَ الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ (5) .</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى جَوَازِ الْكَلَامِ الْمُبَاحِ فِي الْمَسْجِدِ، قَال النَّوَوِيُّ: يَجُوزُ التَّحَدُّثُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف القناع 2 / 470.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مراقي الفلاح ص 282 - 283، وفتح القدير 2 / 37.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الخرشي 2 / 88، والشرح الصغير 1 / 509.</p><font color=#ff0000>(4)</font> فتح القدير 1 / 369، وجواهر الإكليل 2 / 203، وكشاف القناع 1 / 327، 2 / 369.</p><font color=#ff0000>(5)</font> كشاف القناع 1 / 327، 2 / 369، وبريقة محمودية في شرح طريقة محمدية 3 / 269 - 270.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٨)</span><hr/></div>بِالْحَدِيثِ الْمُبَاحِ فِي الْمَسْجِدِ وَبِأُمُورِ الدُّنْيَا وَغَيْرِهَا مِنَ الْمُبَاحَاتِ وَإِنْ حَصَل فِيهَا ضَحِكٌ وَنَحْوُهُ مَا دَامَ مُبَاحًا (1) لِحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَال: كَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَقُومُ مِنْ مُصَلَاّهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الصُّبْحَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَامَ، وَكَانُوا يَتَحَدَّثُونَ فَيَأْخُذُونَ فِي أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ فَيَضْحَكُونَ وَيَتَبَسَّمُ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْكَلَامُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ:</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ إِلَى حُرْمَةِ الْكَلَامِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فَإِنَّ اسْتِمَاعَ الْقُرْآنِ وَالإِْنْصَاتَ لَهُ أَيِ الإِْمْسَاكُ عَنِ الْكَلَامِ عِنْدَ قِرَاءَتِهِ وَاجِبٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجِهَا سَوَاءٌ فُهِمَ الْمَعْنَى أَوْ لَا (3)، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (4) .</p>وَيُكْرَهُ السَّلَامُ عِنْدَهُمْ تَحْرِيمًا عِنْدَ قِرَاءَةِ قُرْآنٍ عَلَى الْقَارِئِ جَهْرًا كَانَ أَوْ خُفْيَةً، أَمَّا غَيْرُ الْقَارِئِ فَيُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَيْهِ إِذَا كَانَتِ الْقِرَاءَةُ جَهْرًا.</p>قَال الْحَلِيمِيُّ: يُكْرَهُ الْكَلَامُ عِنْدَ قِرَاءَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع شرح المهذب 2 / 180.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث جابر بن سمرة: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقوم من مصلاه. . . ". أخرجه مسلم (1 / 463) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> بريقة محمودية شرح طريقة محمدية 3 / 268.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة الأعراف / 240.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٩)</span><hr/></div>الْقُرْآنِ، وَيُكْرَهُ أَيْضًا قَطْعُ الْقِرَاءَةِ لِمُكَالَمَةِ أَحَدٍ، وَاسْتَدَل بِمَا وَرَدَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ لَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ، وَلأَِنَّ كَلَامَ اللَّهِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤْثَرَ عَلَيْهِ كَلَامُ غَيْرِهِ (1) .</p>وَيُسَنُّ الاِسْتِمَاعُ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَتَرْكُ الْكَلَامِ وَاللَّغَطِ وَالْحَدِيثِ لِحُضُورِ الْقِرَاءَةِ (2) .</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (اسْتِمَاعٌ ف 3 وَمَا بَعْدَهَا، وَتِلَاوَةٌ ف 17، وَقُرْآنٌ ف 16) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْكَلَامُ فِي الطَّوَافِ:</span></p><font color=#ff0000>21 -</font> صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِكَرَاهَةِ الْكَلَامِ أَثْنَاءَ الطَّوَافِ لَكِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا حَاجَةَ فِيهِ، لأَِنَّ ذَلِكَ يَشْغَلُهُ عَنِ الدُّعَاءِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ (3) .</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى جَوَازِ الْكَلَامِ فِي الطَّوَافِ وَلَا يَبْطُل بِهِ وَلَا يُكْرَهُ، لَكِنِ الأَْوْلَى وَالأَْفْضَل تَرْكُ الْكَلَامِ فِي الطَّوَافِ إِلَاّ أَنْ يَكُونَ كَلَامًا فِي خَيْرٍ كَأَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ أَوْ تَعْلِيمِ جَاهِلٍ أَوْ جَوَابِ فَتْوَى (4)، لِحَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ إِلَاّ أَنَّ اللَّهَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أثر ابن عمر أنه كان إذا قرأ القرآن لم يتكلم. . أخرجه البخاري (الفتح 8 / 189) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> بريقة محمودية 3 / 268، والبرهان في علوم القرآن 1 / 464، 475، والإتقان 1 / 109.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع 1 / 131، وشرح اللباب ص 110، ومواهب الجليل 3 / 68.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المجموع 8 / 45 - 46.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١١٩)</span><hr/></div>تَعَالَى أَحَل لَكُمْ فِيهِ الْكَلَامَ فَمَنْ يَتَكَلَّمْ فَلَا يَتَكَلَّمُ إِلَاّ بِخَيْرٍ (1) .</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدَعَ الْحَدِيثَ وَالْكَلَامَ فِي الطَّوَافِ إِلَاّ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ أَوْ أَمْرًا بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهْيًا عَنْ مُنْكَرٍ أَوْ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ (2)، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ فَأَقِلُّوا مِنَ الْكَلَامِ (3)، وَفِي لَفْظٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: الطَّوَافُ حَوْل الْبَيْتِ مِثْل الصَّلَاةِ إِلَاّ أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ فِيهِ، فَمَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ فَلَا يَتَكَلَّمَنَّ إِلَاّ بِالْخَيْرِ (4)، قَال التِّرْمِذِيُّ: الْعَمَل عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْل الْعِلْمِ، يَسْتَحِبُّونَ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ الرَّجُل فِي الطَّوَافِ إِلَاّ لِحَاجَةٍ أَوْ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ مِنَ الْعِلْمِ (5) .</p>وَالْكَلَامُ الْمُبَاحُ الَّذِي يُحْتَاجُ إِلَيْهِ لَا بَأْسَ بِهِ، أَمَّا الْكَلَامُ غَيْرُ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لِقَوْل ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما " أَقِلُّوا الْكَلَامَ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" الطواف بالبيت صلاة. . . ". أخرجه الحاكم (1 / 459) من حديث ابن عباس، وصححه الحاكم ووافقه البيهقي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 3 / 378، ومطالب أولي النهى 2 / 394.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" الطواف بالبيت صلاة. . . ". أخرجه النسائي (5 / 222) وصححه ابن حجر في التلخيص (1 / 130) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " الطواف حول البيت مثل الصلاة. . . ". أخرجه الترمذي (3 / 284) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> سنن الترمذي (3 / 284) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٠)</span><hr/></div>الطَّوَافِ فَإِنَّمَا أَنْتُمْ فِي صَلَاةٍ. (1) وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ قَال: ". . . . طُفْتُ خَلْفَ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم فَمَا سَمِعْتُ وَاحِدًا مِنْهُمَا مُتَكَلِّمًا ". (2)</p> </p>‌<span class="title">‌الْحَلِفُ عَلَى أَنْ يُكَلِّمَ أَوْ لَا يُكَلِّمَ، وَالنَّذْرُ كَذَلِكَ:</span></p><font color=#ff0000>22 -</font> إِذَا حَلَفَ إِنْسَانٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا أَوْ يُكَلِّمُهُ أَوْ قَال: لِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا إِذَا تَكَلَّمْتُ مَعَ فُلَانٍ أَوْ لَمْ أَتَكَلَّمْ مَعَهُ فَلَهُ حَالَاتٌ.</p>وَالتَّفْصِيل فِي (أَيْمَانٌ ف 136 وَمَا بَعْدَهَا، وَنَذْرٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْكَلَامُ عَلَى الطَّعَامِ:</span></p><font color=#ff0000>23 -</font> قَال ابْنُ الْجَوْزِيِّ: مِنْ آدَابِ الأَْكْل أَنْ لَا يَسْكُتُوا عَلَى الطَّعَامِ بَل يَتَكَلَّمُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُبَاسِطَ الإِْخْوَانَ بِالْحَدِيثِ الطَّيِّبِ عِنْدَ الأَْكْل وَالْحِكَايَاتِ الَّتِي تَلِيقُ بِالْحَال إِذَا كَانُوا مُنْقَبِضِينَ لِيَحْصُل لَهُمُ الاِنْبِسَاطُ وَيَطُول جُلُوسُهُمْ.</p>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: وَلَا يَتَكَلَّمُ بِمَا يُسْتَقْذَرُ بَل يَذْكُرُ نَحْوَ حِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ فَإِنَّ مِنْ آدَابِ الأَْكْل - الْكَلَامَ عَلَى الطَّعَامِ وَلَا يَسْكُتُ عَنِ الْكَلَامِ فَإِنَّ السُّكُوتَ الْمَحْضَ مِنْ سِيَرِ الأَْعَاجِمِ، بَل عَلَيْهِ أَنْ يَتَحَدَّثَ بِالْمُبَاحِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أثر ابن عمر رضي الله عنهما أخرجه البيهقي (5 / 85) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> أثر ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما أخرجه البيهقي (5 / 85) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٠)</span><hr/></div>وَحِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ وَمِنْ هَذَا قِيل: الصَّمْتُ عَلَى الطَّعَامِ، مِنْ سِيرَةِ الْجُهَلَاءِ وَاللِّئَامِ، لَا مِنْ سِيرَةِ الْعُلَمَاءِ الْكِرَامِ.</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يُسَنُّ الْحَدِيثُ غَيْرُ الْمُحَرَّمِ كَحِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ عَلَى الطَّعَامِ، وَتَقْلِيل الْكَلَامِ أَوْلَى.</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُكْرَهُ لِمَنْ يَأْكُل مَعَ غَيْرِهِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِمَا يُسْتَقْذَرُ أَوْ بِمَا يُضْحِكُهُمْ أَوْ يُخْزِيهِمْ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالْحَدِيثِ الطَّيِّبِ أَثْنَاءَ الطَّعَامِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْكَلَامُ عِنْدَ الْجِمَاعِ:</span></p><font color=#ff0000>24 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى كَرَاهَةِ الْكَلَامِ عِنْدَ الْجِمَاعِ.</p>قَال الْحَنَفِيَّةُ: يُكْرَهُ الْكَلَامُ عِنْدَ الْجِمَاعِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَقِيل مَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا، وَقِيل تَحْرِيمًا، قَالُوا: يُكْرَهُ الْكَلَامُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَالْخَلَاءِ وَعِنْدَ الْجِمَاعِ لأَِنَّهُ أَقْوَى فِي إِسَاءَةِ الأَْدَبِ.</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: الْمُجَامِعُ يُكْرَهُ لَهُ التَّكَلُّمُ إِلَاّ لِضَرُورَةٍ، فَإِنْ عَطَسَ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ أَوِ الْجِمَاعٍ حَمِدَ اللَّهَ بِقَلْبِهِ وَلَا يُحَرِّكُ لِسَانَهُ.</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: وَتُكْرَهُ كَثْرَةُ الْكَلَامِ حَال الْوَطْءِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مطالب أولي النهى 5 / 244، وبريقة محمودية في شرح طريقة محمودية 4 / 107، وأسنى المطالب 3 / 227، ومغني المحتاج 3 / 250، وكشاف القناع 5 / 176 - 180.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢١)</span><hr/></div>وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَيُكْرَهُ الإِْكْثَارُ مِنَ الْكَلَامِ حَال الْجِمَاعِ لأَِنَّهُ يُكْرَهُ الْكَلَامُ حَال الْبَوْل وَحَال الْجِمَاعِ فِي مَعْنَاهُ (1) .</p>وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ يَكْرَهُ أَنْ يُذْكَرَ اللَّهَ عَلَى حَالَيْنِ: عَلَى الْخَلَاءِ وَالرَّجُل يُوَاقِعُ أَهْلَهُ (2) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لِلرَّجُل أَنْ يُكَلِّمَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ الْوَطْءِ وَلَا إِشْكَال فِي جَوَازِهِ وَلَا وَجْهَ لِلْكَرَاهَةِ (3) .</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (وَطْءٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌هَجْرُ الْكَلَامِ مَعَ الزَّوْجَةِ وَغَيْرِهَا:</span></p><font color=#ff0000>25 -</font> ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلزَّوْجِ أَنْ يَهْجُرَ زَوْجَتَهُ بِالْكَلَامِ.</p>فَقَال الرَّمْلِيُّ: يَحْرُمُ هَجْرُ الزَّوْجَةِ بِالْكَلَامِ فِيمَا زَادَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِكُل أَحَدٍ مِنْهُمَا إِلَاّ إِنْ قَصَدَ بِهِ رَدَّهَا عَنِ الْمَعْصِيَةِ وَإِصْلَاحَ دِينِهَا لَا حَظَّ نَفْسِهِ، وَلَا الأَْمْرَيْنِ فِيمَا يَظْهَرُ، لِجَوَازِ الْهَجْرِ لِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ كَكَوْنِ الْمَهْجُورِ نَحْوَ فَاسِقٍ أَوْ مُبْتَدِعٍ وَكَصَلَاحِ دِينِهِ أَوْ دِينِ الْهَاجِرِ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ هَجْرَهُ يَحْمِلُهُ عَلَى زِيَادَةِ الْفِسْقِ فَيَنْبَغِي امْتِنَاعُهُ عَنِ الْهَجْرِ.</p>وَقَال الرَّحِيبَانِيُّ: هَجْرُ الزَّوْجَةِ فِي الْكَلَامِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية 3 / 267، وأسنى المطالب 1 / 46، وكشاف القناع 5 / 194، والمغني لابن قدامة 7 / 25.</p><font color=#ff0000>(2)</font> عمدة القاري 1 / 665.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مواهب الجليل 3 / 406، والقوانين الفقهية ص 141.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢١)</span><hr/></div>ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لَا فَوْقَهَا (1)، لِحَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ رضي الله عنه مَرْفُوعًا: لَا يَحِل لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ (2) .</p>وَيَحْرُمُ الْهِجْرَانُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إِلَاّ لِبِدْعَةٍ فِي الْمَهْجُورِ أَوْ تَظَاهُرٍ بِفِسْقٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَقَدْ هَجَرَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الثَّلَاثَةَ الَّذِينَ خُلِّفُوا وَنَهَى الصَّحَابَةَ عَنْ كَلَامِهِمْ كَمَا جَاءَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ (3) .</p>وَانْظُرْ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (هَجْرٌ، وَنُشُوزٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَنْعُ الزَّوْجَةِ مِنْ كَلَامِ أَبَوَيْهَا:</span></p><font color=#ff0000>26 -</font> نَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُ الزَّوْجَةِ مِنْ كَلَامِ أَبَوَيْهَا (4) .</p>قَال فِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ: وَلَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ مَنْعَهَا مِنْ كَلَامِ أَبَوَيْهَا، وَلَا يَمْلِكُ مَنْعَهُمَا مِنْ زِيَارَتِهَا، لأَِنَّهُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ إِلَاّ مَعَ ظَنِّ حُصُول ضَرَرٍ يُعْرَفُ بِقَرَائِنِ الْحَال بِسَبَبِ زِيَارَتِهِمَا (5) .</p>وَلِلْفُقَهَاءِ تَفْصِيلٌ فِي زِيَارَةِ الْمَرْأَةِ لأَِبَوَيْهَا وَسَائِرِ أَهْلِهَا يُنْظَرُ فِي (زِيَارَةٌ ف 8) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 6 / 383، ومطالب أولي النهى 5 / 287.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ". أخرجه البخاري (الفتح 11 / 21) ومسلم (4 / 1984) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> عمدة القاري 9 / 490.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مطالب أولي النهى 5 / 272، والمغني لابن قدامة 7 / 20.</p><font color=#ff0000>(5)</font> كشاف القناع 5 / 197.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْكَلَامُ مَعَ الْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ:</span></p><font color=#ff0000>27 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّكَلُّمُ مَعَ الشَّابَّةِ الأَْجْنَبِيَّةِ بِلَا حَاجَةٍ لأَِنَّهُ مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ، وَقَالُوا إِنَّ الْمَرْأَةَ الأَْجْنَبِيَّةَ إِذَا سَلَّمَتْ عَلَى الرَّجُل إِنْ كَانَتْ عَجُوزًا رَدَّ الرَّجُل عَلَيْهَا لَفْظًا أَمَّا إِنْ كَانَتْ شَابَّةً يُخْشَى الاِفْتِتَانُ بِهَا أَوْ يُخْشَى افْتِتَانُهَا هِيَ بِمَنْ سَلَّمَ عَلَيْهَا فَالسَّلَامُ عَلَيْهَا وَجَوَابُ السَّلَامِ مِنْهَا حُكْمُهُ الْكَرَاهَةُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الرَّجُل يَرُدُّ عَلَى سَلَامِ الْمَرْأَةِ فِي نَفْسِهِ إِنْ سَلَّمَتْ عَلَيْهِ وَتَرُدُّ هِيَ فِي نَفْسِهَا إِنْ سَلَّمَ عَلَيْهَا، وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِحُرْمَةِ رَدِّهَا عَلَيْهِ (1) .</p>وَالتَّفْصِيل فِي (سَلَامٌ ف 19) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْغِيبَةُ بِالْكَلَامِ:</span></p><font color=#ff0000>28 -</font> الْغِيبَةُ حَرَامٌ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، وَهِيَ تَكُونُ بِالْكَلَامِ، وَتَكُونُ بِغَيْرِهِ كَالإِْشَارَةِ وَالإِْيمَاءِ وَالْغَمْزِ وَالْهَمْزِ وَالْكِتَابَةِ وَالْحَرَكَةِ وَكُل ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي الْغِيبَةِ.</p>وَلِلتَّفْصِيل انْظُرْ (غِيبَةٌ ف 7، 8) .</p> </p>‌<span class="title">‌قَطْعُ كَلَامِ الْغَيْرِ:</span></p><font color=#ff0000>29 -</font> يُكْرَهُ قَطْعُ كَلَامِ الْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية 4 / 1577، وحاشية ابن عابدين 1 / 272، 5 / 233، والفواكه الدواني 2 / 224، وشرح الزرقاني 3 / 110، وروضة الطالبين 10 / 229، والمغني 6 / 558 - 560.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٢)</span><hr/></div>لِكَلَامِهِ خُصُوصًا إِذَا كَانَ الْكَلَامُ الْمَقْطُوعُ فِي مُذَاكَرَةِ الْعِلْمِ أَوْ تَكْرَارِ الْفِقْهِ فَهُوَ أَشَدُّ كَرَاهَةً (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْكَلَامُ أَثْنَاءَ الذِّكْرِ وَالتَّسْبِيحِ:</span></p><font color=#ff0000>30 -</font> يُكْرَهُ الْكَلَامُ أَثْنَاءَ الذِّكْرِ وَالتَّسْبِيحِ وَالدُّعَاءِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَتَفْسِيرِهِ وَكَذَا بَيْنَ السُّنَنِ وَالْفَرَائِضِ حَتَّى قِيل: التَّكَلُّمُ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالْفَرْضِ يُنْقِصُ الثَّوَابَ وَلَا يُسْقِطُهُ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَخَلُّل الْكَلَامِ الأَْجْنَبِيِّ بَيْنَ الإِْيجَابِ وَالْقَبُول:</span></p><font color=#ff0000>31 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ لَا يَتَخَلَّل الْعَقْدَ كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ.</p>وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ: بِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ فِي الْبَيْعِ الْفَصْل بَيْنَ الإِْيجَابِ وَالْقَبُول إِلَاّ أَنْ يَخْرُجَ عَنِ الْبَيْعِ لِغَيْرِهِ عُرْفًا (3) .</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (عَقْدٌ ف 18 وَمَا بَعْدَهَا) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَجِبُ فِي إِذْهَابِ الْكَلَامِ:</span></p><font color=#ff0000>32 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِي إِذْهَابِ الْكَلَامِ إِنْ بَقِيَ اللِّسَانُ وَذَهَبَتِ الْجِنَايَةُ بِالْكَلَامِ وَحْدَهُ، لِعَدَمِ إِمْكَانِ الْمُمَاثَلَةِ فِي الْقِصَاصِ، وَتَجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً بِإِذْهَابِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بريقة محمودية شرح طريقة محمدية 3 / 299 - 300.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بريقة محمودية شرح طريقة محمدية 3 / 300.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 4 / 20، والشرح الصغير 3 / 17، ومغني المحتاج 2 / 5 - 6، وكشاف القناع 3 / 145 - 148.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٣)</span><hr/></div>الْكَلَامِ (1) .</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (دِيَاتٌ ف 57 وَجِنَايَةٌ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ ف 22) .</p> </p>‌<span class="title">‌كَلَامُ الْقَاضِي مَعَ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ سِرًّا:</span></p><font color=#ff0000>33 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْقَاضِي الْكَلَامُ مَعَ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ سِرًّا دُونَ الآْخَرِ لِمَا فِيهِ مِنْ كَسْرِ قَلْبِ صَاحِبِهِ وَرُبَّمَا أَضْعَفَهُ ذَلِكَ عَنْ إِقَامَةِ حُجَّتِهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُلَقِّنَهُ حُجَّتَهُ، لأَِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَعْدِل بَيْنَهُمَا وَلِمَا فِيهِ مِنَ الضَّرَرِ عَلَى صَاحِبِهِ، وَعَلَى الْقَاضِي الْعَدْل بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ فِي كُل شَيْءٍ مِنَ الْكَلَامِ، وَاللَّحْظِ، وَاللَّفْظِ، وَالإِْشَارَةِ وَالإِْقْبَال، وَالدُّخُول عَلَيْهِ، وَالإِْنْصَاتِ إِلَيْهِمَا وَالاِسْتِمَاعِ مِنْهُمَا، وَالْقِيَامِ لَهُمَا، وَرَدِّ التَّحِيَّةِ عَلَيْهِمَا، وَطَلَاقَةِ الْوَجْهِ لَهُمَا، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا (2) .</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (تَسْوِيَةٌ ف 9 وَقَضَاءٌ ف 41) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 4 / 30.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 6 / 373، والقوانين الفقهية ص 300، وروضة الطالبين 11 / 161، ومغني المحتاج 4 / 400، ومطالب أولي النهى 6 / 477. المغني لابن قدامة 9 / 80 - 81 - 82.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌كَلْبٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الْكَلْبُ فِي اللُّغَةِ: كُل سَبُعٍ عَقُورٍ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ، وَجَمْعُهُ أَكْلُبٌ وَكِلَابٌ، وَجَمْعُ الْجَمْعِ: أَكَالِبُ، وَالأُْنْثَى كَلْبَةٌ وَجَمْعُهَا كِلَابٌ. أَيْضًا وَكَلْبَاتٌ (1) .</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ: هُوَ ذَلِكَ الْحَيَوَانُ النَّبَّاحُ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الْخِنْزِيرُ</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الْخِنْزِيرُ حَيَوَانٌ خَبِيثٌ (3) وَيَشْتَرِكُ الْخِنْزِيرُ مَعَ الْكَلْبِ فِي نَجَاسَةِ الْعَيْنِ، وَنَجَاسَةِ كُل مَا نَتَجَ عَنْهُمَا وَحُرْمَةِ أَكْل لَحْمِهِمَا وَالاِنْتِفَاعِ بِأَلْبَانِهِمَا وَأَشْعَارِهِمَا وَجُلُودِهِمَا وَلَوْ بَعْدَ الدَّبْغِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.</p>وَيَفْتَرِقَانِ فِي جَوَازِ اقْتِنَاءِ الْكَلْبِ لِلصَّيْدِ وَالْحِرَاسَةِ أَمَّا الْخِنْزِيرُ فَلَا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ بِحَالٍ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، والمصباح المنير مادة (كلب) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> المفردات للراغب الأصفهاني.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المصباح المنير.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٤)</span><hr/></div>ب -‌<span class="title">‌ السَّبُعُ</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> السَّبُعُ بِضَمِّ الْبَاءِ وَسُكُونِهَا، وَقُرِئَ بِهِمَا قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَمَا أَكَل السَّبُعُ} (1) أَيْ " وَمَا أَكَل مِنْهُ السَّبُعُ.</p>وَيُجْمَعُ عَلَى سِبَاعٍ، مِثْل رَجُلٍ وَرِجَالٍ وَلَا جَمْعَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ.</p>وَالسَّبُعُ: كُل مَا لَهُ نَابٌ يَعْدُو بِهِ وَيَفْتَرِسُ (2) .</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ: هُوَ كُل مُنْتَهِبٍ جَارِحٍ قَاتِلٍ عَادَةً (3) .</p>وَالسَّبُعُ أَعَمُّ مِنَ الْكَلْبِ فَكُل كَلْبٍ سَبُعٌ وَلَيْسَ كُل سَبُعٍ كَلْبًا.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْكَلْبِ:</span></p>هُنَاكَ أَحْكَامٌ تَتَعَلَّقُ بِالْكَلْبِ مِنْ حَيْثُ اقْتِنَاؤُهُ وَتَعْلِيمُهُ وَحِل صَيْدِهِ، وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا سَيَرِدُ تَفْصِيلُهُ فِيمَا يَلِي:</p> </p>‌<span class="title">‌اقْتِنَاءُ الْكَلْبِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اقْتِنَاءُ الْكَلْبِ إِلَاّ لِحَاجَةٍ: كَالصَّيْدِ وَالْحِرَاسَةِ، وَغَيْرِهِمَا مِنْ وُجُوهِ الاِنْتِفَاعِ الَّتِي لَمْ يَنْهَ الشَّارِعُ عَنْهَا (4) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يُكْرَهُ اتِّخَاذُهُ لِغَيْرِ زَرْعٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة المائدة / 3.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الدر المختار 6 / 304.</p><font color=#ff0000>(4)</font> ابن عابدين 5 / 134، 147، 217، وجواهر الإكليل 2 / 4، 35، حاشية القليوبي 2 / 157، وفتح الباري 5 / 7، والشرح الكبير مع المغني 4 / 14.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٤)</span><hr/></div>أَوْ مَاشِيَةٍ أَوْ صَيْدٍ، وَقَال بَعْضُهُمْ بِجَوَازِهِ (1) .</p>وَقَدْ وَرَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَال: مَنِ اتَّخَذَ كَلْبًا إِلَاّ كَلْبَ مَاشِيَةٍ أَوْ صَيْدٍ أَوْ زَرْعٍ انْتُقِصَ مِنْ أَجْرِهِ كُل يَوْمٍ قِيرَاطٌ (2) .</p>وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا إِلَاّ كَلْبَ صَيْدٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ، نَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُل يَوْمٍ قِيرَاطَانِ (3) .</p>وَأَمَّا اقْتِنَاؤُهُ لِحِفْظِ الْبُيُوتِ فَقَدْ قَال ابْنُ قُدَامَةَ: لَا يَجُوزُ عَلَى الأَْصَحِّ لِلْخَبَرِ الْمُتَقَدِّمِ، وَيَحْتَمِل الإِْبَاحَةَ (4) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا زَالَتِ الْحَاجَةُ الَّتِي يَجُوزُ اقْتِنَاءُ الْكَلْبِ لَهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ زَوَال الْيَدِ عَنِ الْكَلْبِ بِفَرَاغِهَا، وَقَالُوا يَجُوزُ تَرْبِيَةُ الْجِرْوِ الَّذِي يُتَوَقَّعُ تَعْلِيمُهُ لِذَلِكَ (5) .</p>وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ - كَمَا فِي الْمُغْنِي - (6) أَنَّ مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا لِصَيْدٍ، ثُمَّ تَرَكَ الصَّيْدَ مُدَّةً، وَهُوَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كفاية الطالب الرباني 2 / 447.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث أبي هريرة:" من اتخذ كلبًا إلا كلب ماشية. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 5 / 5) ومسلم (3 / 1203) واللفظ لمسلم.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث ابن عمر: " من اقتنى كلبًا إلا كلب صيد. . . ". أخرجه مسلم (3 / 1201) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> الشرح الكبير مع المغني 4 / 14.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حاشية القليوبي 2 / 157، ومغني المحتاج 2 / 11.</p><font color=#ff0000>(6)</font> الشرح الكبير مع المغني 4 / 14.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٥)</span><hr/></div>يُرِيدُ الْعَوْدَ إِلَيْهِ، لَمْ يَحْرُمِ اقْتِنَاؤُهُ فِي مُدَّةِ تَرْكِهِ، لأَِنَّ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الزَّرْعِ.</p>وَلَوْ هَلَكَتْ مَاشِيَتُهُ، فَأَرَادَ شِرَاءَ غَيْرِهَا فَلَهُ إِمْسَاكُ كَلْبِهَا لِيَنْتَفِعَ بِهِ فِي الَّتِي يَشْتَرِيهَا.</p>وَإِنِ اقْتَنَى كَلْبًا لِصَيْدِ مَنْ لَا يَصِيدُ بِهِ، احْتَمَل الْجَوَازَ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَثْنَى كَلْبَ الصَّيْدِ مُطْلَقًا، وَاحْتَمَل الْمَنْعَ، لأَِنَّهُ اقْتَنَاهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، أَشْبَهَ غَيْرَهُ مِنَ الْكِلَابِ.</p>وَقَال الرَّحِيبَانِيُّ: يَحْرُمُ اقْتِنَاؤُهُ لأَِمْرِهِ عليه الصلاة والسلام بِقَتْلِهِ، وَإِذَا لَمْ يَجُزِ اقْتِنَاؤُهُ لَمْ يَجُزْ تَعْلِيمُهُ، لأَِنَّ التَّعْلِيمَ إِنَّمَا يَجُوزُ مَعَ جَوَازِ الإِْمْسَاكِ، فَيَكُونُ التَّعْلِيمُ حَرَامًا، وَالْحِل لَا يُسْتَفَادُ مِنَ الْمُحَرَّمِ، " وَلأَِنَّهُ عُلِّل بِكَوْنِهِ شَيْطَانًا، وَمَا قَتَلَهُ الشَّيْطَانُ لَا يُبَاحُ أَكْلُهُ كَالْمُنْخَنِقَةِ (1) .</p>وَتَجُوزُ تَرْبِيَةُ الْجِرْوِ الصَّغِيرِ لأَِحَدِ الأُْمُورِ الثَّلَاثَةِ - فِي أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ - عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، لأَِنَّهُ قَصَدَهُ لِذَلِكَ، فَيَأْخُذُ حُكْمَهُ، كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ الْجَحْشِ الصَّغِيرِ الَّذِي لَا نَفْعَ فِيهِ فِي الْحَال لِمَآلِهِ إِلَى الاِنْتِفَاعِ، وَلأَِنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَّخِذِ الصَّغِيرَ مَا أَمْكَنَ جَعْل الْكَلْبِ كَذَلِكَ، إِذْ لَا يَصِيرُ مُعَلَّمًا إِلَاّ بِالتَّعْلِيمِ، وَلَا يُمْكِنُ تَعْلِيمُهُ إِلَاّ بِتَرْبِيَتِهِ وَاقْتِنَائِهِ مُدَّةً يُعَلِّمُهُ فِيهَا (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مطالب أولي النهى 6 / 348 - 349.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني مع الشرح الكبير 4 / 14.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْتِقَاطُ الْكَلْبِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> يُبَاحُ الْتِقَاطُ كُل حَيَوَانٍ لَا يَمْتَنِعُ بِنَفْسِهِ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ.</p>وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يَجُوزُ الْتِقَاطُ الْكَلْبِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَعَلَى مُلْتَقِطِهِ أَنْ يُعَرِّفَهُ لِمُدَّةِ سَنَةٍ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ صَاحِبُهُ صَارَ مِلْكًا لِمُلْتَقِطِهِ (1) .</p>وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: مَا لَيْسَ بِمَالٍ: كَكَلْبٍ يُقْتَنَى، فَمَيْل الإِْمَامِ وَالآْخِذِينَ عَنْهُ إِلَى أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ إِلَاّ عَلَى قَصْدِ الْحِفْظِ أَبَدًا، لأَِنَّ الاِخْتِصَاصَ بِهِ بِعِوَضٍ مُمْتَنِعٌ، وَبِلَا عِوَضٍ يُخَالِفُ وَضْعَ اللُّقَطَةِ، وَقَال الأَْكْثَرُونَ: يُعَرِّفُهُ سَنَةً، ثُمَّ يَخْتَصُّ وَيَنْتَفِعُ بِهِ، فَإِنْ ظَهَرَ صَاحِبُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدْ تَلِفَ فَلَا ضَمَانَ (2) .</p>وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: لَا يَجُوزُ الْتِقَاطُ مَا يَقْوَى عَلَى الاِمْتِنَاعِ بِنَفْسِهِ: لِكِبَرِ جُثَّتِهِ، كَالإِْبِل، أَوْ لِطَيَرَانِهِ، أَوْ لِسُرْعَتِهِ، كَالظِّبَاءِ، أَوْ بِنَابِهِ، كَالْكِلَابِ وَالْفُهُودِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْوَصِيَّةُ بِالْكَلْبِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> قَال الشَّافِعِيَّةُ: تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِنَجَاسَةٍ يَحِل الاِنْتِفَاعُ بِهَا لِثُبُوتِ الاِخْتِصَاصِ فِيهَا، كَكَلْبٍ مُعَلَّمٍ أَيْ قَابِلٍ لِلتَّعْلِيمِ بِخِلَافِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ.</p>وَلَوْ أَوْصَى بِكَلْبٍ مِنْ كِلَابِهِ الْمُنْتَفَعِ بِهَا فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الصغير 4 / 166.</p><font color=#ff0000>(2)</font> روضة الطالبين 5 / 405.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 5 / 740 ط. الرياض.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٦)</span><hr/></div>صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ أَوْ زَرْعٍ أَعْطَى لِلْمُوصَى لَهُ أَحَدَهَا بِتَعْيِينِ الْوَارِثِ أَيْ حَسَبَ اخْتِيَارِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُوصِي كَلْبٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ لَغَتْ وَصِيَّتُهُ.</p>وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَكِلَابٌ مُنْتَفَعٌ بِهَا، وَوَصَّى بِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا، فَالأَْصَحُّ نُفُوذُهَا وَإِنْ كَثُرَتِ الْكِلَابُ الْمُوصَى بِهَا وَقَل الْمَال، لأَِنَّهُ خَيْرٌ مِنْهَا، إِذْ لَا قِيمَةَ لَهَا.</p>وَالثَّانِي وَهُوَ مُقَابِل الأَْصَحِّ، لَا تَنْفُذُ إِلَاّ فِي ثُلُثِهَا، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا مَالٌ، لأَِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِهِ حَتَّى تُضَمَّ إِلَيْهِ.</p>وَالثَّالِثُ: تُقَوَّمُ بِتَقْدِيرِ الْمَالِيَّةِ فِيهَا، وَتُضَمُّ إِلَى الْمَال، وَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِ الْجَمِيعِ، أَيْ فِي قَدْرِهِ مِنَ الْكِلَابِ (1) .</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْكَلْبِ الَّذِي يُبَاحُ اقْتِنَاؤُهُ، لأَِنَّهَا نَقْلٌ لِلْيَدِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ، وَتَصِحُّ هِبَتُهُ لِذَلِكَ، وَقَال الْقَاضِي: لَا تَصِحُّ، لأَِنَّهَا تَمْلِيكٌ فِي الْحَيَاةِ، أَشْبَهَ الْبَيْعَ، وَالأَْوَّل أَصَحُّ، وَيُفَارِقُ الْبَيْعَ لأَِنَّهُ يُؤْخَذُ عِوَضُهُ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ (2) .</p>وَقَال الرَّحِيبَانِيُّ: وَإِنْ وَصَّى بِكَلْبٍ وَلَهُ كِلَابٌ، فَلِلْوَرَثَةِ إِعْطَاؤُهُ أَيَّ كَلْبٍ شَاءُوا.</p>وَإِنْ وَصَّى لِزَيْدٍ بِكِلَابِهِ، وَوَصَّى لآِخَرَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) القليوبي وعميرة 3 / 160 - 161.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني لابن قدامة 4 / 280 ط. مطبعة الرياض الحديثة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٦)</span><hr/></div>بِثُلُثِ مَالِهِ، فَلِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ثُلُثُ الْمَال، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالْكِلَابِ ثُلُثُهَا، إِنْ لَمْ تُجِزِ الْوَرَثَةُ، لأَِنَّ مَا حَصَل لِلْوَرَثَةِ مِنْ ثُلُثَيِ الْمَال قَدْ جَازَتِ الْوَصِيَّةُ فِيمَا يُقَابِلُهُ مِنْ حَقِّ الْمُوصَى لَهُ وَهُوَ ثُلُثُ الْمَال، وَلَمْ يُحْتَسَبْ عَلَى الْوَرَثَةِ بِالْكِلَابِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌سَرِقَةُ الْكَلْبِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لَا قَطْعَ فِي سَرِقَةِ الْكَلْبِ مُطْلَقًا، وَلَوْ كَانَ مُعَلَّمًا أَوْ لِحِرَاسَةٍ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِهِ (2) بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنَ الْجَوَارِحِ الْمُعَلَّمَةِ، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ نِصَابًا.</p>وَعَلَّلَهُ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ يُوجَدُ مِنْ جِنْسِهِ مُبَاحُ الأَْصْل وَبِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي مَالِيَّتِهِ فَأَوْرَثَ شُبْهَةً.</p>وَعَلَّل الشَّافِعِيَّةُ عَدَمَ الْقَطْعِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ كَالْخِنْزِيرِ وَالْخَمْرِ - وَلَوْ مِنْ ذِمِّيٍّ، لأَِنَّ الْقَطْعَ جُعِل لِصِيَانَةِ الأَْمْوَال، وَهَذِهِ الأَْشْيَاءُ لَيْسَتْ بِمَالٍ.</p>وَهَذَا خِلَافًا لأَِشْهَبَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ الْقَائِل بِالْقَطْعِ فِي الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مطالب أولي النهى 4 / 495.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الكلب ". أخرجه مسلم (3 / 1198) من حديث أبي مسعود الأنصاري. بلفظ:" نهى عن ثمن الكلب ".</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 4 / 94 ط. الحلبي، وجواهر الإكليل 2 / 290 - 291، والشرح الصغير 4 / 474، وروضة الطالبين 5 / 405، والقليوبي وعميرة 4 / 195، والمهذب 2 / 359، والمغني مع الشرح الكبير 10 / 282.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌غَصْبُ الْكَلْبِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّ غَصْبَ الْكَلْبِ الْمَأْذُونِ فِيهِ مَضْمُونٌ بِقِيمَتِهِ وَيَجِبُ رَدُّهُ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، فَإِنَّهُ لَا يَغْرَمُ إِذْ لَا قِيمَةَ لَهُ، وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يَجِبُ رَدُّ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَإِذَا أَتْلَفَهُ لَمْ يَغْرَمْهُ.</p>(ر: مُصْطَلَحَ غَصْبٌ ف 13) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يُشْتَرَطُ لِحِل صَيْدِ الْكَلْبِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> يُشْتَرَطُ لِحِل الصَّيْدِ أَنْ يَكُونَ كَلْبُ الصَّيْدِ مُعَلَّمًا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} (1) . وَلِحَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه قَال: قُلْتُ يَا رَسُول اللَّهِ، إِنِّي أُرْسِل الْكِلَابَ الْمُعَلَّمَةَ فَيُمْسِكْنَ عَلَيَّ، وَأَذْكُرُ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ. فَقَال: إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُل. قُلْتُ: وَإِنْ قَتَلْنَ؟ قَال: وَإِنْ قَتَلْنَ مَا لَمْ يَشْرَكْهَا كَلْبٌ لَيْسَ مَعَهَا (2) .</p>وَيُعْتَبَرُ فِي تَعْلِيمِ الْكَلْبِ شُرُوطٌ إِذَا أَرْسَلَهُ صَاحِبُهُ اسْتَرْسَل، وَإِذَا زَجَرَهُ انْزَجَرَ وَإِذَا أَمْسَكَ لَمْ يَأْكُل.</p>(وَالتَّفْصِيل: فِي مُصْطَلَحِ صَيْدٌ ف 38 وَمَا بَعْدَهَا) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة المائدة / 4.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث عدي بن حاتم: " إني أرسل الكلاب المعلمة. . . ". أخرجه مسلم (3 / 1529) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الاِنْتِفَاعُ بِالْكَلْبِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> تَقَدَّمَ جَوَازُ اقْتِنَاءِ الْكَلْبِ لِحَاجَةٍ كَالصَّيْدِ وَالْحِرَاسَةِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ وُجُوهِ الاِنْتِفَاعِ بِهِ الَّتِي لَمْ يَنْهَ الشَّارِعُ عَنْهَا</p> </p>‌<span class="title">‌اسْتِئْجَارُ الْكَلْبِ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> مَنَعَ الْحَنَفِيَّةُ إِجَارَةَ الْكَلْبِ لأَِنَّهُ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَنْفَعَةِ الْحِرَاسَةِ بِضَرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْهِنْدِيَّةِ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ يَجُوزُ إِذَا بَيَّنَ لِذَلِكَ وَقْتًا مَعْلُومًا (1) .</p>وَقَال النَّوَوِيُّ: اسْتِئْجَارُ الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ لِلصَّيْدِ وَالْحِرَاسَةِ بَاطِلٌ عَلَى الأَْصَحِّ، وَقِيل يَجُوزُ، كَالْفَهْدِ وَالْبَازِيِّ، وَالشَّبَكَةِ لِلاِصْطِيَادِ، وَالْهِرَّةِ لِدَفْعِ الْفَأْرِ (2)، وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: لَا تَجُوزُ إِجَارَتُهُ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ لأَِنَّهُ حَيَوَانٌ مُحَرَّمٌ بَيْعُهُ لِخَبَثِهِ، فَحَرُمَتْ إِجَارَتُهُ كَالْخِنْزِيرِ (3) .</p>(وَالتَّفْصِيل يُنْظَرُ فِي: مُصْطَلَحِ إِجَارَةٌ ف) .</p> </p>‌<span class="title">‌بَيْعُ الْكَلْبِ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ الْكَلْبِ مُطْلَقًا " لِنَهْيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَمَهْرِ الْبَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ "(4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الهندية 4 / 454.</p><font color=#ff0000>(2)</font> روضة الطالبين 5 / 178.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 4 / 280 ط. مطبعة الرياض الحديثة.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " نهى عن ثمن الكلب. . . ". سبق تخريجه ف7.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٨)</span><hr/></div>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَسَحْنُونٌ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى جَوَازِ بَيْعِ الْكَلْبِ مُطْلَقًا لأَِنَّهُ مَالٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ حَقِيقَةً، إِلَاّ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَوَاهَا أَبُو يُوسُفَ عَنْهُ فِي الْكَلْبِ الْعَقُورِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ.</p>وَحَكَى فِي الْفَوَاكِهِ الدَّوَانِي أَنَّ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ تَفْصِيلاً بَيْنَ الْكَلْبِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، وَبَيْنَ غَيْرِهِ، فَمَنَعُوا بِاتِّفَاقٍ بَيْعَ غَيْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، لِلْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ سَابِقًا.</p>وَأَمَّا الْمَأْذُونُ فِيهِ، فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ عِنْدَهُمْ.</p>الْمَنْعُ، وَالْكَرَاهَةُ، وَالْجَوَازُ. وَالْمَشْهُورُ مِنْهَا عَنْ مَالِكٍ الْمَنْعُ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌بَيْعُ جِلْدِ الْكَلْبِ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ جِلْدَ الْكَلْبِ لَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغَةِ لأَِنَّهُ نَجِسُ الْعَيْنِ فَلَا يُبَاعُ وَلَوْ دُبِغَ.</p>وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ سَحْنُونٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّ جُلُودَ جَمِيعِ الْحَيَوَانَاتِ تَطْهُرُ بِالدِّبَاغَةِ حَتَّى الْخِنْزِيرِ، لِحَدِيثِ إِذَا دُبِغَ الإِْهَابُ فَقَدْ طَهُرَ (2) فَيَجُوزُ بَيْعُ جِلْدِ الْكَلْبِ بَعْدَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 5 / 142 - 143، والفواكه الدواني 2 / 138، والشرح الكبير بحاشية الدسوقي 3 / 11، وشرح المنهج بحاشية الجمل 3 / 22، والمغني 4 / 189.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" إذا دبغ الإهاب فقد طهر ". أخرجه مسلم (1 / 277) من حديث ابن عباس.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٨)</span><hr/></div>الدِّبَاغَةِ.</p>وَالْحَنَفِيَّةُ يَقُولُونَ بِطَهَارَةِ جِلْدِ جَمِيعِ الْحَيَوَانَاتِ غَيْرِ مَأْكُولَةِ اللَّحْمِ بِالدَّبْغِ مَا عَدَا الْخِنْزِيرِ لأَِنَّهُ نَجِسُ الْعَيْنِ (1) .</p>وَلِلتَّفْصِيل (ر: بَيْعٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ ف 12، دِبَاغَةٌ ف 8، جِلْدٌ ف 10 وَمَا بَعْدَهَا) .</p> </p>‌<span class="title">‌الاِسْتِصْبَاحُ بِدُهْنِهِ وَوَدَكِهِ:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الاِسْتِصْبَاحِ بِمَا كَانَ نَجِسًا بِعَيْنِهِ، فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ.</p>أَمَّا مَا كَانَ مُتَنَجِّسًا فَالْجُمْهُورُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الاِسْتِصْبَاحِ بِهِ فِي الْمَسْجِدِ دُونَ غَيْرِهِ.</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَجُوزُ - مَعَ الْكَرَاهَةِ - فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ الاِسْتِصْبَاحُ بِالدُّهْنِ النَّجِسِ وَكَذَلِكَ دُهْنُ الدَّوَابِّ، كَمَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ بِالْمُتَنَجِّسِ عَلَى الْمَشْهُورِ، لِمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سُئِل عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَقَال: إِنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَاسْتَصْبِحُوا بِهِ (2) .</p>أَمَّا فِي الْمَسْجِدِ فَلَا، لِمَا فِيهِ مِنْ تَنْجِيسِهِ، كَذَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِلأَْذْرَعِيِّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مراقي الفلاح ص91، وتبيين الحقائق 1 / 51، ورد المحتار 1 / 137، وبدائع الصنائع 1 / 86، وحاشية الدسوقي 1 / 54، والمجموع 1 / 245 - 246، والمغني 1 / 71.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن فأرة وقعت في سمن. . . ". أورده ابن عبد البر في التمهيد (9 / 45) من حديث أبي هريرة، ونقل (9 / 36) عن البخاري أن هذه الرواية غير محفوظة، وإنما الحديث عن ميمونة ليس فيه ذكر الاستصباح.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٩)</span><hr/></div>وَالزَّرْكَشِيِّ،. وَصَرَّحَ. بِذَلِكَ. الإِْمَامُ. وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.</p>قَال الرَّمْلِيُّ: وَمَحَل ذَلِكَ فِي غَيْرِ وَدَكٍ نَحْوِ الْكَلْبِ، فَلَا يَجُوزُ الاِسْتِصْبَاحُ بِهِ لِغِلَظِ نَجَاسَتِهِ (1) .</p>وَلِلتَّفْصِيل (ر: مُصْطَلَحَ اسْتِصْبَاحٌ ف 4) .</p> </p>‌<span class="title">‌نَجَاسَةُ الْكَلْبِ:</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> يَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الْكَلْبَ لَيْسَ بِنَجِسِ الْعَيْنِ، وَلَكِنْ سُؤْرُهُ وَرُطُوبَاتُهُ نَجِسَةٌ (2) .</p>وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ: أَنَّ الْكَلْبَ طَاهِرُ الْعَيْنِ لِقَوْلِهِمْ: الأَْصْل فِي الأَْشْيَاءِ الطَّهَارَةِ. فَكُل حَيٍّ - وَلَوْ كَلْبًا وَخِنْزِيرًا - طَاهِرٌ، وَكَذَا عَرَقُهُ وَدَمْعُهُ وَمُخَاطُهُ وَلُعَابُهُ، وَإِلَاّ مَا خَرَجَ مِنَ الْحَيَوَانِ مِنْ بَيْضٍ أَوْ مُخَاطٍ أَوْ دَمْعٍ أَوْ لُعَابٍ بَعْدَ مَوْتِهِ بِلَا ذَكَاةٍ شَرْعِيَّةٍ - فَإِنَّهُ يَكُونُ نَجِسًا، فَهَذَا فِي الْحَيَوَانِ الَّذِي مِيتَتُهُ نَجِسَةٌ (3) .</p>وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ الْكَلْبَ نَجِسُ الْعَيْنِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج للرملي 2 / 373.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 1 / 204.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب مالك 1 / 43، 44.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الأم 1 / 8، والقليوبي وعميرة 1 / 69، والمغني لابن قدامة 1 / 35.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌حُكْمُ شَعْرِ الْكَلْبِ مِنْ حَيْثُ الطَّهَارَةُ وَالنَّجَاسَةُ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي نَجَاسَةِ شَعْرِ الْكَلْبِ أَوْ طَهَارَتِهِ سَوَاءٌ أُخِذَ مِنْهُ فِي حَال حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ.</p>فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى طَهَارَتِهِ.</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ إِلَى نَجَاسَتِهِ.</p>وَالتَّفْصِيل فِي (مُصْطَلَحِ شَعْرٌ وَصُوفٌ وَوَبَرٌ ف 19) .</p> </p>‌<span class="title">‌حُكْمُ مُعَضِّ كَلْبِ الصَّيْدِ مِنْ حَيْثُ النَّجَاسَةُ وَالطَّهَارَةُ:</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي نَجَاسَةِ مُعَضِّ كَلْبِ الصَّيْدِ، مِمَّا يَصِيدُهُ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى طَهَارَةِ مُعَضِّ الْكَلْبِ.</p>وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى نَجَاسَتِهِ.</p>وَالتَّفْصِيل فِي (صَيْدٌ ف 44) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَطْهِيرُ الإِْنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ:</span></p><font color=#ff0000>18 -</font> ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ غَسْل الإِْنَاءِ سَبْعًا إِحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِيهِ، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" طهور إناء أحدكم. . . ". أخرجه مسلم (1 / 234) من حديث أبي هريرة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٠)</span><hr/></div>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُنْدَبُ غَسْل الإِْنَاءِ سَبْعًا وَلَا تَتْرِيبَ مَعَ الْغَسْل.</p>وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وُجُوبُ غَسْل الإِْنَاءِ ثَلَاثًا، وَلَهُمْ قَوْلٌ بِغَسْلِهِ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا (1) .</p>وَيَرَى بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ تَعَدُّدَ الْغَسْل تَعَبُّدٌ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ، لِطَهَارَةِ الْكَلْبِ. وَقِيل: لِقَذَارَتِهِ، وَقِيل: لِنَجَاسَتِهِ، وَعَلَيْهِمَا فَكَوْنُهُ سَبْعًا، تَعَبُّدًا، وَقِيل: لِتَشْدِيدِ الْمَنْعِ.</p>وَاخْتَارَ ابْنُ رُشْدٍ كَوْنَ الْمَنْعِ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ الْكَلْبُ كَلِبًا، فَيَكُونُ قَدْ دَاخَل مِنْ لُعَابِهِ الْمَاءَ مَا يُشْبِهُ السُّمَّ، قَال: وَيَدُل عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيل تَحْدِيدُهُ بِالسَّبْعِ، لأَِنَّ السَّبْعَ مِنَ الْعَدَدِ مُسْتَحَبٌّ فِيمَا كَانَ طَرِيقُهُ التَّدَاوِي، لَا سِيَّمَا فِيمَا يُتَوَقَّى مِنْهُ السُّمُّ، كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ تَصَبَّحَ بِسَبْعِ تَمَرَاتٍ عَجْوَةٍ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمُ سُمٌّ وَلَا سِحْرٌ (2)</p>قَال ابْنُ عَرَفَةَ: وَرُدَّ عَلَيْهِ بِنَقْل الأَْطِبَّاءِ أَنَّ الْكَلْبَ الْكَلِبَ يَمْتَنِعُ عَنْ وُلُوغِ الْمَاءِ.</p>وَأَجَابَ حَفِيدُ ابْنُ رُشْدٍ، أَنَّهُ يَمْتَنِعُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مواهب الجليل 1 / 13، 14، 175، 176، 177، والدسوقي على الدردير 1 / 83 - 84، والمغني 1 / 52 - 54 ط. الرياض، وأسنى المطالب 1 / 21.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" من تصبح بسبع تمرات. . . ". أخرجه مسلم (8 / 1618) من حديث سعد بن أبي وقاص.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٠)</span><hr/></div>إِذَا تَمَكَّنَ مِنْهُ الْكَلْبُ، أَمَّا فِي أَوَائِلِهِ، فَلَا (1) .</p>(ر: مُصْطَلَحَ تَتْرِيبٌ ف 2) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَعَدُّدُ الْوُلُوغِ:</span></p><font color=#ff0000>19 -</font> قَال الْمَالِكِيَّةُ: لَا يَتَعَدَّدُ الْغَسْل سَبْعًا بِسَبَبِ وُلُوغِ كَلْبٍ وَاحِدٍ مَرَّاتٍ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ أَوْ وُلُوغِ كِلَابٍ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ قَبْل غَسْلِهِ، لِتَدَاخُل مُسَبِّبَاتِ الأَْسْبَابِ الْمُتَّفِقَةِ فِي الْمُسَبَّبِ كَنَوَاقِضِ الْوُضُوءِ وَمُوجِبَاتِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ (2) .</p>وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ لَوْ وَلَغَ كَلْبَانِ، أَوْ كَلْبٌ وَاحِدٌ مَرَّاتٍ فِي إِنَاءٍ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: الصَّحِيحُ، أَنَّهُ يَكْفِيهِ لِلْجَمِيعِ سَبْعُ مَرَّاتٍ إِحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ، وَالثَّانِي: يَجِبُ لِكُل وَلْغَةٍ سَبْعٌ، وَالثَّالِثُ: يَكْفِي لِوَلَغَاتِ الْكَلْبِ الْوَاحِدِ سَبْعٌ، وَيَجِبُ لِكُل كَلْبٍ سَبْعٌ.</p>وَلَا تَقُومُ الْغَسْلَةُ الثَّامِنَةُ، وَلَا غَمْسُ الإِْنَاءِ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ وَمُكْثُهُ فِيهِ قَدْرَ سَبْعِ غَسَلَاتٍ مَقَامَ التُّرَابِ عَلَى الأَْصَحِّ (3) .</p>قَال الشَّيْخُ زَكَرِيَّا الأَْنْصَارِيُّ: وَكَفَتِ السَّبْعُ مَعَ التَّتْرِيبِ فِي إِحْدَاهَا وَإِنْ تَعَدَّدَتِ الْكِلَابُ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مواهب الجليل 1 / 177.</p><font color=#ff0000>(2)</font> جواهر الإكليل 1 / 14، ومواهب الجليل 1 / 179.</p><font color=#ff0000>(3)</font> شرح صحيح مسلم 3 / 185 ط. المطبعة المصرية ومكتبتها.</p><font color=#ff0000>(4)</font> أسنى المطالب 1 / 21 ط. المكتبة الإسلامية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣١)</span><hr/></div>وَقَال النَّوَوِيُّ: وَلَوْ كَانَتْ نَجَاسَةُ الْكَلْبِ دَمَهُ أَوْ رَوَثَهُ، فَلَمْ يَزَل عَنْهُ إِلَاّ بِسِتِّ غَسَلَاتٍ، فَهَل يُحْسَبُ ذَلِكَ سِتَّةُ غَسَلَاتٍ، أَمْ غَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ، أَمْ لَا يُحْسَبُ مِنَ السَّبْعِ؟ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، أَصَحُّهَا وَاحِدَةٌ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌مُرُورُ الْكَلْبِ الأَْسْوَدِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي:</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَبْطُل بِمُرُورِ شَيْءٍ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَالسُّتْرَةِ وَقَالُوا: إِنَّ الْمُرَادَ بِقَطْعِ الصَّلَاةِ بِمُرُورِ شَيْءٍ إِنَّمَا هُوَ نَقْصُ الصَّلَاةِ لِشَغْل قَلْبِ الْمُصَلِّي بِمَا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ إِبْطَال الصَّلَاةِ.</p>وَنَقَل الْجَمَاعَةُ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله أَنَّ الصَّلَاةَ لَا يَقْطَعُهَا إِلَاّ الْكَلْبُ الأَْسْوَدُ الْبَهِيمُ، قَال الأَْثْرَمُ: سُئِل أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ؟ قَال: لَا يَقْطَعُهَا عِنْدِي شَيْءٌ إِلَاّ الْكَلْبُ الأَْسْوَدُ الْبَهِيمُ (2) .</p>وَالْبَهِيمُ الَّذِي لَيْسَ فِي لَوْنِهِ شَيْءٌ سِوَى السَّوَادِ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ نُكْتَتَانِ تُخَالِفَانِ لَوْنَهُ لَمْ يَخْرُجْ بِهَذَا عَنْ كَوْنِهِ بَهِيمًا تَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامُ الأَْسْوَدِ الْبَهِيمِ، مِنْ قَطْعِ الصَّلَاةِ، وَتَحْرِيمِ صَيْدِهِ وَإِبَاحَةِ قَتْلِهِ، فَإِنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ: عَلَيْكُمْ بِالأَْسْوَدِ الْبَهِيمِ ذِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح صحيح مسلم 3 / 185.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني لابن قدامة 2 / 182، 184، 185، 186، وصحيح مسلم بشرح النووي 4 / 227.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣١)</span><hr/></div>النُّقْطَتَيْنِ، فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ (1) . وَقَطْعُهُ لِلصَّلَاةِ قَوْل عَائِشَةَ رضي الله عنها، وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ طَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ، وَمَرْوِيٌّ عَنْ أَنَسٍ وَعِكْرِمَةَ وَالْحَسَنِ وَأَبِي الأَْحْوَصِ.</p>وَوَجْهُ هَذَا الْقَوْل مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ وَالْكَلْبُ، وَيَقِي ذَلِكَ مِثْل مُؤَخِّرَةِ الرَّحْل (2) .</p>وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي، فَإِنَّهُ يَسْتُرُهُ إِذَا كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْل آخِرَةِ الرَّحْل، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْل آخِرَةِ الرَّحْل، فَإِنَّهُ يَقْطَعُ صَلَاتَهُ الْحِمَارُ، وَالْمَرْأَةُ، وَالْكَلْبُ الأَْسْوَدُ قَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّامِتِ: يَا أَبَا ذَرٍّ، مَا بَال الْكَلْبِ الأَْسْوَدِ مِنَ الْكَلْبِ الأَْحْمَرِ مِنَ الْكَلْبِ الأَْصْفَرِ؟ قَال: يَا ابْنَ أَخِي، سَأَلْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا سَأَلْتَنِي فَقَال: الْكَلْبُ الأَْسْوَدُ شَيْطَانٌ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَكْل لَحْمِ الْكَلْبِ:</span></p><font color=#ff0000>21 -</font> يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ حُرْمَةَ أَكْل لَحْمِ كُل ذِي نَابٍ يَفْتَرِسُ بِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ أَهْلِيَّةً<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" عليكم بالأسود البهيم. . . ". أخرجه مسلم (3 / 1200) من حديث جابر بن عبد الله.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب. . . ". أخرجه مسلم (1 / 366) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث أبي ذر: " إذا قام أحدكم يصلي. . . ". أخرجه مسلم (1 / 365) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٢)</span><hr/></div>كَالْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ الأَْهْلِيِّ، أَمْ وَحْشِيَّةً كَالأَْسَدِ وَالذِّئْبِ.</p>اسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: كُل ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ فَأَكْلُهُ حَرَامٌ (1) .</p>وَلِلْمَالِكِيَّةِ فِي أَكْل لَحْمِ الْكَلْبِ قَوْلَانِ: الْحُرْمَةُ، وَالْكَرَاهَةُ، وَصَحَّحَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ التَّحْرِيمَ، قَال الْحَطَّابُ وَلَمْ أَرَ فِي الْمَذْهَبِ مَنْ نَقَل إِبَاحَةَ أَكْل الْكِلَابِ (2) .</p>(وَلِلتَّفْصِيل ر: أَطْعِمَةٌ ف 24) .</p> </p>‌<span class="title">‌هِبَةُ الْكَلْبِ:</span></p><font color=#ff0000>22 -</font> ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ مُقَابِل الأَْصَحِّ مِنَ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - كَمَا قَال النَّوَوِيُّ - إِلَى صِحَّةِ هِبَةِ الْكَلْبِ لأَِنَّهَا تَبَرُّعٌ وَأَخَفُّ مِنَ الْبَيْعِ.</p>وَالأَْصَحُّ مِنَ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - كَمَا قَال النَّوَوِيُّ - بُطْلَانُ هِبَةِ الْكَلْبِ قِيَاسًا عَلَى بُطْلَانِ بَيْعِهِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌وَقْفُ الْكَلْبِ:</span></p><font color=#ff0000>23 -</font> يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَدَمَ جَوَازِ وَقْفِ الْكَلْبِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث أبي هريرة: " كل ذي ناب من السباع. . . ". أخرجه مسلم (3 / 1534) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> مواهب الجليل 3 / 236، وحاشية الدسوقي 2 / 117.</p><font color=#ff0000>(3)</font> جواهر الإكليل 2 / 212، وروضة الطالبين 5 / 274، وكشاف القناع 4 / 306.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٢)</span><hr/></div>وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يَجُوزُ وَقْفُ الْكَلْبِ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ.</p>وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَقْفُ الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ أَوِ الَّذِي يَقْبَل التَّعْلِيمَ لأَِنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ، وَالثَّانِي يَصِحُّ عَلَى رَأْيٍ، أَمَّا غَيْرُ الْمُعَلَّمِ أَوِ الْقَابِل لِلتَّعْلِيمِ فَلَا يَصِحُّ عِنْدَهُمْ وَقْفُهُ جَزْمًا (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌رَهْنُ الْكَلْبِ:</span></p><font color=#ff0000>24 -</font> ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ رَهْنُ الْكَلْبِ لأَِنَّ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لَا يَجُوزُ رَهْنُهُ، وَمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ يَجُوزُ رَهْنُهُ.</p>وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ جَوَازُ رَهْنِهِ بِاعْتِبَارِهِ مَالاً (2) .</p>(ر: رَهْنٌ ف 9) .</p> </p>‌<span class="title">‌ضَمَانُ عَقْرِ الْكَلْبِ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> لِلْفُقَهَاءِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ فِي ضَمَانِ جِنَايَةِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ وَكُل حَيَوَانٍ خَطَرٍ.</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (ضَمَانٌ ف 109) .</p> </p>‌<span class="title">‌قَتْل الْكَلْبِ:</span></p><font color=#ff0000>26 -</font> قَال الْمَالِكِيَّةُ: يَجِبُ قَتْل كُل كَلْبٍ أَضَرَّ وَمَا عَدَاهُ جَائِزٌ قَتْلُهُ لأَِنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ، وَلَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الهندية 2 / 361، وحاشية الدسوقي 4 / 76، والخرشي مع حاشية العدوي 7 / 79، ومغني المحتاج 2 / 378، والمغني 5 / 641.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 5 / 142 - 143، 6 / 135، ومغني المحتاج 2 / 122</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٣)</span><hr/></div>اخْتِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَتْل كِلَابِ الْمَاشِيَةِ وَالصَّيْدِ وَالزَّرْعِ.</p>قَال الْحَطَّابِ: ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَالِكِيَّةِ: إِلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَل مِنَ الْكِلَابِ أَسْوَدُ وَلَا غَيْرُهُ، إِلَاّ أَنْ يَكُونَ عَقُورًا، مُؤْذِيًا، وَقَالُوا: الأَْمْرُ بِقَتْل الْكِلَابِ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تَتَّخِذُوا شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا (1) فَعَمَّ وَلَمْ يَخُصَّ كَلْبًا مِنْ غَيْرِهِ.</p>وَاحْتَجُّوا - كَذَلِكَ - بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي الْكَلْبِ الَّذِي كَانَ يَلْهَثُ عَطَشًا، فَسَقَاهُ الرَّجُل، فَشَكَرَ اللَّهَ لَهُ وَغَفَرَ لَهُ، وَقَال: قَال صلى الله عليه وسلم: فِي كُل كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ (2) قَالُوا: فَإِذَا كَانَ الأَْجْرُ فِي الإِْحْسَانِ إِلَيْهِ، فَالْوِزْرُ فِي الإِْسَاءَةِ إِلَيْهِ، وَلَا إِسَاءَةَ إِلَيْهِ أَعْظَمُ مِنْ قَتْلِهِ.</p>وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: الْكَلْبُ الأَْسْوَدُ شَيْطَانٌ مَا يَدُل عَلَى قَتْلِهِ، لأَِنَّ شَيَاطِينَ الإِْنْسِ وَالْجِنِّ كَثِيرٌ، وَلَا يَجِبُ قَتْلُهُمْ (3) .</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ مَا لَا يَظْهَرُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَلَا ضَرَرٌ - كَالْكَلْبِ الَّذِي لَيْسَ بِعَقُورٍ - يُكْرَهُ قَتْلُهُ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، وَمُقْتَضَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" لا تتخذوا شيئًا فيه الروح غرضًا " أخرجه مسلم (3 / 1549) من حديث ابن عباس.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " في كل كبد رطبة أجر ". أخرجه البخاري (فتح الباري 5 / 40 - 41) ومسلم (4 / 1761) من حديث أبي هريرة.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مواهب الجليل 3 / 236 - 237.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٣)</span><hr/></div>كَلَامِ بَعْضِهِمُ التَّحْرِيمُ.</p>وَالْمُرَادُ الْكَلْبُ الَّذِي لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ مُبَاحَةً، فَأَمَّا مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ، فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ بِلَا شَكٍّ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الأَْسْوَدُ وَغَيْرُهُ.</p>وَالأَْمْرُ بِقَتْل الْكِلَابِ مَنْسُوخٌ (1) .</p>وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ: يَحْرُمُ قَتْل الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ. وَقَاتِلُهُ مُسِيءٌ ظَالِمٌ، وَكَذَلِكَ كُل كَلْبٍ مُبَاحٌ إِمْسَاكُهُ، لأَِنَّهُ مَحَلٌّ مُنْتَفَعٌ بِهِ، يُبَاحُ اقْتِنَاؤُهُ، فَحَرُمَ إِتْلَافُهُ، كَالشَّاةِ.</p>قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا، وَلَا غُرْمَ عَلَى قَاتِلِهِ (2) .</p>قَال الرَّحِيبَانِيُّ (3) : لَا يُبَاحُ قَتْل شَيْءٍ مِنَ الْكِلَابِ سِوَى الأَْسْوَدِ وَالْعَقُورِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَال: أَمَرَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: بِقَتْل الْكِلَابِ ثُمَّ قَال: مَا بَالُهُمْ وَبَال الْكِلَابِ؟ (4) وَيُبَاحُ قَتْل الْكَلْبِ الْعَقُورِ.</p>فَكُل مَا آذَى النَّاسَ وَضَرَّهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يُبَاحُ قَتْلُهُ، لأَِنَّهُ يُؤْذِي بِلَا نَفْعٍ، أَشْبَهَ الذِّئْبَ، وَمَا لَا مَضَرَّةَ فِيهِ لَا يُبَاحُ قَتْلُهُ (5)، وَقَال الرَّحِيبَانِيُّ: يَجِبُ قَتْلُهُ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) روضة الطالبين 3 / 146.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 4 / 190، 191.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مطالب أولي النهى 6 / 349.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث عبد الله بن مغفل: " أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب. . . ". أخرجه مسلم (1 / 235) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> المغني 4 / 281 ط. مكتبة الرياض الحديثة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٤)</span><hr/></div><font color=#ff0000>27 -</font> وَالْفُقَهَاءُ مُتَّفِقُونَ عَلَى جَوَازِ قَتْل الْكَلْبِ الْعَقُورِ فِي الْحَرَمِ لِلْحَدِيثِ: خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ: الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ (1) .</p>وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى وُجُوبِ قَتْلِهِ، عَمَلاً بِنَصِّ الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌دَفْعُ الضَّرَرِ عَنِ الْكَلْبِ:</span></p><font color=#ff0000>28 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ دَفْعُ الضَّرَرِ عَنِ الْكَلْبِ غَيْرِ الْعَقُورِ وَحِفْظُ حَيَاتِهِ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ، فَنَزَل بِئْرًا فَشَرِبَ مِنْهَا، ثُمَّ خَرَجَ، فَإِذَا هُوَ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ يَأْكُل الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَقَال: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْل الَّذِي بَلَغَ بِي، فَمَلأََ خُفَّهُ، ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ، ثُمَّ رَقَا، فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهَ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ قَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ، إِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا؟ قَال: فِي كُل كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ (3) .</p>وَقَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: يَجِبُ التَّيَمُّمُ عَلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " خمس من الدواب. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 34) ومسلم (2 / 857 واللفظ للبخاري) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشاف القناع 2 / 439.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " بينا رجل يمشي فاشتد عليه العطش. . . ". سبق تخريجه ف26.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٤)</span><hr/></div>مَنْ مَعَهُ مَاءٌ وَخَافَ - بِاسْتِعْمَالِهِ - مَرَضًا، أَوْ زِيَادَتَهُ، أَوْ تَأَخُّرَ بُرْءٍ، أَوْ عَطَشَ مُحْتَرَمٍ، مَعَهُ أَيْ مُحَرَّمٌ قَتْلُهُ، آدَمِيًّا كَانَ أَوْ بَهِيمِيًّا، وَمِنْهُ كَلْبُ الصَّيْدِ وَالْحِرَاسَةِ، أَيْ فَيَجِبُ سَقْيُهُ، وَلَوْ دَعَاهُ ذَلِكَ إِلَى التَّيَمُّمِ (1) .</p>وَقَال النَّوَوِيُّ (2) : كَمَا يَجِبُ بَذْل الْمَال لإِِبْقَاءِ الآْدَمِيِّ الْمَعْصُومِ يَجِبُ بَذْلُهُ لإِِبْقَاءِ الْبَهِيمَةِ الْمُحْتَرَمَةِ، وَإِنْ كَانَتْ مِلْكًا لِلْغَيْرِ، وَلَا يَجِبُ الْبَذْل لِلْحَرْبِيِّ، وَالْمُرْتَدِّ، وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ.</p>وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ كَلْبٌ - غَيْرُ عَقُورٍ - جَائِعٌ، وَشَاةٌ، لَزِمَهُ ذَبْحُ الشَّاةِ لإِِطْعَامِ الْكَلْبِ.</p> </p>‌<span class="title">‌كَلْبُ الْمَاءِ</span></p> </p>انْظُرْ: أَطْعِمَة.</p> </p>‌<span class="title">‌كُلِّيَّات</span></p> </p>انْظُرْ: ضَرُورِيَّات.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مراقي الفلاح ص62، ومواهب الجليل 3 / 237، وكشاف القناع 1 / 164.</p><font color=#ff0000>(2)</font> روضة الطالبين 3 / 288.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌كِنَايَةٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الْكِنَايَةُ فِي اللُّغَةِ: أَنْ يُتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ يُسْتَدَل بِهِ عَلَى الْمَكْنِيِّ عَنْهُ كَالرَّفَثِ وَالْغَائِطِ، وَهِيَ اسْمٌ مَأْخُوذٌ مِنْ كَنَيْتُ بِكَذَا عَنْ كَذَا مِنْ بَابِ رَمَى (1) .</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ: هُوَ كَلَامٌ اسْتُتِرَ الْمُرَادُ مِنْهُ بِالاِسْتِعْمَال، وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ ظَاهِرًا فِي اللُّغَةِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْحَقِيقَةَ أَمِ الْمَجَازَ، فَيَكُونُ تَرَدُّدٌ فِيمَا أُرِيدَ بِهِ، فَلَا بُدَّ مِنَ النِّيَّةِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا مِنْ دَلَالَةِ الْحَال.</p>وَذَكَرَ صَاحِبُ فَتْحِ الْقَدِيرِ: أَنَّ الْكِنَايَةَ مَا خَفِيَ الْمُرَادُ بِهِ لِتَوَارُدِ الاِحْتِمَالَاتِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ‌<span class="title">‌ الصَّرِيحِ </span>(2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ - الصَّرِيحُ:</p><font color=#ff0000>2 -</font> الصَّرِيحُ فِي اللُّغَةِ مِنْ صَرُحَ الشَّيْءُ - بِالضَّمِّ - خَلَصَ مِنْ تَعَلُّقَاتِ غَيْرِهِ فَهُوَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(2)</font> التعريفات للجرجاني، وفتح القدير 3 / 78 - 88.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٥)</span><hr/></div>صَرِيحٌ، وَكُل خَالِصٍ صَرِيحٌ، وَمِنْهُ الْقَوْل الصَّرِيحُ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَفْتَقِرُ إِلَى إِضْمَارٍ أَوْ تَأْوِيلٍ (1) .</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ: الصَّرِيحُ هُوَ اللَّفْظُ الْمَوْضُوعُ لِمَعْنًى لَا يُفْهَمُ مِنْهُ غَيْرُهُ عِنْدَ الإِْطْلَاقِ (2) .</p>وَالصِّلَةُ بَيْنَهُمَا الْمُقَابَلَةُ.</p>فَالصَّرِيحُ يُدْرَكُ الْمُرَادُ مِنْهُ بِمُجَرَّدِ النُّطْقِ بِهِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى النِّيَّةِ، بِخِلَافِ الْكِنَايَةِ فَتَحْتَاجُ إِلَى النِّيَّةِ.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الْمَجَازُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الْمَجَازُ اسْمٌ لِمَا أُرِيدَ بِهِ غَيْرُ مَا وُضِعَ لَهُ مُنَاسَبَةً بَيْنَهُمَا، كَتَسْمِيَةِ الشُّجَاعِ أَسَدًا، وَسُمِّيَ مَجَازًا لأَِنَّهُ جَاوَزَ وَتَعَدَّى مَحَلَّهُ وَمَعْنَاهُ الْمَوْضُوعَ لَهُ إِلَى غَيْرِهِ.</p>وَالصِّلَةُ أَنَّ الْكِنَايَةَ قَدْ يُرَادُ بِهَا الْمَجَازُ (3) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ التَّعْرِيضُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> التَّعْرِيضُ هُوَ: مَا يَفْهَمُ بِهِ السَّامِعُ مُرَادَ الْمُتَكَلِّمِ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ (4) .</p>وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْكِنَايَةِ وَالتَّعْرِيضِ: أَنَّ التَّعْرِيضَ هُوَ تَضْمِينُ الْكَلَامِ دَلَالَةً لَيْسَ فِيهَا ذِكْرٌ، كَقَوْل الْمُحْتَاجِ: جِئْتُك لأُِسَلِّمَ عَلَيْك،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الأشباه للسيوطي ص293.</p><font color=#ff0000>(3)</font> التعريفات، والمصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(4)</font> التعريفات.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٦)</span><hr/></div>فَيَقْصِدُ مِنَ اللَّفْظِ السَّلَامَ وَمِنَ السِّيَاقِ طَلَبَ الْحَاجَةِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْكِنَايَةِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> التَّعْبِيرُ الْمُعْتَبَرُ شَرْعًا قَدْ يَكُونُ بِالصَّرِيحِ مِنَ الْقَوْل أَوْ بِالْكِنَايَةِ.</p>وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَمْيِيزِ الْكِنَايَةِ مِنَ الصَّرِيحِ وَفِي بَعْضِ أَحْكَامِ الْكِنَايَةِ، وَمَا يَلْزَمُ فِيهَا.</p> </p>‌<span class="title">‌التَّمْيِيزُ بَيْنَ الْكِنَايَةِ وَالصَّرِيحِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> لِلشَّافِعِيَّةِ ضَابِطٌ فِي التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْكِنَايَةِ وَالصَّرِيحِ مِنْ أَلْفَاظِ الْعَقْدِ وَالْفُسُوخِ وَمَا جَرَى مَجْرَاهَا. قَالُوا: إِنَّ مَا وَرَدَ فِي الشَّرْعِ مِنَ الأَْلْفَاظِ إِمَّا أَنْ يَتَكَرَّرَ أَوْ لَا، فَإِنْ تَكَرَّرَ حَتَّى اشْتَهَرَ - كَالْبَيْعِ وَالطَّلَاقِ - فَهُوَ صَرِيحٌ إِذَا اسْتُعْمِل فِي هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ وَإِنْ لَمْ يَشِعْ فِي الْعَادَةِ، لأَِنَّ عُرْفَ الشَّرْعِ هُوَ الْمُتَّبَعُ، وَعَلَى هَذَا قَالُوا: يَحْمِل الدَّرَاهِمَ فِي الأَْقَارِيرِ عَلَى النَّقْرَةِ (1) الْخَالِصَةِ قَطْعًا وَإِنْ غَلَبَ الْعُرْفُ بِخِلَافِهَا، وَأَلْحَقُوا الْفِرَاقَ وَالسَّرَاحَ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ.</p>وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ، بَل ذُكِرَ فِي لِسَانِ الشَّرْعِ مَرَّةً فَقَطْ وَلَمْ يَشِعْ عَلَى لِسَانِ الْفُقَهَاءِ كَالْمُفَادَاةِ فِي الْخُلْعِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) النقرة: هي القطعة المذابة من الفضة، (المصباح المنير) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٦)</span><hr/></div>افْتَدَتْ بِهِ} (1)، وَالإِْمْسَاكُ فِي الرَّجْعَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} (2)، فَوَجْهَانِ: وَالأَْصَحُّ الاِلْتِحَاقُ بِالصَّرِيحِ فِي الْكُل.</p>أَمَّا مَا لَمْ يَرِدْ فِي الْكِتَابِ وَلَا فِي السُّنَّةِ، وَشَاعَ فِي الْعُرْفِ كَقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَإِنَّهُ شَاعَ فِي الْعُرْفِ فِي الطَّلَاقِ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَرِدْ شَرْعًا فِي الطَّلَاقِ فَوَجْهَانِ، وَالأَْصَحُّ عِنْدَهُمُ: الْتِحَاقُهُ بِالْكِنَايَةِ.</p>وَمَا لَمْ يَرِدْ عَلَى لِسَانِ الشَّارِعِ، وَلَكِنْ شَاعَ عَلَى أَلْسِنَةِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ وَكَانَ هُوَ الْمَقْصُودَ مِنَ الْعَقْدِ كَلَفْظِ التَّمْلِيكِ فِي الْبَيْعِ، وَلَفْظِ الْفَسْخِ فِي الْخُلْعِ فَفِي كَوْنِهِ كِنَايَةٌ وَجْهَانِ، وَالأَْصَحُّ عِنْدَهُمْ: صَرَاحَتُهُ (3) .</p>وَقَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ لَا يَكُونُ اللَّفْظُ صَرِيحًا إِلَاّ فِيمَا لَا يُسْتَعْمَل إِلَاّ فِي مَا وُضِعَ لَهُ (4) .</p>وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَقَعُ فِيهِ الْكِنَايَةُ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ كُل تَصَرُّفٍ يَسْتَقِل بِهِ الشَّخْصُ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ وَالإِْبْرَاءِ يَنْعَقِدُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة / 229.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 231.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المنثور في القواعد 2 / 306، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 293.</p><font color=#ff0000>(4)</font> بداية المجتهد 2 / 80، وكشاف القناع 5 / 245 - 246، وبدائع الصنائع 3 / 106.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٧)</span><hr/></div>بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ بِلَا خِلَافٍ كَمَا يَنْعَقِدُ بِالصَّرِيحِ، وَأَمَّا مَا لَا يَسْتَقِل بِهِ الشَّخْصُ بَل يَفْتَقِرُ إِلَى إِيجَابٍ وَقَبُولٍ فَضَرْبَانِ:</p> </p>‌<span class="title">‌أَحَدُهُمَا: </span>مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الإِْشْهَادُ كَالنِّكَاحِ، فَهَذَا لَا يَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ، لأَِنَّ الشَّاهِدَ لَا يَعْلَمُ النِّيَّةَ.</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيهِمَا: </span>مَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الإِْشْهَادُ وَهُوَ نَوْعَانِ:</p>الأَْوَّل: مَا يَقْبَل مَقْصُودُهُ التَّعْلِيقَ بِالْغَرَرِ كَالْكِتَابَةِ وَالْخُلْعِ، فَيَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ، لأَِنَّ مَقْصُودَ الْكِتَابَةِ الْعِتْقُ، وَمَقْصُودَ الْخُلْعِ الطَّلَاقُ، وَهُمَا يَصِحَّانِ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ.</p> </p>‌<span class="title">‌وَالثَّانِي: </span>مَا لَا يَقْبَلُهُ كَالْبَيْعِ وَالإِْجَارَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَغَيْرِهَا، وَفِي انْعِقَادِ هَذِهِ الْعُقُودِ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الاِنْعِقَادُ (1) .</p>وَنَقَل ابْنُ رَجَبٍ اخْتِلَافَ الْحَنَابِلَةِ فِي انْعِقَادِ الْعُقُودِ بِالْكِنَايَاتِ</p>قَال الْقَاضِي: لَا كِنَايَةَ إِلَاّ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ، وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الاِنْتِصَارِ نَحْوَهُ، وَزَادَ: وَلَا تَحِل الْعُقُودُ بِالْكِنَايَاتِ غَيْرِ النِّكَاحِ وَالرِّقِّ، وَقَال فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ: تَدْخُل الْكِنَايَاتُ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ سِوَى النِّكَاحِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع 9 / 153 تحقيق المطيعي، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 296.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٧)</span><hr/></div>لاِشْتِرَاطِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ وَهِيَ لَا تَقَعُ عَلَى النِّيَّةِ، وَأَشَارَ إِلَيْهِ صَاحِبُ الْمُغْنِي أَيْضًا، وَكَلَامُ كَثِيرٍ مِنَ الأَْصْحَابِ يَدُل عَلَيْهِ (1) .</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (عَقْدٌ ف 6) وَالْمُلْحَقُ الأُْصُولِيُّ.</p> </p>‌<span class="title">‌أَلْفَاظُ الْكِنَايَةِ:</span></p>تَخْتَلِفُ أَلْفَاظُ الْكِنَايَةِ بِاخْتِلَافِ التَّصَرُّفَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الآْتِي:</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ كِنَايَاتُ الطَّلَاقِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> كِنَايَاتُ الطَّلَاقِ كَثِيرَةٌ، بَل لَا تَكَادُ تَنْحَصِرُ، وَذَكَرَ الْفُقَهَاءُ أَمْثِلَةً لَهَا، اتَّفَقُوا فِي أَكْثَرِهَا مِثْل: أَنْتِ بَائِنٌ، أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، خَلِيَّةٌ، بَرِيَّةٌ، بَرِيئَةٌ، بَتَّةٌ، أَمْرُكِ بِيَدِكِ، اخْتَارِي، اعْتَدِّي، اسْتَبْرِئِي رَحِمَكِ، خَلَّيْتُ سَبِيلَكِ، حَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ، خَالَعْتُكِ بِدُونِ ذِكْرِ الْعِوَضِ) لَا سَبِيل لِي عَلَيْكِ، أَنْتِ حُرَّةٌ، قُومِي، اخْرُجِي، اغْرُبِي، اعْزُبِي، انْطَلِقِي، انْتَقِلِي، تَقَنَّعِي، اسْتَتِرِي، تَزَوَّجِي، وَنَحْوَ ذَلِكَ (2) .</p>وَاخْتَلَفُوا فِي لَفْظَيْنِ هُمَا: سَرَّحْتُكِ، وَفَارَقْتُكِ، فَقَال الْجُمْهُورُ: إِنَّهُمَا كِنَايَتَانِ فِي الطَّلَاقِ، لأَِنَّهُمَا لَمْ يَشْتَهِرَا فِيهِ اشْتِهَارَ الطَّلَاقِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) القواعد لابن رجب ص50.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 6 / 430، وبدائع الصنائع 3 / 105، وبداية المجتهد 2 / 80 - 81، وكشاف القناع 5 / 250.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٨)</span><hr/></div>وَيُسْتَعْمَلَانِ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ، وَهُوَ مُقَابِل الْمَشْهُورِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (1) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ فِي الْقَوْل الْمَشْهُورِ وَالْخِرَقِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: إِنَّهُمَا صَرِيحَانِ فِي الطَّلَاقِ، لاِشْتِهَارِهِمَا فِيهِ وَوُرُودِهِمَا فِي الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً} (2) وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} (3) مُرَادَانِ بِالطَّلَاقِ مَعَ تَكَرُّرِ الْفِرَاقِ فِيهِ، وَإِلْحَاقِ مَا لَمْ يَتَكَرَّرْ فِيهِ مِنْهُمَا بِمَا تَكَرَّرَ، وَإِلْحَاقِ مَا لَمْ يَرِدْ مِنْ مُشْتَقَّاتِهِمَا فِي الْقُرْآنِ بِمَا وَرَدَ فِيهِ لأَِنَّهُ بِمَعْنَاهُ (4) .</p><font color=#ff0000>9 -</font> وَأَلْفَاظُ الْكِنَايَةِ هَذِهِ وَنَحْوُهَا تَحْتَمِل الطَّلَاقَ، وَتَحْتَمِل غَيْرَهُ، فَاسْتَتَرَ الْمُرَادُ مِنْهَا عِنْدَ السَّامِعِ، فَافْتَقَرَتْ إِلَى النِّيَّةِ لِتَعْيِينِ الْمُرَادِ مِنْهَا فَقَوْلُهُ: أَنْتِ بَائِنٌ: يَحْتَمِل الْبَيْنُونَةَ عَنِ الشَّرِّ أَوِ الْخَيْرِ أَوِ النِّكَاحِ، وَخَلِيَّةٌ: يَحْتَمِل الْخُلُوَّ عَنِ الزَّوْجِ، وَالنِّكَاحِ، وَيَحْتَمِل الْخُلُوَّ عَنِ الأَْمْرَاضِ أَوِ الْعَيْبِ، وَفَارَقْتُكِ: يَحْتَمِل الْمُفَارَقَةَ عَنِ النِّكَاحِ، وَيَحْتَمِل الْمُفَارَقَةَ عَنِ الْمَضْجَعِ وَالْمَكَانِ، وَقَوْلُهُ: أَنْتِ بَرِيئَةٌ مِنَ الْبَرَاءَةِ، يَحْتَمِل الْبَرَاءَةَ مِنَ النِّكَاحِ، وَيَحْتَمِل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 6 / 426، وبدائع الصنائع 3 / 106، وبداية المجتهد 2 / 80 - 81، وكشاف القناع 5 / 245، والإنصاف 8 / 462.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الأحزاب / 28.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة النساء / 130.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المراجع السابقة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٨)</span><hr/></div>الْبَرَاءَةَ عَنِ الشَّرِّ أَوِ الْخَيْرِ، وَقَوْلُهُ: بَتَّةٌ مِنَ الْبَتِّ وَهُوَ الْقَطْعُ، فَيَحْتَمِل الْقَطْعَ عَنِ النِّكَاحِ وَيَحْتَمِل الْقَطْعَ عَنِ الشَّرِّ، وَقَوْلُهُ: أَمْرُكِ بِيَدِكِ، يَحْتَمِل الطَّلَاقَ، وَيَحْتَمِل أَمْرًا آخَرَ، وَهَكَذَا (1) .</p>وَلَا خِلَافَ بَيْنَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ.</p>وَاخْتَلَفُوا فِي بَعْضِ مَسَائِل الْكِنَايَةِ.</p><font color=#ff0000>10 -</font> فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْكِنَايَةَ كُل لَفْظٍ يُسْتَعْمَل فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ نَحْوُ قَوْلِهِ: أَنْتِ بَائِنٌ، وَأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَخَلِيَّةٌ، وَبَرِيَّةٌ. وَنَحْوُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحْتَمِل الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ، وَإِذَا احْتَمَلَتْ هَذِهِ الأَْلْفَاظُ الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ فَقَدِ اسْتَتَرَ الْمُرَادُ مِنْهَا عِنْدَ السَّامِعِ فَافْتَقَرَتْ إِلَى النِّيَّةِ لِتَعْيِينِ الْمُرَادِ.</p>وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الأَْلْفَاظِ إِلَاّ بِالنِّيَّةِ، فَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ وَقَعَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَمْ يَقَعْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى.</p>وَإِنْ ذَكَرَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ قَال: مَا أَرَدْتُ بِهِ الطَّلَاقَ يَدِينُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَهَل يَدِينُ فِي الْقَضَاءِ؟ هُنَاكَ تَفْصِيلٌ:</p>فَإِنْ كَانَتِ الْحَال حَال الرِّضَا وَابْتَدَأَ الزَّوْجُ بِالطَّلَاقِ يَدِينُ فِي الْقَضَاءِ.</p>وَإِنْ كَانَتِ الْحَال حَال مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصادر السابقة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٩)</span><hr/></div>وَسُؤَالِهِ أَوْ حَالَةَ الْغَضَبِ وَالْخُصُومَةِ فَالْكِنَايَاتُ أَقْسَامٌ ثَلَاثَةٌ:</p>الأَْوَّل: مَا كَانَ بِأَحَدِ هَذِهِ الأَْلْفَاظِ الْخَمْسَةِ وَهِيَ: أَمْرُكِ بِيَدِكِ، وَاخْتَارِي، وَاعْتَدِّي، وَاسْتَبْرِئِي رَحِمَكِ، وَأَنْتِ وَاحِدَةٌ، فَهَذِهِ لَا يَدِينُ فِيهَا، وَيَقَعُ الطَّلَاقُ فِي حَالَتَيِ الْمُذَاكَرَةِ وَالْغَضَبِ، وَلَا يُعْتَدُّ قَضَاءً بِإِنْكَارِهِ النِّيَّةَ.</p>وَالثَّانِي: مَا كَانَ بِأَحَدِ هَذِهِ الأَْلْفَاظِ الْخَمْسَةِ: وَهِيَ: خَلِيَّةٌ، وَبَرِيئَةٌ، وَبَتَّةٌ، وَبَائِنٌ، وَحَرَامٌ، فَهَذِهِ يَدِينُ فِيهَا فِي حَالَةِ الْخُصُومَةِ وَالْغَضَبِ، وَلَا يَدِينُ فِي حَالَةِ ذِكْرِ الطَّلَاقِ، وَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ قَضَاءً.</p>وَالثَّالِثُ: وَهُوَ بَقِيَّةُ أَلْفَاظِ الْكِنَايَةِ، وَيَدِينُ فِيهَا جَمِيعًا فِي كُل الأَْحْوَال (1) .</p><font color=#ff0000>11 -</font> وَقَسَّمَ الْمَالِكِيَّةُ الْكِنَايَةَ فِي الطَّلَاقِ إِلَى نَوْعَيْنِ:</p>كِنَايَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَكِنَايَةٌ خَفِيَّةٌ.</p> </p>‌<span class="title">‌وَأَلْفَاظُ الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ </span>عِنْدَهُمْ هِيَ:</p>بَتَّةٌ، وَحَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ، وَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ.</p>وَيَلْزَمُ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا الثَّلَاثُ مُطْلَقًا، دَخَل بِهَا أَمْ لَا، لأَِنَّ الْبَتَّ الْقَطْعُ، وَقَطْعُ الْعِصْمَةِ شَامِلٌ لِلثَّلَاثِ وَلَوْ لَمْ يَدْخُل، وَالْحَبْل عِبَارَةٌ عَنِ الْعِصْمَةِ وَهُوَ إِذَا رَمَى الْعِصْمَةَ عَلَى كَتِفِهَا لَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهَا شَيْءٌ مُطْلَقًا.</p>وَالْبَيْنُونَةُ بَعْدَ الدُّخُول بِغَيْرِ عِوَضٍ إِنَّمَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 3 / 105 - 109.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٩)</span><hr/></div>تَكُونُ ثَلَاثًا، فَاعْتُبِرَ لَفْظُ بَائِنَةٌ، وَأُلْغِيَ لَفْظُ وَاحِدَةٌ.</p>وَمِنَ الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ: خَلَّيْتُ سَبِيلَكِ.</p>وَيَلْزَمُهُ فِي قَوْلِهِ: خَلَّيْتُ سَبِيلَكِ الثَّلَاثُ مُطْلَقًا، دَخَل بِهَا أَمْ لَمْ يَدْخُل مَا لَمْ يَنْوِ أَقَل مِنَ الثَّلَاثِ، فَإِنْ نَوَى الأَْقَل لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ.</p>وَهُنَاكَ عِنْدَهُمْ أَلْفَاظٌ تُشْبِهُ الْوَاحِدَةَ الْبَائِنَةَ. وَهِيَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، وَوَهَبْتُكِ لأَِهْلِكِ، أَوْ رَدَدْتُكِ، أَوْ لَا عِصْمَةَ لِي عَلَيْكِ، وَأَنْتِ حَرَامٌ، أَوْ خَلِيَّةٌ لأَِهْلِكِ، أَوْ بَرِيَّةٌ، أَوْ خَالِصَةٌ، أَوْ بَائِنَةٌ، أَوْ أَنَا بَائِنٌ مِنْكِ، أَوْ خَلِيٌّ، أَوْ بَرِيءٌ، أَوْ خَالِصٌ، فَيَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُول بِهَا، وَفِي غَيْرِ الْمَدْخُول بِهَا إِنْ لَمْ يَنْوِ أَقَل، فَإِنْ نَوَى الأَْقَل لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ وَحَلَفَ إِنْ أَرَادَ نِكَاحَهَا: أَنَّهُ مَا أَرَادَ إِلَاّ الأَْقَل، لَا إِنْ لَمْ يُرِدْهُ.</p>أَمَّا الأَْلْفَاظُ التَّالِيَةُ: وَجْهِي مِنْ وَجْهِكِ حَرَامٌ، أَوْ وَجْهِي عَلَى وَجْهِكِ حَرَامٌ - وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مِنْ وَعَلَى - وَقَوْلُهُ: لَا نِكَاحَ بَيْنِي وَبَيْنَكِ، أَوْ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْكِ، أَوْ لَا سَبِيل لِي عَلَيْكِ، فَيَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُول بِهَا فَقَطْ.</p>وَقَيَّدَ الْمَالِكِيَّةُ الصِّيَغَ الثَّلَاثَ الأَْخِيرَةَ بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الْعِتَابَ، فَإِنْ قَصَدَ الْعِتَابَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَالْعِتَابُ قَرِينَةٌ وَبِسَاطٌ دَالٌّ عَلَى عَدَمِ إِرَادَتِهِ الطَّلَاقَ.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٠)</span><hr/></div>أَمَّا لَفْظُ: فَارَقْتُكِ فَيَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ مُطْلَقًا دَخَل أَوْ لَمْ يَدْخُل، إِلَاّ لِنِيَّةٍ أَكْثَرَ وَهِيَ رَجْعِيَّةٌ فِي الْمَدْخُول بِهَا.</p> </p>‌<span class="title">‌أَمَّا أَلْفَاظُ الْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ </span>عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فَهِيَ: ادْخُلِي وَاذْهَبِي وَانْطَلِقِي إِنْ نَوَى وَاحِدَةً بَائِنَةً لَزِمَهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُول بِهَا، وَوَاحِدَةٌ فَقَطْ فِي غَيْرِهَا مَا لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ (1) .</p><font color=#ff0000>12 -</font> وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْكِنَايَةَ يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ مَعَ النِّيَّةِ وَلَا يَقَعُ بِلَا نِيَّةٍ.</p>وَهِيَ أَلْفَاظٌ كَثِيرَةٌ، بَل لَا تَنْحَصِرُ: كَأَنْتِ خَلِيَّةٌ، وَبَرِيَّةٌ، وَبَتَّةٌ، وَبَتْلَةٌ، وَبَائِنٌ، وَاعْتَدِّي، وَاسْتَبْرِئِي رَحِمَكِ، وَالْحَقِي بِأَهْلِكِ، وَحَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ، وَاعْزُبِي، وَاغْرُبِي، وَدَعِينِي، وَوَدِّعِينِي.</p>وَقَالُوا: إِنَّ الْكِنَايَةَ هِيَ مَا احْتَمَل الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ، وَلَكِنْ بِنِيَّةٍ لإِِيقَاعِهِ، وَمَعَ قَصْدِ حُرُوفِهِ.</p>وَأَمَّا الأَْلْفَاظُ الَّتِي لَا تَحْتَمِل الطَّلَاقَ إِلَاّ عَلَى تَقْدِيرٍ مُتَعَسِّفٍ فَلَا أَثَرَ لَهَا، فَلَا يَقَعُ بِهَا طَلَاقٌ وَإِنْ نَوَى، وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ: بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ، وَأَحْسَنَ اللَّهُ جَزَاءَكَ.</p>وَأَضَافَ الشَّافِعِيَّةُ قَوْلَهُمْ: إِنَّ شَرْطَ نِيَّةِ الْكِنَايَةِ اقْتِرَانُهَا بِكُل اللَّفْظِ، وَقِيل: يَكْفِي بِأَوَّلِهِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الصغير 2 / 566 - 567.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٠)</span><hr/></div>وَيَقَعُ الطَّلَاقُ - عِنْدَهُمْ - بِالْكِنَايَةِ حَسْبَ مَا نَوَاهُ عَدَدًا، كَأَنْتِ بَائِنٌ إِذَا نَوَى فِيهَا عَدَدًا وَقَعَ مَا نَوَاهُ لاِحْتِمَال اللَّفْظِ لَهُ، فَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ لأَِنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ (1) .</p><font color=#ff0000>13 -</font> وَالْكِنَايَاتُ فِي الطَّلَاقِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ نَوْعَانِ: ظَاهِرَةٌ، وَخَفِيَّةٌ.</p> </p>‌<span class="title">‌فَالظَّاهِرَةُ: </span>هِيَ الأَْلْفَاظُ الْمَوْضُوعَةُ لِلْبَيْنُونَةِ، لأَِنَّ مَعْنَى الطَّلَاقِ فِيهَا أَظْهَرُ، وَهِيَ سِتَّ عَشْرَةَ كِنَايَةً: أَنْتِ خَلِيَّةٌ، وَبَرِيئَةٌ، وَبَائِنٌ،. وَبَتَّةٌ، وَبَتْلَةٌ، أَنْتِ حُرَّةٌ، وَأَنْتِ الْحَرَجُ، وَحَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ، وَتَزَوَّجِي مَنْ شِئْتِ، وَحَلَلْتِ لِلأَْزْوَاجِ، وَلَا سَبِيل لِي عَلَيْكِ، وَلَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْكِ، وَأَعْتَقْتُكِ، وَغَطِّي شَعْرَكِ، وَتَقَنَّعِي، وَأَمْرُكِ بِيَدِكِ.</p> </p>‌<span class="title">‌وَالْخَفِيَّةُ: </span>هِيَ الأَْلْفَاظُ الْمَوْضُوعَةُ لِلطَّلْقَةِ الْوَاحِدَةِ مَا لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ نَحْوَ: اخْرُجِي، وَاذْهَبِي، وَتَجَرَّعِي، وَالْحَقِي بِأَهْلِكِ، وَلَا حَاجَةَ لِي فِيكِ.</p>وَالْكِنَايَةُ - وَلَوْ ظَاهِرَةً - لَا يَقَعُ بِهَا طَلَاقٌ إِلَاّ أَنْ يَنْوِيَهُ، لأَِنَّ الْكِنَايَةَ لَمَّا قَصُرَتْ رُتْبَتُهَا عَنِ الصَّرِيحِ وَقَفَ عَمَلُهَا عَلَى نِيَّةِ الطَّلَاقِ تَقْوِيَةً لَهَا، وَلأَِنَّهَا لَفْظٌ يَحْتَمِل غَيْرَ مَعْنَى الطَّلَاقِ، فَلَا يَتَعَيَّنُ لَهُ بِدُونِ النِّيَّةِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 3 / 281 وما بعدها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤١)</span><hr/></div>النِّيَّةُ مُقَارِنَةً لِلَفْظِ الْكِنَايَةِ، فَلَوْ تَلَفَّظَ بِالْكِنَايَةِ غَيْرَ نَاوٍ لِلطَّلَاقِ ثُمَّ نَوَى بِهَا الطَّلَاقَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَقَعْ، أَوْ يَأْتِي مَعَ الْكِنَايَةِ بِمَا يَقُومُ مَقَامَ نِيَّةِ الطَّلَاقِ كَحَال خُصُومَةٍ وَغَضَبٍ وَجَوَابِ سُؤَالِهَا الطَّلَاقَ، فَيَقَعُ الطَّلَاقُ مِمَّنْ أَتَى بِكِنَايَةٍ إِذَنْ وَلَوْ بِلَا نِيَّةٍ، لأَِنَّ دَلَالَةَ الْحَال كَالنِّيَّةِ، فَلَوِ ادَّعَى فِي هَذِهِ الأَْحْوَال - أَيْ حَال الْغَضَبِ وَالْخُصُومَةِ وَسُؤَالِهَا الطَّلَاقَ - أَنَّهُ مَا أَرَادَ الطَّلَاقَ، أَوِ ادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ غَيْرَهُ دِينَ لاِحْتِمَال صِدْقِهِ، وَلَمْ يُقْبَل فِي الْحُكْمِ لأَِنَّهُ خِلَافُ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْحَال.</p>وَيَقَعُ مَعَ النِّيَّةِ بِالْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ ثَلَاثٌ وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهم فِي وَقَائِعَ مُخْتَلِفَةٍ (1) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ أَلْفَاظُ الْكِنَايَةِ فِي الإِْيلَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> الْكِنَايَةُ فِي الإِْيلَاءِ</p>كُل مَا يَحْتَمِل الْجِمَاعَ وَغَيْرَهُ وَلَمْ يَغْلِبِ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْجِمَاعِ عُرْفًا، كَأَنْ يَقُول: وَاللَّهِ لَا يَجْتَمِعُ رَأْسُكِ وَرَأْسِي بِشَيْءٍ، وَلَا قَرُبْتُ فِرَاشَكِ، وَلأََسُوءَنَّكِ، وَلأََغِيظَنَّكِ، وَلَتَطُولَنَّ غَيْبَتِي عَنْكِ، وَلَا يَمَسُّ جِلْدِي جِلْدَكِ، وَلَا أَوَيْتُ مَعَكِ، وَلَا أَنَامُ مَعَكِ، لأَِنَّ هَذِهِ الأَْلْفَاظَ تُسْتَعْمَل فِي الْجِمَاعِ وَفِي غَيْرِهِ، فَلَا بُدَّ مِنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف القناع 5 / 250، 251.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤١)</span><hr/></div>النِّيَّةِ، لِيَكُونَ إِيلَاءً (1) .</p>وَلِلتَّفْصِيل ر:(إِيلَاءٌ ف 5) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ كِنَايَاتُ الظِّهَارِ:</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> كِنَايَاتُ الظِّهَارِ كَثِيرَةٌ: كَأَنْتِ أُمِّي: أَنْتِ عَلَيَّ كَعَيْنِ أُمِّي، أَوْ رَأْسِهَا أَوْ رُوحِهَا، وَكُل لَفْظٍ يَحْتَمِل التَّحْرِيمَ وَيَحْتَمِل الْكَرَامَةَ فَهُوَ كِنَايَةٌ فِيهِ (2) .</p>ر:(ظِهَارٌ ف 13) .</p> </p>د -‌<span class="title">‌ كِنَايَاتُ الْقَذْفِ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> كِنَايَاتُ الْقَذْفِ كَقَوْلِهِ يَا فَاجِرُ، يَا فَاسِقُ، يَا خَبِيثُ، أَوْ أَنْتِ تُحِبِّينَ الْخَلْوَةَ، لَا تَرُدِّينَ يَدَ لَامِسٍ، لَمْ أَجِدْكِ عَذْرَاءَ (3)، وَنَحْوَ ذَلِكَ.</p>وَلِلتَّفْصِيل ر:(قَذْفٌ ف 7 وَمَا بَعْدَهَا) .</p> </p>هـ -‌<span class="title">‌ كِنَايَاتُ الْوَقْفِ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> كِنَايَاتُ الْوَقْفِ كَقَوْلِهِ: تَصَدَّقْتُ، وَحَرَّمْتُ، وَأَبَّدْتُ (4) ، فَإِنْ قَصَدَ الْوَقْفَ صَارَ مَوْقُوفًا، وَإِلَاّ فَلَا يَكُونُ، لِتَرَدُّدِ اللَّفْظِ بَيْنَ الْوَقْفِ وَغَيْرِهِ.</p>وَلِلتَّفْصِيل ر:(وَقْفٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 3 / 162، والمغني 7 / 316، والأشباه والنظائر للسيوطي ص304.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 7 / 183، والأشباه والنظائر للسيوطي ص305.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كشاف القناع 6 / 111، والأشباه للسيوطي ص305.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المغني 5 / 602</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٢)</span><hr/></div>و -‌<span class="title">‌ كِنَايَاتُ الْخُلْعِ:</span></p><font color=#ff0000>18 -</font> كِنَايَاتُ الْخُلْعِ كَقَوْلِهِ: بَارَأْتُكِ، وَأَبْرَأْتُكِ، وَأَبَنْتُكِ، وَلَا يَقَعُ الْخُلْعُ بِالْكِنَايَةِ إِلَاّ بِنِيَّةِ مَنْ تَلَفَّظَ بِهِ (1) .</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (خُلْعٌ ف 30) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 5 / 360.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌كَنْز</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> يُطْلَقُ الْكَنْزُ فِي اللُّغَةِ عَلَى عِدَّةِ مَعَانٍ أَوَّلُهَا:</p>الْجَمْعُ وَالاِدِّخَارُ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: نَاقَةٌ كَنَّازُ اللَّحْمِ أَيْ مُجْتَمِعَةٌ، وَكَنَزْتُ التَّمْرَ فِي وِعَائِهِ أَكْنِزُهُ، وَزَمَنُ الْكِنَازِ هُوَ أَوَانُ كَنْزِ التَّمْرِ وَجَمْعِهِ.</p>الثَّانِي: الْمَال الْمَدْفُونُ تَحْتَ الأَْرْضِ تَسْمِيَةً بِالْمَصْدَرِ، وَجَمْعُهُ كُنُوزٌ، مِثْل فَلْسٍ وَفُلُوسٍ.</p>الثَّالِثُ: كُل كَثِيرٍ مَجْمُوعٍ يُتَنَافَسُ فِيهِ (1) .</p>وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الرِّكَازُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الرِّكَازُ لُغَةً بِمَعْنَى الْمَرْكُوزِ وَهُوَ مِنَ الرَّكْزِ أَيِ الإِْثْبَاتُ، وَهُوَ الْمَدْفُونُ فِي الأَْرْضِ إِذَا خَفِيَ، وَالرِّكْزُ بِكَسْرِ الرَّاءِ هُوَ الصَّوْتُ الْخَفِيُّ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير، ولسان العرب مادة: كنز.</p><font color=#ff0000>(2)</font> التعريفات للجرجاني، والمفردات للراغب الأصفهاني.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٣)</span><hr/></div>وَفِي الاِصْطِلَاحِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ: مَا دَفَنَهُ أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ، كَمَا يُطْلَقُ عَلَى كُل مَا كَانَ مَالاً عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ.</p>وَخَصَّهُ الشَّافِعِيَّةُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.</p>وَعَرَّفَهُ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ مَالٌ مَرْكُوزٌ تَحْتَ أَرْضٍ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِ رَاكِزِهِ الْخَالِقَ أَوِ الْمَخْلُوقَ.</p>وَالْعَلَاقَةُ بَيْنَ الْكَنْزِ وَالرِّكَازِ أَنَّ الْكَنْزَ أَعَمُّ مِنَ الرِّكَازِ.</p>(ر: رِكَازٌ ف 1 - 3) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الْمَعْدِنُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الْمَعْدِنُ لُغَةً: مَكَانُ كُل شَيْءٍ فِيهِ أَصْلُهُ وَمَرْكَزُهُ، وَمَوْضِعُ اسْتِخْرَاجِ الْجَوْهَرِ مِنْ ذَهَبٍ وَنَحْوِهِ (1) .</p>وَهُوَ فِي الاِصْطِلَاحِ قَال الْكَمَال: أَصْل الْمَعْدِنِ الْمَكَانُ بِقَيْدِ الاِسْتِقْرَارِ فِيهِ، ثُمَّ اشْتُهِرَ فِي نَفْسِ الأَْجْزَاءِ الْمُسْتَقِرَّةِ الَّتِي رَكَّبَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي الأَْرْضِ يَوْمَ خَلَقَ الأَْرْضَ حَتَّى صَارَ الاِنْتِقَال مِنَ اللَّفْظِ إِلَيْهِ ابْتِدَاءً بِلَا قَرِينَةٍ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَنْوَاعُ الْكَنْزِ:</span></p>يُقَسِّمُ الْفُقَهَاءُ الْكَنْزَ تَقْسِيمَاتٍ مُتَنَوِّعَةً بِالنَّظَرِ إِلَى عَدِيدٍ مِنَ الاِعْتِبَارَاتِ الَّتِي تُؤَثِّرُ فِي الْحُكْمِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المعجم الوسيط.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 2 / 178.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٣)</span><hr/></div>وَفِيمَا يَلِي تَفْصِيل مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ التَّقْسِيمَاتِ.</p> </p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: تَقْسِيمُ الْكَنْزِ بِالنَّظَرِ لِنِسْبَتِهِ التَّارِيخِيَّةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الْكُنُوزُ الإِْسْلَامِيَّةُ:</span></p>أ - الْكُنُوزُ الإِْسْلَامِيَّةُ هِيَ الَّتِي يَغْلِبُ فِي الظَّنِّ نِسْبَتُهَا إِلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَذَلِكَ إِذَا كَانَ عَلَيْهَا نَقْشٌ مِنَ النُّقُوشِ الإِْسْلَامِيَّةِ، كَكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ أَوِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَوِ اسْمِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الإِْسْلَامِ أَوْ أَيَّةِ عَلَامَةٍ أُخْرَى مِنَ الْعَلَامَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى نِسْبَةِ الْكَنْزِ إِلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (1) .</p>وَفِي الْحُكْمِ عَلَى هَذَا النَّوْعِ اتِّجَاهَانِ:</p>أَوَّلُهُمَا: أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ حُكْمَ اللُّقَطَةِ وَيَلْزَمُ وَاجِدُهُ أَنْ يَحْفَظَهُ أَبَدًا، قَال النَّوَوِيُّ: فَعَلَى هَذَا يُمْسِكُهُ الْوَاجِدُ أَبَدًا وَلِلسُّلْطَانِ حِفْظُهُ فِي بَيْتِ الْمَال كَسَائِرِ الأَْمْوَال الضَّائِعَةِ، فَإِنْ رَأَى الإِْمَامُ حِفْظَهُ أَبَدًا فَعَل، وَإِنْ رَأَى اقْتِرَاضَهُ لِمَصْلَحَةٍ فَعَل، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يَمْلِكُهُ الْوَاجِدُ بِحَالٍ، قَال أَبُو عَلِيٍّ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللُّقَطَةِ أَنَّ اللُّقَطَةَ تَسْقُطُ مِنْ مَالِكِهَا فِي مَضْيَعَةٍ، فَجَوَّزَ الشَّارِعُ لِوَاجِدِهَا تَمَلُّكَهَا بَعْدَ التَّعْرِيفِ تَرْغِيبًا لِلنَّاسِ فِي أَخْذِهَا وَحِفْظِهَا، وَأَمَّا الْكَنْزُ الْمَذْكُورُ فَمُحْرَزٌ بِالدَّفْنِ غَيْرُ مُضَيَّعٍ، فَأَشْبَهَ الإِْبِل الْمُمْتَنِعَةَ مِنَ السِّبَاعِ إِذَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع 6 / 97.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٤)</span><hr/></div>وَجَدَهَا فِي الصَّحْرَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُهَا لِلتَّمْلِيكِ (1) .</p>أَمَّا الاِتِّجَاهُ الآْخَرُ: فَهُوَ إِلْحَاقُ مَا يُعَدُّ مِنْ هَذِهِ الْكُنُوزِ بِاللُّقَطَةِ فِي الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ إِنْ عُرِفَ، وَفِي التَّعْرِيفِ، وَفِي التَّصَرُّفِ فِيهَا التَّصَرُّفَ الْوَاجِبَ فِي اللُّقَطَةِ، وَيُوَضِّحُ إِلْحَاقُ الْكَنْزِ بِاللُّقَطَةِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ إِغْفَالَهُمْ لِلرَّأْيِ السَّابِقِ وَعَدَمَ إِشَارَتِهِمْ إِلَيْهِ فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ، جَاءَ فِي الْمُغْنِي أَنَّ هَذَا الْكَنْزَ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ، فَعَلَيْهِ (أَيْ عَلَى وَاجِدِهِ) أَنْ يُعَرِّفَ مَا يَجِدُهُ مِنْهُ (2) .</p>أَمَّا وُجُوبُ التَّعْرِيفِ بِهَا وَعَدَمُ كِتْمَانِهَا أَوْ إِخْفَائِهَا فَلَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، إِلَاّ أَنْ يَضُرَّ بِهِ هَذَا التَّعْرِيفُ فَيُعْذَرُ عَنْهُ فِيمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّبْرَامَلِّسِيُّ وَأَوْضَحَهُ بِقَوْلِهِ: اطَّرَدَتِ الْعَادَةُ فِي زَمَانِنَا بِأَنَّ مَنْ نُسِبَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ تَسَلَّطَتْ عَلَيْهِ الظُّلْمَةُ بِالأَْذَى وَاتِّهَامِهِ أَنَّ هَذَا بَعْضُ مَا وَجَدَهُ، فَهَل يَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فِي عَدَمِ الإِْعْلَامِ، وَيَكُونُ فِي يَدِهِ كَالْوَدِيعَةِ، فَيَجِبُ حِفْظُهُ وَمُرَاعَاتُهُ أَبَدًا، أَوْ يَجُوزُ لَهُ صَرْفُهُ مَصْرِفَ بَيْتِ الْمَال كَمَنْ وَجَدَ مَالاً أَيِسَ مِنْ مَالِكِهِ، وَخَافَ مِنْ دَفْعِهِ لأَِمِينِ بَيْتِ الْمَال أَنَّ أَمِينَ بَيْتِ الْمَال لَا يَصْرِفُهُ مَصْرِفَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع 6 / 98.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني لابن قدامة 2 / 613، وانظر الدسوقي 1 / 492.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٤)</span><hr/></div>وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي لِلْعُذْرِ الْمَذْكُورِ، وَيَنْبَغِي لَهُ إِنْ أَمْكَنَ دَفْعُهُ لِمَنْ مَلَكَ مِنْهُ تَقْدِيمُهُ عَلَى غَيْرِهِ إِنْ كَانَ مُسْتَحِقًّا لِبَيْتِ الْمَال (1) .</p>وَمُدَّةُ التَّعْرِيفِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ سَنَةٌ فِيمَا تَزِيدُ قِيمَتُهُ عَلَى عَشْرَةِ دَرَاهِمَ، وَمَا قَلَّتْ قِيمَتُهُ عَنْ ذَلِكَ يُعَرَّفُ أَيَّامًا عِنْدَهُمْ (2) .</p>وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ فِي وُجُوبِ دَفْعِ الْكَنْزِ لِصَاحِبِهِ إِنْ وُجِدَ أَمَّا إِنْ لَمْ يُوجَدْ صَاحِبُهُ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِهِ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِيمَا يَجِبُ فِي اللُّقَطَةِ الَّتِي لَا يُدْرَى صَاحِبُهَا بَعْدَ تَعْرِيفِهَا التَّعْرِيفَ الْوَاجِبَ.</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ:(لُقَطَةٌ ف 14) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ كُنُوزُ الْجَاهِلِيَّةِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> يُطْلَقُ اصْطِلَاحُ كُنُوزِ الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى مَا يَنْتَسِبُ إِلَى مَا قَبْل ظُهُورِ الإِْسْلَامِ، سَوَاءٌ انْتَسَبَ إِلَى قَوْمٍ أَهْل جَهْلٍ لَا يَعْرِفُونَ شَيْئًا عَنِ الدِّينِ مِمَّنْ عَاشُوا فِي فَتَرَاتِ الرُّسُل، أَوِ انْتَسَبَ إِلَى قَوْمٍ مِنَ الْيَهُودِ أَوِ النَّصَارَى، وَيَتَقَيَّدُ هَذَا النَّوْعُ مِنَ الْكُنُوزِ بِمُقْتَضَى هَذَا الْوَصْفِ بِكَوْنِهِ دَفِينَ غَيْرِ مُسْلِمٍ وَلَا ذِمِّيٍّ. وَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ إِشَارَةِ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ إِلَى هَذَا النَّوْعِ مِنَ الْكُنُوزِ بِأَنَّهُ دَفِينُ الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّ هَذَا لَا يَعْنِي اشْتِرَاطَ كَوْنِهِ مَدْفُونًا فِي بَاطِنِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الشبراملسي مع نهاية المحتاج 3 / 99.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الجامع الصغير لمحمد بن الحسن ص107.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٥)</span><hr/></div>الأَْرْضِ لِتَرَتُّبِ الأَْحْكَامِ الْفِقْهِيَّةِ الْخَاصَّةِ بِهِ، إِذْ يَذْكُرُ أَكْثَرُ الشُّرَّاحِ فِيمَا نَصَّ عَلَيْهِ الدُّسُوقِيُّ.</p>أَنَّ مَا وُجِدَ فَوْقَ الأَْرْضِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَهُوَ رِكَازٌ، وَأَنَّ التَّقْيِيدَ بِالدَّفْنِ لأَِنَّهُ شَأْنُ الْجَاهِلِيَّةِ فِي الْغَالِبِ (1) ، وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ اشْتِرَاطَ الدَّفْنِ لاِعْتِبَارِهِ مِنَ الرِّكَازِ حَقِيقَةً، وَلَكِنْ غَيْرُ الْمَدْفُونِ مِنَ الأَْمْوَال يَلْتَحِقُ بِالْمَدْفُونِ قِيَاسًا عَلَيْهِ، يَدُل عَلَى هَذَا الرَّأْيِ مَا جَاءَ فِي حَاشِيَةِ الدُّسُوقِيُّ: أَنَّ غَيْرَ الْمَدْفُونِ لَيْسَ بِرِكَازٍ وَإِنْ كَانَ فِيهِ الْخُمُسُ قِيَاسًا عَلَيْهِ (2) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَوْجُودُ مَدْفُونًا، فَلَوْ وَجَدَهُ ظَاهِرًا وَعَلِمَ أَنَّ السَّيْل أَوِ السَّبُعَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ أَظْهَرَهُ فَرِكَازٌ، أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ ظَاهِرًا فَلُقَطَةٌ، فَإِنْ شَكَّ كَانَ لُقَطَةً كَمَا لَوْ تَرَدَّدَ فِي كَوْنِهِ ضَرْبَ الْجَاهِلِيَّةِ أَوِ الإِْسْلَامِ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (3) .</p>وَقَدْ وَرَدَ فِي سُنَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الإِْشَارَةُ إِلَى هَذَا النَّوْعِ مِنَ الْكُنُوزِ بِهَذَا الاِصْطِلَاحِ الَّذِي اتَّبَعَهُ الْفُقَهَاءُ فِيمَا بَعْدُ، فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَجُلاً مِنْ مُزَيْنَةَ سَأَل رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ: الْكَنْزُ نَجِدُهُ فِي الْخَرِبِ وَفِي الآْرَامِ فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فِيهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الدسوقي 1 / 489.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المرجع السابق 1 / 490.</p><font color=#ff0000>(3)</font> نهاية المحتاج 3 / 98.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٥)</span><hr/></div>وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ (1) .</p>وَالضَّابِطُ فِي الْتِحَاقِ مَا يُكْتَشَفُ مِنَ الأَْمْوَال بِكُنُوزِ الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهَا مِنْ دَفْنِهِمْ، وَلَمْ تَدْخُل فِي مِلْكِ أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَلَا مِنْ أَهْل الذِّمَّةِ، وَإِنَّمَا يُظَنُّ ذَلِكَ ظَنًّا غَالِبًا بِأَنْ تَكُونَ عَلَيْهِ عَلَامَاتُهُمْ أَوْ نُقُوشُهُمْ أَوْ أَيُّ شَيْءٍ آخَرُ يَدُل عَلَيْهِمْ، جَاءَ فِي الْمُغْنِي اعْتِبَارُ الْكَنْزِ دَفْنًا جَاهِلِيًّا بِأَنْ تُرَى عَلَيْهِ عَلَامَاتُهُمْ كَأَسْمَاءِ مُلُوكِهِمْ وَصُوَرِهِمْ وَصُلُبِهِمْ وَصُوَرِ أَصْنَامِهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ (2) .</p>وَمِنْ هَذِهِ الْعَلَامَاتِ فِيمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْبَعْضُ أَنْ يُوجَدَ فِي قُبُورِهِمْ (3) ، أَوْ أَنْ يُوجَدَ فِي قِلَاعِهِمْ وَخَرَائِبِهِمْ (4) .</p>وَحُكْمُ هَذَا الْكَنْزِ وُجُوبُ الْخُمُسِ فِيهِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ إِذَا تَوَافَرَتْ شُرُوطُهُ لِلنَّصِّ عَلَى هَذَا الْوُجُوبِ (5) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الْكَنْزُ الْمُشْتَبِهُ الأَْصْل</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> وَهُوَ النَّوْعُ الثَّالِثُ مِنَ الْكُنُوزِ فَهِيَ الَّتِي لَا نَعْرِفُ حَقِيقَتَهَا، بِأَنْ لَا يُوجَدَ عَلَيْهَا أَثَرٌ مُطْلَقًا كَتِبْرٍ وَآنِيَةٍ وَحُلِيٍّ، أَوْ كَانَ عَلَيْهَا أَثَرٌ لَا يَكْشِفُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" أن رجلا من مزينة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . ". أخرجه أحمد (2 / 186) ، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (11 / 34) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني لابن قدامة 2 / 613.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تحفة المحتاج 3 / 288.</p><font color=#ff0000>(4)</font> نهاية المحتاج 3 / 98.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المبسوط 2 / 211، البحر الرائق 2 / 252، حاشية الدسوقي 1 / 489 والمغني 2 / 615.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٦)</span><hr/></div>عَنْ أَصْلِهَا، كَمَا إِذَا كَانَتْ نَقْدًا يُضْرَبُ مِثْلُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالإِْسْلَامِ (1) .</p>وَإِنَّمَا يَصْدُقُ هَذَا إِذَا لَمْ يُمْكِنْ مَعْرِفَةُ حَقِيقَةِ الْكَنْزِ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ، كَمَا إِذَا وُجِدَ فِي قَرْيَةٍ لَمْ يَسْكُنْهَا مُسْلِمٌ فَإِنَّهُ يُعَدُّ جَاهِلِيًّا، وَإِذَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ هُمُ الَّذِينَ اخْتَطُّوهَا وَلَمْ يَسْكُنْهَا جَاهِلِيٌّ فَإِنَّ الْمَوْجُودَ يُعَدُّ كَنْزًا إِسْلَامِيًّا.</p>وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ هَذَا الْكَنْزِ، فَأَلْحَقَهُ الْحَنَفِيَّةُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِكُنُوزِ الْجَاهِلِيَّةِ فَيُعْطَى حُكْمَ الرِّكَازِ.</p>وَأَلْحَقَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْصَحِّ بِالْكُنُوزِ الإِْسْلَامِيَّةِ فَيُعْطَى حُكْمَ اللُّقَطَةِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: تَقْسِيمُ الْكَنْزِ الْجَاهِلِيِّ بِالنَّظَرِ إِلَى الدَّارِ الَّتِي وُجِدَ فِيهَا:</span></p>يُفَرِّقُ الْفُقَهَاءُ بَيْنَ الْكَنْزِ الَّذِي يَجِدُهُ الْوَاجِدُ فِي دَارِ الإِْسْلَامِ، وَبَيْنَ ذَلِكَ الَّذِي يُوجَدُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَفِيمَا يَلِي بَيَانُ هَذَا التَّقْسِيمِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 3 / 98.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 2 / 65، والبحر الرائق 2 / 253، وحاشية الدسوقي 1 / 498 - 499، والمجموع 6 / 96، ونهاية المحتاج 3 / 98، والمغني مع الشرح الكبير 2 / 613.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌النَّوْعُ الأَْوَّل: الْكَنْزُ الَّذِي يُوجَدُ فِي دَارِ الإِْسْلَامِ</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> تَخْتَلِفُ أَحْكَامُ الْكُنُوزِ الَّتِي تُوجَدُ فِي دَارِ الإِْسْلَامِ تَبَعًا لاِخْتِلَافِ مِلْكِيَّةِ الأَْرْضِ الَّتِي وُجِدَتْ فِيهَا وَسَبِيل هَذِهِ الْمِلْكِيَّةِ، وَيَخْتَلِفُ النَّظَرُ الْفِقْهِيُّ إِلَى مَا يُوجَدُ مِنْ هَذِهِ الْكُنُوزِ فِي أَرْضٍ لَا مَالِكَ لَهَا، أَوْ فِي طَرِيقٍ غَيْرِ مَسْلُوكٍ، أَوْ فِي أَرْضٍ مَلَكَهَا صَاحِبُهَا بِشِرَاءٍ أَوْ بِمِيرَاثٍ، أَوْ فِي أَرْضٍ مَلَكَهَا صَاحِبُهَا بِالإِْحْيَاءِ، عَلَى التَّفْصِيل التَّالِي بَيْنَ هَذِهِ الأَْنْوَاعِ:</p>أ - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْكَنْزَ الْجَاهِلِيَّ الَّذِي يُوجَدُ فِي مَوَاتٍ أَوْ فِي أَرْضٍ لَا يُعْلَمُ لَهَا مَالِكٌ مِثْل الأَْرْضِ الَّتِي تُوجَدُ فِيهَا، آثَارُ الْمِلْكِ كَالأَْبْنِيَةِ الْقَدِيمَةِ وَالتُّلُول وَجُدْرَانِ الْجَاهِلِيَّةِ وَقُبُورِهِمْ. فَهَذَا فِيهِ الْخُمُسُ وَلَوْ وَجَدَهُ فِي هَذِهِ الأَْرْضِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ فِي طَرِيقٍ غَيْرِ مَسْلُوكٍ أَوْ فِي قَرْيَةٍ خَرَابٍ فَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْحُكْمِ، لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَال: سُئِل رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ اللُّقَطَةِ فَقَال: مَا كَانَ فِي طَرِيقٍ مَأْتِيٍّ أَوْ فِي قَرْيَةٍ عَامِرَةٍ فَعَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَاّ فَلَكَ، وَمَا لَمْ يَكُنْ فِي طَرِيقٍ مَأْتِيٍّ وَلَا فِي قَرْيَةٍ عَامِرَةٍ فَفِيهِ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة. . . ". أخرجه النسائي (5 / 44) ، وإسناده حسن.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٧)</span><hr/></div>وَمِنْهُ كَذَلِكَ مَا يُوجَدُ فِي بِلَادِ الإِْسْلَامِ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ لأَِحَدٍ كَالْجِبَال وَالْمَفَاوِزِ (1) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَمْلِكُ الْوَاجِدُ الرِّكَازَ وَتَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ فِيهِ إِذَا وَجَدَهُ فِي مَوَاتٍ أَوْ فِي خَرَائِبِ أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ أَوْ قِلَاعِهِمْ أَوْ قُبُورِهِمْ (2) .</p>ب - وَأَمَّا مَا يُوجَدُ مِنَ الْكُنُوزِ فِي أَرْضٍ أَوْ دَارٍ يَمْلِكُهَا الْوَاجِدُ نَفْسُهُ بِشِرَاءٍ أَوْ مِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ فَالاِتِّفَاقُ عَلَى وُجُوبِ الْخُمُسِ بِاعْتِبَارِهِ كَانَ مَال الْكَفَرَةِ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ عَلَى طَرِيقِ الْقَهْرِ فَيُخَمَّسُ (3) .</p>وَأَمَّا الأَْرْبَعَةُ الأَْخْمَاسُ الْبَاقِيَةُ فَهِيَ لِصَاحِبِ الْخُطَّةِ عِنْدَ أبي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ إِنْ كَانَ حَيًّا، وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا فَلِوَرَثَتِهِ إِنْ عُرِفُوا، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ صَاحِبَ الْخُطَّةِ وَلَا وَرَثَتَهُ تَكُونُ لأَِقْصَى مَالِكٍ لِلأَْرْضِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ.</p>وَقَال أَبُو يُوسُفَ: أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ لِلْوَاجِدِ (4) .</p>وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ إِلَى أَنَّ مِلْكِيَّةَ الأَْخْمَاسِ الأَْرْبَعَةِ فِي الْكَنْزِ الْمَوْجُودِ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لِلْوَاجِدِ أَوْ غَيْرِهِ لَيْسَتْ لِلْوَاجِدِ وَلَا لِمَالِكِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البحر الرائق 2 / 253، وحاشية الدسوقي 1 / 491، والمغني مع الشرح الكبير 2 / 613.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 3 / 98.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع 2 / 66.</p><font color=#ff0000>(4)</font> بدائع الصنائع 2 / 66.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٧)</span><hr/></div>الأَْرْضِ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ هَذَا الْمِلْكُ إِلَى الْمُخْتَطِّ لَهُ الأَْوَّل الَّذِي انْتَقَلَتْ إِلَيْهِ مِلْكِيَّةُ الأَْرْضِ بِمَا فِيهَا بَعْدَ تَقْسِيمِ الإِْمَامِ لَهَا عَقِبَ فَتْحِهَا عَلَى أَيْدِي الْجَيْشِ الْمُسْلِمِ، وَيُعَرِّفُ الْمَرْغِينَانِيُّ الْمُخْتَطَّ لَهُ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي مَلَّكَهُ الإِْمَامُ هَذِهِ الْبُقْعَةَ أَوَّل الْفَتْحِ، وَيُعَقِّبُ الْكَمَال عَلَى هَذَا بِقَوْلِهِ: لَا نَقُول إِنَّ الإِْمَامَ يُمَلِّكُ الْمُخْتَطَّ لَهُ الْكَنْزَ بِالْقِسْمَةِ، بَل يُمَلِّكُهُ الْبُقْعَةَ وَيُقَرِّرُ يَدَهُ فِيهَا وَيَقْطَعُ مُزَاحَمَةَ سَائِرِ الْغَانِمِينَ فِيهَا، وَإِذَا صَارَ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهَا أَقْوَى الاِسْتِيلَاءَاتِ، وَهُوَ بِيَدِ خُصُوصِ الْمِلْكِ السَّابِقَةِ فَيَمْلِكُ بِهَا مَا فِي الْبَاطِنِ مِنَ الْمَال الْمُبَاحِ، لِلاِتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ الْغَانِمِينَ لَمْ يُعْتَبَرْ لَهُمْ مِلْكٌ فِي هَذَا الْكَنْزِ بَعْدَ الاِخْتِطَاطِ، وَإِلَاّ لَوَجَبَ صَرْفُهُ إِلَيْهِمْ أَوْ إِلَى ذَرَارِيِّهِمْ، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفُوا وُضِعَ فِي بَيْتِ الْمَال وَاللَاّزِمُ مُنْتَفٍ، ثُمَّ إِذَا مَلَكَهُ (أَيِ الْكَنْزَ) لَمْ يَصِرْ مُبَاحًا فَلَا يَدْخُل فِي بَيْعِ الأَْرْضِ، فَلَا يَمْلِكُهُ مُشْتَرِي الأَْرْضِ كَالدُّرَّةِ فِي بَطْنِ السَّمَكَةِ يَمْلِكُهَا الصَّائِدُ لِسَبْقِ يَدِ الْخُصُوصِ إِلَى السَّمَكَةِ حَال إِبَاحَتِهَا، ثُمَّ لَا يَمْلِكُهَا مُشْتَرِي السَّمَكَةِ لاِنْتِفَاءِ الإِْبَاحَةِ، وَمَا ذُكِرَ فِي السَّمَكَةِ مِنَ الإِْطْلَاقِ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ.</p>أَمَّا إِنْ لَمْ يُعْرَفْ هَذَا الْمُخْتَطُّ لَهُ وَلَا وَرَثَتُهُ فَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْكَنْزَ أَقْصَى مَالِكٍ يُعْرَفُ فِي الإِْسْلَامِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ السَّرَخْسِيِّ، خِلَافًا لأَِبِي الْيَسَرِ الْبَزْدَوِيِّ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٨)</span><hr/></div>الَّذِي اخْتَارَ اسْتِحْقَاقَ بَيْتِ الْمَال لِلْكَنْزِ، يَقُول السَّرَخْسِيُّ: إِنْ كَانَ الْمُخْتَطُّ لَهُ بَاقِيًا أَوْ وَارِثُهُ دُفِعَ إِلَيْهِ، وَإِلَاّ فَهُوَ لأَِقْصَى مَالِكٍ يُعْرَفُ لِهَذِهِ الْبُقْعَةِ فِي الإِْسْلَامِ، وَهَذَا قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَلَعَل أَبَا الْيَسَرِ قَدْ نَظَرَ إِلَى تَعَذُّرِ التَّعَرُّفِ عَلَى الْمُخْتَطِّ لَهُ فِي عَصْرِهِ فَأَوْجَبَ مِلْكَ الأَْرْبَعَةِ الأَْخْمَاسِ لِبَيْتِ الْمَال (1) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ مُلِّكَتِ الأَْرْضُ بِإِرْثٍ فَأَرْبَعَةُ الأَْخْمَاسِ الْبَاقِيَةِ لِمَالِكِهَا، وَإِنْ مُلِّكَتْ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ فَهِيَ لِلْبَائِعِ الأَْصْلِيِّ أَوِ الْوَاهِبِ إِنْ عُلِمَ وَإِلَاّ فَلُقَطَةٌ، وَقِيل لِمَالِكِهَا فِي الْحَال (2) .</p>وَقَالُوا: إِنَّ مِلْكَ مَا يُوجَدُ مِنَ الْكُنُوزِ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ بِشِرَاءٍ أَوْ مَا يُشْبِهُهُ يَخْتَصُّ بِمَالِكِ تِلْكَ الأَْرْضِ حُكْمًا وَهُوَ الْجَيْشُ الَّذِي فَتَحَهَا عَنْهُ، فَيُدْفَعُ الْبَاقِي لِمَنْ وُجِدَ مِنْهُمْ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدِ الْجَيْشُ فَلِوَارِثِهِ إِنْ وُجِدَ، فَإِنِ انْقَرَضَ الْوَارِثُ فَقَال سَحْنُونٌ: إِنَّهُ لُقَطَةٌ فَيَجُوزُ التَّصَدُّقُ بِهِ عَنْ أَرْبَابِهِ وَيُعْمَل فِيهِ مَا يُعْمَل فِي اللُّقَطَةِ، وَقَال بَعْضُهُمْ: إِذَا انْقَرَضَ الْوَارِثُ حَل مَحَلَّهُ بَيْتُ الْمَال مِنْ أَوَّل الأَْمْرِ، لأَِنَّهُ مَالٌ جُهِلَتْ أَرْبَابُهُ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ مَا مَشَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 2 / 214، فتح القدير 1 / 540 ط. الأميرية.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الصغير 1 / 655، والدسوقي 1 / 491.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٨)</span><hr/></div>عَلَيْهِ الشَّارِحُ، وَكَانَ مَالِكٌ يَقُول: كُل كَنْزٍ وُجِدَ مِنْ دَفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي بِلَادِ قَوْمٍ صَالَحُوا عَلَيْهَا فَأَرَاهُ لأَِهْل تِلْكَ الدَّارِ الَّذِينَ صَالَحُوا عَلَيْهَا، وَلَيْسَ هُوَ لِمَنْ أَصَابَهُ، وَمَا أُصِيبَ فِي أَرْضِ الْعِتْقِ فَأَرَاهُ لِجَمَاعَةِ مُسْلِمِي أَهْل تِلْكَ الْبِلَادِ الَّذِينَ افْتَتَحُوهَا، وَلَيْسَ هُوَ لِمَنْ أَصَابَهُ دُونَهُمْ، لأَِنَّ مَا فِي دَاخِلِهَا بِمَنْزِلَةِ مَا فِي خَارِجِهَا فَهُوَ لِجَمِيعِ أَهْل تِلْكَ الْبِلَادِ، وَيُخَمَّسُ (1) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا كَانَ الرِّكَازُ فِي أَرْضٍ انْتَقَلَتْ إِلَى وَاجِدِهِ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَحِل لِلْوَاجِدِ أَخْذُهُ، بَل يَلْزَمُهُ عَرْضُهُ عَلَى مَنْ مَلَكَ الأَْرْضَ عَنْهُ، ثُمَّ الَّذِي قَبْلَهُ إِنْ لَمْ يَدَعْهُ، ثُمَّ هَكَذَا حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الْمُحْيِي (2) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي الأَْصَحِّ إِلَى أَنَّ الأَْرْبَعَةَ الأَْخْمَاسَ لِوَاجِدِهَا لأَِنَّهَا مَال كَافِرٍ مَظْهُورٍ عَلَيْهِ فِي الإِْسْلَامِ، فَكَانَ لِمَنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ كَالْغَنَائِمِ، وَهَذَا قَدْ ظَهَرَ عَلَيْهِ فَوَجَبَ أَنْ يَمْلِكَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ ثَانِيَةٍ لِلْحَنَابِلَةِ هِيَ لِلْمَالِكِ قَبْلَهُ إِنِ اعْتَرَفَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ فَهِيَ لِلَّذِي قَبْلَهُ كَذَلِكَ إِلَى أَوَّل مَالِكٍ، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ أَوَّل مَالِكٍ فَهُوَ كَالْمَال الضَّائِعِ الَّذِي لَا يُعْرَفُ لَهُ مَالِكٌ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(&# x661 ;) حاشية الدسوقي 1 / 499، والخرشي 2 / 211، والمدونة 1 / 291.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المجموع 6 / 94.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني مع الشرح الكبير 2 / 613.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٩)</span><hr/></div>ج - مَا يُوجَدُ مِنَ الْكَنْزِ فِي بِلَادِ الإِْسْلَامِ فِي أَرْضٍ مَلَكَهَا صَاحِبُهَا بِالإِْحْيَاءِ فَيُخَمَّسُ مَا يُوجَدُ (1) ، وَيَسْتَحِقُّ الْمُحْيِي الأَْخْمَاسَ الأَْرْبَعَةَ الْبَاقِيَةَ.</p>وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ الْكَنْزَ لِلْوَاجِدِ إِنْ وَجَدَهُ فِي أَرْضٍ مَلَكَهَا بِالإِْحْيَاءِ أَوِ انْتَقَلَتْ إِلَيْهِ بِمِيرَاثٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (2) .</p>د - مَا يُوجَدُ مِنَ الْكَنْزِ فِي بِلَادِ الإِْسْلَامِ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ فَالْكَنْزُ لِمَنْ فِي يَدِهِ الأَْرْضُ، كَذَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌النَّوْعُ الثَّانِي: الْكُنُوزُ الَّتِي يَجِدُهَا الْمُسْلِمُ أَوِ الذِّمِّيُّ فِي دَارِ الْحَرْبِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> فَصَّل الْفُقَهَاءُ أَنْوَاعَ مَا يَجِدُهُ الْمُسْلِمُ أَوِ الذِّمِّيُّ مِنْ كُنُوزٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:</p>فَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: هُوَ كَمَوَاتِ دَارِ الإِْسْلَامِ فِيهِ الْخُمُسُ (4) لِعُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ (5) .</p>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا وُجِدَ الْكَنْزُ فِي أَرْضٍ لَيْسَتْ بِمَمْلُوكَةٍ لأَِحَدٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَهُوَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع 6 / 94.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشاف القناع 2 / 227.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المجموع 6 / 94.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حاشية الدسوقي 1 / 491، والمغني مع الشرح الكبير 2 / 615.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث: " وفي الركاز الخمس ". أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 364) ومسلم (3 / 1334) من حديث أبي هريرة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٩)</span><hr/></div>لِلْوَاجِدِ، وَلَا يُخَمَّسُ، لأَِنَّهُ مَالٌ أَخَذَهُ لَا عَنْ طَرِيقِ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ لاِنْعِدَامِ غَلَبَةِ أَهْل الإِْسْلَامِ عَلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَلَمْ يَكُنْ غَنِيمَةً، وَلَا خُمُسَ فِيهِ، وَيَكُونُ الْكُل لَهُ، لأَِنَّهُ مُبَاحٌ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ فَيَمْلِكُهُ كَالْحَطَبِ وَالْحَشِيشِ، وَسَوَاءٌ دَخَل بِأَمَانٍ أَوْ بِغَيْرِ أَمَانٍ، لأَِنَّ حُكْمَ الأَْمَانِ يَظْهَرُ فِي الْمَمْلُوكِ لَا فِي الْمُبَاحِ (1) .</p>وَفَصَّل الشَّافِعِيَّةُ فَقَالُوا: إِذَا وَجَدَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ فِي مَوَاتٍ لَا يَذُبُّونَ عَنْهُ فَهُوَ كَمَوَاتِ دَارِ الإِْسْلَامِ فِيهِ الْخُمُسُ، لِعُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ.</p>وَإِنْ وَجَدَهُ فِي مَوَاتٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ يَذُبُّونَ عَنْهُ ذَبَّهُمْ عَنِ الْعُمْرَانِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ رِكَازٌ كَالَّذِي لَا يَذُبُّونَ عَنْهُ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ (2) .</p> </p><font color=#ff0000>9 -</font> أَمَّا إِنْ وُجِدَ الْكَنْزُ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لأَِهْل هَذِهِ الدَّارِ فَيُفَرِّقُ الْفُقَهَاءُ بَيْنَ حَالَيْنِ:</p>أَوَّلُهُمَا، أَنْ يَدْخُل بِأَمَانٍ فَلَا يَحِل لَهُ أَخْذُ الْكَنْزِ لَا بِقِتَالٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَلَيْسَ لَهُ خِيَانَتُهُمْ فِي أَمْتِعَتِهِمْ، فَإِنْ أَخَذَهُ لَزِمَهُ رَدُّهُ، قَال الْحَنَفِيَّةُ: وَيَرُدُّهُ إِلَى صَاحِبِ الأَْرْضِ، وَإِلَاّ مَلَكَهُ مِلْكًا خَبِيثًا، لِتَمَكُّنِ خَبَثِ الْخِيَانَةِ فِيهِ فَسَبِيلُهُ التَّصَدُّقُ بِهِ، وَلَوْ بَاعَهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ لَكِنْ لَا يَطِيبُ لِلْمُشْتَرِي،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 2 / 66، والسير الكبير 5 / 2165.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المجموع 6 / 94.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٠)</span><hr/></div>بِخِلَافِ بَيْعِ الْمُشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا (1) ، وَيُعَدُّ سَارِقًا إِنْ أَخَذَهُ خُفْيَةً، وَمُخْتَلِسًا إِنْ أَخَذَهُ جِهَارًا (2) .</p>وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ قَدْ دَخَل بِغَيْرِ أَمَانٍ فَيَحِل لِلْوَاجِدِ أَنْ يَأْخُذَ مَا يَظْفَرُ بِهِ مِنْ كُنُوزِهِمْ وَلَا شَيْءَ فِيهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِنْ كَانَ أَخَذَهُ بِغَيْرِ قِتَالٍ، أَمَّا إِنْ كَانَ أَخَذَهُ عَلَى سَبِيل الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ بِقِتَالٍ وَحَرْبٍ كَمَا لَوْ دَخَل جَمَاعَةٌ مُمْتَنِعُونَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَظَفِرُوا بِشَيْءٍ مِنْ كُنُوزِهِمْ يَجِبُ فِيهِ الْخُمُسُ. لِكَوْنِهِ غَنِيمَةً لِحُصُول الأَْخْذِ عَنْ طَرِيقِ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ (3) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ وُجِدَ فِي مَوْضِعٍ مَمْلُوكٍ لَهُمْ نُظِرَ: إِنْ أُخِذَ بِقَهْرٍ وَقِتَالٍ فَهُوَ غَنِيمَةٌ كَأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ وَنُقُودِهِمْ مِنْ بُيُوتِهِمْ فَيَكُونُ خُمُسُهُ لأَِهْل خُمُسِ الْغَنِيمَةِ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ لِوَاجِدِهِ، وَإِذَا أُخِذَ بِغَيْرِ قِتَالٍ وَلَا قَهْرٍ فَهُوَ فَيْءٌ وَمُسْتَحِقُّهُ أَهْل الْفَيْءِ، كَذَا ذَكَرَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌مِلْكِيَّةُ الْكَنْزِ:</span></p>تَنَاوَل الْفُقَهَاءُ أَحْكَامَ مِلْكِيَّةِ الْكَنْزِ مِنْ حَيْثُ طَبِيعَةُ مِلْكِيَّةِ الْخُمُسِ وَسَبَبُ مِلْكِيَّةِ الأَْرْبَعَةِ أَخْمَاسٍ الْبَاقِيَةِ وَالْعَلَاقَةُ بَيْنَ مِلْكِيَّةِ الأَْرْضِ وَمِلْكِيَّةِ الْكُنُوزِ الَّتِي تُوجَدُ فِيهَا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 2 / 66.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المجموع 6 / 64.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع 2 / 66.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المجموع 6 / 94.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٠)</span><hr/></div>أ -‌<span class="title">‌ مِلْكِيَّةُ الْخُمُسِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> يُمَيِّزُ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ بَيْنَ نَوْعَيْنِ مِنَ الْحُقُوقِ:</p>أَوَّلُهُمَا: الْحُقُوقُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِذِمَّةِ أَحَدٍ مِنَ الْعِبَادِ، كَدَيْنِ الْقَرْضِ فِي ذِمَّةِ الْمُقْتَرِضِ، وَالثَّمَنِ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي، وَالأُْجْرَةِ فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَقِيمَةِ الْمَغْصُوبِ أَوْ مِثْلِهِ فِي ذِمَّةِ الْغَاصِبِ، وَالْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ.</p>الثَّانِي: الْحُقُوقُ الْقَائِمَةُ بِنَفْسِهَا الْمُتَعَلِّقَةُ بِالأَْشْيَاءِ ذَاتِهَا لَا فِي ذِمَّةِ أَحَدٍ، وَهِيَ الَّتِي عَرَّفَهَا صَدْرُ الشَّرِيعَةِ بِأَنَّهَا حُقُوقٌ قَائِمَةٌ بِنَفْسِهَا لَا تَجِبُ فِي ذِمَّةِ أَحَدٍ كَخُمُسِ الْغَنَائِمِ وَالْمَعَادِنِ، فَالْخُمُسُ فِيهِمَا مَفْرُوضٌ عَلَى عَيْنِ الْغَنَائِمِ وَالْمَعَادِنِ قَبْل الاِسْتِيلَاءِ أَوِ الْكَشْفِ، دُونَ نَظَرٍ إِلَى شَخْصِ الْغَانِمِ أَوِ الْوَاجِدِ لِلْمَعْدِنِ (1) .</p>وَقَدْ نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْخُمُسَ لِلْفُقَرَاءِ، وَالْوَاجِدِ مِنْهُمْ، وَالأَْرْبَعَةُ الأَْخْمَاسُ لِلْوَاجِدِ إِذَا لَمْ تَبْلُغْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَإِنْ بَلَغَتْ لَمْ يَجُزْ لَهُ الأَْخْذُ مِنَ الْخُمُسِ.</p>قَال السَّرَخْسِيُّ: مَنْ أَصَابَ كَنْزًا أَوْ مَعْدِنًا وَسِعَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِخُمُسِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ، فَإِذَا أَطْلَعَ الإِْمَامَ عَلَى ذَلِكَ أَمْضَى لَهُ مَا صَنَعَ، لأَِنَّ الْخُمُسَ حَقُّ الْفُقَرَاءِ وَقَدْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) التوضيح لصدر الشريعة ص 736 طبعة كراتشي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥١)</span><hr/></div>أَوْصَلَهُ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ (1) .</p>وَقَال الْكَاسَانِيُّ: يَجُوزُ دَفْعُ الْخُمُسِ إِلَى الْوَالِدِينَ وَالْمَوْلُودِينَ إِذَا كَانُوا فُقَرَاءَ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ وَالْعُشْرِ، وَيَجُوزُ لِلْوَاجِدِ أَنْ يَصْرِفَهُ فِي مَصَالِحِهِ إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا وَلَا تُغْنِيهِ الأَْرْبَعَةُ الأَْخْمَاسُ الْبَاقِيَةُ بِأَنْ كَانَتْ تَقِل عَنِ الْمِائَتَيْنِ، أَمَّا إِذَا بَلَغَتِ الأَْخْمَاسُ الأَْرْبَعَةُ الْمِائَتَيْنِ فَلَيْسَ لِلْوَاجِدِ الأَْخْذُ مِنَ الْخُمُسِ لِغِنَاهُ، وَلَا يُقَال يَنْبَغِي أَلَاّ يَجِبَ الْخُمُسُ مَعَ الْفَقْرِ كَاللُّقَطَةِ، لأَِنَّا نَقُول إِنَّ النَّصَّ عَامٌّ فَيَتَنَاوَلُهُ (2) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: خُمُسُ الرِّكَازِ مَصْرِفُهُ لَيْسَ كَمَصْرِفِ الزَّكَاةِ وَإِنَّمَا هُوَ كَخُمُسِ الْغَنَائِمِ يَحِل لِلأَْغْنِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ، وَيَجِبُ الْخُمُسُ فِي الرِّكَازِ وَلَوْ كَانَ الْوَاجِدُ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَدِينًا، وَإِنِ احْتَاجَ إِلَى كَبِيرِ عَمَلٍ فِي تَخْلِيصِهِ وَإِخْرَاجِهِ مِنَ الأَْرْضِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ رُبُعُ الْعُشْرِ، وَلَا يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ بُلُوغُ النِّصَابِ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ شُرُوطِ الزَّكَاةِ (3) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ يُصْرَفُ مَصْرِفَ الزَّكَاةِ عَلَى الْمَشْهُورِ، لأَِنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ فِي الْمُسْتَفَادِ مِنَ الأَْرْضِ، فَأَشْبَهَ الْوَاجِبَ فِي الزَّرْعِ وَالثِّمَارِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْوَاجِدُ أَهْلاً<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 3 / 17.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 2 / 68، 7 / 124 - 125، وانظر السير الكبير 5 / 2173، والبحر الرائق 2 / 252.</p><font color=#ff0000>(3)</font> التاج والإكليل 2 / 339، وحاشية الدسوقي 1 / 489 - 490.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥١)</span><hr/></div>لِلزَّكَاةِ.</p>وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُصْرَفُ لأَِهْل الْخُمُسِ، لأَِنَّهُ مَالٌ جَاهِلِيٌّ حَصَل الظَّفْرُ بِهِ مِنْ غَيْرِ إِيجَافِ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ، فَكَانَ كَالْفَيْءِ، وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَالْكَافِرِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِنِيَّةٍ.</p>وَشَرْطُهُ النِّصَابُ - وَلَوْ بِالضَّمِّ - وَالنَّقْدِ أَيِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَضْرُوبًا عَلَى الْمَذْهَبِ، لأَِنَّهُ مَالٌ مُسْتَفَادٌ مِنَ الأَْرْضِ فَاخْتَصَّ بِمَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ قَدْرًا وَنَوْعًا كَالْمَعْدِنِ.</p>وَالثَّانِي: لَا يَشْتَرِطَانِ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْحَوْل بِلَا خِلَافٍ (1) .</p>وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّ الْخُمُسَ يَكُونُ مَصْرِفُهُ مَصْرِفَ الْفَيْءِ، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَالْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ، وَيَجِبُ الْخُمُسُ عَلَى كُل مَنْ وَجَدَهُ مِنْ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ وَحُرٍّ وَعَبْدٍ وَمُكَاتَبٍ وَكَبِيرٍ وَصَغِيرٍ وَعَاقِلٍ وَمَجْنُونٍ، إِلَاّ أَنَّ الْوَاجِدَ لَهُ إِذَا كَانَ عَبْدًا فَهُوَ لِسَيِّدِهِ، وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَهُوَ لَهُمَا وَيُخْرِجُ عَنْهُمَا وَلِيُّهُمَا.</p>وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ زَكَاةٌ، جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَإِنْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ أَجْزَأَهُ لأَِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه أَمَرَ صَاحِبَ الْكَنْزِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 3 / 97 - 98.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٢)</span><hr/></div>وَإِذَا كَانَ الْخُمُسُ زَكَاةً فَلَا تَجِبُ عَلَى مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا (1) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ مِلْكِيَّةُ الأَْخْمَاسِ الأَْرْبَعَةِ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> يَمْلِكُ وَاجِدُ الْكَنْزِ مَا يَبْقَى مِنْهُ بَعْدَ صَرْفِ الْخُمُسِ بِالشُّرُوطِ التَّالِيَةِ:</p>أَوَّلاً: أَنْ يَكُونَ الْوَاجِدُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا، فَإِنْ كَانَ حَرْبِيًّا اشْتُرِطَ سَبْقُ إِذْنِ الإِْمَامِ لَهُ بِالْعَمَل فِي التَّنْقِيبِ عَنِ الْكُنُوزِ، وَيَتَقَيَّدُ حَقُّهُ فِي الْكَنْزِ بِاتِّفَاقِهِ مَعَ الإِْمَامِ، وَقَدْ نَصَّ فُقَهَاءُ الْمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ عَلَى أَنَّ الْحَرْبِيَّ إِذَا عَمِل فِي الْمَفَاوِزِ بِإِذْنِ الإِْمَامِ عَلَى شَرْطٍ فَلَهُ الْمَشْرُوطُ (2) .</p>ثَانِيًا: أَنْ يَكُونَ الْكَنْزُ مِنْ دَفِينِ الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَدْخُل فِي مِلْكِ مُسْلِمٍ وَلَا ذِمِّيٍّ وَإِلَاّ أَخَذَ الْكَنْزُ حُكْمَ اللُّقَطَةِ.</p>ثَالِثًا: أَنْ يُوجَدَ الْكَنْزُ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ لأَِحَدٍ كَالْجِبَال وَالْمَفَاوِزِ وَالطُّرُقِ الْمَهْجُورَةِ الَّتِي لَا يَأْتِيهَا الْمُسْلِمُونَ وَلَا أَهْل الذِّمَّةِ (3) .</p>وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْوَاجِدَ يَمْلِكُ الرِّكَازَ، لأَِنَّهُ كَسْبٌ لَهُ فَيَمْلِكُهُ بِالاِكْتِسَابِ، وَإِذَا مَلَكَهُ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ فِيهِ وَهِيَ الْخُمُسُ لأَِنَّهُ مِنْ أَهْلِهَا (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الإنصاف 3 / 123 - 125، والمغني مع الشرح الكبير 2 / 615 - 616.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البحر الرائق 2 / 253، وحاشية ابن عابدين 2 / 51.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البحر الرائق 2 / 253، وحاشية الدسوقي 1 / 491، والإنصاف 3 / 126.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المجموع 6 / 92.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٢)</span><hr/></div>ج -‌<span class="title">‌ مِلْكِيَّةُ الْكَنْزِ الْمَوْجُودِ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا وُجِدَ الْكَنْزُ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ مَمْلُوكَةً لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ أَوْ مَمْلُوكَةً لِمُعَيَّنٍ، وَالأَْرَاضِي الْمَمْلُوكَةُ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ هِيَ الَّتِي آلَتْ إِلَى الْمُسْلِمِينَ بِلَا قِتَالٍ وَلَا إِيجَافِ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ، وَكَذَا الَّتِي آلَتْ إِلَى بَيْتِ الْمَال لِمَوْتِ الْمَالِكِ مِنْ غَيْرِ وَارِثٍ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِأَرَاضِي مِصْرَ (1) ، وَتَنْتَقِل مِلْكِيَّةُ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الأَْرَضِينَ إِلَى بَيْتِ الْمَال وَتَصِيرُ أَمْلَاكَ دَوْلَةٍ، فَيَمْلِكُهَا جَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ، وَاعْتَبَرَهَا بَعْضُ الْفُقَهَاءِ وَقْفًا، وَحُكْمُ مَا يُوجَدُ مِنْ كَنْزٍ فِي هَذَا النَّوْعِ مِنَ الأَْرَاضِيِ أَنْ يَذْهَبَ خُمُسُهُ لِبَيْتِ الْمَال أَمَّا الْبَاقِي وَهُوَ الأَْرْبَعَةُ الأَْخْمَاسُ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى الْوَاجِدِ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي يُوسُفَ وَالْحَنَابِلَةِ، أَوْ إِلَى الْمُخْتَطِّ لَهُ الأَْوَّل إِنْ عُرِفَ، وَإِلَاّ فَلِبَيْتِ الْمَال أَوْ لِلْجَيْشِ وَوَرَثَتِهِ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهِ حَسْبَمَا يَأْتِي تَفْصِيلُهُ، وَفِي هَذَا يَذْكُرُ ابْنُ عَابِدِينَ أَنَّهُ لَمْ يَرَ حُكْمَ مَا وُجِدَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ، ثُمَّ يَقُول: وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْكُل لِبَيْتِ الْمَال، أَمَّا الْخُمُسُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْبَاقِي فَلِوُجُودِ الْمَالِكِ - وَهُوَ جَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ - فَيَأْخُذُهُ وَكِيلُهُمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 2 / 44.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٣)</span><hr/></div>وَهُوَ السُّلْطَانُ (1) .</p>وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِمْ فِي صَرْفِ الْبَاقِي بَعْدَ الْخُمُسِ أَوْ دَفْعِ نِسْبَةِ الزَّكَاةِ إِلَى مَالِكِ الأَْرْضِ، وَيُفَسِّرُ الْخَرَشِيُّ هَذَا الأَْصْل بِقَوْلِهِ: بَاقِي الرِّكَازِ سَوَاءٌ وَجَبَ فِيهِ الْخُمُسُ أَوِ الزَّكَاةُ، وَهُوَ الأَْرْبَعَةُ الأَْخْمَاسُ فِي الأَْوَّل وَالْبَاقِي بَعْدَ رُبُعِ الْعُشْرِ فِي الثَّانِي لِمَالِكِ الأَْرْضِ، وَأَرَادَ بِالْمَالِكِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، بِدَلِيل قَوْلِهِ: وَلَوْ جَيْشًا، فَإِنَّ الأَْرْضَ لَا تُمَلَّكُ لِلْجَيْشِ، لأَِنَّهَا بِمُجَرَّدِ الاِسْتِيلَاءِ 1تَصِيرُ وَقْفًا، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَهُوَ مَالٌ جُهِلَتْ أَرْبَابُهُ، قَال مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ نَافِعٍ: لِوَاجِدِهِ، وَحَكَى ابْنُ شَاسٍ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّهُ كَاللُّقَطَةِ، وَمُفَادُهُ أَنَّ الأَْرْبَعَةَ الأَْخْمَاسَ تَذْهَبُ إِلَى مَالِكِ الأَْرْضِ، سَوَاءٌ كَانَ مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌مِلْكِيَّةُ الْكُنُوزِ الإِْسْلَامِيَّةِ</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> تَأْخُذُ هَذِهِ الْكُنُوزُ حُكْمَ اللُّقَطَةِ فِي الْمَذَاهِبِ الْمُخْتَلِفَةِ، لأَِنَّهَا مَال مُسْلِمٍ لَا يُعْرَفُ عَلَى التَّعْيِينِ، مِنْ حَيْثُ وُجُوبُ الاِلْتِقَاطِ، وَالتَّعْرِيفُ وَمُدَّتُهُ وَالتَّمَلُّكُ وَالاِنْتِفَاعُ بِهَا، وَضَمَانُهَا بَعْدَ التَّصَدُّقِ، وَمَا إِلَى ذَلِكَ. (ر: لُقَطَةٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 2 / 48.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الخرشي 2 / 211.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌مَسَائِل فِقْهِيَّةٌ خَاصَّةٌ بِالْكَنْزِ</span>.</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ حُكْمُ التَّنْقِيبِ عَنِ الْكُنُوزِ:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> بَحَثَ الْفُقَهَاءُ الْمُسْلِمُونَ حُكْمَ التَّنْقِيبِ عَنِ الْكُنُوزِ وَلَمْ يَرَوْا حُرْمَتَهُ فِيمَا نَصُّوا عَلَيْهِ، لإِِيجَابِ الشَّرِيعَةِ الْخُمُسَ فِيمَا خَرَجَ مِنْهَا، مِمَّا يَدُل بِوَجْهِ الاِقْتِضَاءِ عَلَى حِل اسْتِخْرَاجِهِ وَجَوَازِ الْبَحْثِ عَنْهُ، وَمَا رُوِيَ عَنْهُمْ مِنَ الْكَرَاهَةِ أَوِ الْحُرْمَةِ فَإِنَّمَا هُوَ لِمَعْنًى آخَرَ، مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَالِكًا قَدْ كَرِهَ الْحَفْرَ فِي الْقُبُورِ وَلَوْ كَانَتْ لِمَوْتَى الْجَاهِلِيَّةِ تَعْظِيمًا لِحُرْمَةِ الْمَوْتِ، فِي الْمُدَوَّنَةِ: قَال مَالِكٌ: أَكْرَهُ حَفْرَ قُبُورِ الْجَاهِلِيَّةِ وَالطَّلَبَ فِيهَا وَلَسْتُ أَرَاهُ حَرَامًا، فَمَا نِيل فِيهَا مِنْ أَمْوَال الْجَاهِلِيَّةِ فَفِيهِ الْخُمُسُ (1) ، وَذَلِكَ - كَمَا جَاءَ فِي حَاشِيَةِ الدُّسُوقِيُّ - لإِِخْلَالِهِ بِالْمُرُوءَةِ، وَخَوْفِ مُصَادَفَةِ قَبْرِ صَالِحٍ مِنْ نَبِيٍّ أَوْ وَلِيٍّ، وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْل قَبْرِ الْجَاهِلِيِّ فِي كَرَاهَةِ الْحَفْرِ لأَِجْل أَخْذِ مَا فِيهِ مِنَ الْمَال قَبْرُ مَنْ لَا يُعْرَفُ هَل هُوَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَوِ الْكُفَّارِ، وَكَذَا قُبُورُ أَهْل الذِّمَّةِ، أَيِ الْكُفَّارِ تَحْقِيقًا، وَأَمَّا نَبْشُ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ فَحَرَامٌ، وَحُكْمُ مَا وُجِدَ فِيهَا حُكْمُ اللُّقَطَةِ (2) ، وَقَدْ خَالَفَ أَشْهَبُ فِي هَذَا، وَرَأَى جَوَازَ نَبْشِ قَبْرِ الْجَاهِلِيِّ وَأَخْذَ مَا فِيهِ مِنْ مَالٍ وَعَرَضٍ، وَفِيهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المدونة 1 / 290.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الدسوقي 1 / 490، والخرشي 2 / 211.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٤)</span><hr/></div>الْخُمُسُ (1) ، وَهُوَ مَذْهَبُ الأَْحْنَافِ، فَعِنْدَهُمْ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِنَبْشِ قُبُورِ الْكُفَّارِ طَلَبًا لِلْمَال (2) .</p>وَلَا يُشْتَرَطُ إِذْنُ الإِْمَامِ فِي التَّنْقِيبِ عَنِ الْكُنُوزِ وَالْمَعَادِنِ لِيَأْخُذَ الْوَاجِدُ حَقَّهُ عِنْدَ الأَْحْنَافِ، فَفِي السِّيَرِ: أَنَّهُ إِنْ أَصَابَ الذِّمِّيُّ أَوِ الْعَبْدُ أَوِ الْمُكَاتَبُ أَوِ الصَّبِيُّ أَوِ الْمَرْأَةُ مَعْدِنًا فِي دَارِ الإِْسْلَامِ أَوْ رِكَازًا خُمِّسَ مَا أَصَابَ، وَكَانَتِ الْبَقِيَّةُ لِمَنْ أَصَابَهُ، إِنْ كَانَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إِذْنِ الإِْمَامِ، لأَِنَّ هَؤُلَاءِ يَثْبُتُ لَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ حَقٌّ وَإِنْ أَصَابُوهَا بِغَيْرِ إِذْنِ الإِْمَامِ، فَإِنَّهُمْ لَوْ غَزَوْا مَعَ عَسْكَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ إِذْنِ الإِْمَامِ رَضَخَ لَهُمْ مِنَ الْغَنِيمَةِ، فَكَذَلِكَ ثَبَتَ لَهُمْ حَقٌّ فِيمَا أَصَابُوا فِي دَارِ الإِْسْلَامِ (3) .</p>وَلَوْ أَذِنَ الإِْمَامُ لأَِحَدٍ فِي اسْتِخْرَاجِ الْمَعَادِنِ أَوِ الْكُنُوزِ عَلَى شَرْطٍ لَزِمَ هَذَا الشَّرْطُ، فَكُل شَيْءٍ قَدَّرَهُ الإِْمَامُ صَارَ كَالَّذِي ظَهَرَ تَقْدِيرُهُ بِالشَّرِيعَةِ (4) ، فِيمَا لَا يُصَادِمُ نَصًّا وَلَا أَصْلاً مِنَ الأُْصُول الشَّرْعِيَّةِ، وَلِذَا لَا يَجُوزُ لِلإِْمَامِ الاِتِّفَاقُ عَلَى إِسْقَاطِ شَيْءٍ مِنَ الْخُمُسِ الَّذِي أَوْجَبَهُ الشَّارِعُ لِحَظِّ الْفُقَرَاءِ، فَلَوْ أَنَّ مُسْلِمًا حُرًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ مُكَاتِبًا أَوِ امْرَأَةً أَذِنَ لَهُ الإِْمَامُ فِي طَلَبِ الْكُنُوزِ وَالْمَعَادِنِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المرجع السابق.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 3 / 246.</p><font color=#ff0000>(3)</font> السير الكبير لمحمد بن الحسن الشيباني 5 / 2168.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المرجع السابق 5 / 2169.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٤)</span><hr/></div>وَغَيْرِ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ لَهُ لَا خُمُسَ فِيهِ فَأَصَابَ مَالاً كَثِيرًا مِنَ الْمَعَادِنِ فَلَيْسَ يَنْبَغِي لِلإِْمَامِ أَنْ يُسَلِّمَ ذَلِكَ لَهُ إِنْ كَانَ مُوسِرًا، لأَِنَّ مَا يُصَابُ مِنَ الرِّكَازِ وَالْمَعْدِنِ هُوَ غَنِيمَةٌ، وَالْخُمُسُ حَقُّ الْفُقَرَاءِ فِي الْغَنِيمَةِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُبْطِل حَقَّ الْفُقَرَاءِ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَصَابَهُ مُحْتَاجًا عَلَيْهِ دَيْنٌ كَثِيرٌ لَا يَصِيرُ غَنِيًّا بِالأَْرْبَعَةِ الأَْخْمَاسِ فَرَأَى الإِْمَامُ أَنْ يُسَلِّمَ ذَلِكَ الْخُمُسَ لَهُ جَازَ، لأَِنَّ الْخُمُسَ حَقُّ الْفُقَرَاءِ، هَذَا الَّذِي أَصَابَهُ فَقِيرٌ، فَقَدْ صَرَفَ الْحَقَّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ فَيَجُوزُ، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال لِذَلِكَ الرَّجُل الَّذِي أَصَابَ الرِّكَازَ: إِنْ وَجَدْتَهَا فِي أَرْضٍ خَرِبَةٍ فَالْخُمُسُ لَنَا وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ لَكَ، ثُمَّ قَال: وَسَنُتِمُّهَا لَكَ، وَإِنَّمَا قَال ذَلِكَ لأَِنَّهُ رَآهُ أَهْلاً لِلصَّدَقَةِ (1) ، وَلَوِ اشْتَرَطَ الزِّيَادَةَ عَلَى الْخُمُسِ لَمْ يَجُزْ هَذَا الشَّرْطُ، فَفِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّ الإِْمَامَ إِذَا أَذِنَ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ فِي طَلَبِ الْكُنُوزِ وَالْمَعَادِنِ عَلَى أَنَّ لَهُ النِّصْفَ وَلِلْمُسْلِمِينَ النِّصْفَ فَأَصَابَ كَنْزًا أَوْ أَمْوَالاً مِنَ الْمَعَادِنِ، فَإِنَّ الإِْمَامَ يَأْخُذُ مِنْهُ الْخُمُسَ وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِمَنْ أَصَابَهُ (2) ، وَهَذَا لأَِنَّ اسْتِحْقَاقَهُ بِالإِْصَابَةِ لَا بِالشَّرْطِ، وَلِذَا لَا يُعْتَبَرُ الشَّرْطُ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) السير الكبير 5 / 2173.</p><font color=#ff0000>(2)</font> السير الكبير 5 / 2170.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌احْتِفَارُ الذِّمِّيِّ وَالْمُسْتَأْمَنِ لِلْكُنُوزِ:</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> الذِّمِّيُّ كَالْمُسْلِمِ فِي إِيجَابِ الْخُمُسِ وَفِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ إِذْنِ الإِْمَامِ لاِسْتِحْقَاقِ الْمِلْكِ.</p>يَقُول الشَّيْبَانِيُّ: وَمَا أَصَابَ الذِّمِّيُّ مِنْ رِكَازٍ فِي دَارِ الإِْسْلَامِ أَوْ مَعْدِنٍ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ رَصَاصٍ أَوْ زِئْبَقٍ فَهُوَ وَالْمُسْلِمُ فِيهِ سَوَاءٌ، يُخَمَّسُ مَا أَصَابَ وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لَهُ، سَوَاءٌ كَانَ بِإِذْنِ الإِْمَامِ أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِ الإِْمَامِ، لأَِنَّهُ مِنْ أَهْل دَارِنَا وَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُنَا فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْلِمِ (1)</p>أَمَّا الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ فَقَال الشَّيْبَانِيُّ: إِذَا دَخَل الْحَرْبِيُّ دَارَ الإِْسْلَامِ بِأَمَانٍ فَأَصَابَ رِكَازًا أَوْ مَعْدِنًا، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا أَوْ حَدِيدًا فَإِنَّ إِمَامَ الْمُسْلِمِينَ يَأْخُذُهُ مِنْهُ كُلَّهُ، وَلَا يَكُونُ لَهُ شَيْءٌ، لأَِنَّ هَذَا غَنِيمَةٌ، فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ أَوْجَفُوا عَلَيْهَا الْخَيْل، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُسْلِمَ لَوْ كَانَ هُوَ الَّذِي أَصَابَ يُخَمَّسُ وَالْبَاقِي لَهُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ غَنِيمَةً لَكَانَ لَا خُمُسَ فِيهِ، وَالْحَرْبِيُّ لَا حَقَّ لَهُ فِي غَنَائِمِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ كَانَ الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ اسْتَأْذَنَ إِمَامَ الْمُسْلِمِينَ فِي طَلَبِ ذَلِكَ وَالْعَمَل فِيهِ حَتَّى يَسْتَخْرِجَهُ فَأَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَعَمِل فَأَصَابَ شَيْئًا خُمِّسَ مَا أَصَابَ وَكَانَ مَا بَقِيَ لِلْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ، لأَِنَّ الْحَرْبِيَّ الْمُسْتَأْمَنَ لَوْ قَاتَل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) السير الكبير 5 / 2163.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٥)</span><hr/></div>الْمُشْرِكِينَ بِإِذْنِ الإِْمَامِ صَارَ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ نَصِيبٌ، حَتَّى أَنَّهُ يُرْضَخُ لَهُ كَمَا يُرْضَخُ لِلذِّمِّيِّ (1) .</p>وَقَال: لَوْ أَنَّ الْحَرْبِيَّ الْمُسْتَأْمَنَ اسْتَأْذَنَ الإِْمَامَ فِي طَلَبِ الْكُنُوزِ وَالْمَعَادِنِ، فَأَذِنَ لَهُ الإِْمَامُ عَلَى أَنَّ لِلْمُسْلِمِينَ مِمَّا يُصِيبُ النِّصْفَ وَلَهُ النِّصْفُ، فَعَمِل عَلَى هَذَا فَأَصَابَ رِكَازًا مَعْدِنًا فَإِنَّ الإِْمَامَ يَأْخُذُ نِصْفَ مَا أَصَابَ وَالْحَرْبِيُّ نِصْفَهُ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الْحَرْبِيَّ الْمُسْتَأْمَنَ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّ مِنَ الرِّكَازِ الَّذِي أَصَابَهُ فِي دَارِ الإِْسْلَامِ مَا اسْتَحَقَّهُ بِشَرْطِ إِذْنِ الإِْمَامِ، فَإِنَّهُ لَوْ أَصَابَهُ بَعْدَ إِذْنِ الإِْمَامِ أُخِذَ مِنْهُ، وَإِذَا كَانَ اسْتِحْقَاقُهُ بِالشَّرْطِ. وَالإِْمَامُ شَرَطَ لَهُ النِّصْفَ فَلَا يَسْتَحِقُّ أَكْثَرَ مِنَ النِّصْفِ.</p>ثُمَّ الإِْمَامُ يَأْخُذُ خُمُسَ مَا أَصَابَ الْحَرْبِيُّ مِنَ النِّصْفِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنَ الْحَرْبِيِّ فَيَجْعَلُهُ لِلْفُقَرَاءِ، وَيَجْعَل النِّصْفَ لِلْمُقَاتِلَةِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ إِذْنَ الإِْمَامِ يُصَيِّرُ مَا أَصَابَهُ الْحَرْبِيُّ غَنِيمَةً يَجِبُ فِيهَا الْخُمُسُ (2) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الاِسْتِئْجَارُ عَلَى الْعَمَل فِي اسْتِخْرَاجِ الْكُنُوزِ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> أَجَازَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الاِسْتِئْجَارَ عَلَى الْعَمَل فِي اسْتِخْرَاجِ الْكُنُوزِ شَرِيطَةَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) السير الكبير 5 / 2161 - 2163.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المرجع السابق 5 / 2170.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٦)</span><hr/></div>اسْتِجْمَاعِ شُرُوطِ صِحَّةِ الإِْجَارَةِ، وَهِيَ أَنْ تَكُونَ الأُْجْرَةُ مَعْلُومَةً وَأَنْ يَكُونَ الْعَمَل مَضْبُوطًا بِزَمَنٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَحْصُل بِهِ الضَّبْطُ، كَحَفْرِ كَذَا وَإِزَالَةِ جِدَارٍ أَوْ نَقْل قَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنَ التُّرَابِ، وَيَسْتَحِقُّ الْعَامِل الأَْجْرَ وَيَذْهَبُ مَا يُخْرِجُ مِنَ الْكُنُوزِ إِلَى الْمُسْتَأْجِرِ، جَاءَ فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ: أَنَّهُ إِذَا اسْتَأْجَرَ أُجَرَاءَ لِلْعَمَل فِي الْمَعْدِنِ فَالْمُصَابُ لِلْمُسْتَأْجِرِ لأَِنَّهُمْ يَعْمَلُونَ لَهُ (1) .</p>وَفِي حَاشِيَةِ الدُّسُوقِيُّ أَنَّهُ يَجُوزُ دَفْعُهُ أَيِ الْمَعْدِنِ لِمَنْ يَعْمَل فِيهِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ يَأْخُذُهَا مِنَ الْعَامِل فِي نَظِيرِ أَخْذِهِ مَا يُخْرِجُهُ مِنَ الْمَعْدِنِ بِشَرْطِ كَوْنِ الْعَمَل مَضْبُوطًا بِزَمَنٍ أَوْ عَمَلٍ خَاصٍّ كَحَفْرِ قَامَةٍ أَوْ قَامَتَيْنِ نَفْيًا لِلْجَهَالَةِ فِي الإِْجَارَةِ، وَسُمِّيَ الْعِوَضُ الْمَدْفُوعُ أُجْرَةً لأَِنَّهُ لَيْسَ فِي مُقَابَلَةِ ذَاتٍ، بَل فِي مُقَابَلَةِ إِسْقَاطِ الاِسْتِحْقَاقِ (2) ، وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّهُ إِذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنَّ مَا يَخْرُجُ لِرَبِّهِ وَالأُْجْرَةُ يَدْفَعُهَا رَبُّهُ لِلْعَامِل فَيَجُوزُ وَلَوْ بِأُجْرَةِ نَقْدٍ. وَفِي جَوَازِ دَفْعِ الْمَعْدِنِ بِجُزْءٍ لِلْعَامِل مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهُ كَنِصْفٍ أَوْ رُبُعٍ كَالْقِرَاضِ وَمَنْعِهِ. . . قَوْلَانِ رُجِّحَ كُلٌّ مِنْهُمَا (3) .</p>وَإِنَّمَا جَازَتِ الإِْجَارَةُ فِي اسْتِخْرَاجِ الْكُنُوزِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البحر الرائق 2 / 252.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الدسوقي 1 / 488.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المرجع السابق 1 / 489.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٦)</span><hr/></div>لِجَوَازِ الْمُعَاوَضَةِ عَلَى هَذِهِ الْمَنْفَعَةِ، يَقُول السَّرَخْسِيُّ: وَإِذَا تَقَبَّل الرَّجُل مِنَ السُّلْطَانِ مَعْدِنًا ثُمَّ اسْتَأْجَرَ فِيهِ أُجَرَاءَ، وَاسْتَخْرَجُوا مِنْهُ مَالاً قَال يُخَمَّسُ، وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِلْمُتَقَبِّل، لأَِنَّ عَمَل أُجَرَائِهِ كَعَمَلِهِ بِنَفْسِهِ، وَلأَِنَّ عَمَلَهُمْ صَارَ مُسَلَّمًا إِلَيْهِ حُكْمًا بِدَلِيل وُجُوبِ الأُْجْرَةِ لَهُمْ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ عَمِلُوا فِيهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَالأَْرْبَعَةُ الأَْخْمَاسُ لَهُمْ دُونَهُ، لأَِنَّهُمْ وَجَدُوا الْمَال، وَالأَْرْبَعَةُ الأَْخْمَاسُ لِلْوَاجِدِ، وَالتَّقَبُّل مِنَ السُّلْطَانِ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا، لأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ مَا هُوَ عَيْنٌ، وَالتَّقَبُّل فِي مِثْلِهِ لَا يَصِحُّ، كَمَنْ تَقَبَّل أَجَمَةً فَاصْطَادَ فِيهَا السَّمَكَ غَيْرُهُ كَانَ لِلَّذِي اصْطَادَهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ تَقَبَّل بَعْضَ الْمَقَانِصِ مِنَ السُّلْطَانِ فَاصْطَادَ فِيهَا غَيْرُهُ كَانَ الصَّيْدُ لِمَنْ أَخَذَهُ، وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ التَّقَبُّل مِنْهُ، فَهَذَا مِثْلُهُ (1) .</p>وَمَعْنَى التَّقَبُّل الاِلْتِزَامُ بِالْعَمَل بِعَقْدٍ</p>(ر: تَقَبُّلٌ ف 1) .</p>لَكِنْ لَوْ فَسَدَتِ الإِْجَارَةُ فَالْقِيَاسُ أَلَاّ تَجِبَ الأُْجْرَةُ لِلأَْجِيرِ وَأَنْ يَكُونَ عَمَلُهُ فِي اسْتِخْرَاجِ الْكُنُوزِ لِنَفْسِهِ، وَقَدْ نَصَّ ابْنُ عَابِدِينَ فِيمَا لَوْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى تَعْيِينِ الْعَمَل بِمَا لَا يَضْبِطُهُ - كَأَنْ لَا يَذْكُرَا وَقْتًا يُحَدِّدَانِهِ لِهَذَا الْعَمَل - أَنَّ الرِّكَازَ هُنَا لِلْعَامِل أَيْضًا، إِذَا لَمْ يُوَقِّتَا، لأَِنَّهُ إِذَا فَسَدَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 2 / 217، وانظر في هذه المسألة بنصها أو بما يقاربه في الأصل لمحمد 2 / 139.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٧)</span><hr/></div>الاِسْتِئْجَارُ بَقِيَ مُجَرَّدُ التَّوْكِيل، وَالتَّوْكِيل فِي أَخْذِ الْمُبَاحِ لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ مَا إِذَا حَصَّلَهُ أَحَدُهُمَا بِإِعَانَةِ الآْخَرِ، فَإِنَّ لِلْمُعِينِ أَجْرَ مِثْلِهِ، لأَِنَّهُ عَمِل لَهُ غَيْرَ مُتَبَرِّعٍ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَتَأَمَّلْهُ (1) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الاِشْتِرَاكُ فِي اسْتِخْرَاجِ الْكُنُوزِ:</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> انْقَسَمَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الاِشْتِرَاكِ فِي اسْتِخْرَاجِ الْكُنُوزِ إِلَى فَرِيقَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْوَّل: </span>الْحُكْمُ بِفَسَادِ الشَّرِكَةِ فِي اسْتِخْرَاجِ الْكُنُوزِ وَرُجُوعِ مَا يَسْتَخْرِجُهُ كُل شَرِيكٍ مِنَ الشُّرَكَاءِ لِنَفْسِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، قَال الْحَصْكَفِيُّ: لَوْ عَمِل رَجُلَانِ فِي طَلَبِ الرِّكَازِ فَهُوَ لِلْوَاجِدِ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلآْخَرِ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إِذَا حَفَرَ أَحَدُهُمَا مَثَلاً، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَأَتَمَّ الْحَفْرَ وَاسْتَخْرَجَ الرِّكَازَ، أَمَّا لَوِ اشْتَرَكَا فِي طَلَبِ ذَلِكَ فَسَيُذْكَرُ فِي بَابِ الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ فِي احْتِشَاشٍ وَاصْطِيَادٍ وَاسْتِقَاءٍ وَسَائِرِ مُبَاحَاتٍ كَاجْتِنَاءِ ثِمَارٍ مِنْ جِبَالٍ وَطَلَبِ مَعْدِنٍ مِنْ كَنْزٍ وَطَبْخِ آجُرٍّ مِنْ طِينٍ مُبَاحٍ لِتَضَمُّنِهَا الْوَكَالَةَ، وَالتَّوْكِيل فِي أَخْذِ الْمُبَاحِ لَا يَصِحُّ، وَمَا حَصَّلَهُ أَحَدُهُمَا فَلَهُ، وَمَا حَصَّلَاهُ مَعًا فَلَهُمَا نِصْفَيْنِ إِنْ لَمْ يُعْلَمْ مَا لِكُلٍّ، وَمَا حَصَّلَهُ أَحَدُهُمَا بِإِعَانَةِ صَاحِبِهِ فَلَهُ، وَلِصَاحِبِهِ أَجْرُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 2 / 52.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٧)</span><hr/></div>مِثْلٍ بَالِغًا مَا بَلَغَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يُجَاوِزُ بِهِ نِصْفَ ثَمَنِ ذَلِكَ (1) ، وَإِنَّمَا كَانَتْ شَرِكَةً فِي تَحْصِيل الْمَعَادِنِ الْخِلْقِيَّةِ أَوِ الْكُنُوزِ الْجَاهِلِيَّةِ فَاسِدَةً عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لأَِنَّ هَذِهِ الأَْمْوَال مِنَ الْمُبَاحَاتِ فَلَا تَقْبَل التَّوْكِيل فِي أَخْذِهَا، وَالشَّرِكَةُ إِنَّمَا تَقُومُ عَلَى مَعْنَى الْوَكَالَةِ، فَكُلٌّ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ وَكِيلٌ عَنِ الآْخَرِ فِي التَّقَبُّل وَالْعَمَل حَتَّى يَشْتَرِكَا فِي الرِّبْحِ الْحَاصِل لَهُمَا، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الاِشْتِرَاكِ فِي التَّحْصِيل بِآلَةٍ يَسْتَخْدِمُهَا كُلٌّ مِنْهُمَا فِي عَمَلِهِ أَوْ بِآلَاتٍ مُشْتَرَكَةٍ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الثَّانِي: </span>جَوَازُ الاِشْتِرَاكِ فِي اسْتِخْرَاجِ الْمَعَادِنِ وَالْكُنُوزِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، خِلَافًا لاِتِّجَاهِ الْحَنَفِيَّةِ، فَفِي حَاشِيَةِ الدُّسُوقِيِّ جَوَازُ الاِشْتِرَاكِ فِي الْحَفْرِ عَلَى الرِّكَازِ وَالْمَعْدِنِ وَالآْبَارِ وَالْعُيُونِ وَكَذَا الْبُنْيَانُ بِشَرْطِ اتِّحَادِ الْمَوْضِعِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْفِرَ هَذَا فِي غَارٍ فِيهِ مَعْدِنٌ وَهَذَا فِي غَارٍ آخَرَ (3) ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ قُدَامَةَ جَوَازَ الاِشْتِرَاكِ فِي الْمُبَاحِ كَالْحَطَبِ وَالْحَشِيشِ وَالثِّمَارِ الْمَأْخُوذَةِ مِنَ الْجِبَال وَالْمَعَادِنِ وَالتَّلَصُّصِ عَلَى دَارِ الْحَرْبِ، فَهَذَا جَائِزٌ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 2 / 52، 3 / 382.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتاوى الخانية مع الفتاوى الهندية 3 / 624 - 625، والمبسوط 11 / 217.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية الدسوقي 3 / 362.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المغني لابن قدامة 5 / 111.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٨)</span><hr/></div>وَيَسْتَدِل الْحَنَابِلَةُ لِمَذْهَبِهِمْ مِنَ الْمَنْقُول بِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَال: " 100 اشْتَرَكْتُ أَنَا وَعَمَّارٌ وَسَعْدٌ يَوْمَ بَدْرٍ، فَجَاءَ سَعْدٌ بِأَسِيرَيْنِ وَلَمْ أَجِئْ أَنَا وَعَمَّارٌ بِشَيْءٍ "(1)، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَمِثْل هَذَا لَا يَخْفَى عَنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أَقَرَّهُمْ عَلَيْهِ.</p>أَمَّا مِنَ الْمَعْقُول فَيَسْتَدِلُّونَ بِأَنَّ الْعَمَل أَحَدُ جِهَتَيِ الْمُضَارَبَةِ وَصِحَّةُ الشَّرِكَةِ عَلَيْهِ كَالْمَال (2) .</p> </p>د -‌<span class="title">‌ الاِخْتِصَاصُ وَالْمُزَاحَمَةُ:</span></p><font color=#ff0000>18 -</font> لَا يَتَوَقَّفُ الْعَمَل فِي اسْتِخْرَاجِ الْكُنُوزِ وَالْمَعَادِنِ عَلَى إِذْنِ الإِْمَامِ إِلَاّ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ الَّذِينَ اشْتَرَطُوا إِذْنَ الإِْمَامِ لِلْعَمَل فِي الْمَعَادِنِ مَنْعًا لِلْهَرْجِ وَالنِّزَاعِ بَيْنَ الْعَامَّةِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الْمَعَادِنَ قَدْ يَجِدُهَا شِرَارُ النَّاسِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ حُكْمُهُ إِلَى الإِْمَامِ لأََدَّى ذَلِكَ إِلَى الْفِتَنِ وَالْهَرْجِ (3)</p>وَلَا يَعْنِي عَدَمُ اشْتِرَاطِ إِذْنِ الإِْمَامِ فِي الْعَمَل فِي الْكُنُوزِ وَالْمَعَادِنِ إِثْبَاتَ حَقِّ كُل أَحَدٍ فِي مُزَاحَمَةِ الْعَامِل فِيهَا، فَلَا تَجُوزُ مُزَاحَمَتُهُ فِيمَا اخْتُصَّ بِهِ بِسِبْقِ يَدِهِ عَلَيْهِ، جَاءَ فِي الأَْصْل لِلشَّيْبَانِيِّ فِيمَا لَوْ كَانَ الرَّجُل يَعْمَل فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث " ابن مسعود اشتركت أنا وعمار بن ياسر. . . ". أخرجه أبو داود (3 / 681) وقال المنذري في مختصر السنن (53: 5) : هو منقطع، فإن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني لابن قدامة مع الشرح الكبير 5 / 112.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية الدسوقي 1 / 487.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٨)</span><hr/></div>الْمَكَانِ يَوْمًا فَيَجِئُ آخَرُ مِنَ الْغَدِ فَيَعْمَل فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ وَيُصِيبُ مِنْهُ الْمَال مُعْتَبِرًا أَحَقِّيَّتَهُ، قَال مُحَمَّدٌ: يُخَمَّسُ وَمَا بَقِيَ بَعْدَ الْخُمُسِ فَهُوَ لِلَّذِي عَمِل فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَخِيرًا (1) ، إِذْ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُسْتَخْرِجَ الأَْوَّل تَرَكَ مَكَانَ الْحَفْرِ فِي الْفَتْرَةِ الَّتِي عَمِل فِيهَا الآْخَرُ.</p>أَمَّا إِذَا لَمْ يَنْقَطِعْ عَنِ الْعَمَل فِيهِ فَإِنَّهُ لَا حَقَّ لأَِحَدٍ فِي مُزَاحَمَتِهِ، لِسَبْقِ اخْتِصَاصِهِ بِهِ (2) وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مُجَرَّدَ الْعَمَل فِي مَكَانٍ لِلْبَحْثِ عَمَّا فِيهِ مِنْ كُنُوزٍ أَوْ مَعَادِنَ لَا يُوجِبُ مِلْكَ مَا يُوجَدُ فِيهِ، إِذِ الْوَاقِعُ أَنَّ مَنْ مَلَكَ أَنْ يَمْلِكَ لَمْ يَعُدْ مَالِكًا، طِبْقًا لِمَا حَرَّرَهُ الْقَرَافِيُّ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌إِقْطَاعُ الْمَعَادِنِ:</span></p><font color=#ff0000>19 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ إِقْطَاعِ الْمَعَادِنِ وَهِيَ الْبِقَاعُ الَّتِي أَوْدَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى جَوَاهِرَ الأَْرْضِ، بَعْدَ أَنْ قَسَّمُوهَا إِلَى مَعَادِنَ ظَاهِرَةٍ وَمَعَادِنَ بَاطِنَةٍ، فَأَجَازَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ وَمَنَعَهُ آخَرُونَ، وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْمَعَادِنِ الظَّاهِرَةِ وَالْمَعَادِنِ الْبَاطِنَةِ.</p>وَالتَّفْصِيل فِي:(إِقْطَاعٌ ف 17، 18 وَمَعْدِنٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الأصل أو المبسوط للشيباني 2 / 129.</p><font color=#ff0000>(2)</font> قواعد الأحكام في مصالح الأنام 2 / 86.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفروق 3 / 20 وما بعدها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أَثَرُ النَّفَقَةِ فِي وُجُوبِ الْخُمُسِ:</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> يَرَى الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمُعْتَمَدِ طِبْقًا لِمَا ذَكَرَهُ الدُّسُوقِيُّ أَنَّ الرِّكَازَ فِيهِ الْخُمُسُ إِلَاّ فِي حَالَتَيْنِ وَهُمَا: إِذَا مَا تَوَقَّفَ إِخْرَاجُهُ مِنَ الأَْرْضِ عَلَى كَبِيرِ نَفَقَةٍ، أَوْ عَمَلٍ، وَأَمَّا فِيهِمَا فَالْوَاجِبُ إِخْرَاجُ رُبُعِ الْعُشْرِ، وَيُخَالِفُ ابْنُ يُونُسَ فِي هَذَا التَّفْسِيرِ وَيُوجِبُ الْخُمُسَ فِي الرِّكَازِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ افْتَقَرَ إِخْرَاجُهُ مِنَ الأَْرْضِ إِلَى كَبِيرِ نَفَقَةٍ وَإِلَى كَبِيرِ جُهْدٍ وَعَمَلٍ أَمْ لَمْ يَفْتَقِرْ (1) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: الْوَاجِبُ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ، وَلَا اعْتِبَارَ بِالنَّفَقَةِ أَوِ الْعَمَل فِي الْحُصُول عَلَيْهِ حَيْثُ إِنَّهُ لَا نَفَقَةَ لِتَحْصِيلِهِ غَالِبًا، لأَِنَّهُ يَصِل إِلَى الْوَاجِدِ مِنْ غَيْرِ نَفَقَةٍ وَلَا تَعَبٍ، أَوْ بِقَلِيلٍ مِنْ ذَلِكَ خِلَافًا لِلذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الْمُسْتَخْرَجَيْنِ مِنَ الْمَعْدِنِ فَاعْتُبِرَتِ النَّفَقَةُ وَالْعَمَل فِي مِقْدَارِ مَا يَجِبُ فِيهِمَا، لأَِنَّ الْوَاجِبَ يَزْدَادُ بِقِلَّةِ الْمُؤْنَةِ وَيَنْقُصُ بِكَثْرَتِهَا كَالْمُعَشَّرَاتِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌نَوْعُ وُجُوبِ الْخُمُسِ:</span></p><font color=#ff0000>21 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَكْيِيفِ الْخُمُسِ الَّذِي يَجِبُ فِي الْكَنْزِ، هَل هُوَ كَالزَّكَاةِ أَوْ كَخُمُسِ الْغَنِيمَةِ؟ فَقَال بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ مِنْ قَبِيل الْغَنِيمَةِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الدسوقي 1 / 490.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 1 / 95، ونهاية المحتاج 3 / 97، والمهذب مع المجموع 9 / 91.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٩)</span><hr/></div>وَقَال آخَرُونَ: إِنَّهُ مِنْ قَبِيل الزَّكَاةِ.</p>وَالتَّفْصِيل فِي (رِكَازٌ ف 10 - 15) .</p> </p>‌<span class="title">‌شُرُوطُ وُجُوبِ الْخُمُسِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ التَّمَوُّل وَالتَّقَوُّمُ:</span></p><font color=#ff0000>22 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى اشْتِرَاطِ تَمَوُّل الْخَارِجِ مِنَ الأَْرْضِ لِوُجُوبِ الْخُمُسِ فِيهِ، أَمَّا مَا لَا يَتَمَوَّلُهُ النَّاسُ فِي الْعَادَةِ وَلَا يَبْذُلُونَ الأَْثْمَانَ لِلْحُصُول عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ.</p>وَاخْتَلَفُوا فِي اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْخَارِجِ مِنَ الأَْثْمَانِ لِوُجُوبِ الْخُمُسِ فِيهِ أَوْ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ.</p>فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ مُقَابِل الْمَذْهَبِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْكَنْزِ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ الْخُمُسُ كَوْنُهُ مِنَ الأَْثْمَانِ بَل قَالُوا: إِنَّ الْخُمُسَ يَجِبُ فِي الْخَارِجِ عَيْنًا كَانَ أَوْ عَرَضًا كَنُحَاسٍ وَحَدِيدٍ وَجَوْهَرٍ وَرُخَامٍ وَصُخُورٍ.</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْخُمُسِ فِي الْخَارِجِ مِنَ الأَْرْضِ أَنْ يَكُونَ نَقْدًا أَيْ ذَهَبًا وَفِضَّةً، سَوَاءٌ أَكَانَا مَضْرُوبَيْنِ أَمْ غَيْرَ مَضْرُوبَيْنِ كَالسَّبَائِكِ عَلَى الْمَذْهَبِ، لأَِنَّهُ مَالٌ مُسْتَفَادٌ مِنَ الأَْرْضِ، فَاخْتَصَّ بِمَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ قَدْرًا وَنَوْعًا كَالْمَعْدِنِ (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البحر الرائق 2 / 254، وتبيين الحقائق 1 / 291، والشرح الصغير 1 / 653، وحاشية الدسوقي 1 / 490، ومغني المحتاج 1 / 395 - 396، وكشاف القناع 2 / 226.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٠)</span><hr/></div>ب -‌<span class="title">‌ سَبْقُ الْيَدِ الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى مِلْكِ الْكَنْزِ:</span></p><font color=#ff0000>23 -</font> يُشْتَرَطُ لاِعْتِبَارِ الْمَال الْمَدْفُونِ فِي بَاطِنِ الأَْرْضِ مِنَ الْكُنُوزِ الَّتِي يَجِبُ تَخْمِيسُهَا أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا كَانَتْ مِلْكًا لأَِهْل الْجَاهِلِيَّةِ وَالْمُرَادُ بِالْجَاهِلِيَّةِ مَا قَبْل مَبْعَثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ أَنْ يَكُونَ الْمَال مِنْ ضَرْبِ الْجَاهِلِيَّةِ وَصِنَاعَتِهِمْ، بَل أَنْ يَكُونَ مِنْ دَفْنِهِمْ، لِيُعْلَمَ أَنَّهُ كَانَ فِي مِلْكِهِمْ (1) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ اسْتِخْرَاجُ الْكَنْزِ مِنْ دَارِ الإِْسْلَامِ لَا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ:</span></p><font color=#ff0000>24 -</font> أَوْجَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ اسْتِخْرَاجَ الْكَنْزِ مِنْ دَارِ الإِْسْلَامِ لِوُجُوبِ الْخُمُسِ فِيهِ، فَعِنْدَهُمْ أَنَّهُ لَا يُخَمَّسُ رِكَازٌ مَعْدِنًا كَانَ أَوْ كَنْزًا وُجِدَ فِي صَحْرَاءِ دَارِ الْحَرْبِ، بَل كُلُّهُ لِلْوَاجِدِ، وَلَوْ مُسْتَأْمَنًا، لأَِنَّهُ كَالْمُتَلَصِّصِ (2) .</p>وَيُخَالِفُ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي هَذَا، فَيُخَمَّسُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ مَا يُوجَدُ مِنَ الْكُنُوزِ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ لأَِحَدٍ كَمَوَاتِ أَرْضِ الإِْسْلَامِ وَأَرْضِ الْحَرْبِ، وَلِوَاجِدِهِ الْبَاقِي بَعْدَ الْخُمُسِ، وَفِي نِهَايَةِ الْمُحْتَاجِ أَنَّ الرِّكَازَ هُوَ الْمَوْجُودُ الْجَاهِلِيُّ فِي مَوَاتٍ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَ بِدَارِ الإِْسْلَامِ أَمْ بِدَارِ الْحَرْبِ إِنْ كَانُوا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 1 / 396، وانظر نهاية المحتاج 3 / 98.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تنوير الأبصار بهامش حاشية ابن عابدين 2 / 52، والمغني 2 / 615.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٠)</span><hr/></div>يَذُبُّونَا عَنْهُ، وَسَوَاءٌ أَحْيَاهُ الْوَاجِدُ أَمْ أَقْطَعَهُ أَمْ لَا (1) .</p> </p>د -‌<span class="title">‌ الاِسْتِخْرَاجُ مِنَ الْبَرِّ لَا مِنَ الْبَحْرِ:</span></p><font color=#ff0000>25 -</font> اشْتَرَطَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَخْذَ الْكَنْزِ مِنَ الْبَرِّ لِوُجُوبِ الْخُمُسِ فِيهِ عَلَى حِينِ لَمْ يَشْتَرِطْ بَعْضُهُمْ هَذَا الشَّرْطَ، وَمَبْنَاهُ اخْتِلَافُهُمْ فِي إِلْحَاقِ الْكُنُوزِ بِالْغَنِيمَةِ أَوْ بِالزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ وَفِي تَحْقِيقِ الاِسْتِيلَاءِ عَلَى الْكُنُوزِ، وَهِيَ فِي الْبَحْرِ، عَلَى النَّحْوِ الَّذِي يَرِدُ تَوْضِيحُهُ فِيمَا يَلِي:</p>يَحْكِي الْكَاسَانِيُّ اخْتِلَافَ الْحَنَفِيَّةِ فِي حُكْمِ مَا يُسْتَخْرَجُ مِنَ الْبَحْرِ بِقَوْلِهِ: أَمَّا الْمُسْتَخْرَجُ مِنَ الْبَحْرِ كَاللُّؤْلُؤِ وَالْمَرْجَانِ وَالْعَنْبَرِ وَكُل حِلْيَةٍ تُسْتَخْرَجُ مِنَ الْبَحْرِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ فِي قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَهُوَ لِلْوَاجِدِ.</p>وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فِيهِ الْخُمُسُ، وَاحْتَجَّ بِمَا رُوِيَ أَنَّ عَامِل عُمَرَ رضي الله عنه كَتَبَ إِلَيْهِ فِي لُؤْلُؤَةٍ وُجِدَتْ، مَا فِيهَا؟ قَال: فِيهَا الْخُمُسُ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَيْضًا أَخَذَ الْخُمُسَ مِنَ الْعَنْبَرِ. . . وَلأَِنَّ الْمَعْنَى هُوَ كَوْنُ ذَلِكَ مَالاً مُنْتَزَعًا مِنْ أَيْدِي الْكُفَّارِ بِالْقَهْرِ، إِذِ الدُّنْيَا كُلُّهَا بَرُّهَا وَبَحْرُهَا كَانَتْ تَحْتَ أَيْدِيهِمُ، انْتَزَعْنَاهَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ، فَكَانَ ذَلِكَ غَنِيمَةً فَيَجِبُ الْخُمُسُ كَسَائِرِ الْغَنَائِمِ، وَلَهُمَا مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ سُئِل عَنِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الدسوقي 1 / 491، ونهاية المحتاج 3 / 98.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦١)</span><hr/></div>الْعَنْبَرِ؟ فَقَال: هُوَ شَيْءٌ دَسَرَهُ الْبَحْرُ لَا خُمُسَ فِيهِ، وَلأَِنَّ يَدَ الْكَفَرَةِ لَمْ تَثْبُتْ عَلَى بَاطِنِ الْبِحَارِ الَّتِي يُسْتَخْرَجُ مِنْهَا اللُّؤْلُؤُ وَالْعَنْبَرُ، فَلَمْ يَكُنِ الْمُسْتَخْرَجُ مِنْهَا مَأْخُوذًا مِنْ أَيْدِي الْكَفَرَةِ عَلَى سَبِيل الْقَهْرِ، فَلَا يَكُونُ غَنِيمَةً فَلَا يَكُونُ فِيهِ الْخُمُسُ، وَعَلَى هَذَا قَال أَصْحَابُنَا: إِنِ اسْتَخْرَجَ مِنَ الْبَحْرِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً فَلَا شَيْءَ فِيهِ. وَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه فِي اللُّؤْلُؤِ وَالْعَنْبَرِ مَحْمُولٌ عَلَى لُؤْلُؤٍ وَعَنْبَرٍ وُجِدَ فِي خَزَائِنِ مُلُوكِ الْكَفَرَةِ، فَكَانَ مَالاً مَغْنُومًا فَأَوْجَبَ فِيهِ الْخُمُسَ (1) ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ فِي الْمَذْهَبِ، فَفِي حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ: وَالْحَاصِل أَنَّ الْكَنْزَ يُخَمَّسُ كَيْفَ كَانَ. سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسِ الأَْرْضِ أَوْ لَا بَعْدَ أَنْ كَانَ مَالاً مُتَقَوِّمًا، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ جَمِيعُ مَا يُسْتَخْرَجُ مِنَ الْبَحْرِ مِنْ حِلْيَةٍ وَلَوْ ذَهَبًا كَانَ كَنْزًا فِي قَعْرِ الْبَحْرِ. أَيْ وَلَوْ كَانَ مَا يُسْتَخْرَجُ مِنَ الْبَحْرِ ذَهَبًا مَكْنُوزًا بِصُنْعِ الْعِبَادِ فِي قَعْرِ الْبَحْرِ، فَإِنَّهُ لَا خُمُسَ فِيهِ، وَكُلُّهُ لِلْوَاجِدِ. لأَِنَّهُ لَمْ يَرِدْ عَلَيْهِ الْقَهْرُ، فَلَمْ يَكُنْ غَنِيمَةً -. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مَخْصُوصٌ فِيمَا لَيْسَ عَلَيْهِ عَلَامَةُ الإِْسْلَامِ (2) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنَ الْبَحْرِ كَاللُّؤْلُؤِ وَالْمَرْجَانِ وَنَحْوِهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 2 / 68.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 2 / 51، وانظر هذا الخلاف في البحر الرائق 2 / 254. وتبيين الحقائق 1 / 291.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦١)</span><hr/></div>فِي ظَاهِرِ قَوْل الْخِرَقِيِّ وَاخْتِيَارِ أَبِي بَكْرٍ، وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَال عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وعَطَاءٌ والثَّوْرِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّ فِيهِ الزَّكَاةَ لأَِنَّهُ خَارِجٌ مِنْ مَعْدِنٍ فَأَشْبَهَ الْخَارِجَ مِنْ مَعْدِنِ الْبَرِّ (1) وَالرَّاجِحُ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيمَا يَخْرُجُ مِنَ الْبَحْرِ (2) لأَِنَّهُ لَمْ تَأْتِ فِيهِ سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ، وَالأَْصْل عَدَمُ الْوُجُوبِ (3) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: مَا لَفَظَهُ الْبَحْرُ كَعَنْبَرٍ مِمَّا لَمْ يَسْبِقْ عَلَيْهِ مِلْكٌ لأَِحَدٍ فَلِوَاجِدِهِ بِلَا تَخْمِيسٍ، فَإِنْ تَقَدَّمَ مِلْكٌ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ لِجَاهِلِيٍّ أَوْ شُكَّ فِيهِ فَرِكَازٌ، وَإِنْ كَانَ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ فَلُقَطَةٌ (4) .</p> </p>هـ -‌<span class="title">‌ النِّصَابُ:</span></p><font color=#ff0000>26 -</font> لَا يَشْتَرِطُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ النِّصَابَ لِوُجُوبِ الْخُمُسِ فِي الْكُنُوزِ فَكُل مَا يُوجَدُ مِنْهُ، قَلِيلاً أَوْ كَثِيرًا مَحَلٌّ لِوُجُوبِ الْخُمُسِ فِيهِ كَالْغَنِيمَةِ فِي ذَلِكَ، نَصَّ عَلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ مُقَابِل الْمَذْهَبِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ سَحْنُونٍ مِنْ أَنَّ الْيَسِيرَ الَّذِي يَقِل عَنِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني لابن قدامة 2 / 620.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الكبير مع المغني 2 / 584.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كشاف القناع 2 / 225، والمبدع 2 / 357.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حاشية الدسوقي 1 / 492.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٢)</span><hr/></div>النِّصَابِ لَا يُخَمَّسُ. وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ اشْتِرَاطُ النِّصَابِ، وَلَوْ بِالضَّمِّ لأَِنَّهُ مَالٌ مُسْتَفَادٌ مِنَ الأَْرْضِ فَاخْتَصَّ بِمَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ قَدْرًا وَنَوْعًا كَالْمَعَادِنِ (1) .</p> </p>و‌<span class="title">‌ حَوَلَانُ الْحَوْل:</span></p><font color=#ff0000>27 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْخُمُسِ حَوَلَانُ الْحَوْل عَلَى الْخَارِجِ لِحُصُولِهِ دُفْعَةً وَاحِدَةً كَالزَّرْعِ وَالثِّمَارِ فَلَمْ يُنَاسِبْهُ الْحَوْل لأَِنَّ اشْتِرَاطَ الْحَوْل لِلنَّمَاءِ وَهَذَا كُلُّهُ نَمَاءٌ (2) .</p> </p>ز -‌<span class="title">‌ إِسْلَامُ الْوَاجِدِ:</span></p><font color=#ff0000>28 -</font> لَا يَشْتَرِطُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِسْلَامَ الْوَاجِدِ لِوُجُوبِ الْخُمُسِ، فَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ إِنْ أَصَابَ الذِّمِّيُّ أَوِ الْمُسْلِمُ كَنْزًا خُمِّسَ مَا أَصَابَ وَكَانَتِ الْبَقِيَّةُ لِمَنْ أَصَابَهُ (3) ، وَيَسْتَوِي - كَمَا قَال السَّرَخْسِيُّ - أَنْ يَكُونَ الْوَاجِدُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا، صَبِيًّا أَوْ بَالِغًا، لأَِنَّ اسْتِحْقَاقَ هَذَا الْمَال كَاسْتِحْقَاقِ الْغَنِيمَةِ، وَلِجَمِيعِ مَنْ سَمَّيْنَا حَقٌّ فِي الْغَنِيمَةِ إِمَّا سَهْمًا وَإِمَّا رَضْخًا (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الشلبي وتبيين الحقائق 1 / 288، والمهذب 1 / 163، تحفة المحتاج 3 / 287، والمجموع 6 / 79، وحاشية الجمل 2 / 261، ومغني المحتاج 1 / 395، وحاشية الدسوقي 1 / 490، الخرشي 2 / 210، وكشاف القناع 2 / 226، والإنصاف 3 / 123، المبدع 2 / 358.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تبيين الحقائق 1 / 288، وحاشية الدسوقي 1 / 456، وتحفة المحتاج 3 / 287، والمغني مع الشرح الكبير 2 / 619.</p><font color=#ff0000>(3)</font> السير الكبير 5 / 2168، والمجموع 6 / 101.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المبسوط للسرخسي 2 / 212.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٢)</span><hr/></div>وَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُخَمَّسُ مَا يُصِيبُ الرَّجُل مِنْ كُنُوزٍ وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى دِينِهِ (1) ، وَفِي الإِْنْصَافِ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُخَمِّسَ كُل أَحَدٍ وَجَدَ ذَلِكَ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ. وَاخْتَارَ ابْنُ حَامِدٍ أَنْ يُؤْخَذَ الرِّكَازُ كُلُّهُ مِنَ الذِّمِّيِّ لِبَيْتِ الْمَال وَلَا خُمُسَ عَلَيْهِ، وَالْمَذْهَبُ هُوَ الأَْوَّل وَهُوَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ فِي وُجُوبِ الْخُمُسِ (2) .</p>وَقَدْ ذَكَرَ النَّوَوِيُّ أَنَّ حُكْمَ الذِّمِّيِّ فِي الرِّكَازِ حُكْمُهُ فِي الْمَعْدِنِ. فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ أَخْذِهِ فِي دَارِ الإِْسْلَامِ، فَإِنْ وَجَدَهُ مَلَكَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ.</p>وَاشْتَرَطَ الشَّافِعِيَّةُ لِوُجُوبِ الْخُمُسِ فِي الرِّكَازِ كَوْنَ وَاجِدِهِ مُسْلِمًا لأَِنَّ خُمُسَ الرِّكَازِ يُصْرَفُ مَصْرِفَ الزَّكَاةِ عِنْدَهُمْ، وَلَيْسَ غَيْرُ الْمُسْلِمِ كَالذِّمِّيِّ مِنْ أَهْل الزَّكَاةِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ (3) .</p>وَأَوْجَبَ الْخُرَاسَانِيُّونَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى الذِّمِّيِّ الْخُمُسَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَصْرِفَهُ مَصْرِفُ الْفَيْءِ، فَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْل الزَّكَاةِ لِوُجُوبِ الْخُمُسِ عَلَيْهِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المدونة 1 / 290.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الإنصاف للمرداوي 3 / 124.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المجموع 6 / 91.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المجموع 6 / 101 - 102.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٣)</span><hr/></div>ح -‌<span class="title">‌ أَهْلِيَّةُ الْوَاجِدِ:</span></p><font color=#ff0000>29 -</font> يُقْصَدُ بِهَذِهِ الأَْهْلِيَّةِ صَلَاحِيَةُ الْوَاجِدِ لِلاِسْتِحْقَاقِ مِنَ الْغَنِيمَةِ، وَهَذَا هُوَ تَفْسِيرُ الْحَنَفِيَّةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَلِذَا يَجِبُ الْخُمُسُ عَلَى الْوَاجِدِ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ لَهُ لِتَعَلُّقِ الْوَاجِبِ بِالْعَيْنِ، فَيَسْتَوِي عِنْدَهُمْ أَنْ يَكُونَ الْوَاجِدُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا صَبِيًّا أَوْ بَالِغًا رَجُلاً أَوِ امْرَأَةً، فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْخُمُسُ، وَالْبَاقِي يَكُونُ لِلْوَاجِدِ، سَوَاءٌ وَجَدَهُ فِي أَرْضِ الْعُشْرِ أَوْ أَرْضِ الْخَرَاجِ، لأَِنَّ اسْتِحْقَاقَ هَذَا الْمَال كَاسْتِحْقَاقِ الْغَنِيمَةِ، وَلِجَمِيعِ مَنْ سَمَّيْنَا حَقٌّ فِي الْغَنِيمَةِ إِمَّا سَهْمًا وَإِمَّا رَضْخًا فَإِنَّ الصَّبِيَّ وَالْعَبْدَ وَالذِّمِّيَّ وَالْمَرْأَةَ يُرْضَخُ لَهُمْ (1)،</p>وَيَسْتَدِل الْجُمْهُورُ عَلَى مَذْهَبِهِمْ بِعُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ (2) ، وَلأَِنَّهُ أَشْبَهُ بِالْغَنِيمَةِ فِي تَعَلُّقِ الْوَاجِبِ بِعَيْنِهَا، وَلأَِنَّهُ اكْتِسَابُ مَالٍ فَكَانَ لِمُكْتَسِبِهِ حُرًّا أَوْ عَبْدًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا أَوِ امْرَأَةً (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَوَانِعُ وُجُوبِ الْخُمُسِ فِي الْكَنْزِ</span></p>يَمْتَنِعُ وُجُوبُ الْخُمُسِ أَوْ بَعْضِهِ لِعِدَّةِ أَسْبَابٍ أَهَمُّهَا:</p>تَلَفُ الْكَنْزِ بَعْدَ خُرُوجِهِ تَلَفًا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 2 / 212.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " وفي الركاز الخمس ". سبق تخريجه ف5.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني مع الشرح الكبير 2 / 616، والخرشي 2 / 210.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٣)</span><hr/></div>جُزْئِيًّا أَوْ كُلِّيًّا وَظُهُورُ مَالِكِهِ، وَاشْتِرَاطُ الإِْمَامِ عَلَى الْوَاجِدِ الْعَمَل فِي احْتِفَارِ الْكُنُوزِ وَاسْتِخْرَاجِهَا لِبَيْتِ الْمَال، وَمَا إِلَى ذَلِكَ، وَفِيمَا يَلِي تَوْضِيحُ هَذِهِ الْمَوَانِعِ بِوَجْهِ الإِْجْمَال وَالإِْيجَازِ:</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ تَلَفُ الْكَنْزِ جُزْئِيًّا أَوْ كُلِّيًّا:</span></p><font color=#ff0000>30 -</font> يَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الرِّكَازَ يَأْخُذُ مَأْخَذَ الزَّكَاةِ إِذَا احْتَاجَ لِكَبِيرِ نَفَقَةٍ أَوْ عَمَلٍ فِي تَخْلِيصِهِ فَإِذَا تَلِفَ بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ بَعْدَ إِمْكَانِ الأَْدَاءِ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ الزَّكَاةُ، وَإِنْ كَانَ التَّلَفُ قَبْل التَّمَكُّنِ مِنَ الأَْدَاءِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (1) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا تَلِفَ الرِّكَازُ قَبْل التَّمَكُّنِ مِنْ إِخْرَاجِ الْوَاجِبِ فِيهِ، وَكَانَ التَّلَفُ بِدُونِ تَفْرِيطٍ فِي حِفْظِهِ، فَلَا يَجِبُ الْخُمُسُ، قِيَاسًا عَلَى الْمَال الْمُزَكَّى قَبْل أَنْ يَتَمَكَّنَ الْمَالِكُ مِنْ إِخْرَاجِ زَكَاتِهِ (2) .</p>وَلِلتَّفْصِيل (ر: زَكَاةٌ -) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ مَدْيُونِيَّةُ الْوَاجِدِ:</span></p><font color=#ff0000>31 -</font> لَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ عَلَى الْوَاجِدِ وُجُوبَ الْخُمُسِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يَجُوزُ لِلْوَاجِدِ أَنْ يَكْتُمَ الْخُمُسَ لِنَفْسِهِ وَلَا يُخْرِجَهُ إِذَا كَانَ فَقِيرًا أَوْ مَدِينًا مُحْتَاجًا، بِمَعْنَى أَنَّهُ يَتَأَوَّل أَنَّ لَهُ حَقًّا فِي بَيْتِ الْمَال وَنَصِيبًا فِي الْفَيْءِ فَأَجَازُوا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْخُمُسَ لِنَفْسِهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية العدوي مع الخرشي 2 / 209 - 210.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 1 / 418.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٤)</span><hr/></div>عِوَضًا عَنْ ذَلِكَ، لَا أَنَّهُمْ أَسَقَطُوا الْخُمُسَ عَنِ الْمَعَادِنِ (1) .</p>أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَأَظْهَرُ الأَْقْوَال عِنْدَهُمْ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ، وَالْمَرْجُوحُ عِنْدَهُمْ أَنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ الْوَاجِبَ فِي الْمَال الْبَاطِنِ وَهُوَ النَّقْدُ، وَالرِّكَازُ وَالْعَرَضُ، وَلَا يَمْنَعُ فِي الظَّاهِرِ، وَهُوَ الْمَاشِيَةُ وَالزُّرُوعُ وَالثِّمَارُ وَالْمَعْدِنُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الظَّاهِرَ يَنْمُو بِنَفْسِهِ، وَالْبَاطِنَ إِنَّمَا يَنْمُو بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ، وَالدَّيْنُ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَيُحْوِجُ إِلَى صَرْفِهِ فِي قَضَائِهِ (2) ، وَمَحَل الْخِلَافِ كَمَا جَاءَ فِي حَاشِيَةِ الْجَمَل أَلَاّ يَزِيدَ الْمَال عَلَى الدَّيْنِ بِمِقْدَارِ النِّصَابِ، فَإِنْ زَادَ بِمَا يَبْلُغُ النِّصَابَ زَكَّى الزَّائِدَ، وَأَلَاّ يَكُونَ لَهُ مَا يُؤَدِّي دَيْنَهُ مِنْهُ غَيْرُ الْمَال الْمُزَكَّى، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَمْنَعْ قَطْعًا عِنْدَ جُمْهُورِهِمْ (3) .</p>وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: الدَّيْنُ يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي الأَْمْوَال الْبَاطِنَةِ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَهِيَ الأَْثْمَانُ وَعُرُوضُ التِّجَارَةِ، وَبِهِ قَال عَطَاءٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَالْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ وَاللَّيْثُ وَالثَّوْرِيُّ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَقَال رَبِيعَةُ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ لَا يَمْنَعُ، لأَِنَّهُ حُرٌّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح الباري بشرح صحيح البخاري 3 / 365، والبحر الرائق 2 / 252، والخرشي 2 / 210.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 1 / 411.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية الجمل 2 / 289.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٤)</span><hr/></div>مُسْلِمٌ مَلَكَ نِصَابًا حَوْلاً فَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ كَمَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ (1)، وَدَلِيل الْقَوْل بِمَنْعِ الدَّيْنِ زَكَاةَ مَا يُقَابِلُهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: لَا صَدَقَةَ إِلَاّ عَنْ ظَهْرِ غِنًى (2) .</p>أَمَّا الأَْمْوَال الظَّاهِرَةُ وَهِيَ الْمَوَاشِي وَالْحُبُوبُ وَالثِّمَارُ فَفِيهَا رِوَايَتَانِ:</p>إِحْدَاهُمَا أَنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِيهَا لِمَا ذَكَرْنَا، قَال أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ: يَبْتَدِئُ بِالدَّيْنِ فَيَقْضِيهِ ثُمَّ يَنْظُرُ مَا بَقِيَ عِنْدَهُ بَعْدَ إِخْرَاجِ النَّفَقَةِ فَيُزَكِّيهِ، وَلَا يَكُونُ عَلَى أَحَدٍ دَيْنُهُ أَكْثَرُ مِنْ مَالِهِ، صَدَقَةٌ فِي إِبِلٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ أَوْ زَرْعٍ، وَهَذَا قَوْل عَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَالنَّخَعِيِّ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَالثَّوْرِيِّ واللَّيْثِ وَإِسْحَاقَ.</p>وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَمْنَعُ الزَّكَاةَ فِيهَا، وَهُوَ قَوْل الأَْوْزَاعِيِّ (3)</p>وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ الزَّكَاةَ فِي الأَْمْوَال الظَّاهِرَةِ إِلَاّ فِي الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ فِيمَا اسْتَدَانَهُ لِلإِْنْفَاقِ عَلَيْهَا خَاصَّةً، وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ (4) .</p>وَلِلتَّفْصِيل (ر: زَكَاةٌ ف 33 - 34) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الكبير مع المغني 2 / 450.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " لا صدقة إلا عن ظهر غنى ". أخرجه أحمد (2 / 230) من حديث أبي هريرة وإسناده صحيح.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الكبير مع المغني 2 / 452.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الشرح الكبير مع المغني 2 / 452.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٥)</span><hr/></div>ج -‌<span class="title">‌ الشَّرْطُ وَالاِتِّفَاقُ مَعَ الإِْمَامِ:</span></p><font color=#ff0000>32 -</font> إِذَا لَمْ يَأْذَنِ الإِْمَامُ فِي الْعَمَل لاِسْتِخْرَاجِ الْكُنُوزِ إِلَاّ بِشُرُوطٍ خَاصَّةٍ كَأَنْ يَأْخُذَ الْوَاجِدُ أُجْرَةً مُعَيَّنَةً وَيَكُونُ الْخَارِجُ لِبَيْتِ مَال الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ مِثْل هَذَا الشَّرْطِ يَصِحُّ وَيَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ لأَِنَّ الْمُسْلِمِينَ عَلَى شُرُوطِهِمْ.</p>يَقُول الْكَاسَانِيُّ: فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ. سَوَاءٌ كَانَ الْوَاجِدُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا. . . إِلَاّ إِذَا كَانَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الإِْمَامِ وَقَاطَعَهُ عَلَى شَيْءٍ فَلَهُ أَنْ يَفِيَ بِشَرْطِهِ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ (1) ، وَلأَِنَّهُ إِذَا قَاطَعَهُ عَلَى شَيْءٍ فَقَدْ جَعَل الْمَشْرُوطَ أُجْرَةً لِعَمَلِهِ فَيَسْتَحِقُّهُ بِهَذَا الطَّرِيقِ (2)، وَيَذْكُرُ الْخَرَشِيُّ اعْتِبَارَ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الاِتِّفَاقِ (هِبَةً لِلثَّوَابِ) حَتَّى لَا يُنَازَعَ فِي صِحَّةِ الإِْجَارَةِ لِجَهَالَةِ الأُْجْرَةِ أَوِ الْمَأْجُورِ عَلَيْهِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌كَنْزُ الْمَال:</span></p><font color=#ff0000>33 -</font> اتَّجَهَ الْفُقَهَاءُ فِي تَحْدِيدِ مَفْهُومِ كَنْزِ الْمَال اتِّجَاهَاتٍ ثَلَاثَةً:</p> </p>‌<span class="title">‌الاِتِّجَاهُ الأَْوَّل: </span>تَعْرِيفُ الْكَنْزِ بِأَنَّهُ هُوَ " مَا فَضَل عَنِ الْحَاجَةِ (4) "، وَأَشْهَرُ مَنْ دَعَا إِلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" المسلمون على شروطهم ". أخرجه الترمذي (3 / 635) من حديث عمرو بن عوف المزني، وقال: حديث حسن صحيح.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 2 / 65 - 66.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الخرشي 2 / 209.</p><font color=#ff0000>(4)</font> تفسير القرطبي 8 / 125، وانظر الأحاديث الواردة في ذم الكنز في صحيح مسلم في كتاب الزكاة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٥)</span><hr/></div>هَذَا الاِتِّجَاهِ أَبُو ذَرٍّ رضي الله عنه.</p>قَال الرَّازِيُّ: الْمَال الْكَثِيرُ إِذَا جُمِعَ فَهُوَ الْكَنْزُ الْمَذْمُومُ سَوَاءٌ أُدِّيَتْ زَكَاتُهُ أَوْ لَمْ تُؤَدَّ لِعُمُومِ (1) قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} (2) فَظَاهِرُ الآْيَةِ دَلِيلٌ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ جَمْعِ الْمَال، وَلِمَا رَوَى ثَوْبَانُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآْيَةُ قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: تَبًّا لِلذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، قَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ: فَأَيُّ مَالٍ نَكْنِزُ؟ قَال: قَلْبًا شَاكِرًا وَلِسَانًا ذَاكِرًا وَزَوْجَةً صَالِحَةً (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الاِتِّجَاهُ الثَّانِي: </span>تَعْرِيفُ الْكَنْزِ بِأَنَّهُ جَمْعُ الْمَال الَّذِي لَا تُؤَدَّى زَكَاتُهُ، أَمَّا مَا تُؤَدَّى زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ، قَال ابْنُ عُمَرَ: مَا أُدِّيَ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ وَإِنْ كَانَ تَحْتَ سَبْعِ أَرَضِينَ، وَكُل مَا لَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُ فَهُوَ كَنْزٌ وَإِنْ كَانَ فَوْقَ الأَْرْضِ (4) .</p>وَهُوَ الْكَنْزُ الْمَذْمُومُ كَمَا قَال الأَْكْثَرُونَ.</p>وَاسْتَدَلُّوا بِمَا قَال ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى:{وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيل اللَّهِ} (5)،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تفسير الرازي 16 / 44.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة التوبة / 34.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: لما نزلت آية (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ) أخرجه الترمذي (5 / 277) والواحدي في أسباب النزول (ص244) واللفظ للواحدي، وقال الترمذي: حديث حسن.</p><font color=#ff0000>(4)</font> التفسير الكبير للإمام الفخر الرازي 8 / 125 وصحيح سنن ابن ماجه ترتيب الألباني 1 / 298.</p><font color=#ff0000>(5)</font> سورة التوبة / 34.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٦)</span><hr/></div>يُرِيدُ الَّذِينَ لَا يُؤَدُّونَ زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، وَبِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى:{لَهَا مَا كَسَبَتْ} (1) ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَدُل عَلَى أَنَّ كُل مَا اكْتَسَبَهُ الإِْنْسَانُ فَهُوَ حَقُّهُ (2)، وَبِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: نِعْمَ الْمَال الصَّالِحُ لِلْمَرْءِ الصَّالِحِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الاِتِّجَاهُ الثَّالِثُ: </span>تَعْرِيفُ الْكَنْزِ لِلْمَال بِأَنَّهُ مَا لَمْ تُؤَدَّ مِنْهُ الْحُقُوقُ الْعَارِضَةُ كَفَكِّ الأَْسِيرِ وَإِطْعَامِ الْجَائِعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌كَنِيسَةٌ</span></p> </p>انْظُرْ: مَعَابِدُ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة / 134.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تفسير الرازي 16 / 44.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " نعم المال الصالح للمرء الصالح ". أخرجه أحمد (4 / 197) والحاكم (2 / 136) من حديث عمرو بن العاص، واللفظ لأحمد وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.</p><font color=#ff0000>(4)</font> القرطبي 8 / 126.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌كُنْيَة</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الْكُنْيَةُ اسْمٌ يُطْلَقُ عَلَى الشَّخْصِ لِلتَّعْظِيمِ وَالتَّكْرِيمِ كَأَبِي حَفْصٍ وَأَبِي الْحَسَنِ، أَوْ عَلَامَةً عَلَيْهِ كَأَبِي تُرَابٍ (1)، وَهُوَ مَا كَنَّى بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه أَخْذًا مِنْ حَالَتِهِ عِنْدَمَا وَجَدَهُ مُضْطَجِعًا إِلَى جِدَارِ الْمَسْجِدِ وَفِي ظَهْرِهِ تُرَابٌ (2) .</p>قَال ابْنُ مَنْظُورٍ: الْكُنْيَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:</p>أَحَدُهَا: أَنْ يُكَنَّى عَنِ الشَّيْءِ الَّذِي يُسْتَفْحَشُ ذِكْرُهُ.</p>وَالثَّانِي: أَنْ يُكَنَّى الرَّجُل بِاسْمٍ تَوْقِيرًا وَتَعْظِيمًا.</p>وَالثَّالِثُ: أَنْ تَقُومَ الْكُنْيَةُ مَقَامَ الاِسْمِ فَيُعْرَفُ صَاحِبُهَا بِهَا كَمَا يُعْرَفُ بِاسْمِهِ كَأَبِي لَهَبٍ اسْمُهُ عَبْدُ الْعُزَّى عُرِفَ بِكُنْيَتِهِ فَسَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كنى علي بن أبي طالب بأبي تراب ". أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 587) من حديث سهل بن سعد.</p><font color=#ff0000>(3)</font> لسان العرب.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٧)</span><hr/></div>وَالْكُنْيَةُ: مَا صُدِّرَ بِأَبٍ أَوْ بِأُمٍّ، كَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَأُمِّ الْخَيْرِ (1)، وَقَال الْجُرْجَانِيُّ: الْكُنْيَةُ مَا صُدِّرَ بِأَبٍ أَوْ أُمٍّ أَوِ ابْنٍ أَوْ بِنْتٍ (2) .</p>وَتَكُونُ عَلَمًا غَيْرِ الاِسْمِ وَ‌<span class="title">‌اللَّقَبِ </span>وَتُسْتَعْمَل مَعَهُمَا أَوْ بِدُونِهِمَا تَفْخِيمًا لِشَأْنِ صَاحِبِهَا أَنْ يُذْكَرَ اسْمُهُ مُجَرَّدًا وَتَكُونُ لأَِشْرَافِ النَّاسِ.</p>وَقَدِ اشْتُهِرَتِ الْكُنَى فِي الْعَرَبِ حَتَّى رُبَّمَا غَلَبَتْ عَلَى الأَْسْمَاءِ كَأَبِي طَالِبٍ وَأَبِي لَهَبٍ وَغَيْرِهِمَا، وَقَدْ يَكُونُ لِلْوَاحِدِ كُنْيَةٌ وَاحِدَةٌ فَأَكْثَرُ وَقَدْ يَشْتَهِرُ بِاسْمِهِ وَكُنْيَتِهِ جَمِيعًا (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ - اللَّقَبُ:</p><font color=#ff0000>2 -</font> اللَّقَبُ فِي اللُّغَةِ هُوَ مَا يُسَمَّى بِهِ الإِْنْسَانُ بَعْدَ اسْمِهِ الْعَلَمِ مِنْ لَفْظٍ يَدُل عَلَى الْمَدْحِ أَوِ الذَّمِّ لِمَعْنًى فِيهِ.</p>وَلَا يَخْرُجُ مَعْنَاهُ الاِصْطِلَاحِيُّ عَنْ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ (4) .</p>وَاللَّقَبُ وَالْكُنْيَةُ مُشْتَرِكَانِ فِي تَعْرِيفِ الْمَدْعُوِّ بِهِمَا، وَيَفْتَرِقَانِ فِي أَنَّ اللَّقَبَ يُفْهِمُ مَدْحًا أَوْ ذَمًّا، وَالْكُنْيَةُ مَا صُدِّرَ بِأَبٍ أَوْ أُمٍّ (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح ابن عقيل 1 / 119، وفتح الباري 6 / 560.</p><font color=#ff0000>(2)</font> التعريفات للجرجاني.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح الباري 6 / 560.</p><font color=#ff0000>(4)</font> لسان العرب، والمصباح المنير، والمعجم الوسيط، والتعريفات، والمفردات مادة: لقب، ومغني المحتاج 4 / 295، وتفسير القرطبي 16 / 328، وفتح الباري 6 / 560.</p><font color=#ff0000>(5)</font> تحفة المودود ص115.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٧)</span><hr/></div>ب -‌<span class="title">‌ الاِسْمُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الاِسْمُ فِي اللُّغَةِ: مَا يُعْرَفُ بِهِ الشَّيْءُ وَيُسْتَدَل بِهِ عَلَيْهِ، وَهُوَ مِنَ السُّمُوِّ وَهُوَ الْعُلُوُّ، أَوْ مِنَ الْوَسْمِ وَهُوَ الْعَلَامَةُ عَلَى خِلَافٍ بَيْنَ أَهْل اللُّغَةِ.</p>وَهُوَ عِنْدَ النُّحَاةِ مَا دَل عَلَى مَعْنًى فِي نَفْسِهِ غَيْرُ مُقْتَرِنٍ بِزَمَنٍ كَرَجُلٍ وَفَرَسٍ، وَالاِسْمُ الأَْعْظَمُ الاِسْمُ الْجَامِعُ لِمَعَانِي صِفَاتِ اللَّهِ عز وجل، اسْمُ الْجَلَالَةِ اسْمُهُ سبحانه وتعالى (1) .</p>وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْكُنْيَةِ وَالاِسْمِ أَنَّ الْكُنْيَةَ مَا صُدِّرَ بِأَبٍ أَوْ أُمٍّ وَنَحْوِهِمَا، وَالاِسْمُ لَيْسَ كَذَلِكَ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْكُنْيَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌حُكْمُ التَّكَنِّي بِكُنْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:</span></p>اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِلَى خَمْسَةِ مَذَاهِبَ (2) .</p><font color=#ff0000>4 -</font> الأَْوَّل: لَا يَجُوزُ التَّكَنِّي بِكُنْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ: أَبُو الْقَاسِمِ وَهُوَ اسْمُ وَلَدِهِ الْقَاسِمِ وَكَانَ أَكْبَرَ أَوْلَادِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي زَمَنِ حَيَاتِهِ، وَيَجُوزُ بَعْدَ وَفَاتِهِ سَوَاءٌ كَانَ اسْمُ صَاحِبِ الْكُنْيَةِ مُحَمَّدًا أَوْ لَمْ يَكُنْ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي (3) ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، والمصباح المنير، والمفردات، والمعجم الوسيط، فتح الباري 6 / 560.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح الباري 10 / 572 - 573.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" سموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي ". أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 339) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٨)</span><hr/></div>حَيْثُ إِنَّ مِنْ أَسْبَابِ وُرُودِ هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ رَجُلاً قَال فِي السُّوقِ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَوْجُودٌ فِيهِ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: إِنَّمَا دَعَوْتُ هَذَا، فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي فَفَهِمُوا أَنَّ عِلَّةَ النَّهْيِ خَاصَّةٌ بِزَمَنِ حَيَاتِهِ لِلسَّبَبِ الْمَذْكُورِ، وَقَدْ زَالَتِ الْعِلَّةُ بِوَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم، وَلِحَدِيثِ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَال: قُلْتُ يَا رَسُول اللَّهِ: إِنْ وُلِدَ لِي مِنْ بَعْدِكَ وَلَدٌ أُسَمِّيهِ بِاسْمِكَ وَأُكَنِّيهِ بِكُنْيَتِكَ؟ قَال: نَعَمْ (1) ، وَلأَِنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ سَمَّى ابْنَهُ مُحَمَّدًا، وَكَنَّاهُ أَبَا الْقَاسِمِ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَسَعْدٌ، وَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَحَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ، وَالأَْشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ رضي الله عنهم مِمَّا يَدُل عَلَى أَنَّهُمْ فَهِمُوا النَّهْيَ الْوَارِدَ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي، مُخَصَّصٌ بِزَمَنِ حَيَاتِهِ صلى الله عليه وسلم لَا مَا بَعْدَهُ.</p>وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (2) مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ أَحَدُ الأَْقْوَال عِنْدَ كُلٍّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: علي: " إن ولد لي. . . ". أخرجه أبو داود (5 / 250) والترمذي (5 / 137) وقال: حديث صحيح.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 5 / 268، مواهب الجليل 3 / 256، فتح الباري 6 / 560، 10 / 572 وما بعدها، ومغني المحتاج 1 / 9، 4 / 295، المغني 8 / 647، والفروع 3 / 562 - 565.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٨)</span><hr/></div>مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ.</p>قَال الْحَنَفِيَّةُ: وَمَنْ كَانَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا لَا بَأْسَ بِأَنْ يُكَنَّى أَبَا الْقَاسِمِ لأَِنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم: سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي قَدْ نُسِخَ وَعَلَّقَ ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى النَّسْخِ بِقَوْلِهِ: لَعَل وَجْهَهُ زَوَال عِلَّةِ النَّهْيِ بِوَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم (1) .</p>وَقَال عِيَاضٌ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: جُمْهُورُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَفُقَهَاءِ الأَْمْصَارِ عَلَى جَوَازِ التَّسْمِيَةِ وَالتَّكْنِيَةِ بِأَبِي الْقَاسِمِ، وَالنَّهْيُ عَنْهُ مَنْسُوخٌ (2) .</p><font color=#ff0000>5 -</font> الثَّانِي: لَا يَجُوزُ التَّكَنِّي بِكُنْيَتِهِ صلى الله عليه وسلم مُطْلَقًا، أَيْ سَوَاءٌ كَانَ اسْمُ صَاحِبِ الْكُنْيَةِ مُحَمَّدًا أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَمْ لَا، لِحَدِيثِ: سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي.</p>وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيِّ وَالْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِهِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ (3) .</p><font color=#ff0000>6 -</font> الثَّالِثُ: لَا يَجُوزُ التَّكَنِّي بِكُنْيَتِهِ صلى الله عليه وسلم لِمَنِ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ، وَيَجُوزُ لِغَيْرِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ حَيَاتِهِ صلى الله عليه وسلم أَمْ بَعْدَ وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم لِحَدِيثِ: لَا تَجْمَعُوا بَيْنَ اسْمِي وَكُنْيَتِي (4)، وَلِحَدِيثِ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 5 / 268، والفتاوى الهندية 5 / 362.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مواهب الجليل 3 / 256، وانظر الفتح 10 / 573.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح الباري 10 / 572 - 574، 6 / 560، ومغني المحتاج 1 / 9، الفروع 3 / 565 وما بعدها.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث:" لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي ". أخرجه أحمد (2 / 433) من حديث أبي هريرة، وأورده الهيثمي في المجمع (8 / 48) وقال: رجاله رجال الصحيح.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٩)</span><hr/></div>00 سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي وَلِمَا وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَال: نَهَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَجْمَعَ بَيْنَ اسْمِهِ وَكُنْيَتِهِ وَقَال: أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ وَاللَّهُ يُعْطِي وَأَنَا أَقْسِمُ (1)، وَلِحَدِيثِ: مَنْ تَسَمَّى بِاسْمِي فَلَا يُكَنَّى بِكُنْيَتِي (2) .</p>قَال الرَّافِعِيُّ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الأَْصَحُّ، لأَِنَّ النَّاسَ لَمْ يَزَالُوا يَفْعَلُونَهُ فِي جَمِيعِ الأَْعْصَارِ مِنْ غَيْرِ إِنْكَارٍ.</p>وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ (3) .</p><font color=#ff0000>7 -</font> الرَّابِعُ: لَا يَجُوزُ التَّسْمِيَةُ بِمُحَمَّدٍ مُطْلَقًا وَلَا التَّكَنِّي بِأَبِي الْقَاسِمِ مُطْلَقًا، حَكَاهُ الطَّبَرِيُّ وَاحْتَجَّ لِصَاحِبِ هَذَا الْقَوْل بِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه مَرْفُوعًا: تُسَمُّونَهُمْ مُحَمَّدًا ثُمَّ تَلْعَنُونَهُمْ (4)، وَلِمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه كَتَبَ: لَا تُسَمُّوا أَحَدًا بِاسْمِ نَبِيٍّ، قَال عِيَاضٌ: وَالأَْشْبَهُ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث أبي هريرة أنه قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجمع بين اسمه وكنيته " أخرجه البخاري في الأدب المفرد ص294 وأخرجه الترمذي (5 / 136) مختصرًا وقال: حديث حسن صحيح.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " من تسمى باسمي فلا يكنى بكنيتي ". أخرجه أحمد (3 / 312) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح الباري 10 / 572، والفروع 3 / 565 - 566.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث:" تسمونهم محمدًا ثم تلعنونهم ". أخرجه أبو يعلى (6 / 116) وقال الهيثمي في المجمع (8 / 48) : فيه الحكم بن عطية وثقه ابن معين وضعفه غيره.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٩)</span><hr/></div>إِنَّمَا فَعَل ذَلِكَ إِعْظَامًا لاِسْمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، لِئَلَاّ يُنْتَهَكَ، وَقَدْ سَمِعَ رَجُلاً يَقُول لِمُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ يَا مُحَمَّدُ فَعَل اللَّهُ بِكَ وَفَعَل فَدَعَاهُ وَقَال: لَا أَرَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُسَبُّ بِكَ فَغَيَّرَ اسْمَهُ، وَسَمَّاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ (1) .</p><font color=#ff0000>8 -</font> الْخَامِسُ: لَا يَجُوزُ التَّكَنِّي بِكُنْيَتِهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَيَاتِهِ صلى الله عليه وسلم مُطْلَقًا، أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ اسْمُ صَاحِبِ الْكُنْيَةِ مُحَمَّدًا أَمْ لَا، وَيُفْصَل بَعْدَ وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ مَنِ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ أَوْ أَحْمَدُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُكَنَّى بِكُنْيَتِهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ مَنْ لَيْسَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا أَوْ أَحْمَدَ فَيَجُوزُ أَنْ يُكَنَّى بِكُنْيَتِهِ صلى الله عليه وسلم قَال ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ: هُوَ أَعْدَل الْمَذَاهِبِ مَعَ غَرَابَتِهِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌حُكْمُ التَّكَنِّي:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> قَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: يُسَنُّ أَنْ يُكَنَّى أَهْل الْفَضْل مِنَ الرِّجَال وَالنِّسَاءِ لأَِنَّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم كَانَ يُكَنَّى وَكَذَا كِبَارُ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم.</p>كَمَا يُسَنُّ أَنْ يُكَنَّى الرَّجُل بِأَكْبَرِ أَوْلَادِهِ إِذَا كَانَ لَهُ أَوْلَادٌ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ يُسَنُّ أَنْ تُكَنَّى بِأَكْبَرِ أَوْلَادِهَا إِذَا كَانَ لَهَا أَوْلَادٌ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح الباري 10 / 572 وما بعدها، والفروع 3 / 565.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح الباري 10 / 574 والفروع 3 / 565 - 566.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٠)</span><hr/></div>يُكَنَّى أَبَا الْقَاسِمِ بِوَلَدِهِ الْقَاسِمِ وَكَانَ أَكْبَرَ أَوْلَادِهِ (1) ، وَلِمَا وَرَدَ عَنْ هَانِئِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ لَمَّا وَفَدَ إِلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ قَوْمِهِ سَمِعَهُمْ، يُكَنُّونَهُ بِأَبِي الْحَكَمِ، فَدَعَاهُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَكَمُ وَإِلَيْهِ الْحُكْمُ فَلِمَ تُكَنَّى أَبَا الْحَكَمِ؟ فَقَال: إِنَّ قَوْمِي إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَتَوْنِي فَحَكَمْتُ بَيْنَهُمْ فَرَضِيَ كِلَا الْفَرِيقَيْنِ، فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا أَحْسَنَ هَذَا، فَمَا لَكَ مِنَ الْوَلَدِ؟ قَال: لِي شُرَيْحٌ وَمُسْلِمٌ وَعَبْدُ اللَّهِ، قَال: فَمَنْ أَكْبَرُهُمْ؟ قُلْتُ: شُرَيْحٌ قَال: فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ (2) .</p>قَال ابْنُ مُفْلِحٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ بَعْدَ هَذَا الْحَدِيثِ: وَهَذَا يَدُل عَلَى أَنَّ الأَْوْلَى أَنْ يُكَنَّى الإِْنْسَانُ بِأَكْبَرِ أَوْلَادِهِ، إِلَاّ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّكَنِّي بِغَيْرِهِ مِنَ الأَْوْلَادِ لِحَدِيثِ أَنَسٍ رضي الله عنه: أَنَّ جِبْرِيل عليه السلام قَال لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا إِبْرَاهِيمَ (3) ، وَقَدْ وُلِدَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ فِي الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ مِنْ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح الباري 6 / 560، ومواهب الجليل 3 / 256، ومغني المحتاج 4 / 295، والفروع 3 / 562 وما بعدها، وتفسير القرطبي 6 / 330، والآداب الشرعية 1 / 508 - 509.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث هانئ بن يزيد:" لما وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . ". أخرجه أبو داود (5 / 240) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم: السلام عليكم يا أبا إبراهيم. . . ". أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ص110 - قسم السيرة النبوية) وأشار الذهبي في تاريخ الإسلام (ص 34 قسم السيرة) إلى ضعفه.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٠)</span><hr/></div>أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلرَّجُل وَالْمَرْأَةِ وَلَدٌ فَيَجُوزُ تَكَنِّيهِمَا بِوَلَدِ غَيْرِهِمَا لِحَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها (1) حِينَ وَجَدَتْ عَلَى كَوْنِهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ تَتَكَنَّى بِهِ فَقَال لَهَا عليه الصلاة والسلام: فَاكْتَنِي بِابْنِكِ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ أُخْتِهَا قَال مُسَدَّدٌ - رَاوِي الْحَدِيثِ - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما (2) .</p>وَكَذَلِكَ تَجُوزُ الْكُنَى بِالْحَالَةِ الَّتِي يَتَّصِفُ بِهَا الشَّخْصُ كَأَبِي تُرَابٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَمَا أَشَبَهَهُمَا (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْكُنْيَةُ لِلْعَاصِي:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> قَال الْفُقَهَاءُ: لَا يُكَنَّى كَافِرٌ وَلَا فَاسِقٌ وَلَا مُبْتَدِعٌ لأَِنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْل التَّعْظِيمِ وَالتَّكْرِيمِ بَل أُمِرْنَا بِالإِْغْلَاظِ عَلَيْهِمْ إِلَاّ لِخَوْفِ فِتْنَةٍ مِنْ ذِكْرِهِ بِاسْمِهِ، أَوْ تَعْرِيفٍ كَمَا قِيل بِهِ فِي أَبِي لَهَبٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} (4) وَاسْمُهُ عَبْدُ الْعُزَّى (5) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْكُنْيَةُ لِلصَّبِيِّ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ كُنْيَةِ الصَّغِيرِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح الباري 6 / 560، 10 / 571، والفروع 3 / 63، ومواهب الجليل 3 / 256، وسبل السلام 1 / 54.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث عائشة:" حين وجدت على كونها لم يكن لها ولد تتكنى به. . . ". أخرجه أبو داود (5 / 253) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح الباري 10 / 582 - 587 - 588، ومواهب الجليل 3 / 256، 257.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة المسد / 1.</p><font color=#ff0000>(5)</font> مغني المحتاج 4 / 295، وتفسير القرطبي 16 / 330، ودليل الفالحين 4 / 532.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧١)</span><hr/></div>وَكَذَا كُل مَنْ لَا يُولَدُ لَهُ، فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِكُنْيَةِ الصَّغِيرِ، أَوْ مَنْ لَا يُولَدُ لَهُ (1) لِحَدِيثِ أَنَسٍ رضي الله عنه قَال: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ النَّاسِ خَلْقًا وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَال لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ - قَال: أَحْسِبُهُ فَطِيمًا - وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَال: يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَل النُّغَيْرُ؟ (2) وَلِقَوْل عُمَرَ رضي الله عنه: عَجِّلُوا بِكُنَى أَوْلَادِكُمْ لَا تُسْرِعُ إِلَيْهِمُ الأَْلْقَابُ السُّوءُ.</p>وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَنَّاهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَبْل أَنْ يُولَدَ لَهُ (3) .</p>قَال الْعُلَمَاءُ: كَانُوا يُكَنُّونَ الصَّبِيَّ تَفَاؤُلاً بِأَنَّهُ سَيَعِيشُ حَتَّى يُولَدَ لَهُ وَلِلأَْمْنِ مِنَ التَّلْقِيبِ.</p>قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَلَوْ كَنَّى ابْنَهُ الصَّغِيرَ بِأَبِي بَكْرٍ وَغَيْرِهِ كَرِهَهُ بَعْضُهُمْ، وَعَامَّتُهُمْ لَا يَكْرَهُ، لأَِنَّ النَّاسَ يُرِيدُونَ بِهِ التَّفَاؤُل (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح الباري 10 / 582 - 584، وابن عابدين 5 / 268، ومواهب الجليل 3 / 256، ومغني المحتاج 4 / 295، والآداب الشرعية 1 / 509.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث أنس:" كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقًا. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 582) ومسلم (4 / 1692) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث ابن مسعود: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كناه أبا عبد الرحمن قبل أن يولد له ". أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (9 / 58) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (8 / 56) : رجاله رجال الصحيح.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حاشية ابن عابدين 5 / 268.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌كَهَانَةٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الْكَهَانَةُ</p>فِي اللُّغَةِ: مِنْ كَهَنَ يَكْهَنُ كَهَانَةً: قَضَى لَهُ بِالْغَيْبِ، وَالْكَاهِنُ: هُوَ الَّذِي يَتَعَاطَى الْخَبَرَ عَنِ الْكَائِنَاتِ فِي مُسْتَقْبَل الزَّمَانِ، وَيَدَّعِي مَعْرِفَةَ الأَْسْرَارِ وَمُطَالَعَةَ الْغَيْبِ (1) .</p>وَتُطْلِقُ الْعَرَبُ عَلَى الَّذِي يَقُومُ بِأَمْرِ الرَّجُل وَيَسْعَى فِي حَاجَتِهِ: كَاهِنًا، كَمَا يُسَمُّونَ كُل مَنْ يَتَعَاطَى عِلْمًا دَقِيقًا كَاهِنًا.</p>وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَمِّي الْمُنَجِّمَ وَالطَّبِيبَ كَاهِنًا.</p>وَالْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ لَا يَخْرُجُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌التَّنْجِيمُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> التنجيم</p>عِلْمٌ يُعْرَفُ بِهِ الاِسْتِدْلَال بِالتَّشَكُّلَاتِ الْفَلَكِيَّةِ عَلَى الْحَوَادِثِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، والتعريفات للجرجاني، والمغرب، وحاشية ابن عابدين 1 / 30 - 31.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصادر السابقة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٢)</span><hr/></div>السُّفْلِيَّةِ (1) .</p>وَالتَّنْجِيمُ بِهَذَا الْمَعْنَى ضَرْبٌ مِنَ الْكَهَانَةِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْكَهَانَةِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ التَّكَهُّنَ وَالْكَهَانَةَ بِمَعْنَى ادِّعَاءِ عِلْمِ الْغَيْبِ وَالاِكْتِسَابُ بِهِ حَرَامٌ، كَمَا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ إِتْيَانَ الْكَاهِنِ لِلسُّؤَال عَنْ عَوَاقِبِ الأُْمُورِ حَرَامٌ، وَأَنَّ التَّصْدِيقَ بِمَا يَقُولُهُ: كُفْرٌ، لِمَا وَرَدَ عَنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُول فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِل عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم (2) ، وَنَهَى عَنْ أَكْل مَا اكْتَسَبَهُ بِالْكَهَانَةِ، لأَِنَّهُ سُحْتٌ، جَاءَ عَنْ طَرِيقٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ، كَأُجْرَةِ الْبَغِيِّ، رَوَى أَبُو مَسْعُودٍ الأَْنْصَارِيُّ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَمَهْرِ الْبَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ (3)"، وَهُوَ مَا يَأْخُذُهُ عَلَى كَهَانَتِهِ، وَتَشْمَل الْكَهَانَةُ كُل ادِّعَاءٍ بِعِلْمِ الْغَيْبِ الَّذِي اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِعِلْمِهِ، وَيَشْمَل اسْمُ الْكَاهِنِ: كُل مَنْ يَدَّعِي ذَلِكَ مِنْ مُنَجِّمٍ وَعَرَّافٍ وَضَرَّابٍ بِالْحَصْبَاءِ وَنَحْوِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 1 / 31.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " من أتى كاهنًا أو عرافًا. . . ". أخرجه أحمد (2 / 429) والحاكم (1 / 8) من حديث أبي هريرة، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث أبي مسعود الأنصاري " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب. . . ". أخرجه مسلم (3 / 1198) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٢)</span><hr/></div>ذَلِكَ. (1)</p>وَكَانَ لِلْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَهَانَةٌ قَبْل مَبْعَثِ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ لَهُمْ كَهَنَةٌ، فَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَزْعُمُ: أَنَّ تَابِعًا مِنَ الْجِنِّ وَرَئِيًّا (2)، يُلْقِي إِلَيْهِ الأَْخْبَارَ (3) .</p>وَيُرْوَى أَنَّ الشَّيَاطِينَ كَانَتْ تَسْتَرِقُ السَّمْعَ فَتُلْقِيهِ إِلَى الْكَهَنَةِ فَتَزِيدُ فِيهِ مَا تَزِيدُهُ فَيَقْبَلُهُ الْكُفَّارُ مِنْهُمْ.</p>عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَال: تَصْعَدُ الشَّيَاطِينُ أَفْوَاجًا تَسْتَرِقُ السَّمْعَ فَيَنْفَرِدُ الْمَارِدُ مِنْهَا فَيَعْلُو فَيُرْمَى بِالشِّهَابِ فَيُصِيبُ جَبْهَتَهُ، أَوْ جَنْبَهُ حَيْثُ يَشَاءُ اللَّهُ مِنْهُ فَيَلْتَهِبُ فَيَأْتِي أَصْحَابَهُ وَهُوَ يَلْهَبُ فَيَقُول: إِنَّهُ كَانَ مِنَ الأَْمْرِ كَذَا وَكَذَا فَيَذْهَبُ أُولَئِكَ إِلَى إِخْوَانِهِمْ مِنَ الْكَهَنَةِ فَيَزِيدُونَ عَلَيْهِ أَضْعَافَهُ مِنَ الْكَذِبِ فَيُخْبِرُونَهُمْ بِهِ، فَإِذَا رَأَوْا شَيْئًا مِمَّا قَالُوا قَدْ كَانَ، صَدَّقُوهُمْ بِمَا جَاءُوهُمْ مِنَ الْكَذِبِ (4) ، فَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَحَرَسَتِ السَّمَاءُ بَطَلَتِ الْكَهَانَةُ بِالْقُرْآنِ الَّذِي فَرَّقَ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِل، وَأَطْلَعَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلَيْهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سبل السلام 3 / 14، وحاشية ابن عابدين 1 / 31، 5 / 272.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الرَّئِيّ كَفَتِيّ: جِنّيّ.</p><font color=#ff0000>(3)</font> لسان العرب مادة: كهن، وحاشية ابن عابدين 1 / 30، 31، 5 / 272، وسبل السلام 3 / 14.</p><font color=#ff0000>(4)</font> جامع البيان لابن جرير الطبري 14 / 11 ط. دار المعرفة ببيروت.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٣)</span><hr/></div>الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِالْوَحْيِ عَلَى مَا يَشَاءُ مِنْ عِلْمِ الْغُيُوبِ الَّتِي عَجَزَتِ الْكَهَانَةُ عَنِ الإِْحَاطَةِ بِهِ وَأَغْنَاهُ بِالتَّنْزِيل، وَأَزْهَقَ أَبَاطِيل الْكَهَانَةِ (1) .</p>وَأَبْطَل الإِْسْلَامُ الْكَهَانَةَ بِأَنْوَاعِهَا، وَحَرَّمَ مُزَاوَلَتَهَا وَقَرَّرَ أَنَّ الْغَيْبَ لَا يَعْلَمُهُ إِلَاّ اللَّهُ، فَقَال عَزَّ مِنْ قَائِلٍ:{قُل لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضِ الْغَيْبَ إِلَاّ اللَّهُ} (2) ، وَكَذَّبَ مَزَاعِمَ الْكَهَنَةِ أَنَّ الشَّيَاطِينَ تَأْتِي لَهُمْ بِخَبَرِ السَّمَاءِ، وَقَال تَعَالَى:{وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ} (3)</p>‌<span class="title">‌حُكْمُ الْكَاهِنِ مِنْ حَيْثُ الرِّدَّةِ وَعَدَمِهَا:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> قَال الْفُقَهَاءُ: الْكَاهِنُ يَكْفُرُ بِادِّعَاءِ عِلْمِ الْغَيْبِ (4) ، لأَِنَّهُ يَتَعَارَضُ مَعَ نَصِّ الْقُرْآنِ، قَال تَعَالَى:{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَاّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} (5) أَيْ عَالِمُ الْغَيْبِ هُوَ اللَّهُ وَحْدَهُ فَلَا يُطْلِعُ عَلَيْهِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ إِلَاّ مَنِ ارْتَضَاهُ لِلرِّسَالَةِ، فَإِنَّهُ يُطْلِعُهُ عَلَى مَا يَشَاءُ فِي غَيْبِهِ، وَعَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مِنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 1 / 31، 5 / 272.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النمل / 65.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الشعراء / 211، 212.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حاشية ابن عابدين 3 / 297.</p><font color=#ff0000>(5)</font> سورة الجن / 25.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٣)</span><hr/></div>يَقُول فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِل عَلَى مُحَمَّدٍ (1)".</p>قَال ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنِ التَّتَارْخَانِيَّةَ: يَكْفُرُ بِقَوْلِهِ أَنَا أَعْلَمُ الْمَسْرُوقَاتِ، أَوْ أَنَا أُخْبِرُ عَنْ إِخْبَارِ الْجِنِّ إِيَّايَ (2) ، وَقَال: كُل مُسْلِمٍ ارْتَدَّ فَإِنَّهُ يُقْتَل إِنْ لَمْ يَتُبْ وَلَا تُقْبَل تَوْبَةُ أَحَدَ عَشَرَ، وَذَكَرَ مِنْهُمَ الْكَاهِنَ (3) .</p>وَقَال الْقُرْطُبِيُّ: لَيْسَ الْمُنَجِّمُ وَمَنْ ضَاهَاهُ مِمَّنْ يَضْرِبُ بِالْحَصَى وَيَنْظُرُ فِي الْكُتُبِ وَيَزْجُرُ بِالطَّيْرِ مِمَّنِ ارْتَضَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ رَسُولٍ فَيُطْلِعُهُ عَلَى مَا يَشَاءُ مِنْ غَيْبِهِ بَل هُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ مُفْتَرٍ عَلَيْهِ بِحَدْسِهِ وَتَخْمِينِهِ وَكَذِبِهِ (4) .</p>وَقَال الْقَرَافِيُّ: وَأَمَّا مَا يُخْبِرُ بِهِ الْمُنَجِّمُ مِنَ الْغَيْبِ مِنْ نُزُول الأَْمْطَارِ وَغَيْرِهِ فَقِيل ذَلِكَ كُفْرٌ يُقْتَل بِغَيْرِ اسْتِتَابَةٍ لِقَوْلِهِ عليه السلام قَال اللَّهُ عز وجل: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِي فَأَمَّا مَنْ قَال: مُطِرْنَا بِفَضْل اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَال: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ (5) "، وَقِيل: يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَاّ قُتِل قَالَهُ أَشْهَبُ، وَقِيل يُزْجَرُ عَنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" من أتى كاهنًا أو عرافًا. . . ". تقدم في فقرة (3) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 3 / 297.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية ابن عابدين 3 / 298.</p><font color=#ff0000>(4)</font> تفسير القرطبي 19 / 28.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث: قال الله: " أصبح من عبادي مؤمن بي. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 7 / 439) ومسلم (1 / 83 - 84) من حديث زيد بن خالد، واللفظ لمسلم.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٤)</span><hr/></div>ذَلِكَ وَيُؤَدَّبُ وَلَيْسَ اخْتِلَافًا فِي قَوْلٍ بَل اخْتِلَافٌ فِي حَالٍ، فَإِنْ قَال إِنَّ الْكَوَاكِبَ مُسْتَقِلَّةٌ بِالتَّأْثِيرِ قُتِل وَلَمْ يُسْتَتَبْ إِنْ كَانَ يُسِرُّهُ لأَِنَّهُ زِنْدِيقٌ وَإِنْ أَظْهَرَهُ فَهُوَ مُرْتَدٌّ يُسْتَتَابُ، وَإِنِ اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الْفَاعِل عِنْدَهَا زُجِرَ عَنِ الاِعْتِقَادِ الْكَاذِبِ، لأَِنَّهُ بِدْعَةٌ تُسْقِطُ الْعَدَالَةَ (1) .</p>وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ: يَقُول فِي إِحْدَاهُمَا: يُسْتَتَابُ، قِيل لَهُ أَيُقْتَل؟ قَال: لَا. يُحْبَسُ لَعَلَّهُ يَرْجِعُ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: السَّاحِرُ، وَالْكَاهِنُ حُكْمُهُمَا: الْقَتْل، أَوِ الْحَبْسُ حَتَّى يَتُوبَا، لأَِنَّهُمَا يُلْبِسَانِ أَمْرَهُمَا، وَحَدِيثُ عُمَرَ: اقْتُلُوا كُل سَاحِرٍ وَكَاهِنٍ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَمْرِ الإِْسْلَامِ (2) ".</p>وَجَاءَ فِي الْفُرُوعِ: الْكَاهِنُ وَالْمُنَجِّمُ كَالسَّاحِرِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَإِنَّ ابْنَ عَقِيلٍ فَسَّقَهُ فَقَطْ إِنْ قَال: أَصَبْتُ بِحَدْسِي وَفَرَاهَتِي، فَإِنْ أَوْهَمَ قَوْمًا بِطَرِيقَتِهِ: أَنَّهُ يَعْلَمُ الْغَيْبَ، فَلِلإِْمَامِ قَتْلُهُ لِسَعْيِهِ بِالْفَسَادِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌كَوْسَج</span></p> </p>انْظُرْ: أَمْرَد<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفروق للقرافي 4 / 259.</p>(&# x662 ;) المغني 8 / 155.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفروع 6 / 177.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌كُوعٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الكوع فِي اللُّغَةِ: طَرَفُ الزَّنْدِ الَّذِي يَلِي الإِْبْهَامَ، وَالْجَمْعُ أَكْوَاعٌ، وَالْكَاعُ لُغَةٌ، قَال الأَْزْهَرِيُّ: الْكُوعُ طَرَفُ الْعَظْمِ الَّذِي يَلِي رُسْغَ الْيَدِ الْمُحَاذِي لِلإِْبْهَامِ، وَهُمَا عَظْمَانِ مُتَلَاصِقَانِ فِي السَّاعِدِ، أَحَدُهُمَا أَدَقُّ مِنَ الآْخَرِ وَطَرَفَاهُمَا يَلْتَقِيَانِ عِنْدَ مَفْصِل الْكَفِّ، فَالَّذِي يَلِي الْخِنْصَرَ يُقَال لَهُ: الْكُرْسُوعُ، وَالَّذِي يَلِي الإِْبْهَامَ يُقَال لَهُ: الْكُوعُ، وَهُمَا عَظْمَا سَاعِدِ الذِّرَاعِ.</p>وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْكُوعِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ غَسْل الْكُوعِ فِي الْوُضُوءِ</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ غَسْل الْكَفَّيْنِ إِلَى الْكُوعَيْنِ فِي أَوَّل الْوُضُوءِ لِفِعْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (كَفٌّ ف 3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير والكليات للكفوي 5 / 124، والقليوبي 4 / 114، وحاشية الشلبي بهامش الزيلعي 3 / 224.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٥)</span><hr/></div>ب -‌<span class="title">‌ مَسْحُ الْيَدَيْنِ إِلَى الْكُوعَيْنِ فِي التَّيَمُّمِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مِنْ أَرْكَانِ التَّيَمُّمِ مَسْحَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الْحَدِّ الَّذِي يَبْلُغُهُ بِالتَّيَمُّمِ فِي الْيَدَيْنِ. فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَاللَّيْثُ بُلُوغَ الْمِرْفَقَيْنِ بِالتَّيَمُّمِ فَرْضًا وَاجِبًا، وَبِهِ قَال مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنُ نَافِعٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ إِسْمَاعِيل الْقَاضِي (1) .</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَبْلُغُ بِهِ إِلَى الْكُوعَيْنِ وَهُمَا الرُّسْغَانِ، وَرُوِيَ هَذَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَالأَْوْزَاعِيِّ وَعَطَاءٍ وَالشَّعْبِيِّ فِي رِوَايَةٍ، وَبِهِ قَال إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَالطَّبَرِيُّ (2)، وَقَال ابْنُ شِهَابٍ: يَبْلُغُ بِهِ إِلَى الْمَنَاكِبِ (3) .</p>وَحُكِيَ عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ: أَنَّ الْكُوعَيْنِ فَرْضٌ وَالآْبَاطَ فَضِيلَةٌ (4) .</p>وَلِلتَّفْصِيل (ر: تَيَمُّمٌ ف 11) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ قَطْعُ الْيَدِ مِنَ الْكُوعِ فِي السَّرِقَةِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الهندية 1 / 26، ومغني المحتاج 1 / 99، وتفسير القرطبي 5 / 239.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الصغير مع بلغة السالك 1 / 151 ط. الحلبي، والمبدع 1 / 222، وشرح الزركشي لمختصر الخرقي 1 / 351، وتفسير القرطبي 5 / 240.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تفسير القرطبي 5 / 239.</p><font color=#ff0000>(4)</font> تفسير القرطبي 5 / 240.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٥)</span><hr/></div>أَنَّ أَوَّل مَا يُقْطَعُ مِنَ السَّارِقِ يَدُهُ الْيُمْنَى مِنْ مَفْصِل الْكَفِّ وَهُوَ الْكُوعُ، وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَطَعَ يَدَ سَارِقٍ مِنَ الْمَفْصِل (1)(الْكُوعِ)، وَقَدْ وَرَدَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعُمَرَ أَنَّهُمَا قَالَا: إِذَا سَرَقَ سَارِقٌ فَاقْطَعُوا يَمِينَهُ مِنَ الْكُوعِ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا فِي الصَّحَابَةِ (2)، وَلأَِنَّ كُل مَنْ قَطَعَ مِنَ الأَْئِمَّةِ قَطَعَ مِنَ الرُّسْغِ فَصَارَ إِجْمَاعًا سُكُوتِيًّا فَلَا يَجُوزُ خِلَافُهُ (3) .</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (سَرِقَةٌ ف 66) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع يد سارق من المفصل ". أخرجه البيهقي (8 / 271) من حديث جابر بن عبد الله.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني مع الشرح الكبير 10 / 264، وشرح الزرقاني 8 / 92، ونهاية المحتاج 7 / 445، والمبسوط 9 / 133، والفتاوى الهندية 2 / 182، وبدائع الصنائع 7 / 88.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تبيين الحقائق 3 / 224.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌كَوَّةٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الكوة - بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ مَعَ تَشْدِيدِ الْوَاوِ - فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى الثُّقْبَةِ فِي الْحَائِطِ، وَجَمْعُ الْمَفْتُوحِ عَلَى لَفْظِهِ كَوَّاتٍ مِثْل حَبَّةٍ وَحَبَّاتٍ، وَكِوَاةٌ أَيْضًا بِالْكَسْرِ مِثْل ظَبْيَةٍ وَظِبَاءٍ، وَجَمْعُ الْمَضْمُومِ كُوًى بِالضَّمِّ وَالْقَصْرِ مِثْل مُدْيَةٍ وَمُدًى، وَيُطْلَقُ عَلَيْهَا الرَّوْشَنُ (1) .</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ: قَال ابْنُ عَابِدِينَ: الْمُرَادُ بِهَا (بِالْكَوَّةِ) مَا يُفْتَحُ - فِي حَائِطِ الْبَيْتِ لأَِجْل الضَّوْءِ أَوْ مَا يُخْرَقُ فِيهِ بِلَا نَفَاذٍ لأَِجْل وَضْعِ مَتَاعٍ وَنَحْوِهِ (2) . وَفَسَّرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الْكَوَّةَ بِالطَّاقَةِ (3) .</p>قَال أَبُو الْحَسَنِ: كَوَّةٌ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ، وَالْفَتْحُ أَشْهَرُ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الطَّاقِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير، والمغرب للمطرزي ص418، ولسان العرب مادة رشن.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 4 / 358.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الدر المختار 4 / 358، وحاشية الدسوقي 3 / 369.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حاشية العدوي على الخرشي 4 / 59.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَصَرُّفِ الإِْنْسَانِ فِي مِلْكِهِ بِمَا يَضُرُّ بِجَارِهِ كَفَتْحِ كَوَّةٍ نَافِذَةٍ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى جَوَازِهِ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى مَنْعِهِ، وَفَصَّل آخَرُونَ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ، وَبَيَانُهُ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ جِوَارٌ فِقْرَةٌ (5) ، وَمُصْطَلَحِ حَائِطٌ فِقْرَةٌ (3) ، وَمُصْطَلَحِ ارْتِفَاقٌ فِقْرَةٌ (17) ، وَمُصْطَلَحِ إِشْرَافٌ فِقْرَةٌ (4) .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌كَيْلٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الْكَيْل فِي اللُّغَةِ مَصْدَرُ كَال يَكِيل، يُقَال: كِلْتُ زَيْدًا الطَّعَامَ كَيْلاً مِنْ بَابِ بَاعَ، وَكَال الطَّعَامَ كَيْلاً: عَرَفَ مِقْدَارَهُ، وَكَال الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ: قَاسَهُ بِهِ.</p>وَيُطْلَقُ الْكَيْل عَلَى مَا يُعْرَفُ بِهِ الْمِقْدَارُ بِالْقَفِيزِ وَالْمُدِّ وَالصَّاعِ، وَالاِسْمُ (الْكِيلَةُ) بِالْكَسْرِ، وَالْمِكْيَال مَا يُكَال بِهِ، قَال الْفَيُّومِيُّ: وَالْكَيْل مِثْلُهُ (1) .</p>وَعَلَى ذَلِكَ فَالْكَيْل يُطْلَقُ عَلَى الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ، كَمَا يُطْلَقُ عَلَى وِعَاءٍ يُكَال بِهِ مِنْ حَدِيدٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (2) ، وَالْكَيْلِيُّ مَا يُقَدَّرُ بِالْكَيْل، وَكَذَلِكَ الْمَكِيل (3) . وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ لِلْكَيْل.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير، ومتن اللغة، ولسان العرب.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المعجم الوسيط.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كشاف اصطلاحات الفنون، وقواعد الفقه للبركتي، والمفردات للراغب الأصفهاني.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌الْوَزْنُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الْوَزْنُ فِي اللُّغَةِ: التَّقْدِيرُ، يُقَال: وَزَنَ الشَّيْءَ: قَدَّرَهُ بِوَسَاطَةِ الْمِيزَانِ (1)، وَقَال الأَْصْفَهَانِيُّ: الْوَزْنُ مَعْرِفَةُ قَدْرِ الشَّيْءِ، وَالْمُتَعَارَفُ فِي الْوَزْنِ عِنْدَ الْعَامَّةِ مَا يُقَدَّرُ بِالْقِسْطِ وَالْقَبَّانِ (2) . وَلَا يَخْتَلِفُ مَعْنَى الْوَزْنِ فِي الاِصْطِلَاحِ عَنْ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ.</p>وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْكَيْل وَالْوَزْنِ أَنَّ الْكَيْل يُعْرَفُ بِهِ مِقْدَارُ الشَّيْءِ مِنْ حَيْثُ الْحَجْمِ، وَالْوَزْنُ يُعْرَفُ بِهِ مِقْدَارُ الشَّيْءِ مِنْ حَيْثُ الثِّقَل.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْكَيْل</span></p>‌<span class="title">‌الْحَثُّ عَلَى إِيفَاءِ الْكَيْل:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> حَثَّ الشَّارِعُ الْحَكِيمُ عَلَى إِيفَاءِ الْكَيْل، قَال تَعَالَى:{أَوْفُوا الْكَيْل وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ} (3) وَتَوَعَّدَ الْمُطَفِّفِينَ بِالْعَذَابِ الشَّدِيدِ، قَال اللَّهُ تَعَالَى:{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المعجم الوسيط.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المفردات للأصفهاني.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الشعراء / 181.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة المطففين / 1 - 3. والمطفف من الطفيف وهو القليل، فالمطفف هو المقل حق صاحبه بنقصانه عن الحق في كيل أو وزن (تفسير القرطبي 20 / 248) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٨)</span><hr/></div>قَال الْقُرْطُبِيُّ نَقْلاً عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَال: هِيَ أَوَّل سُورَةٍ نَزَلَتْ عَلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَاعَةَ نَزَل الْمَدِينَةَ، وَكَانَ هَذَا فِيهِمْ، كَانُوا إِذَا اشْتَرَوُا اسْتَوْفَوْا بِكَيْلٍ رَاجِحٍ، فَإِذَا بَاعُوا بَخَسُوا الْمِكْيَال وَالْمِيزَانَ، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ انْتَهَوْا، فَهُمْ أَوْفَى النَّاسِ كَيْلاً إِلَى يَوْمِهِمْ هَذَا (1) .</p>وَنَقَل الْقُرْطُبِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَال: مَا نَقَصَ قَوْمٌ الْمِكْيَال وَالْمِيزَانَ إِلَاّ قُطِعَ مِنْهُمُ الرِّزْقُ (2) ، وَعَدَّ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْبَخْسَ فِي الْكَيْل مِنَ الْكَبَائِرِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌أُجْرَةُ الْكَيَّال</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ أُجْرَةَ كَيْل الْمَبِيعِ فِي بَيْعِ الْمَكِيل وَأُجْرَةَ وَزْنِهِ فِي بَيْعِ الْمَوْزُونِ عَلَى الْبَائِعِ لأَِنَّ عَلَيْهِ تَقْبِيضَ الْمَبِيعِ، وَالْقَبْضُ لَا يَحْصُل إِلَاّ بِذَلِكَ (4)، قَال الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى:{فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْل} (5) كَانَ يُوسُفُ عليه السلام هُوَ الَّذِي يَكِيل، وَكَذَلِكَ الْوَزَّانُ وَالْعَدَّادُ، لأَِنَّ الرَّجُل إِذَا بَاعَ عِدَةً مَعْلُومَةً مِنْ طَعَامِهِ وَأَوْجَبَ الْعَقْدَ عَلَيْهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تفسير القرطبي 20 / 248، 249، وتفسير روح المعاني للألوسي 30 / 89.</p><font color=#ff0000>(2)</font> القرطبي 7 / 136.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الزواجر للهيثمي 1 / 192.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مجلة الأحكام العدلية المادة (289) ، والقرطبي 9 / 254، وجواهر الإكليل 2 / 50، ومغني المحتاج 2 / 273، والمغني لابن قدامة 4 / 126.</p><font color=#ff0000>(5)</font> سورة يوسف / 88.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٨)</span><hr/></div>وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُبْرِزَهَا وَيُمَيِّزَ حَقَّ الْمُشْتَرِي مِنْ حَقِّهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ إِلَاّ بَعْدَ التَّوْفِيَةِ، وَإِنْ تَلِفَ فَهُوَ مِنْهُ قَبْل التَّوْفِيَةِ (1) .</p>أَمَّا أُجْرَةُ كَيْل الثَّمَنِ وَمُؤْنَةِ إِحْضَارِهِ إِلَى مَحَل الْعَقْدِ إِذَا كَانَ غَائِبًا فَهِيَ عَلَى الْمُشْتَرِي لأَِنَّهُ هُوَ الْمُكَلَّفُ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ (2) .</p>وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (بَيْعٌ ف 58) .</p> </p>‌<span class="title">‌اعْتِبَارُ الْكَيْل فِي عِلَّةِ تَحْرِيمِ الرِّبَا</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> وَرَدَ النَّصُّ عَلَى تَحْرِيمِ الرِّبَا فِي الأَْشْيَاءِ السِّتَّةِ الْوَارِدَةِ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلاً بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ (3) .</p>وَقَال الْفُقَهَاءُ: إِنَّ تَحْرِيمَ الرِّبَا فِي الأَْجْنَاسِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا إِنَّمَا هُوَ لِعِلَّةٍ، وَإِنَّ الْحُكْمَ بِالتَّحْرِيمِ يَتَعَدَّى إِلَى مَا تَثْبُتُ فِيهِ هَذِهِ الْعِلَّةُ. وَاخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ الْعِلَّةِ الَّتِي يَتَعَدَّى الْحُكْمُ بِهَا إِلَى سَائِرِ الأَْجْنَاسِ. قَال الْحَنَفِيَّةُ: الْعِلَّةُ هِيَ الْجِنْسُ وَالْقَدْرُ، وَعُرِفَ الْجِنْسُ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: التَّمْرُ بِالتَّمْرِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تفسير القرطبي 9 / 254.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المراجع السابقة، ومجلة الأحكام المادة (288) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " الذهب بالذهب. . . ". أخرجه مسلم (3 / 1211) من حديث عبادة بن الصامت.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٩)</span><hr/></div>وَالْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ (1)، وَعُرِفَ الْقَدْرُ بِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَيُعْنَى بِالْقَدْرِ الْكَيْل فِيمَا يُكَال، وَالْوَزْنُ فِيمَا يُوزَنُ، وَذَلِكَ لِمَا وَرَدَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ:" وَكَذَلِكَ كُل مَا يُكَال وَيُوزَنُ "(2)، وَلِحَدِيثِ: لَا صَاعَيْنِ بِصَاعٍ وَلَا دِرْهَمَيْنِ بِدِرْهَمٍ (3) ، وَهَذَا عَامٌّ فِي كُل مَكِيلٍ سَوَاءٌ أَكَانَ مَطْعُومًا أَمْ غَيْرَ مَطْعُومٍ، فَحَرُمَ الرِّبَا فِي كُل مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ بِيعَ بِجِنْسِهِ (4) .</p>وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا مَا قَالَهُ الْحَنَابِلَةُ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَاتِ عِنْدَهُمْ، قَال الْخِرَقِيُّ: وَكُل مَا كِيل أَوْ وُزِنَ مِنْ سَائِرِ الأَْشْيَاءِ لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُل إِذَا كَانَ جِنْسًا وَاحِدًا (5) .</p>وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ فِي ذَلِكَ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ أَشْهَرُهُنَّ أَنَّ عِلَّةَ الرِّبَا فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَوْنُهُمَا مَوْزُونَيْ جِنْسٍ، وَعِلَّةُ الأَْعْيَانِ الأَْرْبَعَةِ مَكِيل جِنْسٍ. فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ يَجْرِي الرِّبَا فِي كُل مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ بِجِنْسِهِ مَطْعُومًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَطْعُومٍ، وَلَا يَجْرِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" التمر بالتمر، والحنطة بالحنطة. . . ". أخرجه مسلم (3 / 1211) من حديث أبي هريرة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " وكذلك كل ما يكال. . . ". أورد هذا الشطر الموصلي في الاختيار (2 / 30)، ولم نهتد إلى من أخرجه.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" لا صاعين بصاع ولا درهمين بدرهم ". أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 311) ومسلم (2 / 1216) من حديث أبي سعيد الخدري واللفظ للبخاري.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المبسوط للسرخسي 12 / 113، والاختيار للموصلي 2 / 30.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المغني مع الشرح الكبير 4 / 123.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٩)</span><hr/></div>فِي مَطْعُومٍ لَا يُكَال وَلَا يُوزَنُ. ثُمَّ عُلِّل هَذَا الْقَوْل بِأَنَّ قَضِيَّةَ الْبَيْعِ الْمُسَاوَاةُ، وَالْمُؤَثِّرُ فِي تَحْقِيقِهَا الْكَيْل وَالْوَزْنُ وَالْجِنْسُ، فَإِنَّ الْوَزْنَ أَوِ الْكَيْل يُسَوِّي بَيْنَهُمَا صُورَةً، وَالْجِنْسُ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا مَعْنًى، فَكَانَا عِلَّةً.</p>وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الأَْثْمَانِ الثَّمَنِيَّةُ وَفِيمَا عَدَاهَا كَوْنُهُ مَطْعُومَ جِنْسٍ فَيَخْتَصُّ بِالْمَطْعُومَاتِ وَيَخْرُجُ مِنْهُ مَا عَدَاهَا.</p>وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ الْعِلَّةُ فِيمَا عَدَا الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَوْنُهُ مَطْعُومَ جِنْسٍ مَكِيلاً أَوْ مَوْزُونًا، فَلَا يَجْرِي الرِّبَا فِي مَطْعُومٍ لَا يُكَال وَلَا يُوزَنُ (1) .</p>وَهَذَا قَوْل الشَّافِعِيَّةِ فِي الْقَدِيمِ.</p>وَأَمَّا فِي الْجَدِيدِ عِنْدَهُمْ فَالْعِلَّةُ فِي الأَْجْنَاسِ الأَْرْبَعَةِ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ أَنَّهَا مَطْعُومَةٌ، وَأَمَّا فِيهِمَا فَالْعِلَّةُ كَوْنُهُمَا جِنْسَ الأَْثْمَانِ غَالِبًا (2) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: الْعِلَّةُ فِي النُّقُودِ غَلَبَةُ الثَّمَنِيَّةِ، أَوْ مُطْلَقُ الثَّمَنِيَّةِ، وَأَمَّا فِي الطَّعَامِ فَالاِقْتِيَاتُ وَالاِدِّخَارُ.</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ:(رِبًا ف 21 - 25) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني مع الشرح الكبير 4 / 125، 126.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 2 / 22 - 25.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌تَعْيِينُ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِالْكَيْل</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ السَّلَمِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ فِيهِ مَعْلُومًا مُبَيَّنًا بِمَا يَرْفَعُ الْجَهَالَةَ وَيَسُدُّ بَابَ الْمُنَازَعَةِ عِنْدَ تَسْلِيمِهِ، كَمَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ قَدْرِهِ (1)، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ (2) .</p>وَهَل يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمِقْدَارِ بِالْكَيْل فِي الْمَكِيلَاتِ؟ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ:</p>فَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: لَا يُشْتَرَطُ تَقْدِيرُ الْمَكِيل بِالْكَيْل، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ قَدْرِهِ سَوَاءٌ بِالْكَيْل أَوِ الْوَزْنِ (3)، قَال الْكَاسَانِيُّ: لَوْ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ مَكِيلاً فَأَعْلَمَ قَدْرَهُ بِالْوَزْنِ الْمَعْلُومِ، أَوْ كَانَ مَوْزُونًا فَأَعْلَمَ قَدْرَهُ بِالْكَيْل الْمَعْلُومِ جَازَ، لأَِنَّ الشَّرْطَ كَوْنُهُ مَعْلُومَ الْقَدْرِ بِمِعْيَارٍ يُؤْمَنُ فَقْدُهُ وَقَدْ وُجِدَ، بِخِلَافِ مَا إِذَا بَاعَ الْمَكِيل بِالْمَكِيل وَزْنًا بِوَزْنٍ مُتَسَاوِيًا فِي الْوَزْنِ أَوْ بَاعَ الْمَوْزُونَ بِالْمَوْزُونِ كَيْلاً بِكَيْلٍ مُتَسَاوِيًا فِي الْكَيْل أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مَا لَمْ يَتَسَاوَيَا فِي الْكَيْل أَوِ الْوَزْنِ، لأَِنَّ شَرْطَ السَّلَمِ كَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مَعْلُومَ الْقَدْرِ، وَالْعِلْمُ بِالْقَدْرِ كَمَا يَحْصُل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 5 / 207، والخرشي 5 / 213، ونهاية المحتاج 4 / 190، والمغني 4 / 310.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" من أسلف في شيء. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 429) ومسلم (3 / 1227) من حديث ابن عباس، واللفظ للبخاري.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع 5 / 208، ومغني المحتاج 2 / 107.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٠)</span><hr/></div>بِالْكَيْل يَحْصُل بِالْوَزْنِ.</p>فَأَمَّا شَرْطُ الْكَيْل وَالْوَزْنِ فِي الأَْشْيَاءِ الَّتِي وَرَدَ الشَّرْعُ فِيهَا بِاعْتِبَارِ الْكَيْل وَالْوَزْنِ فِي بَيْعِ الْعَيْنِ فَثَبَتَ نَصًّا، فَكَانَ بَيْعُهَا بِالْكَيْل أَوِ الْوَزْنِ مُجَازَفَةً فَلَا يَجُوزُ (1) .</p>وَمِثْلُهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيَّةُ، لَكِنِ اسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ بَعْضَ الأَْجْنَاسِ، فَلَا يُسْلَمُ فِيهَا إِلَاّ بِالْوَزْنِ، قَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: وَيَصِحُّ سَلَمُ الْمَكِيل وَزْنًا، وَعَكْسُهُ أَيِ الْمَوْزُونُ الَّذِي يَتَأَتَّى كَيْلُهُ كَيْلاً، وَحَمَل الإِْمَامُ إِطْلَاقَ الأَْصْحَابِ جَوَازَ كَيْل الْمَوْزُونِ عَلَى مَا يُعَدُّ الْكَيْل فِي مِثْلِهِ ضَابِطًا، بِخِلَافِ نَحْوِ فُتَاتِ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ لأَِنَّ لِلْقَدْرِ الْيَسِيرِ مِنْهُ مَالِيَّةً كَثِيرَةً وَالْكَيْل لَا يُعَدُّ ضَابِطًا فِيهِ.</p>وَاسْتَثْنَى الْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُ النَّقْدَيْنِ أَيْضًا، فَلَا يُسْلَمُ فِيهِمَا إِلَاّ بِالْوَزْنِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي كُل مَا فِيهِ خَطَرٌ فِي التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْكَيْل وَالْوَزْنِ (2) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: مِنْ شُرُوطِ السَّلَمِ عِلْمُ قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِمِعْيَارِهِ الْعَادِيِّ فَلَا يَصِحُّ إِلَاّ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ فِيهِ مُقَدَّرًا بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُ (3) . وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فِي جَوَازِ سَلَمِ الْمَكِيل وَزْنًا أَوْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 5 / 208.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 2 / 107.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المواق بهامش الحطاب 4 / 530.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨١)</span><hr/></div>بِالْعَكْسِ رِوَايَتَانِ: قَال ابْنُ قُدَامَةَ: إِنْ أَسْلَمَ فِيمَا يُكَال وَزْنًا، أَوْ فِيمَا يُوزَنُ كَيْلاً فَنَقَل الأَْثْرَمُ أَنَّهُ سَأَل أَحْمَدَ فِي التَّمْرِ وَزْنًا، فَقَال: لَا، إِلَاّ كَيْلاً، قُلْتُ: إِنَّ النَّاسَ هَاهُنَا لَا يَعْرِفُونَ الْكَيْل، قَال: وَإِنْ كَانُوا لَا يَعْرِفُونَ الْكَيْل، فَيَحْتَمِل هَذَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الْمَكِيل إِلَاّ كَيْلاً، وَلَا فِي الْمَوْزُونِ إِلَاّ وَزْنًا. ثُمَّ نَقَل قَوْل الْمَرْوَزِيِّ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي اللَّبَنِ كَيْلاً أَوْ وَزْنًا. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَهَذَا يَدُل عَلَى إِبَاحَةِ السَّلَمِ فِي الْمَكِيل وَزْنًا، وَفِي الْمَوْزُونِ كَيْلاً، لأَِنَّ اللَّبَنَ لَا يَخْلُو مِنْ كَوْنِهِ مَكِيلاً أَوْ مَوْزُونًا، وَقَدْ أَجَازَ السَّلَمَ فِيهِ بِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌اشْتِرَاطُ الْكَيْل فِي بَيْعِ الْمَكِيل</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ الْمَكِيلَاتِ قَبْل الْقَبْضِ.</p>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: مَنِ اشْتَرَى مَكِيلاً مُكَايَلَةً أَوْ مَوْزُونًا مُوَازَنَةً فَاكْتَالَهُ أَوِ اتَّزَنَهُ ثُمَّ بَاعَهُ مُكَايَلَةً أَوْ مُوَازَنَةً لَمْ يَجُزْ لِلْمُشْتَرِي مِنْهُ أَنْ يَبِيعَهُ، وَلَا أَنْ يَأْكُلَهُ حَتَّى يُعِيدَ الْكَيْل وَالْوَزْنَ (2) ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني لابن قدامة 4 / 318 - 319.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الهداية مع الفتح 5 / 267.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨١)</span><hr/></div>الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الصَّاعَانِ: صَاعُ الْبَائِعِ وَصَاعُ الْمُشْتَرِي (1)".</p>وَاعْتَبَرَ الشَّافِعِيَّةُ كَيْل الْمَبِيعِ مِنْ تَمَامِ الْقَبْضِ فَقَالُوا: لَوْ بِيعَ الشَّيْءُ تَقْدِيرًا. كَحِنْطَةٍ كَيْلاً اشْتُرِطَ فِي قَبْضِهِ مَعَ النَّقْل كَيْلَهُ بِأَنْ يُكَال، وَذَلِكَ لِوُرُودِ النَّصِّ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَكْتَالَهُ (2) "، قَال الشِّرْبِينِيُّ: فَدَل عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْصُل فِيهِ الْقَبْضُ إِلَاّ بِالْكَيْل. فَتَعَيَّنَ فِيمَا قُدِّرَ بِكَيْلٍ الْكَيْل (3) .</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ أَخْبَرَهُ الْبَائِعُ بِكَيْلِهِ ثُمَّ بَاعَهُ بِذَلِكَ الْكَيْل فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ، وَلَوْ كَانَ طَعَامًا وَآخَرُ يُشَاهِدُهُ فَلِمَنْ شَاهَدَ الْكَيْل شِرَاؤُهُ بِغَيْرِ كَيْلٍ ثَانٍ، لأَِنَّهُ شَاهَدَ كَيْلَهُ أَشْبَهَ مَا لَوْ كِيل لَهُ، وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى كَيْلٍ لِلْخَبَرِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" نهى عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان. . . ". أخرجه ابن ماجه (2 / 570) من حديث جابر، وضعف إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (2 / 16) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يكتاله ". أخرجه مسلم (3 / 1160) من حديث ابن عباس.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مغني المحتاج 2 / 73.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الشرح الكبير بذيل المغني 4 / 36.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌‌<span class="title">‌كَيْ</span>لِيّ</span></p> </p>انْظُرْ: مِثْلِيّ</p> </p>كَيّ</p> </p>انْظُرْ: تَدَاوِي</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لُؤْلُؤٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> اللؤلؤ مَعْرُوفٌ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ جَمْعُ لُؤْلُؤَةٍ، وَهِيَ الدُّرَّةُ، وَيُجْمَعُ أَيْضًا عَلَى لآَلِئُ. وَيُقَال تَلأَْلأََ النَّجْمُ وَالْقَمَرُ وَالنَّارُ وَالْبَرْقُ:. أَضَاءَ وَلَمَعَ. وَفِي الْمُعْجَمِ الْوَسِيطِ: يَتَكَوَّنُ اللُّؤْلُؤُ فِي الأَْصْدَافِ مِنْ رَوَاسِبَ أَوْ جَوَامِدَ صُلْبَةٍ لَمَّاعَةٍ مُسْتَدِيرَةٍ فِي بَعْضِ الْحَيَوَانَاتِ الْمَائِيَّةِ الدَّنِيَّا مِنَ الرِّخْوِيَّاتِ (1) .</p>وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:</span></p>يَتَعَلَّقُ بِاللُّؤْلُؤِ أَحْكَامٌ مِنْهَا:</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ زَكَاةُ اللُّؤْلُؤِ</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي لُؤْلُؤٍ وَسَائِرِ الْجَوَاهِرِ - وَإِنْ سَاوَتْ أُلُوفًا كَمَا يَقُول الْحَنَفِيَّةُ - لأَِنَّهَا مُعَدَّةٌ لِلاِسْتِعْمَال<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، والمعجم الوسيط.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٣)</span><hr/></div>فَأَشْبَهَتِ الْمَاشِيَةَ الْعَامِلَةَ، إِلَاّ أَنْ تَكُونَ لِلتِّجَارَةِ فَيَجِبُ فِيهَا مَا يَجِبُ فِي عُرُوضِ التِّجَارَةِ. وَقَال النَّوَوِيُّ: لَا زَكَاةَ فِيمَا سِوَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنَ الْجَوَاهِرِ كَالْيَاقُوتِ وَالْفَيْرُوزَجِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالْمَرْجَانِ وَالزُّمُرُّدِ وَالزَّبَرْجَدِ. وَإِنْ حَسُنَتْ صَنْعَتُهَا وَكَثُرَتْ قِيمَتُهَا. وَقَال الزُّهْرِيُّ: يَجِبُ الْخُمُسُ فِي اللُّؤْلُؤِ. وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ: أَنَّ فِيهِ الزَّكَاةَ، لأَِنَّهُ خَارِجٌ عَنْ مَعْدِنٍ، فَأَشْبَهَ الْخَارِجَ عَنْ مَعْدِنِ الأَْرْضِ. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ، لأَِنَّهُ صَيْدٌ فَلَمْ يَجِبْ فِيهِ زَكَاةٌ كَصَيْدِ الْبَرِّ، وَلأَِنَّهُ لَا نَصَّ وَلَا إِجْمَاعَ عَلَى الْوُجُوبِ فِيهِ، وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى مَا فِيهِ الزَّكَاةُ، فَلَا وَجْهَ لإِِيجَابِهَا فِيهِ (1) .</p>وَالتَّفْصِيل فِي (زَكَاةٌ ف) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ رَمْيُ الْجِمَارِ بِاللُّؤْلُؤِ</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ اللُّؤْلُؤُ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ، لاِشْتِرَاطِ كَوْنِ الْمَرْمِيِّ مِنْ أَجْزَاءِ الأَْرْضِ، وَكَوْنِ الْمَرْمِيِّ حَجَرًا، وَلأَِنَّ رَمْيَ الْجِمَارِ بِاللُّؤْلُؤِ فِيهِ إِعْزَازٌ لَا إِهَانَةَ كَمَا يَقُول الْحَنَفِيَّةُ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 2 / 14، وحاشية الدسوقي 1 / 461، ومغني المحتاج 1 / 394، والمجموع للنووي 6 / 6، وكشاف القناع 2 / 235، والمغني لابن قدامة 3 / 27 - 28.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 2 / 180، والقليوبي وعميرة 2 / 121، وحاشية الدسوقي والشرح الكبير 2 / 50، وكشاف القناع 2 / 501، ومطالب أولي النهى 2 / 420.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٣)</span><hr/></div>ج -‌<span class="title">‌ السَّلَمُ فِي اللُّؤْلُؤِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيمَا لَوِ اسْتَقْصَى وَصْفَهُ - الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ فِي السَّلَمِ - عَزَّ وُجُودُهُ كَاللُّؤْلُؤِ الْكِبَارِ وَالْيَوَاقِيتِ، لأَِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ التَّعَرُّضِ لِلْحَجْمِ وَالشَّكْل وَالْوَزْنِ وَالصَّفَاءِ، وَاجْتِمَاعُ مَا يُذْكَرُ فِيهَا مِنْ هَذِهِ الأَْوْصَافِ نَادِرٌ، أَمَّا اللُّؤْلُؤُ الصِّغَارُ فَيَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا كَيْلاً وَوَزْنًا، وَلَا نَظَرَ لِصِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ فِيهَا. وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى جَوَازِ السَّلَمِ فِي اللُّؤْلُؤِ إِلَاّ أَنْ يَنْدُرَ وُجُودُهُ لِكَوْنِهِ كَبِيرًا كِبَرًا خَارِجًا عَنِ الْمُعْتَادِ فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ. وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى عَدَمِ صِحَّةِ السَّلَمِ فِي اللُّؤْلُؤِ مُطْلَقًا، لأَِنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ كَالْجَوَاهِرِ كُلِّهَا، لأَِنَّهُ يَخْتَلِفُ اخْتِلَافًا مُتَبَايِنًا بِالْكِبَرِ وَالصِّغَرِ وَالْحُسْنِ وَالتَّدْوِيرِ وَزِيَادَةِ ضَوْئِهَا (1) .</p> </p>د -‌<span class="title">‌ اللُّؤْلُؤُ فِي بَطْنِ السَّمَكَةِ الْمَبِيعَةِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ اللُّؤْلُؤِ فِي بَطْنِ السَّمَكَةِ الْمَبِيعَةِ فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوِ اشْتَرَى سَمَكَةً فَوَجَدَ فِي بَطْنِهَا لُؤْلُؤَةً فَإِنْ كَانَتْ فِي الصَّدَفِ تَكُونُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين على الدر المختار 4 / 205، وحاشية الدسوقي 3 / 215، والقليوبي وعميرة 2 / 252، وكشاف القناع 3 / 291.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٤)</span><hr/></div>لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي الصَّدَفِ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ اصْطَادَ السَّمَكَةَ يَرُدُّهَا الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ، وَتَكُونُ عِنْدَ الْبَائِعِ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ يُعَرِّفُهَا حَوْلاً ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِهَا، وَلَوْ وَجَدَ لُؤْلُؤَةً فِي بَطْنِ السَّمَكَةِ الَّتِي فِي بَطْنِ السَّمَكَةِ فَهِيَ لِلْبَائِعِ، وَلَوْ وَجَدَ فِي بَطْنِهَا صَدَفًا فِيهِ لَحْمٌ وَفِي اللَّحْمِ لُؤْلُؤَةٌ كَمَا تَكُونُ اللُّؤْلُؤُ فِي الأَْصْدَافِ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي، وَكَذَا لَوِ اشْتَرَى أَصْدَافًا لِيَأْكُل مَا فِيهَا مِنَ اللَّحْمِ فَوَجَدَ فِي بَعْضِهَا لُؤْلُؤَةً فِي اللَّحْمِ فَهِيَ لَهُ.</p>قَالُوا: وَلَوِ اشْتَرَى دَجَاجَةً فَوَجَدَ فِيهَا لُؤْلُؤَةً فَهِيَ لِلْبَائِعِ (1) .</p>وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَوِ اشْتَرَى سَمَكَةً فَوَجَدَ فِي بَطْنِهَا لُؤْلُؤَةً، فَإِنْ كَانَتْ مَثْقُوبَةً فَلُقَطَةٌ مَوْضِعُهَا بَيْتُ الْمَال، وَإِلَاّ فَقِيل لِلْبَائِعِ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقِيل لِلْمُشْتَرِي (2) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَا تَدْخُل فِي الْبَيْعِ لُؤْلُؤَةٌ وُجِدَتْ فِي بَطْنِ سَمَكَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، بَل هِيَ لِلصَّيَّادِ إِلَاّ إِنْ كَانَ فِيهَا أَثَرُ مِلْكٍ كَثُقْبٍ وَلَمْ يَدَّعِهَا فَتَكُونُ لُقَطَةً لَهُ، لأَِنَّ يَدَ الْمُشْتَرِي مَبْنِيَّةٌ عَلَى يَدِهِ، وَهَذَا كُلُّهُ إِنْ صَادَهَا فِي بَحْرِ الْجَوَاهِرِ وَإِلَاّ فَهِيَ لُقَطَةٌ مُطْلَقًا (3) .</p>وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ إِنِ اصْطَادَ سَمَكَةً<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الهندية 3 / 38.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح الزرقاني على خليل 5 / 182.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية الجمل على شرح المنهج 3 / 195.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٤)</span><hr/></div>فِي الْبَحْرِ فَوَجَدَ فِي بَطْنِهَا دُرَّةٌ غَيْرَ مَثْقُوبَةٍ فَهِيَ لِلصَّائِدِ، لأَِنَّ الظَّاهِرَ ابْتِلَاعُهَا مِنْ مَعْدِنِهَا لأَِنَّ الدُّرَّ يَكُونُ فِي الْبَحْرِ، قَال تَعَالَى:{وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} (1) ؛ وَإِنْ بَاعَ الصَّائِدُ السَّمَكَةَ غَيْرَ عَالِمٍ بِالدُّرَّةِ لَمْ يَزَل مِلْكُهُ عَنْهَا فَتُرَدُّ إِلَيْهِ، لأَِنَّهُ إِذَا عَلِمَ مَا فِي بَطْنِهَا لَمْ يَبِعْهُ وَلَمْ يَرْضَ بِزَوَال مِلْكِهِ عَنْهُ فَلَمْ يَدْخُل فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَتِ الدُّرَّةُ مَثْقُوبَةً أَوْ مُتَّصِلَةً بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلُقَطَةٌ لَا يَمْلِكُهَا الصَّيَّادُ بَل يُعَرِّفُهَا، وَكَذَا لَوْ وَجَدَهَا فِي عَيْنٍ أَوْ نَهْرٍ - وَلَوْ كَانَ النَّهْرُ مُتَّصِلاً بِالْبَحْرِ - فَلُقَطَةٌ، عَلَى الصَّيَّادِ تَعْرِيفُهَا.</p>وَمِثْلُهُ لَوِ اصْطَادَ السَّمَكَةَ مِنْ عَيْنٍ أَوْ نَهْرٍ غَيْرِ مُتَّصِلٍ بِالْبَحْرِ فَكَالشَّاةِ فِي أَنَّ مَا وُجِدَ فِي بَطْنِهَا مِنْ دُرَّةٍ مَثْقُوبَةٍ لُقَطَةٌ، لأَِنَّ الْعَيْنَ وَالنَّهْرَ غَيْرَ الْمُتَّصِل لَيْسَ مَعْدِنًا لِلدُّرِّ، فَإِنْ كَانَ النَّهْرُ مُتَّصِلاً بِالْبَحْرِ وَكَانَتِ الدُّرَّةُ غَيْرَ مَثْقُوبَةٍ فَهِيَ لِلصَّيَّادِ (2) .</p> </p>هـ -‌<span class="title">‌ لُبْسُ اللُّؤْلُؤِ لِلرِّجَال:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ لُبْسِ اللُّؤْلُؤِ لِلرِّجَال. فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إِلَى حُرْمَةِ لُبْسِ اللُّؤْلُؤِ لِلرِّجَال لِكَوْنِهِ مِنْ حُلِيِّ النِّسَاءِ فَفِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النحل / 14.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشاف القناع 4 / 222 - 223</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٥)</span><hr/></div>لُبْسِهِ تَشَبُّهٌ بِهِنَّ (1) . وَنَقَل الرَّمْلِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ كَرَاهَةَ لُبْسِ اللُّؤْلُؤِ لِلرِّجَال، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ مِنْ زِيِّ النِّسَاءِ (2) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يُبَاحُ لِلرَّجُل أَنْ يَتَحَلَّى بِاللُّؤْلُؤِ وَالْيَاقُوتِ وَنَحْوِهَا مِنَ الْجَوَاهِرِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين على الدر المختار 5 / 269 - 270.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 2 / 361.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كشاف القناع 2 / 239، والآداب الشرعية لابن مفلح 3 / 511</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لَاحِقٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> اللاحق فِي اللُّغَةِ: اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ لَحِقَ، يُقَال: لَحِقْتُ بِهِ أَلْحَقُ لَحَاقًا: أَدْرَكْتُهُ، وَأَلْحَقْتُ زَيْدًا بِعَمْرٍو: أَتْبَعْتُهُ إِيَّاهُ (1) .</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ: عَرَّفَهُ الْحَنَفِيَّةُ - وَهُوَ اصْطِلَاحٌ خَاصٌّ بِهِمْ - بِأَنَّهُ مَنْ فَاتَتْهُ الرَّكَعَاتُ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا بَعْدَ اقْتِدَائِهِ بِعُذْرٍ، كَغَفْلَةٍ وَزَحْمَةٍ وَسَبْقِ حَدَثٍ وَنَحْوِهَا، أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ بِأَنْ سَبَقَ إِمَامَهُ فِي رُكُوعٍ وَسُجُودٍ (2) . وَعَرَّفَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَدْرَكَ أَوَّل الصَّلَاةِ وَفَاتَهُ مِنَ الآْخِرِ بِسَبَبِ النَّوْمِ أَوِ الْحَدَثِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الْمَسْبُوقُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> المسبوق - عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ - مَنْ سَبَقَهُ الإِْمَامُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير، والصحاح مادة:(لحق) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدر المختار بهامش رد المختار 1 / 399.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تبيين الحقائق للزيلعي 1 / 138</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٦)</span><hr/></div>بِكُل الرَّكَعَاتِ، بِأَنِ اقْتَدَى بِهِ بَعْدَ رُكُوعِ الرَّكْعَةِ الأَْخِيرَةِ، أَوْ بِبَعْضِهَا بِأَنِ اقْتَدَى بِهِ بَعْدَ رُكُوعِ الرَّكْعَةِ الأُْولَى (1) . وَالْفَرْقُ بَيْنَ اللَاّحِقِ وَالْمَسْبُوقِ أَنَّ الْمَسْبُوقَ تَفُوتُهُ رَكْعَةٌ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ أَوَّل الصَّلَاةِ، وَاللَاّحِقُ تَفُوتُهُ رَكْعَةٌ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ آخِرِ الصَّلَاةِ أَوْ وَسَطِهَا، وَهَذَا إِذَا كَانَ اقْتِدَاؤُهُ فِي أَوَّل الصَّلَاةِ، وَأَمَّا إِنْ كَانَ اقْتِدَاؤُهُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ فَاتَهُ بَعْضُ الصَّلَاةِ بِالنَّوْمِ أَوْ نَحْوِهِ يَكُونُ لَاحِقًا مَسْبُوقًا، كَمَا حَرَّرَهُ ابْنُ عَابِدِينَ (2) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الْمُدْرِكُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> المدرك - عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ - مَنْ صَلَّى الصَّلَاةَ كَامِلَةً مَعَ الإِْمَامِ، أَيْ أَدْرَكَ جَمِيعَ رَكَعَاتِهَا مَعَهُ، سَوَاءٌ أَدْرَكَ مَعَهُ التَّحْرِيمَةَ، أَوْ أَدْرَكَهُ فِي جُزْءٍ مِنْ رُكُوعِ الرَّكْعَةِ الأُْولَى إِلَى أَنْ قَعَدَ مَعَهُ الْقَعْدَةَ الأَْخِيرَةَ. فَالْمُدْرِكُ لَمْ يَفُتْهُ شَيْءٌ مِنْ رَكَعَاتِ صَلَاتِهِ بِخِلَافِ اللَاّحِقِ وَالْمَسْبُوقِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحَالَاتُ الَّتِي يَشْمَلُهَا حُكْمُ اللَاّحِقِ</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ اللَاّحِقَ يَشْمَل حَالَاتٍ مُخْتَلِفَةً فِي بَعْضِهَا يَكُونُ التَّخَلُّفُ بِعُذْرٍ، كَمَا إِذَا نَامَ الْمُؤْتَمُّ بَعْدَ الاِقْتِدَاءِ بِالإِْمَامِ نَوْمًا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) رد المحتار وبهامشه الدر المختار 1 / 400 - 401.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نفس المرجع 1 / 399.</p><font color=#ff0000>(3)</font> نفس المرجع</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٦)</span><hr/></div>لَا يُنْقَضُ بِهِ الْوُضُوءُ، أَوْ زُوحِمَ بِسَبَبِ كَثْرَةِ النَّاسِ فِي الْجُمُعَةِ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَدَاءِ الرَّكْعَةِ الأُْولَى مَعَ الإِْمَامِ وَقَدَرَ عَلَى الْبَاقِي، أَوْ سَبَقَهُ حَدَثٌ فَخَرَجَ مِنَ الصَّفِّ لِلْوُضُوءِ فَفَاتَتْهُ رَكْعَةٌ أَوْ أَكْثَرُ ثُمَّ عَادَ، أَوِ الطَّائِفَةُ الأُْولَى فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ الَّذِينَ بِهِمُ الإِْمَامُ أَوَّل الصَّلَاةِ فَرَجَعُوا إِلَى مَكَانِ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (1) .</p>وَيَكُونُ التَّخَلُّفُ فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ بِغَيْرِ عُذْرٍ كَمَا إِذَا سَبَقَ إِمَامَهُ فِي رُكُوعٍ وَسُجُودٍ فَيَقْضِي رَكْعَةً، لأَِنَّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ قَبْل الإِْمَامِ لَغْوٌ فَيَنْتَقِل مَا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ إِلَى الأُْولَى فَبَقِيَتْ عَلَيْهِ رَكْعَةٌ هُوَ لَاحِقٌ فِيهَا، كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَابِدِينَ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِاللَاّحِقِ</span></p>أَوَّلاً -‌<span class="title">‌ كَيْفِيَّةُ إِتْمَامِ صَلَاةِ اللَاّحِقِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي كَيْفِيَّةِ إِتْمَامِ الْمَأْمُومِ الصَّلَاةَ إِذَا سَبَقَهُ الإِْمَامُ بِرُكْنٍ أَوْ رَكْعَةٍ أَوْ أَكْثَرَ وَهُمَا فِي الصَّلَاةِ وَيُسَمِّيهِ الْحَنَفِيَّةُ لَاحِقًا بَيْنَمَا لَا يَصْطَلِحُ سَائِرُ الْفُقَهَاءِ عَلَى هَذِهِ التَّسْمِيَةِ، وَفِيمَا يَلِي حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ بِوَصْفِهِ لَاحِقًا، وَعِنْدَ غَيْرِهِمْ بِدُونِ هَذَا الْوَصْفِ.</p><font color=#ff0000>6 -</font> قَال الْحَنَفِيَّةُ: اللَاّحِقُ فِي حُكْمِ الْمُصَلِّي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) رد المحتار 1 / 399، والفتاوى الهندية 1 / 92.</p><font color=#ff0000>(2)</font> رد المحتار وبهامشه الدر المختار 1 / 399 - 400</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٧)</span><hr/></div>خَلْفَ الإِْمَامِ فَيُصَلِّي عَلَى تَرْتِيبِ صَلَاةِ الإِْمَامِ، فَيَبْدَأُ بِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ بِعُذْرٍ بِلَا قِرَاءَةٍ، وَلَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ إِذَا سَهَا فِيهِ، ثُمَّ يُتَابِعُ الإِْمَامَ إِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ فَرَغَ عَكْسَ الْمَسْبُوقِ، فَإِنَّهُ يُتَابِعُ إِمَامَهُ ثُمَّ يَقْضِي مَا فَاتَهُ وَيَقْرَأُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ إِذَا سَهَا فِيهِ، وَلَا يَتَغَيَّرُ فَرْضُ اللَاّحِقِ بِنِيَّةِ الإِْقَامَةِ لَوْ كَانَ مُسَافِرًا بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ.</p>وَوَجْهُ التَّفْرِقَةِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِل أَنَّ اللَاّحِقَ فِي حُكْمِ الْمُصَلِّي خَلْفَ الإِْمَامِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُؤْتَمِّ، وَالْمُؤْتَمُّ لَا قِرَاءَةَ عَلَيْهِ، وَإِذَا سَهَا لَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَأَمَّا الْمَسْبُوقُ إِذَا سَهَا فِيمَا يَقْضِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ السَّجْدَةُ وَالْقِرَاءَةُ لأَِنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُنْفَرِدِ (1) .</p>وَإِذَا كَانَ اللَاّحِقُ مَسْبُوقًا أَيْضًا بِأَنِ اقْتَدَى فِي أَثْنَاءِ صَلَاةِ الإِْمَامِ وَسُبِقَ بِرَكْعَةٍ يُصَلِّي مَا سُبِقَ بِهِ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنْ شَرْحِ الْمُنْيَةِ: لَوْ سُبِقَ بِرَكْعَةٍ مِنْ ذَوَاتِ الأَْرْبَعِ، وَنَامَ فِي رَكْعَتَيْنِ يُصَلِّي أَوَّلاً مَا نَامَ فِيهِ، ثُمَّ مَا أَدْرَكَهُ مَعَ الإِْمَامِ ثُمَّ مَا سُبِقَ بِهِ فَيُصَلِّي رَكْعَةً مِمَّا نَامَ فِيهِ مَعَ الإِْمَامِ وَيَقْعُدُ مُتَابَعَةً لَهُ لأَِنَّهَا ثَانِيَةُ إِمَامِهِ، ثُمَّ يُصَلِّي الأُْخْرَى مِمَّا نَامَ فِيهِ وَيَقْعُدُ لأَِنَّهَا ثَانِيَتُهُ ثُمَّ يُصَلِّي الَّتِي انْتَبَهَ فِيهَا، وَيَقْعُدُ مُتَابَعَةً لإِِمَامِهِ لأَِنَّهَا رَابِعَةٌ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار مع حاشية رد المحتار 1 / 400، وبدائع الصنائع للكاساني 1 / 175، والفتاوى الهندية 1 / 92.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٧)</span><hr/></div>وَكُل ذَلِكَ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ، لأَِنَّهُ مُقْتَدٍ، ثُمَّ يُصَلِّي الرَّكْعَةَ الَّتِي سُبِقَ بِهَا بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ (1) .</p>وَهَذَا التَّرْتِيبُ فِي إِتْمَامِ صَلَاةِ اللَاّحِقِ وَاجِبٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَلَيْسَ بِفَرْضٍ - خِلَافًا لِزُفَرَ - حَتَّى لَوِ صَلَّى الرَّكْعَةَ الَّتِي أَدْرَكَهَا مَعَ الإِْمَامِ ثُمَّ مَا نَامَ فِيهِ، ثُمَّ مَا سُبِقَ بِهِ، أَوْ صَلَّى أَوَلَا مَا سُبِقَ بِهِ ثُمَّ مَا نَامَ فِيهِ ثُمَّ مَا أَدْرَكَهُ مَعَ الإِْمَامِ أَوْ عَكَسَ جَازَ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَهُمْ خِلَافًا لِزُفَرَ (2) .</p><font color=#ff0000>7 -</font> وَقَال الْمَالِكِيَّةُ:</p>إِنْ زُوحِمَ مُؤْتَمٌّ عَنْ رُكُوعٍ مَعَ إِمَامٍ حَتَّى رَفَعَ الإِْمَامُ رَأْسَهُ مِنْهُ مُعْتَدِلاً مُطْمَئِنًّا قَبْل إِتْيَانِ الْمَأْمُومِ بِأَدْنَى الرُّكُوعِ، أَوْ نَعَسَ أَيْ نَامَ الْمُؤْتَمُّ نَوْمًا خَفِيفًا لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ أَوْ حَصَل لَهُ نَحْوُهُ كَسَهْوٍ وَإِكْرَاهٍ وَحُدُوثِ مَرَضٍ مَنَعَهُ مِنَ الرُّكُوعِ مَعَ إِمَامِهِ اتَّبَعَ الْمَأْمُومُ الإِْمَامَ أَيْ فَعَل مَا فَاتَهُ بِهِ إِمَامُهُ لِيُدْرِكَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ مِنْ سُجُودٍ أَوْ جُلُوسٍ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وُجُوبًا، وَهَذَا إِذَا حَصَل الْمَانِعُ لِلْمَأْمُومِ فِي غَيْرِ الرَّكْعَةِ الأُْولَى، لِثُبُوتِ مَأْمُومِيَّتِهِ بِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ الأُْولَى مَا لَمْ يَرْفَعِ الإِْمَامُ رَأْسَهُ مِنْ سُجُودِ غَيْرِ الأُْولَى بِأَنِ اعْتَقَدَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ يُدْرِكُ الإِْمَامَ فِي ثَانِيَةِ سَجْدَتَيْهِ، فَإِنِ اعْتَقَدَ ذَلِكَ أَوْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1)(1) حاشية رد المحتار 1 / 400، وشرح منية المصلي ص469 - 470</p><font color=#ff0000>(2)</font> (2) شرح منية المصلي ص469 - 470، ورد المحتار 1 / 400، والفتاوى الهندية 1 / 92.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٨)</span><hr/></div>ظَنَّهُ فَاتَّبَعَهُ فَرَفَعَ الإِْمَامُ مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ قَبْل أَنْ يَلْحَقَهُ فِيهَا أَلْغَى مَا فَعَلَهُ وَانْتَقَل مَعَ الإِْمَامِ فِيمَا هُوَ فِيهِ، وَيَقْضِي رَكْعَةً بَعْدَ سَلَامِ الإِْمَامِ، هَذَا فِي غَيْرِ الأُْولَى.</p>أَمَّا فِي الأُْولَى فَمَتَى رَفَعَ الإِْمَامُ مِنَ الرُّكُوعِ مُعْتَدِلاً مُطْمَئِنًّا تَرَكَ الرُّكُوعَ الَّذِي فَاتَهُ مَعَهُ فَيَخِرُّ سَاجِدًا إِنْ كَانَ الإِْمَامُ مُتَلَبِّسًا بِهِ، وَيَقْضِي رَكْعَةً بَعْدَ سَلَامِ الإِْمَامِ، فَإِنْ خَالَفَ وَرَكَعَ وَلَحِقَهُ بَطَلَتْ إِنِ اعْتَدَّ بِالرَّكْعَةِ لأَِنَّهُ قَضَاءٌ فِي صُلْبِ صَلَاةِ الإِْمَامِ، وَإِنْ أَلْغَاهُ لَمْ تَبْطُل وَيَحْمِلُهُ عَنْهُ الإِْمَامُ.</p>وَإِذَا زُوحِمَ عَنْ سَجْدَةٍ أَوْ سَجْدَتَيْنِ مِنَ الأُْولَى أَوْ غَيْرِهَا فَلَمْ يَسْجُدْهَا حَتَّى قَامَ الإِْمَامُ لِمَا تَلِيهَا فَإِنْ لَمْ يَطْمَعْ فِي سُجُودِهَا قَبْل عَقْدِ إِمَامِهِ الرَّكْعَةَ الَّتِي تَلِيهَا تَمَادَى وُجُوبًا عَلَى تَرْكِ السَّجْدَةِ أَوِ السَّجْدَتَيْنِ وَتَبِعَ إِمَامَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ، وَقَضَى رَكْعَةً بَعْدَ سَلَامِ إِمَامِهِ، وَإِنْ طَمِعَ فِيهَا قَبْل عَقْدِ إِمَامِهِ سَجَدَهَا وَتَبِعَهُ فِي عَقْدِ مَا بَعْدَهَا، فَإِنْ تَخَلَّفَ ظَنُّهُ فَلَمْ يُدْرِكْهُ بَطَلَتْ عَلَيْهِ الرَّكْعَةُ الأُْولَى لِعَدَمِ الإِْتْيَانِ بِسُجُودِهَا، وَالثَّانِيَةُ لِعَدَمِ إِدْرَاكِ رُكُوعِهَا مَعَهُ.</p>وَإِنْ تَمَادَى عَلَى تَرْكِ السَّجْدَةِ وَقَضَى رَكْعَةً لَا سُجُودَ عَلَيْهِ بَعْدَ سَلَامِهِ لِزِيَادَةِ رَكْعَةِ النَّقْصِ إِذِ الإِْمَامُ يَحْمِلُهَا عَنْهُ، وَذَلِكَ إِنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ تَرَكَهُ، وَأَمَّا إِنْ شَكَّ فِي تَرْكِهَا وَقَضَى الرَّكْعَةَ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٨)</span><hr/></div>فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لاِحْتِمَال زِيَادَةِ الرَّكْعَةِ الَّتِي أَتَى بِهَا بَعْدَ سَلَامِ إِمَامِهِ (1) .</p>وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْغَفْلَةِ وَالنُّعَاسِ وَالْمُزَاحَمَةِ عِنْدَ أَشْهَبَ وَابْنِ وَهْبٍ فِي أَنَّهُ يُبَاحُ مَعَهَا قَضَاءُ مَا فَاتَ، وَنَقَل الْمَوَّاقُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّ الْمُزَاحِمَ أُعْذِرَ، لأَِنَّهُ مَغْلُوبٌ (2) وَذَهَبَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَى أَنَّ الْمُزَاحَمَةَ بِخِلَافِ الْغَفْلَةِ وَالنُّعَاسِ، فَلَا يُبَاحُ مَعَهَا قَضَاءُ مَا فَاتَ مِنَ الرُّكُوعِ، لأَِنَّ الزِّحَامَ فِعْل آدَمِيٍّ يُمْكِنُ الاِحْتِرَازُ مِنْهُ فَعُدَّ الْمُزَاحِمُ عَنِ الرُّكُوعِ مُقَصِّرًا فَتُلْغَى تِلْكَ الرَّكْعَةُ، وَالنَّاعِسُ وَالْغَافِل مَغْلُوبَانِ بِفِعْل اللَّهِ سبحانه وتعالى فَعُذِرَا (3) .</p><font color=#ff0000>8 -</font> وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ تَخَلَّفَ بِرُكْنٍ فِعْلِيٍّ عَامِدًا بِلَا عُذْرٍ بِأَنْ فَرَغَ الإِْمَامُ مِنْهُ وَهُوَ فِيمَا قَبْلَهُ، كَأَنْ رَفَعَ الإِْمَامُ رَفْعَ الاِعْتِدَال وَالْمَأْمُومُ فِي قِيَامِ الْقِرَاءَةِ لَمْ تَبْطُل صَلَاتُهُ فِي الأَْصَحِّ، لأَِنَّهُ تَخَلُّفٌ يَسِيرٌ، سَوَاءٌ أَكَانَ طَوِيلاً كَالْمِثَال الْمُتَقَدِّمِ أَمْ قَصِيرًا كَأَنْ رَفَعَ الإِْمَامُ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الأُْولَى وَهَوَى مِنَ الْجِلْسَةِ بَعْدَهَا لِلسُّجُودِ وَالْمَأْمُومُ فِي السَّجْدَةِ الأُْولَى.</p>وَالْقَوْل الثَّانِي وَهُوَ مُقَابِل الأَْصَحِّ: تَبْطُل لِمَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جواهر الإكليل 1 / 69 - 70، والشرح الكبير بهامش الدسوقي 1 / 302 - 303.</p><font color=#ff0000>(2)</font> التاج والإكليل بهامش الحطاب 2 / 54.</p><font color=#ff0000>(3)</font> نفس المرجع السابق.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٩)</span><hr/></div>فِيهِ مِنَ الْمُخَالَفَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ. أَمَّا إِذَا تَخَلَّفَ بِدُونِ رُكْنٍ، كَأَنْ رَكَعَ الإِْمَامُ دُونَ الْمَأْمُومِ ثُمَّ لَحِقَهُ قَبْل أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، أَوْ تَخَلَّفَ بِرُكْنٍ بِعُذْرٍ لَمْ تَبْطُل صَلَاتُهُ قَطْعًا. وَإِنْ تَخَلَّفَ بِرُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ بِأَنْ فَرَغَ الإِْمَامُ مِنْهُمَا وَهُوَ فِيمَا قَبْلَهُمَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ، كَأَنْ تَخَلَّفَ لِقِرَاءَةِ السُّورَةِ أَوْ لِتَسْبِيحَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، لِكَثْرَةِ الْمُخَالَفَةِ، سَوَاءٌ أَكَانَا طَوِيلَيْنِ أَوْ طَوِيلاً وَقَصِيرًا. وَإِنْ كَانَ عُذْرٌ بِأَنْ أَسْرَعَ الإِْمَامُ قِرَاءَتَهُ مَثَلاً، أَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ بَطِيءَ الْقِرَاءَةِ وَرَكَعَ الإِْمَامُ قَبْل إِتْمَامِ الْمَأْمُومِ الْفَاتِحَةَ فَقِيل يَتْبَعُهُ لِتَعَذُّرِ الْمُوَافَقَةِ، وَتَسْقُطُ الْبَقِيَّةُ لِلْعُذْرِ فَأَشْبَهَ الْمَسْبُوقَ، وَالصَّحِيحُ: لَا يَتْبَعُهُ بَل يُتِمُّهَا وُجُوبًا، وَيَسْعَى خَلْفَ الإِْمَامِ عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ نَفْسِهِ مَا لَمْ يُسْبَقْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ بَل بِثَلَاثَةٍ فَمَا دُونَهَا - كَمَا قَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ - مَقْصُودَةٌ فِي نَفْسِهَا وَهِيَ الطَّوِيلَةُ أَخْذًا مِنْ صَلَاتِهِ صلى الله عليه وسلم بِعُسْفَانَ، فَلَا يُعَدُّ مِنْهُمَا الْقَصِيرُ، وَهُوَ الاِعْتِدَال وَالْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، فَإِنْ سُبِقَ بِأَكْثَرَ مِنَ الثَّلَاثَةِ فَقِيل: يُفَارِقُهُ بِالنِّيَّةِ لِتَعَذُّرِ الْمُوَافَقَةِ. وَالأَْصَحُّ: لَا تَلْزَمُهُ الْمُفَارَقَةُ بَل يَتْبَعُهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ، ثُمَّ يَتَدَارَكُ بَعْدَ سَلَامِ الإِْمَامِ مَا فَاتَهُ كَالْمَسْبُوقِ.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٩)</span><hr/></div>وَلَوْ لَمْ يُتِمَّ الْمَأْمُومُ الْفَاتِحَةَ لِشَغْلِهِ بِدُعَاءِ الاِفْتِتَاحِ أَوِ التَّعَوُّذِ وَقَدْ رَكَعَ الإِْمَامُ فَمَعْذُورٌ فِي التَّخَلُّفِ لإِِتْمَامِهَا كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ (1) .</p><font color=#ff0000>9 -</font> وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ الإِْمَامَ إِذَا سَبَقَ الْمَأْمُومَ بِرُكْنٍ كَامِلٍ، مِثْل أَنْ يَرْكَعَ وَيَرْفَعَ قَبْل رُكُوعِ الْمَأْمُومِ لِعُذْرٍ مِنْ نُعَاسٍ أَوْ غَفْلَةٍ أَوْ زِحَامٍ أَوْ عَجَلَةِ الإِْمَامِ فَإِنَّ الْمَأْمُومَ يَفْعَل مَا سُبِقَ بِهِ وَيُدْرِكُ إِمَامَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَحَكَى فِي الْمُسْتَوْعَبِ رِوَايَةً أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ. وَإِنْ سَبَقَهُ بِرَكْعَةٍ كَامِلَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّهُ يَتْبَعُ إِمَامَهُ، وَيَقْضِي مَا سَبَقَهُ بِهِ كَالْمَسْبُوقِ، قَال أَحْمَدُ، فِي رَجُلٍ نَعَسَ خَلْفَ الإِْمَامِ حَتَّى رَكْعَتَيْنِ قَال: كَأَنَّهُ أَدْرَكَ رَكْعَتَيْنِ، فَإِذَا سَلَّمَ الإِْمَامُ رَكْعَتَيْنِ، وَعَنْهُ: يُعِيدُ الصَّلَاةَ. وَإِنْ سَبَقَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ رُكْنٍ وَأَقَل مِنْ رَكْعَةٍ ثُمَّ زَال عُذْرُهُ فَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَتْبَعُ إِمَامَهُ، وَلَا يُعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ.</p>قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ إِنْ سَبَقَهُ بِرُكْنَيْنِ بَطَلَتْ تِلْكَ الرَّكْعَةُ، وَإِنْ سَبَقَهُ بِأَقَل مِنْ ذَلِكَ فَعَلَهُ وَأَدْرَكَ إِمَامَهُ، ثُمَّ نُقِل عَنْ بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ فِيمَنْ زُحِمَ عَنِ السُّجُودِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنَّهُ يَنْتَظِرُ زَوَال الزِّحَامِ ثُمَّ يَسْجُدُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 1 / 256 - 257.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٠)</span><hr/></div>وَيَتْبَعُ الإِْمَامَ مَا لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ الرُّكُوعِ فِي الثَّانِيَةِ مَعَ الإِْمَامِ، فَعَلَى هَذَا يَفْعَل مَا فَاتَهُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ رُكْنٍ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌حُكْمُ صَلَاةِ اللَاّحِقِ بِمُحَاذَاةِ الْمَرْأَةِ</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ حَاذَتِ الْمُقْتَدِيَ مُشْتَهَاةٌ فِي صَلَاةٍ مُطْلَقَةٍ مُشْتَرَكَةٍ تَحْرِيمَةً وَأَدَاءً فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ بِلَا حَائِلٍ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، وَالْمُدْرِكُ وَاللَاّحِقُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، لأَِنَّ اللَاّحِقَ بَانٍ تَحْرِيمَتَهُ عَلَى تَحْرِيمَةِ الإِْمَامِ حَقِيقَةً لاِلْتِزَامِهِ مُتَابَعَتَهُ، كَمَا أَنَّهُ بَانٍ أَدَاءَهُ فِيمَا يَقْضِيهِ عَلَى أَدَاءِ الإِْمَامِ تَقْدِيرًا بِالْتِزَامِهِ الْمُتَابَعَةَ، فَتَثْبُتُ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا مَا لَمْ تَنْتَهِ أَفْعَال الصَّلَاةِ فَاللَاّحِقُ فِيمَا يَقْضِي كَأَنَّهُ خَلْفَ الإِْمَامِ تَقْدِيرًا، وَلِهَذَا لَا يَقْرَأُ وَلَا يَلْزَمُهُ السُّجُودُ بِسَهْوِهِ. بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَا مَسْبُوقَيْنِ وَحَاذَتْهُ فِيمَا يَقْضِيَانِ حَيْثُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَا بَانِيَيْنِ فِي حَقِّ التَّحْرِيمَةِ، لأَِنَّهُمَا مُنْفَرِدَانِ فِيمَا يَقْضِيَانِ، وَلِهَذَا يَقْرَآنِ، وَيَلْزَمُهُمَا السُّجُودُ بِسَهْوِهِمَا (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌اسْتِخْلَافُ اللَاّحِقِ</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَوْ صَلَّى الإِْمَامُ رَكْعَةً ثُمَّ أَحْدَثَ فَاسْتَخْلَفَ رَجُلاً نَامَ عَنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الكبير بذيل المغني 2 / 14 - 15.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تبيين الحقائق 1 / 136 - 138، وفتح القدير 5 / 256 - 257.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٠)</span><hr/></div>هَذِهِ الرَّكْعَةِ وَقَدْ أَدْرَكَ أَوَّلَهَا أَوْ كَانَ ذَهَبَ لِيَتَوَضَّأَ جَازَ لَكِنْ لَا يَنْبَغِي لِلإِْمَامِ أَنْ يُقَدِّمَهُ، وَلَا لِذَلِكَ الرَّجُل أَنْ يَتَقَدَّمَ، وَإِنْ قُدِّمَ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَخَّرَ، وَيُقَدِّمُ هُوَ غَيْرَهُ، لأَِنَّ غَيْرَهُ أَقْدَرُ عَلَى إِتْمَامِ صَلَاةِ الإِْمَامِ، فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى الْبِدَايَةِ بِمَا فَاتَهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَل وَتَقَدَّمَ جَازَ، لأَِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الإِْتْمَامِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِذَا تَقَدَّمَ يَنْبَغِي أَنْ يُشِيرَ إِلَيْهِمْ بِأَنْ يَنْتَظِرُوهُ لِيُصَلِّيَ مَا فَاتَهُ وَقْتَ نَوْمِهِ أَوْ ذَهَابِهِ لِلتَّوَضُّؤِ، ثُمَّ يُصَلِّيَ بِهِمْ بَقِيَّةَ الصَّلَاةِ، لأَِنَّهُ مُدْرِكٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ الأَْوَّل فَالأَْوَّل (1) . (ر: اسْتِخْلَافٌ ف 27 - 31) .</p> </p>‌<span class="title">‌لَازِم</span></p> </p>انْظُرْ: لُزُوم.</p> </p>‌<span class="title">‌لَاطِيَة</span></p> </p>انْظُرْ: شِجَاج، وَسِمْحَاق<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 1 / 152، وبدائع الصنائع 1 / 228.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لِبَأٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> اللِّبَأُ عَلَى وَزْنِ فِعَلٍ بِكَسْرِ الْفَاءِ، وَفَتْحِ الْعَيْنِ، فِي اللُّغَةِ: أَوَّل مَا يَنْزِل مِنَ اللَّبَنِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ، وَقَال أَبُو زَيْدٍ: وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ ثَلَاثَ حَلْبَاتٍ، وَأَقَلُّهُ حَلْبَةٌ، يُقَال: لَبَأَتِ الشَّاةُ وَلَدَهَا: أَرْضَعَتْهُ اللِّبَأَ، وَلَبَأَتِ الشَّاةُ حَلَبَتْ لِبَأَهَا. وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌الْفَصْحُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الْفَصْحُ هُوَ مِنْ أَفْصَحَ اللَّبَنُ: ذَهَبَ عَنْهُ اللِّبَأُ، يُقَال: أَفْصَحَتِ الشَّاةُ، وَالنَّاقَةُ: خَلَصَ لَبَنُهَا: صَفَا، وَأَفْصَحَتِ النَّاقَةُ إِذَا انْقَطَعَ لِبَؤُهَا، وَجَاءَ اللَّبَنُ بَعْدَهُ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير، ولسان العرب، ونهاية المحتاج 7 / 211، وروض الطالب 3 / 445.</p><font color=#ff0000>(2)</font> لسان العرب " فصح ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الأُْمِّ إِرْضَاعُ وَلَدِهَا اللِّبَأَ وَإِنْ وُجِدَتْ غَيْرُهَا، وَقَالُوا: لأَِنَّ الْوَلَدَ لَا يَعِيشُ أَوْ لَا يَقْوَى غَالِبًا بِدُونِهِ. وَمُدَّتُهُ يَسِيرَةٌ: قِيل يُقَدَّرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَقِيل بِسَبْعَةٍ، وَقِيل: يُرْجَعُ فِي مُدَّتِهِ لأَِهْل الْخِبْرَةِ، وَمَعَ وُجُوبِهِ عَلَيْهَا، لَهَا طَلَبُ الأُْجْرَةِ إِنْ كَانَ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ، كَمَا يَجِبُ إِطْعَامُ الْمُضْطَرِّ بِالْبَدَل " ثَمَنِ الْمِثْل " وَهَل تَضْمَنُ إِنِ امْتَنَعَتْ وَمَاتَ؟ جَاءَ فِي حَاشِيَةِ الشَّبْرَامَلِّسِيِّ: الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ عَدَمُ الضَّمَانِ، لأَِنَّهُ لَمْ يَحْصُل مِنْهَا فِعْلٌ يُحَال عَلَيْهِ سَبَبُ الْهَلَاكِ، قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَمْسَكَ الطَّعَامَ عَنِ الْمُضْطَرِّ وَهَلَكَ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌لِبَاس</span></p> </p>انْظُرْ: أَلْبِسَة<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 7 / 211 مع حاشية الشبراملسي، وروض الطالب 3 / 445، وتحفة المحتاج 8 / 350 مع حاشية الشرواني على هامشه.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لِبَاسُ الْمَرْأَةِ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> اللباس مَا يَسْتُرُ الْجِسْمَ. جَمْعُهُ أَلْبِسَةٌ وَلُبُسٌ. يُقَال: لَبِسَ الثَّوْبَ لُبْسًا اسْتَتَرَ بِهِ، وَالزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِبَاسٌ لِلآْخَرِ، وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيزِ:{هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} (1) وَلِبَاسُ كُل شَيْءٍ غِشَاؤُهُ، وَلِبَاسُ التَّقْوَى الإِْيمَانُ أَوِ الْحَيَاءُ أَوِ الْعَمَل الصَّالِحُ. وَيُقَال: رَجُلٌ لِبَاسٌ: كَثِيرُ اللِّبَاسِ وَكَثِيرُ اللُّبْسِ (2) . وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌الزِّينَةُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الزينة فِي اللُّغَةِ مَا يُتَزَيَّنُ بِهِ، وَيَوْمُ الزِّينَةِ يَوْمُ الْعِيدِ، وَالزَّيْنُ ضِدُّ الشَّيْنِ (4) ، وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة / 187.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مختار الصحاح للرازي.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية الجمل 2 / 78، والمفردات للراغب الأصفهاني.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مختار الصحاح.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٢)</span><hr/></div>اللُّغَوِيِّ.</p>وَالزِّينَةُ أَعَمُّ مِنَ اللِّبَاسِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَلْبَسَ مِنَ الْمَلَابِسِ مَا يُغَطِّي جَمِيعَ عَوْرَتِهَا (1) لِقَوْل اللَّهِ عز وجل: {وَقُل لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَاّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَاّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِْرْبَةِ مِنَ الرِّجَال أَوِ الطِّفْل الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (2) قَال ابْنُ كَثِيرٍ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَاّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} أَيْ لَا يُظْهِرْنَ شَيْئًا مِنَ الزِّينَةِ لِلأَْجَانِبِ إِلَاّ مَا لَا يُمْكِنُ إِخْفَاؤُهُ، قَال ابْنُ مَسْعُودٍ: كَالرِّدَاءِ وَالثِّيَابِ يَعْنِي عَلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 1 / 270، 5 / 223، وجواهر الإكليل شرح مختصر خليل 1 / 41، وحاشية الجمل 4 / 508، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج 2 / 5 - 6، والمجموع شرح المهذب 3 / 165، والمغني 1 / 615.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النور / 31.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٣)</span><hr/></div>مَا كَانَ يَتَعَاطَاهُ نِسَاءُ الْعَرَبِ مِنَ الْمُقَنَّعَةِ الَّتِي تُجَلِّل ثِيَابَهَا وَمَا يَبْدُو مِنْ أَسَافِل الثِّيَابِ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهَا فِيهِ لأَِنَّ هَذَا لَا يُمْكِنُ إِخْفَاؤُهُ (1) . وَلِحَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا دَخَلَتْ عَلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ رِقَاقٌ، فَأَعْرَضَ عَنْهَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَال: يَا أَسْمَاءُ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَاّ هَذَا وَهَذَا، وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ (2) . وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ. وَالتَّفْصِيل فِي (سَتْرُ الْعَوْرَةِ ف 2 وَمَا بَعْدَهَا) وَ (عَوْرَةٌ ف 3 وَمَا بَعْدَهَا) .</p> </p>‌<span class="title">‌اللِّبَاسُ الَّذِي يَصِفُ أَوْ يَشِفُّ</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> لِبَاسُ الْمَرْأَةِ قَدْ يَكْشِفُ عَنِ الْعَوْرَةِ، وَقَدْ يَسْتُرُهَا وَلَكِنَّهُ يَصِفُ حَجْمَهَا، وَهُوَ فِي كِلْتَا الْحَالَتَيْنِ غَيْرُ شَرْعِيٍّ. فَإِنْ كَانَ يَكْشِفُ عَنْهَا بِحَيْثُ يُرَى لَوْنُ الْجِلْدِ مِنْ تَحْتِهِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أَمَامَ زَوْجِهَا وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَمَامَ الأَْجَانِبِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا. وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (أَلْبِسَةٌ ف 15)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تفسير القرآن العظيم لابن كثير 3 / 274.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث عائشة " أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . ". أخرجه أبو داود (4 / 358) من حديث عائشة وقال: هذا حديث مرسل، خالد بن دريك لم يدرك عائشة رضي الله عنها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٣)</span><hr/></div>و (سَتْرُ الْعَوْرَةِ ف 2 وَمَا بَعْدَهَا) ، وَ (صَلَاةٌ ف) ، وَ (عَوْرَةٌ ف 3 وَمَا بَعْدَهَا) .</p> </p>‌<span class="title">‌اللِّبَاسُ الْمَنْسُوجُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَلْبَسَ اللِّبَاسَ الْمَنْسُوجَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ سَوَاءٌ لِلْحَاجَةِ أَوْ لِغَيْرِهَا، وَسَوَاءٌ كَثُرَ أَوْ قَل، وَسَوَاءٌ زَادَ الطَّرْزُ عَلَى قَدْرِ أَرْبَعِ أَصَابِعَ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمُطَرَّزُ قَدْرَ الْعَادَةِ أَمْ لَا (1) .</p>وَاسْتَدَل الْفُقَهَاءُ عَلَى ذَلِكَ بِمَا وَرَدَ عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال:. أُحِل الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لإِِنَاثِ أُمَّتِي، وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا (2) ". فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ اسْتِعْمَال الذَّهَبِ وَكَذَلِكَ الْحَرِيرِ لِلنِّسَاءِ بِسَائِرِ وُجُوهِ الاِسْتِعْمَال (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَشَبُّهُ النِّسَاءِ بِالرِّجَال فِي اللِّبَاسِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> يَحْرُمُ تَشَبُّهُ النِّسَاءِ بِالرِّجَال فِي زِيِّهِنَّ فَلَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَلْبَسَ لِبَاسًا خَاصًّا بِالرِّجَال (4) ، لأَِنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَعَنَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 5 / 224، وحاشية الجمل 2 / 86، والمغني لابن قدامة 1 / 626.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" أحل الذهب والحرير لإناث من أمتي وحرم على ذكورها ". أخرجه النسائي (8 / 161) وحسنه ابن المديني كما في التلخيص لابن حجر (1 / 53) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية الجمل 2 / 81.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حاشية الجمل 2 / 78، وكشاف القناع 1 / 82.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٤)</span><hr/></div>الرِّجَال بِالنِّسَاءِ وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَال (1)". وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: فَلَوِ اخْتَصَّتِ النِّسَاءُ أَوْ غَلَبَ فِيهِنَّ زِيٌّ مَخْصُوصٌ فِي إِقْلِيمٍ، وَغَلَبَ فِي غَيْرِهِ تَخْصِيصُ الرِّجَال بِذَلِكَ الزِّيِّ - كَمَا قِيل إِنَّ نِسَاءَ قُرَى الشَّامِ يَتَزَيَّنَّ بِزِيِّ الرِّجَال الَّذِينَ يَتَعَاطَوْنَ الْحَصَادَ وَالزِّرَاعَةَ وَيَفْعَلْنَ ذَلِكَ - فَهَل يَثْبُتُ فِي كُل إِقْلِيمٍ مَا جَرَتْ عَادَةُ أَهْلِهِ بِهِ، أَوْ يُنْظَرُ لأَِكْثَرِ الْبِلَادِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالأَْقْرَبُ الأَْوَّل. وَقَدْ صَرَّحَ الإِْسْنَوِيُّ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي لِبَاسِ وَزِيِّ كُلٍّ مِنَ النَّوْعَيْنِ حَتَّى يَحْرُمَ التَّشَبُّهُ بِهِنَّ فِيهِ بِعُرْفِ كُل نَاحِيَةٍ حَسَنٌ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌لِبَاسُ الْمَرْأَةِ أَمَامَ الْخَاطِبِ</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> الْمَخْطُوبَةُ أَجْنَبِيَّةٌ عَنِ الْخَاطِبِ وَعَلَى ذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَلْبَسَ مَا يَسْتُرُ جَمِيعَ بَدَنِهَا خَلَا الْقَدْرِ الَّذِي يُبَاحُ لِلْخَاطِبِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ. وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا الْقَدْرِ، وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (خِطْبَةٌ ف 29) .</p> </p>‌<span class="title">‌لِبَاسُ الْمَرْأَةِ فِي الإِْحْدَادِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي لُبْسِ الْمَرْأَةِ الْمُحَدِّةِ لِبَعْضِ الثِّيَابِ عَلَى وَجْهِ الزِّينَةِ، وَفِي لُبْسِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) (1) حديث: " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 332) من حديث ابن عباس.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الجمل 2 / 78.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٤)</span><hr/></div>الْحُلِيِّ.</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (إِحْدَادٌ ف 13 وَمَا بَعْدَهَا) .</p> </p>‌<span class="title">‌لِبَاسُ الْمَرْأَةِ فِي الصَّلَاةِ</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> يَجِبُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ لِلرَّجُل وَالْمَرْأَةِ فِي حَال تَوَفُّرِ السَّاتِرِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُل مَسْجِدٍ} (1)، قَال ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: الْمُرَادُ بِالزِّينَةِ الثِّيَابُ فِي الصَّلَاةِ، وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَا يَقْبَل اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إِلَاّ بِخِمَارٍ (2)": أَيِ الْبَالِغَةِ. وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (عَوْرَةٌ ف 13) .</p> </p>‌<span class="title">‌لِبَاسُ الْمَرْأَةِ فِي الإِْحْرَامِ</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُحْرِمَةِ لُبْسُ مَا يُغَطِّي وَجْهَهَا. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا بَيْنَ أَهْل الْعِلْمِ، إِلَاّ مَا رُوِيَ عَنْ أَسْمَاءَ أَنَّهَا كَانَتْ تُغَطِّي وَجْهَهَا وَهِيَ مُحْرِمَةٌ، وَيَحْتَمِل أَنَّهَا كَانَتْ تُغَطِّيهِ بِالسُّدْل عِنْدَ الْحَاجَةِ فَلَا يَكُونُ اخْتِلَافًا (3) وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (إِحْرَامٌ ف 66 وَمَا بَعْدَهَا) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الأعراف / 31.</p><font color=#ff0000>(2)</font> (2) حديث: " لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار ". أخرجه أبو داود (1 / 421) والترمذي (1 / 215) من حديث عائشة، وحسنه الترمذي.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الهداية مع فتح القدير 2 / 403، والخرشي 2 / 345، وجواهر الإكليل 1 / 186، وحاشية الجمل 4 / 501، ونهاية المحتاج 3 / 330، والمغني لابن قدامة 3 / 305.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لَبَّةٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> اللبة فِي اللُّغَةِ وَسَطُ الصَّدْرِ وَالْمَنْحَرُ وَمَوْضِعُ الْقِلَادَةِ مِنَ الصَّدْرِ، وَالْجَمْعُ لَبَّاتٌ وَلِبَابٌ (1) . وَاللَّبَّةُ فِي الاِصْطِلَاحِ: هِيَ الْمَنْحَرُ مِنَ الصَّدْرِ، وَهِيَ الْوَهْدَةُ الَّتِي بَيْنَ أَصْل الْعُنُقِ وَالصَّدْرِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ السُّنَّةَ فِي التَّذْكِيَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِلإِْبِل تَحْصُل بِالنَّحْرِ فِي اللَّبَّةِ فِي حَال الاِخْتِيَارِ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بُدَيْل بْنَ وَرْقَاءَ عَلَى جَمَلٍ أَوْرَقَ يَصِيحُ فِي فِجَاجِ مِنًى أَلَا إِنَّ الذَّكَاةَ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ (3)".<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، والمصباح المنير، والمعجم الوسيط مادة (لبب) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغرب ص 419، وكشاف القناع 6 / 206.</p><font color=#ff0000>(3)</font> (3) حديث أبي هريرة: " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بديل بن ورقاء. . . ". أخرجه الدارقطني (4 / 283) ونقل الزيلعي في نصب الراية (4 / 185) عن ابن عبد الهادي أنه قال: هذا إسناد ضعيف بمرة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٥)</span><hr/></div>وَحَقِيقَةُ النَّحْرِ عِنْدَهُمْ قَطْعُ الأَْوْدَاجِ فِي اللَّبَّةِ (1) . وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَجِبُ تَذْكِيَةُ الإِْبِل بِالنَّحْرِ وَحَقِيقَتُهُ الطَّعْنُ فِي اللَّبَّةِ طَعْنًا يُفْضِي إِلَى الْمَوْتِ وَإِنْ لَمْ تَقْطَعِ الْحُلْقُومَ وَالْوَدَجَانِ (2) . وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (ذَبَائِحُ ف 43) .</p> </p>‌<span class="title">‌‌<span class="title">‌لَبْس</span></span></p> </p>انْظُرْ: الْتِبَاس</p> </p>لُبْس</p> </p>انْظُرْ: أَلْبِسَة<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين على الدر المختار 1 / 192، وروضة الطالبين 3 / 207، وكشاف القناع 6 / 206.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 2 / 100، والتاج والإكليل بهامش مواهب الجليل 3 / 220، والشرح الصغير 2 / 157 - 158.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لَبَن</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> اللبن فِي اللُّغَةِ: سَائِلٌ أَبْيَضُ يَكُونُ فِي إِنَاثِ الآْدَمِيِّينَ وَالْحَيَوَانِ، وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ، وَالْجَمْعُ أَلْبَانٌ، وَوَاحِدَتُهُ لَبِنَةٌ.</p>وَاللِّبَأُ: أَوَّل اللَّبَنِ عِنْدَ الْوِلَادَةِ، وَلَبَنُ كُل شَجَرَةٍ: مَاؤُهَا عَلَى التَّشْبِيهِ، وَشَاةٌ لَبُونٌ: ذَاتُ اللَّبَنِ غَزِيرَةً كَانَتْ أَوْ بَكِيئَةً (1) .</p>وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَتَعَلَّقُ بِاللَّبَنِ مِنْ أَحْكَامٍ:</span></p>يَتَعَلَّقُ بِاللَّبَنِ أَحْكَامٌ مُتَعَدِّدَةٌ مِنْهَا:</p>‌<span class="title">‌الطَّاهِرُ وَالنَّجِسُ مِنَ الأَْلْبَانِ وَمَا يَحِل شُرْبُهُ مِنْهَا:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> اللَّبَنُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ مِنْ آدَمِيٍّ فَإِنْ كَانَ مِنْ حَيَوَانٍ حَيٍّ مَأْكُول اللَّحْمِ كَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ فَهُوَ طَاهِرٌ بِلَا خِلَافٍ (2)،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مختار الصحاح. والبكيئة: قليلة اللبن.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 1 / 63، 5 / 43، وحاشية ابن عابدين 1 / 138، 5 / 194، 216، وحاشية الدسوقي 1 / 50 - 51، ونهاية المحتاج 1 / 227، وكشاف القناع 1 / 194.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٦)</span><hr/></div>لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَْنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} (1) . إِلَاّ أَنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِي طَهَارَةِ لَبَنِ بَعْضِ الْحَيَوَانَاتِ، تَبَعًا لاِخْتِلَافِهِمْ فِي حِل أَكْلِهَا، فَمَا حَل أَكْلُهُ كَانَ لَبَنُهُ طَاهِرًا، وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ:</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ لَبَنُ الْفَرَسِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> لبن الْفَرَسِ طَاهِرٌ حَلَالٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ،. وَاخْتَلَفَ النَّقْل عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فَرَوَى الْحَسَنُ عَنْهُ الْكَرَاهَةَ فِي سُؤْرِهِ كَمَا فِي لَبَنِهِ، وَقِيل: لَا بَأْسَ بِلَبَنِهِ، لأَِنَّهُ لَيْسَ فِي شُرْبِهِ تَقْلِيل آلَةِ الْجِهَادِ (2) . وَلَبَنُ الْفَرَسِ نَجِسٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ بِنَاءً عَلَى تَبَعِيَّةِ اللَّبَنِ لِلَّحْمِ، فَقَدْ قَالُوا: لَبَنُ غَيْرِ الآْدَمِيِّ تَابِعٌ لِلَحْمِهِ فِي الطَّهَارَةِ بَعْدَ التَّذْكِيَةِ فَإِنْ كَانَ لَحْمُهُ طَاهِرًا بَعْدَ التَّذْكِيَةِ وَهُوَ الْمُبَاحُ وَالْمَكْرُوهُ الأَْكْل فَلَبَنُهُ طَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ نَجِسًا بَعْدَ التَّذْكِيَةِ وَهُوَ مُحَرَّمُ الأَْكْل فَلَبَنُهُ نَجِسٌ، وَالْفَرَسُ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ الْمُحَرَّمَةِ عِنْدَهُمْ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النحل / 66.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 5 / 216، وتكملة فتح القدير 8 / 421، نشر دار إحياء التراث العربي، ونهاية المحتاج 1 / 227، ومغني المحتاج 1 / 80، والمغني 8 / 591.</p><font color=#ff0000>(3)</font> شرح الدردير مع حاشية الدسوقي 1 / 50 - 51، وجواهر الإكليل 1 / 9، 218.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٧)</span><hr/></div>ب -‌<span class="title">‌ لَبَنُ الْحُمُرِ الأَْهْلِيَّةِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> رَخَّصَ فِي أَلْبَانِ الْحُمُرِ الأَْهْلِيَّةِ عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَالزُّهْرِيُّ، بَيْنَمَا هِيَ نَجِسَةٌ مُحَرَّمَةٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (1) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ لَبَنُ الْجَلَاّلَةِ</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> الْجَلَاّلَةُ ذَاتُ اللَّبَنِ مِمَّا يُؤْكَل لَحْمُهُ كَالإِْبِل أَوِ الْبَقَرِ أَوِ الْغَنَمِ الَّتِي يَكُونُ أَغْلَبُ أَكْلِهَا النَّجَاسَةَ كَرِهَ شُرْبَ لَبَنِهَا الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - كَمَا قَال النَّوَوِيُّ - إِذَا ظَهَرَ نَتْنُ مَا تَأْكُلُهُ فِي رِيحِهَا وَعَرَقِهَا. وَمُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ شُرْبَ لَبَنِهَا حَرَامٌ، وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما قَال: نَهَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَكْل الْجَلَاّلَةِ وَأَلْبَانِهَا (2)". وَلأَِنَّ لَحْمَهَا إِذَا تَغَيَّرَ يَتَغَيَّرُ لَبَنُهَا. وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لَبَنُ الْجَلَاّلَةِ طَاهِرٌ، وَلَا يُكْرَهُ شُرْبُهُ، كَمَا رَخَّصَ الْحَسَنُ فِي لُحُومِهَا وَأَلْبَانِهَا، لأَِنَّ الْحَيَوَانَاتِ لَا تَنْجُسُ بِأَكْل النَّجَاسَاتِ بِدَلِيل أَنَّ شَارِبَ الْخَمْرِ لَا يُحْكَمُ بِتَنْجِيسِ أَعْضَائِهِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 5 / 216، ومغني المحتاج 1 / 80، ونهاية المحتاج 1 / 227، وكشاف القناع 1 / 195، والمغني 8 / 587، وجواهر الإكليل 1 / 9، 218، والدسوقي 1 / 50 - 51، 2 / 117.</p><font color=#ff0000>(2)</font> (3) حديث: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الجلالة وألبانها ". أخرجه الترمذي (4 / 270) وقال: حديث حسن غريب.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع 5 / 40، وحاشية ابن عابدين 5 / 216، وجواهر الإكليل 1 / 216 - 217، ومغني المحتاج 4 / 304، وأسنى المطالب 1 / 568، والمغني 8 / 593 - 594.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٧)</span><hr/></div>د -‌<span class="title">‌ لَبَنُ مَيْتَةِ مَأْكُول اللَّحْمِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> لَبَنُ مَيْتَةِ مَأْكُول اللَّحْمِ مِنَ الْحَيَوَانِ نَجِسٌ وَذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ قَوْل أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ اللَّبَنَ مَائِعٌ فِي وِعَاءٍ نَجِسٍ فَكَانَ نَجِسًا كَمَا لَوْ حُلِبَ فِي وِعَاءٍ نَجِسٍ. وَعِنْدَ أبي حَنِيفَةَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لَبَنُ مَيْتَةِ مَأْكُول اللَّحْمِ طَاهِرٌ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَْنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} (1) "، وَصَفَ اللَّبَنَ مُطْلَقًا بِالْخُلُوصِ وَالسُّيُوغِ مَعَ خُرُوجِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ، وَهَذَا آيَةُ الطَّهَارَةِ، وَكَذَا الآْيَةُ خَرَجَتْ مَخْرَجَ الاِمْتِنَانِ، وَالْمِنَّةُ فِي مَوْضِعِ النِّعْمَةِ تَدُل عَلَى الطَّهَارَةِ، وَالصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَكَلُوا الْجُبْنَ لَمَّا دَخَلُوا الْمَدَائِنَ، وَهُوَ يُعْمَل بِالإِْنْفَحَةِ، وَهِيَ تُؤْخَذُ مِنْ صِغَارِ الْمَعْزِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ اللَّبَنِ، وَذَبَائِحُهُمْ مَيْتَةٌ (2) . مَا سَبَقَ إِنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَيَوَانِ الْحَيِّ الْمَأْكُول اللَّحْمِ وَمَيْتَتِهِ،</p><font color=#ff0000>7 -</font> وَذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النحل / 66.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 1 / 63، والكافي لابن عبد البر 1 / 440، ونهاية المحتاج 1 / 227، ومغني المحتاج 1 / 80، والمغني 1 / 74.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٨)</span><hr/></div>لَبَنَ الْحَيَوَانَاتِ الْمُتَّفَقِ عَلَى حُرْمَةِ أَكْلِهَا نَجِسٌ حَيَّةً كَانَتْ أَوْ مَيِّتَةً، يَقُول ابْنُ قُدَامَةَ: حُكْمُ الأَْلْبَانِ حُكْمُ اللَّحْمَانِ (1)، وَفِي نِهَايَةِ الْمُحْتَاجِ: لَبَنُ مَا لَا يُؤْكَل كَلَبَنِ الأَْتَانِ نَجِسٌ لِكَوْنِهِ مِنَ الْمُسْتَحِيلَاتِ فِي الْبَاطِنِ فَهُوَ نَجِسٌ (2)، وَفِي جَوَاهِرِ الإِْكْلِيل: لَبَنُ غَيْرِ الآْدَمِيِّ الْمَحْلُوبِ فِي حَال الْحَيَاةِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ تَابِعٌ لِلَحْمِهِ فِي الطَّهَارَةِ وَعَدَمِهَا (3)، وَفِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: الْحِمَارُ الأَْهْلِيُّ لَحْمُهُ حَرَامٌ فَكَذَلِكَ لَبَنُهُ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌لَبَنُ الآْدَمِيِّ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> لَبَنُ الآْدَمِيِّ الْحَيِّ طَاهِرٌ بِاتِّفَاقٍ، سَوَاءٌ أَكَانَ مِنَ امْرَأَةٍ أَمْ مِنْ رَجُلٍ إِذْ لَا يَلِيقُ بِكَرَامَتِهِ أَنْ يَكُونَ مَنْشَؤُهُ نَجِسًا. أَمَّا لَبَنُ الآْدَمِيِّ الْمَيِّتِ فَهُوَ طَاهِرٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ، لأَِنَّ اللَّبَنَ لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ بَل هُوَ طَاهِرٌ بَعْدَ الْمَوْتِ وَإِنْ تَنَجَّسَ الْوِعَاءُ الأَْصْلِيُّ لَهُ، وَنَجَاسَةُ الظَّرْفِ إِنَّمَا تُوجِبُ نَجَاسَةَ الْمَظْرُوفِ إِذَا لَمْ يَكُنِ الظَّرْفُ مَعْدِنًا لِلْمَظْرُوفِ وَمَوْضِعًا لَهُ فِي الأَْصْل، فَأَمَّا إِذَا كَانَ فِي الأَْصْل مَوْضِعُهُ وَمَظَانُّهُ فَنَجَاسَتُهُ لَا تُوجِبُ نَجَاسَةَ الْمَظْرُوفِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 8 / 587.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 1 / 227.</p><font color=#ff0000>(3)</font> جواهر الإكليل 1 / 9.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الفتاوى الهندية 5 / 290.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٨)</span><hr/></div>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ لَبَنَ الآْدَمِيِّ الْمَيِّتِ نَجِسٌ، وَقِيل: إِنَّهُ طَاهِرٌ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌بَيْعُ اللَّبَنِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> بَيْعُ لَبَنِ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُول اللَّحْمِ بَعْدَ حَلْبِهِ جَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، لأَِنَّهُ طَاهِرٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ مَقْدُورٌ عَلَى تَسْلِيمِهِ. وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي عِدَّةِ مَسَائِل.</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ بَيْعُ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ. وَقَدْ عَلَّلَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ مَجْهُول الصِّفَةِ وَالْمِقْدَارِ، فَقَدْ يَرَى امْتِلَاءَ الضَّرْعِ مِنَ السِّمَنِ فَيَظُنُّ أَنَّهُ مِنَ اللَّبَنِ، وَلأَِنَّ اللَّبَنَ قَدْ يَكُونُ صَافِيًا وَقَدْ يَكُونُ كَدِرًا، وَذَلِكَ غَرَرٌ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ فَلَمْ يَجُزْ، وَلأَِنَّهُ بَيْعُ عَيْنٍ لَمْ تُخْلَقْ.</p>وَعَلَّل الْحَنَفِيَّةُ الْمَنْعَ بِأَنَّ اللَّبَنَ لَا يَجْتَمِعُ فِي الضَّرْعِ دُفْعَةً وَاحِدَةً، بَل شَيْئًا فَشَيْئًا فَيَخْتَلِطُ الْمَبِيعُ بِغَيْرِهِ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا، فَكَانَ الْمَبِيعُ مَعْجُوزَ التَّسْلِيمِ عِنْدَ الْبَيْعِ فَلَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُبَاعَ صُوفٌ عَلَى ظَهْرِ غَنَمٍ، أَوْ لَبَنٌ فِي ضَرْعٍ (2)".<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 4 / 8 - 9، والدسوقي 1 / 50 - 51، والحطاب 1 / 93، ونهاية المحتاج 1 / 227، والمغني 4 / 288، 7 / 540.</p><font color=#ff0000>(2)</font> (3) حديث: " نهى أن يباع صوف على ظهر غنم، أو لبن في ضرع " أخرجه الدارقطني (3 / 14) والبيهقي (5 / 340) ورجح البيهقي أن المحفوظ هو عن ابن عباس موقوفًا عليه.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٩)</span><hr/></div>وَأَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ بَيْعَ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ لِشِيَاهٍ بِأَعْيَانِهَا فِي إِبَّانِ لَبَنِهَا إِذَا سَمَّى شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً وَكَانَ قَدْ عَرَفَ وَجْهَ حِلَابِهَا وَكَانَتِ الْغَنَمُ كَثِيرَةً. أَمَّا إِنْ كَانَ الشَّاةَ أَوِ الشَّاتَيْنِ فَاشْتَرَى رَجُلٌ حِلَابَهَا عَلَى كَذَا وَكَذَا شَهْرًا بِكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا فَلَا، إِلَاّ أَنْ يَبِيعَ لَبَنَهَا كَيْلاً كُل قِسْطٍ بِكَذَا وَكَذَا. وَكَذَلِكَ أَجَازَ بَيْعَ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ الْحَسَنُ وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَكَرِهَهُ طَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌بَيْعُ لَبَنِ الآْدَمِيِّ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى جَوَازِ بَيْعِ لَبَنِ الآْدَمِيَّةِ إِذَا حُلِبَ، لأَِنَّهُ لَبَنٌ طَاهِرٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ، وَلأَِنَّهُ لَبَنٌ أُبِيحَ شُرْبُهُ، فَأُبِيحَ بَيْعُهُ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الأَْنْعَامِ، وَلأَِنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ فِي إِجَارَةِ الظِّئْرِ، فَأَشْبَهَ الْمَنَافِعَ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ قَوْل جَمَاعَةٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ، لأَِنَّ اللَّبَنَ لَيْسَ بِمَالٍ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَالدَّلِيل عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم وَالْمَعْقُول، أَمَّا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 5 / 148، وحاشية ابن عابدين 4 / 108، والمدونة 4 / 296 - 297، ونهاية المحتاج 3 / 416، والمهذب 1 / 273، والمغني 4 / 231.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٩)</span><hr/></div>إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ فَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهُمَا حَكَمَا فِي وَلَدِ الْمَغْرُورِ بِالْقِيمَةِ، وَبِالْعَقْرِ بِمُقَابَلَةِ الْوَطْءِ، وَمَا حَكَمَا بِوُجُوبِ قِيمَةِ اللَّبَنِ بِالاِسْتِهْلَاكِ، وَلَوْ كَانَ مَالاً لَحَكَمَا، وَكَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمَا أَحَدٌ فَكَانَ إِجْمَاعًا، وَأَمَّا الْمَعْقُول فَلأَِنَّهُ لَا يُبَاحُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ شَرْعًا عَلَى الإِْطْلَاقِ، بَل لِضَرُورَةِ تَغْذِيَةِ الطِّفْل، وَمَا حَرُمَ الاِنْتِفَاعُ بِهِ شَرْعًا إِلَاّ لِضَرُورَةٍ لَا يَكُونُ مَالاً، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَنَّ النَّاسَ لَا يَعُدُّونَهُ مَالاً، وَلَا يُبَاعُ فِي سُوقٍ مِنَ الأَْسْوَاقِ، وَلأَِنَّهُ جُزْءٌ مِنَ الآْدَمِيِّ، وَالآْدَمِيُّ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ مُحْتَرَمٌ مُكَرَّمٌ، وَلَيْسَ مِنَ الْكَرَامَةِ وَالاِحْتِرَامِ ابْتِذَالُهُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ.</p>وَكَرِهَ بَيْعَهُ أَحْمَدُ (1) .</p>وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ لَبَنِ الْحُرَّةِ وَلَبَنِ الأَْمَةِ فِي عَدَمِ جَوَازِ الْبَيْعِ، لأَِنَّ الآْدَمِيَّ لَمْ يُجْعَل مَحَلًّا لِلْبَيْعِ إِلَاّ بِحُلُول الرِّقِّ فِيهِ، وَالرِّقُّ لَا يَحِل إِلَاّ فِي الْحَيِّ، وَاللَّبَنُ لَا حَيَاةَ فِيهِ، فَلَا يُحِلُّهُ الرِّقُّ، فَلَا يَكُونُ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَجُوزُ بَيْعُ لَبَنِ الأَْمَةِ لأَِنَّهُ جُزْءٌ مِنْ آدَمِيٍّ هُوَ مَالٌ، فَكَانَ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ كَسَائِرِ أَجْزَائِهِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 5 / 145، والفروق للقرافي وتهذيبه 3 / 240 - 241، ونهاية المحتاج 1 / 227، والمغني 4 / 288.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 5 / 145.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌السَّلَمُ فِي اللَّبَنِ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> يَجُوزُ السَّلَمُ فِي اللَّبَنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَفِي الأَْصَحِّ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ جِنْسِ حَيَوَانِهِ وَنَوْعِهِ وَمَأْكُولِهِ مِنْ مَرْعًى أَوْ عَلَفٍ مُعَيَّنٍ بِنَوْعِهِ.</p>وَاللَّبَنُ الْمُطْلَقُ يُحْمَل عَلَى الْحُلْوِ وَإِنْ جَفَّ.</p>وَيَصِحُّ السَّلَمُ فِي اللَّبَنِ كَيْلاً وَوَزْنًا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَيُوزَنُ بِرَغْوَتِهِ، وَلَا يُكَال بِهَا لأَِنَّهَا لَا تُؤَثِّرُ فِي الْمِيزَانِ.</p>وَنَقَل الْمَرْوَزِيُّ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي اللَّبَنِ إِذَا كَانَ كَيْلاً أَوْ وَزْنًا.</p>قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَهَذَا أَصَحُّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، لأَِنَّ الْغَرَضَ مَعْرِفَةُ قَدْرِهِ وَخُرُوجُهُ مِنَ الْجَهَالَةِ وَإِمْكَانُ تَسْلِيمِهِ مِنْ غَيْرِ تَنَازُعٍ، فَبِأَيِّ قَدْرٍ قَدَّرَهُ جَازَ.</p>وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي حَامِضِ اللَّبَنِ لأَِنَّ حُمُوضَتَهُ عَيْبٌ إِلَاّ فِي مَخِيضٍ لَا مَاءَ فِيهِ، فَيَصِحُّ فِيهِ وَلَا يَضُرُّ وَصْفُهُ بِالْحُمُوضَةِ لأَِنَّهَا مَقْصُودَةٌ فِيهِ. وَيَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْمَخِيضِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَلَوْ كَانَ فِيهِ مَاءٌ، لأَِنَّ الْمَاءَ يَسِيرٌ يُتْرَكُ لأَِجْل الْمَصْلَحَةِ، وَقَدْ جَرَتِ الْعَادَةُ بِهِ، فَلَمْ يَمْنَعْ صِحَّةَ السَّلَمِ فِيهِ (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 2 / 109، والمغني 4 / 319.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٠)</span><hr/></div>وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ نَقَل الْمَوَّاقُ عَنِ الْمُدَوَّنَةِ: لَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي اللَّبَنِ وَالْجِصِّ وَالزِّرْنِيخِ وَشِبْهِ ذَلِكَ (1) . وَاخْتَلَفَتِ النُّقُول عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، فَفِي الْبَدَائِعِ: يُشْتَرَطُ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إِلَى وَقْتِ الأَْجَل، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ عِنْدَ مَحَل الأَْجَل، أَوْ كَانَ مَوْجُودًا فِيهِمَا لَكِنَّهُ انْقَطَعَ مِنْ أَيْدِي النَّاسِ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ كَالثِّمَارِ وَالْفَوَاكِهِ وَاللَّبَنِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، لَا يَجُوزُ السَّلَمُ عِنْدَنَا.</p>بَيْنَمَا جَاءَ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: إِذَا أَسْلَمَ فِي اللَّبَنِ فِي حِينِهِ كَيْلاً أَوْ وَزْنًا مَعْلُومًا إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ جَازَ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الاِنْتِفَاعُ بِلَبَنِ مَاشِيَةِ الْغَيْرِ</span></p>: 13 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ قَوْل الْمَالِكِيَّةِ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى أَنَّ مَنْ مَرَّ بِمَاشِيَةِ غَيْرِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُضْطَرٍّ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَحْلِبَهَا لِيَشْرَبَ لَبَنَهَا إِلَاّ بِإِذْنِ صَاحِبِهَا، لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: لَا يَحْلِبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ امْرِئٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرَبَتَهُ فَتُكْسَرَ خِزَانَتُهُ فَيَنْتَقِل طَعَامُهُ، فَإِنَّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَاشِيَتِهِمْ أَطْعِمَتَهُمْ، فَلَا يَحْلِبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَاّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) التاج والإكليل بهامش مواهب الجليل 4 / 537.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 5 / 211، والفتاوى الهندية 3 / 182.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠١)</span><hr/></div>بِإِذْنِهِ - وَفِي رِوَايَةٍ -: فَإِنَّ مَا فِي ضُرُوعِ مَوَاشِيهِمْ مِثْل مَا فِي مَشَارِبِهِمْ (1)، وَلِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا يَحِل لاِمْرِئٍ مِنْ مَال أَخِيهِ إِلَاّ مَا أَعْطَاهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ (2) .</p>وَاسْتَثْنَى كَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ مَا إِذَا عَلِمَ بِطِيبِ نَفْسِ صَاحِبِهِ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ إِذْنٌ خَاصٌّ وَلَا عَامٌّ.</p>وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لأَِحْمَدَ وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ مَرَّ بِمَاشِيَةٍ أَنْ يَحْلِبَ وَيَشْرَبَ وَلَا يَحْمِل مَعَهُ شَيْئًا، لِمَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ سَمُرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ عَلَى مَاشِيَةٍ فَإِنْ كَانَ فِيهَا: صَاحِبُهَا فَلْيَسْتَأْذِنْهُ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَلْيَحْتَلِبْ وَلْيَشْرَبْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَحَدٌ فَيُصَوِّتُ ثَلَاثًا: فَإِنْ أَجَابَهُ أَحَدٌ فَلْيَسْتَأْذِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ فَلْيَحْتَلِبْ وَلْيَشْرَبْ وَلَا يَحْمِل (3) .</p>وَقَال ابْنُ حَجَرٍ: ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ إِلَى الْجَوَازِ مُطْلَقًا فِي الأَْكْل وَالشُّرْبِ، سَوَاءٌ عَلِمَ بِطِيبِ نَفْسِ صَاحِبِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ.</p>وَالأَْقْوَال الَّتِي رُدَّتْ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ هِيَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) (1) حديث:" لا يحلبن أحد ماشية أحدٍ. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 5 / 88) ومسلم (3 / 1325) واللفظ للبخاري، والرواية الثانية للبيهقي (9 / 358) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> (2) حديث:" لا يحل لامرئ في مال أخيه. . . ". أخرجه البيهقي (6 / 97) من حديث ابن عباس، وإسناده حسن.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" إذا أتى أحدكم على ماشية. . . ". أخرجه الترمذي (3 / 581) من حديث سمرة بن جندب، وقال: حديث حسن غريب.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠١)</span><hr/></div>بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْمُحْتَاجِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُحْتَاجِ فَقَدْ قَالُوا: إِنْ كَانَ مُحْتَاجًا جَازَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ (1)(أَيْ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْمَذْهَبِ) .</p> </p>‌<span class="title">‌بَيْعُ اللَّبَنِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> الأَْلْبَانِ مِنَ الرِّبَوِيَّاتِ الَّتِي لَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ إِذَا كَانَتْ جِنْسًا وَاحِدًا إِلَاّ مِثْلاً بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ.</p>وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يُعْتَبَرُ جِنْسًا وَاحِدًا مِنَ الأَْلْبَانِ وَمَا لَا يُعْتَبَرُ.</p>فَعِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ الأَْظْهُرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ الأَْلْبَانُ أَجْنَاسٌ، لأَِنَّهَا تَتَوَلَّدُ مِنَ الْحَيَوَانِ، وَالْحَيَوَانُ أَجْنَاسٌ، فَالضَّأْنُ وَالْمَعْزُ جِنْسٌ وَاحِدٌ لَا يُبَاعُ أَحَدُهُمَا بِالآْخَرِ إِلَاّ مِثْلاً بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ، وَالْبَقَرُ وَالْجَوَامِيسُ جِنْسٌ وَاحِدٌ لَا يُبَاعُ أَحَدُهُمَا بِالآْخَرِ إِلَاّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَعَلَى ذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُ لَبَنِ الْبَقَرِ بِلَبَنِ الْغَنَمِ مُتَفَاضِلاً.</p>وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَمُقَابِل الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الأَْلْبَانَ جِنْسٌ وَاحِدٌ، أَلْبَانُ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ وَالْبَقَرِ وَالْجَوَامِيسِ فَلَا يُبَاعُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ إِلَاّ مِثْلاً بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفواكه الدواني 2 / 375، وفتح الباري 5 / 88 - 89، والمجموع للنووي 9 / 46 - 47 تحقيق المطيعي، والمغني 8 / 599 - 600.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 4 / 185، والدسوقي 3 / 50، وجواهر الإكليل 2 / 19، ومغني المحتاج 2 / 24 - 27، والمغني 4 / 37.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لِثَامٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> اللِّثَامُ فِي اللُّغَةِ هُوَ مَا عَلَى الْفَمِ أَوِ الشَّفَةِ مِنَ النِّقَابِ، وَالْجَمْعُ لُثُمٌ، وَالتَّلَثُّمُ هُوَ شَدُّ اللِّثَامِ، وَالْمَلْثَمُ: مَوْضِعُ اللَّثْمِ وَهُوَ الأَْنْفُ مَا حَوْلَهُ (1) .</p>وَلَا يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِهَذَا اللَّفْظِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الْقِنَاعُ</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الْقِنَاعُ وَالْمِقْنَعَةُ مَا تَتَقَنَّعُ بِهِ الْمَرْأَةُ مِنْ ثَوْبٍ تُغَطِّي رَأْسَهَا وَمَحَاسِنَهَا (2) .</p>وَالتَّقَنُّعُ - كَمَا عَرَّفَهُ الْعَيْنِيُّ - هُوَ تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ وَأَكْثَرِ الْوَجْهِ بِرِدَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ (3) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الْخِمَارُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الْخِمَارُ بِكَسْرِ الْخَاءِ هُوَ مَا تُغَطِّي بِهِ الْمَرْأَةُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغرب للمطرزي، والمعجم الوسيط.</p><font color=#ff0000>(2)</font> لسان العرب، والقاموس المحيط.</p><font color=#ff0000>(3)</font> عمدة القاري 21 / 308.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٢)</span><hr/></div>رَأْسَهَا، وَكُل مَا سَتَرَ شَيْئًا فَهُوَ خِمَارٌ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:</span></p>‌<span class="title">‌شَدُّ اللِّثَامِ فِي الصَّلَاةِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي كَرَاهَةِ التَّلَثُّمِ - وَهُوَ تَغْطِيَةُ الأَْنْفِ وَالْفَمِ - فِي الصَّلَاةِ (2) .</p>قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: كُل مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ يَكْرَهُ التَّلَثُّمَ وَتَغْطِيَةَ الْفَمِ فِي الصَّلَاةِ إِلَاّ الْحَسَنَ، فَإِنَّهُ كَرِهَ التَّلَثُّمَ وَرَخَّصَ فِي تَغْطِيَةِ الْفَمِ. وَكَرِهَ ابْنُ عُمَرَ وَسَعِيدٌ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ التَّلَثُّمَ فِي الصَّلَاةِ (3) . وَلِلتَّفْصِيل (ر: صَلَاةٌ ف 86) .</p> </p>‌<span class="title">‌شَدُّ اللِّثَامِ لِلْمَرْأَةِ الْمُحْرِمَةِ</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ إِحْرَامَ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا فَلَا يَجُوزُ لَهَا سَتْرُ وَجْهِهَا، وَإِذَا احْتَاجَتْ إِلَى سَتْرِ الْوَجْهِ لِمَنْعِ أَبْصَارِ الأَْجَانِبِ سَدَلَتْ ثَوْبًا عَلَى وَجْهِهَا مُتَجَافِيًا عَنْ بَشَرَةِ الْوَجْهِ، قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُحْرِمَاتٍ، فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المطلع على أبواب المقنع ص 22.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتاوى الهندية 1 / 107، والقوانين الفقهية ص57، وروضة الطالبين 1 / 289، وكشاف القناع 1 / 275.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف لابن المنذر 3 / 265 - 266.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٣)</span><hr/></div>جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا، فَإِذَا جَاوَزْنَا كَشَفْنَاهُ، وَقَالَتْ كَذَلِكَ: الْمُحْرِمَةُ تَلْبَسُ مِنَ الثِّيَابِ مَا شَاءَتْ إِلَاّ ثَوْبًا مَسَّهُ وَرْسٌ أَوْ زَعْفَرَانٌ، وَلَا تَتَبَرْقَعُ وَلَا تَتَلَثَّمُ وَتُسْدِل الثَّوْبَ عَلَى وَجْهِهَا إِنْ شَاءَتْ (1) . وَلِلتَّفْصِيل (ر: إِحْرَامٌ ف 67) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1)(1) شرح السنة للبغوي 7 / 240، وعمدة القاري 9 / 166، وفتح الباري 3 / 405 وحديث عائشة: كان الركبان يمرون بنا. . . أخرجه أبو داود (2 / 416)، وذكر المنذري في مختصر السنن (2 / 354) في إسناده يزيد بن أبي زياد وقد تكلم فيه غير واحد وأما قولها: المحرمة تلبس من الثياب ما شاءت. فأخرجه البيهقي في سننه (5 / 47) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لَحَاق</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> اللَّحَاقُ وَاللُّحُوقُ وَاللَّحْقُ لُغَةً الإِْدْرَاكُ.</p>يُقَال: لَحِقَ الشَّيْءَ وَأَلْحَقَهُ وَلَحِقَ بِهِ وَأَلْحَقَ لَحَاقًا أَدْرَكَهُ، وَلَحِقْتُ بِهِ أَلْحَقُ: مِنْ بَابِ تَعِبَ، وَمَصْدَرُهُ لَحَاقٌ بِالْفَتْحِ، وَأَلْحَقْتُ زَيْدًا بِعَمْرٍو أَتْبَعْتَهُ إِيَّاهُ فَلَحِقَ هُوَ بِهِ وَأَلْحَقَ أَيْضًا: وَفِي الدُّعَاءِ: إِنَّ عَذَابَكَ الْجَدُّ بِالْكُفَّارِ مُلْحِقٌ.</p>وَأَلْحَقَ الْقَائِفُ الْوَلَدَ بِأَبِيهِ: أَخْبَرَ بِأَنَّهُ ابْنُهُ لِشَبَهٍ بَيْنَهُمَا يَظْهَرُ لَهُ، وَاسْتَلْحَقْتُ الشَّيْءَ ادَّعَيْتَهُ.</p>وَلَحِقَهُ الثَّمَنُ لُحُوقًا لَزِمَهُ، فَاللُّحُوقُ اللُّزُومُ (1) .</p>وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.</p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌الاِسْتِلْحَاقُ</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الاِسْتِلْحَاقُ لُغَةً مَصْدَرُ اسْتَلْحَقَ: يُقَال<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، والمصباح المنير.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٤)</span><hr/></div>اسْتَلْحَقَهُ ادَّعَاهُ، وَالاِسْتِلْحَاقُ أَيْضًا طَلَبُ لُحُوقِ الشَّيْءِ (1) .</p>وَاصْطِلَاحًا: ادِّعَاءُ رَجُلٍ أَنَّهُ أَبٌ لِهَذَا الْوَلَدِ (2) .</p>وَالصِّلَةُ بَيْنَ اللَّحَاقِ وَالاِسْتِلْحَاقِ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ، فَاللَّحَاقُ يَكُونُ فِي النَّسَبِ وَغَيْرِهِ وَالاِسْتِلْحَاقُ لَا يَكُونُ إِلَاّ فِي النَّسَبِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِاللَّحَاقِ:</span></p>تَتَعَلَّقُ بِاللَّحَاقِ أَحْكَامٌ مُتَنَوِّعَةٌ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ مَوْضُوعِهَا وَمِنْ ذَلِكَ:</p> </p>‌<span class="title">‌لَحَاقُ الْوَلَدِ فِي اللِّعَانِ بِأُمِّهِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الرَّجُل إِذَا قَذَفَ زَوْجَتَهُ الْبَالِغَةَ الْحُرَّةَ بِالزِّنَا أَوْ نَفَى الْحَمْل وَلَاعَنَهَا لَمْ يَلْحَقِ الْوَلَدُ بِهِ وَلَحِقَ بِأُمِّهِ (3) . وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (لِعَانٌ ف 25) .</p> </p>‌<span class="title">‌لَحَاقُ الْوَلَدِ لأَِقْصَى مُدَّةِ الْحَمْل</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَحْدِيدِ أَقْصَى مُدَّةِ الْحَمْل وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ لَحَاقِ الْوَلَدِ بِالزَّوْجِ:</p>فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَقَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: إِلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ وَلَمْ تَنْكِحْ حَتَّى أَتَتْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، والمصباح المنير مادة (لحق) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الدسوقي 3 / 112.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح القدير 3 / 251، والخرشي 4 / 135، ومغني المحتاج 3 / 373، 380، والمغني لابن قدامة 7 / 397، 416.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٤)</span><hr/></div>بِوَلَدٍ لأَِرْبَعِ سِنِينَ فَإِنَّهُ يَلْحَقُ بِالزَّوْجِ وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِهِ (1) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ إِلَى أَنَّ أَقْصَى مُدَّةِ الْحَمْل سَنَتَانِ فَيَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِ الْمَبْتُوتَةِ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إِذَا أَتَتْ بِهِ فِي السَّنَتَيْنِ.</p>وَالْقَوْل الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّ أَقْصَى مُدَّةِ الْحَمْل خَمْسُ سِنِينَ، وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ أَقْصَى مُدَّةِ الْحَمْل تِسْعَةُ أَشْهُرٍ (2) .</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (حَمْلٌ ف 7، وَنَسَبٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌لَحَاقُ اللَّقِيطِ بِالرَّجُل:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا ادَّعَى رَجُلٌ نَسَبَ لَقِيطٍ لَحِقَ بِهِ، وَهُنَاكَ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِيمَا إِذَا أَقَامَ مُدَّعِي نَسَبِ اللَّقِيطِ بَيِّنَةً أَوْ كَانَتْ دَعْوَاهُ مَبْنِيَّةً عَلَى مُجَرَّدِ الإِْقْرَارِ وَفِيمَا إِذَا كَانَ مُدَّعِي النَّسَبِ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا، وَفِيمَا إِذَا ادَّعَاهُ رَجُلَانِ أَوْ أَكْثَرُ (3) .</p>وَبَيَانُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (لَقِيطٌ، ف 11، وَنَسَبٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الخرشي 1 / 143، وجواهر الإكليل 1 / 387، وروضة الطالبين 2 / 141، 142، والمغني لابن قدامة 7 / 477، 483.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الاختيار 3 / 179، 180، وفتح القدير 4 / 172، وحاشية الدسوقي 2 / 460، والمغني 7 / 477.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع 6 / 197، 199، والخرشي 7 / 132، 133، وحاشية الدسوقي 3 / 412، والمغني 5 / 747، 772.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لَحَاقُ اللَّقِيطِ بِالْمَرْأَةِ</span></p>: 6 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا إِذَا ادَّعَتِ امْرَأَةٌ نَسَبَ لَقِيطٍ هَل يَلْحَقُ وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهَا وَهَل يَلْحَقُ بِزَوْجِهَا؟ وَهَل لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَسْتَلْحِقَ مَجْهُول النَّسَبِ (1) .</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (لَقِيطٌ ف 11، وَنَسَبٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌لَحَاقُ الْوَلَدِ الَّذِي تَخَلَّقَ مِنْ مَنِيٍّ بِغَيْرِ جِمَاعٍ</span></p>: 7 - قَال الْمَالِكِيَّةُ إِذَا حَمَلَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ مَنِيٍّ دَخَل فَرْجَهَا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ كَحَمَّامٍ وَنَحْوِهِ فَيَلْحَقُ الْوَلَدُ بِزَوْجِهَا إِنْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ وَأَمْكَنَ إِلْحَاقُهُ بِهِ، بِأَنْ مَضَى مِنْ يَوْمِ تَزَوَّجَهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ كَانَتْ وَلَكِنْ لَا يُمْكِنُ إِلْحَاقُهُ بِهِ لَمْ يَلْحَقْهُ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌لَحَاقُ وَلَدِ الْمُرْتَدِّ</span></p>: 8 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ وَلَدَ الْمُرْتَدِّ إِذَا حُمِل بِهِ فِي الإِْسْلَامِ يَكُونُ مُسْلِمًا، وَكَذَا مَنْ حُمِل بِهِ فِي حَال رِدَّةِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ وَالآْخَرُ مُسْلِمٌ، أَمَّا إِذَا كَانَ حَمْلُهُ خِلَال رِدَّةِ أَبَوَيْهِ كِلَيْهِمَا فَفِيهِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (رِدَّةٌ ف 46) .</p> </p>‌<span class="title">‌لَحَاقُ الطَّلَاقِ لِلْمُطَلَّقَةِ رَجْعِيًّا</span></p>: 9 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: إِلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 6 / 200، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3 / 412، وروضة الطالبين 5 / 441 - 442، والمغني 5 / 764 - 765.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الدسوقي 1 / 130.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٥)</span><hr/></div>الْمُطَلَّقَةَ الَّتِي يَمْلِكُ مُطَلِّقُهَا رَجْعَتَهَا يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ سَوَاءٌ كَانَ صَرِيحًا أَوْ كِنَايَةً، وَيَلْحَقُهَا الظِّهَارُ وَاللِّعَانُ، لأَِنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ لَا يُزِيل الْمِلْكَ وَلَا الْحِل لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا، وَالرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ (1) .</p>وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ رَجَّحَهُ الْغَزَالِيُّ: أَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ يَقْطَعُ النِّكَاحَ وَيُزِيل الْمِلْكَ بِدَلِيل تَحْرِيمِ الْوَطْءِ وَوُجُوبِ الْمَهْرِ وَمَنْعِ الْخُلْعِ عَلَى قَوْلٍ.</p>وَلَهُمْ قَوْلٌ آخَرُ: أَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ مَوْقُوفٌ فَإِنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا حَتَّى انْقَضَتِ الْعِدَّةُ تَبَيَّنَ زَوَال الْمِلْكِ بِالطَّلَاقِ، وَإِنْ رَاجَعَ تَبَيَّنَ بَقَاءُ الزَّوْجِيَّةِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌لَحَاقُ وَلَدِ الْمَجْبُوبِ</span></p>: 10 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي إِلْحَاقِ وَلَدِ الْمَجْبُوبِ.</p>فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو سُلَيْمَانَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالإِْصْطَخْرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَيُحْكَى قَوْلاً لِلشَّافِعِيِّ وَالْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ: إِلَى أَنَّ امْرَأَةَ الْمَجْبُوبِ إِذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ يَلْحَقُ بِهِ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ، لِتَوَهُّمِ شَغْل رَحِمِهَا بِمَائِهِ بِالسَّحْقِ، وَقَدْ أَتَتْ بِهِ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ احْتِيَاطًا اسْتِحْسَانًا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 3 / 134، وحاشية الدسوقي 2 / 422، وروضة الطالبين 8 / 222، وكشاف القناع 5 / 343، والمغني 7 / 289.</p><font color=#ff0000>(2)</font> روضة الطالبين 8 / 222.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٦)</span><hr/></div>لِتَوَهُّمِ الشَّغْل، وَالْعِدَّةُ وَالْوَلَدُ حَقُّ الشَّرْعِ (1) .</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ وَالأُْنْثَيَيْنِ لَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ مِنَ امْرَأَتِهِ لأَِنَّهُ لَا يَنْزِل وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِأَنْ يُخْلَقَ لَهُ وَلَدٌ.</p>وَأَضَافَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ إِنْ كَانَ مَجْبُوبًا بَقِيَ أُنْثَيَاهُ وَكَذَا مَسْلُولٌ خُصْيَتَاهُ وَبَقِيَ ذَكَرُهُ يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيل: لَا يَلْحَقُهُ (2) .</p>وَقَال مَالِكٌ إِنَّ الْخَصِيَّ وَالْمَجْبُوبَ أَرَى أَنْ يُسْأَل أَهْل الْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ يُولَدُ لِمِثْلِهِ يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَإِلَاّ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌لَحَاقُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ</span></p>: 11 - إِذَا انْعَقَدَتِ الْجُمُعَةُ صَحِيحَةً وَانْفَضَّ عَدَدٌ مِنَ الْمَأْمُومِينَ مِمَّنْ تَنْعَقِدُ بِهِمُ الْجُمُعَةُ ثُمَّ لَحِقَ بِالإِْمَامِ مَا يَكْمُل بِهِ الْعَدَدُ الَّذِي تَنْعَقِدُ بِهِ الْجُمُعَةُ فَفِي ذَلِكَ لِلْفُقَهَاءِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (صَلَاةُ الْجُمُعَةِ ف 20) .</p> </p>‌<span class="title">‌النَّادِرُ هَل يَلْحَقُ بِالْغَالِبِ</span></p>: 12 - الأَْصْل أَنَّ " الْعِبْرَةَ لِلْغَالِبِ الشَّائِعِ لَا لِلنَّادِرِ " وَقَال عَلِيٌّ حَيْدَرْ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البناية شرح الهداية 4 / 208، وفتح القدير 3 / 218 - 219.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 7 / 480، والقليوبي وعميرة 4 / 50.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المدونة 2 / 445.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٦)</span><hr/></div>الشَّائِعُ هُوَ الأَْمْرُ الَّذِي يُصْبِحُ مَعْلُومًا لِلنَّاسِ وَذَائِعًا بَيْنَهُمْ، مِثَال: إِنَّ الْحُكْمَ بِمَوْتِ الْمَفْقُودِ لِمُرُورِ 90 سَنَةً مِنْ عُمُرِهِ مُسْتَنِدٌ عَلَى الشَّائِعِ الْغَالِبِ بَيْنَ النَّاسِ مِنْ أَنَّ الإِْنْسَانَ لَا يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعِينَ عَامًا، عَلَى أَنَّ الْبَعْضَ قَدْ يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِلَاّ أَنَّهُ نَادِرٌ وَالنَّادِرُ لَا حُكْمَ لَهُ بَل يُحْكَمُ بِمَوْتِهِ عَلَى الْعُرْفِ الشَّائِعِ وَتُقَسَّمُ أَمْوَالُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ، كَذَلِكَ يُحْكَمُ بِبُلُوغِ مَنْ لَهُ مِنَ الْعُمُرِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً لأَِنَّهُ هُوَ السِّنُّ الشَّائِعُ لِلْبُلُوغِ وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ لَا يَبْلُغُ إِلَاّ فِي السَّابِعَةَ عَشْرَةَ أَوِ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ إِلَاّ أَنَّهُ نَادِرٌ فَلَا يُنْظَرُ إِلَيْهِ، كَذَلِكَ الْحُكْمُ بِسَبْعِ سِنِينَ لِمُدَّةِ حَضَانَةِ الصَّبِيِّ وَتِسْعٍ لِحِضَانَةِ الْبِنْتِ مَبْنِيٌّ عَلَى الشَّائِعِ الْمُتَعَارَفِ مِنْ أَنَّ الصَّبِيَّ إِذَا بَلَغَ السَّابِعَةَ مِنْ عُمُرِهِ يَسْتَغْنِي عَنْ مُعِينٍ لَهُ فِي لِبَاسِهِ وَأَكْلِهِ وَاسْتِنْجَائِهِ مَثَلاً، وَالْبِنْتُ إِذَا صَارَ عُمُرُهَا تِسْعَ سَنَوَاتٍ تُصْبِحُ مُشْتَهَاةً فِي الْغَالِبِ، وَاخْتِلَافُ النُّمُوِّ فِي الْبَعْضِ زِيَادَةً وَنُقْصَانًا بِتَأْثِيرِ التَّرْبِيَةِ وَالإِْقْلِيمِ لَا عِبْرَةَ لَهُ بَل الْمُعْتَبَرُ السَّبْعُ سَنَوَاتٍ لِلصَّبِيِّ وَالتِّسْعُ لِلْبِنْتِ، لأَِنَّهُ الشَّائِعُ الْغَالِبُ (1) .</p>إِلَاّ أَنَّ الْفُقَهَاءَ اسْتَثْنَوْا مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَسَائِل وَأَلْحَقُوا النَّادِرَ فِيهَا بِالْغَالِبِ، فَقَدْ ذَكَرَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح المجلة لعلي حيدر 1 / 45، 46، نشر مكتبة النهضة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٧)</span><hr/></div>الْقَرَافِيُّ عِنْدَ شَرْحِ قَاعِدَةِ مَا اعْتُبِرَ مِنَ الْغَالِبِ وَبَيْنَ مَا لُغِيَ مِنَ الْغَالِبِ أَمْثِلَةً لِمَا لُغِيَ فِيهِ الْغَالِبُ وَقُدِّمَ النَّادِرُ عَلَيْهِ وَأُثْبِتَ حُكْمُهُ دُونَهُ مِنْهَا</p>: أ - غَالِبُ الْوَلَدِ أَنْ يُوضَعَ لِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ فَإِذَا جَاءَ بَعْدَ خَمْسِ سِنِينَ مِنَ امْرَأَةٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا دَارَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ زِنًا وَهُوَ الْغَالِبُ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ تَأَخَّرَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَهُوَ نَادِرٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى وُقُوعِ الزِّنَا فِي الْوُجُودِ، أَلْغَى الشَّارِعُ الْغَالِبَ وَأَثْبَتَ حُكْمَ النَّادِرِ وَهُوَ تَأَخُّرُ الْحَمْل</p>. ب - طِينُ الْمَطَرِ الْوَاقِعُ فِي الطُّرُقَاتِ وَمَمَرِّ الدَّوَابِّ وَالْمَشْيِ بِالأَْحْذِيَةِ الَّتِي يُجْلَسُ بِهَا فِي الْمَرَاحِيضِ الْغَالِبُ عَلَيْهَا وُجُودُ النَّجَاسَةِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ وَإِنْ كُنَّا لَا نُشَاهِدُ عَيْنَهَا وَالنَّادِرُ سَلَامَتُهَا مِنْهَا وَمَعَ ذَلِكَ أَلْغَى الشَّارِعُ حُكْمَ الْغَالِبِ وَأَثْبَتَ حُكْمَ النَّادِرِ تَوْسِعَةً وَرَحْمَةً بِالْعِبَادِ فَيُصَلَّى بِهِ مِنْ غَيْرِ غَسْلٍ (1)</p>. وَقَال الزَّرْكَشِيُّ: يَنْقَسِمُ هَذَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:</p>أَحَدُهَا - مَا يَلْحَقُ قَطْعًا، كَمَنْ خُلِقَتْ بِلَا بَكَارَةٍ دَاخِلَةٌ فِي حُكْمِ الأَْبْكَارِ قَطْعًا فِي الاِسْتِئْذَانِ فِي الزَّوَاجِ، وَكَمَا إِذَا خُلِقَ لَهُ وَجْهَانِ وَلَمْ يَتَمَيَّزِ الزَّائِدُ يَجِبُ غَسْلُهُمَا قَطْعًا، وَكَذَلِكَ إِلْحَاقُ الْوَلَدِ بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ، فَإِنَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفروق للقرافي 4 / 104 - 105.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٧)</span><hr/></div>بَقَاءَهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ نَادِرٌ جِدًّا فَأَلْحَقُوهُ بِالْغَالِبِ، وَكَذَلِكَ إِذَا أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَحْظَتَيْنِ مِنْ زَمَنِ الْوَطْءِ لَحِقَهُ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ نَادِرٌ جِدًّا وَلَكِنَّ الشَّارِعَ أَعْمَل النَّادِرَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ سَتْرًا لِلْعِبَادِ.</p>الثَّانِي - مَا لَا يَلْحَقُ قَطْعًا: كَالأُْصْبُعِ الزَّائِدَةِ لَا تَلْحَقُ بِالأَْصْلِيَّةِ فِي حُكْمِ الدِّيَةِ قَطْعًا وَنِكَاحِ مَنْ بِالْمَشْرِقِ مَغْرِبِيَّةً لَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ.</p>الثَّالِثُ - مَا يَلْحَقُ بِهِ عَلَى الأَْصَحِّ كَنَقْضِ الْوُضُوءِ بِمَسِّ الذَّكَرِ الْمَقْطُوعِ إِلْحَاقًا بِالْغَالِبِ الْمُتَّصِل، وَقِيل لَا، لِلنُّدْرَةِ بِخِلَافِ مَسِّ الْعُضْوِ الْمُبَانِ مِنَ الْمَرْأَةِ لَا يَنْقُضُ، وَكَالنَّقْضِ بِخُرُوجِ النَّادِرِ مِنَ الْفَرْجِ وَجِوَازِ الْحَجْرِ مِنَ الْمَذْيِ وَالْوَدْيِ وَنَحْوِهِمَا، وَكَذَلِكَ دَمُ الْبَرَاغِيثِ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ قَطْعًا، وَكَذَا كَثِيرُهُ فِي الأَْصَحِّ، لأَِنَّ هَذَا الْجِنْسَ يَشُقُّ الاِحْتِرَازُ مِنْهُ فِي الْغَالِبِ فَأُلْحِقَ نَادِرُهُ بِغَالِبِهِ، وَكَذَا لَوْ طَال مُدَّةُ اجْتِمَاعِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَيَّامًا وَأَشْهُرًا وَهُوَ نَادِرٌ، فَالْمَذْهَبُ بَقَاءُ خِيَارِهِمَا إِذَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، وَقِيل: لَا يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَالْغَالِبِ.</p>الرَّابِعُ - مَا لَا يُلْحَقُ بِهِ عَلَى الأَْصَحِّ، كَالَّذِي يَتَسَارَعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لَا يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ فِي الأَْصَحِّ، وَلَوْ رَاجَتِ الْفُلُوسُ رَوَاجَ النُّقُودِ فَهَل تُعْطَى</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٨)</span><hr/></div>حُكْمَهَا فِي بَابِ الرِّبَا؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا اعْتِبَارًا بِالْغَالِبِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌لَحَاقُ التَّمْرِ بِأُصُول الشَّجَرِ عِنْدَ بَيْعِهِ</span></p>: 13 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي لَحَاقِ التَّمْرِ بِأُصُول الشَّجَرِ عِنْدَ بَيْعِهِ فِي مَوَاضِعَ، مِنْهَا: اشْتِرَاطُ التَّأْبِيرِ وَعَدِمُهُ، وَمِنْهَا اشْتِرَاطُ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، وَمِنْهَا لَحَاقُ بُرُوزِ النَّوْرِ أَوِ الثَّمَرِ بِتَشَقُّقِ الطَّلْعِ فِي النَّخْل.</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (ثِمَارٌ ف 14) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَلْحَقُ بِالثَّمَنِ</span></p>: 14 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى ثَمَنِ الْمَبِيعِ أَوِ الْحَطِّ مِنْهُ هَل يَلْتَحِقَانِ بِأَصْل الْعَقْدِ أَمْ لَا.</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحَيْ (بَيْعٌ ف 56 وَمَا بَعْدَهَا، ثَمَنٌ ف 25 وَمَا بَعْدَهَا) .</p> </p>‌<span class="title">‌لَحْد</span></p> </p>انْظُرْ: قَبْر<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المنثور للزركشي 3 / 243، 244.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لَحْمٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ</span></p>: 1 - اللَّحْمُ وَاللَّحَمُ لُغَتَانِ، وَهُوَ مِنْ جِسْمِ الْحَيَوَانِ وَالطَّيْرِ: الْجُزْءُ الْعَضَلِيُّ الرَّخْوُ بَيْنَ الْجِلْدِ وَالْعَظْمِ.</p>وَلَحْمُ كُل شَيْءٍ لُبُّهُ، وَاللَّحْمَةُ الْقِطْعَةُ مِنْهُ، وَجَمْعُهُ أَلْحُمٌ وَلُحُومٌ وَلِحَامٌ وَلُحْمَانٌ (1) .</p>وَلَا يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌الطَّعَامُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الطَّعَامُ لُغَةً</p>: كُل مَا يُؤْكَل مُطْلَقًا (2) .</p>وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.</p>وَالطَّعَامُ يَعُمُّ اللَّحْمَ وَغَيْرَهُ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ: </span>3 - الأَْصْل فِي اللُّحُومِ الْحِل وَلَا يُصَارُ إِلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) القاموس، ولسان العرب، والمصباح المنير، والمعجم الوسيط مادة (لحم) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> لسان العرب، وتاج العروس مادة (طعم) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٩)</span><hr/></div>التَّحْرِيمِ إِلَاّ لِدَلِيلٍ خَاصٍّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَْرْضِ جَمِيعًا} (1)، وَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَيُحِل لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ} (2) .</p>وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ بَعْضِ اللُّحُومِ مِنْ حَيْثُ الْحِل وَالْحُرْمَةُ وَالطَّهَارَةُ وَالنَّجَاسَةُ، وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:</p> </p>‌<span class="title">‌اللَّحْمُ الْمَقْطُوعُ مِنْ حَيَوَانٍ</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى أَنَّ مَا أُبِينَ أَوْ قُطِعَ مِنْ حَيَوَانٍ حَيٍّ مَأْكُولٍ - غَيْرَ الصُّوفِ وَالشَّعَرِ - فَهُوَ كَمَيْتَتِهِ فَلَا يَجُوزُ أَكْلُهُ لِنَجَاسَتِهِ (3) .</p>لِحَدِيثِ: مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهِيَ مَيْتَةٌ (4) .</p>وَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (أَطْعِمَةٌ ف 74) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَكْل اللَّحْمِ النَّتِنِ</span></p>: 5 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى حُرْمَةِ أَكْل اللَّحْمِ إِذَا أَنْتَنَ لأَِنَّهُ يَضُرُّ لَا لأَِنَّهُ نَجِسٌ (5) .</p>وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ عَدِمُ كَرَاهَةِ أَكْل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة / 29.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الأعراف / 157.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع 5 / 44 - 45، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2 / 108، والبجيرمي على الخطيب 4 / 256، والقليوبي وعميرة 4 / 242، والمغني 11 / 53 - 54.</p><font color=#ff0000>(4)</font> (3) حديث:" ما قطع من البهيمة وهي حية فهي ميتة ". أخرجه الترمذي (4 / 74) من حديث أبي واقد الليثي، وقال: حديث حسن.</p><font color=#ff0000>(5)</font> الفتاوى الهندية 5 / 339.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٩)</span><hr/></div>اللَّحْمِ الْمُنْتِنِ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُنْتَهَى، وَكَرِهَ الْمَرْدَاوِيُّ أَكْل اللَّحْمِ الْمُنْتِنِ (1) .</p>وَاللَّحْمُ الْمُنْتِنُ إِنْ كَانَ لَحْمَ جَلَاّلَةٍ فَالأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ، وَقِيل: يَحْرُمُ. وَإِنْ كَانَ لَحْمَ غَيْرِ الْجَلَاّلَةِ وَذُكِّيَ تَذْكِيَةً شَرْعِيَّةً فَإِنَّهُ يُكْرَهُ عَلَى الصَّحِيحِ إِذَا نَتَنَ وَتَرَوَّحَ كَمَا قَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌اللَّحْمُ الْمَطْبُوخُ بِنَجِسٍ</span></p>: 6 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي الرَّاجِحِ عِنْدَهُمْ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّ اللَّحْمَ الْمَطْبُوخَ بِنَجِسٍ لَا يَطْهُرُ لأَِنَّ أَجْزَاءَ النَّجَاسَةِ قَدْ تَأَصَّلَتْ فِيهِ (3) .</p>وَفِي قَوْلٍ لِلْمَالِكِيَّةِ وَرِوَايَةٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ يَطْهُرُ (4) ، وَلَهُمْ تَفْصِيلٌ فِي كَيْفِيَّةِ التَّطْهِيرِ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (طَهَارَةٌ، فِقْرَةُ 31) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ طُبِخَ لَحْمٌ بِمَاءٍ نَجِسٍ كَفَى غَسْلُهُ</p>، قَال النَّوَوِيُّ وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ الشَّاشِيُّ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ (5) . وَقَال أَبُو يُوسُفَ: يُطْبَخُ بِالْمَاءِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الإنصاف 10 / 368، والفروع 6 / 302، وكشاف القناع 6 / 195، وشرح منتهى الإرادات 3 / 400.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 4 / 304، والمجموع 9 / 28.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البحر الرائق 1 / 251 - 252، وحاشية ابن عابدين 1 / 223، والفتاوى الهندية 1 / 42، ومواهب الجليل 1 / 114، والخرشي على خليل 1 / 95 - 96، والمبدع 1 / 243، والإنصاف 1 / 321، والمجموع 2 / 600، ومغني المحتاج 1 / 86.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مواهب الجليل 1 / 114، والإنصاف 1 / 321.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المجموع 2 / 600.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٠)</span><hr/></div>وَيُجَفَّفُ فِي كُل مَرَّةٍ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْوُضُوءُ مِنْ أَكْل لَحْمِ الْجَزُورِ</span></p>: 7 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ إِلَى أَنَّ أَكْل لَحْمِ الْجَزُورِ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ (2) لِمَا رَوَاهُ جَابِرٌ قَال: كَانَ آخِرُ الأَْمْرَيْنِ مِنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَرْكَ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ (3) . وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ خُزَيْمَةَ إِلَى أَنَّهُ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، لِمَا رَوَى جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ أَنَّ رَجُلاً سَأَل رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَأَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ؟ قَال: إِنْ شِئْتَ فَتَوَضَّأْ وَإِنْ شِئْتَ فَلَا تَوَضَّأْ قَال: أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الإِْبِل؟ قَال: نَعَمْ، فَتَوَضَّأَ مِنْ لُحُومِ الإِْبِل (4) ، وَمُقْتَضَى الأَْمْرِ الإِْيجَابُ (5) .</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (وُضُوءٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الهندية 1 / 42، والبحر الرائق 1 / 251.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 1 / 32، والكافي لابن عبد البر 1 / 151، وشرح الزرقاني على مختصر خليل 1 / 92، وروضة الطالبين 1 / 72، والمجموع. 2 / 57 - 59، والمغني 1 / 179، والإنصاف 1 / 216.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث جابر:" كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . ". أخرجه أبو داود (1 / 133)، ونقل ابن حجر في الفتح (1 / 311) عن ابن خزيمة وابن حبان أنهما صححاه.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث جابر بن سمرة:" أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أأتوضأ من لحوم الغنم. . . ". أخرجه مسلم (1 / 275) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> روضة الطالبين 1 / 72، والمجموع 2 / 57 - 59، وكشاف القناع 1 / 130، والمغني 1 / 179 - 182، والإنصاف 1 / 216.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لَحْمُ الأُْضْحِيَّةِ</span></p>: 8 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ مِنْ مَسْنُونَاتِ الأُْضْحِيَّةِ أَنْ يَأْكُل الْمُضَحِّي مِنْ لَحْمِ أُضْحِيَّتِهِ وَيُطْعِمَ وَيَدَّخِرَ، وَالأَْفْضَل أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالثُّلُثِ وَيَتَّخِذَ الثُّلُثَ ضِيَافَةً لأَِقَارِبِهِ وَأَصْدِقَائِهِ وَيَدَّخِرَ الثُّلُثَ.</p>أَمَّا الأُْضْحِيَّةُ الْمَنْذُورَةُ فَلَا يَجُوزُ الأَْكْل مِنْهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْمَنْذُورَةَ كَغَيْرِهَا فِي جِوَازِ الأَْكْل.</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ:(أُضْحِيَّةٌ ف 59) .</p> </p>‌<span class="title">‌لَحْمُ الْعَقِيقَةِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ طَبْخُ لَحْمِ الْعَقِيقَةِ كُلِّهَا حَتَّى مَا يُتَصَدَّقُ بِهِ.</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ فِي الْعَقِيقَةِ تَفْرِيقُهَا نِيئَةً وَمَطْبُوخَةً.</p>انْظُرْ (عَقِيقَةٌ ف 13) .</p> </p>‌<span class="title">‌لَحْمُ الْخَيْل:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ قَوْلٌ لِلْمَالِكِيَّةِ إِلَى إِبَاحَةِ أَكْل لَحْمِ الْخَيْل لِحَدِيثِ جَابِرٍ قَال: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَْهْلِيَّةِ وَرَخَّصَ فِي لُحُومِ الْخَيْل (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث جابر: " نهى النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 9 / 648) ومسلم (3 / 1541) واللفظ للبخاري.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١١)</span><hr/></div>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى عِنْدَهُمْ - وَهُوَ قَوْلٌ ثَانٍ لِلْمَالِكِيَّةِ إِلَى حِل أَكْلِهَا مَعَ الْكَرَاهَةِ التَّنْزِيهِيَّةِ لاِخْتِلَافِ الأَْحَادِيثِ الْمَرْوِيَّةِ فِي الْبَابِ لاِخْتِلَافِ السَّلَفِ (1) .</p>وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ أَكْل لَحْمِ الْخَيْل مُحَرَّمٌ (2) .</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (أَطْعِمَةٌ ف 44) .</p> </p>‌<span class="title">‌لَحْمُ الْحِمَارِ الأَْهْلِيِّ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ الْقَوْل الرَّاجِحُ لِلْمَالِكِيَّةِ إِلَى حُرْمَةِ أَكْل لَحْمِ الْحِمَارِ الأَْهْلِيِّ، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله عنه: نَهَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَْهْلِيَّةِ (3) .</p>وَالْقَوْل الثَّانِي لِلْمَالِكِيَّةِ أَنَّ لَحْمَ الْحِمَارِ الأَْهْلِيِّ يُؤْكَل مَعَ الْكَرَاهَةِ التَّنْزِيهِيَّةِ (4) . وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (أَطْعِمَةٌ ف 46) .</p> </p>‌<span class="title">‌لَحْمُ الْخِنْزِيرِ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى حُرْمَةِ أَكْل لَحْمِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 5 / 38 - 39، وحاشية ابن عابدين 5 / 193، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2 / 117، ونهاية المحتاج 8 / 143، والمغني 11 / 69 - 70.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الدسوقي 2 / 177، والحطاب 3 / 235.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث جابر: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الحمر الأهلية ". تقدم في (ف10) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> بدائع الصنائع 5 / 37، والفتاوى الهندية 5 / 290، وابن عابدين 5 / 193، وحاشية الدسوقي 2 / 117، ونهاية المحتاج 8 / 144، والمغني 11 / 65 - 66.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١١)</span><hr/></div>الْخِنْزِيرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُل لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَاّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} (1) . انْظُرْ مُصْطَلَحَ (خِنْزِيرٌ ف 3) .</p> </p>‌<span class="title">‌لَحْمُ الْبَغْل:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى حُرْمَةِ أَكْل لَحْمِ الْبَغْل لأَِنَّهُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ أَصْلَيْنِ اجْتَمَعَ فِيهِمَا الْحِل وَالْحُرْمَةُ فَيُغَلَّبُ جَانِبُ الْحُرْمَةِ احْتِيَاطًا (2) .</p>وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الْبَغْل يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الْحِل وَالْحُرْمَةِ (3) .</p>وَالْمَالِكِيَّةُ يَقُولُونَ بِقَاعِدَةِ التَّبَعِيَّةِ لِلأُْمِّ فِي الْحُكْمِ (4)، مَعَ بَعْضِ الاِخْتِلَافِ. وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (أَطْعِمَةٌ ف 59 - 60) .</p> </p>‌<span class="title">‌لَحْمُ الْكَلْبِ:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ قَوْل الْمَالِكِيَّةِ - صَحَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ - إِلَى حُرْمَةِ أَكْل لَحْمِ الْكَلْبِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: كُل ذِي نَابٍ مِنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الأنعام / 145.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 8 / 144 - 146، والمغني 11 / 66.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع 5 / 37.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2 / 117، وبداية المجتهد 1 / 455.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٢)</span><hr/></div>السِّبَاعِ فَأَكْلُهُ حَرَامٌ (1) .</p>وَالْقَوْل الآْخَرُ لِلْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ أَكْل لَحْمِ الْكَلْبِ (2) .</p>وَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (أَطْعِمَةٌ ف 24 - 29) مُصْطَلَحِ (كَلْبٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌لَحْمُ الإِْنْسَانِ فِي غَيْرِ حَالَةِ الضَّرُورَةِ:</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى حُرْمَةِ أَكْل لَحْمِ الإِْنْسَانِ (3) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} (4) وَوَرَدَ الْخِلَافُ فِي حُكْمِ أَكْل الْمُضْطَرِّ لَحْمَ الإِْنْسَانِ. وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (ضَرُورَةٌ ف 10) .</p> </p>‌<span class="title">‌غَسْل الْفَمِ وَالْيَدِ مِنْ أَكْل اللَّحْمِ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ إِلَى اسْتِحْبَابِ غَسْل الْيَدَيْنِ بَعْدَ الطَّعَامِ لِحَدِيثِ: مَنْ بَاتَ وَفِي يَدِهِ رِيحُ غَمْرٍ فَأَصَابَهُ شَيْءٌ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَاّ نَفْسَهُ (5) .</p>وَصَرَّحَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ بِاسْتِحْبَابِ غَسْل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث أبي هريرة: " كل ذي ناب من السباع فأكله حرام ". أخرجه مسلم (3 / 1534) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 5 / 39، وجواهر الإكليل 1 / 218، ونهاية المحتاج 8 / 143، والمجموع 9 / 8، والمغني 11 / 66.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية ابن عابدين 1 / 136، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2 / 114، وفتح العزيز مع المجموع 1 / 162، والقليوبي وعميرة 4 / 262، ومطالب أولي النهى 6 / 323.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة الإسراء / 70.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث: " من بات وفي يده ريح غمر. . . ". أخرجه الترمذي 4 / 289 من حديث أبي هريرة، وقال: حديث حسن.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٢)</span><hr/></div>الْفَمِ وَالْيَدِ مِنْ أَكْل اللَّحْمِ خَاصَّةً، لِمَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ تَمَضْمَضَ مِنَ السَّوِيقِ (1) ، وَهُوَ أَيْسَرُ مِنَ اللَّحْمِ، وَلِمَا وَرَدَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه أَنَّهُ غَسَل يَدَهُ مِنَ اللَّحْمِ وَتَمَضْمَضَ مِنْهُ (2) .</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (أَكْلٌ ف 14 - 15، وَيَدٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحَلِفُ عَلَى عَدَمِ أَكْل اللَّحْمِ</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْحَالِفَ عَلَى تَرْكِ اللَّحْمِ يَحْنَثُ بِأَكْل مَا لَيْسَ بِلَحْمٍ مِنَ الشَّحْمِ وَنَحْوِهِ لأَِنَّهُ لَحْمٌ حَقِيقَةً وَيُتَّخَذُ مِنْهُ مَا يُتَّخَذُ مِنَ اللَّحْمِ.</p>وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ شَحْمَ الأَْلْيَةِ إِلَاّ إِذَا نَوَاهُ فِي الْيَمِينِ (3) .</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ لأَِنَّهُ لَا يُسْمَى لَحْمًا وَيَنْفَرِدُ عَنْهُ بِاسْمِهِ وَصِفَتِهِ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ:</span></p><font color=#ff0000>18 -</font> ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم تمضمض من السويق ". أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 312) من حديث سويد بن النعمان.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتاوى الهندية 5 / 337، والمنتقى 1 / 66، ومواهب الجليل 1 / 302، وروضة الطالبين 7 / 340، وشرح صحيح مسلم 4 / 46، والإنصاف 8 / 324، والمغني 8 / 120. وأثر عثمان. أخرجه مالك 1 / 26.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفتاوى الهندية 2 / 83، وجواهر الإكليل 1 / 235، والمغني 11 / 318.</p><font color=#ff0000>(4)</font> القليوبي وعميرة 4 / 280، والمغني 11 / 318.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٣)</span><hr/></div>عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ اللَّحْمِ بِحَيَوَانٍ مِنْ جِنْسِهِ كَلَحْمِ شَاةٍ بِشَاةٍ حَيَّةٍ (1) لِحَدِيثِ: نَهَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ (2) .</p>وَأَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ هَذَا الْبَيْعَ (3)، وَلَهُمْ تَفْصِيلٌ فِي ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (بَيْعٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ ف 60) .</p>وَهُنَاكَ خِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي بَيْعِ اللَّحْمِ بِحَيَوَانٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ وَبِحَيَوَانٍ غَيْرِ مَأْكُولٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (بَيْعٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ ف 60 - 62) .</p> </p>‌<span class="title">‌السَّلَمُ فِي اللَّحْمِ:</span></p><font color=#ff0000>19 -</font> ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ قَوْل أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى صِحَّةِ السَّلَمِ فِي اللَّحْمِ بِشَرْطِ ضَبْطِ صِفَاتِهِ بِذِكْرِ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالصِّفَةِ، وَذَلِكَ لِحَدِيثِ: مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ (4) ، وَلأَِنَّهُ إِذَا جَازَ السَّلَمُ فِي الْحَيَوَانِ فَاللَّحْمُ أَوْلَى (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح الخرشي 5 / 68، وشرح المحلي على المنهاج 2 / 174 - 175، والمغني4 / 146 - 149.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" نهى عن بيع الحيوان باللحم. . . ". أخرجه مالك في الموطأ 2 / 665 من حديث سعيد بن المسيب مرسلا، وذكر له ابن حجر في التلخيص (2 / 10) شواهد تقويه.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع 5 / 189، وتبيين الحقائق 4 / 91.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث:" من أسلف في شيء ففي كيل معلوم. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري / 429) ومسلم (3 / 1227) من حديث ابن عباس واللفظ للبخاري.</p><font color=#ff0000>(5)</font> بداية المجتهد 2 / 202، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3 / 189، ومغني المحتاج 2 / 112، والمغني 4 / 316.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٣)</span><hr/></div>وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى عَدَمِ صِحَّةِ السَّلَمِ فِي اللَّحْمِ لِوُجُودِ الْجَهَالَةِ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌بَيْعُ اللَّحْمِ بِاللَّحْمِ:</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي بَيْعِ اللَّحْمِ بِاللَّحْمِ وَهُوَ خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى كَوْنِ اللَّحْمِ جِنْسًا وَاحِدًا أَوْ أَجْنَاسًا مُخْتَلِفَةً، فَمَنْ قَال بِأَنَّ اللَّحْمَ جِنْسٌ وَاحِدٌ لَمْ يَجُزْ عِنْدَهُ بَيْعُ لَحْمٍ بِلَحْمٍ إِلَاّ مُتَمَاثِلاً، وَمَنْ جَعَلَهُ أَجْنَاسًا مُخْتَلِفَةً جَازَ عِنْدَهُ بَيْعُهُ مُتَفَاضِلاً، عَلَى تَفْصِيلٍ فِي كُل مَذْهَبٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (رِبًا ف 27 - 30) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 5 / 210.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لَحْنٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> اللَّحْنُ: فِي اللُّغَةِ يُطْلَقُ عَلَى مَعَانٍ عِدَّةٍ. يُقَال: لَحِنَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ لَحْنًا: قَال لَهُ قَوْلاً يَفْهَمُهُ عَنْهُ، وَيَخْفَى عَلَى غَيْرِهِ، وَيُطْلَقُ عَلَى الْخَطَأِ فِي الإِْعْرَابِ وَمُخَالَفَةِ الصَّوَابِ فِيهِ، يُقَال: لَحِنَ الْقَارِئُ فِي الْقِرَاءَةِ وَالْمُتَكَلِّمُ فِي كَلَامِهِ، يَلْحَنُ لَحْنًا: أَخْطَأَ فِي الإِْعْرَابِ، وَخَالَفَ وَجْهَ الصَّوَابِ.</p>وَيُطْلَقُ عَلَى الْفِطْنَةِ، فَفِي الأَْثَرِ: إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَل بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ (1) . . . أَيْ أَفْطَنَ بِحُجَّتِهِ، قَال ابْنُ حَجَرٍ: الْمُرَادُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ أَفْطَنَ كَانَ قَادِرًا عَلَى أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ فِي حُجَّتِهِ مِنَ الآْخَرِ، وَيُطْلَقُ عَلَى الأَْصْوَاتِ الْمَصُوغَةِ الْمَوْضُوعَةِ الَّتِي فِيهَا تَغْرِيدٌ، وَتَطْرِيبٌ، وَجَمْعُهُ أَلْحَانٌ، وَلُحُونٌ، وَيُقَال: لَحْنُ الْقَوْل أَيْ فَحْوَاهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " إنكم تختصمون إليَّ. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 12 / 339) من حديث أم سلمة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٤)</span><hr/></div>وَمَعْنَاهُ (1) .</p>وَفِي اصْطِلَاحِ النَّحْوِيِّينَ هُوَ: الْخَطَأُ فِي إِعْرَابِ الْكَلِمَةِ، أَوْ تَصْحِيحُ الْمُفْرَدِ. وَعِنْدَ الْقُرَّاءِ هُوَ: خَلَلٌ يَطْرَأُ عَلَى اللَّفْظِ فَيُخِل بِالْمَعْنَى (2) .</p>وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِاللَّحْنِ:</span></p>‌<span class="title">‌تَعَمُّدُ اللَّحْنِ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ الْمُعْجِزُ الْمُنَزَّل عَلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَنْقُول بِالتَّوَاتُرِ، فَيَحْرُمُ تَعَمُّدُ اللَّحْنِ فِيهِ، سَوَاءٌ أَغَيَّرَ الْمَعْنَى أَمْ لَمْ يُغَيِّرْ، لأَِنَّ أَلْفَاظَهُ تَوْقِيفِيَّةٌ نُقِلَتْ إِلَيْنَا بِالتَّوَاتُرِ، فَلَا يَجُوزُ تَغْيِيرُ لَفْظٍ مِنْهُ بِتَغْيِيرِ الإِْعْرَابِ أَوْ بِتَغْيِيرِ حُرُوفِهِ بِوَضَعِ حَرْفٍ مَكَانَ آخَرَ.</p>وَلأَِنَّ فِي تَعَمُّدِ اللَّحْنِ عَبَثًا بِكَلَامِ اللَّهِ، وَاسْتِهْزَاءً بِآيَاتِهِ، وَهُوَ كُفْرٌ بَوَاحٌ (3)، قَال تَعَالَى:{قُل أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (4) .</p>قَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ بِجَوَازِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِالأَْلْحَانِ إِذَا لَمْ تَتَغَيَّرِ الْكَلِمَةُ عَنْ وَضْعِهَا، وَلَمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب ومتن اللغة، والكليات مادة (لحن) ، وفتح الباري 12 / 339.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الكليات لأبي البقاء الكفوي 4 / 172.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كشاف القناع 1 / 481.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة التوبة / 66.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٥)</span><hr/></div>يَحْصُل بِاللَّحْنِ تَطْوِيلٌ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْحَرْفُ حَرْفَيْنِ، أَوْ يَصِل بِهِ إِلَى مَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنَ الْقُرَّاءِ بَل كَانَ لِمُجَرَّدِ تَحْسِينِ الصَّوْتِ، وَتَزْيِينِ الْقِرَاءَةِ، بَل يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ (1)، وَفِي أَثَرٍ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه: تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَاللَّحْنَ وَالسُّنَنَ كَمَا تَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ (2) .</p>وَنَقَل النَّوَوِيُّ عَنِ الْمَاوَرْدِيَّ أَنَّهُ قَال: الْقِرَاءَةُ بِالأَْلْحَانِ الْمَوْضُوعَةِ إِنْ أَخْرَجَتْ لَفْظَ الْقُرْآنِ عَنْ صِيغَتِهِ بِإِدْخَال حَرَكَاتٍ فِيهِ أَوْ إِخْرَاجِ حَرَكَاتٍ مِنْهُ أَوْ قَصْرِ مَمْدُودٍ أَوْ مَدِّ مَقْصُورٍ، أَوْ تَمْطِيطٍ يَخْفَى بِهِ بَعْضُ اللَّفْظِ وَيَلْتَبِسُ الْمَعْنَى فَهُوَ حَرَامٌ يَفْسُقُ بِهِ الْقَارِئُ وَيَأْثَمُ بِهِ الْمُسْتَمِعُ، لأَِنَّهُ عَدَل بِهِ عَنْ نَهْجِهِ الْقَوِيمِ إِلَى الاِعْوِجَاجِ وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُول:{قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} (3) قَال: وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهُ اللَّحْنُ عَنْ لَفْظِهِ وَقِرَاءَتِهِ عَلَى تَرْتِيلِهِ كَانَ مُبَاحًا، لأَِنَّهُ زَادَ بِأَلْحَانِهِ فِي تَحْسِينِهِ (4) .</p>وَنَقَل ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ عَنِ الشَّاشِيِّ أَنَّهُ نَسَبَ فِي حِلْيَتِهِ إِلَى الشَّافِعِيِّ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المحلي وعميرة 4 / 320، وابن عابدين 5 / 272، 1 / 424.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أثر عمر:" تعلموا الفرائض. . . ". أخرجه الدارمي (2 / 341) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الزمر / 27.</p><font color=#ff0000>(4)</font> التبيان في آداب حملة القرآن ص146 - 147.</p><font color=#ff0000>(5)</font> كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع بهامش الزواجر 1 / 70.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٥)</span><hr/></div>وَقَال فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: إِنْ قَرَأَ بِالأَْلْحَانِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ إِنْ غَيَّرَ الْكَلِمَةَ وَيَقِفُ فِي مَوْضِعِ الْوَصْل أَوْ فَصَل فِي مَوْضِعِ الْوَقْفِ يُكْرَهُ وَإِلَاّ لَا يُكْرَهُ (1) .</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحَاتِ: (قِرَاءَةٌ ف 9، غِنَاءٌ ف 11) .</p> </p>‌<span class="title">‌اللَّحْنُ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ تَعَمُّدَ اللَّحْنِ فِي الصَّلَاةِ إِنْ كَانَ فِي الْفَاتِحَةِ يُبْطِل الصَّلَاةَ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ إِذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ، أَوْ كَانَ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ.</p>قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِنْ كَانَ اللَّحْنُ لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى كَرَفْعِ هَاءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ كَانَتْ إِمَامَتُهُ مَكْرُوهَةً كَرَاهَةً تَنْزِيهِيَّةً وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَنِ اقْتَدَى بِهِ.</p>وَإِنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى كَضَمِّ " تَاءِ " أَنْعَمْتَ، وَكَسْرِهَا، وَكَقَوْلِهِ: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِينَ بَدَل " الْمُسْتَقِيمَ ".</p>فَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ لَهُ التَّعَلُّمُ فَهُوَ مُرْتَكِبٌ لِلْحَرَامِ، وَيَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ بِالتَّعَلُّمِ، فَإِنْ قَصَّرَ، وَضَاقَ الْوَقْتُ لَزِمَهُ أَنْ يُصَلِّيَ، وَيَقْضِيَ، وَلَا يَصِحُّ الاِقْتِدَاءُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّعَلُّمُ لِعَجْزٍ فِي لِسَانِهِ، أَوْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ يُمْكِنُ لَهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الهندية 5 / 317.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٦)</span><hr/></div>التَّعَلُّمُ فِيهَا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ، وَكَذَا صَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ، هَذَا إِذَا وَقَعَ اللَّحْنُ فِي الْفَاتِحَةِ، وَإِنْ لَحِنَ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ كَالسُّورَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَصَلَاةُ كُل أَحَدٍ صَلَّى خَلْفَهُ، لأَِنَّ تَرْكَ السُّورَةِ لَا يُبْطِل الصَّلَاةَ فَلَا يَمْنَعُ الاِقْتِدَاءَ بِهِ (1)</p>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: تَفْسُدُ الصَّلَاةُ بِاللَّحْنِ الَّذِي يُغَيِّرُ الْمَعْنَى تَغْيِيرًا يَكُونُ اعْتِقَادُهُ كُفْرًا سَوَاءٌ وُجِدَ مِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ أَمْ لَا، إِلَاّ مَا كَانَ فِي تَبْدِيل الْجُمَل مَفْصُولاً بِوَقْفٍ تَامٍّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ، وَالْمَعْنَى بَعِيدٌ، وَيَتَغَيَّرُ بِهِ الْمَعْنَى تَغْيِيرًا فَاحِشًا تَفْسُدُ الصَّلَاةُ بِهِ أَيْضًا، كَـ " هَذَا الْغُبَارِ " بَدَل " هَذَا الْغُرَابِ " وَكَذَا إِنْ لَمْ يُوجَدْ مِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ، وَلَا مَعْنَى لَهُ مُطْلَقًا، كَالسَّرَائِل، بَدَل " السَّرَائِرِ ".</p>وَإِنْ كَانَ فِي الْقُرْآنِ مِثْلُهُ وَكَانَ الْمَعْنَى بَعِيدًا وَلَكِنْ لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى تَغْيِيرًا فَاحِشًا تَفْسُدُ الصَّلَاةُ بِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَقَال بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: لَا تَفْسُدُ لِعُمُومِ الْبَلْوَى، وَهُوَ قَوْل أَبِي يُوسُفَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقُرْآنِ وَلَكِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِهِ الْمَعْنَى نَحْوَ:" قَيَّامِينَ " بَدَل: " قَوَّامِينَ " فَالْخِلَافُ بَيْنَهُمْ بِالْعَكْسِ: فَالْمُعْتَبَرُ فِي عَدَمِ الْفَسَادِ عِنْدَ عَدَمِ تَغَيُّرِ الْمَعْنَى كَثِيرًا وُجُودُ الْمِثْل فِي الْقُرْآنِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. وَالْمُوَافَقَةُ فِي الْمَعْنَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع 4 / 268 - 269، والمغني 2 / 297.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٦)</span><hr/></div>عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، فَهَذِهِ قَوَاعِدُ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ، وَأَمَّا الْمُتَأَخِّرُونَ: كَابْنِ مُقَاتِلٍ، وَابْنِ سَلَاّمٍ، وَإِسْمَاعِيل الزَّاهِدِ، وَأَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيِّ، وَالْهِنْدُوَانِيِّ، وَابْنِ الْفَضْل فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْخَطَأَ فِي الإِْعْرَابِ لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ مُطْلَقًا، وَإِنْ أَدَّى اعْتِقَادُهُ كُفْرًا، كَكَسْرِ " وَرَسُولِهِ "، فِي قَوْله تَعَالَى:{أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} لأَِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ وُجُوهِ الإِْعْرَابِ، وَإِنْ كَانَ الْخَطَأُ بِإِبْدَال حَرْفٍ بِحَرْفٍ: فَإِنْ أَمْكَنَ الْفَصْل بَيْنَهُمَا بِلَا كُلْفَةٍ كَالصَّادِ مَعَ الطَّاءِ بِأَنْ قَرَأَ الطَّالِحَاتِ، بَدَل " الصَّالِحَاتِ " فَهُوَ مُفْسِدٌ بِاتِّفَاقِ أَئِمَّتِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنَ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا إِلَاّ بِمَشَقَّةٍ كَالظَّاءِ مَعَ الضَّادِ وَالصَّادِ مَعَ السِّينِ فَأَكْثَرُهُمْ عَلَى عَدَمِ الْفَسَادِ لِعُمُومِ الْبَلْوَى (1)، وَلَمْ يُفَرِّقِ الْحَنَفِيَّةُ بَيْنَ أَنْ يَقَعَ اللَّحْنُ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ فِي الْفَاتِحَةِ أَوْ فِي غَيْرِهَا.</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ فِي أَصَحِّ الأَْقْوَال عِنْدَهُمْ: لَا تَبْطُل الصَّلَاةُ بِلَحْنٍ فِي الْقِرَاءَةِ وَلَوْ بِالْفَاتِحَةِ، وَإِنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى، وَأَثِمَ الْمُقْتَدِي بِهِ إِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ، مِمَّنْ يُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌اللَّحْنُ بِمَعْنَى التَّغْرِيدِ وَالتَّطْرِيبِ</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> اللَّحْنُ بِهَذَا الْمَعْنَى إِنْ كَانَ بِلَا آلَةٍ، وَلَمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 1 / 423، وفتح القدير 1 / 281.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الصغير 1 / 437، مختصر خليل 1 / 78.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٧)</span><hr/></div>يَكُنْ فِي أَلْفَاظِهِ مَا يَحْرُمُ كَوَصْفِ امْرَأَةٍ، أَوْ أَمْرَدَ مُعَيَّنَيْنِ حَيَّيْنِ، وَوَصْفِ الْخَمْرِ الْمُهَيِّجِ إِلَيْهَا وَهِجَاءِ مُسْلِمٍ، أَوْ ذِمِّيٍّ فَهُوَ مَكْرُوهٌ فِي الْجُمْلَةِ لِشَغْلِهِ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ لَهْوٍ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ آلَةٍ، وَفُحْشِ الْقَوْل فَهُوَ حَرَامٌ. وَإِنْ كَانَ فِيهِ حِكَمٌ، وَمَوَاعِظُ وَخَلَا مِنَ الآْلَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ قَصَدَ مِنْهُ الاِسْتِشْهَادَ، أَوْ لِيَعْلَمَ فَصَاحَتَهُ، وَبَلَاغَتَهُ، أَوْ أَنْشَدَ فِي خَلْوَةٍ وَحْدَهُ لِيَطْرُدَ عَنْ نَفْسِهِ الْمَلَل، فَلَا بَأْسَ بِهِ أَيْضًا.</p>وَالتَّفْصِيل فِي (غِنَاءٌ، شِعْرٌ ف 17، تَشْبِيبٌ ف 2 - 3) .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لُحُوقُ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> اللُّحُوقُ فِي اللُّغَةِ: الإِْدْرَاكُ، مِنْ لَحِقَ بِهِ لَحْقًا وَلَحَاقًا: أَدْرَكَهُ، وَكُل شَيْءٍ أَدْرَكَ شَيْئًا فَهُوَ لَاحِقٌ بِهِ (1) .</p>أَمَّا فِي الاِصْطِلَاحِ فَيَخْتَلِفُ مَعْنَاهُ بِاخْتِلَافِ الأَْبْوَابِ الَّتِي يُسْتَعْمَل فِيهَا، وَيَسْتَعْمِل الْفُقَهَاءُ مَادَّةَ لَحِقَ وَمُشْتَقَّاتِهَا فِي مَسَائِل ثُبُوتِ النَّسَبِ، وَالْتِحَاقِ الذِّمِّيِّ وَالْمُرْتَدِّ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَإِلْحَاقِ جَنِينِ الْمُذَكَّاةِ بِأُمِّهِ فِي الْحِل، وَإِلْحَاقِ صِغَارِ السَّائِمَةِ فِي الزَّكَاةِ، وَلُحُوقِ تَوَابِعِ الْمَبِيعِ بِهِ فِي الْبَيْعِ، كَمَا اسْتَعْمَلَهُ الأُْصُولِيُّونَ بِمَعْنَى الْقِيَاسِ وَهُوَ إِلْحَاقُ الْفَرْعِ بِالأَْصْل فِي الْحُكْمِ لِعِلَّةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُمَا.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِاللُّحُوقِ:</span></p>تَتَعَلَّقُ بِاللُّحُوقِ أَحْكَامٌ مِنْهَا:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، ومتن اللغة، ومختار الصحاح، والمعجم الوسيط.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌اللُّحُوقُ فِي النَّسَبِ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> اللُّحُوقُ فِي النَّسَبِ هُوَ ثُبُوتُ نَسَبِ الْوَلَدِ، وَانْتِسَابِهِ لِمَنْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ، لِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ ثُبُوتِ النَّسَبِ، وَأَسْبَابُ ذَلِكَ مَا يَأْتِي:</p> </p>‌<span class="title">‌أَوَلَا - الزَّوَاجُ الصَّحِيحُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْوَلَدَ الَّذِي تَأْتِي بِهِ الْمَرْأَةُ الْمُتَزَوِّجَةُ زَوَاجًا صَحِيحًا يَلْحَقُ زَوْجَهَا، لِحَدِيثِ: الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ (1) ، وَالْمُرَادُ بِالْفِرَاشِ الزَّوْجَةُ وَمَا فِي حُكْمِهَا، وَذَلِكَ بِالشُّرُوطِ الآْتِيَةِ:</p>أ - أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ مِمَّنْ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْحَمْل عَادَةً، بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ، وَأَنْ يَبْلُغَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً عِنْدَ بَعْضٍ، وَعَشْرَ سَنَوَاتٍ عِنْدَ آخَرِينَ، فَلَا يَلْحَقُ بِالزَّوْجِ إِنْ كَانَ طِفْلاً دُونَ التَّاسِعَةِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، كَمَا لَا يَلْحَقُ بِالْمَجْبُوبِ وَهُوَ مَقْطُوعُ الذَّكَرِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ (2) . وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (جَبٌّ ف 9) .</p>ب - أَنْ تَأْتِيَ بِهِ فِي مُدَّةِ الْحَمْل سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَقْتِ الزَّوَاجِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" الولد للفراش ". أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 292) ومسلم (2 / 1080) من حديث عائشة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 4 / 465، وحاشية الدسوقي 2 / 460، وروضة الطالبين 8 / 357، والمغني 7 / 427.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٨)</span><hr/></div>وَمِنْ وَقْتِ إِمْكَانِ الْوَطْءِ عِنْدَ آخَرِينَ، فَإِنْ أَتَتْ بِهِ لأَِقَل مِنَ الْحَدِّ الأَْدْنَى لِمُدَّةِ الْحَمْل لَا يَلْحَقُهُ، وَكَذَا إِنْ أَتَتْ بِهِ لأَِكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْل مِنْ تَارِيخِ الْفِرَاقِ وَهِيَ سَنَتَانِ عِنْدَ الأَْحْنَافِ وَرِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَأَرْبَعٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي الْمَذْهَبِ، وَخَمْسٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِنَّ أَقْصَى الْحَمْل تِسْعَةُ أَشْهُرٍ.</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (حَمْلٌ ف 6، 7) .</p>ج - إِمْكَانُ تَلَاقِي الزَّوْجَيْنِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنْ طَلَّقَهَا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ جَرَى الْعَقْدُ وَالزَّوْجَانِ مُتَبَاعِدَانِ: أَحَدُهُمَا بِالْمَشْرِقِ، وَالآْخَرُ بِالْمَغْرِبِ لَمْ يَلْحَقْهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ (1) . وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (نَسَبٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا - النِّكَاحُ الْفَاسِدُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> النِّكَاحُ الْفَاسِدُ كَالصَّحِيحِ فِي لُحُوقِ النَّسَبِ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ (2) .</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (نَسَبٌ، نِكَاحٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَالِثًا - الْوَطْءُ بِشُبْهَةٍ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> إِنْ وَطِئَ امْرَأَةً لَا زَوْجَ لَهَا بِشُبْهَةٍ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ مُضِيِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَقْتِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 3 / 396، والمغني 7 / 430، وحاشية الدسوقي 2 / 460.</p><font color=#ff0000>(2)</font> روضة الطالبين 8 / 320، 358، والمغني 7 / 427، وحاشية ابن عابدين 2 / 607، وحاشية الدسوقي 2 / 257.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٩)</span><hr/></div>الْوَطْءِ لَحِقَ نَسَبُهُ بِهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَقَال الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى مِنَ الْحَنَابِلَةِ، وَعَزَاهُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ - مِنْهُمْ -: أَنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِهِ، لأَِنَّ النَّسَبَ لَا يَلْحَقُ إِلَاّ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، أَوْ فَاسِدٍ، أَوْ مِلْكٍ، أَوْ شُبْهَةِ مِلْكٍ، وَلَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَلأَِنَّهُ وَطْءٌ لَا يَسْتَنِدُ إِلَى عَقْدٍ، فَلَمْ يُلْحَقِ الْوَلَدُ فِيهِ كَالزِّنَا.</p>وَقَال أَحْمَدُ: كُل مَنْ دَرَأْتَ عَنْهُ الْحَدَّ فِي وَطْءٍ أَلْحَقْتَ الْوَلَدَ بِهِ، وَلأَِنَّهُ وَطْءٌ اعْتَقَدَ الْوَاطِئُ حِلَّهُ، فَلَحِقَ بِهِ النَّسَبُ، وَإِنْ وَطِئَ ذَاتَ زَوْجٍ بِشُبْهَةٍ فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ زَوْجُهَا، فَاعْتَزَلَهَا بَعْدَ الْوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ حَتَّى أَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الْوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ لَحِقَ الْوَاطِئَ (1) .</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (نَسَبٌ، نِكَاحٌ) .</p> </p>رَابِعًا -‌<span class="title">‌ الإِْقْرَارُ أَوِ الاِسْتِلْحَاقُ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> وَهُوَ مَعَ الصِّدْقِ وَاجِبٌ، وَمَعَ الْكَذِبِ: فِي إِلْحَاقِهِ أَوْ نَفْيِهِ حَرَامٌ، وَهُوَ نَوْعَانِ:</p>- إِقْرَارٌ عَلَى نَفْسِ الْمُقِرِّ.</p>- وَإِقْرَارٌ عَلَى غَيْرِهِ.</p>وَالإِْقْرَارُ عَلَى نَفْسِ الْمُقِرِّ أَنْ يَقُول: هَذَا ابْنِي، أَوْ أَنَا أَبُوهُ، أَوْ هَذَا أَبِي، فَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ اللُّحُوقِ بِهَذَا الإِْقْرَارِ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 7 / 431 - 432، وابن عابدين 2 / 607، والقليوبي 4 / 350.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٩)</span><hr/></div>أ - أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا وَإِنْ كَانَ سَفِيهًا أَوْ قِنًّا أَوْ كَافِرًا. وَاخْتُلِفَ فِي اشْتِرَاطِ الذُّكُورَةِ فِي الْمُقِرِّ.</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (إِقْرَارٌ ف 68) .</p>ب - أَنْ لَا يُكَذِّبَهُ الْحِسُّ، بِأَنْ كَانَ الْمُقِرُّ فِي سِنٍّ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ، فَإِنْ كَذَّبَهُ الْحِسُّ بِأَنْ يَكُونَ فِي سِنٍّ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُولَدَ لِمِثْلِهِ مِثْل الْمُسْتَلْحَقِ: بِأَنْ يَكُونَ أَكْبَرَ مِنْهُ سِنًّا أَوْ يَكُونَ فِي سِنِّهِ، أَوْ طَرَأَ عَلَى الْمُسْتَلْحَقِ قَطْعُ ذَكَرِهِ وَأُنْثَيَيْهِ قَبْل إِمْكَانِ عُلُوقِ ذَلِكَ الْوَلَدِ لَمْ يَلْحَقْهُ (1) .</p>ج - أَلَاّ يُكَذِّبَهُ الشَّرْعُ، فَإِنْ كَذَّبَهُ: بِأَنْ كَانَ مَعْرُوفَ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُسْتَلْحِقُ بِهِ، لأَِنَّ النَّسَبَ لَا يَقْبَل النَّقْل.</p>د - وَأَنْ يُصَدِّقَ الْمُسْتَلْحِقَ إِنْ كَانَ أَهْلاً لِلتَّصْدِيقِ، فَإِنْ كَذَّبَهُ لَمْ يَلْحَقْهُ إِلَاّ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِيَمِينٍ، كَسَائِرِ الْحُقُوقِ، وَإِنِ اسْتَلْحَقَ صَغِيرًا، أَوْ مَجْنُونًا لَحِقَ بِهِ بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ، مَا عَدَا التَّصْدِيقَ (2) . وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (نَسَبٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 5 / 109 - 110، وتحفة المحتاج 5 / 401، والمغني 5 / 199 - 200، 7 / 394 - 395، وحاشية الدسوقي 2 / 406، ورد المحتار 4 / 464 - 465، وبدائع الصنائع 6 / 252، 7 / 228.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 5 / 107 وما بعده، وتحفة المحتاج 5 / 400، وابن عابدين 4 / 465، والمغني 5 / 199 - 200.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٠)</span><hr/></div>وَيَجُوزُ أَنَّ يَسْتَلْحِقَ مَيِّتًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا بِطَلَبِ الإِْرْثِ، أَوْ لِسُقُوطِ الْقَوَدِ (1) .</p>(ر: نَسَبٌ - إِقْرَارٌ ف 63) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَا يَجُوزُ اسْتِلْحَاقُ مَنْفِيٍّ بِلِعَانِ وَلَدٍ عَلَى فِرَاشِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ لِمَا فِيهِ مِنْ إِبْطَال حَقِّ النَّافِي، إِذْ لِلْمُلَاعِنِ اسْتِلْحَاقُهُ بَعْدَ نَفْيِهِ، وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ نَفْيُ قَائِفٍ وَلَا انْتِسَابٌ يُخَالِفُ حُكْمَ الْفِرَاشِ (2) . وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ:(نَسَبٌ، لِعَانٌ ف 29 إِقْرَارٌ ف 63) .</p><font color=#ff0000>7 -</font> أَمَّا إِذَا أُلْحِقَ النَّسَبُ بِغَيْرِهِ مِمَّا يَتَعَدَّى النَّسَبُ مِنْهُ إِلَى نَفْسِهِ بِوَاسِطَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ الأَْبُ كَهَذَا أَخِي، أَوْ بِثِنْتَيْنِ كَالأَْبِ وَالْجَدِّ كَهَذَا عَمِّي، أَوْ بِثَلَاثَةٍ: كَهَذَا ابْنُ عَمِّي لَحِقَ نَسَبُهُ مِنَ الْمُلْحَقِ بِهِ، لأَِنَّ الْوَارِثَ يَخْلُفُ مُوَرِّثَهُ فِي حُقُوقِهِ وَالنَّسَبُ مِنْهَا بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ فِيمَا إِذَا أَلْحَقَهُ بِنَفْسِهِ.</p>وَيُشْتَرَطُ زِيَادَةً عَلَى الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ: كَوْنُ الْمُلْحَقِ بِهِ مَيِّتًا، فَيَمْتَنِعُ الإِْلْحَاقُ بِالْحَيِّ، وَإِنْ كَانَ مَجْنُونًا، لأَِنَّهُ قَدْ يَتَأَهَّل، فَلَوْ أَلْحَقَ حَيًّا، ثُمَّ صَدَّقَهُ لَحِقَهُ بِتَصْدِيقِهِ دُونَ الإِْلْحَاقِ. (ر: إِقْرَارٌ ف 63، نَسَبٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصادر السابقة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 5 / 107 وما بعده، وتحفة المحتاج 5 / 401.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٠)</span><hr/></div>وَلَا يُقِرُّ الْحَنَفِيَّةُ لُحُوقَ النَّسَبِ بِالإِْقْرَارِ بِوَاسِطَةِ الْغَيْرِ سَوَاءٌ كَانَ بِوَاسِطَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَسَوَاءٌ صَدَّقَهُ الْمَقَرُّ بِنَسَبِهِ أَوْ كَذَّبَهُ، لأَِنَّ إِقْرَارَ الإِْنْسَانِ حُجَّةٌ عَلَى نَفْسِهِ لَا عَلَى غَيْرِهِ، لأَِنَّهُ عَلَى غَيْرِهِ شَهَادَةٌ أَوْ دَعْوَى، وَالدَّعْوَى الْمُفْرَدَةُ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ، وَشَهَادَةُ الْفَرْدِ فِيمَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَال - وَهُوَ مِنْ بَابِ حُقُوقِ الْعِبَادِ - غَيْرُ مَقْبُولَةٍ، وَالإِْقْرَارُ الَّذِي فِيهِ حَمْل نَسَبِ الْغَيْرِ عَلَى غَيْرِهِ - لَا عَلَى نَفْسِهِ - شَهَادَةً أَوْ دَعْوَى، وَذَلِكَ لَا يُقْبَل إِلَاّ بِحُجَّةٍ (1) (ر: نَسَبٌ، إِقْرَارٌ ف 63) .</p> </p>‌<span class="title">‌خَامِسًا - الْقِيَافَةُ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> لَوِ اسْتَلْحَقَ اثْنَانِ صَغِيرًا مَجْهُول النَّسَبِ وَلَمْ يَكُنْ لأَِحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ عُرِضَ عَلَى الْقَافَةِ فَيُلْحَقُ بِمَنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِ مِنْهُمَا.</p>انْظُرْ: (لَقِيطٌ، قِيَافَةٌ) .</p>وَإِنِ اسْتَلْحَقَا بَالِغًا عَاقِلاً، وَوُجِدَتِ الشُّرُوطُ لَحِقَ بِمِنْ يُصَدِّقُهُ الْمُسْتَلْحَقُ، فَإِنْ سَكَتَ، وَلَمْ يُصَدِّقْ وَاحِدًا مِنْهُمَا عُرِضَ عَلَى الْقَافَةِ فَيُلْحَقُ بِمَنْ تُلْحِقُهُ بِهِ الْقَافَةُ (2) .</p>(ر: نَسَبٌ، إِقْرَارٌ ف 63، قِيَافَةٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 7 / 228.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تحفة المحتاج 5 / 403، ونهاية المحتاج 5 / 110 - 463، والمغني 5 / 766.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌سَادِسًا - الشَّهَادَةُ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> يَلْحَقُ النَّسَبُ بِالشَّهَادَةِ بِشُرُوطِهَا. انْظُرْ: (شَهَادَةٌ ف 29، 37، وَنَسَبٌ، وَتَسَامُعٌ ف 7 وَمَا بَعْدَهَا) .</p> </p>‌<span class="title">‌سَابِعًا - الاِسْتِفْرَاشُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> إِذَا عَاشَرَ مَمْلُوكَتَهُ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِمُدَّةِ الْحَمْل مِنْ يَوْمِ الْوَطْءِ لَحِقَهُ، بِهَذَا قَال مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ، وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ: لَا تَصِيرُ فِرَاشًا حَتَّى يُقِرَّ بِوَلَدِهَا، فَإِذَا أَقَرَّ بِهِ صَارَتْ فِرَاشًا لَهُ وَلَحِقَهُ أَوْلَادُهَا بَعْدَ ذَلِكَ (1) . (ر: تَسَرِّي ف 18) .</p> </p>‌<span class="title">‌لُحُوقُ الذِّمِّيِّ بِدَارِ الْحَرْبِ</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> يُنْتَقَضُ عَهْدُ الذِّمَّةِ بِلُحُوقِ الذِّمِّيِّ بِدَارِ الْحَرْبِ، لأَِنَّهُ صَارَ بِلُحُوقِهِ دَارَ الْحَرْبِ حَرْبًا عَلَيْنَا، فَيَخْلُو عَقْدُ الذِّمَّةِ عَنِ الْفَائِدَةِ، وَهُوَ دَفْعُ شَرِّهِ عَنَّا.</p>(ر: أَهْل الذِّمَّةِ ف 42) .</p> </p>‌<span class="title">‌لُحُوقُ الْمُرْتَدِّ بِدَارِ الْحَرْبِ وَأَثَرُهُ فِي تَصَرُّفَاتِهِ</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا لَحِقَ الْمُرْتَدُّ بِدَارِ الْحَرْبِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ، وَقَضَى الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ صَارَ الْبَيْعُ لَازِمًا (2) ، وَإِنِ ارْتَدَّ فِي الْمُضَارَبَةِ رَبُّ الْمَال وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَطَلَتِ الْمُضَارَبَةُ، لأَِنَّ اللُّحُوقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بِمَنْزِلَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني لابن قدامة 7 / 398، المحلي على المنهاج 3 / 243.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تحفة الفقهاء 2 / 92 ط. دار الفكر - دمشق.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢١)</span><hr/></div>الْمَوْتِ، وَإِنْ كَانَ الْمُضَارِبُ هُوَ الْمُرْتَدَّ اللَاّحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَالْمُضَارَبَةُ عَلَى حَالِهَا، لأَِنَّ لَهُ عِبَارَةٌ صَحِيحَةٌ وَلَا يُوقَفُ مِلْكُ رَبِّ الْمَال فَبَقِيَتِ الْمُضَارَبَةُ (1) .</p>وَإِنِ ارْتَدَّ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَطَلَتِ الشَّرِكَةُ، لأَِنَّ الشَّرِكَةَ تَتَضَمَّنُ الْوَكَالَةَ، وَلَا بُدَّ مِنْهَا لَتَحَقُّقِ الشَّرِكَةِ، وَاللُّحُوقُ بِدَارِ الْحَرْبِ بِمَنْزِلَةِ الْمَوْتِ (2) .</p>وَتَبْطُل الْوَكَالَةُ بِلُحُوقِ الْوَكِيل بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا لأَِنَّ الْوَكَالَةَ تَصَرُّفٌ غَيْرُ لَازِمٍ فَيَكُونُ لِدَوَامِهِ حُكْمُ ابْتِدَائِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ بَقَاءِ الأَْمْرِ فَبَطَل بِعَارِضِ الرِّدَّةِ، لأَِنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمُرْتَدِّ مَوْقُوفَةٌ، فَكَذَا وَكَالَتُهُ، فَإِنْ أَسْلَمَ نَفَذَتْ، وَإِنْ قُتِل أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَطَلَتِ الْوَكَالَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ: تَصَرُّفَاتُهُ نَافِذَةٌ فَلَا تَبْطُل وَكَالَتُهُ إِلَاّ أَنْ يُقْتَل بِالرِّدَّةِ أَوْ يُحْكَمَ بِلَحَاقِهِ (3) . (ر: وَكَالَةٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الهداية 3 / 208.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الهداية 3 / 12، وبدائع الصنائع 6 / 78.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح القدير 6 / 126، والهداية 3 / 153، وبدائع الصنائع 6 / 38 - 39.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لِحْيَة</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> اللِّحْيَةُ لُغَةً: الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الْخَدَّيْنِ وَالذَّقْنِ، وَالْجَمْعُ اللِّحَى وَاللُّحَى. وَرَجُلٌ أَلْحَى وَلِحْيَانِيٌّ: طَوِيل اللِّحْيَةِ، وَاللَّحْيُ وَاحِدُ اللَّحْيَيْنِ وَهُمَا: الْعَظَمَاتُ اللَّذَانِ فِيهِمَا الأَْسْنَانُ مِنَ الإِْنْسَانِ وَالْحَيَوَانِ، وَعَلَيْهِمَا تَنْبُتُ اللِّحْيَةُ (1) . وَاللِّحْيَةُ فِي الاِصْطِلَاحِ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: الْمُرَادُ بِاللِّحْيَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمُ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الْخَدَّيْنِ مِنْ عَذَارٍ، وَعَارِضٍ، وَالذَّقْنِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الْعِذَارُ</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الْعِذَارَانِ كَمَا فِي لِسَانِ الْعَرَبِ: جَانِبَا اللِّحْيَةِ، وَكَانَ الْفُقَهَاءُ أَكْثَرَ تَحْدِيدًا لِلْعِذَارِ مِنْ أَهْل اللُّغَةِ، فَقَدْ فَسَّرَهُ ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب.</p><font color=#ff0000>(2)</font> رد المحتار على الدر المختار المشهور بحاشية ابن عابدين 1 / 68 القاهرة، مطبعة بولاق 1272 هـ.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٢)</span><hr/></div>مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَابْنُ قُدَامَةَ وَالْبُهُوتِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ بِأَنَّهُ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الْعَظْمِ النَّاتِئِ الْمُحَاذِي لِصِمَاخِ الأُْذُنِ (أَيْ خَرْقَهَا) يَتَّصِل مِنَ الأَْعْلَى بِالصُّدْغِ، وَمِنَ الأَْسْفَل بِالْعَارِضِ، وَقَال الْقَلْيُوبِيُّ: الَّذِي تُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَاتُهُمْ أَنَّهُ إِذَا جُعِل خَيْطٌ مُسْتَقِيمٌ عَلَى أَعْلَى الأُْذُنِ وَأَعْلَى الْجَبْهَةِ فَمَا تَحْتَ ذَلِكَ الْخَيْطِ مِنَ الْمُلَاصِقِ لِلأُْذُنِ، الْمُحَاذِي لِلْعَارِضِ هُوَ الْعِذَارُ، وَمَا فَوْقَهُ هُوَ الصُّدْغُ، وَيَقُول ابْنُ عَابِدِينَ: هُوَ الْقَدْرُ الْمُحَاذِي لِلأُْذُنِ.</p>وَيُصَرِّحُ ابْنُ عَابِدِينَ بِأَنَّ الْعِذَارَ جُزْءٌ مِنَ اللِّحْيَةِ، وَعَلَيْهِ فَتَنْطَبِقُ عَلَيْهِ أَحْكَامُهَا.</p>وَقَال الْبُهُوتِيُّ: لَا يَدْخُل مُنْتَهَى الْعِذَارِ (أَيْ أَعْلَاهُ الَّذِي فَوْقَ الْعَظْمِ النَّاتِئِ) لأَِنَّهُ شَعْرٌ مُتَّصِلٌ بِشَعْرِ الرَّأْسِ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ حَدِّهِ، أَشْبَهَ الصُّدْغَ، وَالصُّدْغُ مِنَ الرَّأْسِ (وَلَيْسَ مِنَ الْوَجْهِ) لِحَدِيثِ الرَّبِيعِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَصُدْغَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً (1) ، وَلَمْ يَنْقُل أَحَدٌ أَنَّهُ غَسَلَهُ مَعَ الْوَجْهِ (2) .</p>وَالصِّلَةُ بَيْنَهُمَا الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ الْمُطْلَقُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث الربيع " أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه وصدغيه مرة واحدة " أخرجه أبو داود (1 / 91) والترمذي (1 / 49)، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 1 / 68، وحاشية القليوبي على شرح المحلي لمنهاج الطالبين 1 / 48، القاهرة ط. عيسى الحلبي، والمغني لابن قدامة الحنبلي شرح مختصر الخرقي 1 / 115 القاهرة، مكتبة المنار 1367 هـ، وشرح منتهى الإرادات للبهوتي الحنبلي 1 / 52 القاهرة، مطبعة السنة المحمدية 1367هـ.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٣)</span><hr/></div>فَكُل عِذَارٍ لِحْيَةٌ وَلَا عَكْسَ.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الْعَارِضُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الْعَارِضُ فِي اللُّغَةِ: الْخَدُّ، وَعَارِضَتَا الإِْنْسَانِ: صَفْحَتَا خَدَّيْهِ.</p>وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ الْعَارِضُ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الْخَدِّ وَيَمْتَدُّ مِنْ أَسْفَل الْعِذَارِ حَتَّى يُلَاقِيَ الشَّعْرَ النَّابِتَ عَلَى‌<span class="title">‌ الذَّقْنِ</span>، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: الْعَارِضُ هُوَ مَا نَزَل عَنْ حَدِّ الْعِذَارِ، وَهُوَ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى اللَّحْيَيْنِ، وَنُقِل عَنِ الأَْصْمَعِيِّ وَالْمُفَضَّل بْنِ سَلَمَةَ: مَا جَاوَزَ وَتِدَ الأُْذُنِ عَارِضٌ، فَالْعَارِضَانِ مِنَ اللِّحْيَةِ. وَقِيل لَهُ الْعَارِضُ - فِيمَا أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ الأَْثِيرِ - لأَِنَّهُ يَنْبُتُ عَلَى عَرْضِ اللَّحْيِ فَوْقَ الذَّقْنِ (1) .</p> </p>ج - الذَّقْنُ:</p><font color=#ff0000>4 -</font> الذَّقْنُ وَالذَّقْنُ: مُجْتَمَعُ اللَّحْيَيْنِ مِنْ أَسْفَلِهِمَا (2) .</p> </p>د -‌<span class="title">‌ الْعَنْفَقَةُ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> الْعَنْفَقَةُ:</p>مَا بَيْنَ الشَّفَةِ السُّفْلَى وَالذَّقْنِ قَال ابْنُ مَنْظُورٍ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِخِفَّةِ شَعْرِهَا، وَالْعَنْفَقُ: قِلَّةُ الشَّيْءِ وَخِفَّتُهُ. وَقِيل: الْعَنْفَقَةُ مَا نَبَتَ عَلَى الشَّفَةِ السُّفْلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 1 / 115، وشرح المنتهى 1 / 52، ولسان العرب المحيط.</p><font color=#ff0000>(2)</font> لسان العرب عن ابن سيدة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٣)</span><hr/></div>مِنَ الشَّعْرِ (1) . وَيُجَاوِزُ الْعَنْفَقَةَ يَمِينًا وَشِمَالاً الْفَنِيكَانِ، وَهُمَا: الْمَوْضِعَانِ الْخَفِيفَا الشَّعْرِ بَيْنَ الْعَنْفَقَةِ وَالْعَارِضَيْنِ وَقِيل: هُمَا جَانِبَا الْعَنْفَقَةِ (2) .</p> </p>هـ -‌<span class="title">‌ السِّبَال:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> السِّبَال لُغَةً: جَمْعُ السَّبَلَةِ، وَسَبَلَةُ الرَّجُل: الدَّائِرَةُ الَّتِي فِي وَسَطِ شَفَتِهِ الْعُلْيَا، وَقِيل: السَّبَلَةُ مَا عَلَى الشَّارِبِ مِنَ الشَّعْرِ، وَقِيل: طَرَفُهُ، وَقِيل: هِيَ مُقَدَّمُ اللِّحْيَةِ، وَقِيل: هِيَ اللِّحْيَةُ (3)، وَعَلَى كَوْنِهِ بِمَعْنَى مَا عَلَى الشَّارِبِ مِنَ الشَّعْرِ وَرَدَ الْحَدِيثُ: قُصُّوا سِبَالَكُمْ، وَوَفِّرُوا عَثَانِينَكُمْ، وَخَالِفُوا أَهْل الْكِتَابِ (4)، وَعَلَى كَوْنِهِ بِمَعْنَى اللِّحْيَةِ وَرَدَ قَوْل جَابِرٍ:" كُنَّا نُعْفِي السِّبَال إِلَاّ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ ".</p>أَمَّا الْفُقَهَاءُ فَقَدْ جَعَلُوا السِّبَال مُفْرَدًا، وَهُوَ عِنْدَهُمْ: طَرَفُ الشَّارِبِ. قَال ابْنُ عَابِدِينَ: السِّبَالَانِ طَرَفَا الشَّارِبِ، قَال: قِيل: وَهُمَا مِنَ الشَّارِبِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، والفتاوى الهندية 5 / 358.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 5 / 261، ولسان العرب.</p><font color=#ff0000>(3)</font> لسان العرب.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " قصوا سبالكم. . . ". أخرجه أحمد (5 / 265) وقال الهيثمي في المجمع (5 / 131) : رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد الصحيح خلا القاسم وهو ثقة وفيه كلام لا يضر.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٤)</span><hr/></div>وَقِيل مِنَ اللِّحْيَةِ.</p>وَقَال ابْنُ حَجَرٍ مِثْل ذَلِكَ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِاللِّحْيَةِ:</span></p>تَتَعَلَّقُ بِاللِّحْيَةِ أَحْكَامٌ مِنْهَا:</p> </p>‌<span class="title">‌إِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> إِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ مَطْلُوبٌ شَرْعًا اتِّفَاقًا، لِلأَْحَادِيثِ الْوَارِدَةِ بِذَلِكَ، مِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ (2)، وَمِثْلُهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِلَفْظِ: جُزُّوا الشَّوَارِبَ، وَأَرْخُوا اللِّحَى، خَالِفُوا الْمَجُوسَ (3)، وَمِنْهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ صلى الله عليه وسلم: عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ (4)، فَعَدَّ مِنْهَا " إِعْفَاءَ اللِّحْيَةِ ".</p>قَال ابْنُ حَجَرٍ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ مُخَالِفَةُ الْمَجُوسِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَقُصُّونَ لِحَاهُمْ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَحْلِقُهَا، وَقَال: ذَهَبَ الأَْكْثَرُونَ إِلَى أَنْ " أَعْفُوا " بِمَعْنَى كَثِّرُوا، أَوْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 2 / 204، وفتح الباري 10 / 346 القاهرة ط. المكتبة السلفية 1375 هـ.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث ابن عمر:" خالفوا المشركين، وفروا اللحى، وأحفوا الشوارب ". أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 349) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث أبي هريرة: جزوا الشوارب، وأرخوا اللحى. . . ". أخرجه مسلم (1 / 222) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث عائشة:" عشر من الفطرة ". أخرجه مسلم (1 / 223) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٤)</span><hr/></div>وَفِّرُوا، وَنُقِل عَنِ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ: تَفْسِيرُ الإِْعْفَاءِ بِالتَّكْثِيرِ مِنْ إِقَامَةِ السَّبَبِ مُقَامَ الْمُسَبَّبِ لأَِنَّ حَقِيقَةَ الإِْعْفَاءِ التَّرْكُ، وَتَرْكُ التَّعَرُّضِ لِلِّحْيَةِ يَسْتَلْزِمُ تَكْثِيرَهَا.</p>وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: إِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ تَرْكُهَا حَتَّى تَكِثَّ وَتَكْثُرَ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَكْثِيرُ اللِّحْيَةِ بِالْمُعَالَجَةِ</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> قَال ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا فَهِمَ مِنَ الأَْمْرِ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم أَعْفُوا اللِّحَى تَجْوِيزَ مُعَالَجَتِهَا بِمَا يُغْزِرُهَا، كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ، قَال: وَكَأَنَّ الصَّارِفَ عَنْ ذَلِكَ قَرِينَةُ السِّيَاقِ فِي قَوْلِهِ فِي بَقِيَّةِ الْخَبَرِ وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ قَال ابْنُ حَجَرٍ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُؤْخَذَ ذَلِكَ مِنْ بَقِيَّةِ طُرُقِ الْحَدِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى مُجَرَّدِ التَّرْكِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْخَذُ مِنَ اللِّحْيَةِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> ذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ، مِنْهُمُ النَّوَوِيُّ إِلَى أَنْ لَا يُتَعَرَّضَ لِلْحَيَّةِ، فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ طُولِهَا أَوْ عَرْضِهَا لِظَاهِرِ الْخَبَرِ فِي الأَْمْرِ بِتَوْفِيرِهَا، قَال: الْمُخْتَارُ تَرْكُهَا عَلَى حَالِهَا، وَأَنْ لَا يُتَعَرَّضَ لَهَا بِتَقْصِيرٍ وَلَا غَيْرِهِ.</p>وَذَهَبَ آخَرُونَ مِنْهُمُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا زَادَ طُول اللِّحْيَةِ عَنِ الْقَبْضَةِ يَجُوزُ أَخْذُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح الباري 10 / 351، وحاشية ابن عابدين 2 / 205.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح الباري 10 / 351.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٥)</span><hr/></div>الزَّائِدِ، لِمَا ثَبَتَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ إِذَا حَلَقَ رَأْسَهُ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَخَذَ مِنْ لِحْيَتِهِ وَشَارِبِهِ (1) ، وَفِي رِوَايَةٍ " كَانَ إِذَا حَجَّ أَوِ اعْتَمَرَ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَمَا فَضَل أَخَذَهُ ". قَال ابْنُ حَجَرٍ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لَا يَخُصُّ هَذَا بِالنُّسُكِ بَل كَانَ يَحْمِل الأَْمْرَ بِالإِْعْفَاءِ عَلَى غَيْرِ الْحَالَةِ الَّتِي تَتَشَوَّهُ فِيهَا الصُّورَةُ بِإِفْرَاطِ طُول شَعْرِ اللِّحْيَةِ أَوْ عَرْضِهِ (2) .</p>قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ أَخْذَ مَا زَادَ عَنِ الْقَبْضَةِ سُنَّةٌ، جَاءَ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: الْقَصُّ سُنَّةٌ فِيهَا، وَهُوَ أَنْ يَقْبِضَ الرَّجُل عَلَى لِحْيَتِهِ، فَإِنْ زَادَ مِنْهَا عَنْ قَبْضَتِهِ شَيْءٌ قَطَعَهُ، كَذَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ رحمه الله عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، قَال: وَبِهِ نَأْخُذُ (3) .</p>وَفِي قَوْلٍ لِلْحَنَفِيَّةِ: يَجِبُ قَطْعُ مَا زَادَ عَنِ الْقَبْضَةِ وَمُقْتَضَاهُ كَمَا نَقَلَهُ الْحَصْكَفِيُّ (4)، الإِْثْمُ بِتَرْكِهِ.</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لَا يُكْرَهُ أَخْذُ مَا زَادَ عَنِ الْقَبْضَةِ مِنْهَا، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَنَقَلُوا عَنْهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أثر ابن عمر " أنه كان إذا حلق رأسه في حج أو عمرة أخذ من لحيته وشاربه ". أخرجه مالك في الموطأ (2 / 396) ، والرواية الأخرى أخرجها البخاري (فتح الباري 10 / 349) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح الباري 10 / 350.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفتاوى الهندية 5 / 358، وابن عابدين 2 / 113، 205 و5 / 261.</p><font color=#ff0000>(4)</font> ابن عابدين 2 / 113.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٥)</span><hr/></div>أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ عَارِضَيْهِ (1) .</p>وَذَهَبَ آخَرُونَ مِنَ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ مِنَ اللِّحْيَةِ شَيْئًا إِلَاّ إِذَا تَشَوَّهَتْ بِإِفْرَاطِ طُولِهَا أَوْ عَرْضِهَا، نَقَلَهُ الطَّبَرِيِّ عَنِ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَحَمَل عَلَيْهِ فِعْل ابْنَ عُمَرَ، وَقَال: إِنَّ الرَّجُل لَوْ تَرَكَ لِحْيَتَهُ لَا يَتَعَرَّضُ لَهَا حَتَّى أَفْحَشَ طُولُهَا أَوْ عَرْضُهَا لَعَرَّضَ نَفْسَهُ لِمَنْ يَسْخَرُ بِهِ، وَقَال عِيَاضٌ: الأَْخَذُ مِنْ طُول اللِّحْيَةِ وَعَرْضِهَا إِذَا عَظُمَتْ حَسَنٌ، بَل تُكْرَهُ الشُّهْرَةُ فِي تَعْظِيمِهَا كَمَا تُكْرَهُ فِي تَقْصِيرِهَا (2) ، وَمِنَ الْحُجَّةِ لِهَذَا الْقَوْل مَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْخُذُ مِنْ لِحْيَتِهِ مِنْ طُولِهَا وَعَرْضِهَا (3)، أَمَّا الأَْخْذُ مِنَ اللِّحْيَةِ وَهِيَ دُونَ الْقَبْضَةِ لِغَيْرِ تَشَوُّهٍ فَفِي حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ: لَمْ يُبِحْهُ أَحَدٌ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌حَلْقُ اللِّحْيَةِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، إِلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ حَلْقُ اللِّحْيَةِ لأَِنَّهُ مُنَاقِضٌ لِلأَْمْرِ النَّبَوِيِّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح المنتهى 1 / 40، ونيل المآرب 1 / 57 الكويت، دار الفلاح 1403هـ.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح الباري 10 / 350.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من لحيته من طولها وعرضها ". أخرجه الترمذي (5 / 94) من حديث عمرو بن العاص وقال: هذا حديث غريب، وذكر ابن حجر في الفتح (10 / 350) تضعيف أحد رواته.</p><font color=#ff0000>(4)</font> ابن عابدين 2 / 113.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٦)</span><hr/></div>بِإِعْفَائِهَا وَتَوْفِيرِهَا، وَتَقَدَّمَ قَوْل ابْنِ عَابِدِينَ فِي الأَْخْذِ مِنْهَا وَهِيَ دُونَ الْقَبْضَةِ: لَمْ يُبِحْهُ أَحَدٌ، فَالْحَلْقُ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ.</p>وَفِي حَاشِيَةِ الدُّسُوقِيِّ الْمَالِكِيِّ: يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُل حَلْقُ لِحْيَتِهِ، وَيُؤَدَّبُ فَاعِل ذَلِكَ، وَقَال أَبُو شَامَةَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: قَدْ حَدَثَ قَوْمٌ يَحْلِقُونَ لِحَاهُمْ، وَهُوَ أَشَدُّ مِمَّا نُقِل عَنِ الْمَجُوسِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُصُّونَهَا.</p>ثُمَّ قَدْ جَاءَ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: وَلَا يَحْلِقُ شَعْرَ حَلْقِهِ، وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى عَلَى أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ أَخْذُ الرَّجُل مَا تَحْتَ حَلْقِهِ مِنَ الشَّعْرِ أَيْ لأَِنَّهُ لَيْسَ مِنَ اللِّحْيَةِ (1) .</p>وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ حَلْقَ اللِّحْيَةِ مَكْرُوهٌ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌قَصُّ السِّبَالَيْنِ</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> تَقَدَّمَ أَنَّ السِّبَالَيْنِ قَدِ اخْتُلِفَ فِيهِمَا هَل هُمَا مِنَ الشَّارِبَيْنِ أَمْ مِنَ اللِّحْيَةِ، وَعَلَيْهِ يَنْبَنِي الْخِلَافُ فِيهِمَا، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: أَمَّا طَرَفَا الشَّارِبِ وَهُمَا السِّبَالَانِ، فَقِيل: هُمَا مِنَ الشَّارِبِ وَقِيل: مِنَ اللِّحْيَةِ، وَعَلَيْهِ فَقَدْ قِيل: لَا بَأْسَ بِتَرْكِهِمَا، وَقِيل: يُكْرَهُ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّشَبُّهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الهندية 5 / 358، وحاشية الدسوقي على الدردير 1 / 90، 422، 423، وفتح الباري 10 / 351، وشرح المنتهى 1 / 40.</p><font color=#ff0000>(2)</font> القليوبي 4 / 205.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٦)</span><hr/></div>بِالأَْعَاجِمِ وَأَهْل الْكِتَابِ، قَال: وَهَذَا أَوْلَى بِالصَّوَابِ (1) .</p>وَقَال ابْنُ حَجَرٍ: اخْتُلِفَ فِي السِّبَالَيْنِ فَقِيل: هُمَا مِنَ الشَّارِبِ وَيُشْرَعُ قَصُّهُمَا مَعَهُ، وَقِيل: هُمَا مِنْ جُمْلَةِ شَعْرِ اللِّحْيَةِ، وَأَمَّا الْقَصُّ فَهُوَ الَّذِي فِي أَكْثَرِ الأَْحَادِيثِ (2) . وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ السِّبَالَيْنِ مِنَ الشَّارِبِ فَيُشْرَعُ قَصُّهُمَا مَعَهُ (3) .</p>قَال ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: ذَكَرَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَجُوسَ فَقَال: إِنَّهُمْ يُوفُونَ سِبَالَهُمْ وَيَحْلِقُونَ لِحَاهُمْ فَخَالِفُوهُمْ (4) قَال: فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَسْتَعْرِضُ سَبَلَتَهُ فَجَزَّهَا (5) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْعِنَايَةُ بِاللِّحْيَةِ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> الْعِنَايَةُ بِاللِّحْيَةِ بِأَخْذِ مَا طَال مِنْهَا وَتَشَوَّهَ أَمْرٌ مَشْرُوعٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ.</p>وَيُسَنُّ إِكْرَامُهَا (6) لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ (7)، قَال الْغَزَالِيُّ وَالنَّوَوِيُّ: وَيُكْرَهُ لِلرَّجُل تَرْكُ لِحْيَتِهِ شَعِثَةً<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 2 / 204، 205.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح الباري 10 / 346.</p><font color=#ff0000>(3)</font> شرح المنتهى 1 / 41.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث ابن عمر:" ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم المجوس. . . ". أخرجه البيهقي (1 / 151) وابن حبان في صحيحه (12 / 290 - الإحسان) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث ابن عمر: " ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم المجوس. . . ". أخرجه البيهقي (1 / 151) وابن حبان في صحيحه (12 / 290 - الإحسان) .</p><font color=#ff0000>(6)</font> المغني 1 / 89.</p><font color=#ff0000>(7)</font> حديث: " من كان له شعر فليكرمه ". أخرجه أبو داود (4 / 395) من حديث أبي هريرة، وحسن إسناده ابن حجر في الفتح (10 / 368) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٧)</span><hr/></div>إِيهَامًا لِلزُّهْدِ (1) . لِمَا رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَال: أَتَانَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَأَى رَجُلاً شَعِثًا قَدْ تَفَرَّقَ شَعْرُهُ، فَقَال: أَمَا كَانَ يَجِدُ هَذَا مَا يُسْكِنُ بِهِ شَعْرَهُ (2) .</p>وَيُسَنُّ تَرْجِيلُهَا، قَال ابْنُ بَطَّالٍ: التَّرْجِيل تَسْرِيحُ شَعْرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَدَهْنُهُ، وَهُوَ مِنَ النَّظَافَةِ وَقَدْ نَدَبَ الشَّرْعُ إِلَيْهِ (3)، وَقَال اللَّهُ تَعَالَى:{يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُل مَسْجِدٍ} (4) ، وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها كَانَ لَا يُفَارِقُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سِوَاكُهُ وَمُشْطُهُ، وَكَانَ يَنْظُرُ فِي الْمِرْآةِ إِذَا سَرَّحَ لِحْيَتَهُ (5) .</p>وَيُسَنُّ تَطْيِيبُهَا لِقَوْل عَائِشَةَ رضي الله عنها: كُنْتُ أُطَيِّبُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِأَطْيَبِ مَا يَجِدُ، حَتَّى أَجِدَ وَبِيصَ الطِّيبِ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ (6) .</p>وَفِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: لَا بَأْسَ بِغَالِيَةِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ (7)، وَالْغَالِيَةُ: طِيبٌ يَجْمَعُ طُيُوبًا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح الباري 10 / 351.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث جابر: " أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . ". أخرجه أبو داود (4 / 333) والحاكم (4 / 186) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح الباري 10 / 368.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة الأعراف / 31.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث عائشة: " كان لا يفارق النبي صلى الله عليه وسلم سواكه ومشطه. . . ". أورده ابن حجر في فتح الباري (10 / 367) وعزاه إلى الطبراني في الأوسط ثم ذكر تضعيف أحد رواته.</p><font color=#ff0000>(6)</font> حديث عائشة: " كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم بأطيب ما يجد. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 366) .</p><font color=#ff0000>(7)</font> الفتاوى الهندية 5 / 359.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٧)</span><hr/></div>وَانْظُرْ (تَرْجِيلٌ ف 2 وَمَا بَعْدَهَا، شَعْرٌ ف 16) .</p> </p>‌<span class="title">‌صَبْغُ اللِّحْيَةِ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> يُسَنُّ صَبْغُ اللِّحْيَةِ بِغَيْرِ السَّوَادِ إِذَا ظَهَرَ فِيهَا الشَّيْبُ، أَمَّا بِالسَّوَادِ فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ صَبْغُهَا بِالسَّوَادِ فِي غَيْرِ الْحَرْبِ، وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: تَحْرُمُ لِغَيْرِ الْمُجَاهِدِينَ.</p>وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ (اخْتِضَابٌ ف 9 - 11) .</p> </p>‌<span class="title">‌أُمُورٌ تُكْرَهُ فِي اللِّحْيَةِ</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> قَال ابْنُ حَجَرٍ: ذَكَرَ النَّوَوِيُّ مِمَّا يُكْرَهُ: تَبْيِيضَ اللِّحْيَةِ اسْتِعْجَالاً لِلشَّيْخُوخَةِ لِقَصْدِ التَّعَاظُمِ عَلَى الأَْقْرَانِ، وَنَتْفُهَا إِبْقَاءً لِلْمُرُودَةِ وَكَذَا تَحْذِيفُهَا وَنَتْفُ الشَّيْبِ، وَرَجَّحَ النَّوَوِيُّ تَحْرِيمَهُ لِثُبُوتِ الزَّجْرِ عَنْهُ، وَتَصْفِيفُهَا طَاقَةً فَوْقَ طَاقَةٍ تَصَنُّعًا وَمَخِيلَةً، وَعَقْدُهَا لِحَدِيثِ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه مَرْفُوعًا: مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَهُ فَإِنَّ مُحَمَّدًا مِنْهُ بَرِيءٌ (1)، قَال الْخَطَّابِيَّ: قِيل: الْمُرَادُ عَقْدُهَا فِي الْحَرْبِ، وَهُوَ مِنْ زِيِّ الأَْعَاجِمِ، وَقِيل: الْمُرَادُ مُعَالَجَةُ الشَّعْرِ حَتَّى يَنْعَقِدَ وَذَلِكَ مِنْ فِعْل أَهْل التَّأْنِيثِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " من عقد لحيته فإن محمدًا منه بريء ". أخرجه أبو داود (1 / 35 - 36) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح الباري 10 / 350 - 351) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌غَسْل اللِّحْيَةِ فِي الْوُضُوءِ</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> تَتَّفِقُ الْمَذَاهِبُ الأَْرْبَعَةُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ فِي الْوُضُوءِ غَسْل بَشَرَةِ الْوَجْهِ مِنْ شَعْرِ اللِّحْيَةِ إِنْ كَانَ خَفِيفًا تَظْهَرُ الْبَشَرَةُ مِنْ تَحْتِهِ، فَيَغْسِل الْبَشَرَةَ وَيَغْسِل اللِّحْيَةَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَالْمُرَادُ بِظُهُورِ الْبَشَرَةِ ظُهُورُهَا فِي مَجْلِسِ الْمُخَاطَبَةِ، وَوَجْهُ الْوُجُوبِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ فِي الْوُضُوءِ غَسْل الْوَجْهِ، وَالْوَجْهُ مِنَ الْمُوَاجَهَةِ، وَالْمُوَاجَهَةُ تَحْصُل فِي اللِّحْيَةِ ذَاتِ الشَّعْرِ الْخَفِيفِ بِبَشَرَةِ الْوَجْهِ وَبِالشَّعْرِ الَّذِي عَلَيْهَا.</p>وَهَذَا الاِتِّفَاقُ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا كَانَ مِنَ الشَّعْرِ فِي حَيِّزِ دَائِرَةِ الْوَجْهِ، دُونَ الْمُسْتَرْسِل مِنَ اللِّحْيَةِ تَحْتَ الذَّقْنِ طُولاً، وَدُونَ الْخَارِجِ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ عَرْضًا، فَإِنَّ فِي هَذَا خِلَافًا يَأْتِي بَيَانُهُ (1) .</p>أَمَّا اللِّحْيَةُ الْكَثِيفَةُ فَتَتَّفِقُ الأَْقْوَال الْمُعْتَمَدَةُ فِي الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي الْوُضُوءِ غَسْل بَاطِنِهَا وَلَا إِيصَال الْمَاءِ إِلَى الْبَشَرَةِ وَمَنَابِتِ الشَّعْرِ، لِعَدَمِ حُصُول الْمُوَاجَهَةِ بِهِ لأَِنَّهُ لَا يُرَى فِي مَجْلِسِ الْمُخَاطَبَةِ، فَلَا يَكُونُ مِنَ الْوَجْهِ الْمَأْمُورِ بِغَسْلِهِ، وَفِي نَيْل الْمَآرِبِ: لَوِ اجْتَزَأَ بِغَسْل بَاطِنِهَا عَنْ غَسْل ظَاهِرِهَا لَمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الهندية 1 / 4، وحاشية ابن عابدين 1 / 68 - 69، والدسوقي على الشرح الكبير 1 / 86، والذخيرة للقرافي 1 / 249، وشرح المحلي على المنهاج وحاشية القليوبي 1 / 48، والمغني لابن قدامة 1 / 116 - 117، وشرح المنتهى 1 / 52.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٨)</span><hr/></div>يُجْزِئْهُ، وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ غُرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَغَسَل بِهَا وَجْهَهُ (1) قَالُوا: وَالْغُرْفَةُ لَا تَكْفِي لِغَسْل الْوَجْهِ وَظَاهِرِ اللِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ وَبَاطِنِهَا، وَفِي هَذِهِ الْحَال يَنْتَقِل حُكْمُ مَا تَحْتَ اللِّحْيَةِ إِلَيْهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ، فَيَجِبُ غَسْل ظَاهِرِ مَا فِي حَدِّ الْوَجْهِ مِنْهَا.</p>وَلَا يُسَنُّ غَسْل بَاطِنِ اللِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْعُسْرِ، عَلَى مَا قَال ابْنُ قُدَامَةَ مِنَ الْحَنَابِلَةِ، وَرَجَّحَ صَاحِبُ الإِْنْصَافِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ غَسْل بَاطِنِهَا مَكْرُوهٌ وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الإِْقْنَاعِ.</p>وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَرِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ: لَا يَغْسِل اللِّحْيَةَ الْكَثِيفَةَ فِي الْوُضُوءِ وَلَا يَغْسِل مَا تَحْتَهَا أَيْضًا، لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا أَمَرَ بِغَسْل الْوَجْهِ، وَالْوَجْهُ اسْمٌ لِلْبَشَرَةِ الَّتِي تَحْصُل بِهَا الْمُوَاجَهَةُ، وَالشَّعْرُ لَيْسَ بِبَشَرَةٍ، وَمَا تَحْتَهُ مِنَ الْبَشَرَةِ لَا تَحْصُل بِهِ الْمُوَاجَهَةُ.</p>وَقَدْ نَقَل ابْنُ عَابِدِينَ أَنَّ الرِّوَايَةَ الأُْولَى هِيَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ الْمُفْتَى بِهِ، وَمَا عَدَاهَا مَرْجُوعٌ عَنْهُ، كَمَا أَنَّ ابْنَ قُدَامَةَ ضَعَّفَ رِوَايَةَ عَدَمِ الْغَسْل عَنْ أَحْمَدَ وَأَوَّلَهَا. وَنَقَل ابْنُ قُدَامَةَ عَنْ عَطَاءٍ وَأَبِي ثَوْرٍ أَنَّهُ يَجِبُ غَسْل الْبَشَرَةِ وَبَاطِنِ اللِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ غرفة من ماء فغسل بها وجهه ". أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 303) من حديث عبد الله بن زيد.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٩)</span><hr/></div>- كَغَيْرِ الْكَثِيفَةِ - فِي الْوُضُوءِ كَمَا فِي الْغَسْل، لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِغَسْل الْوَجْهِ، وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْبَشَرَةِ، وَتَدْخُل اللِّحْيَةُ تَبَعًا، وَنَقَل الْقَرَافِيُّ قَوْلاً مِثْل هَذَا لِلْمَالِكِيَّةِ. قَال: لأَِنَّ الْخِطَابَ مُتَنَاوِلٌ لَهُ بِالأَْصَالَةِ، وَلِغَيْرِهِ بِالرُّخْصَةِ، وَالأَْصْل عَدَمُهَا.</p>وَعَلَى الْقَوْل الأَْوَّل، وَهُوَ قَوْل الأَْكْثَرِينَ، يَكُونُ غَسْل ظَاهِرِ اللِّحْيَةِ - عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ - بِإِمْرَارِ الْمَاءِ عَلَى ظَاهِرِهَا، وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: الْمُرَادُ بِغَسْل ظَاهِرِهَا إِمْرَارُ الْيَدِ عَلَيْهَا بِالْمَاءِ وَتَحْرِيكُهَا بِهِ لأَِنَّ الشَّعْرَ يَدْفَعُ بَعْضُهُ عَنْ بَعْضٍ، فَإِذَا حَرَّكَهُ حَصَل الاِسْتِيعَابُ، قَالُوا: وَهَذَا التَّحْرِيكُ خِلَافُ التَّخْلِيل (1) . 50</p> </p>‌<span class="title">‌مَا اسْتَرْسَل مِنَ اللِّحْيَةِ أَوْ خَرَجَ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي غَسْل مَا خَرَجَ عَنْ حَدِّ الْفَرْضِ مِنَ اللِّحْيَةِ فِي الْوُضُوءِ فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي قَوْلٍ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، إِلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَلَا مَسْحُهُ وَلَا تَخْلِيلُهُ، لأَِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْوَجْهِ، لأَِنَّهُ شَعْرٌ خَارِجٌ عَنْ مَحِل الْفَرْضِ، فَأَشْبَهَ مَا نَزَل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الهندية 1 / 4، ابن عابدين 1 / 68، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي 1 / 86، والذخيرة 1 / 249، 251، وشرح المنهاج وحاشية القليوبي 1 / 48، والمغني لابن قدامة 1 / 105 - 116 - 117، ونيل المآرب 1 / 63.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٩)</span><hr/></div>مِنْ شَعْرِ الرَّأْسِ عَنِ الرَّأْسِ، لَا يَجِبُ مَسْحُهُ مَعَ مَسْحِ الرَّأْسِ.</p>ثُمَّ قَدْ قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ غَسْل هَذَا الشَّعْرِ الْمُسْتَرْسِل مِنَ اللِّحْيَةِ مَسْنُونٌ.</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي قَوْلٍ ذَكَرَهُ الْقَرَافِيُّ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْمُعْتَمَدِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ الَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ، إِلَى وُجُوبِ غَسْل ظَاهِرِ اللِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ كُلِّهَا مِمَّا هُوَ نَابِتٌ فِي مَحَل الْفَرْضِ سَوَاءٌ حَاذَى مَحَل الْفَرْضِ أَوْ جَاوَزَهُ، قَال الشَّافِعِيَّةُ: وَإِنَّمَا يَجِبُ غَسْل مَا جَاوَزَ مَحَل الْفَرْضِ بِالتَّبَعِ، وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لأَِنَّ اللِّحْيَةَ تُشَارِكُ الْوَجْهَ فِي مَعْنَى التَّوَجُّهِ وَالْمُوَاجَهَةِ، بِخِلَافِ مَا نَزَل مِنْ شَعْرِ الرَّأْسِ عَنْهُ، فَإِنَّهُ لَا يُشَارِكُ الرَّأْسَ فِي التَّرَؤُّسِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌حَلْقُ شَعْرِ اللِّحْيَةِ بَعْدَ غَسْلِهِ فِي الْوُضُوءِ</span></p>إِذَا تَوَضَّأَ فَغَسَل ظَاهِرَ لِحْيَتِهِ، أَوْ ظَاهِرَهَا وَبَاطِنَهَا، ثُمَّ أَزَالَهَا بِحَلْقٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ إِعَادَةُ الْوُضُوءِ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ (2) .</p>وَانْظُرْ (وُضُوءٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَخْلِيل اللِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ فِي الْوُضُوءِ:</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> يُسَنُّ لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ تَخْلِيل اللِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ فِي الْوُضُوءِ عِنْدَ كُلٍّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 1 / 68 - 69، والذخيرة 1 / 249، 258، والقليوبي 1 / 48، والمغني 1 / 117، وشرح المنتهى 1 / 51.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 1 / 69، والفتاوى الهندية 1 / 4، والدسوقي على الشرح الكبير 1 / 90.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٠)</span><hr/></div>وَهُوَ قَوْل أَبِي يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَقَوْلٌ لِلْمَالِكِيَّةِ، وَذَلِكَ لِلْحَدِيثِ الْوَارِدِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ خَلَّل لِحْيَتَهُ (1) ، وَفَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَنَسٌ وَالْحَسَنُ رضي الله عنهم، وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ: هُوَ فَضِيلَةٌ. قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَرَجَّحَ فِي الْمَبْسُوطِ قَوْل أَبِي يُوسُفَ، وَالأَْدِلَّةُ تُرَجِّحُهُ وَهُوَ الصَّوَابُ. اهـ.</p>وَقَدْ وَرَدَّ التَّرْخِيصُ فِي تَرْكِ التَّخْلِيل عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَطَاوُسٍ وَالنَّخَعِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَقَال مَنْ لَمْ يُوجِبْهُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِغَسْل الْوَجْهِ وَلَمْ يَأْمُرْ بِالتَّخْلِيل، وَإِنَّ أَكْثَرَ مَنْ حَكَى وُضُوءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَحْكِ أَنَّهُ خَلَّل لِحْيَتَهُ مَعَ أَنَّهُ كَانَ كَثِيفَهَا، فَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمَا أَخَل بِهِ.</p>وَفِي قَوْلٍ لِلْمَالِكِيَّةِ: التَّخْلِيل مَكْرُوهٌ، وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَهُمْ عَلَى ظَاهِرِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْل مَالِكٍ: تُحَرَّكُ اللِّحْيَةُ مِنْ غَيْرِ تَخْلِيلٍ.</p>وَالْقَوْل الثَّالِثُ لِلْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ قَوْل إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ: التَّخْلِيل وَاجِبٌ، وَالتَّخْلِيل عِنْدَ مَنْ قَال بِهِ يَكُونُ مَعَ غَسْل الْوَجْهِ، إِلَاّ أَنَّ الْحَنَابِلَةَ نَقَلُوا عَنْ نَصِّ أَحْمَدَ أَنَّ التَّخْلِيل يَكُونُ مَعَ غَسْل الْوَجْهِ أَوْ إِنْ شَاءَ مَعَ مَسْحِ الرَّأْسِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ خلل لحيته ". أخرجه أحمد (6 / 234) من حديث عائشة، وقال ابن حجر في التلخيص (1 / 86) : إسناده حسن.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٠)</span><hr/></div>وَصِفَتُهُ عَلَى مَا فِي شَرْحِ مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ أَنْ يَأْخُذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ يَضَعُهُ مِنْ تَحْتِهَا فَيُخَلِّلُهَا بِأَصَابِعِهِ مُشْتَبِكَةً، أَوْ يَضَعُهُ مِنْ جَانِبَيْهَا وَيُحَرِّكُهَا بِهِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌غَسْل الْعَنْفَقَةِ فِي الْوُضُوءِ</span></p><font color=#ff0000>18 -</font> يَجِبُ فِي الْوُضُوءِ غَسْل الْعَنْفَقَةِ وَالْبَشَرَةِ تَحْتَهَا إِنْ كَانَتْ خَفِيفَةً، فَإِنْ كَانَتْ كَثِيفَةً فَالأَْكْثَرُ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ غَسْل ظَاهِرِهَا فَقَطْ، كَاللِّحْيَةِ، وَقِيل: يَجِبُ غَسْلُهَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا بِكُل حَالٍ لأَِنَّهَا لَا تَسْتُرُ مَا تَحْتَهَا عَادَةً، وَإِنْ وُجِدَ ذَلِكَ كَانَ نَادِرًا فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌غَسْل اللِّحْيَةِ فِي الْغُسْل مِنَ الْجَنَابَةِ</span></p><font color=#ff0000>19 -</font> يَجِبُ فِي الْغُسْل مِنَ الْجَنَابَةِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ غَسْل الْبَشَرَةِ تَحْتَ اللِّحْيَةِ سَوَاءٌ كَانَ الشَّعْرُ كَثِيفًا أَوْ خَفِيفًا، وَذَلِكَ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: مَنْ تَرَكَ مَوْضِعَ شَعْرَةٍ مِنْ جَنَابَةٍ لَمْ يَغْسِلْهَا فُعِل بِهِ كَذَا وَكَذَا مِنَ النَّارِ (3) قَال عَلِيٌّ: فَمِنْ ثَمَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 1 / 79، والدسوقي على الشرح الكبير 1 / 86، والذخيرة 1 / 250، والمغني 1 / 105، 106، 117، وشرح المنتهى 1 / 43، 52، ونيل المآرب 1 / 64.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 86، والمغني لابن قدامة 1 / 116.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " من ترك موضع شعرة من جنابة. . . ". أخرجه أبو داود (1 / 173) وذكره ابن حجر في التلخيص (1 / 142) وقال: قيل: إن الصواب وقفه.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣١)</span><hr/></div>عَادَيْتُ شَعْرِي، وَكَانَ يَجِزُّ شَعْرَهُ، وَلِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: إِنَّ تَحْتَ كُل شَعْرَةٍ جَنَابَةً فَاغْسِلُوا الشَّعْرَ، وَأَنْقُوا الْبَشَرَ (1) .</p>وَالشَّعْرُ نَفْسُهُ يَجِبُ غَسْلُهُ وَإِيصَال الْمَاءِ إِلَى أَثْنَائِهِ حَتَّى مَا اسْتَرْسَل مِنْهُ، وَفِي وَجْهٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: لَا يَجِبُ ذَلِكَ، وَيَجِبُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ تَخْلِيل شَعْرِ اللِّحْيَةِ (2) .</p>وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ (غَسْلٌ ف 24) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَسْحُ اللِّحْيَةِ فِي التَّيَمُّمِ:</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> يَجِبُ فِي التَّيَمُّمِ مَسْحُ اللِّحْيَةِ مَعَ مَسْحِ الْوَجْهِ عِنْدَ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ، فَيَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِ الشَّعْرِ سَوَاءٌ كَانَ الشَّعْرُ خَفِيفًا أَوْ كَثِيفًا، فَلَا يَجِبُ وَلَا يُنْدَبُ إِيصَال التُّرَابِ إِلَى الشَّعْرِ الْبَاطِنِ وَلَا إِلَى الْبَشَرَةِ لِعُسْرِهِ، وَلأَِنَّ الْمَسْحَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ.</p>وَاشْتَرَطَ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ، وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ اسْتِيعَابَ ظَاهِرِ شَعْرِ الْوَجْهِ، قَال فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ: حَتَّى لَوْ تَرَكَ شَعْرَةً لَمْ يَجُزْ، قَال الْمَالِكِيَّةُ: وَيَجِبُ مَسْحُ مَا طَال مِنَ اللِّحْيَةِ، وَلَا يُخَلِّلُهَا لأَِنَّ الْمَسْحَ مَبْنِيٌّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" إن تحت كل شعرة جنابة. . . ". أخرجه أبو داود (1 / 172) من حديث أبو هريرة، ثم ذكر تضعيف أحد رواته.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 1 / 102، والفتاوى الهندية 1 / 13، والدسوقي على الشرح الكبير 1 / 134، وحاشية القليوبي 1 / 66، والمغني لابن قدامة 1 / 228، وشرح المنتهى 1 / 81.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣١)</span><hr/></div>عَلَى التَّخْفِيفِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَتَعَلَّقُ بِاللِّحْيَةِ مِنَ الأَْحْكَامِ فِي الإِْحْرَامِ:</span></p><font color=#ff0000>21 -</font> لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ حَلْقُ لِحْيَتِهِ فِي الإِْحْرَامِ وَلَا الأَْخْذُ مِنْهَا كَثِيرًا أَوْ قَلِيلاً، إِلَاّ لِعُذْرٍ إِجْمَاعًا، وَقِيَاسًا عَلَى تَحْرِيمِ حَلْقِ الرَّأْسِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِي قَوْله تَعَالَى:{وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} (2) .</p>فَإِنْ حَلَقَ لِحْيَتَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ (3) ، وَإِنْ أَخَذَ أَقَل مِنْ ذَلِكَ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ وَخِلَافٌ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي مُصْطَلَحِ (إِحْرَامٌ ف 71،) . وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ دَهْنُ لِحْيَتِهِ وَلَوْ بِدُهْنٍ غَيْرِ مُطَيَّبٍ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَيْضًا تَطْيِيبُهَا.</p>وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ (إِحْرَامٌ ف 73، 76،) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْخْذُ مِنَ اللِّحْيَةِ عِنْدَ التَّحَلُّل مِنَ الإِْحْرَامِ </span>22 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْمُحْرِمِ عِنْدَ تَحَلُّلِهِ مِنَ الإِْحْرَامِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بِرَأْسِهِ شَعْرٌ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ شَارِبِهِ أَوْ مِنْ شَعْرِ لِحْيَتِهِ.</p>وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَوْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الهندية 1 / 26، وابن عابدين 1 / 158، والذخيرة للقرافي 1 / 355، والقليوبي 1 / 90، والمغني 1 / 254، وشرح المنتهى 1 / 93.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 196.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 2 / 204، والشرح الكبير 2 / 60، 64، ونهاية المحتاج 2 / 64، وحاشية القليوبي 2 / 134، وشرح المنتهى 1 / 93، 3 / 305، والفتاوى الهندية 1 / 243.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٢)</span><hr/></div>أَخَذَ مِنْ لِحْيَتِهِ شَيْئًا.</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُحْرِمِ عِنْدَ تَحَلُّلِهِ قَصُّ أَظَافِرِهِ وَشَارِبِهِ وَاسْتِحْدَادُهُ بَعْدَ حَلْقِ رَأْسِهِ وَلَا يَأْخُذُ مِنْ لِحْيَتِهِ شَيْئًا، وَلَكِنْ إِنْ أَخَذَ مِنْهَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الدِّيَةُ أَوِ الأَْرْشُ فِي إِتْلَافِ شَعْرِ اللِّحْيَةِ</span></p><font color=#ff0000>23 -</font> تَتَّفِقُ الْمَذَاهِبُ الأَْرْبَعَةُ عَلَى أَنَّ مَنْ أَزَال لِحْيَةَ رَجُلٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، بِحَلْقٍ أَوْ نَتْفٍ أَوْ مُعَالَجَةٍ بِدَوَاءٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ إِنْ عَادَ الشَّعْرُ فَنَبَتَ كَمَا كَانَ فَلَا شَيْءَ مِنْ دِيَةٍ أَوْ غَيْرِهَا إِلَاّ الأَْدَبُ فِي الْعَمْدِ.</p>أَمَّا إِنْ لَمْ يَنْبُتِ الشَّعْرُ، لِفَسَادِ مَنْبَتِهِ، كَمَا لَوْ صَبَّ عَلَيْهِ مَاءً حَارًّا، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ:</p>فَذَهَبَتِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ فِيهَا دِيَةً كَامِلَةً إِنْ أَذْهَبَهَا كُلَّهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ خَفِيفَةً أَوْ كَثِيفَةً، قَالُوا: لأَِنَّهُ أَزَال الْجَمَال عَلَى الْكَمَال، وَفِي نِصْفِهَا نِصْفُ الدِّيَةِ. ثُمَّ قَال الْحَنَفِيَّةُ: وَمَا كَانَ أَقَل مِنْ ذَلِكَ فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَفِي قَوْلٍ عِنْدَهُمْ: تَجِبُ كُل الدِّيَةِ لأَِنَّهُ فِي الشَّيْنِ فَوْقَ مَنْ لَا لِحْيَةَ لَهُ أَصْلاً، قَال فِي شَرْحِ الْكَافِي: هُوَ الصَّحِيحُ.</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُعْتَبَرُ قَدْرُ الذَّاهِبِ مِنْهَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الهندية 1 / 232، والقليوبي 2 / 119، ومغني المحتاج 1 / 503، والمغني 3 / 437، وفتح الباري 10 / 358.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٢)</span><hr/></div>بِالْمِسَاحَةِ، فَيُعْطَى مِنَ الدِّيَةِ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ.</p>قَال الْحَنَفِيَّةُ: وَلَا شَيْءَ فِي إِذْهَابِ لِحْيَةِ كَوْسَجٍ عَلَى ذَقْنِهِ شَعَرَاتٌ مَعْدُودَةٌ، قَالُوا: لأَِنَّهَا تَشِينُهُ وَلَا تَزِينُهُ.</p>وَلَوْ كَانَ عَلَى خَدِّهِ أَيْضًا وَلَكِنَّهُ غَيْرُ مُتَّصِلٍ فَحُكُومَةُ عَدْلٍ لأَِنَّ فِيهِ بَعْضَ الْجَمَال، وَلَوْ مُتَّصِلاً فَفِيهِ كُل الدِّيَةِ، لأَِنَّهُ لَيْسَ بِكَوْسَجٍ وَفِيهِ مَعْنَى الْجَمَال.</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ أَزَالَهَا وَبَقِيَ مِنْهَا مَا لَا جَمَال فِيهِ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ كَامِلَةٌ لإِِذْهَابِهِ الْمَقْصُودَ مِنْهُ كُلَّهُ.</p>وَاسْتَدَلُّوا عَلَى إِيجَابِ الدِّيَةِ فِي شَعْرِ اللِّحْيَةِ بِقَوْل عَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنهما: " فِي الشَّعْرِ الدِّيَةُ ".</p>وَيُؤَجَّل سَنَةً لِيَتَحَقَّقَ مِنْ عَدَمِ نَبَاتِهَا، فَإِنْ مَاتَ فِيهَا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ تَسْقُطُ الدِّيَةُ، وَقَال الصَّاحِبَانِ: فِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ.</p>وَإِنْ نَبَتَ الشَّعْرُ أَبْيَضَ قَال أَبُو حَنِيفَةَ كَذَلِكَ: لَا شَيْءَ فِيهَا، وَقَال الصَّاحِبَانِ: فِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ.</p>فَإِنْ عَادَ الشَّعْرُ فَنَبَتَ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مَا فِيهِ مِنْ دِيَةٍ أَوْ بَعْضِهَا أَوْ حُكُومَةِ الْعَدْل رَدَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَعُدْ وَرُجِيَ عَوْدُهُ انْتَظَرَ مَا يَقُولُهُ أَهْل الْخِبْرَةِ.</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا تَجِبُ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٣)</span><hr/></div>الدِّيَةُ فِي إِذْهَابِ شَعْرِ اللِّحْيَةِ بَل فِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْزِيرُ بِحَلْقِ اللِّحْيَةِ:</span></p><font color=#ff0000>24 -</font> لَا يَجُوزُ التَّعْزِيرُ بِحَلْقِ اللِّحْيَةِ لِكَوْنِهِ أَمْرًا مُحَرَّمًا فِي ذَاتِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَالَّذِينَ قَالُوا بِأَنَّ الْحَلْقَ فِي ذَاتِهِ مَكْرُوهٌ، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، قَالُوا: لَا يَجُوزُ التَّعْزِيرُ بِحَلْقِهَا (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌لِحْيَةُ الْمَيِّتِ:</span></p><font color=#ff0000>25 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ تَسْرِيحُ لِحْيَةِ الْمَيِّتِ أَوْ قَصُّ شَعْرِهِ أَوْ حَلْقُهُ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يُكْرَهُ حَلْقُ شَعْرِ الْمَيِّتِ الَّذِي لَا يَحْرُمُ حَلْقُهُ حَال الْحَيَاةِ كَشَعْرِ الرَّأْسِ، فَإِنْ كَانَ يَحْرُمُ حَلْقُهُ حَال الْحَيَاةِ - وَهُوَ شَعْرُ اللِّحْيَةِ - حَرُمَ، قَال الدَّرْدِيرُ: وَهُوَ بِدْعَةٌ قَبِيحَةٌ لَمْ تُعْهَدْ مِنَ السَّلَفِ.</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُكْرَهُ تَسْرِيحُ شَعْرِهِ رَأْسًا كَانَ أَوْ لِحْيَةً لأَِنَّهُ يَقْطَعُهُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَيْهِ. قَالُوا. وَيَحْرُمُ حَلْقُ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ.</p>أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَيَرَوْنَ أَنَّ تَسْرِيحَ لِحْيَةِ الْمَيِّتِ غَيْرِ الْمُحْرِمِ حَسَنٌ لإِِزَالَةِ مَا فِي أُصُول الشَّعْرِ مِنَ الْوَسَخِ أَوْ بَقَايَا السِّدْرِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ بِمُشْطٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الهندية 6 / 24، 25، وحاشية ابن عابدين 5 / 370، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 4 / 277، وشرح المحلي على المنهاج مع حاشية القليوبي 4 / 144، والمغني لابن قدامة 8 / 10، وشرح منتهى الإرادات 3 / 321.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية القليوبي 4 / 205.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٣)</span><hr/></div>وَاسِعِ الأَْسْنَانِ، بِرِفْقٍ لِيَقِل الاِنْتِتَافُ.</p>ثُمَّ إِنْ أُزِيل بَعْضُ الشَّعْرِ بِحَلْقٍ أَوْ قَصٍّ أَوْ تَسْرِيحٍ يُجْعَل الزَّائِدُ مَعَ الْمَيِّتِ فِي كَفَنِهِ (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 1 / 575، والفتاوى الهندية 1 / 158، والدسوقي 1 / 422 - 423، وشرح المنهاج للمحلي 1 / 324، وشرح المنتهى 1 / 329، 330.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لُزُومٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> اللُّزُومُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرٌ، فِعْلُهُ لَزِمَ يَلْزَمُ. يُقَال: لَزِمَ فُلَانٌ فُلَانًا أَيْ: كَانَ مَعَهُ فَلَمْ يُفَارِقْهُ، وَمِثْلُهُ فِي الْمَعْنَى لَازَمَهُ مُلَازَمَةً وَلِزَامًا، وَالْتَزَمَهُ بِمَعْنَى: اعْتَنَقَهُ، وَاللُّزُومُ أَيْضًا: الْمُلَازَمَةُ لِلشَّيْءِ وَالتَّمَسُّكُ بِهِ أَوِ الْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا:" كَانَتْ إِذَا عَمِلَتِ الْعَمَل لَزِمَتْهُ "(1) .</p>وَلَزِمَهُ الْمَال: وَجَبَ عَلَيْهِ، وَلَزِمَهُ الطَّلَاقُ وَجَبَ حُكْمُهُ وَهُوَ قَطْعُ الزَّوْجِيَّةِ (2) .</p>وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌الْجَوَازُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> مِنْ مَعَانِي الْجِوَازِ فِي اللُّغَةِ: الصِّحَّةُ وَالنَّفَاذُ يُقَال: جَازَ الْعَقْدُ: نَفَذَ وَمَضَى عَلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث عائشة: " كانت إذا عملت العمل لزمته ". # أخرجه مسلم (1 / 541) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> لسان العرب، والقاموس المحيط، والمصباح المنير.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٤)</span><hr/></div>الصِّحَّةِ، وَأَجَزْتُ الْعَقْدَ: جَعَلْتَهُ جَائِزًا نَافِذًا (1) .</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ قَال الزَّرْكَشِيُّ: يُطْلَقُ عَلَى أُمُورٍ:</p>أَحَدُهَا: عَلَى رَفْعِ الْحَرَجِ، أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا أَوْ مَكْرُوهًا.</p>الثَّانِي: عَلَى مُسْتَوَى الطَّرَفَيْنِ، وَهُوَ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْفِعْل وَالتَّرْكِ.</p>الثَّالِثُ: عَلَى مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ، وَهُوَ اصْطِلَاحُ الْفُقَهَاءِ فِي الْعُقُودِ.</p>وَالصِّلَةُ بَيْنَ اللُّزُومِ وَالْجَوَازِ أَنَّ الْجَوَازَ فِي بَعْضِ مَعَانِيهِ يُضَادُّ اللُّزُومَ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِاللُّزُومِ:</span></p>‌<span class="title">‌لُزُومُ الأَْمْرِ وَالْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهِ</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> مِنْهُ مَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ (لُزُومِ الْجَمَاعَةِ) فِي الْفِتَنِ، كَمَا فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رضي الله عنه أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَال لَهُ فِي شَأْنِ الْفِتَنِ: تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ فَقَال حُذَيْفَةُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟ قَال: فَاعْتَزِل تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا (3) قَال ابْنُ بَطَّالٍ: فِيهِ حُجَّةٌ لِجَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ فِي وُجُوبِ لُزُومِ جَمَاعَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المنثور في القواعد للزركشي 2 / 7.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث حذيفة: " تلزم جماعة المسلمين. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 13 / 35) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٥)</span><hr/></div>الْمُسْلِمِينَ وَتَرْكِ الْخُرُوجِ عَلَى الأَْئِمَّةِ (1)، وَقَال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فِي خُطْبَتِهِ بِالْجَابِيَةِ:" عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ (2) ".</p>وَمِنْهُ (لُزُومُ الْعَمَل) بِمَعْنَى الْمُدَاوَمَةِ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ فِي التَّطَوُّعَاتِ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَحَبُّ الأَْعْمَال إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَل (3) ، وَتَقَدَّمَ الْحَدِيثُ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا " كَانَتْ إِذَا عَمِلَتْ عَمَلاً لَزِمَتْهُ "(4) .</p>لَكِنْ إِنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَمَل الَّذِي دَخَل فِيهِ الْمُكَلَّفُ عَلَى نِيَّةِ الاِلْتِزَامِ لَهُ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَشَقَّةٌ خَارِجَةٌ عَنِ الْمُعْتَادِ، أَوْ يُورِثُ مَلَلاً، فَقَدْ ذَكَرَ الشَّاطِبِيُّ أَنَّهُ يَكُونُ مَكْرُوهًا ابْتِدَاءً، لأَِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلِخَوْفِ التَّقْصِيرِ أَوِ الْعَجْزِ عَنِ الْقِيَامِ بِمَا هُوَ أَوْلَى وَآكَدُ فِي الشَّرْعِ.</p>وَقَدْ نَبَّهَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى هَذَا، فَفِي الْحَدِيثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال لَهُ: أَلَمْ أُخْبِرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْل؟ فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُول<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح الباري 13 / 35، 36، القاهرة، المكتبة السلفية 1373هـ. وحاشية ابن عابدين 3 / 311.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح الباري 13 / 316، 345.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل ". أخرجه مسلم (1 / 541) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> فتح الباري 13 / 316، 345، وحديث عائشة تقدم تخريجه ف1.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٥)</span><hr/></div>اللَّهِ قَال: فَلَا تَفْعَل، صُمْ وَأَفْطِرْ وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ كُل شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. (1)</p>وَذَكَرَ ابْنُ الْقَيِّمِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلإِْنْسَانِ أَنْ يَلْزَمَ طَرِيقَةً وَاحِدَةً مُخْتَرَعَةً فِي الْعِبَادَةِ بِحَيْثُ يَرَاهَا لَازِمَةً كَلُزُومِ الْفَرَائِضِ، فَلَا يَخْرُجُ عَنْهَا، وَيَقْدَحُ فِيمَنْ خَرَجَ عَنْهَا وَيَذُمُّهُ، أَوْ يَلْزَمُ مَكَانًا فِي الْمَسْجِدِ لِلصَّلَاةِ لَا يُصَلِّي إِلَاّ فِيهِ (2)، وَاحْتَجَّ بِالْحَدِيثِ: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُوَطِّنَ الرَّجُل الْمَكَانَ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا يُوَطِّنُ الْبَعِيرَ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌لُزُومُ الْغَرِيمِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> لُزُومُ الْغَرِيمِ نَوْعٌ مِنَ الْعُقُوبَةِ ثَبَتَ فِي السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ، فَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الأَْسْلَمِيُّ دَيْنٌ فَلَقِيَهُ فَلَزِمَهُ فَتَكَلَّمَا حَتَّى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الاعتصام للشاطبي 1 / 295 - 300 القاهرة، المكتبة التجارية الكبرى. وحديث عبد الله بن عمرو:" ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 217 - 218) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> إغاثة اللهفان لابن القيم 1 / 133.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " نهى أن يوطن الرجل المكان في المسجد. . . ". أخرجه أبو داود (1 / 539) والحاكم (1 / 229) من حديث عبد الرحمن بن شبل، واللفظ لأبي داود، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٦)</span><hr/></div>ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، فَمَرَّ بِهِمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: يَا كَعْبُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ كَأَنَّهُ يَقُول: النِّصْفُ، فَأَخَذَ نِصْفَ مَا عَلَيْهِ وَتَرَكَ نِصْفًا (1) .</p>وَيَأْخُذُ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ بِعُقُوبَةِ الْمُلَازَمَةِ، وَجَعَلُوهَا حَقًّا لِصَاحِبِ الدَّيْنِ، وَقَدْ تَعَرَّضَ الْحَنَفِيَّةُ لِذَلِكَ فِي أَبْوَابِ الْحَبْسِ مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ، فَلِصَاحِبِ الْحَقِّ أَنْ يُلْزِمَ غَرِيمَهُ حَتَّى يَقْضِيَهُ حَقَّهُ، وَذَكَرَ ابْنُ عَابِدِينَ أَنَّ لَهُ مُلَازَمَتَهُ لَيْلاً وَنَهَارًا، وَلِطَالِبِ الْحَقِّ أَنْ يُلَازِمَ الْغَرِيمَ، وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ الْقَاضِي بِمُلَازَمَتِهِ، وَلَا فَلَّسَهُ، وَهَذَا إِنْ كَانَ مُقِرًّا بِالْحَقِّ، أَوْ ثَبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي وَأَطْلَقَهُ لإِِعْسَارِهِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ قَاضٍ، وَالرَّأْيُ فِي الْمُلَازَمَةِ لِصَاحِبِ الْحَقِّ، إِنْ شَاءَ لَازَمَ الْمَدِينَ بِنَفْسِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمَدِينُ ذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَ وَكَّل غَيْرَهُ بِمُلَازَمَتِهِ، فَإِنْ وَكَّل أَحَدًا بِمُلَازَمَتِهِ لَمْ يَكُنْ وَكِيلاً بِالْقَبْضِ وَلَا بِالْخُصُومَةِ، مَا لَمْ يَجْعَل إِلَيْهِ ذَلِكَ.</p>وَصِفَةُ الْمُلَازَمَةِ عَلَى مَا يَذْكُرُهُ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِي قِيَامِهِ وَقُعُودِهِ، وَلَا يَمْنَعُهُ مِنَ الدُّخُول إِلَى أَهْلِهِ، أَوْ دُخُول بَيْتِهِ لِطَعَامٍ وَنَحْوِهِ. قَالُوا: وَلَا يُلَازِمُهُ فِي الْمَسْجِدِ، عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلَا يُقِيمُهُ فِي الشَّمْسِ، أَوْ عَلَى الثَّلْجِ، أَوْ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح الباري 1 / 551 و5 / 76 وحديث كعب بن مالك:" أنه كان له على عبد الله بن أبي حدرد. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 5 / 76) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٦)</span><hr/></div>مَوْضِعٍ يَضُرُّ بِهِ، وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ عَمَلٍ يَكْتَسِبُ مِنْهُ رِزْقَهُ، بَل يُلَازِمُهُ وَهُوَ يَعْمَل، أَوْ يُعْطِيهِ نَفَقَتَهُ وَنَفَقَةَ عِيَالِهِ وَيَمْنَعُهُ مِنَ الْعَمَل.</p>قَالُوا: وَإِنْ كَانَ الْمَدِينُ امْرَأَةً وَالطَّالِبُ رَجُلاً فَلَهُ أَنْ يُلَازِمَهَا حَيْثُ لَا تُخْشَى الْفِتْنَةُ، كَالسُّوقِ وَنَحْوِهِ، أَمَّا حَيْثُ تُخْشَى الْفِتْنَةُ فَإِنَّهُ يُوَكِّل امْرَأَةً بِمُلَازَمَتِهَا (1) .</p>وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: لَوْ أَرَادَ مُسْتَحِقُّ الدَّيْنِ لُزُومَ الْمَدِينِ بَدَلاً عَنِ الْحَبْسِ مُكِّنَ مَا لَمْ يَقُل تَشُقُّ عَلَيَّ الطَّهَارَةُ وَالصَّلَاةُ مَعَ مُلَازَمَتِهِ، وَيَخْتَارُ الْحَبْسَ، فَيُجِيبُهُ الْقَاضِي إِلَى ذَلِكَ (2) .</p>وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: يَحْرُمُ مُطَالَبَةُ الْمُعْسِرِ وَمُلَازَمَتُهُ وَيَجُوزُ مُلَازَمَةُ الْمُوسِرِ الْمُمَاطِل إِنْ خِيفَ هُرُوبُهُ (3) .</p>وَكَذَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يَحْرُمُ مُلَازَمَةُ الْمُعْسِرِ، قَالُوا: يَحْرُمُ مُلَازَمَتُهُ بِحَيْثُ كُلَّمَا يَأْتِيهِ شَيْءٌ يَأْخُذُ مِنْهُ، لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ إِنْظَارَ الْمُعْسِرِ إِلَى الْمَيْسَرَةِ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌اللُّزُومُ بِمَعْنَى الْوُجُوبِ وَالتَّحَتُّمِ</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> يَأْتِي اللُّزُومُ بِمَعْنَى الْوُجُوبِ وَالتَّحَتُّمِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الهندية 3 / 415 - 416 مطبعة بولاق 1311 هـ، وحاشية ابن عابدين 4 / 315، 412.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج للرملي 8 / 241 القاهرة، مصطفى الحلبي.</p><font color=#ff0000>(3)</font> شرح منتهى الإرادات 2 / 275 - 276.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حاشية الدسوقي على الشرح الكبير لمختصر خليل 3 / 280 القاهرة، دار إحياء الكتب العربية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٧)</span><hr/></div>قَال الطُّوفِيُّ: الْوَاجِبُ هُوَ اللَاّزِمُ الْمُسْتَحَقُّ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَصَادِرُ اللُّزُومِ:</span></p>اللُّزُومُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِإِلْزَامِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ إِلْزَامِ الْغَيْرِ، أَوْ إِلْزَامِ الْمَرْءِ نَفْسِهِ. وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي:</p> </p>‌<span class="title">‌اللُّزُومُ بِإِلْزَامِ اللَّهِ تَعَالَى</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> يَلْزَمُ الْعَبْدَ فِعْل مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ مِنَ الْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ مِنَ الْعِبَادَاتِ عِنْدَ وُجُودِ أَسْبَابِهَا، وَتَحَقُّقِ شُرُوطِ الْوُجُوبِ، وَانْتِفَاءِ مَوَانِعِهِ، وَإِذَا فَسَدَتْ لَزِمَ قَضَاؤُهَا.</p>وَيَسْتَتْبِعُ ذَلِكَ إِلْزَامَهُ بِكُل مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَاّ بِهِ، مِمَّا هُوَ مَقْدُورٌ لَهُ، كَالسَّفَرِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَجِّ، وَالطَّهَارَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي قَاعِدَةِ " مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَاّ بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ (2) ".</p>وَيَلْزَمُ الْمُكَلَّفَ الْكَفُّ عَنْ كُل مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الأَْفْعَال.</p> </p>‌<span class="title">‌اللُّزُومُ بِإِلْزَامِ الْغَيْرِ</span>.</p><font color=#ff0000>7 -</font> مِمَّنْ تَلْزَمُ طَاعَتُهُ شَرْعًا، وَتَلْزَمُ تَصَرُّفَاتُهُ عَلَى الْغَيْرِ، مَنْ يَلِي:</p>أ - وَلِيُّ الأَْمْرِ، وَهُوَ الإِْمَامُ الَّذِي صَحَّتْ وِلَايَتُهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح مختصر الروضة للطوفي 1 / 266، بيروت، مؤسسة الرسالة 1410 هـ.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البحر المحيط للزركشي 1 / 176 وما بعدها، والمستصفى للغزالي 1 / 71.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٧)</span><hr/></div>شَرْعًا، فَتَلْزَمُ طَاعَتُهُ الرَّعِيَّةَ، لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الأَْمْرِ مِنْكُمْ} (1) ، وَنُوَّابُ الإِْمَامِ تَلْزَمُ طَاعَتُهُمْ فِيمَا أَنَابَهُمُ الإِْمَامُ فِيهِ، كَأَمِيرِ الْجَيْشِ، وَالْوَالِي، وَالْمُتَوَلِّي جِبَايَةَ الزَّكَاةِ.</p>وَالطَّاعَةُ اللَاّزِمَةُ هُنَا هِيَ مَا كَانَ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، فَإِنْ أَمَرَ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلَا طَاعَةَ لَهُ، لأَِنَّ طَاعَةَ اللَّهِ أَلْزَمَ، وَلَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ. (ر: أُولُو الأَْمْرِ ف 5) .</p>ب - الْقَاضِي الَّذِي وَلَاّهُ الإِْمَامُ الْحُكْمَ بَيْنَ النَّاسِ، فَمَا حَكَمَ بِهِ عَلَى إِنْسَانٍ فِي خُصُومَةٍ لَزِمَهُ الْحُكْمُ، وَكَذَا إِذَا حَجَرَ عَلَى سَفِيهٍ أَوْ مُفْلِسٍ لَزِمَتْهُ أَحْكَامُ الْحَجْرِ وَإِذَا تَصَرَّفَ فِي مَالٍ ضَالٍّ بِبَيْعِ أَوْ نَحْوِهِ لَزِمَ تَصَرُّفُهُ (2) ، وَلِلْقَاضِي إِلْزَامُ النَّاسِ بِأَحْكَامِ اللَّهِ تَعَالَى، كَالْكَفَّارَاتِ وَالنُّذُورِ (3) .</p>(ر: قَضَاءٌ ف 27) .</p>ج - الزَّوْجُ فِيمَا يَأْمُرُ بِهِ زَوْجَتَهُ مِنَ الْمَعْرُوفِ.</p>(ر: طَاعَةٌ ف 10) .</p>د - التَّصَرُّفُ بِالْوِلَايَةِ الشَّرْعِيَّةِ، كَتَصَرُّفِ الأَْبِ فِي مَال وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوِ الْمَجْنُونِ بِمَا فِيهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النساء / 59.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 4 / 138.</p><font color=#ff0000>(3)</font> انظر شرح المنتهى 2 / 292.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٨)</span><hr/></div>مَصْلَحَتُهُمَا، وَتَصَرُّفِ الْوَصِيِّ كَذَلِكَ. (ر: وِلَايَةٌ) .</p>هـ - التَّصَرُّفُ بِالْوَكَالَةِ، فَتَصَرُّفَاتُ الْوَكِيل لَازِمَةٌ لِلْمُوَكِّل فِيمَا وَكَّلَهُ فِيهِ. (ر: وَكَالَةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌اللُّزُومُ بِإِلْزَامِ الْمَرْءِ نَفْسَهُ</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> قَدْ يُلْزِمُ الإِْنْسَانُ نَفْسَهُ بِأَمْرٍ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ شَرْعًا إِنْ لَمْ يُخَالِفِ الشَّرْعَ، بِمَعْنَى أَنَّ الشَّرْعَ جَعَل الْتِزَامَهُ سَبَبًا لِلُّزُومِ، وَمِنْ ذَلِكَ:</p>أ - الْعَقْدُ، فَإِذَا عَقَدَا بَيْنَهُمَا عَقْدًا لَزِمَهُمَا حُكْمُهُ، كَعَقْدِ الْبَيْعِ مَثَلاً يَلْزَمُ بِهِ انْتِقَال مِلْكِيَّةِ الْمَبِيعِ إِلَى الْمُشْتَرِي، وَمِلْكِيَّةِ الثَّمَنِ إِلَى الْبَائِعِ، وَكَعَقْدِ الإِْجَارَةِ يَلْزَمُ بِهِ الأَْجِيرَ الْعَمَل، وَيَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ الأُْجْرَةُ وَمِنْ هَذَا الْقَبِيل أَيْضًا كُل شَرْطٍ صَحِيحٍ الْتَزَمَهُ الْعَاقِدُ فِي الْعَقْدِ، فَيَلْزَمُهُ، وَذَلِكَ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (1)، وَقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ (2) ، عَلَى أَنَّ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ اخْتِلَافًا وَتَفْصِيلاً فِيمَا يَصِحُّ مِنَ الشُّرُوطِ وَمَا لَا يَصِحُّ، وَيُنْظَرُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (اشْتِرَاطٌ ف 11 وَمَا بَعْدَهَا) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة المائدة / 1.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" المسلمون على شروطهم ". أخرجه الترمذي (634 - 635) من حديث عمرو بن عوف، وقال: حديث حسن صحيح.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٨)</span><hr/></div>ب - تَصَرُّفَاتٌ فَرْدِيَّةٌ قَوْلِيَّةٌ تَلْزَمُ الْمُتَصَرِّفَ أَحْكَامُهَا بِمُجَرَّدِ صُدُورِ الْقَوْل عَنْهُ، وَمِنْ ذَلِكَ الْوَقْفُ وَالْكَفَالَةُ وَالْعَهْدُ وَالنَّذْرُ وَالْيَمِينُ وَالْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ، وَيُرْجَعُ لِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِ كُلٍّ مِنْهَا إِلَى مُصْطَلَحِهِ.</p>وَدُخُول الْكَافِرِ فِي الإِْسْلَامِ الْتِزَامٌ إِجْمَالِيٌّ لأَِحْكَامِهِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌لُزُومُ الْعُقُودِ وَجِوَازُهَا</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> يُقْصَدُ بِلُزُومِ الْعَقْدِ عَدَمُ جَوَازِ فَسْخِهِ مِنْ قِبَل أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ إِلَاّ بِرِضَا الْعَاقِدِ الآْخَرِ، وَمَا جَازَ لِلْعَاقِدِ فَسْخُهُ بِغَيْرِ رِضَا الْعَاقِدِ الآْخَرِ يُسَمَّى عَقْدًا جَائِزًا.</p>فَالْبَيْعُ وَالسَّلَمُ وَالإِْجَارَةُ عُقُودٌ لَازِمَةٌ، إِذْ إِنَّهَا مَتَى صَحَّتْ لَا يَجُوزُ فَسْخُهَا بِغَيْرِ التَّقَايُل، وَلَوِ امْتَنَعَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ عَنِ الْوَفَاءِ بِهَا أُجْبِرَ.</p>وَعَقْدُ النِّكَاحِ لَازِمٌ لَا يَقْبَل الْفَسْخَ بِالتَّرَاضِي أَصْلاً، دُونَ غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ الْعُقُودِ اللَاّزِمَةِ، لأَِنَّهُ وُضِعَ عَلَى الدَّوَامِ وَالتَّأْبِيدِ، وَإِنَّمَا يُفْسَخُ لِضَرُورَةٍ عَظِيمَةٍ، وَفِي قَوْلٍ: يَقْبَل الْفَسْخَ بِالتَّرَاضِي (2) .</p>وَالْوَدِيعَةُ وَالشَّرِكَةُ وَالْوَكَالَةُ عُقُودٌ جَائِزَةٌ، لِكُلٍّ مِنَ الطَّرَفَيْنِ فَسْخُهَا وَلَوْ بِغَيْرِ رِضَا الْعَاقِدِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح جمع الجوامع في أصول الفقه 2 / 306.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المنثور للزركشي 3 / 47.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٩)</span><hr/></div>الآْخَرِ، وَمِثْلُهَا الْمُسَاقَاةُ وَالْمُضَارَبَةُ وَالْمُسَابَقَةُ وَالْعَارِيَةُ وَالْقَرْضُ وَالاِسْتِصْنَاعُ.</p>وَقَدْ يَكُونُ الْعَقْدُ لَازِمًا مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ جَائِزًا بِالنِّسْبَةِ لِلآْخَرِ، كَالرَّهْنِ فَلِلْمُرْتَهِنِ فَسْخُهُ دُونَ الرَّاهِنِ (1) .</p>وَقَدْ يَعْرِضُ لِلْعَقْدِ اللَاّزِمِ مَا يَجْعَلُهُ جَائِزًا كَالْبَيْعِ إِذَا اشْتُرِطَ فِيهِ خِيَارٌ، أَوْ تَبَيَّنَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ، فَيَكُونُ لِمَنْ لَهُ الْخِيَارُ الْفَسْخُ، كَالإِْجَارَةِ إِذَا طَرَأَ عُذْرٌ كَمَا لَوِ اسْتَأْجَرَ مُرْضِعًا لِطِفْلِهِ فَمَاتَ الطِّفْل (2) .</p>وَقَدْ يَعْرِضُ لِلْعَقْدِ الْجَائِزِ مَا يَجْعَلُهُ لَازِمًا وَمِثَال ذَلِكَ الْوَكَالَةُ، فَهِيَ فِي الأَْصْل جَائِزَةٌ، فَلِلْوَكِيل أَنْ يَفْسَخَهَا وَيَعْزِل نَفْسَهُ عَنْهَا، كَمَا أَنَّ لِلْمُوَكِّل أَنْ يَعْزِلَهُ، لَكِنْ إِنْ تَعَلَّقَ حَقُّ الْوَكِيل بِمَا وَكَّل فِيهِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُوَكِّل أَنْ يَعْزِلَهُ، كَمَا لَوْ وَكَّل الْمُسْتَقْرِضُ الْمُقْرِضَ بِقَبْضِ دَيْنٍ لَهُ لِيَكُونَ وَفَاءً لِلْقَرْضِ فَلَا يَكُونُ لِلْمُسْتَقْرِضِ عَزْلُهُ، وَكَالرَّهْنِ الْمُشْتَرَطِ فِيهِ تَوْكِيل الْمَدِينِ لِلْمُرْتَهِنِ فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ، فَلَا يَكُونُ لِلرَّاهِنِ عَزْلُهُ لِمَا فِي عَزْلِهِ مِنْ إِبْطَال حَقِّ الْمُرْتَهِنِ (3) وَكَالْمُضَارَبَةِ إِذَا شَرَعَ الْعَامِل فِي الْعَمَل تَلْزَمُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَلَا تَلْزَمُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) القليوبي 4 / 368.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الاختيار 2 / 12 - 18، 62.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الاختيار لتعليل المختار 2 / 163.</p><font color=#ff0000>(4)</font> بداية المجتهد 2 / 240.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٩)</span><hr/></div>وَمَنْ أَثْبَتَ خِيَارَ الْمَجْلِسِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ مَثَلاً، وَهُمُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، فَإِنَّ الْعَقْدَ فِي مُدَّةِ الْمَجْلِسِ يَكُونُ جَائِزًا، فَإِنِ انْفَضَّ الْمَجْلِسُ دُونَ أَنْ يَخْتَارَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ الْفَسْخَ، ابْتَدَأَ لُزُومُ الْعَقْدِ مِنْ حِينَئِذٍ (1) .</p>وَقَدْ يَكُونُ الْعَقْدُ مُخْتَلِفًا فِي مَدَى لُزُومِهِ أَوْ جَوَازِهِ كَالْهِبَةِ مَثَلاً، فَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهَا تَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ إِلَاّ بِالْقَبْضِ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهَا قَبْل الْقَبْضِ جَائِزَةٌ فِي الْمَكِيل وَالْمَوْزُونِ لَا غَيْرُ، وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا جَائِزَةٌ بَعْدَ الْقَبْضِ أَيْضًا، فَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ فِيهَا، مَا لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ، كَأَنْ يَكُونَ الْوَاهِبُ زَوْجًا أَوْ ذَا رَحِمٍ مُحَرَّمٍ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، وَلَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ إِلَاّ بِرِضَاهُمَا أَوْ قَضَاءِ قَاضٍ (2) .</p>وَفِي كَثِيرٍ مِنْ هَذِهِ الْعُقُودِ تَفْصِيلَاتٌ فِي مَدَى لُزُومِهَا أَوْ جِوَازِهَا، فَيُرْجَعُ فِي كُلٍّ مِنْهَا إِلَى مُصْطَلَحِهِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْعَقْدُ الْفَاسِدُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ غَيْرُ لَازِمٍ</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> الْعَقْدُ الْفَاسِدُ عِنْدَ غَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ بِمَعْنَى الْبَاطِل، فَلَمْ يَنْعَقِدْ، أَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَالْعَقْدُ الْفَاسِدُ مُنْعَقِدٌ مِنْ حَيْثُ الأَْصْل لِصُدُورِهِ عَنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح المنتهى 2 / 227، 305، والمغني لابن قدامة 4 / 315، والاختيار 2 / 5، والقليوبي 2 / 191، 195.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بداية المجتهد 2 / 330، والاختيار 3 / 52 - 53، والقليوبي 3 / 112.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٠)</span><hr/></div>أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ وَتَمَامِ رُكْنِهِ وَهُوَ الصِّيغَةُ، لَكِنْ فَسَدَ لِوَصْفِهِ أَيْ لِفَقْدِهِ شَرْطًا مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ، كَاشْتِمَال الْبَيْعِ عَلَى جَهَالَةِ الْمَبِيعِ أَوِ الأَْجَل، أَوْ عَلَى شَرْطٍ مُفْسِدٍ، أَوْ رِبًا.</p>وَالْعَقْدُ الْفَاسِدُ لَا يَكُونُ لَازِمًا، لأَِنَّهُ مُسْتَحَقُّ الْفَسْخِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى: لِمُخَالَفَتِهِ الشَّرْعَ، لَكِنْ قَدْ يَصِحُّ وَيَلْزَمُ إِنْ قَامَ الْعَاقِدَانِ بِإِزَالَةِ الْوَصْفِ الْمُفْسِدِ. كَإِسْقَاطِ الأَْجَل الْمَجْهُول مِمَّنْ لَهُ الْحَقُّ فِيهِ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ فَاسِدًا أَوْ رَهَنَهُ، فَإِنَّ شِرَاءَهُ يَلْزَمُ، فَلَوْ عَادَ إِلَيْهِ بِفَسْخٍ أَوْ إِقَالَةٍ، عَادَ الْجَوَازُ (1) .</p>(ر: بُطْلَانٌ ف 10) .</p> </p>‌<span class="title">‌حُكْمُ الْوَعْدِ مِنْ حَيْثُ الْجَوَازُ أَوِ اللُّزُومُ</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> الْوَعْدُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ غَيْرُ لَازِمٍ، وَقِيل يَلْزَمُ الْوَاعِدَ الْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ دِيَانَةً وَلَا يَلْزَمُ قَضَاءً، وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ، ثَالِثُهَا: يَلْزَمُ إِنْ كَانَ عَلَى سَبَبٍ، وَرَابِعُهَا: يَلْزَمُ إِنْ كَانَ عَلَى سَبَبٍ وَدَخَل الْمَوْعُودُ بِنَاءً عَلَى الْوَعْدِ فِي شَيْءٍ، كَأَنْ قَال: تَزَوَّجْ وَأَنَا أُعْطِيكَ مَا تَدْفَعُهُ مَهْرًا، أَوِ: اهْدِمْ دَارَكَ وَأَنَا أُسَلِّفُكَ مَا تَبْنِيهَا بِهِ، فَتَزَوَّجَ أَوْ هَدَمَ دَارَهُ بِنَاءً عَلَى الْوَعْدِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الاختيار 2 / 22، وابن عابدين 4 / 127.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفروق للقرافي: الفرق 214، والأذكار للنووي ص 270، وفتاوى الشيخ عليش 1 / 254 - 258، وكشاف القناع 6 / 284 طبع الرياض، وشرح المجلة للأتاسي 1 / 238.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٠)</span><hr/></div>(انْظُرِ: الْتِزَامٌ ف 43، وَوَعْدٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌اللُّزُومُ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> اللُّزُومُ أَنْ يَثْبُتَ أَمْرًا عِنْدَ ثُبُوتِ أَمْرٍ آخَرَ، كَلُزُومِ الْمُسَبَّبِ لِلسَّبَبِ أَوِ الْمَعْلُول لِلْعِلَّةِ، فَالأَْوَّل اللَاّزِمُ، وَالثَّانِي الْمَلْزُومُ (1) .</p>وَالتَّعْبِيرُ بِاللَاّزِمِ عَنِ الْمَلْزُومِ أَوْ عَكْسُهُ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَجَازِ، أَمَّا إِنِ اسْتُعْمِل اللَّفْظُ فِي حَقِيقَتِهِ وَأُرِيدَ لَازِمُ الْمَعْنَى فَهُوَ كِنَايَةٌ، كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.</p>وَدَلَالَةُ الْكَلَامِ عَلَى مَعْنًى غَيْرِ مَقْصُودٍ مِنْ سِيَاقِهِ، وَلَكِنَّهُ لَازِمٌ لِلْمَعْنَى الَّذِي سِيقَ الْكَلَامُ لأَِجْلِهِ هُوَ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الدَّلَالَاتِ اللَّفْظِيَّةِ يُسَمِّيهِ الْحَنَفِيَّةُ إِشَارَةَ النَّصِّ، كَدَلَالَةِ {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} (2) مَعَ {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} (3) عَلَى أَنَّ مُدَّةَ الْحَمْل يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ (4) .</p>وَلَازِمُ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ، وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَالأُْصُولِيِّينَ، فَمَنْ قَال كَلَامًا يَلْزَمُ مِنْهُ الْكُفْرُ، وَلَيْسَ كُفْرًا فِي ذَاتِهِ، لَمْ يُحْكَمْ بِتَكْفِيرِهِ إِنْ لَمْ يَقْصِدْ هَذَا اللَاّزِمَ (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) إرشاد الفحول ص395، 397، والمستصفى 1 / 33، 35، وروضة الناظر ص19، 23.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الأحقاف / 15.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة لقمان / 14.</p><font color=#ff0000>(4)</font> انظر أصول السرخسي 1 / 236، 237، والآمدي 3 / 92، 93.</p><font color=#ff0000>(5)</font> انظر المنثور في القواعد للزركشي 3 / 90، والقليوبي على شرح المنهاج 4 / 175.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤١)</span><hr/></div>وَحُكْمُ الْقَاضِي بِشَيْءٍ هَل هُوَ حُكْمٌ بِلَازِمِهِ؟ قَال الْحَنَابِلَةُ: نَعَمْ، فَلَا يَحْكُمُ قَاضٍ آخَرُ بِخِلَافِ اللَاّزِمِ فِي تِلْكَ الْوَاقِعَةِ، لأَِنَّهُ يَكُونُ نَقْضًا لِحُكْمِ الأَْوَّل، وَمَثَّلُوا لَهُ بِحُكْمِهِ بِبَيْعِ عَبْدٍ أَعْتَقَهُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ، فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ حُكْمًا بِبُطْلَانِ الْعِتْقِ، فَلَا يَحْكُمُ قَاضٍ آخَرُ فِيهِ بِخِلَافِهِ، لأَِنَّهُ يَكُونُ نَقْضًا لِحُكْمِ الأَْوَّل بِالاِجْتِهَادِ، وَالاِجْتِهَادُ لَا يُنْقَضُ بِاجْتِهَادٍ (1) .</p>وَالتَّفْصِيل فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح منتهى الإرادات 3 / 474.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لِسَانٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> اللِّسَانُ لُغَةً: جِسْمٌ لَحْمِيٌّ مُسْتَطِيلٌ مُتَحَرِّكٌ يَكُونُ فِي الْفَمِ، وَيَصْلُحُ لِلتَّذَوُّقِ وَالْبَلْعِ وَالنُّطْقِ، وَيُذْكَرُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَفْظٌ، فَيُجْمَعُ عَلَى أَلْسِنَةٍ وَأَلْسُنٌ وَلُسُنٌ وَهُوَ الأَْكْثَرُ.</p>يُقَال: لِسَانُهُ فَصِيحٌ أَيْ نُطْقُهُ فَصِيحٌ، وَيُؤَنَّثُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لُغَةٌ فَيُجْمَعُ عَلَى أَلْسُنٍ وَيُقَال: لُغَتُهُ فَصِيحَةٌ (1) .</p>وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌اللُّغَةُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> اللُّغَةُ هِيَ مَا يُعَبِّرُ بِهَا كُل قَوْمٍ عَنْ أَغْرَاضِهِمْ (2) .</p>وَالْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ لَا يَخْرُجُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.</p>وَالصِّلَةُ بَيْنَ اللِّسَانِ وَاللُّغَةِ أَنَّ اللِّسَانَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، والمفردات، والمعجم الوسيط مادة (لسن) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> لسان العرب.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٢)</span><hr/></div>يَكُونُ مُرَادِفًا لِلُّغَةِ فِي أَحَدِ إِطْلَاقَيْهِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِاللِّسَانِ:</span></p>يَتَعَلَّقُ بِاللِّسَانِ أَحْكَامٌ فِقْهِيَّةٌ مِنْهَا:</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ حِفْظُ اللِّسَانِ</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> يُنْدَبُ حِفْظُ اللِّسَانِ عَنْ غَيْرِ مُحَرَّمٍ وَأَمَّا عَنْ مُحَرَّمٍ كَالْخَوْضِ فِي الْبَاطِل وَالْفُحْشِ وَالسَّبِّ وَالْبَذَاءِ وَالْغِيبَةِ وَالسُّخْرِيَّةِ وَالاِسْتِهْزَاءِ فَوَاجِبٌ وَيَتَأَكَّدُ وُجُوبُهُ فِي الصَّوْمِ (1) . فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ فَلْيَقُل خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ (2) ، فَهَذَا الْحَدِيثُ نَصٌّ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلإِْنْسَانِ أَنْ يَتَكَلَّمَ إِلَاّ إِذَا كَانَ الْكَلَامُ خَيْرًا وَهُوَ الَّذِي ظَهَرَتْ لَهُ مَصْلَحَتُهُ، وَمَتَى شَكَّ فِي ظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ فَلَا يَتَكَلَّمُ.</p>وَقَدْ قَال الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: إِذَا أَرَادَ الْكَلَامَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُفَكِّرَ قَبْل كَلَامِهِ: فَإِنْ ظَهَرَتِ الْمَصْلَحَةُ تَكَلَّمَ، وَإِنْ شَكَّ لَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى تَظْهَرَ.</p>وَعَنْ أَبِي مُوسَى الأَْشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَال: قُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ أَيُّ الإِْسْلَامِ أَفْضَل؟ قَال: مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح الزرقاني 2 / 196، ومختصر منهاج القاصدين ص165 - 171.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 11 / 308) ومسلم (1 / 68) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٢)</span><hr/></div>لِسَانِهِ وَيَدِهِ (1) ، فَاللِّسَانُ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ الْعَظِيمَةِ وَلِطَائِفِ صُنْعِهِ الْغَرِيبَةِ، فَإِنَّهُ صَغِيرٌ جِرْمُهُ عَظِيمٌ طَاعَتُهُ وَجُرْمُهُ، إِذْ لَا يَسْتَبِينُ الْكُفْرُ وَالإِْيمَانُ إِلَاّ بِشَهَادَةِ اللِّسَانِ، وَلَا يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَاّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ، وَلَا يَنْجُو مِنْ شَرِّ اللِّسَانِ إِلَاّ مَنْ قَيَّدَهُ بِلِجَامِ الشَّرْعِ (2)، قَال مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رضي الله عنه: قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَال: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَل يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَاّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ (3) . وَلِلتَّفْصِيل (ر: لَفْظٌ ف 13) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ سَبْقُ اللِّسَانِ فِي الطَّلَاقِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ طَلَاقِ مَنْ سَبَقَ لِسَانُهُ إِلَى الطَّلَاقِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ.</p>وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُهُ فِي (خَطَأٌ ف 60، وَطَلَاقٌ ف 20) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ سَبْقُ اللِّسَانِ فِي الْيَمِينِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> مَنْ سَبَقَ لِسَانُهُ إِلَى لَفْظِ الْيَمِينِ بِلَا قَصْدٍ لِمَعْنَاهَا اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي انْعِقَادِ يَمِينِهِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث أبي موسى الأشعري: " أي الإسلام أفضل. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 54) ومسلم (1 / 66) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتوحات الربانية 6 / 342، وإحياء علوم الدين 3 / 108.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث معاذ:" يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به. . . ". أخرجه الترمذي (5 / 12) وقال: حديث حسن صحيح.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٣)</span><hr/></div>وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي (أَيْمَانٌ ف 103 وَمَا بَعْدَهَا) .</p> </p>د -‌<span class="title">‌ سَبْقُ اللِّسَانِ فِي الظِّهَارِ</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اعْتِبَارِ ظِهَارِ مَنْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ الظِّهَارُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ.</p>وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي (ظِهَارٌ ف 18) .</p> </p>هـ -‌<span class="title">‌ الْجِنَايَةُ عَلَى اللِّسَانِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أَخْذِ اللِّسَانِ بِاللِّسَانِ.</p>وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي (جِنَايَةٌ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ ف 22) .</p> </p>‌<span class="title">‌دِيَةُ اللِّسَانِ</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ فِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ رضي الله عنه: وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ (1) ، وَلأَِنَّ فِيهِ جَمَالاً وَمَنْفَعَةً، وَكَذَلِكَ تَجِبُ الدِّيَةُ إِنْ جَنَى عَلَيْهِ فَخَرِسَ، لأَِنَّهُ أَتْلَفَ عَلَيْهِ الْمَنْفَعَةَ الْمَقْصُودَةَ، فَأَشْبَهَ إِذَا جَنَى عَلَى الْيَدِ فَشُلَّتْ أَوِ الْعَيْنِ فَعَمِيَتْ، وَإِنْ ذَهَبَ بَعْضُ الْكَلَامِ وَجَبَ مِنَ الدِّيَةِ بِقَدْرِهِ، لأَِنَّ مَا ضُمِنَ جَمِيعُهُ بِالدِّيَةِ ضُمِنَ بَعْضُهُ بِبَعْضِهَا كَالأَْصَابِعِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث عمرو بن حزم:" وفي اللسان الدية ". أخرجه النسائي (8 / 58 - 59) وخرجه ابن حجر في التلخيص (4 / 17 - 18) ونقل تصحيحه عن جماعة من العلماء.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تبيين الحقائق 6 / 129، وفتح القدير 8 / 308، وبدائع الصنائع 7 / 311، والخرشي 8 / 40، ومغني المحتاج 4 / 205، والمهذب 2 / 204، والمغني 8 / 15، وكشاف القناع 6 / 40 وما بعدها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٣)</span><hr/></div>وَإِنْ جَنَى عَلَى لِسَانِهِ فَذَهَبَ ذَوْقُهُ فَلَا يُحِسُّ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَذَاقِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الدِّيَةُ، لأَِنَّهُ أَتْلَفَ عَلَيْهِ حَاسَّةً لِمَنْفَعَةٍ مَقْصُودَةٍ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَ عَلَيْهِ السَّمْعَ أَوِ الْبَصَرَ، وَإِنْ نَقَصَ بَعْضُ الذَّوْقِ نُظِرَ فَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ لَا يَتَقَدَّرُ بِأَنْ كَانَ يُحِسُّ بِالْمَذَاقِ الْخَمْسِ وَهِيَ الْحَلَاوَةُ وَالْمَرَارَةُ وَالْحُمُوضَةُ وَالْمُلُوحَةُ وَالْعُذُوبَةُ إِلَاّ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُهَا عَلَى كَمَالِهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْحُكُومَةُ، لأَِنَّهُ نَقْصٌ لَا يُمْكِنُ تَقْدِيرُ الأَْرْشِ فِيهِ فَوَجَبَتْ فِيهِ حُكُومَةٌ، وَإِنْ كَانَ نَقْصًا يَتَقَدَّرُ بِأَنْ لَا يُدْرَكَ بِأَحَدِ الْمَذَاقِ الْخَمْسِ وَيُدْرَكُ بِالْبَاقِي وَجَبَ عَلَيْهِ خُمُسُ الدِّيَةِ، وَإِنْ لَمْ يُدْرِكِ اثْنَيْنِ وَجَبَ عَلَيْهِ خُمُسَانِ، لأَِنَّهُ يَتَقَدَّرُ الْمُتْلَفُ فَيُقَدَّرُ الأَْرْشُ (1) .</p>وَإِنْ كَانَ لِرَجُلٍ لِسَانٌ لَهُ طَرَفَانِ فَقَطَعَ رَجُلٌ أَحَدَ الطَّرَفَيْنِ فَذَهَبَ كَلَامُهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَإِنْ ذَهَبَ نِصْفُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنْ ذَهَبَ رُبُعُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ رُبُعُ الدِّيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ مِنَ الْكَلَامِ شَيْءٌ نُظِرَ فَإِنْ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْخِلْقَةِ فَهُمَا كَاللِّسَانِ الْمَشْقُوقِ وَيَجِبُ بِقَطْعِهِمَا الدِّيَةُ، وَبِقَطْعِ أَحَدِهِمَا نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا تَامَّ الْخِلْقَةِ وَالآْخَرُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح الزرقاني 8 / 35، والخرشي 8 / 40، والاختيار 5 / 37، والمهذب 2 / 205، والمغني 8 / 209.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٤)</span><hr/></div>نَاقِصَ الْخِلْقَةِ فَالتَّامُّ هُوَ اللِّسَانُ الأَْصْلِيُّ وَالآْخَرُ خِلْقَةٌ زَائِدَةٌ فَإِنْ قَطَعَهُمَا قَاطِعٌ وَجَبَ عَلَيْهِ دِيَةٌ وَحُكُومَةٌ، وَإِنْ قَطَعَ التَّامَّ وَجَبَ عَلَيْهِ دِيَةٌ، وَإِنْ قَطَعَ النَّاقِصَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ حُكُومَةٌ (1) .</p>وَإِنْ جَنَى عَلَى لِسَانِهِ مَعَ بَقَائِهِ فَذَهَبَ كَلَامُهُ وَقُضِيَ عَلَيْهِ بِالدِّيَةِ، ثُمَّ عَادَ الْكَلَامُ وَجَبَ رَدُّ الدِّيَةِ قَوْلاً وَاحِدًا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لأَِنَّ الْكَلَامَ إِذَا ذَهَبَ لَمْ يَعُدْ، فَلَمَّا عَادَ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ لِعَارِضٍ (2) .</p>وَالتَّفْصِيل فِي (دِيَاتٌ ف 36) .</p> </p>‌<span class="title">‌قَطْعُ لِسَانِ الأَْخْرَسِ وَا‌<span class="title">‌لصَّ</span>غِيرِ</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> لِلْفُقَهَاءِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ فِي حُكْمِ قَطْعِ لِسَانِ الأَْخْرَسِ وَلِسَانِ الصَّغِيرِ يُنْظَرُ فِي (دِيَاتٌ ف 37) .</p> </p>لِصٌّ</p> </p>انْظُرْ: سَرِقَةٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المهذب 2 / 205، والمغني 8 / 29.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المهذب 2 / 205.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لَطْمٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> اللَّطْمُ: فِي اللُّغَةِ الضَّرْبُ عَلَى الْخَدِّ بِبَسْطِ الْكَفِّ، يُقَال: لَطَمَتِ الْمَرْأَةُ وَجْهَهَا لَطْمًا: ضَرَبَتْهُ بِبَاطِنِ كَفِّهَا، وَاللَّطْمَةُ الْمَرَّةُ (1) .</p>وَيَسْتَعْمِل الْفُقَهَاءُ هَذَا اللَّفْظَ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ نَفْسِهِ، قَال الزُّرْقَانِيُّ: اللَّطْمَةُ هِيَ ضَرْبَةٌ عَلَى الْخَدَّيْنِ بِبَاطِنِ الرَّاحَةِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الصَّفْعُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الصَّفْعُ فِي اللُّغَةِ: هُوَ أَنْ يَبْسُطَ الرَّجُل كَفَّهُ فَيَضْرِبَ بِهَا قَفَا الإِْنْسَانِ أَوْ بَدَنَهُ (3) .</p>وَالْفُقَهَاءُ يَسْتَعْمِلُونَ هَذَا اللَّفْظَ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ نَفْسِهِ، فَقَدْ جَاءَ فِي حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ عَلَى شَرْحِ الْكَنْزِ: الصَّفْعُ هُوَ الضَّرْبُ عَلَى الْقَفَا بِالْكَفِّ (4) .</p>وَالصِّلَةُ أَنَّ اللَّطْمَ يَكُونُ عَلَى الْوَجْهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الكليات لأبي البقاء الكفوي 4 / 177، والمصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح الزرقاني 8 / 17.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حاشية أبي السعود على شرح الكنز 2 / 385.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٥)</span><hr/></div>وَالصَّفْعَ عَلَى الْقَفَا.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الْوَكْزُ</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الْوَكْزُ لُغَةً: الدَّفْعُ وَالطَّعْنُ وَالضَّرْبُ بِجَمِيعِ الْكَفِّ (1) .</p>وَلَا يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِهَذَا الْمَعْنَى عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، قَال الْبُهُوتِيُّ: الْوَكْزُ هُوَ الدَّفْعُ وَالضَّرْبُ بِجَمِيعِ الْكَفِّ (2) . وَالصِّلَةُ أَنَّ اللَّطْمَ يَكُونُ بِبَسْطِ الْكَفِّ وَالْوَكْزَ بِجَمِيعِ الْكَفِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِاللَّطْمِ:</span></p>‌<span class="title">‌لَطْمُ الْخُدُودِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ لَطْمُ الْخُدُودِ وَخَمْشُهَا وَشَقُّ الْجُيُوبِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الأَْفْعَال عِنْدَ الْمُصِيبَةِ (3)، لِمَا فِي الصَّحِيحِ: لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ أَوْ شَقَّ الْجُيُوبَ أَوْ دَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقِصَاصُ مِنَ اللَّطْمَةِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ مِنْ لَطْمَةٍ عَلَى الْخَدِّ إِذَا لَمْ يَنْشَأْ عَنْهَا جُرْحٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) القاموس المحيط.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشاف القناع 6 / 121، وانظر معين الحكام ص 221.</p><font color=#ff0000>(3)</font> غنية المتملي في شرح منية المصلي ص594 - 595، والقوانين الفقهية ص95، والمجموع 5 / 307، ومطالب أولي النهى 1 / 88، وفتح الباري 3 / 163 - 164، وعمدة القاري 8 / 87، 93.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " ليس منا من ضرب الخدود. . . ". أخرجه مسلم (1 / 99) من حديث ابن مسعود.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٥)</span><hr/></div>وَلَا ذَهَابُ مَنْفَعَةٍ بَل فِيهَا التَّعْزِيرُ لأَِنَّ الْمُمَاثَلَةَ فِيهَا غَيْرُ مُمْكِنَةٍ (1) .</p>وَذَهَبَ ابْنُ قَيِّمِ الْجَوْزِيَّةِ إِلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي اللَّطْمَةِ وَقَال: هُوَ مَنْصُوصُ أَحْمَدَ وَمَنْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَدْ خَرَجَ عَنْ نَصِّ مَذْهَبِهِ وَأُصُولِهِ كَمَا خَرَجَ عَنْ مَحْضِ الْقِيَاسِ وَالْمِيزَانِ.</p>وَاسْتَدَل بِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} (2)، وقَوْله تَعَالَى:{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْل مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} (3)، وَقَوْلِهِ عز وجل:{وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْل مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} (4) فَأَمَرَ بِالْمُمَاثَلَةِ فِي الْعُقُوبَةِ وَالْقِصَاصِ فَيَجِبُ اعْتِبَارُهَا بِحَسَبِ الإِْمْكَانِ، وَالأَْمْثَل هُوَ الْمَأْمُورُ بِهِ، فَهَذَا الْمَضْرُوبُ قَدِ اعْتُدِيَ عَلَيْهِ فَالْوَاجِبُ أَنْ يُفْعَل بِالْمُعْتَدِي كَمَا فُعِل بِهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ كَانَ الْوَاجِبُ مَا هُوَ الأَْقْرَبُ وَالأَْمْثَل، وَسَقَطَ مَا عَجَزَ عَنْهُ الْعَبْدُ مِنَ الْمُسَاوَاةِ مِنْ كُل وَجْهٍ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ لَطْمَةً بِلَطْمَةٍ وَضَرْبَةً بِضَرْبَةٍ فِي مَحَلِّهِمَا بِالآْلَةِ الَّتِي لَطَمَهُ بِهَا أَوْ بِمِثْلِهَا أَقْرَبُ إِلَى الْمُمَاثَلَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الصغير 4 / 353، وشرح الزرقاني 8 / 15، وكشاف القناع 5 / 548، 6 / 121، ومعين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من أحكام ص221، والفتاوى الهندية 6 / 9، وأسنى المطالب 4 / 68.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الشورى / 40.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة البقرة / 194.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة النحل / 136.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٦)</span><hr/></div>الْمَأْمُورِ بِهَا حِسًّا وَشَرْعًا مِنْ تَعْزِيرِهِ بِهَا بِغَيْرِ جِنْسِ اعْتِدَائِهِ وَقَدْرِهِ وَصِفَتِهِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌لُعَابٌ</span></p> </p>انْظُرْ: رِيقٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) إعلام الموقعين 1 / 318 - 319.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لِعَانٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> اللِّعَانُ مَصْدَرُ لَاعَنَ، وَفِعْلُهُ الثُّلَاثِيُّ لَعَنَ مَأْخُوذٌ مِنَ اللَّعْنِ، وَهُوَ الطَّرْدُ وَالإِْبْعَادُ مِنَ الْخَيْرِ، وَقِيل: الطَّرْدُ وَالإِْبْعَادُ مِنَ اللَّهِ، وَمِنَ الْخَلْقِ السَّبُّ.</p>وَالْمُلَاعَنَةُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ: إِذَا قَذَفَ الرَّجُل امْرَأَتَهُ أَوْ رَمَاهَا بِرَجُلٍ أَنَّهُ زَنَى بِهَا (1) .</p>وَعَرَّفَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ: شَهَادَاتٌ تَجْرِي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مُؤَكَّدَةٌ بِالأَْيْمَانِ مَقْرُونَةٌ بِاللَّعْنِ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ وَبِالْغَضَبِ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجَةِ (2) .</p>وَعَرَّفَهُ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهُ: حَلِفُ زَوْجٍ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ عَلَى زِنَا زَوْجَتِهِ أَوْ عَلَى نَفْيِ حَمْلِهَا مِنْهُ، وَحَلِفُهَا عَلَى تَكْذِيبِهِ أَرْبَعًا مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بِصِيغَةِ أُشْهِدُ اللَّهَ بِحُكْمِ حَاكِمٍ (3) .</p>وَعَرَّفَهُ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ: كَلِمَاتٌ مَعْلُومَةٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب مادة " لعن ".</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 3 / 241، وفتح القدير 3 / 248، وكشاف القناع 5 / 390.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الصغير 2 / 657.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٧)</span><hr/></div>جُعِلَتْ حُجَّةً لِلْمُضْطَرِّ إِلَى قَذْفِ مَنْ لَطَّخَ فِرَاشَهُ وَأَلْحَقَ الْعَارَ بِهِ أَوْ إِلَى نَفْيِ وَلَدٍ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ السَّبُّ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> السَّبُّ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا هُوَ الشَّتْمُ: وَهُوَ كُل كَلَامٍ قَبِيحٍ (2)</p>وَالسَّبُّ قَدْ يُوجِبُ اللِّعَانَ أَوْ لَا يُوجِبُهُ بِحَسَبِ مَا إِذَا كَانَ فِيهِ رَمْيٌ لِلزَّوْجَةِ بِزِنًا أَوْ لَا.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الْقَذْفُ</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الْقَذْفُ فِي اللُّغَةِ: الرَّمْيُ مُطْلَقًا. وَاصْطِلَاحًا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ هُوَ: الرَّمْيُ بِالزِّنَا (3) .</p>وَعَرَّفَهُ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ: الرَّمْيُ بِالزِّنَا فِي مَعْرِضِ التَّعْيِيرِ (4) .</p>وَالصِّلَةُ أَنَّ قَذْفَ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ اللِّعَانِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ قَذْفَ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ يُوجِبُ اللِّعَانَ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَاّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} (5) أَيْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 3 / 367.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الدسوقي 4 / 309 وتاج العروس.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية ابن عابدين 4 / 43 - 44، والمغني لابن قدامة 8 / 215.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مغني المحتاج 4 / 155.</p><font color=#ff0000>(5)</font> سورة النور / 6.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٧)</span><hr/></div>فَلْيَشْهَدْ أَحَدُهُمْ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ. جَعَل اللَّهُ سبحانه وتعالى مُوجَبَ قَذْفِ الزَّوْجَاتِ اللِّعَانَ (1) .</p>وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ قَال عُلَيْشٌ: اللِّعَانُ يَجِبُ بِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: وَجْهَانِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِمَا: وَذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ رَآهَا تَزْنِي كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ ثُمَّ لَمْ يَطَأْ بَعْدَ ذَلِكَ، أَوْ يَنْفِيَ حَمْلاً يَدَّعِي اسْتِبْرَاءً قَبْلَهُ، وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يَقْذِفَهَا بِالزِّنَا وَلَا يَدَّعِي رُؤْيَةً وَلَا نَفْيَ حَمْلٍ، وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ قَالُوا: يُحَدُّ وَلَا يُلَاعَنُ (2) .</p>وَاللِّعَانُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ حُجَّةٌ ضَرُورِيَّةٌ لِدَفْعِ حَدِّ قَذْفِ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ أَوْ نَفْيِ وَلَدِهِ مِنْهَا، وَلَهُ اللِّعَانُ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إِلَاّ لِنَفْيِ نَسَبِ وَلَدٍ أَوْ حَمْلٍ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ، لأَِنَّهُ لَوْ سَكَتَ لَكَانَ بِسُكُوتِهِ مُسْتَلْحِقًا لِمَنْ لَيْسَ مِنْهُ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ (3) .</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِذَا قَذَفَ الرَّجُل امْرَأَتَهُ بِالزِّنَا فَلَهُ إِسْقَاطُ الْحَدِّ بِاللِّعَانِ (4) ، وَحَدُّ الْقَذْفِ حَقٌّ لِلزَّوْجَةِ فَإِنْ لَمْ تَطْلُبْهُ أَوْ أَبْرَأَتْهُ مِنْ قَذْفِهَا أَوْ أَسْقَطَتْهُ أَوْ أَقَامَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ بِزِنَاهَا ثُمَّ أَرَادَ الزَّوْجُ لِعَانَهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ نَسَبٌ يُرِيدُ نَفِيَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُلَاعِنَ، وَإِنْ كَانَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 3 / 238، والفتاوى الهندية 1 / 515.</p><font color=#ff0000>(2)</font> منح الجليل 2 / 357.</p><font color=#ff0000>(3)</font> نهاية المحتاج 7 / 106، ومغني المحتاج 3 / 382.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الإنصاف 9 / 235.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٨)</span><hr/></div>هُنَاكَ وَلَدٌ يُرِيدُ نَفْيَهُ فَقَال الْقَاضِي: لَهُ أَنْ يُلَاعِنَ لِنَفْيِهِ، وَقَال بَعْضُهُمْ: يُحْتَمَل أَنْ لَا يُشْرَعَ اللِّعَانُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَمَا لَوْ قَذَفَهَا فَصَدَّقَتْهُ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌رُكْنُ اللِّعَانِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ رُكْنَ اللِّعَانِ هُوَ الشَّهَادَاتُ الَّتِي تَجْرِي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ فِي تَعْرِيفِهِمْ، فَتَكُونُ رُكْنًا لَهُ (2)، لأَِنَّ تَحَقُّقَ اللِّعَانِ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَحَقُّقِهَا وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي تَكْوِينِهِ.</p>وَنَصَّ ابْنُ جُزَيٍّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى أَنَّ أَرْكَانَ اللِّعَانِ أَرْبَعَةٌ هِيَ: الْمُلَاعِنُ، وَالْمُلَاعَنَةُ، وَالسَّبَبُ، وَاللَّفْظُ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌شُرُوطُ اللِّعَانِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يُشْتَرَطُ فِي اللِّعَانِ شُرُوطٌ مُخْتَلِفَةٌ، بَعْضُهَا يَرْجِعُ إِلَى الرَّجُل، وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إِلَى الْمَرْأَةِ، وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إِلَى الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ مَعًا، وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إِلَى الْمَقْذُوفِ بِهِ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ مَا يَرْجِعُ مِنَ الشُّرُوطِ إِلَى الزَّوْجِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> يُشْتَرَطُ فِي الزَّوْجِ لإِِجْرَاءِ اللِّعَانِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 7 / 405.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البحر الرائق 4 / 122، وحاشية ابن عابدين 2 / 585، وفتح القدير 3 / 247.</p><font color=#ff0000>(3)</font> القوانين الفقهية لابن جزي ص210.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٨)</span><hr/></div>زَوْجَتِهِ أَلَاّ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى صِحَّةِ قَذْفِهِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَطَ فِي اللِّعَانِ عَدَمَ إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ مِنَ الزَّوْجِ الْقَاذِفِ لِزَوْجَتِهِ فِي قَوْلِهِ جَل شَأْنُهُ:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَاّ أَنْفُسُهُمْ} (1) ، وَعَلَى هَذَا لَوِ اتَّهَمَ رَجُلٌ زَوْجَتَهُ بِالزِّنَا، وَأَتَى بِأَرْبَعَةِ رِجَالٍ عُدُولٍ وَشَهِدُوا بِزِنَا الزَّوْجَةِ لَا يَثْبُتُ اللِّعَانُ، وَيُقَامُ عَلَى الْمَرْأَةِ حَدُّ الزِّنَا، لأَِنَّ زِنَا الزَّوْجَةِ قَدْ ظَهَرَ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى اللِّعَانِ (2) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ مَا يَرْجِعُ مِنَ الشُّرُوطِ إِلَى الزَّوْجَةِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> يُشْتَرَطُ فِي الزَّوْجَةِ لإِِجْرَاءِ اللِّعَانِ شَرْطَانِ الأَْوَّل: إِنْكَارُ الزَّوْجَةِ وُجُودَ الزِّنَا مِنْهَا حَتَّى لَوْ أَقَرَّتْ بِذَلِكَ لَا يَجِبُ اللِّعَانُ، وَيَلْزَمُهَا حَدُّ الزِّنَا لِظُهُورِ زِنَاهَا بِإِقْرَارِهَا.</p>الثَّانِي: عِفَّةُ الزَّوْجَةِ مِنَ الزِّنَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَفِيفَةً لَا يَجِبُ اللِّعَانُ بِقَذْفِهَا، لأَِنَّهُ إِذَا لَمْ تَكُنْ عَفِيفَةً فَقَدْ صَدَّقَتْهُ بِفِعْلِهَا، فَصَارَ كَمَا لَوْ صَدَّقَتْهُ بِقَوْلِهَا (3) .</p>وَمِنَ الشُّرُوطِ الَّتِي تَرْجِعُ إِلَى الْمَرْأَةِ أَيْضًا: أَنْ تَطْلُبَ مِنَ الْقَاضِي إِجْرَاءَ اللِّعَانِ إِذَا قَذَفَهَا زَوْجُهَا بِالزِّنَا أَوْ نَفَى نَسَبَ الْوَلَدِ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ تَطْلُبْ مِنَ الْقَاضِي إِجْرَاءَ اللِّعَانِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النور / 6.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 3 / 240، وحاشية ابن عابدين 2 / 963، ومغني المحتاج 3 / 381.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية ابن عابدين 2 / 267 ط. بولاق، وبدائع الصنائع 3 / 340.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٩)</span><hr/></div>زَوْجِهَا لَا يُقَامُ اللِّعَانُ بَيْنَهُمَا، وَذَلِكَ لأَِنَّ اللِّعَانَ شُرِعَ لِدَفْعِ الْعَارِ عَنِ الزَّوْجَةِ فَكَانَ حَقًّا لَهَا فَلَا يُقَامُ إِلَاّ بِطَلَبٍ مِنْهَا كَسَائِرِ حُقُوقِهَا (1) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ مَا يَرْجِعُ مِنَ الشُّرُوطِ إِلَى الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> يُشْتَرَطُ فِي الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ مَعًا لإِِجْرَاءِ اللِّعَانِ بَيْنَهُمَا قِيَامُ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَ الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ وَقْتَ الْقَذْفِ فَإِذَا كَانَ الزَّوَاجُ قَائِمًا بَيْنَ الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ وَقْتَ الْقَذْفِ وَكَانَ الزَّوَاجُ صَحِيحًا - دَخَل الزَّوْجُ بِالْمَرْأَةِ أَوْ لَمْ يَدْخُل - أُقِيمَ اللِّعَانُ بَيْنَهُمَا لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ خَصَّ اللِّعَانَ بِالأَْزْوَاجِ، فَيَدُل ذَلِكَ عَلَى أَنَّ قِيَامَ الزَّوَاجِ شَرْطٌ لإِِجْرَاءِ اللِّعَانِ بَيْنَ الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ.</p>وَإِنْ كَانَ الزَّوَاجُ فَاسِدًا وَقَذَفَ الرَّجُل الْمَرْأَةَ بِالزِّنَا أَوْ نَفَى نَسَبَ وَلَدِهَا مِنْهُ لَا يَثْبُتُ اللِّعَانُ بِهَذَا الْقَذْفِ (2) ، لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَصَّ اللِّعَانَ بِالأَْزْوَاجِ، وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إِلَاّ إِذَا كَانَ الزَّوَاجُ صَحِيحًا وَإِذَا انْتَفَى اللِّعَانُ تَرَتَّبَ عَلَى الْقَذْفِ مُوجِبُهُ وَهُوَ الْحَدُّ (3) .</p>وَيُشْتَرَطُ كَذَلِكَ فِي الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ أَنْ يَكُونَا مِنْ أَهْل الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُسْلِمِ، وَذَلِكَ بِأَنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الهداية وفتح القدير 3 / 250، والدر وحاشية ابن عابدين 2 / 966.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 3 / 241، وحاشية ابن عابدين 2 / 585.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع 3 / 241.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٩)</span><hr/></div>يَكُونَ كُلٌّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ مُسْلِمًا بَالِغًا عَاقِلاً حُرًّا قَادِرًا عَلَى النُّطْقِ غَيْرَ مَحْدُودٍ فِي قَذْفٍ وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُسْلِمًا وَالزَّوْجَةُ كِتَابِيَّةً لَا يُقَامُ اللِّعَانُ بَيْنَهُمَا، أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَخْرَسَ لَا يُقَامُ اللِّعَانُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ إِشَارَةٌ مَفْهُومَةٌ (1) .</p>قَال الْمَرْغِينَانِيُّ: إِذَا كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا أَوْ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ فَقَذَفَ امْرَأَتَهُ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ لأَِنَّهُ تَعَذَّرَ اللِّعَانُ لِمَعْنًى مِنْ جِهَتِهِ فَيُصَارُ إِلَى الْمُوجِبِ الأَْصْلِيِّ وَهُوَ الثَّابِتُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} (2) ، وَاللِّعَانُ خَلَفٌ عَنْهُ.</p>وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مِنْ أَهْل الشَّهَادَةِ وَهِيَ أَمَةٌ أَوْ كَافِرَةٌ أَوْ مَحْدُودَةٌ فِي قَذْفٍ، أَوْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهَا بِأَنْ كَانَتْ صَبِيَّةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ زَانِيَةً فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا لِعَانَ، لاِنْعِدَامِ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ وَعَدَمِ الإِْحْصَانِ فِي جَانِبِهَا وَامْتِنَاعِ اللِّعَانِ لِمَعْنًى مِنْ جِهَتِهَا، فَيَسْقُطُ الْحَدُّ كَمَا إِذَا صَدَّقَتْهُ (3) .</p>وَيُشْتَرَطُ كَذَلِكَ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَحَضْرَةُ الْحَاكِمِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 3 / 241، والدر وحاشية ابن عابدين 2 / 963 و964.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النور / 4.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الهداية مع فتح القدير 3 / 251 - 252.</p><font color=#ff0000>(4)</font> بدائع الصنائع 3 / 242.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٠)</span><hr/></div>د -‌<span class="title">‌ مَا يَرْجِعُ مِنَ الشُّرُوطِ إِلَى الْمَقْذُوفِ بِهِ</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> يُشْتَرَطُ فِي الْمَقْذُوفِ بِهِ لِوُجُوبِ اللِّعَانِ أَوْ جَوَازِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنْ يَكُونَ قَذْفًا بِالزِّنَا أَوْ نَفْيِ النَّسَبِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌شُرُوطُ اللِّعَانِ عِنْدَ غَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> قَال الْمَالِكِيَّةُ: يُشْتَرَطُ لإِِجْرَاءِ اللِّعَانِ مَا يَلِي:</p>أَوَّلاً: قِيَامُ الزَّوْجِيَّةِ وَأَنْ يَكُونَ الزَّوْجَانِ عَاقِلَيْنِ بَالِغَيْنِ، سَوَاءٌ كَانَا حُرَّيْنِ أَوْ مَمْلُوكَيْنِ، عَدْلَيْنِ أَوْ فَاسِقَيْنِ، وَيُشْتَرَطُ الإِْسْلَامُ فِي الزَّوْجِ.</p>ثَانِيًا: الْقَذْفُ بِرُؤْيَةِ الزِّنَا أَوْ بِنَفْيِ الْحَمْل.</p>ثَالِثًا: تَعْجِيل اللِّعَانِ بَعْدَ الْعِلْمِ لِنَفْيِ الْحَمْل أَوِ الْوَلَدِ.</p>رَابِعًا: عَدَمُ الْوَطْءِ بَعْدَ الْقَذْفِ.</p>خَامِسًا: لَفْظُ: أَشْهَدُ فِي الأَْرْبَعِ، وَاللَّعْنُ مِنَ الزَّوْجِ فِي الْخَامِسَةِ، وَالْغَضَبُ مِنَ الزَّوْجَةِ فِي الْخَامِسَةِ.</p>سَادِسًا: بَدْءُ الزَّوْجِ بِالْحَلِفِ، فَإِنْ بَدَأَتِ الزَّوْجَةُ أَعَادَتْ بَعْدَهُ.</p>سَابِعًا: حُضُورُ جَمَاعَةٍ لِلِّعَانِ أَقَلُّهَا أَرْبَعَةٌ مِنَ الْعُدُول (2) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ اللِّعَانِ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 3 / 243.</p><font color=#ff0000>(2)</font> القوانين الفقهية ص241، والشرح الصغير 2 / 657 - 665.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٠)</span><hr/></div>أَوَّلاً: أَنْ يَكُونَ الْمُلَاعِنُ زَوْجًا يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَأَهْلِيَّتُهُ لِلْيَمِينِ، لأَِنَّ اللِّعَانَ يَمِينٌ مُؤَكَّدَةٌ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلاً مُخْتَارًا، وَيَكْفِي أَنْ يَكُونَ زَوْجًا بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ أَوْ فِي الصُّورَةِ، وَيَنْطَبِقُ ذَلِكَ عَلَى الْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَالْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ وَالرَّشِيدِ وَالسَّفِيهِ وَالسَّكْرَانِ وَالْمَحْدُودِ وَالْمُطْلَقِ رَجْعِيًّا وَغَيْرِهِمْ.</p>ثَانِيًا: أَنْ يَسْبِقَ اللِّعَانَ قَذْفٌ لِلزَّوْجَةِ.</p>ثَالِثًا: أَنْ يَأْمُرَ الْقَاضِي أَوْ نَائِبُهُ بِاللِّعَانِ.</p>رَابِعًا: أَنْ يُلَقِّنَ الْقَاضِي أَوْ نَائِبُهُ كَلِمَاتِ اللِّعَانِ لِلْمُتَلَاعِنَيْنِ.</p>خَامِسًا: أَنْ يَكُونَ اللِّعَانُ بِأَلْفَاظِ الشَّهَادَاتِ الَّتِي جَاءَ بِهَا الشَّرْعُ.</p>سَادِسًا: أَنْ يُتِمَّ الْمُتَلَاعِنَانِ شَهَادَاتِ اللِّعَانِ.</p>سَابِعًا: الْمُوَالَاةُ بَيْنَ كَلِمَاتِ اللِّعَانِ.</p>ثَامِنًا: أَنْ يَتَأَخَّرَ لِعَانُ الزَّوْجَةِ عَنْ لِعَانِ الزَّوْجِ (1) .</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُشْتَرَطُ لِلِّعَانِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ:</p>أَحَدُهَا: كَوْنُ اللِّعَانِ بَيْنَ زَوْجَيْنِ عَاقِلَيْنِ بَالِغَيْنِ سَوَاءٌ كَانَا مُسْلِمَيْنِ أَوْ ذِمِّيَّيْنِ حُرَّيْنِ أَوْ رَقِيقَيْنِ عَدْلَيْنِ أَوْ فَاسِقَيْنِ أَوْ مَحْدُودَيْنِ فِي قَذْفٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) روضة الطالبين 8 / 334، ومغني المحتاج 3 / 367 - 376، 378، ونهاية المحتاج 7 / 113.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥١)</span><hr/></div>أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا كَذَلِكَ.</p>الثَّانِي: أَنْ يَقْذِفَهَا بِالزِّنَا فِي الْقُبُل أَوِ الدُّبُرِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الأَْعْمَى وَالْبَصِيرُ.</p>الثَّالِثُ: أَنْ تُكَذِّبَهُ الزَّوْجَةُ فِي قَذْفِهِ إِيَّاهَا وَيَسْتَمِرُّ تَكْذِيبُهَا إِلَى انْقِضَاءِ اللِّعَانِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَثْبُتُ بِهِ اللِّعَانُ عِنْدَ الْقَاضِي</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> يَثْبُتُ اللِّعَانُ عِنْدَ الْقَاضِي بِوَاحِدٍ مِنْ أَمْرَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْمْرُ الأَْوَّل: </span>الإِْقْرَارُ بِالْقَذْفِ مِنَ الزَّوْجِ أَمَامَ الْقَاضِي، فَإِذَا قَذَفَ الرَّجُل زَوْجَتَهُ بِالزِّنَا فَرَفَعَتِ الزَّوْجَةُ الأَْمْرَ إِلَى الْقَاضِي، وَطَالَبَتْ بِاللِّعَانِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا، وَأَقَرَّ الزَّوْجُ أَنَّهُ رَمَاهَا بِالزِّنَا حَكَمَ الْقَاضِي بِإِجْرَاءِ اللِّعَانِ بَيْنَهُمَا، مَتَى تَوَافَرَتْ شَرَائِطُ وُجُوبِهِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْمْرُ الثَّانِي: </span>الْبَيِّنَةُ، وَذَلِكَ إِذَا ادَّعَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ زَوْجَهَا اتَّهَمَهَا بِالزِّنَا، وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ ذَلِكَ فَأَقَامَتِ الزَّوْجَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَتْهُ، فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَحْكُمُ الْقَاضِي بِإِجْرَاءِ اللِّعَانِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا بِنَاءً عَلَى مَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ.</p>وَالْبَيِّنَةُ الَّتِي يَتَثَبَّتُ الْقَذْفُ بِهَا شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ، وَلَا يُقْبَل فِي إِثْبَاتِ الْقَذْفِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ، لأَِنَّ اللِّعَانَ قَائِمٌ مَقَامَ حَدِّ الْقَذْفِ فِي حَقِّ الرَّجُل، وَقَائِمٌ مَقَامَ حَدِّ الزِّنَا فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف القناع 5 / 394 - 399، ونيل المآرب 2 / 266 - 267.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥١)</span><hr/></div>وَأَسْبَابُ الْحُدُودِ لَا تَثْبُتُ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ، وَذَلِكَ لِوُجُودِ الشُّبْهَةِ فِي شَهَادَتِهِنَّ، وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ.</p>وَعَلَى هَذَا فَلَوِ ادَّعَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ زَوْجَهَا رَمَاهَا بِالزِّنَا وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ مَا ادَّعَتْهُ زَوْجَتُهُ، وَلَمْ تَسْتَطِعِ الزَّوْجَةُ إِثْبَاتَ مَا ادَّعَتْهُ بِالْبَيِّنَةِ فَلَا تُوَجَّهُ الْيَمِينُ إِلَى الزَّوْجِ، وَلَا يَجِبُ الْحَدُّ بِامْتِنَاعِهِ عَنِ الْحَلِفِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ فَائِدَةَ تَوْجِيهِ الْيَمِينِ هِيَ الْقَضَاءُ عَلَى مَنْ يُوَجَّهُ إِلَيْهِ إِذَا نَكَل عَنِ الْحَلِفِ، وَالنُّكُول لَيْسَ إِقْرَارًا صَرِيحًا، وَإِنَّمَا هُوَ إِقْرَارٌ فِي الْمَعْنَى، وَالإِْقْرَارُ فِي الْمَعْنَى تَكُونُ فِيهِ شُبْهَةٌ، وَالشُّبْهَةُ يَنْدَرِئُ الْحَدُّ بِهَا (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌كَيْفِيَّةُ اللِّعَانِ</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> يَرَى الْحَنَفِيَّةُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْمَقْذُوفُ بِهِ فِي اللِّعَانِ هُوَ الزِّنَا فَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُقِيمَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ بَيْنَ يَدَيْهِ مُتَمَاثِلَيْنِ، فَيَأْمُرُ الزَّوْجَ أَوَّلاً أَنْ يَقُول أَرْبَعَ مَرَّاتٍ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ أَنِّي لَمِنَ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ مِنَ الزِّنَا، وَيَقُول فِي الْخَامِسَةِ: لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ مِنَ الزِّنَا، ثُمَّ يَأْمُرُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَقُول أَرْبَعَ مَرَّاتٍ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ بِأَنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنَ الزِّنَا، وَتَقُول فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 3 / 243، والدر وحاشية ابن عابدين 2 / 907 و908، والمغني 7 / 408، وما بعدها، ومغني المحتاج 3 / 369.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٢)</span><hr/></div>الْخَامِسَةِ: غَضَبُ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنَ الزِّنَا.</p>وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى لَفْظِ الْمُوَاجَهَةِ، فَيَقُول الزَّوْجُ: فِيمَا رَمَيْتُكِ بِهِ مِنَ الزِّنَا، وَتَقُول الْمَرْأَةُ: فِيمَا رَمَيْتَنِي بِهِ مِنَ الزِّنَا، وَهُوَ قَوْل زُفَرَ.</p>وَإِنْ كَانَ الْمَقْذُوفُ بِهِ نَفْيَ نَسَبِ الْوَلَدِ فَقَدْ ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّ الزَّوْجَ يَقُول فِي كُل مَرَّةٍ: فِيمَا رَمَيْتُكِ بِهِ مِنْ نَفْيِ وَلَدِكِ، وَتَقُول الْمَرْأَةُ: فِيمَا رَمَيْتَنِي بِهِ مِنْ نَفْيِ وَلَدِي.</p>وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ الزَّوْجَ يَقُول فِي كُل مَرَّةٍ: فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ مِنَ الزِّنَا فِي نَفْيِ وَلَدِهَا، وَتَقُول الْمَرْأَةُ: فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنَ الزِّنَا فِي نَفْيِ وَلَدِهِ (1) .</p><font color=#ff0000>14 -</font> وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ كَانَ الْمَقْذُوفُ بِهِ هُوَ الزِّنَا يَقُول الزَّوْجُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَرَأَيْتُهَا تَزْنِي إِذَا كَانَ بَصِيرًا، فَإِنْ كَانَ أَعْمَى يَقُول: لَعَلِمْتُهَا تَزْنِي أَوْ لَتَيَقَّنْتُهَا تَزْنِي، ثُمَّ يَقُول فِي الْخَامِسَةِ: لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ عَلَيْهَا، وَتَقُول الزَّوْجَةُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ مَا زَنَيْتُ أَوْ مَا رَآنِي أَزْنِي، وَتُخَمِّسُ: غَضَبُ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ.</p>وَإِنْ كَانَ الْمَقْذُوفُ بِهِ هُوَ نَفْيَ الْحَمْل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 3 / 237.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٢)</span><hr/></div>فَيَقُول الزَّوْجُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ مَا هَذَا الْحَمْل مِنِّي، وَيَقُول فِي الْخَامِسَةِ: لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، وَتَقُول الْمَرْأَةُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ: مَا زَنَيْتُ، وَتَقُول فِي الْخَامِسَةِ: غَضَبُ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (1) .</p><font color=#ff0000>15 -</font> وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: اللِّعَانُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِدَرْءِ حَدِّ قَذْفِ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ فَقَطْ، أَوْ يَكُونَ مَعَ ذَلِكَ لِنَفْيِ الْوَلَدِ، أَوْ يَكُونَ لِنَفْيِ الْوَلَدِ فَقَطْ.</p>فَإِنْ كَانَ اللِّعَانُ لِدَرْءِ حَدِّ الْقَذْفِ فَقَطْ فَإِنَّ صِفَتَهُ مِنَ الرَّجُل أَنْ يَقُول أَرْبَعَ مَرَّاتٍ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ أَنِّي لَمِنَ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُ بِهِ زَوْجَتِي هَذِهِ - إِنْ حَضَرَتْ - أَوْ زَوْجَتِي فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ - وَيُسَمِّيهَا وَيَرْفَعُ نَسَبَهَا أَوْ يَذْكُرُ وَصْفَهَا بِمَا يُمَيِّزُهَا إِنْ غَابَتْ - مِنَ الزِّنَا، وَيَقُول فِي الْخَامِسَةِ: وَعَلَيَّ لَعْنَةُ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ مِنَ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ مِنَ الزِّنَا.</p>وَإِنْ كَانَ اللِّعَانُ لِدَرْءِ الْحَدِّ وَنَفْيِ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ يَشْهَدُ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ يَقُول فِي كُلٍّ مِنْهَا: أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنِّي لَمِنَ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُ بِهِ زَوْجَتِي هَذِهِ إِنْ حَضَرَتْ - أَوْ زَوْجَتِي فُلَانَةً - وَيُسَمِّيهَا وَيَرْفَعُ نَسَبَهَا أَوْ يَذْكُرُ وَصْفَهَا بِمَا يُمَيِّزُهَا إِنْ غَابَتْ - مِنَ الزِّنَا، وَأَنَّ الْوَلَدَ الَّذِي وَلَدَتْهُ - إِنْ غَابَ - أَوْ هَذَا الْوَلَدُ - إِنْ حَضَرَ -<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير 2 / 465 - 466، والشرح الصغير 2 / 664 - 665.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٣)</span><hr/></div>مِنْ زِنًا وَلَيْسَ مِنِّي، وَيَقُول فِي الْخَامِسَةِ: وَعَلَيَّ لَعْنَةُ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ مِنَ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ مِنَ الزِّنَا وَمِنْ نَفْيِ الْوَلَدِ.</p>وَإِنْ كَانَ اللِّعَانُ لِنَفْيِ وَلَدٍ وَلَيْسَ لِدَرْءِ حَدٍّ فَيَقُول أَرْبَعَ مَرَّاتٍ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنِّي لَمِنَ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُ بِهِ زَوْجَتِي هَذِهِ - إِنْ حَضَرَتْ - أَوْ زَوْجَتِي فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ - وَيُسَمِّيهَا وَيَرْفَعُ نَسَبَهَا أَوْ يَذْكُرُ صِفَتَهَا بِمَا يُمَيِّزُهَا إِنْ غَابَتْ - مِنْ إِصَابَةِ غَيْرِي لَهَا عَلَى فِرَاشِي وَأَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ لَا مِنِّي، وَيَقُول فِي الْخَامِسَةِ: وَعَلَيَّ لَعْنَةُ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ مِنَ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَيْتُ بِهِ زَوْجَتِي مِنْ نَفْيِ الْوَلَدِ، أَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنَّهَا لَا تُلَاعِنُ فِي الْحَالَةِ الثَّالِثَةِ، إِذْ لَا حَدَّ عَلَيْهَا بِلِعَانِ الرَّجُل.</p>أَمَّا فِي الْحَالَتَيْنِ الأُْولَيَيْنِ فَصِيغَةُ لِعَانِ الْمَرْأَةِ أَنْ تَقُول (أَرْبَعَ مَرَّاتٍ) بَعْدَ لِعَانِهِ أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ - وَتُشِيرُ إِلَيْهِ إِنْ حَضَرَ وَإِلَاّ مَيَّزَتْهُ كَمَا مَرَّ فِي لِعَانِ الرَّجُل - مِنَ الزِّنَا، وَلَا تَحْتَاجُ إِلَى ذِكْرِ الْوَلَدِ لأَِنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي لِعَانِهَا حُكْمٌ، وَتَقُول فِي الشَّهَادَةِ الْخَامِسَةِ: وَعَلَيَّ غَضَبُ اللَّهِ إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنَ الزِّنَا.</p>وَقَالُوا: خُصَّ الْغَضَبُ بِهَا لأَِنَّ جَرِيمَةَ زِنَاهَا الَّتِي لَاعَنَتْ لإِِسْقَاطِ حَدِّهِ أَقْبَحُ مِنْ جَرِيمَةِ قَذْفِهِ، وَالْغَضَبُ وَهُوَ الاِنْتِقَامُ بِالْعَذَابِ أَغْلَظُ مِنَ اللَّعْنِ الَّذِي هُوَ الْبُعْدُ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٣)</span><hr/></div>عَنِ الرَّحْمَةِ (1) .</p>وَلَا يَثْبُتُ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ اللِّعَانِ إِلَاّ إِذَا تَمَّتِ الْكَلِمَاتُ الْخَمْسُ، وَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِالْفُرْقَةِ بِأَكْثَرِ كَلِمَاتِ اللِّعَانِ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ، لأَِنَّ حُكْمَهُ غَيْرُ جَائِزٍ بِالإِْجْمَاعِ، فَلَا يَنْفُذُ كَسَائِرِ الأَْحْكَامِ الْبَاطِلَةِ.</p>وَلَوْ قَال بَدَل كَلِمَةِ الشَّهَادَةِ: أَحْلِفُ بِاللَّهِ، أَوْ أُقْسِمُ، أَوْ أُولِي بِاللَّهِ إِنِّي لَمِنَ الصَّادِقِينَ، أَوْ قَال: بِاللَّهِ إِنِّي لَمِنَ الصَّادِقِينَ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ، أَوْ أَبْدَل لَفْظَ اللَّعْنِ بِالإِْبْعَادِ، أَوْ لَفْظَ الْغَضَبِ بِالسَّخَطِ، أَوِ الْغَضَبَ بِاللَّعْنِ أَوْ عَكَسَهُ، لَمْ يَصِحَّ عَلَى الأَْصَحِّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَقِيل: لَا يَصِحُّ قَطْعًا فِي إِبْدَال الْغَضَبِ بِاللَّعْنِ، وَلَا فِي الاِقْتِصَارِ عَلَى: بِاللَّهِ إِنِّي لَمِنَ الصَّادِقِينَ، وَيُشْتَرَطُ تَأْخِيرُ لَفْظَتَيِ اللَّعْنِ وَالْغَضَبِ عَنِ الْكَلِمَاتِ الأَْرْبَعِ عَلَى الأَْصَحِّ، وَيُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ الْكَلِمَاتِ الْخَمْسِ عَلَى الأَْصَحِّ، فَيُؤَثِّرُ الْفَصْل الطَّوِيل.</p>وَيُشْتَرَطُ فِي لِعَانِ الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ أَنْ يَأْمُرَ الْحَاكِمُ بِهِ، فَيَقُول لِلْمُلَاعِنِ: قُل: أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنِّي لَمِنَ الصَّادِقِينَ. . . إِلَى آخِرِهَا.</p>وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ لِعَانِهَا بَعْدَ لِعَانِ الرَّجُل.</p>وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلأَْخْرَسِ إِشَارَةٌ مَفْهُومَةٌ، وَلَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 7 / 107 - 109، ومغني المحتاج 3 / 374، 375.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٤)</span><hr/></div>كِتَابَةٌ، لَمْ يَصِحَّ قَذْفُهُ وَلَا لِعَانُهُ، وَلَا سَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ إِشَارَةٌ مَفْهُومَةٌ، أَوْ كِتَابَةٌ، صَحَّ قَذْفُهُ وَلِعَانُهُ، كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِهَا، وَذَكَرَ الْمُتَوَلِّي: أَنَّهُ إِذَا لَاعَنَ بِالإِْشَارَةِ، أَشَارَ بِكَلِمَةِ الشَّهَادَةِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ بِكَلِمَةِ اللَّعْنِ، وَإِنْ لَاعَنَ بِالْكِتَابَةِ كَتَبَ كَلِمَةَ الشَّهَادَةِ وَكَلِمَةَ اللَّعْنِ، وَيُشِيرُ إِلَى كَلِمَةِ الشَّهَادَةِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، وَلَا يُكَلَّفُ أَنْ يَكْتُبَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، وَلَوْ لَاعَنَ الأَْخْرَسُ بِالإِْشَارَةِ، ثُمَّ عَادَ نُطْقُهُ وَقَال: لَمْ أُرِدِ اللِّعَانَ بِإِشَارَتِي، قُبِل قَوْلُهُ فِيمَا عَلَيْهِ، فَيَلْحَقُهُ النَّسَبُ وَالْحَدُّ، وَلَا يُقْبَل فِيمَا لَهُ، فَلَا تَرْتَفِعُ الْفُرْقَةُ وَالتَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ، وَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ فِي الْحَال لإِِسْقَاطِ الْحَدِّ، وَلَهُ اللِّعَانُ لِنَفْيِ الْوَلَدِ إِنْ لَمْ يَفُتْ زَمَنُ النَّفْيِ، وَلَوْ قَال: لَمْ أُرِدِ الْقَذْفَ أَصْلاً، لَمْ يُقْبَل قَوْلُهُ.</p>وَلَوْ قَذَفَ نَاطِقٌ، ثُمَّ عَجَزَ عَنِ الْكَلَامِ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يُرْجَ زَوَال مَا بِهِ، فَهُوَ كَالأَْخْرَسِ، وَإِنْ رُجِيَ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:</p>أَحَدُهَا: لَا يَنْظُرُ، بَل يُلَاعِنُ بِالإِْشَارَةِ لِحُصُول الْعَجْزِ، وَرُبَّمَا مَاتَ فَلَحِقَهُ نَسَبٌ بَاطِلٌ.</p>وَالثَّانِي: يُنْتَظَرُ وَإِنْ طَالَتْ مُدَّتُهُ.</p>وَأَصَحُّهَا: يُنْتَظَرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَطْ، وَنَقَل الإِْمَامُ أَنَّ الأَْئِمَّةَ صَحَّحُوهُ.</p>وَعَلَى هَذَا، فَالْوَجْهُ أَنْ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٤)</span><hr/></div>يُقَال: إِنْ كَانَ يُرْجَى زَوَالُهُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يُنْتَظَرُ، وَإِلَاّ فَلَا يُنْتَظَرُ أَصْلاً.</p>وَمَنْ لَا يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ، يُلَاعِنُ بِلِسَانِهِ، وَيُرَاعَى تَرْجَمَةُ الشَّهَادَةِ وَاللَّعْنِ وَالْغَضَبِ، فَإِنْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ، فَهَل يَتَعَيَّنُ اللِّعَانُ بِهَا، أَمْ لَهُ أَنْ يُلَاعِنَ بِأَيِّ لِسَانٍ شَاءَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.</p>أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي.</p>وَإِذَا لَاعَنَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ، فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي يُحْسِنُ تِلْكَ اللُّغَةَ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى مُتَرْجِمٍ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَحْضُرَهُ أَرْبَعَةٌ مِمَّنْ يُحْسِنُهَا، وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْهَا، فَلَا بُدَّ مِنْ مُتَرْجِمَيْنِ، وَيَكْفِيَانِ فِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ، فَإِنَّهَا تُلَاعِنُ لِنَفْيِ الزِّنَا لَا لإِِثْبَاتِهِ، وَفِي جَانِبِ الرَّجُل طَرِيقَانِ.</p>أَصَحُّهُمَا: الْقَطْعُ بِالاِكْتِفَاءِ بِاثْنَيْنِ، وَبِهِ قَال أَبُو إِسْحَاقَ وَابْنُ سَلَمَةَ.</p>وَالثَّانِي: عَلَى قَوْلَيْنِ: بِنَاءً عَلَى الإِْقْرَارِ بِالزِّنَا يَثْبُتُ بِشَاهِدَيْنِ، أَمْ يُشْتَرَطُ أَرْبَعَةٌ؟ وَالأَْظْهُرُ ثُبُوتُهُ بِشَاهِدَيْنِ (1) .</p><font color=#ff0000>16 -</font> وَصِفَةُ اللِّعَانِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنْ يَقُول الزَّوْجُ بِحَضْرَةِ حَاكِمٍ أَوْ نَائِبِهِ، وَكَذَا لَوْ حَكَّمَ رَجُلاً أَهْلاً لِلْحُكْمِ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنِّي لَمِنَ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُ بِهِ امْرَأَتِي هَذِهِ مِنَ الزِّنَا مُشِيرًا إِلَيْهَا إِنْ كَانَتْ حَاضِرَةً، وَمَا دَامَتْ حَاضِرَةً فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَسْمِيَتِهَا وَبَيَانِ نَسَبِهَا،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) روضة الطالبين 8 / 351 - 353.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٥)</span><hr/></div>وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَاضِرَةً بِالْمَجْلِسِ سَمَّاهَا وَنَسَبَهَا بِمَا تَتَمَيَّزُ بِهِ حَتَّى تَنْتِفِي الْمُشَارَكَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا، وَيُعِيدُ قَوْلَهُ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ. . . إِلَخْ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى حَتَّى يُكْمِل ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُمَا (الْمُتَلَاعِنَيْنِ) مَعًا، بَل لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَائِبًا عَنْ صَاحِبِهِ جَازَ لِعُمُومِ الأَْدِلَّةِ، ثُمَّ يَقُول فِي الْمَرَّةِ الْخَامِسَةِ: وَإِنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ مِنَ الزِّنَا.</p>ثُمَّ تَقُول هِيَ بَعْدَ ذَلِكَ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنَّ زَوْجِي هَذَا لَمِنَ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنَ الزِّنَا وَتُشِيرُ إِلَيْهِ إِنْ كَانَ حَاضِرًا بِالْمَجْلِسِ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا عَنِ الْمَجْلِسِ سَمَّتْهُ وَنَسَبَتْهُ، وَتُكَرِّرُ ذَلِكَ، فَإِذَا كَمَّلَتْ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ تَقُول فِي الْخَامِسَةِ: وَأَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ، وَتَزِيدُ اسْتِحْبَابًا فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنَ الزِّنَا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ، فَإِنْ نَقَصَ أَحَدُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ مِنَ الْجُمَل الْخَمْسَةِ شَيْئًا لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَّقَ الْحُكْمَ عَلَيْهَا، كَمَا لَا يُعْتَدُّ بِهِ إِذَا بَدَأَتِ الْمَرْأَةُ بِاللِّعَانِ قَبْلَهُ، أَوْ تَلَاعَنَا بِغَيْرِ حَضْرَةِ حَاكِمٍ، أَوْ أَبْدَل أَحَدُهُمَا لَفْظَةَ: أَشْهَدُ بِأُقْسِمُ أَوْ أَحْلِفُ أَوْ أُولِي لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ، أَوْ أَبْدَل لَفْظَةَ اللَّعْنَةِ بِالإِْبْعَادِ أَوْ بِالْغَضَبِ، أَوْ أَبْدَلَتِ الْمَرْأَةُ لَفْظَةَ الْغَضَبِ بِالسَّخَطِ أَوْ بِاللَّعْنَةِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ، أَوْ قَدَّمَ الرَّجُل اللَّعْنَةَ قَبْل الْخَامِسَةِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٥)</span><hr/></div>وَلَوْ عَلَّقَ أَحَدُهُمَا اللِّعَانَ بِشَرْطِ، أَوْ لَمْ يُوَال أَحَدُهُمَا بَيْنَ الْكَلِمَاتِ عُرْفًا، أَوْ أَتَى بِاللِّعَانِ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ مَنْ يُحْسِنُهَا لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ.</p>وَإِنْ أَتَى الزَّوْجُ بِاللِّعَانِ قَبْل مُطَالَبَتِهَا لَهُ بِالْحَدِّ مَعَ عَدَمِ وَلَدٍ يُرِيدُ نَفْيَهُ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ.</p>وَإِذَا فُهِمَتْ إِشَارَةُ الأَْخْرَسِ مِنْهُمَا أَوْ كِتَابَتُهُ صَحَّ لِعَانُهُ بِهَا وَإِلَاّ فَلَا (1) .</p><font color=#ff0000>17 -</font> وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي الْقَوْل الصَّحِيحِ: لَوْ بَدَأَ الْقَاضِي بِلِعَانِ الْمَرْأَةِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ لِعَانَهَا بَعْدَ لِعَانِ الرَّجُل، لأَِنَّهُ أَتَى بِاللِّعَانِ عَلَى غَيْرِ مَا وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ فَلَا يَكُونُ صَحِيحًا، كَمَا لَوِ اقْتَصَرَ عَلَى لَفْظَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلأَِنَّ لِعَانَ الرَّجُل لإِِثْبَاتِ زِنَا الْمَرْأَةِ وَنَفْيِ وَلَدِهَا، وَلِعَانَ الْمَرْأَةِ لِلإِْنْكَارِ، فَقُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الإِْثْبَاتِ كَتَقْدِيمِ الشُّهُودِ عَلَى الأَْيْمَانِ، وَلأَِنَّ لِعَانَ الْمَرْأَةِ لِدَرْءِ الْعَذَابِ عَنْهَا، وَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهَا الْعَذَابُ إِلَاّ بِلِعَانِ الرَّجُل، فَإِذَا قُدِّمَ لِعَانُهَا عَلَى لِعَانِهِ كَانَ تَقْدِيمًا لَهُ عَلَى وَقْتِهِ فَلَا يَكُونُ صَحِيحًا كَمَا لَوْ قُدِّمَ عَلَى الْقَذْفِ (2) .</p><font color=#ff0000>18 -</font> وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (3) ، وَالْمَالِكِيَّةِ فِي أَحَدِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف القناع 5 / 391.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 3 / 376، والمغني لابن قدامة 7 / 417، والدسوقي 2 / 465.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع 3 / 237 و238، والدر وحاشية ابن عابدين 2 / 997.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٦)</span><hr/></div>الْقَوْلَيْنِ (1) أَنَّ وُجُوبَ الْبَدَاءَةِ بِشَهَادَةِ الرَّجُل فِي اللِّعَانِ لأَِنَّهُ الْمُدَّعِي، وَفِي الدَّعَاوَى يُبْدَأُ بِشَهَادَةِ الْمُدَّعِي، فَلَوْ حَصَل الْعَكْسُ وَقَدَّمَ الْقَاضِي الْمَرْأَةَ فِي اللِّعَانِ عَلَى الرَّجُل فَقَدْ أَخْطَأَ، وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعِيدَ لِعَانَ الْمَرْأَةِ بَعْدَ الرَّجُل حَتَّى يَقَعَ اللِّعَانُ عَلَى التَّرْتِيبِ الْوَارِدِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ.</p>فَإِنْ لَمْ يُعِدِ الْقَاضِي لِعَانَ الْمَرْأَةِ وَفَرَّقَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ نَفَذَ قَضَاؤُهُ بِالْفُرْقَةِ لأَِنَّهُ قَضَاءٌ فِي مَحَلٍّ مُجْتَهَدٍ فِيهِ، وَالْقَضَاءُ إِذَا صَدَرَ فِي مَحَلٍّ مُجْتَهَدٍ فِيهِ يَكُونُ نَافِذًا.</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَجِبُ عِنْدَ امْتِنَاعِ الزَّوْجِ عَنِ اللِّعَانِ</span></p><font color=#ff0000>19 -</font> قَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِذَا امْتَنَعَ الزَّوْجُ عَنِ اللِّعَانِ لَا يُحْبَسُ وَلَكِنْ يُحَدُّ حَدَّ الْقَذْفِ (2) هَذَا فِي الْجُمْلَةِ وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنِ امْتَنَعَ الزَّوْجُ عَنِ اللِّعَانِ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ إِنْ كَانَتِ الزَّوْجَةُ حُرَّةً مُسْلِمَةً، فَإِنْ كَانَتِ الزَّوْجَةُ أَمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً فَعَلَيْهِ الأَْدَبُ (3) .</p>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا طَلَبَ الْقَاضِي مِنَ الزَّوْجِ الْمُلَاعَنَةَ فَامْتَنَعَ حَبَسَهُ حَتَّى يُلَاعِنَ أَوْ تُصَدِّقَهُ الْمَرْأَةُ فِيمَا ادَّعَاهُ، أَوْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 2 / 465، والتاج والإكليل شرح مختصر خليل 4 / 137.</p><font color=#ff0000>(2)</font> التاج والإكليل 4 / 138، ومغني المحتاج 3 / 380، والمغني لابن قدامة 7 / 404.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية الدسوقي 2 / 466.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٦)</span><hr/></div>فَيُحَدُّ حَدَّ الْقَذْفِ (1) .</p>وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي الْمُوجِبِ الأَْصْلِيِّ لِقَذْفِ الزَّوْجِ امْرَأَتَهُ أَهُوَ اللِّعَانُ أَوِ الْحَدُّ وَاللِّعَانُ مُسْقِطٌ لَهُ؟ فَعِنْدَ الْجُمْهُورِ الْمُوجِبُ الأَْصْلِيُّ لِلْقَذْفِ هُوَ الْحَدُّ، وَاللِّعَانُ مُسْقِطٌ لَهُ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (2) فَإِنَّهُ أَوْجَبَ الْحَدَّ عَلَى كُل قَاذِفٍ سَوَاءٌ أَكَانَ زَوْجًا أَمْ غَيْرَهُ، ثُمَّ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَاّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} . . . الآْيَاتُ مُبَيِّنًا أَنَّ الْقَاذِفَ إِنْ كَانَ زَوْجًا فَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ الْحَدَّ عَنْهُ بِاللِّعَانِ، فَإِذَا امْتَنَعَ عَنْهُ ثَبَتَ الْمُوجِبُ الأَْصْلِيُّ وَهُوَ الْحَدُّ (3) .</p>وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الْمُوجِبُ الأَْصْلِيُّ لِلْقَذْفِ هُوَ اللِّعَانُ، فَإِذَا امْتَنَعَ الزَّوْجُ عَنْهُ حُبِسَ حَتَّى يُلَاعِنَ أَوْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ فَيُحَدُّ حَدَّ الْقَذْفِ، وَذَلِكَ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَاّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} إِلَى قَوْلِهِ {إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 3 / 238، والدر وحاشية ابن عابدين 2 / 966.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النور / 4.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني لابن قدامة 7 / 404، ونهاية المحتاج 7 / 115.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة النور 6 - 9.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٧)</span><hr/></div>فَإِنَّهُ تَعَالَى جَعَل مُوجَبَ قَذْفِ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ إِذَا لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةٍ يَشْهَدُونَ عَلَى صِحَّةِ قَذْفِهِ اللِّعَانَ فَقَطْ، بَعْدَ أَنْ كَانَ مُوجَبُهُ الْحَدَّ بِمُقْتَضَى عُمُومِ الآْيَةِ الَّتِي قَبْل هَذِهِ الآْيَاتِ، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (1) ، وَبِذَلِكَ صَارَتْ آيَةُ الْقَذْفِ مَنْسُوخَةً فِي حَقِّ الأَْزْوَاجِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الأَْصْل الْمُقَرَّرَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّ الْخَاصَّ إِذَا تَأَخَّرَ وُرُودُهُ عَنِ الْعَامِّ كَانَ نَاسِخًا لِلْعَامِّ فِيمَا تَعَارَضَا فِيهِ، وَهُوَ هُنَا الأَْزْوَاجُ، فَإِنَّ آيَةَ اللِّعَانِ، تَأَخَّرَ نُزُولُهَا عَنْ آيَةِ الْقَذْفِ وَإِنْ كَانَتْ مَذْكُورَةً عَقِبَهَا فِي الْمُصْحَفِ، وَالدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: إِنَّا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَْنْصَارِ فَقَال: لَوْ أَنَّ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً وَتَكَلَّمَ جَلَدْتُمُوهُ، أَوْ قَتَل قَتَلْتُمُوهُ، وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى غَيْظٍ، وَاللَّهِ لأََسْأَلَنَّ عَنْهُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.</p>فَلَمَّا كَانَ فِي الْغَدِ أَتَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ، فَقَال: لَوْ أَنَّ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً فَتَكَلَّمَ جَلَدْتُمُوهُ، أَوْ قَتَل قَتَلْتُمُوهُ، أَوْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى غَيْظٍ، فَقَال: " اللَّهُمَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النور / 4.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٧)</span><hr/></div>افْتَحْ " وَجَعَل يَدْعُو فَنَزَلَتْ آيَةُ اللِّعَانِ (1) فَإِنَّ قَوْلَهُ: " وَإِنْ تَكَلَّمَ جَلَدْتُمُوهُ " يَدُل عَلَى أَنَّ مُوجَبَ قَذْفِ الزَّوْجَةِ كَانَ الْجَلْدَ قَبْل نُزُول آيَةِ اللِّعَانِ ثُمَّ صَارَ بَعْدَ نُزُول الآْيَةِ الْخَاصَّةِ بِالأَْزْوَاجِ اللِّعَانَ، وَبِهَذَا كَانَ الْوَاجِبُ بِقَذْفِ الزَّوْجِ الزَّوْجَةَ هُوَ اللِّعَانُ، فَإِذَا امْتَنَعَ الزَّوْجُ عَنْهُ حُبِسَ حَتَّى يُلَاعِنَ، لاِمْتِنَاعِهِ عَنِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، كَمَا يُحْبَسُ الْمَدِينُ إِذَا امْتَنَعَ عَنْ إِيفَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَجِبُ إِذَا امْتَنَعَتِ الْمَرْأَةُ عَنِ اللِّعَانِ</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> إِذَا لَاعَنَ الزَّوْجُ وَامْتَنَعَتِ الْمَرْأَةُ عَنِ اللِّعَانِ لَا تُحَدُّ حَدَّ الزِّنَا، وَلَكِنْ تُحْبَسُ حَتَّى تُلَاعِنَ، أَوْ تُصَدِّقَ الزَّوْجَ فِيمَا ادَّعَاهُ، فَإِنْ صَدَّقَتْهُ خُلِّيَ سَبِيلُهَا مِنْ غَيْرِ حَدٍّ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَوِجْهَتُهُمْ فِي الْحَبْسِ: أَنَّ اللِّعَانَ هُوَ الْمُوجِبُ الأَْصْلِيُّ لِلْقَذْفِ فِي حَقِّ الزَّوْجَيْنِ - كَمَا تَقَدَّمَ - فَيَكُونُ وَاجِبًا عَلَى الْمَرْأَةِ بَعْدَ لِعَانِ زَوْجِهَا، فَإِذَا امْتَنَعَتْ عَنْهُ أُجْبِرَتْ عَلَيْهِ بِالْحَبْسِ، كَالْمَدِينِ إِذَا امْتَنَعَ عَنْ إِيفَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ، فَإِنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يُوَفِّيَ مَا عَلَيْهِ.</p>وَوِجْهَتُهُمْ فِي إِخْلَاءِ سَبِيلِهَا بِدُونِ حَدٍّ إِذَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث ابن مسعود: " إنا ليلة الجمعة في المسجد. . . ". أخرجه مسلم (2 / 1133) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 3 / 238، والهداية وفتح القدير 3 / 250، والبحر الرائق لابن نجيم 4 / 124.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٨)</span><hr/></div>صَدَّقَتِ الزَّوْجَ: أَنَّ تَصْدِيقَهَا لَيْسَ بِإِقْرَارٍ قَصْدًا يَثْبُتُ بِهِ الْحَدُّ وَلَوْ أَعَادَتْ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي مَجَالِسَ مُتَفَرِّقَةٍ.</p>وَلأَِنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ أَقَرَّتْ بِالزِّنَا، ثُمَّ رَجَعَتْ عَنْ إِقْرَارِهَا لَمْ تُحَدَّ، وَامْتِنَاعُهَا عَنِ اللِّعَانِ أَقَل دَلَالَةً عَلَى الزِّنَا مِنَ الإِْقْرَارِ الَّذِي رَجَعَتْ عَنْهُ فَلَا يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ بِالطَّرِيقِ الأَْوْلَى (1)</p>وَالْحَنَابِلَةُ يُوَافِقُونَ الْحَنَفِيَّةَ فِي أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُحَدُّ حَدَّ الزِّنَا إِذَا امْتَنَعَتْ عَنِ اللِّعَانِ، وَيُخَالِفُونَهُمْ فِيمَا يُصْنَعُ بِهَا إِذَا امْتَنَعَتْ، فَفِي رِوَايَةٍ - وَهِيَ الأَْصَحُّ كَمَا قَال الْقَاضِي - تُحْبَسُ حَتَّى تُلَاعِنَ أَوْ تُقِرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ بِالزِّنَا، فَإِنْ لَاعَنَتْ سَقَطَ عَنْهَا الْحَدُّ، وَإِنْ أَقَرَّتْ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ حُدَّتْ حَدَّ الزِّنَا، وَفِي رِوَايَةٍ ثَانِيَةٍ: يُخَلَّى سَبِيلُهَا لأَِنَّهُ لَمْ يَجِبِ الْحَدُّ عَلَيْهَا فَيَجِبُ تَخْلِيَةُ سَبِيلِهَا، كَمَا لَوْ لَمْ تَكْمُل الْبَيِّنَةُ.</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنَّهُ إِذَا لَمْ يَتِمَّ الْتِعَانُهُمَا جَمِيعًا فَلَا تَزُول الزَّوْجِيَّةُ وَلَا يَنْتَفِي نَسَبُ الْوَلَدِ (2) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: إِذَا امْتَنَعَتِ الْمَرْأَةُ عَنِ اللِّعَانِ بَعْدَ لِعَانِ الزَّوْجِ حُدَّتْ حَدَّ الزِّنَا (3)، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الهداية وفتح القدير 3 / 251، وحاشية ابن عابدين 2 / 967.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني لابن قدامة 7 / 444 و445، والمغني مع الشرح الكبير 9 / 373.</p><font color=#ff0000>(3)</font> التاج والإكليل 3 / 138، ومغني المحتاج 3 / 380، وروضة الطالبين 8 / 356.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٨)</span><hr/></div>الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} (1) .</p>وَأَضَافَ الْمَالِكِيَّةُ: أَنَّ الْحَدَّ عَلَيْهَا إِنْ كَانَتْ مُسْلِمَةً، وَإِنْ كَانَتْ ذِمِّيَّةً فَفِيهَا الأَْدَبُ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌آثَارُ اللِّعَانِ</span></p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: آثَارُ اللِّعَانِ فِي حَقِّ الزَّوْجَيْنِ:</span></p>إِذَا تَمَّ اللِّعَانُ بَيْنَ الزَّوْجِ وَامْرَأَتِهِ تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ آثَارٌ فِي حَقِّهِمَا، مِنْهَا:</p> </p><font color=#ff0000>21 -</font>‌<span class="title">‌ الأَْوَّل: </span>انْتِفَاءُ الْحَدِّ عَنِ الزَّوْجَيْنِ، فَلَا يُقَامُ حَدُّ الْقَذْفِ عَلَى الزَّوْجِ، وَلَا يُقَامُ حَدُّ الزِّنَا عَلَى الْمَرْأَةِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الشَّارِعَ خَفَّفَ عَنِ الزَّوْجَيْنِ، فَشَرَعَ لَهُمَا اللِّعَانُ لإِِسْقَاطِ الْحَدِّ عَنْهُمَا، فَإِذَا أُجْرِيَ اللِّعَانُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ سَقَطَ عَنِ الزَّوْجِ حَدُّ الْقَذْفِ وَسَقَطَ عَنِ الْمَرْأَةِ حَدُّ الزِّنَا (3) .</p> </p><font color=#ff0000>22 -</font>‌<span class="title">‌ الثَّانِي: </span>ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ حُكْمَ اللِّعَانِ حُرْمَةُ الْوَطْءِ وَالاِسْتِمْتَاعِ وَلَكِنْ لَا تَقَعُ التَّفْرِقَةُ بِنَفْسِ اللِّعَانِ.</p>وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ وَلَوْ دَلَالَةً حُدَّ لِلْقَذْفِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النور / 8.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الدسوقي 2 / 466، والخرشي 4 / 135.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الهداية مع فتح القدير 3 / 250 - 251، وحاشية ابن عابدين 2 / 587، وحاشية الدسوقي 2 / 466، والخرشي 4 / 135، ومغني المحتاج 3 / 380، وكشاف القناع 5 / 399 - 400.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٩)</span><hr/></div>وَلَهُ بَعْدَمَا كَذَّبَ نَفْسَهُ أَنْ يَنْكِحَهَا: حُدَّ أَوْ لَا (1) .</p>وَقَال أَبُو يُوسُفَ: إِذَا افْتَرَقَ الْمُتَلَاعِنَانِ فَلَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا، فَيَثْبُتُ بَيْنَهُمَا حُرْمَةٌ مُؤَبَّدَةٌ كَحُرْمَةِ الرَّضَاعِ (2) .</p>وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ بِتَمَامِ لِعَانِ الزَّوْجَيْنِ تَتَأَبَّدُ الْحُرْمَةُ بَيْنَهُمَا (3)، لِقَوْل عُمَرَ رضي الله عنه:" الْمُتَلَاعِنَانِ إِذَا تَلَاعَنَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا "(4) .</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا لَاعَنَ الزَّوْجُ لِدَرْءِ حَدِّ قَذْفِ الزَّوْجَةِ بِالزِّنَا عَنْهُ ثَبَتَتِ الْحُرْمَةُ الْمُؤَبَّدَةُ بَيْنَهُمَا بِنَاءً عَلَى هَذَا اللِّعَانِ، فَإِنْ لَاعَنَ لِنَفْيِ النَّسَبِ وَحْدَهُ لَمْ يَنْقَطِعْ بِهِ نِكَاحٌ وَلَمْ تَسْقُطْ بِهِ عُقُوبَةٌ بِأَنْ كَانَ أَبَانَهَا أَوْ عَفَتْ عَنِ الْعُقُوبَةِ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِزِنَاهَا.</p>وَقَالُوا: وَالْحُرْمَةُ الْمُؤَبَّدَةُ بَيْنَهُمَا بِنَاءً عَلَى لِعَانِ الزَّوْجِ لِدَرْءِ حَدِّ قَذْفِهِ زَوْجَتَهُ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَحِل لَهُ نِكَاحُهَا بَعْدَ اللِّعَانِ، وَلَا وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ لَوْ كَانَتْ أَمَةً وَاشْتَرَاهَا، لِمَا وَرَدَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم فَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ قَال: لَا سَبِيل لَكَ عَلَيْهَا (5)"، وَلِقَوْلِهِ: الْمُتَلَاعِنَانِ إِذَا تَفَرَّقَا لَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الهندية 1 / 515، والدر المختار 2 / 585 و590.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 3 / 256.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية الدسوقي 2 / 467، وشرح منتهى الإرادات 3 / 210.</p><font color=#ff0000>(4)</font> أثر عمر: المتلاعنان إذا تلاعنا. . . ". أخرجه البيهقي في سننه (7 / 410) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث: أنه صلى الله عليه وسلم " فرق بينهما. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 9 / 457) ومسلم (3 / 1132) من حديث ابن عمر.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٩)</span><hr/></div>يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا (1)".</p>وَإِنْ أَكْذَبَ الزَّوْجُ نَفْسَهُ فَلَا يُفِيدُهُ ذَلِكَ عَوْدَ النِّكَاحِ وَلَا رَفْعَ تَأْبِيدِ الْحُرْمَةِ لأَِنَّهُمَا حَقٌّ لَهُ وَقَدْ بَطَلَا فَلَا يُتَمَكَّنُ مِنْ عَوْدِهِمَا، بِخِلَافِ الْحَدِّ وَلُحُوقِ النَّسَبِ فَإِنَّهُمَا يَعُودَانِ لأَِنَّهُمَا حَقٌّ عَلَيْهِ، وَأَمَّا حَدُّهَا فَفِي كَلَامِ الإِْمَامِ مَا يُفْهِمُ سُقُوطَهُ بِإِكْذَابِهِ نَفْسَهُ (2) .</p> </p><font color=#ff0000>23 -</font>‌<span class="title">‌ الثَّالِثُ: </span>حُصُول الْفُرْقَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ.</p>غَيْرَ أَنَّ هَذِهِ الْفُرْقَةَ لَا تَتِمُّ إِلَاّ بِتَفْرِيقِ الْقَاضِي عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (3) وَأَحَمْدَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ (4) فَلَوْ تَمَّ اللِّعَانُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَلَمْ يَحْكُمِ الْقَاضِي بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا فَالزَّوْجِيَّةُ تُعْتَبَرُ قَائِمَةً فِي حَقِّ بَعْضِ الأَْحْكَامِ كَالْمِيرَاثِ وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ، فَلَوْ مَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بَعْدَ اللِّعَانِ وَقَبْل الْحُكْمِ بِالتَّفْرِيقِ وَرِثَهُ الآْخَرُ، وَلَوْ طَلَّقَ الزَّوْجُ امْرَأَتَهُ بَعْدَ اللِّعَانِ وَقَبْل التَّفْرِيقِ وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَلَوْ أَكْذَبَ الزَّوْجُ نَفْسَهُ حِينَئِذٍ فَإِنَّهَا تَحِل لَهُ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ عَقْدِ الزَّوَاجِ، وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ، مَا وَرَدَ فِي قِصَّةِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ مِنْ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " المتلاعنان إذا تفرقا لا يجتمعان أبدًا ". أخرجه الدارقطني (3 / 276) من حديث ابن عمر، ونقل الزيلعي في نصب الراية، (3 / 251) عن ابن عبد الهادي أنه قال: إسناده جيد.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 3 / 385.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع 3 / 244.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المغني لابن قدامة 7 / 410.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٠)</span><hr/></div>" فَرَّقَ بَيْنَهُمَا "(1) فَإِنَّهُ يَدُل عَلَى أَنَّ الْفُرْقَةَ لَا تَقَعُ بِلِعَانِ الزَّوْجِ وَلَا بِلِعَانِ الزَّوْجَةِ، إِذْ لَوْ وَقَعَتْ لَمَا حَصَل التَّفْرِيقُ مِنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ وُقُوعِ الْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا بِنَفْسِ اللِّعَانِ (2)، وَمَا رُوِيَ فِي حَدِيثِ عُوَيْمِرٍ الْعَجْلَانِيِّ أَنَّهُ قَال: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُول اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْل أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، (3) فَإِنَّ هَذَا يَقْتَضِي إِمْكَانَ إِمْسَاكِ الْمَرْأَةِ بَعْدَ اللِّعَانِ وَأَنَّهُ وَقَعَ طَلَاقُهُ، وَلَوْ كَانَتِ الْفُرْقَةُ وَقَعَتْ قَبْل ذَلِكَ بِاللِّعَانِ لَمَا وَقَعَ طَلَاقُهُ وَلَا أَمْكَنَهُ إِمْسَاكُهَا، وَأَيْضًا فَإِنَّ سَبَبَ هَذِهِ الْفُرْقَةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْحَاكِمِ فَالْفُرْقَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِهِ لَا تَقَعُ إِلَاّ بِحُكْمِهِ قِيَاسًا عَلَى الْفُرْقَةِ بِالْعُنَّةِ وَنَحْوِهَا (4) .</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (5) فِي الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّ الْفُرْقَةَ تَقَعُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِمُجَرَّدِ اللِّعَانِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى حُكْمِ الْقَاضِي، وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّ الْفُرْقَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِلِعَانِ الزَّوْجِ وَإِنْ لَمْ تُلَاعِنِ الزَّوْجَةُ، وَذَلِكَ لِمَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرق بين المتلاعنين ". تقدم تخريجه ف22.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 3 / 245.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث عويمر العجلاني أنه قال: " كذبتُ عليها يا رسول الله. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 9 / 361) ومسلم (2 / 1229 - 1230) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> المغني لابن قدامة 7 / 410.</p><font color=#ff0000>(5)</font> التاج والإكليل 3 / 138. ومغني المحتاج 3 / 380. والمغني لابن قدامة 7 / 410، وكشاف القناع 5 / 402.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٠)</span><hr/></div>وَرَدَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ قَال: " الْمُتَلَاعِنَانِ إِذَا تَلَاعَنَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَلَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا "(1) وَلأَِنَّ اللِّعَانَ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ الْمُؤَبَّدَ فَلَا يَحْتَاجُ لِلتَّفْرِيقِ بِهِ إِلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ كَالرَّضَاعِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْفُرْقَةَ لَوْ لَمْ تَحْصُل إِلَاّ بِتَفْرِيقِ الْحَاكِمِ لَسَاغَ تَرْكُ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ إِذَا كَرِهَا الْفُرْقَةَ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَرْضَيَا بِهَا، كَالتَّفْرِيقِ لِلْعَيْبِ وَالإِْعْسَارِ، وَتَرْكُ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا لَا يَجُوزُ رَضِيَا بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَرْضَيَا (2) .</p><font color=#ff0000>24 -</font> وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي نَوْعِ الْفُرْقَةِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى اللِّعَانِ أَهِيَ طَلَاقٌ أَوْ فَسْخٌ؟ وَفِي الْحُرْمَةِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى اللِّعَانِ أَهِيَ حُرْمَةٌ مُؤَبَّدَةٌ فَلَا تَحِل الْمَرْأَةُ لِلرَّجُل وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ؟ أَوْ هِيَ حُرْمَةٌ مُؤَقَّتَةٌ تَنْتَهِي إِذَا أَكْذَبَ الرَّجُل نَفْسَهُ؟ فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْفُرْقَةَ بِاللِّعَانِ فَسْخٌ (3) ، وَهِيَ تُوجِبُ التَّحْرِيمَ الْمُؤَبَّدَ كَحُرْمَةِ الرَّضَاعِ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَعُودَ الْمُتَلَاعِنَانِ إِلَى الزَّوَاجِ بَعْدَ اللِّعَانِ أَبَدًا وَلَوْ أَكْذَبَ الزَّوْجُ نَفْسَهُ أَوْ خَرَجَ عَنْ أَهْلِيَّةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سبق تخريج هذا الأثر ف22.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 3 / 380.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح القدير 3 / 255، وبدائع الصنائع 3 / 245، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي 2 / 467، والبهجة شرح التحفة 1 / 334، ومغني المحتاج 3 / 380، والمغني لابن قدامة 7 / 412 - 414.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦١)</span><hr/></div>الشَّهَادَةِ أَوْ صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ فِي قَذْفِهِ، وَذَلِكَ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا (1) ". وَلِمَا رَوَى سَهْل بْنُ سَعْدٍ رضي الله عنه قَال:" مَضَتِ السُّنَّةُ بَعْدُ فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا "(2) وَلأَِنَّ اللِّعَانَ قَدْ وُجِدَ، وَهُوَ سَبَبُ التَّفْرِيقِ، وَتَكْذِيبُ الزَّوْجِ نَفْسَهُ أَوْ خُرُوجُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَنْ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ لَا يَنْفِي وُجُودَ السَّبَبِ، بَل هُوَ بَاقٍ فَيَبْقَى حُكْمُهُ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الرَّجُل إِنْ كَانَ صَادِقًا فِي قَذْفِ امْرَأَتِهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَعُودَ إِلَى مُعَاشَرَتِهَا مَعَ عِلْمِهِ بِحَالِهَا حَتَّى لَا يَكُونَ زَوْجَ بَغِيٍّ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فِي قَذْفِهَا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُمَكَّنَ مِنْ مُعَاشَرَتِهَا لإِِسَاءَتِهِ إِلَيْهَا وَاتِّهَامِهَا بِهَذِهِ الْفِرْيَةِ الْعَظِيمَةِ وَإِحْرَاقِ قَلْبِهَا، وَلَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ الْفُرْقَةِ بِاللِّعَانِ طَلَاقًا لأَِنَّهُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي الطَّلَاقِ وَلَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ، وَلأَِنَّهُ لَوْ كَانَ طَلَاقًا لَوَقَعَ بِلِعَانِ الزَّوْجِ دُونَ لِعَانِ الْمَرْأَةِ، وَالْفُرْقَةُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ - عِنْدَ غَيْرِ الشَّافِعِيَّةِ - لَا تَقَعُ إِلَاّ بِلِعَانِهِمَا (3) .</p>وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: الْفُرْقَةُ بِسَبَبِ اللِّعَانِ تَكُونُ طَلَاقًا بَائِنًا لَا فَسْخًا، لأَِنَّهَا فُرْقَةٌ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ، وَالْقَاضِي قَامَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" المتلاعنان إذا تفرقا لا يجتمعان أبدًا ". تقدم تخريجه ف22.</p><font color=#ff0000>(2)</font> قول سهل بن سعد: " مضت السنة. . . ". أخرجه أبو داود (2 / 682) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني لابن قدامة 7 / 413 - 414، ومغني المحتاج 3 / 380.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦١)</span><hr/></div>بِالتَّفْرِيقِ، نِيَابَةً عَنْهُ، فَيَكُونُ فِعْلُهُ مَنْسُوبًا إِلَيْهِ، وَالْفُرْقَةُ مَتَى كَانَتْ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ وَأَمْكَنَ جَعْلُهَا طَلَاقًا كَانَتْ طَلَاقًا لَا فَسْخًا، وَإِنَّمَا كَانَتْ طَلَاقًا بَائِنًا، لِتَوَقُّفِهَا عَلَى الْقَضَاءِ، وَكُل فُرْقَةٍ تَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَضَاءِ تُعْتَبَرُ طَلَاقًا بَائِنًا، وَقَالَا: إِنَّ الْحُرْمَةَ الْمُتَرَتِّبَةَ عَلَى اللِّعَانِ تَزُول إِذَا أَكْذَبَ الزَّوْجُ نَفْسَهُ أَوْ خَرَجَ عَنْ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ، أَوْ خَرَجَتْ هِيَ عَنْ أَهْلِيَّتِهَا لِلشَّهَادَةِ، لأَِنَّ الزَّوْجَ إِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ اعْتُبِرَ تَكْذِيبُهُ رُجُوعًا عَنِ اللِّعَانِ، وَاللِّعَانُ شَهَادَةٌ فِي رَأْيِهِمَا، وَالشَّهَادَةُ لَا حُكْمَ لَهَا بَعْدَ الرُّجُوعِ عَنْهَا، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُحَدُّ الرَّجُل حَدَّ الْقَذْفِ، وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ إِنْ كَانَ الْقَذْفُ نَفْيَ الْوَلَدِ.</p>وَإِذَا خَرَجَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَنْ أَهْلِيَّتِهِ لِلشَّهَادَةِ انْتَفَى السَّبَبُ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ كَانَ التَّفْرِيقُ وَهُوَ اللِّعَانُ، فَيَزُول حُكْمُهُ وَهُوَ التَّحْرِيمُ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: آثَارُ اللِّعَانِ فِي حَقِّ نَسَبِ الْوَلَدِ</span></p><font color=#ff0000>25 -</font> إِذَا تَمَّ اللِّعَانُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَكَانَ مَوْضُوعُهُ نَفْيَ نَسَبِ الْوَلَدِ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ انْتِفَاءُ نَسَبِ الْوَلَدِ عَنِ الزَّوْجِ وَأُلْحِقَ بِأُمِّهِ، وَذَلِكَ إِذَا تَوَافَرَتِ الشُّرُوطُ الآْتِيَةُ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 3 / 255.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الشَّرْطُ الأَْوَّل: الْفَوْرِيَّةُ:</span></p><font color=#ff0000>26 -</font> أَنْ يَنْفِيَ الزَّوْجُ الْوَلَدَ عِنْدَ الْوِلَادَةِ أَوْ فِي مُدَّةِ التَّهْنِئَةِ بِالْمَوْلُودِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَمْ يُرْوَ عَنْهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ تَقْدِيرُ هَذِهِ الْمُدَّةِ بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ، بَل جُعِل تَقْدِيرُهَا مُفَوَّضًا إِلَى رَأْيِ الْقَاضِي لأَِنَّ نَفْيَ الْوَلَدِ أَوْ عَدَمَ نَفْيِهِ يَحْتَاجُ إِلَى التَّفْكِيرِ وَالتَّرَوِّي قَبْل الإِْقْدَامِ عَلَيْهِ، إِذْ رُبَّمَا يَنْفِي نَسَبَهُ وَهُوَ مِنْهُ، أَوْ يَعْتَرِفُ بِهِ وَهُوَ لَيْسَ مِنْهُ، وَكِلَاهُمَا لَا يَحِل شَرْعًا، وَعَلَى هَذَا لَا بُدَّ مِنْ إِعْطَاءِ الزَّوْحِ مُدَّةً يُفَكِّرُ فِيهَا وَيُتَرَوَّى، وَهَذِهِ الْمُدَّةُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الأَْشْخَاصِ وَالأَْحْوَال، فَلَا يُمْكِنُ تَحْدِيدُ زَمَنٍ يُطَبَّقُ بِالنِّسْبَةِ لِجَمِيعِ الأَْفْرَادِ وَالْحَالَاتِ، فَيَجِبُ تَفْوِيضُ ذَلِكَ إِلَى الْقَاضِي.</p>وَقَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: نَفْيُ الْوَلَدِ يَتَقَدَّرُ بِأَكْثَرِ مُدَّةِ النِّفَاسِ وَهِيَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا، لأَِنَّ النِّفَاسَ أَثَرُ الْوِلَادَةِ، فَيَأْخُذُ حُكْمَهَا، فَكَمَا يَكُونُ لِلزَّوْجِ أَنْ يَنْفِيَ الْوَلَدَ عِنْدَ الْوِلَادَةِ يَكُونُ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَنْفِيَهُ مَا دَامَ أَثَرُهَا بَاقِيًا (1) وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْجَدِيدِ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ التَّعْجِيل شَرْطٌ لِنَفْيِ الْحَمْل أَوِ الْوَلَدِ عَنِ الزَّوْجِ، فَلَوْ عَلِمَ الزَّوْجُ بِالْحَمْل أَوِ الْوِلَادَةِ فَسَكَتَ عَنْ نَفْيِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ، ثُمَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 3 / 246، والهداية مع فتح القدير 3 / 260، 261.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٢)</span><hr/></div>أَرَادَ أَنْ يَنْفِيَهُ بِاللِّعَانِ، فَإِنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْهُ وَيُحَدُّ حَدَّ الْقَذْفِ، سَوَاءٌ طَال زَمَنُ سُكُوتِهِ كَالشَّهْرِ أَوْ قَصُرَ كَالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ، إِلَاّ أَنْ يَكُونَ سُكُوتُهُ لِعُذْرٍ (1) .</p>وَفِي مُغْنِي الْمُحْتَاجِ: وَالنَّفْيُ لِنَسَبِ وَلَدٍ يَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ فِي الأَْظْهَرِ الْجَدِيدِ، لأَِنَّهُ شُرِعَ لِدَفْعِ ضَرَرٍ مُحَقَّقٍ فَكَانَ عَلَى الْفَوْرِ، كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَخِيَارِ الشُّفْعَةِ، وَيُعْذَرُ الزَّوْجُ فِي تَأْخِيرِ النَّفْيِ لِعُذْرٍ، كَأَنْ بَلَغَهُ الْخَبَرُ لَيْلاً فَأَخَّرَ حَتَّى يُصْبِحَ أَوْ كَانَ جَائِعًا فَأَكَل أَوْ عَارِيًا فَلَبِسَ، فَإِنْ كَانَ مَحْبُوسًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ خَائِفًا ضَيَاعَ مَالٍ أَرْسَل إِلَى الْقَاضِي لِيَبْعَثَ إِلَيْهِ نَائِبًا يُلَاعِنُ عِنْدَهُ، أَوْ لِيُعْلِمَهُ أَنَّهُ مُقِيمٌ عَلَى النَّفْيِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَل بَطَل حَقُّهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الإِْرْسَال أَشْهَدَ إِنْ أَمْكَنَهُ، فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ بَطَل حَقُّهُ (2) .</p>وَفِي الْمُغْنِي لاِبْنِ قُدَامَةَ: إِذَا وَلَدَتِ الْمَرْأَةُ فَسَكَتَ زَوْجُهَا عَنْ نَفْيِ وَلَدِهَا مَعَ إِمْكَانِهِ لَزِمَهُ نَسَبُهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ نَفْيُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَا يَتَقَرَّرُ ذَلِكَ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، بَل هُوَ عَلَى حَسَبِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، إِنْ كَانَ لَيْلاً فَحَتَّى يُصْبِحَ وَيَنْتَشِرَ النَّاسُ، وَإِنْ كَانَ جَائِعًا أَوْ ظَمْآنَ فَحَتَّى يَأْكُل أَوْ يَشْرَبَ، أَوْ يَنَامَ إِنْ كَانَ نَاعِسًا، أَوْ يَلْبَسَ ثِيَابَهُ وَيُسَرِّجَ دَابَّتَهُ وَيَرْكَبَ، وَيُصَلِّيَ إِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البهجة في شرح التحفة 1 / 335، والشرح الصغير 3 / 18.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 3 / 380 - 381.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٣)</span><hr/></div>حَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَيُحَرِّزُ مَالَهُ إِنْ كَانَ غَيْرَ مُحَرَّزٍ، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ مِنْ أَشْغَالِهِ، فَإِنْ أَخَّرَهُ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَفْيُهُ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّرْطُ الثَّانِي: عَدَمُ الإِْقْرَارِ:</span></p><font color=#ff0000>27 -</font> يُشْتَرَطُ أَلَا يَكُونَ الزَّوْجُ أَقَرَّ بِالْوَلَدِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً، مِثَال الإِْقْرَارِ صَرَاحَةً أَنْ يَقُول الرَّجُل: هَذَا وَلَدِي، أَوْ هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي، وَمِثَال الإِْقْرَارِ دَلَالَةً أَنْ يَقْبَل التَّهْنِئَةَ بِالْمَوْلُودِ أَوْ يَسْكُتَ عِنْدَ التَّهْنِئَةِ، وَلَا يَرُدَّ عَلَى الْمُهَنِّئِ، لأَِنَّ الْعَاقِل لَا يَسْكُتُ عَادَةً عِنْدَ التَّهْنِئَةِ بِوَلَدٍ لَيْسَ مِنْهُ، فَإِذَا سَكَتَ كَانَ سُكُوتُهُ اعْتِرَافًا بِالنَّسَبِ دَلَالَةً (2) .</p>وَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ الزَّوْجُ بِالْوَلَدِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً، أَوْ سَكَتَ عَنْ نَفْيِ نَسَبٍ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ التَّهْنِئَةِ، أَوْ أَكْثَرُ مُدَّةِ النِّفَاسِ، أَوْ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُهُ النَّفْيُ فِيهَا وَلَمْ يَنْفِهِ ثُمَّ نَفَى نَسَبَهُ لَا يَنْتَفِي نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ، لأَِنَّ سُكُوتَهُ عَنِ النَّفْيِ حَتَّى مَضَتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ يُعْتَبَرُ إِقْرَارًا مِنْهُ بِالْوَلَدِ، وَالإِْقْرَارُ بِالنَّسَبِ لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ فِيهِ.</p>وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَكُونُ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الْحَقُّ فِي طَلَبِ اللِّعَانِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا، لأَِنَّهُ لَمَّا نَفَى نَسَبَ الْوَلَدِ مِنْهُ كَانَ مُتَّهِمًا لَهَا بِالزِّنَا،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني لابن قدامة 7 / 424 - 425.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 3 / 247، وفتح القدير 3 / 260، والدر وحاشية ابن عابدين 2 / 973، والمغني لابن قدامة 7 / 426، ومغني المحتاج 3 / 381.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٣)</span><hr/></div>فَيَكُونُ لَهَا أَنْ تَدْفَعَ الْعَارَ عَنْ نَفْسِهَا بِاللِّعَانِ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ، وَلَوْ تَمَّ اللِّعَانُ بَيْنَهُمَا بِنَاءً عَلَى طَلَبِ الْمَرْأَةِ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ قَطْعُ نَسَبِ الْوَلَدِ عَنِ الزَّوْجِ، لأَِنَّ نَسَبَهُ قَدْ ثَبَتَ بِالإِْقْرَارِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً فَلَا يُمْكِنُ نَفْيُهُ بَعْدَ ذَلِكَ (1) .</p>وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ اللِّعَانَ إِذَا امْتَنَعَ إِجْرَاؤُهُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ لِنَفْيِ نَسَبِ الْوَلَدِ، كَأَنْ وَطِئَ الْمُلَاعِنُ زَوْجَتَهُ بَعْدَ رُؤْيَتِهَا تَزْنِي، أَوْ بَعْدَ عِلْمِهِ بِوَضْعٍ أَوْ حَمْلٍ، أَوْ أَخَّرَ اللِّعَانَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِوَضْعٍ أَوْ حَمْلٍ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ بِلَا عُذْرٍ فِي التَّأْخِيرِ، فَفِي هَذِهِ الْحَالَاتِ يَمْتَنِعُ لِعَانُهُ وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ وَبَقِيَتْ زَوْجَةً، وَإِنَّمَا يُحَدُّ الزَّوْجُ حَدَّ الْقَذْفِ إِنْ كَانَتِ الزَّوْجَةُ مُسْلِمَةً (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّرْطُ الثَّالِثُ: حَيَاةُ الْوَلَدِ:</span></p><font color=#ff0000>28 -</font> أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ حَيًّا عِنْدَ اللِّعَانِ وَعِنْدَ الْحُكْمِ بِقَطْعِ نَسَبِهِ وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، فَلَوْ وَلَدَتِ الْمَرْأَةُ وَلَدًا، وَنَفَى الزَّوْحُ نَسَبَهُ مِنْهُ، ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْل حُصُول اللِّعَانِ، أَوْ مَاتَ بَعْدَ حُصُولِهِ وَلَكِنْ قَبْل الْحُكْمِ بِقَطْعِ نَسَبِهِ مِنَ الزَّوْجِ لَا يَنْتَفِي عَنْهُ، لأَِنَّ النَّسَبَ يَتَقَرَّرُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 3 / 247، والهداية مع فتح القدير 3 / 260 - 261، والدر وحاشية ابن عابدين 2 / 973.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 2 / 463.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٤)</span><hr/></div>بِالْمَوْتِ، وَالشَّيْءُ إِذَا تَقَرَّرَ لَا يُمْكِنُ نَفْيُهُ، وَلَكِنْ لِلزَّوْجَةِ الْحَقُّ فِي طَلَبِ إِجْرَاءِ اللِّعَانِ إِنْ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْل إِجْرَائِهِ لِدَفْعِ عَارِ الزِّنَا عَنْهَا (1) .</p>وَالْمَالِكِيَّةُ يُوَافِقُونَ الْحَنَفِيَّةَ فِي ذَلِكَ، إِلَاّ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ لِلزَّوْجِ الْحَقَّ فِي طَلَبِ اللِّعَانِ بَعْدَ مَوْتِ الْوَلَدِ، وَذَلِكَ لإِِسْقَاطِ حَدِّ الْقَذْفِ عَنْهُ (2) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: حَيَاةُ الْوَلَدِ عِنْدَ اللِّعَانِ لَيْسَتْ شَرْطًا لِنَفْيِ نَسَبِهِ بِاللِّعَانِ، لأَِنَّ نَسَبَهُ لَا يَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ، بَل يُقَال: مَاتَ وَلَدُ فُلَانٍ، وَهَذَا قَبْرُ وَلَدِ فُلَانٍ، وَيَلْزَمُ الزَّوْجَ تَجْهِيزُهُ وَتَكْفِينُهُ، فَيَكُونُ لَهُ نَفْيُ نَسَبِهِ وَإِسْقَاطُ مُؤْنَتِهِ، كَمَا لَوْ كَانَ حَيًّا (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَثَرُ اللِّعَانِ مِنْ حَيْثُ جَعْل الْوَلَدِ الْمَنْفِيِّ نَسَبُهُ أَجْنَبِيًّا</span></p>الْوَلَدُ الَّذِي يُقْطَعُ نَسَبُهُ مِنَ الأَْبِّ، وَيَلْحَقُ بِأُمِّهِ بِنَاءً عَلَى اللِّعَانِ يَكُونُ أَجْنَبِيًّا مِنْهُ فِي بَعْضِ الأَْحْكَامِ، وَلَا يَكُونُ أَجْنَبِيًّا مِنْهُ فِي بَعْضِهَا:</p><font color=#ff0000>29 -</font> فَيَكُونُ أَجْنَبِيًّا مِنْهُ فِي الأَْحْكَامِ الآْتِيَةِ:</p>أ - الإِْرْثُ: فَلَا تَوَارُثَ بَيْنَ الْمُلَاعِنِ وَبَيْنَ الْوَلَدِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 3 / 247.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 2 / 459، والتاج والإكليل 4 / 133، وشرح الخرشي مع حاشية العدوي 4 / 265، والمغني لابن قدامة 7 / 419.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مغني المحتاج 3 / 380.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٤)</span><hr/></div>الَّذِي نَفَى نَسَبَهُ بِاللِّعَانِ وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ، بِمَعْنَى أَنَّ قَرَابَةَ الأُْبُوَّةِ لَا تَكُونُ مُعْتَبَرَةً فِي الإِْرْثِ، فَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ الَّذِي نُفِيَ نَسَبُهُ بِاللِّعَانِ وَتَرَكَ مَالاً فَلَا يَرِثُهُ أَحَدٌ بِقَرَابَةِ الأُْبُوَّةِ، وَإِنَّمَا تَرِثُهُ أُمُّهُ وَأَقْرِبَاؤُهُ مِنْ جِهَتِهَا (1) .</p>ب - النَّفَقَةُ: فَلَا تَجِبُ بَيْنَ الْمُلَاعِنِ وَبَيْنَ مَنْ نَفَى نَسَبَهُ بِاللِّعَانِ نَفَقَةُ الأَْبْنَاءِ عَلَى الآْبَاءِ، وَلَا نَفَقَةُ الآْبَاءِ عَلَى الأَْبْنَاءِ، وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ (2) .</p><font color=#ff0000>30 -</font> وَلَا يَكُونُ الْوَلَدُ أَجْنَبِيًّا مِنَ الْمُلَاعِنِ فِي الأَْحْكَامِ الآْتِيَةِ:</p>أ - الشَّهَادَةُ: ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا تُقْبَل شَهَادَةُ الأَْصْل الْوَاحِدِ مِنْ فُرُوعِهِ، وَبِالْعَكْسِ كَذَلِكَ لَا تُقْبَل شَهَادَةُ الْمُلَاعِنِ وَأُصُولُهُ لِمَنْ نَفَى نَسَبَهُ بِاللِّعَانِ، وَلَا شَهَادَةُ مَنْ نَفَى نَسَبَهُ وَأَحَدِ فُرُوعِهِ لِمَنْ نَفَاهُ وَلَا لأُِصُولِهِ، وَذَلِكَ لِصِحَّةِ اسْتِلْحَاقِهِ أَيِ الْوَلَدِ الْمُلَاعَنِ (3) .</p>ب - الْقِصَاصُ: فَلَوْ قَتَل الْمُلَاعِنُ الْوَلَدَ الَّذِي نَفَاهُ بِاللِّعَانِ لَا يُقْتَل فِيهِ كَمَا لَوْ قَتَل الأَْبُ وَلَدَهُ.</p>ج - الاِلْتِحَاقُ بِالْغَيْرِ: فَلَوِ ادَّعَى غَيْرُ الْمُلَاعِنِ الْوَلَدَ الَّذِي نَفَى نَفْسَهُ بِاللِّعَانِ لَا يَصِحُّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 29 / 198، ومنح الجليل 4 / 752، وروضة الطالبين 6 / 43، وشرح مسلم 10 / 124، والمغني 6 / 259.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 3 / 262، والحطاب 4 / 191، والمغني 7 / 608.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية الدسوقي 4 / 168، وفتح القدير 3 / 262.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٥)</span><hr/></div>ادِّعَاؤُهُ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَذَلِكَ لاِحْتِمَال أَنْ يُكَذِّبَ الْمُلَاعِنُ نَفْسَهُ فَيَعُودُ نَسَبُ الْوَلَدِ لَهُ، وَمَنْ أَجْل هَذَا قَال الْكَمَال بْنُ الْهُمَامِ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّ الْحُكْمَ بِعَدِمِ ثُبُوتِ نَسَبِ الْوَلَدِ مِمَّنِ ادَّعَاهُ مُشْكِلٌ إِذَا كَانَ مِمَّنْ يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ وَكَانَ ادِّعَاؤُهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُلَاعِنِ لأَِنَّ النَّسَبَ مِمَّا يُحْتَاطُ فِي إِثْبَاتِهِ، وَالْوَلَدُ مَقْطُوعُ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِ الْمُدَّعِي وَوَقَعَ الْيَأْسُ مِنْ ثُبُوتِهِ مِنَ الْمُلَاعِنِ، وَثُبُوتُ النَّسَبِ مِنَ الأُْمِّ لَا يُنَافِي ثُبُوتَهُ مِنَ الْمُدَّعِي، لإِِمْكَانِ كَوْنِهِ وَطْأَهَا بِشُبْهَةٍ (1) .</p>د - الْمَحْرَمِيَّةُ: فَلَوْ كَانَ لِلْمُلَاعِنِ بِنْتٌ مِنَ امْرَأَةٍ أُخْرَى، وَأَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَهَا لِمَنْ نَفَى نَسَبَهُ بِاللِّعَانِ أَوْ لَابْنِهِ فَلَا يَحِل هَذَا الزَّوَاجُ، لأَِنَّ الْوَلَدَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ابْنًا لِلْمُلَاعِنِ، خُصُوصًا وَأَنَّ الْفِرَاشَ الَّذِي يَثْبُتُ النَّسَبُ بِهِ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ وِلَادَتِهِ، وَمَعَ هَذَا الاِحْتِمَال لَا يَحِل الزَّوَاجُ شَرْعًا (2) .</p>وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْمَنْفِيَّةَ بِاللِّعَانِ حُكْمُهَا أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَى نَافِيهَا وَلَوْ لَمْ يَدْخُل بِأُمِّهَا، لأَِنَّهَا لَا تَنْتِفِي عَنْهُ قَطْعًا لِدَلِيل لُحُوقِهَا بِهِ لَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ وَلأَِنَّهَا رَبِيبَةٌ فِي الْمَدْخُول بِهَا، وَتَتَعَدَّى حُرْمَتُهَا إِلَى سَائِرِ مَحَارِمِهِ، وَفِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ بِقَتْلِهِ لَهَا وَالْحَدِّ بِقَذْفِهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 3 / 262.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 3 / 248، وفتح القدير 3 / 263، والدر وحاشية ابن عابين 2 / 975.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٥)</span><hr/></div>لَهَا وَالْقَطْعِ بِسَرِقَةِ مَالِهَا، وَقَبُول شَهَادَتِهِ لَهَا وَجْهَانِ: أَوْجَهُهُمَا عَدَمُ الْوُجُوبِ (1) .</p><font color=#ff0000>31 -</font> وَمِنْ آثَارِ اللِّعَانِ أَيْضًا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ:</p>أ - تَشْطِيرُ صَدَاقِ الْمُلَاعَنَةِ قَبْل الدُّخُول بِهَا.</p>ب - سُقُوطُ حَضَانَةِ الْمَرْأَةِ إِنْ لَمْ تُلَاعِنْ.</p>ج - اسْتِبَاحَةُ نِكَاحِ أُخْتِ الْمُلَاعَنَةِ وَمَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهُ مَعَهَا أَوْ أَرْبَعٍ سِوَاهَا فِي عِدَّتِهَا (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَغْلِيظُ اللِّعَانِ</span></p><font color=#ff0000>32 -</font> تَغْلِيظُ اللِّعَانِ سُنَّةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَكَذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فِي الْمَذْهَبِ، وَهُوَ وَاجِبٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ التَّغْلِيظُ بِالْمَكَانِ وَلَا بِالزَّمَانِ. وَالتَّغْلِيظُ يَكُونُ بِأَحَدِ أُمُورٍ هِيَ:</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ التَّغْلِيظُ بِالزَّمَانِ:</span></p><font color=#ff0000>33 -</font> يُغَلَّظُ لِعَانُ الْمُسْلِمِ بِزَمَانٍ وَهُوَ بَعْدَ صَلَاةِ عَصْرِ كُل يَوْمٍ إِنْ كَانَ طَلَبُ اللِّعَانِ حَثِيثًا، لأَِنَّ الْيَمِينَ الْفَاجِرَةَ بَعْدَ الْعَصْرِ أَغْلَظُ عُقُوبَةً لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، وَعَدَّ مِنْهُمْ رَجُلاً حَلَفَ يَمِينًا كَاذِبَةً بَعْدَ الْعَصْرِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 3 / 175.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 3 / 380.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٦)</span><hr/></div>يَقْتَطِعُ بِهَا مَال امْرِئٍ مُسْلِمٍ (1)". فَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَلَبٌ حَثِيثٌ فَبَعْدَ صَلَاةِ عَصْرِ يَوْمِ جُمُعَةٍ أَوْلَى لأَِنَّ سَاعَةَ الإِْجَابَةِ فِيهِ. وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِعَصْرِ الْجُمُعَةِ الأَْوْقَاتَ الشَّرِيفَةَ كَشَهْرِ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ وَيَوْمَيِ الْعِيدِ وَعَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ التَّغْلِيظُ بِالْمَكَانِ:</span></p><font color=#ff0000>34 -</font> يُغَلَّظُ اللِّعَانُ بِالْمَكَانِ، بِأَنْ يَكُونَ فِي أَشْرَفِ مَوَاضِعِ بَلَدِهِ، لأَِنَّ فِي ذَلِكَ تَأْثِيرًا فِي الزَّجْرِ عَنِ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ.</p>فَفِي مَكَّةَ يَكُونُ بَيْنَ الرُّكْنِ الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ الأَْسْوَدُ وَبَيْنَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام. وَاللِّعَانُ فِي الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ يَكُونُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ مِمَّا يَلِي الْقَبْرَ الشَّرِيفَ، وَقَال فِي الأُْمِّ وَالْمُخْتَصَرِ: يَكُونُ فِي الْمِنْبَرِ. وَاللِّعَانُ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ يَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ عِنْدَ الصَّخْرَةِ، لأَِنَّهَا أَشْرَفُ بِقَاعِهِ إِذْ هِيَ قِبْلَةُ الأَْنْبِيَاءِ، وَقَدْ وَرَدَ " أَنَّهَا مِنَ الْجَنَّةِ " (2) . وَالتَّغْلِيظُ بِالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ لِمَنْ هُوَ بِهَا، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا لَمْ يَجُزْ نَقْلُهُ إِلَيْهَا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 5 / 34) ومسلم (1 / 103) من حديث أبي هريرة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " إنها من الجنة ". أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9 / 217 - 218) وقال: رواه الطبراني وفيه محمد بن مخلد الرعيني وهذا الحديث من منكراته.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٦)</span><hr/></div>وَالتَّغْلِيظُ فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ عِنْدَ مِنْبَرِ الْجَامِعِ لأَِنَّهُ الْمُعَظَّمُ.</p>وَتُلَاعِنُ الْمَرْأَةُ الْحَائِضُ بِبَابِ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ لِتَحْرِيمِ مُكْثِهَا فِيهِ.</p>وَيُلَاعِنُ كِتَابِيٌّ فِي بَيْعَةٍ وَكَنِيسَةٍ وَيَقُول الْيَهُودِيُّ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزَل التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، وَيَقُول النَّصْرَانِيُّ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزَل الإِْنْجِيل عَلَى عِيسَى.</p>وَيُلَاعِنُ الْمَجُوسِيُّ فِي بَيْتِ نَارِهِمْ فِي الأَْصَحِّ لأَِنَّهُمْ يُعَظِّمُونَهُ، وَالْمَقْصُودُ الزَّجْرُ عَنِ الْكَذِبِ.</p>أَمَّا تَغْلِيظُ الْكَافِرِ بِالزَّمَانِ فَيُعْتَبَرُ بِأَشْرَفِ الأَْوْقَاتِ عِنْدَهُمْ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيَّ.</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ التَّغْلِيظُ بِحُضُورِ جَمْعٍ:</span></p><font color=#ff0000>35 -</font> يُغَلَّظُ اللِّعَانُ بِحُضُورِ جَمْعٍ مِنْ عُدُول أَعْيَانِ بَلَدِ اللِّعَانِ وَصُلَحَائِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَعْظَمُ وَلأَِنَّ فِيهِ رَدْعًا عَنِ الْكَذِبِ، وَأَقَلُّهُ أَرْبَعَةٌ لِثُبُوتِ الزِّنَا بِهِمْ، فَاسْتُحِبَّ أَنْ يَحْضُرَ ذَلِكَ الْعَدَدُ إِتْيَانَهُ بِاللِّعَانِ، وَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ الْحَاكِمِ كَمَا سَبَقَ (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مواهب الجليل مع هامشه التاج والإكليل 4 / 137، والدسوقي 2 / 464، والشرح الصغير 2 / 464، ومغني المحتاج 3 / 376 - 378، وروضة الطالبين 8 / 354 - 356، والإنصاف 9 / 239 - 240، والمغني 7 / 434 - 437، وكشاف القناع 5 / 393.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌سُنَنُ اللِّعَانِ</span></p>أ -‌<span class="title">‌ وَعْظُ الْقَاضِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ:</span></p><font color=#ff0000>36 -</font> يُسَنُّ لِلْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ وَعْظُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ بِالتَّخْوِيفِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِهِلَالٍ: عَذَابُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآْخِرَةِ (1) وَيَقْرَأُ عَلَيْهِمَا: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً} (2) وَيَقُول لَهُمَا: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْمُتَلَاعِنَيْنِ: اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَل مِنْكُمَا تَائِبٌ (3)، وَبَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْكَلِمَاتِ الأَْرْبَعِ يُبَالِغُ الْقَاضِي وَمَنْ فِي حُكْمِهِ فِي وَعْظِهِمَا عِنْدَ الْخَامِسَةِ مِنْ لِعَانِهِمَا قَبْل شُرُوعِهِمَا فِيهَا.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ قِيَامُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ:</span></p><font color=#ff0000>37 -</font> يُسَنُّ لِلْمَتَلَاعِنَيْنِ أَنْ يَتَلَاعَنَا قَائِمَيْنِ لِيَرَاهُمَا النَّاسُ وَيَشْتَهِرُ أَمْرُهُمَا، فَيَقُومُ الرَّجُل عِنْدَ لِعَانِهِ وَالْمَرْأَةُ جَالِسَةٌ، وَتَقُومُ الْمَرْأَةُ عِنْدَ لِعَانِهَا وَيَجْلِسُ الرَّجُل، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ لَاعَنَ قَاعِدًا أَوْ مُضَّجِعًا (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) قول الرسول صلى الله عليه وسلم:" عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة ". أخرجه مسلم (1 / 1131) من حديث ابن عمر.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة آل عمران / 77.</p><font color=#ff0000>(3)</font> قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " والله يعلم أن أحدكما كاذب. . . ". أخرجه مسلم (2 / 1132) من حديث ابن عمر.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المراجع السابقة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لَعِبٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> اللَّعِبُ - بِفَتْحِ اللَاّمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ وَيَجُوزُ لِعْبٌ بِكَسْرِ اللَاّمِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ - فِي اللُّغَةِ: ضِدُّ الْجَدِّ، يُقَال: لِعْبُ فُلَانٍ إِذَا كَانَ فَعَلَهُ غَيْرَ قَاصِدٍ بِهِ مَقْصِدًا صَحِيحًا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:{قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَاّعِبِينَ} (1)، وَلَعِبَ: عَمِل عَمَلاً لَا يُجْدِي نَفْعًا، وَاللُّعْبَةُ: كُل مَا يُلْعَبُ بِهِ، وَهُوَ بِكَسْرِ اللَاّمِ اسْمٌ لِلْحَال وَالْهَيْئَةِ الَّتِي يَكُونُ اللَاّعِبُ عَلَيْهَا، وَبِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ.</p>وَقِيل: اللَّعِبُ عَمَلٌ لِلَّذَّةِ لَا يُرَاعَى فِيهِ دَاعِيَ الْحِكْمَةِ كَعَمَل الصَّبِيِّ، لأَِنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْحِكْمَةَ وَإِنَّمَا يَعْمَل لِلَّذَّةِ.</p>وَلَا يَخْرُجُ مَعْنَاهُ الاِصْطِلَاحِيُّ عَنْ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الأنبياء / 55.</p><font color=#ff0000>(2)</font> لسان العرب، والمصباح المنير، والمعجم الوسيط، والمفردات في غريب القرآن.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌اللَّهْوُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> اللَّهْوُ فِي اللُّغَةِ: السُّلْوَانُ، وَالتَّرْوِيحُ عَنِ النَّفْسِ بِمَا لَا تَقْتَضِيهِ الْحِكْمَةُ، وَهُوَ أَيْضًا: مَا يَشْغَل الإِْنْسَانَ عَمَّا يَعْنِيهِ أَوْ يُهِمُّهُ مِنْ هَوًى وَطَرَبٍ وَنَحْوِهِمَا.</p>وَالْفَرَقُ بَيْنَ اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ أَنَّهُ لَا لَهْوَ إِلَاّ وَهُوَ لَعِبٌ، وَقَدْ يَكُونُ لَعِبٌ لَيْسَ بِلَهْوٍ، لأَِنَّ اللَّعِبَ يَكُونُ لِلتَّأْدِيبِ كَاللَّعِبِ بِالشِّطْرَنْجِ وَغَيْرِهِ، وَلَا يُقَال لِذَلِكَ لَهْوٌ، وَإِنَّمَا اللَّهْوُ لَعِبٌ لَا يُعْقِبُ نَفْعًا (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> اللَّعِبُ مِنْهُ مَا هُوَ مُبَاحٌ وَمِنْهُ مَا هُوَ مُسْتَحَبٌّ وَمِنْهُ مَا هُوَ مَكْرُوهٌ وَمِنْهُ مَا هُوَ مُحَرَّمٌ.</p>فَمِنَ اللَّعِبِ الْمُبَاحِ (2) الْمُسَابَقَةُ الْمَشْرُوعَةُ عَلَى الأَْقْدَامِ وَالسُّفُنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي سَفَرٍ مَعَ عَائِشَةَ رضي الله عنها فَسَابَقَتْهُ عَلَى رِجْلِهَا فَسَبَقَتْهُ قَالَتْ: فَلَمَّا حَمَلْتُ اللَّحْمَ سَابَقْتُهُ فَسَبَقَنِي فَقَال: هَذِهِ بِتِلْكَ السِّبْقَةِ (3)".<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصادر السابقة، والفروق اللغوية ص210.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 4 / 311، 428، والمغني 8 / 651 وما بعدها و9 / 170 وما بعدها، والقوانين الفقهية ص154، وبدائع الصنائع 6 / 206.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر مع عائشة. . . ". أخرجه أبو داود (3 / 66) من حديث عائشة، وإسناده صحيح.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٨)</span><hr/></div>وَإِبَاحَةُ اللَّعِبِ إِنَّمَا يَكُونُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ دَنَاءَةٌ يَتَرَفَّعُ عَنْهَا ذَوُو الْمَرُوءَاتِ، وَبِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَضَمَّنَ ضَرَرًا فَإِنْ تَضَمَّنَ ضَرَرًا لإِِنْسَانٍ أَوْ حَيَوَانٍ كَالتَّحْرِيشِ بَيْنَ الدُّيُوكِ وَالْكِلَابِ وَنِطَاحِ الْكِبَاشِ وَالتَّفَرُّجِ عَلَى هَذِهِ الأَْشْيَاءِ فَهَذَا حَرَامٌ، وَبِشَرْطِ أَنْ لَا يَشْغَل عَنْ صَلَاةٍ أَوْ فَرْضٍ آخَرَ أَوْ عَنْ مُهِمَّاتٍ وَاجِبَةٍ فَإِنْ شَغَلَهُ عَنْ هَذِهِ الأُْمُورِ وَأَمْثَالِهَا حَرُمَ، وَبِشَرْطِ أَنْ لَا يُخْرِجَهُ إِلَى الْحَلِفِ الْكَاذِبِ وَنَحْوِهِ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ (1)</p>وَمِنَ اللَّعِبِ الْمُبَاحِ الْمِزَاحُ وَالاِنْبِسَاطُ مَعَ الزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ لِيُعْطِيَ الزَّوْجَةَ وَالنَّفْسَ وَالْوَلَدَ حَقَّهُمْ (2) .</p>وَمِنَ اللَّعِبِ الْمُسْتَحَبِّ الْمُنَاضَلَةُ عَلَى السِّهَامِ وَالرِّمَاحِ وَالْمَزَارِيقِ وَكُل نَافِعٍ فِي الْحَرْبِ لِقَوْل اللَّهِ سبحانه وتعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْل تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ} (3)، وَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي تَفْسِيرِ الْقُوَّةِ فِي الآْيَةِ: أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 6 / 269، وجواهر الإكليل 2 / 233، ومغني المحتاج 4 / 311، 428، 432، والمغني لابن قدامة 8 / 651 وما بعدها، 9 / 170، وما بعدها، والآداب الشرعية 3 / 357.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني لابن قدامة 8 / 652، والآداب الشرعية 3 / 247، ومغني المحتاج 3 / 127، 4 / 311.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الأنفال / 60.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٩)</span><hr/></div>ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (1) . وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (سِبَاقٌ ف 5 وَمَا بَعْدَهُ) .</p> </p>وَمِنَ اللَّعِبِ الْمَكْرُوهِ اللَّعِبُ بِالطَّيْرِ وَالْحَمَامِ لأَِنَّهُ لَا يَلِيقُ بِأَصْحَابِ الْمَرُوءَاتِ وَالإِْدْمَانُ عَلَيْهِ قَدْ يُؤَدِّي إِلَى إِهْمَال الْمَصَالِحِ وَيَشْغَل عَنِ الْعِبَادَاتِ وَالطَّاعَاتِ (2) .</p>وَمِنَ اللَّعِبِ الْمُحَرَّمِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ: كُل لُعْبَةٍ فِيهَا قِمَارٌ لأَِنَّهَا مِنَ الْمَيْسِرِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِاجْتِنَابِهِ (3) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَْنْصَابُ وَالأَْزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَل الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَل أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌‌<span class="title">‌اللَّعِبُ بِالنَّرْدِ </span>وَالشِّطْرَنْجِ</span></p>أ - اللَّعِبُ بِالنَّرْدِ:</p><font color=#ff0000>4 -</font> اللَّعِبُ بِالنَّرْدِ مُحَرَّمٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " ألا إن القوة الرمي ". أخرجه مسلم (3 / 1522) من حديث عقبة بن عامر.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 6 / 269، والخرشي 7 / 177، وشرح الزرقاني 7 / 159، ومغني المحتاج 4 / 428، 432، والمغني 9 / 170، 172، 173، وكشاف القناع 6 / 423.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع 6 / 269، والخرشي على خليل 7 / 177، ومغني المحتاج 4 / 428، والمغني 9 / 170.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة المائدة / 90،91.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٩)</span><hr/></div>الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ وَالْحَنَابِلَةُ لِحَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِشِيرِ فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ (1) . وَمُقَابِل الصَّحِيحِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ اللَّعِبُ بِالنَّرْدِ كَمَا يُكْرَهُ الشِّطْرَنْجُ عِنْدَهُمْ (2) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ اللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ اللَّعِبَ بِالشِّطْرَنْجِ حَرَامٌ إِذَا كَانَ عَلَى عِوَضٍ أَوْ تَضَمَّنَ تَرْكَ وَاجِبٍ مِثْل تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا، وَكَذَلِكَ إِذَا تَضَمَّنَ كَذِبًا أَوْ ضَرَرًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ.</p>أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَقْوَالٍ:</p>الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْحَلِيمِيِّ وَالرُّويَانِيِّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ حُرْمَةُ اللَّعِبِ بِالشِّطْرَنْجِ مُطْلَقًا.</p>وَمِمَّنْ قَال بِالتَّحْرِيمِ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالْقَاسِمُ وَسَالِمٌ وَعُرْوَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ وَمَطَرٌ الْوَرَّاقُ، وَاسْتَدَلُّوا بِأَثَرِ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ يَلْعَبُونَ بِالشِّطْرَنْجِ فَقَال: مَا هَذِهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " من لعب بالنردشير. . . ". أخرجه مسلم (4 / 1770) من حديث بريدة بن الحصيب.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 4 / 428، والمغني لابن قدامة 9 / 170.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٠)</span><hr/></div>التَّمَاثِيل الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ؟ لأََنْ يَمَسَّ جَمْرًا حَتَّى يُطْفَى خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمَسَّهَا (1) .</p>وَرَوَى مَالِكٌ بَلَاغًا أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما وَلِيَ مَال يَتِيمٍ فَوَجَدَهَا فِيهِ فَأَحْرَقَهَا. كَمَا اسْتَدَلُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى النَّرْدِ، بَل إِنَّ الشِّطْرَنْجَ شَرٌّ مِنَ النَّرْدِ فِي الصَّدِّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ وَهُوَ أَكْثَرُ إِيقَاعًا لِلْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ، لأَِنَّ لَاعِبَهَا يَحْتَاجُ إِلَى إِعْمَال فِكْرِهِ وَشَغْل خَاطِرِهِ أَكْثَرَ مِنَ النَّرْدِ، وَلأَِنَّ فِيهِمَا صَرْفُ الْعُمُرِ إِلَى مَا لَا يُجْدِي، إِلَاّ أَنَّ النَّرْدَ آكَدُ فِي التَّحْرِيمِ لِوُرُودِ النَّصِّ بِتَحْرِيمِهِ وَلاِنْعِقَادِ الإِْجْمَاعِ عَلَى حُرْمَتِهِ مُطْلَقًا.</p>وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ اللَّعِبَ بِالشِّطْرَنْجِ مَكْرُوهٌ.</p>وَمَأْخَذُ الْكَرَاهَةِ أَنَّهُ مِنَ اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ وَجَاءَ فِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عُمَيْرٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كُل شَيْءٍ لَيْسَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عز وجل فَهُوَ لَهْوٌ أَوْ سَهْوٌ إِلَاّ أَرْبَعَ خِصَالٍ: مَشْيُ الرَّجُل بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ، وَتَأْدِيبُهُ فَرَسَهُ، وَمُلَاعَبَةُ أَهْلِهِ، وَتَعَلُّمُ السِّبَاحَةِ (2) "</p>. وَفِي حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيُّ رضي الله عنه<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أثر علي " أنه مر على قوم يلعبون الشطرنج. . . ". أخرجه البيهقي (10 / 212) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث جابر بن عمير:" كل شيء ليس من ذكر الله فهو لهو أو سهو. . . ". أخرجه الطبراني (2 / 193) وجود إسناده المنذري في الترغيب (2 / 243) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٠)</span><hr/></div>عَنِ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم قَال: لَيْسَ مِنَ اللَّهْوِ ثَلَاثَةٌ: تَأْدِيبُ الرَّجُل فَرَسَهُ، وَمُلَاعَبَتُهُ زَوْجَهُ، وَرَمْيُهُ بِنَبْلِهِ عَنْ قَوْسِهِ (1) .</p>وَقَيَّدَ الشَّافِعِيَّةُ قَوْلَهُمْ بِأَنْ يَكُونَ لَعِبُ الشِّطْرَنْجِ مَعَ مَنْ يَعْتَقِدُ حِلَّهُ وَإِلَاّ كَانَ حَرَامًا، لأَِنَّ فِيهِ إِعَانَةً عَلَى مَعْصِيَةٍ لَا يُمْكِنُ الاِنْفِرَادُ بِهَا.</p>وَمَأْخَذُ الْكَرَاهَةِ كَذَلِكَ أَنَّهُ يُلْهِي عَنِ الذِّكْرِ وَالصَّلَاةِ فِي أَوْقَاتِهَا الْفَاضِلَةِ، وَقَدْ يَسْتَغْرِقُ لَاعِبُهُ فِي لَعِبِهِ حَتَّى يَشْغَلَهُ عَنْ مَصَالِحِهِ الأُْخْرَوِيَّةِ.</p>وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَقَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى إِبَاحَةِ اللَّعِبِ بِالشِّطْرَنْجِ لِمَا فِيهِ مِنْ شَحْذِ الْخَوَاطِرِ وَتَذْكِيَةِ الأَْفْهَامِ وَلأَِنَّ الأَْصْل الإِْبَاحَةُ وَلَمْ يَرِدْ بِتَحْرِيمِهِ نَصٌّ وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، وَقَيَّدَ الْمَالِكِيَّةُ قَوْلَهُمْ بِالإِْبَاحَةِ بِأَلَاّ يَلْعَبَهُ مَعَ الأَْوْبَاشِ فِي الطَّرِيقِ بَل مَعَ نَظَائِرِهِ فِي الْخَلْوَةِ بِلَا إِدْمَانٍ وَتَرْكِ مُهِمٍّ وَلَهْوٍ عَنْ عِبَادَةٍ.</p>وَيُخَالِفُ الشِّطْرَنْجُ النَّرْدَ فِي أَمْرَيْنِ:</p>الأَْوَّل: أَنَّ الْمُعَوِّل فِي النَّرْدِ مَا يُخْرِجُهُ اللُّعْبَانُ فَهُوَ يَعْتَمِدُ عَلَى الْحَزْرِ وَالتَّخْمِينِ الْمُؤَدِّي إِلَى غَايَةٍ مِنَ السَّفَاهَةِ وَالْحُمْقِ فَأَشْبَهَ الأَْزْلَامَ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " ليس من اللهو ثلاثة. . . ". أخرجه الحاكم (2 / 95) وصححه ووافقه الذهبي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧١)</span><hr/></div>وَالْمُعَوَّل فِي الشِّطْرَنْجِ عَلَى الْحِسَابِ الدَّقِيقِ وَالْفِكْرِ الصَّحِيحِ وَعَلَى الْحِذْقِ وَالتَّدْبِيرِ فَأَشْبَهَ الْمُسَابَقَةَ بِالسِّهَامِ.</p>الثَّانِي: أَنَّ فِي الشِّطْرَنْجِ تَدْبِيرَ الْحَرْبِ فَأَشْبَهَ اللَّعِبَ بِالْحِرَابِ وَالرَّمْيَ بِالنُّشَّابِ وَالْمُسَابَقَةَ بِالْخَيْل. وَنُقِل الْقَوْل بِالإِْبَاحَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَابْنِهِ هِشَامٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَرَبِيعَةَ وَعَطَاءٍ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌شَهَادَةُ اللَاّعِبِ بِالنَّرْدِ وَالشِّطْرَنْجِ</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> مَنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ اللَّعِبُ بِالنَّرْدِ لَمْ تُقْبَل شَهَادَتُهُ سَوَاءٌ لَعِبَ بِهِ قِمَارًا أَوْ غَيْرَ قِمَارٍ.</p>قَال مَالِكٌ: مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ وَالشِّطْرَنْجِ فَلَا أَرَى شَهَادَتَهُ طَائِلَةً، لأَِنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى قَال:{فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَاّ الضَّلَال} (2) وَهَذَا لَيْسَ مِنَ الْحَقِّ فَيَكُونُ مِنَ الضَّلَال (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 9 / 171، ومواهب الجليل 6 / 153، وحاشية ابن عابدين 5 / 252، والبناية 9 / 384، وروضة الطالبين 11 / 225. وحاشية الدسوقي 4 / 167، وكشاف القناع 6 / 423، ومطالب أولي النهى 3 / 702، ومجموع فتاوى ابن تيمية 4 / 260.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة يونس / 32.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني لابن قدامة 9 / 170 وما بعدها، والخرشي مع حاشية العدوي 7 / 177، وجواهر الإكليل 2 / 233.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧١)</span><hr/></div>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: مَنْ بَاشَرَ لَعِبَهَا وَلَوْ مَرَّةً لَا تُقْبَل شَهَادَتُهُ. وَأَمَّا لَاعِبُ الشِّطْرَنْجِ فَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى رَدِّ شَهَادَتِهِ فِي الأَْحْوَال الَّتِي يَحْرُمُ لَعِبُهَا إِجْمَاعًا، وَذَلِكَ لِلإِْجْمَاعِ عَلَى فِسْقِهِ فِيهَا. وَفِيمَا عَدَا ذَلِكَ فَلِلْفُقَهَاءِ أَقْوَالٌ بِحَسَبِ أَقْوَالِهِمْ فِي إِبَاحَةِ الشِّطْرَنْجِ أَوْ تَحْرِيمِهِ. فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ شَهَادَةَ لَاعِبِ الشِّطْرَنْجِ لَا تَسْقُطُ إِلَاّ عِنْدَ الإِْدْمَانِ عَلَيْهَا لأَِنَّ الْمُدْمِنَ لَا يَخْلُو مِنَ الأَْيْمَانِ الْحَانِثَةِ وَالاِشْتِغَال عَنِ الْعِبَادَةِ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا تُرَدُّ شَهَادَةُ لَاعِبِ الشِّطْرَنْجِ إِلَاّ إِذَا اقْتَرَنَ بِقِمَارٍ أَوْ فُحْشٍ أَوْ إِخْرَاجِ صَلَاةٍ عَنْ وَقْتِهَا عَمْدًا وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ بِذَلِكَ الْمُقَارِنِ.</p>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى عَدَمِ قَبُول شَهَادَةِ لَاعِبِ الشِّطْرَنْجِ مُطْلَقًا لِتَحْرِيمِهِ وَإِنْ عَرِيَ عَنِ الْقِمَارِ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ عِنْدَهُمْ بِأَنْ يَكُونَ لَاعِبُهُ غَيْرَ مُقَلِّدٍ فِي إِبَاحَتِهِ فَإِنْ قَلَّدَ مَنْ يَرَى حِلَّهُ لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ.</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى رَدِّ شَهَادَةِ لَاعِبِ الشِّطْرَنْجِ بِوَاحِدٍ مِمَّا يَلِي: إِذَا كَانَ عَنْ قِمَارٍ أَوْ فَوَّتَ الصَّلَاةَ بِسَبَبِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنَ الْحَلِفِ عَلَيْهِ أَوِ اللَّعِبِ بِهِ عَلَى الطَّرِيقِ أَوْ ذَكَرَ عَلَيْهِ فِسْقًا.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٢)</span><hr/></div>وَإِنَّمَا لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ مُطْلَقًا لِشُبْهَةِ الاِخْتِلَافِ فِي إِبَاحَتِهِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌لُعْبَةٌ</span></p> </p>انْظُرْ: لَعِبٌ، تَصْوِيرٌ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 4 / 383، وكفاية الطالب 2 / 401، وحاشية الدسوقي 4 / 167، وروضة الطالبين 11 / 225، وكشاف القناع 6 / 423.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لَعْنٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> اللَّعْنُ فِي اللُّغَةِ: الإِْبْعَادُ وَالطَّرْدُ مِنَ الْخَيْرِ، وَقِيل الطَّرْدُ وَالإِْبْعَادُ مِنَ اللَّهِ، وَمِنَ الْخَلْقِ:‌<span class="title">‌ السَّبُّ </span>وَالدُّعَاءُ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تُحَيِّي مُلُوكَهَا:" أَبَيْتَ اللَّعْنَ " وَمَعْنَاهُ: أَبَيْتَ أَيُّهَا الْمَلِكُ أَنْ تَأْتِيَ مَا تُلْعَنُ عَلَيْهِ (1) .</p>وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>السَّبُّ:</p><font color=#ff0000>2 -</font> السَّبُّ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا هُوَ: الشَّتْمُ، وَهُوَ مُشَافَهَةُ الْغَيْرِ بِمَا يَكْرَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَدٌّ (2) .</p>قَال الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: اللَّعْنُ أَبْلَغُ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تاج العروس، وإعانة الطالبين 2 / 250، ومنح الجليل 4 / 476.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٣)</span><hr/></div>الْقُبْحُ مِنَ السَّبِّ الْمُطْلَقِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِاللَّعْنِ:</span></p>‌<span class="title">‌مَنْ يَجُوزُ لَعْنُهُ وَمَنْ لَا يَجُوزُ</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الدُّعَاءَ عَلَى الْمُسْلِمِ الْمَصُونِ بِاللَّعْنِ حَرَامٌ. أَمَّا الْمُسْلِمُ الْفَاسِقُ الْمُعَيَّنُ فَقَدِ اخْتَلَفَتْ فِيهِ أَقْوَال الْفُقَهَاءِ: فَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَهُوَ قَوْل ابْنِ الْعَرَبِيِّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَعْنُهُ لِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَتَى بِشَارِبِ خَمْرٍ مِرَارًا فَقَال بَعْضُ مَنْ حَضَرَهُ: اللَّهُمَّ الْعَنْهُ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ (2)". وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَعْنُ الْفَاسِقِ الْمُعَيَّنِ (3) لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى أَحَدٍ أَوْ لأَِحَدٍ قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ، كَانَ يَقُول فِي بَعْضِ صَلَاةِ الْفَجْرِ: اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلَانًا وَفُلَانًا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) قواعد الأحكام 1 / 20.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بشارب خمر مرارًا. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 12 / 75) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية ابن عابدين 2 / 541، والقرطبي 2 / 189، والقليوبي 3 / 204، وكشاف القناع 6 / 126، والآداب الشرعية 1 / 303 - 308، وفتح الباري 12 / 75 وما بعدها، والأذكار ص548 ط. دار ابن كثير بيروت.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٣)</span><hr/></div>لأَِحْيَاءٍ مِنَ الْعَرَبِ (1)". وَقَال الْقُرْطُبِيُّ وَابْنُ حَجَرٍ: إِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَعْنُ مَنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ لأَِنَّ الْحَدَّ قَدْ كَفَّرَ عَنْهُ الذَّنْبَ، وَمَنْ لَمْ يُقَمْ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَيَجُوزُ لَعْنُهُ سَوَاءٌ سُمِّيَ أَوْ عُيِّنَ أَمْ لَا، لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَا يَلْعَنُ إِلَاّ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ اللَّعْنَةُ مَا دَامَ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ الْمُوجِبَةِ لِلَّعْنِ، فَإِذَا تَابَ مِنْهَا وَأَقْلَعَ وَطَهَّرَهُ الْحَدُّ فَلَا لَعْنَةَ تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ (2) .</p> </p><font color=#ff0000>4 -</font> وَيَجُوزُ لَعْنُ غَيْرِ الْمُعَيَّنِينَ مِنَ الْكُفَّارِ وَالْمُسْلِمِينَ الْعُصَاةِ لِمَا وَرَدَ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَعَنَ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ (3) ، وَلَعَنَ آكِل الرِّبَا (4) ، وَلَعَنَ الْمُصَوِّرَ (5) ، وَقَال: لَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الأَْرْضِ (6) ، وَلَعَنَ رَعْلاً وَذَكْوَانًا وَعَصِيَّةَ (7) ، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ قَبَائِل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يدعو على أحد. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 9 / 226) من حديث أبي هريرة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> القرطبي 2 / 189، وفتح الباري 12 / 76.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الواصلة والمستوصلة ". أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 374) ومسلم (3 / 1676) من حديث أسماء بنت أبي بكر.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا ". أخرجه مسلم (3 / 1219) من حديث عبد الله بن مسعود.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن المصور ". أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 426) من حديث أبي جحيفة.</p><font color=#ff0000>(6)</font> حديث: " لعن الله من غير منار الأرض ". أخرجه مسلم (3 / 1567) من حديث علي بن أبي طالب.</p><font color=#ff0000>(7)</font> حديث: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن رعلا. . . ". أخرجه مسلم (1 / 467) من حديث أبي هريرة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٤)</span><hr/></div>مِنَ الْعَرَبِ، وَلَعَنَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، لأَِنَّ الْمُرَادَ: الْجِنْسُ لَا الأَْفْرَادُ وَفِيهِمْ مَنْ يَمُوتُ كَافِرًا. وَيَكُونُ اللَّعْنُ لِبَيَانِ أَنَّ تِلْكَ الأَْوْصَافِ: لِلتَّنْفِيرِ عَنْهُ، وَالتَّحْذِيرِ مِنْهُ، لَا لِقَصْدِ اللَّعْنِ عَلَى كُل فَرْدٍ مِنْ هَذِهِ الأَْجْنَاسِ، لأَِنَّ لَعْنَ الْوَاحِدِ الْمُعَيَّنِ كَهَذَا الظَّالِمِ لَا يَجُوزُ، فَكَيْفَ كُل فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ هَذِهِ الأَْجْنَاسِ، وَإِذَا كَانَ الْمُرَادُ الْجِنْسَ لَمَا قُلْنَا مِنَ التَّنْفِيرِ وَالتَّحْذِيرِ، لَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْمَعَاصِي مِنَ الْكَبَائِرِ خِلَافًا لِمَنْ نَاطَ اللَّعْنَ بِالْكَبَائِرِ، لأَِنَّهُ وَرَدَ اللَّعْنُ فِي غَيْرِهَا (1) .</p><font color=#ff0000>5 -</font> أَمَّا الْكَافِرُ الْمُعَيَّنُ فَإِنْ كَانَ حَيًّا فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَعْنُهُ لأَِنَّ حَالَهُ عِنْدَ الْوَفَاةِ لَا تُعْلَمُ وَقَدْ شَرَطَ اللَّهُ تَعَالَى فِي إِطْلَاقِ اللَّعْنَةِ الْوَفَاةَ عَلَى الْكُفْرِ وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (2) ، وَلأَِنَّا لَا نَدْرِي مَا يُخْتَمُ بِهِ لِهَذَا الْكَافِرِ. وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَهُوَ قَوْل ابْنِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 2 / 541، وحاشية القليوبي 3 / 204، وإحياء علوم الدين 3 / 123، والأذكار ص373، وفتح الباري 12 / 76، والقرطبي 2 / 189، وما بعدها، والآداب الشرعية 1 / 303، وكشاف القناع 6 / 126.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 161.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٤)</span><hr/></div>الْعَرَبِيِّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَعْنُ الْكَافِرِ الْمُعَيَّنِ، قَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: لِظَاهِرِ حَالِهِ وَلِجَوَازِ قَتْلِهِ وَقِتَالِهِ.</p>أَمَّا لَعْنُ الْكُفَّارِ جُمْلَةً مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ وَكَذَلِكَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَلَى الْكُفْرِ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يَجُوزُ لَعْنُهُمْ، لِمَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّهُ سَمِعَ الأَْعْرَجَ يَقُول: مَا أَدْرَكْتُ النَّاسَ إِلَاّ وَهُمْ يَلْعَنُونَ الْكَفَرَةَ فِي رَمَضَانَ، قَال الْقُرْطُبِيُّ قَال عُلَمَاؤُنَا: وَسَوَاءٌ كَانَتْ لَهُمْ ذِمَّةٌ أَمْ لَمْ تَكُنْ (1) .</p>وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَعْنُ الْحَيَوَانِ وَالْجَمَادِ (2) لِمَا وَرَدَ عَنْ عِمْرَانِ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما قَال: بَيْنَمَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَامْرَأَةٌ مِنَ الأَْنْصَارِ عَلَى نَاقَةٍ فَضَجِرَتْ فَلَعَنَتْهَا فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: خُذُوا مَا عَلَيْهَا وَدَعُوهَا فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ قَال عِمْرَانُ: فَكَأَنِّي أَرَاهَا الآْنَ تَمْشِي فِي النَّاسِ مَا يَعْرِضُ لَهَا أَحَدٌ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 2 / 542، والقليوبي 3 / 204، والقرطبي 2 / 188، وكشاف القناع 6 / 125، والآداب الشرعية 1 / 303، والأذكار ص548.</p><font color=#ff0000>(2)</font> إحياء علوم الدين 3 / 119، والأذكار ص545 - 546، والقليوبي 3 / 204.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره. . . ". أخرجه مسلم (4 / 2004) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لَغْطٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> اللَّغْطُ بِسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِهَا: هُوَ الأَْصْوَاتُ الْمُبْهَمَةُ الْمُخْتَلِطَةُ، وَالْجَلَبَةُ الَّتِي لَا تُفْهَمُ. وَاصْطِلَاحًا عَرَّفَهُ الْقَلْيُوبِيُّ بِأَنَّهُ: الأَْصْوَاتُ الْمُرْتَفِعَةُ سَوَاءٌ كَانَ بِالْقِرَاءَةِ أَوِ الذِّكْرِ أَوِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌اللَّغْوُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> اللَّغْوُ لُغَةً:</p>مَا لَا يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ كَلَامٍ وَغَيْرِهِ، وَلَا يُحْصَل مِنْهُ عَلَى فَائِدَةٍ وَلَا نَفْعٍ (2) .</p>وَفِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ هُوَ: مَا لَا مَعْنَى لَهُ وَلَا تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ آثَارٌ فِي حَقِّ ثُبُوتِ الْحُكْمِ (3) .</p>وَالْعِلَاقَةُ بَيْنَهُمَا أَنَّ اللَّغَطَ يُقْصَدُ مَعْنَاهُ، وَاللَّغْوُ قَدْ لَا يُقْصَدُ مَعْنَاهُ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، والمصباح المنير، وحاشية القليوبي 1 / 347.</p><font color=#ff0000>(2)</font> لسان العرب.</p><font color=#ff0000>(3)</font> قواعد الفقه للبركتي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِاللَّغَطِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ خَفْضُ الصَّوْتِ، وَيُكْرَهُ اللَّغَطُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ فِي حَالَةِ السَّيْرِ فِي الْجِنَازَةِ، وَفِي الْقِتَال، وَعِنْدَ الذِّكْرِ سَوَاءٌ كَانَ اللَّغَطُ - وَهُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ - بِالْقِرَاءَةِ أَوِ الذِّكْرِ، أَوِ التَّهْلِيل أَوِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (1) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ رضي الله عنه:" كَانَ أَصْحَابُ رَسُول اللَّهِ يَكْرَهُونَ رَفْعَ الصَّوْتِ عِنْدَ الْجَنَائِزِ وَعِنْدَ الْقِتَال وَعِنْدَ الذِّكْرِ "(2) .</p>وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ مُعَلِّقًا عَلَى هَذَا الأَْثَرِ: فَمَا ظَنُّكَ عِنْدَ الْغِنَاءِ الَّذِي يُسْمَوُنَّهُ وَجْدًا وَمَحَبَّةً، وَقَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: وَمَا يَفْعَلُهُ جَهَلَةُ الْقُرَّاءِ بِالتَّمْطِيطِ وَإِخْرَاجِ الْكَلَامِ عَنْ مَوْضُوعِهِ - عِنْدَ الْجَنَائِزِ - فَحَرَامٌ يَجِبُ إِنْكَارُهُ (3) .</p><font color=#ff0000>4 -</font> وَاسْتَثْنَى الْفُقَهَاءُ مِنْ كَرَاهِيَةِ اللَّغَطِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ فِي الذِّكْرِ: التَّلْبِيَةَ فِي الْحَجِّ.</p>فَذَهَبَ جُمْهُورُهُمْ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ رَفْعُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع 5 / 321، ومغني المحتاج 1 / 359، والقليوبي وعميرة 1 / 347، وابن عابدين 5 / 255 - 269، وفتح القدير 1 / 469، وبدائع الصنائع 1 / 310، وكشاف القناع 2 / 13.</p><font color=#ff0000>(2)</font> قول قيس بن عباد:" كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهون رفع الصوت. . . ". أخرجه البيهقي في سننه (4 / 74) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> مغني المحتاج1 / 359، والمصادر السابقة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٦)</span><hr/></div>الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم جَاءَنِي جِبْرِيل عليه السلام فَقَال: يَا مُحَمَّدُ مُرْ أَصْحَابَكَ أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ فَإِنَّهَا مِنْ شَعَائِرِ الْحَجِّ (1)، وَخَاصَّةً عِنْدَ تَغَيُّرِ الأَْحْوَال: كَرُكُوبٍ، وَنُزُولٍ، وَصُعُودٍ وَهُبُوطٍ، وَاخْتِلَاطِ رُفْقَةٍ.</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ:(تَلْبِيَةٌ ف 5 - 6) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: جاءني جبريل فقال: " يا محمد مر أصحابك أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية. . . ". أخرجه الحاكم (1 / 450) من حديث زيد بن خالد الجهني وأبي هريرة ثم قال: هذه الأسانيد كلها صحيحة وليس يعلل واحد منها الآخر، ووافقه الذهبي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لُغَةٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> اللُّغَةُ عِنْدَ اللُّغَوِيِّينَ: اللِّسْنُ، وَحَدُّهَا أَنَّهَا أَصْوَاتٌ يُعَبِّرُ بِهَا كُل قَوْمٍ عَنْ أَغْرَاضِهِمْ، وَهِيَ فِعْلَةٌ مِنْ لَغَوْتُ أَيْ تَكَلَّمْتَ (1) .</p>وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ لِهَذَا اللَّفْظِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌أ - الْكَلَامُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الْكَلَامُ فِي أَصْل اللُّغَةِ: عِبَارَةً عَنْ أَصْوَاتٍ مُتَتَابِعَةٍ لِمَعْنًى مَفْهُومٍ. وَقَال الرَّاغِبُ الأَْصْفَهَانِيُّ: الْكَلَامُ يَقَعُ عَلَى الأَْلْفَاظِ الْمَنْظُومَةِ وَعَلَى الْمَعَانِي الَّتِي تَحْتَهَا مَجْمُوعَةٌ (3) .</p>وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب مادة (لغا) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> التعريفات للجرجاني، وقواعد الفقه للبركتي.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المفردات والمصباح المنير.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٧)</span><hr/></div>وَاللُّغَةُ تُرَادِفُ الْكَلَامَ فِي بَعْضِ إِطْلَاقَاتِهِ.</p> </p>‌<span class="title">‌ب - الْبَيَانُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الْبَيَانُ لُغَةً: الإِْظْهَارُ وَالتَّوْضِيحُ وَالْكَشْفُ عَنِ الْخَفِيِّ أَوِ الْمُبْهَمِ (1) .</p>قَال اللَّهُ تَعَالَى: {عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} (2) أَيِ الْكَلَامَ الَّذِي يُبَيِّنُ بِهِ مَا فِي قَلْبِهِ.</p>وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.</p>وَالْبَيَانُ أَخَصُّ مِنَ اللُّغَةِ.</p> </p>‌<span class="title">‌وَاضِعُ اللُّغَةِ</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> اخْتُلِفَ فِي وَاضِعِ اللُّغَةِ عَلَى أَقْوَالٍ:</p>الأَْوَّل: أَنَّ الْوَاضِعَ هُوَ اللَّهُ سبحانه وتعالى فَهِيَ تَوْقِيفِيَّةٌ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الأَْشْعَرِيُّ وَأَتْبَاعُهُ.</p>الثَّانِي: أَنَّ الْوَاضِعَ هُوَ الْبَشَرُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو هَاشِمٍ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ فَهِيَ اصْطِلَاحِيَّةٌ.</p>الثَّالِثُ: ابْتِدَاءُ اللُّغَةِ تَوْقِيفِيٌّ وَقَعَ بِالتَّعْلِيمِ مِنَ اللَّهِ، وَالْبَاقِي بِالاِصْطِلَاحِ.</p>الرَّابِعُ: ابْتِدَاؤُهَا وَقَعَ بِالاِصْطِلَاحِ، وَالْبَاقِي تَوْقِيفِيٌّ.</p>الْخَامِسُ: أَنَّ نَفْسَ الأَْلْفَاظِ دَلَّتْ عَلَى مَعَانِيهَا بِذَاتِهَا، وَبِهِ قَال عُبَادَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المفردات للراغب.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الرحمن / 4.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٧)</span><hr/></div>السَّادِسُ: أَنَّهُ يَجُوزُ كُلٌّ مِنْ هَذِهِ الأَْقْوَال مِنْ غَيْرِ جَزْمٍ بِأَحَدِهَا، قَال الشَّوْكَانِيُّ: وَبِهِ قَال الْجُمْهُورُ (1) .</p>وَقَال الْغَزَالِيُّ: أَمَّا الْوَاقِعُ فِي هَذِهِ الأَْقْسَامِ فَلَا مَطْمَعَ فِي مَعْرِفَتِهِ يَقِينًا، إِلَاّ بِبُرْهَانٍ عَقْلِيٍّ، أَوْ بِتَوَاتُرِ خَبَرٍ، أَوْ سَمْعٍ قَاطِعٍ، وَلَا مَجَال لِبُرْهَانِ الْعَقْل فِي هَذَا، وَلَمْ يُنْقَل تَوَاتُرٌ، وَلَا فِيهِ سَمْعٌ قَاطِعٌ، فَلَا يَبْقَى إِلَاّ رَجْمُ الظَّنِّ فِي أَمْرٍ لَا يَرْتَبِطُ بِهِ تَعَبُّدٌ عَمَلِيٌّ، وَلَا تُرْهِقُ إِلَى اعْتِقَادِهِ حَاجَةٌ، فَالْخَوْضُ فِيهِ إِذًا فُضُولٌ لَا أَصْل لَهُ (2) .</p>وَالتَّفْصِيل فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِاللُّغَةِ:</span></p>تَتَعَلَّقُ بِاللُّغَةِ أَحْكَامٌ مِنْهَا:</p> </p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: تَعَلُّمُ اللُّغَةِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> تَعَلُّمُ اللُّغَةِ مَشْرُوعٌ بَل وَمَطْلُوبٌ فِي الْجُمْلَةِ، لَكِنَّ حُكْمَ‌<span class="title">‌ تَعَلُّمِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ </span>يَخْتَلِفُ عَنْ حُكْمِ تَعَلُّمِ غَيْرِهَا مِنَ اللُّغَاتِ.</p> </p>أ - تَعَلُّمُ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ:</p><font color=#ff0000>6 -</font> قَال التُّمُرْتَاشِيُّ وَالْحَصْكَفِيُّ: لِلْعَرَبِيَّةِ فَضْلٌ عَلَى سَائِرِ الأَْلْسُنِ، وَهُوَ لِسَانُ أَهْل الْجَنَّةِ، مَنْ تَعَلَّمَهَا أَوْ عَلَّمَهَا غَيْرَهُ فَهُوَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) إرشاد الفحول ص / 14.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المستصفى 1 / 318.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٨)</span><hr/></div>مَأْجُورٌ (1)، وَفِي الْحَدِيثِ: أَحِبُّوا الْعَرَبَ لِثَلَاثٍ: لأَِنِّي عَرَبِيٌّ، وَالْقُرْآنُ عَرَبِيٌّ، وَكَلَامُ أَهْل الْجَنَّةِ عَرَبِيٌّ (2) .</p>قَال الشَّافِعِيُّ: لِسَانُ الْعَرَبِ أَوْسَعُ الأَْلْسِنَةِ مَذْهَبًا وَأَكْثَرُهَا أَلْفَاظًا، وَأَوْلَى النَّاسِ بِالْفَضْل فِي اللِّسَانِ مَنْ لِسَانُهُ لِسَانُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَا يَجُوزُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يَكُونَ أَهْل لِسَانِهِ أَتْبَاعًا لأَِهْل لِسَانٍ غَيْرِ لِسَانِهِ فِي حَرْفٍ وَاحِدٍ، بَل كُل لِسَانٍ تَبَعٌ لِلِسَانِهِ، وَكُل أَهْل دِينٍ قَبْلَهُ فَعَلَيْهِمُ اتِّبَاعُ دِينِهِ (3) .</p>وَلَمَّا كَانَ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ الْمُطَهَّرَةُ وَارِدَيْنِ بِلُغَةِ الْعَرَبِ، وَكَانَ الْعِلْمُ بِهِمَا مُتَوَقِّفًا عَلَى الْعِلْمِ بِهَا، وَلَا سَبِيل إِلَى طَلَبِ فَهْمِهِمَا مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْجِهَةِ كَانَ الْعِلْمُ بِهَا مِنْ أَهَمِّ الْوَاجِبَاتِ (4) فَعَلَى كُل مُسْلِمٍ أَنْ يَتَعَلَّمَ مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ مَا بَلَغَ جَهْدُهُ حَتَّى يَشْهَدَ بِهِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَيَتْلُو بِهِ كِتَابَ اللَّهِ، وَيَنْطِقُ بِالذِّكْرِ فِيمَا افْتُرِضَ عَلَيْهِ مِنَ التَّكْبِيرِ، وَأُمِرَ بِهِ فِي التَّسْبِيحِ وَالتَّشَهُّدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (5)، وَأَمَّا التَّبَحُّرُ بِعُلُومِ الْعَرَبِيَّةِ مِمَّا لَا بُدَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار 5 / 269.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" أحبو العرب. . . ". أورده الهيثمي في المجمع (10 / 52) وقال: رواه الطبراني في الكبير والأوسط إلا أنه قال: " لسان أهل الجنة عربي " وفيه العلاء ابن عمرو الحنفي وهو مجمع على ضعفه.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الرسالة للشافعي ص42، 46.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الموافقات 2 / 64 بتصرف بسيط.</p><font color=#ff0000>(5)</font> الرسالة للشافعي ص48.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٨)</span><hr/></div>مِنْهُ فِي فَهْمِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ، وَأَسْرَارِ الشَّرِيعَةِ فَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، إِذَا قَامَ بِهِ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ سَقَطَ الْحَرَجُ عَنِ الْبَاقِينَ، وَإِذَا أَهْمَلُوا جَمِيعًا أَثِمُوا (1) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ تَعَلُّمُ غَيْرِ الْعَرَبِيِّ مِنَ اللُّغَاتِ</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> يُبَاحُ تَعَلُّمُ غَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ لِلأَْفْرَادِ، وَقَدْ تُسْتَحَبُّ لَهُمْ، وَيَجِبُ تَعَلُّمُهَا وُجُوبَ كِفَايَةٍ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ، كَاتِّقَاءِ شَرِّ الأَْعْدَاءِ، وَقَدْ وَرَدَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: أَمَرَنِي رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَتَعَلَّمَ لَهُ كِتَابَ يَهُودَ، قَال: إِنِّي وَاللَّهِ مَا آمَنُ يَهُودَ عَلَى كِتَابٍ قَال فَمَا مَرَّ بِي نِصْفُ شَهْرٍ حَتَّى تَعَلَّمْتُهُ لَهُ، قَال: فَلَمَّا تَعَلَّمْتُهُ كَانَ إِذَا كَتَبَ إِلَى يَهُودَ كَتَبْتُ إِلَيْهِمْ، وَإِذَا كَتَبُوا لَهُ قَرَأْتُ لَهُ كِتَابَهُمْ (2) وَفِي رِوَايَةٍ:" أَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَتَعَلَّمَ السُّرْيَانِيَّةَ "، (3) وَالإِْسْلَامُ رِسَالَةٌ عَالَمِيَّةٌ، قَال تَعَالَى:{قُل يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُول اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} (4)، وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ تَبْلِيغُ الرِّسَالَةِ إِلَى النَّاسِ جَمِيعًا بِلُغَةٍ يَفْهَمُونَهَا وُجُوبَ كِفَايَةٍ (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الشرواني على تحفة المحتاج 9 / 214.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث زيد بن ثابت:" أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلم له كتاب. . . ". أخرجه الترمذي (5 / 67 - 68) وقال: حديث حسن صحيح.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " أنه أمر زيد بن ثابت أن يتعلم. . . ". أخرجه أحمد (5 / 182) والحاكم (3 / 422) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة الأعراف / 158.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المغني 9 / 100، وفتح الباري 13 / 185 - 186.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: تَرْجَمَةُ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ إِلَى غَيْرِهَا مِنَ اللُّغَاتِ</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> لِلُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ أَلْفَاظٌ دَالَّةٌ عَلَى مَعَانٍ نَظَرَانِ:</p>أَحَدُهُمَا: مِنْ جِهَةِ كَوْنِهَا أَلْفَاظًا وَعِبَارَاتٍ مُطْلَقَةً دَالَّةً عَلَى مَعَانٍ مُطْلَقَةٍ وَهِيَ الدَّلَالَةُ الأَْصْلِيَّةُ.</p>وَالثَّانِي: مِنْ جِهَةِ كَوْنِهَا أَلْفَاظًا وَعِبَارَاتٍ مُقَيَّدَةً دَالَّةً عَلَى مَعَانٍ خَادِمَةٍ وَهِيَ الدَّلَالَةُ الثَّابِتَةُ. وَقَدْ بَيَّنَ الشَّاطِبِيُّ حُكْمَ تَرْجَمَةِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ إِلَى غَيْرِهَا مِنَ اللُّغَاتِ بِحَسَبِ كُل وَاحِدٍ مِنَ النَّظَرَيْنِ.</p>وَالتَّفْصِيل فِي (تَرْجَمَةٌ ف 3) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَالِثًا: اتِّخَاذُ الْقَاضِي مُتَرْجِمًا</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ مِنْ آدَابِ الْقَضَاءِ أَنْ يَتَّخِذَ الْقَاضِي مُتَرْجِمًا فَقَدْ يَتَحَاكَمُ إِلَيْهِ أَعْجَمِيَّانِ لَا يَعْرِفُ لِسَانَهُمَا أَوْ عَرَبِيٌّ وَأَعْجَمِيٌّ فَيُفَسِّرُ الْمُتَرْجِمُ لَهُ لُغَةَ الْمُتَخَاصِمَيْنِ.</p>وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ اتِّخَاذِ الْقَاضِي لِلْمُتَرْجِمِ وَفِي عَدَدِ مَنْ يَتَّخِذُهُ لِلتَّرْجَمَةِ: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمُدَّعِي أَوِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَعْجَمِيًّا أَوْ لَا يَعْرِفُ الْقَاضِي لُغَتَهُ وَهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، أَوْ لَا يَعْرِفُ أَحَدُهُمَا الآْخَرَ فَعَلَى الْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَ عَدْلَيْنِ يُتَرْجِمَانِ لِلْمُدَّعِي وَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَهُ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٩)</span><hr/></div>وَيَفْهَمُ هُوَ أَيْضًا ذَلِكَ، وَهَذَا قَوْل مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَزُفَرَ.</p>وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ: يُقْبَل قَوْل الْوَاحِدِ الْعَدْل فِي التَّرْجَمَةِ (1) .</p>وَقَال الْخَرَشِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: سَمِعَ الْقَرِينَانِ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ إِنِ احْتَكَمَ لِلْقَاضِي خُصُومٌ يَتَكَلَّمُونَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ وَلَا يَفْقُهُ كَلَامَهُمْ يَنْبَغِي أَنْ يُتَرْجِمَ عَنْهُمْ رَجُلٌ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ مُسْلِمٌ، وَاثْنَانِ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَيُجْزِئُ الْوَاحِدُ، وَلَا تُقْبَل تَرْجَمَةُ الْكَافِرِ أَوِ الْعَبْدِ أَوِ الْمَسْخُوطِ، وَلَا بَأْسَ بِتَرْجَمَةِ الْمَرْأَةِ إِنْ كَانَتْ مِنْ أَهْل الْعَفَافِ (2) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَتَّخِذُ الْقَاضِي نَدْبًا مُتَرْجِمًا، لأَِنَّهُ قَدْ يَجْهَل لِسَانَ الْخُصُومِ أَوِ الشُّهُودِ، فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي يَعْرِفُ لُغَةَ الْخُصُومِ لَمْ يَتَّخِذْهُ، وَشَرْطُهُ أَيِ الْمُتَرْجِمُ عَدَالَةٌ وَحُرِّيَّةٌ وَعَدَدٌ، أَيِ اثْنَانِ وَلَوْ فِي زِنًا وَإِنْ كَانَ شُهُودُهُ كُلُّهُمْ أَعَجَمِيِّينَ لأَِنَّهُ يَنْقُل إِلَى الْقَاضِي قَوْلاً لَا يَعْرِفُهُ فَأَشْبَهَ الْمُزَكِّيَ وَالشَّاهِدَ، نَعَمْ يَكْفِي رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فِيمَا يَثْبُتُ بِهِمَا، وَقِيسَ بِهِمَا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فِيمَا يَثْبُتُ بِهِنَّ، وَيَكْفِي اثْنَانِ عَنِ الْخَصْمَيْنِ كَشُهُودِ الْفَرْعِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) روضة القضاة وطريق النجاة 1 / 189.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الخرشي 7 / 149.</p><font color=#ff0000>(3)</font> نهاية المحتاج 8 / 240.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٠)</span><hr/></div>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِذَا تَحَاكَمَ إِلَى الْقَاضِي الْعَرَبِيِّ أَعْجَمِيَّانِ لَا يَعْرِفُ لِسَانَهُمَا، أَوْ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ فَلَا بُدَّ مِنْ مُتَرْجِمٍ عَنْهُمَا وَلَا تُقْبَل التَّرْجَمَةُ إِلَاّ مِنَ اثْنَيْنِ عَدْلَيْنِ. وَالتَّرْجَمَةُ عِنْدَهُمْ شَهَادَةٌ تَفْتَقِرُ إِلَى الْعَدَدِ وَالْعَدَالَةِ وَيُعْتَبَرُ فِيهَا مِنَ الشُّرُوطِ مَا يُعْتَبَرُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الإِْقْرَارِ بِذَلِكَ الْحَقِّ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ اعْتُبِرَ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ وَلَمْ يَكْفِ إِلَاّ شَاهِدَانِ ذَكَرَانِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا كَفَى فِيهِ تَرْجَمَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَلَمْ تُعْتَبَرِ الْحُرِّيَّةُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ فِي حَدِّ زِنًا خَرَجَ فِي التَّرْجَمَةِ وَجْهَانِ:</p>أَحَدُهُمَا: لَا يَكْفِي فِيهِ أَقَل مِنْ أَرْبَعَةِ رِجَالٍ أَحْرَارٍ عُدُولٍ، وَالثَّانِي: يَكْفِي فِيهِ اثْنَانِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌رَابِعًا: قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِغَيْرِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ، وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا بِلُغَةِ غَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يُحْسِنِ الْمُصَلِّي الْعَرَبِيَّةَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} (2) وَتَرْجَمَةُ الْقُرْآنِ لَيْسَتْ قُرْآنًا. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، جَوَازُ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِالْفَارِسِيَّةِ فِيمَا يُمْكِنُ تَرْجَمَتُهُ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 9 / 100 - 101.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة المزمل / 20.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٠)</span><hr/></div>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (تَرْجَمَةٌ ف 6) .</p>أَمَّا الإِْحْرَامُ فِي الصَّلَاةِ بِالْعَجَمِيَّةِ وَالأَْذَانُ بِهَا، وَإِلْقَاءُ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ بِهَا، وَالتَّشَهُّدُ، وَأَذْكَارُ الصَّلَاةِ، فَيُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَيْ (تَكْبِيرَةُ الإِْحْرَامِ ف 7، وَتَرْجَمَةٌ ف 9) .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لَغْوٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> اللَّغْوُ: لَهُ مَعَانٍ كَثِيرَةٌ فِي اللُّغَةِ.</p>مِنْهَا: السَّقْطُ وَمَا لَا يُعْتَدُّ بِهِ مِنَ الْكَلَامِ وَغَيْرِهِ، وَلَا يُحْصَل مِنْهُ عَلَى فَائِدَةٍ وَلَا نَفْعٍ.</p>وَمِنْهَا: مَا لَا يُعْقَدُ عَلَيْهِ الْقَلْبُ مِثْل قَوْل الرَّجُل: لَا وَاللَّهِ وَبَلَى وَاللَّهِ.</p>قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: إِنَّمَا اللَّغْوُ فِي الْمِرَاءِ وَالْهَزْل وَالْمُزَاحَةِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي لَا يُعْقَدُ عَلَيْهِ الْقَلْبُ (1) .</p>وَقَال الشَّافِعِيُّ: اللَّغْوُ هُوَ الْكَلَامُ غَيْرُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ.</p>وَمِنْهَا: الإِْثْمُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} (2)، وَالْمَعْنَى لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِالإِْثْمِ فِي الْحَلِفِ إِذَا كَفَرْتُمْ.</p>وَمِنْهَا: اللَّغْطُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَال<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) قول عائشة: " إنما اللغو في المراء والهزل. . . ". أخرجه أبو الشيخ الأصبهاني في تفسيره كما في الدر المنثور للسيوطي (3 / 151) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة المائدة / 89</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨١)</span><hr/></div>الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} (1) أَيِ الْغَطُوا فِيهِ.</p>وَمِنْهَا: النُّطْقُ: يُقَال هَذِهِ لُغَتُهُمُ الَّتِي يَلْغُونَ بِهَا أَيْ يَنْطِقُونَ بِهَا، وَلَغْوُ الطَّيْرِ أَصْوَاتُهَا (2) .</p>وَاصْطِلَاحًا: ضَمُّ الْكَلَامِ بِمَا هُوَ سَاقِطُ الْعِبْرَةِ مِنْهُ، وَهُوَ الَّذِي لَا مَعْنَى لَهُ فِي حَقِّ ثُبُوتِ الْحُكْمِ وَغَيْرِهِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌الْبَاطِل:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الْبَاطِل لُغَةً: مَا سَقَطَ حُكْمُهُ، يُقَال بَطَل الشَّيْءُ يَبْطُل بَطَلاً وَبُطُولاً وَبُطْلَانًا: فَسَدَ أَوْ سَقَطَ حُكْمُهُ (4) .</p>وَاصْطِلَاحًا: عَرَّفَهُ الْبَرَكَتِيُّ: بِأَنَّهُ الَّذِي لَا يَكُونُ صَحِيحًا بِأَصْلِهِ أَوْ مَا لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَلَا يُفِيدُ شَيْئًا أَوْ مَا كَانَ فَائِتَ الْمَعْنَى مَعَ وُجُودِ الصُّورَةِ إِمَّا لاِنْعِدَامِ الأَْهْلِيَّةِ أَوْ لاِنْعِدَامِ الْمَحَلِّيَّةِ (5) .</p>وَالصِّلَةُ بَيْنَ اللَّغْوِ وَالْبَاطِل، الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ فَالْبَاطِل أَعَمُّ مِنَ اللَّغْوِ، فَكُل لَغْوٍ بَاطِلٌ وَلَيْسَ كُل بَاطِلٍ لَغْوًا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة فصلت / 26.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصباح المنير، ولسان العرب.</p><font color=#ff0000>(3)</font> قواعد الفقه للبركتي ص454.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المصباح المنير، ولسان العرب.</p><font color=#ff0000>(5)</font> قواعد الفقه ص202.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِاللَّغْوِ:</span></p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً - لَغْوُ الْيَمِينِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَعْرِيفِ لَغْوِ الْيَمِينِ.</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (أَيْمَانٌ ف 103) .</p> </p>‌<span class="title">‌كَفَّارَةُ لَغْوِ الْيَمِينِ</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: إِلَى أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِي لَغْوِ الْيَمِينِ وَلَا إِثْمَ عَلَى صَاحِبِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَْيْمَانَ} (1) فَجَعَل اللَّهُ تَعَالَى الْكَفَّارَةَ لِلْيَمِينِ الَّتِي يُؤَاخَذُ بِهَا وَنَفَى الْمُؤَاخَذَةَ بِاللَّغْوِ فَيَلْزَمُ انْتِفَاءُ الْكَفَّارَةِ.</p>وَمِمَّنْ قَال: لَا كَفَّارَةَ فِي لَغْوِ الْيَمِينِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو مَالِكٍ وَزُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى وَالْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ.</p>وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ وَالنَّخَعِيِّ أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ يَظُنُّهُ كَمَا حَلَفَ فَلَمْ يَكُنْ فَفِيهِ الْكَفَّارَةُ وَلَيْسَ مِنْ لَغْوِ الْيَمِينِ، لأَِنَّ الْيَمِينَ بِاللَّهِ تَعَالَى وُجِدَتْ مَعَ الْمُخَالَفَةِ فَأَوْجَبَتِ الْكَفَّارَةَ كَالْيَمِينِ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ (2) .</p>وَالتَّفْصِيل فِي (كَفَّارَةٌ ف 9) .</p> </p>‌<span class="title">‌زَمَنُ لَغْوِ الْيَمِينِ</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ لَغْوَ الْيَمِينِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة المائدة / 89.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 3 / 3، ومواهب الجليل 3 / 267، وكفاية الطالب الرباني 2 / 16، وروضة الطالبين 3 / 7، والمغني لابن قدامة 8 / 687، 688.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٢)</span><hr/></div>يَكُونُ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمَاضِي أَوِ الْحَال أَوِ الْمُسْتَقْبَل، كَأَنْ يَقُول الإِْنْسَانُ وَاللَّهِ مَا كَلَّمْتُ زَيْدًا وَفِي ظَنِّهِ وَاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ لَمْ يُكَلِّمْهُ، أَوْ يَقُول وَاللَّهِ لَقَدْ كَلَّمْتُ زَيْدًا وَفِي ظَنِّهِ أَنَّهُ كَلَّمَهُ وَهُوَ بِخِلَافِهِ، أَوْ يَقُول وَاللَّهِ هَذَا الْجَائِي لَزَيْدٌ وَهُوَ بِخِلَافِهِ، أَوْ إِنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَغُرَابٌ وَفِي ظَنِّهِ كَذَلِكَ ثُمَّ تَبَيَّنَ بِخِلَافِهِ، وَمَا لَا يَعْقِدُ عَلَيْهِ قَلْبَهُ وَلَمْ يَقْصِدَ الْيَمِينَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا جَرَتْ عَلَى لِسَانِهِ فَهُوَ مِنْ لَغْوِ الْيَمِينِ مَاضِيًا كَانَ أَوْ حَالاً أَوْ مُسْتَقْبَلاً (1) .</p>وَكَلَامُ عَائِشَةَ رضي الله عنها يَدُل عَلَى هَذَا فَإِنَّهَا قَالَتْ: إِنَّمَا اللَّغْوُ فِي الْمِرَاءِ وَالْهَزْل وَالْمُزَاحَةِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي لَا يُعْقَدُ عَلَيْهِ الْقَلْبُ (2) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْعَدَوِيُّ وَابْنُ عَرَفَةَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: إِلَى أَنَّهُ لَا لَغْوَ فِي يَمِينِ الْمُسْتَقْبَل، لأَِنَّ الْيَمِينَ فِي الْمُسْتَقْبَل يَمِينٌ مَعْقُودَةٌ سَوَاءٌ وُجِدَ الْقَصْدُ أَوْ لَا. وَتُكَفَّرُ إِنْ حَنِثَ.</p>وَقَوْل عَائِشَةَ رضي الله عنها يَدُل عَلَى أَنَّ يَمِينَ اللَّغْوِ مَا يَجْرِي فِي كَلَامِ النَّاسِ لَا وَاللَّهِ وَبَلَى وَاللَّهِ فِي الْمَاضِي لَا فِي الْمُسْتَقْبَل، وَأَنَّهَا فَسَّرَتْهَا بِالْمَاضِي فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ حِينَمَا سُئِلَتْ عَنْ يَمِينِ اللَّغْوِ فَقَالَتْ: قَوْل الرَّجُل:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مواهب الجليل 3 / 266، وبداية المجتهد 1 / 420 ط الكليات الأزهرية، ونهاية المحتاج 8 / 169، 170، والمغني لابن قدامة 8 / 688.</p><font color=#ff0000>(2)</font> قول عائشة: " إنما اللغو في المراء والهزل. . تقدم (ف1) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٣)</span><hr/></div>فَعَلْنَا وَاللَّهِ كَذَا وَضَعْنَا وَاللَّهِ كَذَا، وَالْيَمِينُ الْمَعْقُودَةُ هِيَ الْيَمِينُ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَل نَفْيًا أَوْ إِثْبَاتًا مِثْل قَوْل الرَّجُل: وَاللَّهِ لَا أَفْعَل كَذَا وَكَذَا، وَقَوْلِهِ: وَاللَّهِ لأََفْعَلَنَّ كَذَا.</p>وَلأَِنَّ لَغْوَ الْيَمِينِ بِمُسْتَقْبَلٍ غَيْبٌ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِ الْكَفَّارَةِ فِي حَلِفِهِ عَلَى مَا وَقَعَ تَرْكُهَا فِي حَلِفِهِ عَلَى مَا لَمْ يَقَعْ لِعُذْرِ الأَْوَّل وَجَرَاءَةِ الثَّانِي (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا - اللَّغْوُ أَثَنَاءَ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الإِْنْصَاتِ لِخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ لَغْوِ مَنْ لَا يُنْصِتُ لِلْخُطْبَةِ، وَذَلِكَ عَلَى تَفْصِيلٍ فِي مُصْطَلَحِ (اسْتِمَاعٌ ف 12 - 14) .</p> </p>‌<span class="title">‌لَغْوُ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ: إِلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْخُطْبَةُ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ، فَوُقُوعُهَا بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ لَغْوٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْجَمَاعَةِ مَنْ يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ وَالْخَطِيبُ يَعْرِفُهَا وَجَبَتْ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفِ الْخَطِيبُ الْعَرَبِيَّةَ لَمْ تَجِبْ، وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ جَهْرًا فَإِسْرَارُهَا كَعَدِمِهَا وَتُعَادُ جَهْرًا، وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ لَهَا بَالٌ (2) .</p>(ر: خُطْبَةٌ ف 9) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 3 / 4، 5، ومواهب الجليل 3 / 266، والخرشي 3 / 54.</p><font color=#ff0000>(2)</font> العدوي على الخرشي 2 / 78.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لَفْظٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> اللَّفْظُ فِي اللُّغَةِ: أَنْ تَرْمِيَ بِشَيْءٍ كَانَ فِي فِيكَ، وَاللَّفْظُ بِالشَّيْءِ: التَّكَلُّمُ بِهِ، وَلَفَظَ بِقَوْلٍ حَسَنٍ: تَكَلَّمَ بِهِ، وَلَفَظَ بِالْكَلَامِ: نَطَقَ كَتَلَفَّظَ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ جَل وَعَلَا:{مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (1)، وَفِي الْحَدِيثِ: وَيَبْقَى فِي الأَْرْضِ شِرَارُ أَهْلِهَا تَلْفِظُهُمْ أَرْضُوهُمْ (2)" أَيْ تَقْذِفُهُمْ وَتَرْمِيهِمْ (3) .</p>وَفِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ: اللَّفْظُ هُوَ مَا يَتَلَفَّظُ بِهِ الإِْنْسَانُ أَوْ مَنْ فِي حُكْمِهِ مُهْمَلاً كَانَ أَوْ مُسْتَعْمَلاً (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة ق / 18.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " ويبقى في الأرض شرار أهلها. . . ". أخرجه أبو داود (3 / 10) من حديث عبد الله بن عمرو، وأورده المنذري في مختصر السنن (3 / 353 - 354) وذكر أن في إسناده راويًا قد تكلم فيه غير واحد.</p><font color=#ff0000>(3)</font> لسان العرب، والقاموس المحيط، والمصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(4)</font> التعريفات للجرجاني.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الإِْشَارَةُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الإِْشَارَةُ لُغَةً: التَّلْوِيحُ بِشَيْءٍ يُفْهَمُ مِنْهُ مَا يُفْهَمُ مِنَ النُّطْقِ، وَتَشْمَل الإِْيمَاءَ إِلَى الشَّيْءِ بِالْكَفِّ وَالْعَيْنِ وَالْحَاجِبِ وَغَيْرِهَا، وَمِنْهُ: أَشَارَ عَلَيْهِ بِكَذَا: إِذَا أَبْدَى لَهُ رَأْيَهُ، وَتَكُونُ حِسِّيَّةً عِنْدَ الإِْطْلَاقِ (1) .</p>وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.</p>وَالصِّلَةُ بَيْنَ الإِْشَارَةِ وَاللَّفْظِ: أَنَّ الإِْشَارَةَ تُفِيدُ مَا يُفِيدُهُ اللَّفْظُ وَتَقُومُ مَقَامَهُ أَحْيَانًا.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ السُّكُوتُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> السُّكُوتُ هُوَ الصَّمْتُ، وَهُوَ ضِدُّ النُّطْقِ، يُقَال: سَكَتَ الصَّائِتُ سُكُوتًا: إِذَا صَمَتَ (2) .</p>وَفِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ: السُّكُوتُ مُخْتَصٌّ بِتَرْكِ الْكَلَامِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ (3)، وَعَلَى هَذَا فَالسُّكُوتُ ضِدُّ التَّلَفُّظِ وَالنُّطْقِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِاللَّفْظِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ مَعْرِفَةُ الْمُرَادِ عَنْ طَرِيقِ الأَْلْفَاظِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الأَْلْفَاظُ تُرْجُمَانُ الإِْرَادَةِ وَالرَّغْبَةِ فِي الأَْشْيَاءِ وَالْحَاجَاتِ، وَلِهَذَا يَقُول ابْنُ الْقَيِّمِ: إِنَّ اللَّهَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، والمصباح المنير والكليات 1 / 184 - 185.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصباح المنير، ولسان العرب.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المفردات للراغب، والتعريفات للجرجاني.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٤)</span><hr/></div>تَعَالَى وَضَعَ الأَْلْفَاظَ بَيْنَ عِبَادِهِ تَعْرِيفًا وَدَلَالَةً عَلَى مَا فِي نُفُوسِهِمْ، فَإِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمْ مِنَ الآْخَرِ شَيْئًا عَرَّفَهُ بِمُرَادِهِ وَمَا فِي نَفْسِهِ بِلَفْظِهِ وَرَتَّبَ عَلَى تِلْكَ الإِْرَادَاتِ وَالْمَقَاصِدِ أَحْكَامَهَا بِوَاسِطَةِ الأَْلْفَاظِ (1) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ التَّصَرُّفَاتُ الْمُقَيَّدَةُ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ وَغَيْرُ الْمُقَيَّدَةِ:</span></p>هُنَاكَ تَصَرُّفَاتٌ تَتَقَيَّدُ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ مِنْهَا:</p> </p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: فِي الْعِبَادَةِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> تَتَقَيَّدُ بَعْضُ الْعِبَادَاتِ بِبَعْضِ الأَْلْفَاظِ فَلَا تَصِحُّ بِغَيْرِهَا، كَالأَْذَانِ وَالإِْقَامَةِ وَتَكْبِيرَةِ الإِْحْرَامِ وَالتَّشَهُّدِ فِي الصَّلَاةِ، وَكَذَلِكَ بَعْضُ الأَْذْكَارِ الْمَأْثُورَةِ.</p>وَلِلتَّفْصِيل:(ر: ذِكْرٌ ف 5 وَمَا بَعْدَهَا) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: فِي الْعُقُودِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْعُقُودَ - غَيْرَ عَقْدَيِ النِّكَاحِ وَالسَّلَمِ - لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا لَفْظٌ مُعَيَّنٌ، بَل كُل لَفْظٍ يُؤَدِّي إِلَى الْمَقْصُودِ يَتِمُّ بِهِ الْعَقْدُ، وَعَلَى هَذَا بُنِيَتِ الْقَاعِدَةُ الْفِقْهِيَّةُ الْمَعْرُوفَةُ (الْعِبْرَةُ فِي الْعُقُودِ لِلْمَقَاصِدِ وَالْمَعَانِي لَا لِلأَْلْفَاظِ وَالْمَبَانِي (2)) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) إعلام الموقعين (3 / 105) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> مجلة الأحكام العدلية المادة (3) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٥)</span><hr/></div>أَمَّا عَقْدُ النِّكَاحِ فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ كَبَقِيَّةِ الْعُقُودِ الأُْخْرَى يَتِمُّ بِأَيِّ لَفْظٍ يَدُل عَلَى التَّأْبِيدِ مُدَّةَ الْحَيَاةِ (1) ، وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ لَفْظٍ مُشْتَقٍّ مِنْ لَفْظَيِ التَّزْوِيجِ أَوِ الإِْنْكَاحِ، لأَِنَّهُمَا وَرَدَتَا فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:( {زَوَّجْنَاكَهَا} (2)) وَقَوْلِهِ: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَاّ مَا قَدْ سَلَفَ} (3) دُونَ سِوَاهُمَا (4) .</p>وَانْفَرَدَ الشَّافِعِيَّةُ بِإِضَافَةِ عَقْدِ السَّلَمِ إِلَى عَقْدِ النِّكَاحِ فِي تَقْيِيدِهِ بِأَلْفَاظٍ خَاصَّةٍ (5) .</p>وَلِلتَّفْصِيل (ر: صِيغَةٌ ف 6) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَالِثًا: فِي الشَّهَادَةِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ مِنْ لَفْظِ (أَشْهَدُ) فَلَا يُقْبَل مِثْل قَوْلِهِ: أَعْلَمُ أَوْ أَعْرِفُ أَوْ أَتَيَقَّنُ إِلَاّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ لَمْ يَشْتَرِطُوا لَفْظًا مَخْصُوصًا فِي الشَّهَادَةِ، بَل يَكْفِي عِنْدَهُمْ كُل مَا يَدُل عَلَى حُصُول عِلْمِ الشَّاهِدِ بِمَا شَهِدَ (6) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الصغير 1 / 380، وبدائع الصنائع 2 / 230 - 231.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الأحزاب / 37.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة النساء / 22.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مغني المحتاج 3 / 140، والمغني 6 / 532 - 533.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المنثور 2 / 412، ومغني المحتاج 2 / 104.</p><font color=#ff0000>(6)</font> بدائع الصنائع 6 / 273، والشرح الصغير 2 / 348، والمغني 9 / 216، والجمل على شرح المنهج 5 / 377.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٥)</span><hr/></div>وَلِلتَّفْصِيل (ر: إِثْبَاتٌ ف 10، شَهَادَةٌ. ف 27) .</p> </p>‌<span class="title">‌رَابِعًا: فِي أَيْمَانِ اللِّعَانِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> اشْتَرَطَ الْفُقَهَاءُ فِي أَيْمَانِ اللِّعَانِ أَنْ تَرِدَ فِيهَا أَلْفَاظٌ مَخْصُوصَةٌ هِيَ (أَشْهَدُ، لَعْنَةٌ، غَضَبٌ (1)) ، وَذَلِكَ لِوُرُودِ النَّصِّ الْقُرْآنِيِّ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَاّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} (2) .</p>وَالتَّفْصِيل فِي (لِعَانٌ، وَأَيْمَانٌ ف 14) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الإِْكْرَاهُ عَلَى التَّلَفُّظِ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> الإِْكْرَاهُ يُؤَثِّرُ فِي الإِْرَادَةِ وَيُعَدُّ عَيْبًا مِنْ عُيُوبِهَا.</p>وَذَهَبَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الإِْكْرَاهَ عَلَى التَّلَفُّظِ بِلَفْظِ مَا يَمْنَعُ تَرْتِيبَ أَثَرِهِ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ كَلِمَةَ الْكُفْرِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِلَاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِْيمَانِ} (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 3 / 375، والاختيار 3 / 169، وبدائع الصنائع 3 / 242، وشرح منتهى الإرادات 3 / 207، والفواكه الدواني 2 / 85.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النور / 6 - 9.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة النحل / 106.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٦)</span><hr/></div>وَلِحَدِيثِ: إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ (1) .</p>وَلِلتَّفْصِيل (ر: إِكْرَاهٌ ف 18 - 24) .</p> </p>د -‌<span class="title">‌ قَصْدُ مَعَانِي الأَْلْفَاظِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> اللَّفْظُ هُوَ الصُّورَةُ الَّتِي تَحْمِل مُرَادَ الْمُتَكَلِّمِ إِلَى السَّامِعِ، فَإِذَا كَانَ صَاحِبُ اللَّفْظِ جَاهِلاً بِمَعْنَاهُ كَالأَْعْجَمِيِّ لَمْ يُعَدَّ اللَّفْظُ صَالِحًا لِتَأْدِيَةِ هَذَا الْمَعْنَى، فَيَسْقُطُ اعْتِبَارُهُ.</p>جَاءَ فِي قَوَاعِدِ الأَْحْكَامِ: إِذَا نَطَقَ الأَْعْجَمِيُّ بِكَلِمَةِ كُفْرٍ أَوْ إِيمَانٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ صُلْحٍ أَوْ إِبْرَاءٍ لَمْ يُؤَاخَذْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، لأَِنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ مُقْتَضَاهُ وَلَمْ يَقْصِدْ إِلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إِذَا نَطَقَ الْعَرَبِيُّ بِمَا يَدُل عَلَى هَذِهِ الْمَعَانِي بِلَفْظٍ أَعْجَمِيٍّ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ فَإِنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لأَِنَّهُ لَمْ يُرِدْهُ فَإِنَّ الإِْرَادَةَ لَا تَتَوَجَّهُ إِلَاّ إِلَى مَعْلُومٍ أَوْ مَظْنُونٍ، وَإِنْ قَصَدَ الْعَرَبِيُّ النُّطْقَ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ مَعَ مُعْرِفَتِهِ بِمَعَانِيهِ نَفَذَ ذَلِكَ مِنْهُ (2) .</p>إِلَاّ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ أَوْقَعُوا طَلَاقَ النَّاسِي وَالْخَاطِئِ وَالذَّاهِل وَكَذَلِكَ يَمِينُهُ، إِذِ الْقَصْدُ بِالنِّسْبَةِ لِلْيَمِينِ وَالطَّلَاقِ لَيْسَ بِشَرْطٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان. . . ". أخرجه ابن ماجه (1 / 659) من حديث أبي هريرة، وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (1 / 353) هذا إسناده صحيح إن سلم من الانقطاع.</p><font color=#ff0000>(2)</font> قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام 2 / 103.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٦)</span><hr/></div>عِنْدَهُمْ (1)، كَمَا أَنَّهُمْ حَكَمُوا بِإِسْلَامِ الْكَافِرِ إِذَا أُجْبِرَ عَلَى التَّلَفُّظِ بِكَلِمَةِ الإِْسْلَامِ عَلَى الْعَكْسِ مِنْ إِجْبَارِ الْمُسْلِمِ عَلَى التَّلَفُّظِ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ (2) .</p>وَإِذَا تَلَفَّظَ بِلَفْظٍ فَقَصَدَ صُورَتَهُ دُونَ مَعْنَاهُ كَالْهَازِل أَوِ اللَاّعِبِ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى تَصَرُّفِهِ أَحْكَامُهُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَكَانَ لَغْوًا إِلَاّ خَمْسَةَ أُمُورٍ هِيَ: طَلَاقُهُ وَيَمِينُهُ وَنِكَاحُهُ وَرَجْعَتُهُ وَعِتْقُهُ، فَإِنَّهَا تَقَعُ كُلُّهَا مِنْهُ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: ثَلَاثٌ جَدُّهُنَّ جَدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جَدٌّ: النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ (3)، وَقَال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: أَرْبَعٌ جَائِزَاتٌ إِذَا تُكُلِّمَ بِهِنَّ: الطَّلَاقُ وَالْعِتَاقُ وَالنِّكَاحُ وَالنَّذْرُ.</p>وَلِلتَّفْصِيل انْظُرْ مُصْطَلَحَاتِ (صِيغَةٌ ف 9، وَعَقْدٌ ف 6، وَطَلَاقٌ ف 28 وَمَا بَعْدَهَا، وَنِكَاحٌ، وَهَزْلٌ) .</p> </p>هـ -‌<span class="title">‌ اشْتِرَاكُ لَفْظٍ وَاحِدٍ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> الْمُشْتَرَكُ اللَّفْظِيُّ هُوَ اللَّفْظُ الْمَوْضُوعُ لُغَةً لِمَعْنَيَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى سَبِيل الْبَدَل، أَوْ هُوَ أَنْ يَتَّحِدَ اللَّفْظُ وَيَتَعَدَّدَ الْمَعْنَى عَلَى سَبِيل الْحَقِيقَةِ فِيهِمَا كَالْقُرْءِ، فَإِنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْحَيْضِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الأشباه لابن نجيم 303، وحاشية ابن عابدين 3 / 49، وبدائع الصنائع 3 / 100.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 3 / 100.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد. . . ". أخرجه الترمذي (3 / 481) من حديث أبي هريرة، وقال: حديث حسن غريب</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٧)</span><hr/></div>وَالطُّهْرِ (1)(ر: اشْتِرَاكٌ ف 3) .</p>وَلَوْ حَلَفَ: لَا يَرْكَبُ دَابَّةً أَوْ لَا يَأْكُل لَحْمًا أَوْ لَا يَجْلِسُ عَلَى فِرَاشٍ أَوْ لَا يَشْرَبُ بَارِدًا فَإِنَّ كُلًّا مِنْ هَذِهِ الأَْلْفَاظِ (الدَّابَّةُ وَاللَّحْمُ وَالْفِرَاشُ وَالْبَارِدُ) يَحْتَمِل عِدَّةَ مَعَانٍ: إِذْ تُطْلَقُ الدَّابَّةُ عَلَى الْحِمَارِ وَالْفَرَسِ، وَيُطْلَقُ اللَّحْمُ عَلَى الْغَنَمِ وَالإِْبِل وَالسَّمَكِ، وَيَشْمَل الْفِرَاشُ مَا أُعِدَّ لِلنَّوْمِ وَالْجُلُوسِ، وَكَذَلِكَ الْبَارِدُ يَشْمَل الْمَاءَ وَغَيْرَهُ، فَلِهَذَا يُلْجَأُ إِلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ أَوْ قَصْدِ الْمُتَكَلِّمِ أَوْ إِلَى الْعُرْفِ، وَيُصْرَفُ اللَّفْظُ إِلَيْهَا.</p>قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: مِمَّا تَتَغَيَّرُ بِهِ الْفَتْوَى لِتَغَيُّرِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ مُوجَبَاتُ الأَْيْمَانِ وَالإِْقْرَارِ وَالنُّذُورِ وَغَيْرِهَا، فَمَنْ حَلَفَ: لَا رَكِبْتُ دَابَّةً، وَكَانَ فِي بَلَدٍ عُرْفُهُمْ فِي لَفْظِ الدَّابَّةِ، الْحِمَارُ خَاصَّةً اخْتَصَتْ يَمِينُهُ بِهِ، وَلَا يَحْنَثُ بِرُكُوبِ الْفَرَسِ وَلَا الْجَمْل، ثُمَّ قَال: فَيُفْتَى فِي كُل بَلَدٍ بِحَسَبِ عُرْفِ أَهْلِهِ، وَيُفْتِي كُل أَحَدٍ بِحَسَبِ عَادَتِهِ (2) .</p>وَكَذَلِكَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَابِدِينَ عَنْ فَتَاوَى قَاسِمٍ حَيْثُ قَال: لَفْظُ الْوَاقِفِ وَالْمُوصِي وَالْحَالِفِ وَالنَّاذِرِ وَكُل عَاقِدٍ يُحْمَل عَلَى عَادَتِهِ فِي خِطَابِهِ وَلُغَتِهِ الَّتِي يَتَكَلَّمُ بِهَا، سَوَاءٌ وَافَقَتْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جمع الجوامع 3 / 274 - 275، وكشاف اصطلاحات الفنون 4 / 154.</p><font color=#ff0000>(2)</font> إعلام الموقعين 3 / 50.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٧)</span><hr/></div>لُغَةَ الْعَرَبِ وَلُغَةَ الشَّارِعِ أَوْ لَا (1) .</p> </p>و‌<span class="title">‌ الصَّرِيحُ وَالْكِنَايَةُ مِنَ الأَْلْفَاظِ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> الصَّرِيحُ فِي اللُّغَةِ: هُوَ الَّذِي خَلَصَ مِنْ تَعَلُّقَاتِ غَيْرِهِ، وَفِي الاِصْطِلَاحِ: اسْمٌ لِكَلَامٍ مَكْشُوفٍ الْمُرَادُ بِهِ بِسَبَبِ كَثْرَةِ الاِسْتِعْمَال حَتَّى يَظْهَرَ ظُهُورًا بَيِّنًا.</p>وَالْكِنَايَةُ لُغَةً: أَنْ يُتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ يُسْتَدَل بِهِ عَلَى الْمُكَنَّى عَنْهُ، أَمَّا فِي الاِصْطِلَاحِ فَهِيَ كَمَا قَال الْجُرْجَانِيُّ: كَلَامٌ اسْتَتَرَ الْمُرَادُ مِنْهُ بِالاِسْتِعْمَال وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ ظَاهِرًا فِي اللُّغَةِ (2) .</p>وَلِهَذَا تَنْقَسِمُ الأَْلْفَاظُ إِلَى صَرِيحٍ يَظْهَرُ الْمُرَادُ بِهِ وَكِنَايَةٌ يَخْفَى الْمُرَادُ بِهَا، إِلَاّ مَعَ قَرِينَةٍ تُظْهِرُهُ، وَهَذَا التَّقْسِيمُ يَدْخُل فِي أَلْفَاظِ كَثِيرٍ مِنَ الْعُقُودِ وَالتَّصَرُّفَاتِ كَالطَّلَاقِ وَالْوَقْفِ وَالْهِبَةِ وَالْخِطْبَةِ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالظِّهَارِ وَالْقَذْفِ وَالنَّذْرِ وَغَيْرِهَا مِمَّا تُسْتَعْمَل فِيهِ أَلْفَاظٌ صَرِيحَةٌ وَأُخْرَى كِنَائِيَّةٌ. وَتُعْرَفُ تَفَاصِيل تِلْكَ الأَْلْفَاظِ فِي مُصْطَلَحَاتِهَا وَفِي مُصْطَلَحِ (صَرِيحٌ ف 12 - 21، وَكِنَايَةٌ) .</p> </p>ز -‌<span class="title">‌ النَّهْيُ عَنْ أَلْفَاظٍ مُعَيَّنَةٍ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ بَعْضِ الأَْلْفَاظِ لِمَقَاصِدَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مجموع رسائل ابن عابدين 1 / 48.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصباح المنير، والقاموس المحيط، والتعريفات للجرجاني، وفتح القدير وبهامشه العناية 3 / 44 - 45.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٨)</span><hr/></div>شَرْعِيَّةٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا} (1) .</p>وَمِنْ ذَلِكَ النَّهْيُ عَنْ تَسْمِيَةِ الْعِنَبِ بِالْكَرْمَةِ، وَصَلَاةِ الْمَغْرِبِ بِالْعَتَمَةِ وَالنَّهْيِ عَنْ أَلْفَاظِ سِلَامِ الْجَاهِلِيَّةِ عِمْ صَبَاحًا وَمُسَاءً، وَالنَّهْيِ عَنِ ابْتِدَاءِ أَهْل الذِّمَّةِ بِأَلْفَاظِ السَّلَامِ الْخَاصَّةِ بِالْمُؤْمِنِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ.</p>وَتُنْظَرُ تَفْصِيلَاتُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحَاتِهَا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة / 104.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لَقَبٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> اللَّقَبُ فِي اللُّغَةِ: هُوَ مَا يُسَمَّى بِهِ الإِْنْسَانُ بَعْدَ اسْمِهِ الأَْوَّل (الْعَلَمِ) مِنْ لَفْظٍ يَدُل عَلَى الْمَدْحِ أَوِ الذَّمِّ لِمَعْنًى فِيهِ، وَالْجَمْعُ أَلْقَابٌ.</p>وَاللَّقَبُ ضَرْبَانِ: ضَرْبٌ عَلَى سَبِيل التَّشْرِيفِ كَأَلْقَابِ السَّلَاطِينِ، وَضَرْبٌ عَلَى سَبِيل النَّبْزِ.</p>وَلَا يَخْرُجُ مَعْنَاهُ الاِصْطِلَاحِيُّ عَنْ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الاِسْمُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الاِسْمُ لُغَةً: مَا وُضِعَ لِشَيْءٍ مِنَ الأَْشْيَاءِ وَدَل عَلَى مَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي، جَوْهَرًا كَانَ أَوْ عَرَضًا.</p>وَاصْطِلَاحًا: هُوَ مَا يُعْرَفُ بِهِ الشَّيْءُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، والمصباح المنير، والمعجم الوسيط، والتعريفات والمفردات، ومغني المحتاج 4 / 295، وتفسير القرطبي 16 / 328، وأحكام القرآن لابن العربي 4 / 1711.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٩)</span><hr/></div>وَيُسْتَدَل بِهِ عَلَيْهِ، أَوْ هُوَ مَا دَل عَلَى مَعْنًى فِي نَفْسِهِ غَيْرِ مُقْتَرِنٍ بِأَحَدِ الأَْزْمِنَةِ الثَّلَاثَةِ، وَهُوَ يَنْقَسِمُ إِلَى اسْمِ عَيْنٍ، وَهُوَ الدَّال عَلَى مَعْنًى يَقُومُ بِذَاتِهِ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو، وَإِلَى اسْمِ مَعْنًى وَهُوَ مَا لَا يَقَعُ بِذَاتِهِ، سَوَاءٌ كَانَ مَعْنًى وُجُودِيًّا كَالْعِلْمِ أَوْ عَدَمِيًّا كَالْجَهْل.</p>وَالصِّلَةُ بَيْنَ اللَّقَبِ وَالاِسْمِ أَنَّ مَا قُصِدَ بِهِ التَّعْظِيمُ أَوِ التَّحْقِيرُ فَهُوَ لَقَبٌ، وَإِلَاّ فَهُوَ اسْمٌ (1) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الْكُنْيَةُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الْكُنْيَةُ فِي اللُّغَةِ: تُطْلَقُ عَلَى الشَّخْصِ لِلتَّعْظِيمِ، وَتَكُونُ عَلَمًا غَيْرَ الاِسْمِ وَاللَّقَبِ، وَتُصَدَّرُ بِأَبٍ أَوْ أُمٍّ، وَذَلِكَ كَأَبِي حَفْصٍ وَأَبِي الْحَسَنِ.</p>وَتُسْتَعْمَل الْكُنْيَةُ مَعَ الاِسْمِ وَمَعَ اللَّقَبِ أَوْ بِدُونِهِمَا تَفْخِيمًا لِشَأْنِ صَاحِبِهَا أَنْ يُذْكَرَ اسْمُهُ مُجَرَّدًا، وَتَكُونُ لأَِشْرَافِ النَّاسِ (2) .</p>وَالصِّلَةُ أَنَّ الْكُنْيَةَ تَكُونُ - غَالِبًا - لِلتَّفْخِيمِ، وَأَمَّا اللَّقَبُ فَقَدْ يَكُونُ لِلْمَدْحِ وَالتَّفْخِيمِ أَوِ الذَّمِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p>قَسَّمَ الْفُقَهَاءُ أَحْكَامَ النَّبْزِ بِالأَْلْقَابِ إِلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، والمصباح المنير، والمفردات، والمعجم الوسيط، والفروق اللغوية ص17، والكليات 3 / 192.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصادر السابقة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٩)</span><hr/></div>مُسْتَحَبٍّ وَجَائِزٍ وَمَكْرُوهٍ وَحَرَامٍ.</p><font color=#ff0000>4 -</font> فَاللَّقَبُ إِنْ كَانَ مِنْ مُسْتَحَبِّ الأَْلْقَابِ، وَمُسْتَحْسَنِهَا، وَلَيْسَ فِيهِ الإِْطْرَاءُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ شَرْعًا فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمُلَقَّبُ رَاضِيًا عَنْهُ، لِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ كَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ يَدْعُوَ الرَّجُل بِأَحَبِّ أَسْمَائِهِ إِلَيْهِ وَأَحَبِّ كُنَاهُ (1) ، وَلأَِنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَقَّبَ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه بِعَتِيقٍ (2) وَعَلِيًّا رضي الله عنه بِأَبِي تُرَابٍ (3) ، وَخَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ رضي الله عنه بِسَيْفِ اللَّهِ (4) وَلأَِنَّهُ قَل مِنَ الْمَشَاهِيرِ فِي الإِْسْلَامِ مَنْ لَيْسَ لَهُ لَقَبٌ، وَلَمْ تَزَل هَذِهِ الأَْلْقَابُ الْحَسَنَةُ فِي الأُْمَمِ كُلِّهَا مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ تَجْرِي فِي مُخَاطَبَاتِهِمْ وَمُكَاتَبَاتِهِمْ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعجبه أن يدعو الرجل. . . ". أخرجه الطبراني في معجمه الكبير (4 / 13) في حديث حنظلة ابن حذيم، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (8 / 56) رجاله ثقات.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقب أبا بكر الصديق بعتيق ". أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (1 / 53) من حديث عبد الله ابن الزبير، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9 / 40) وقال: رواه البزار والطبراني بنحوه ورجالهما ثقات</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقب عليًّا بأبي تراب. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 587) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقب خالد بن الوليد بسيف الله ". أخرجه البخاري (فتح الباري 7 / 512) من حديث أنس بن مالك.</p><font color=#ff0000>(5)</font> فتح الباري شرح صحيح البخاري 10 / 468، ومغني المحتاج 4 / 295، وتفسير القرطبي 16 / 329، وأحكام القرآن لابن العربي 4 / 1711، وابن عابدين 5 / 268.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٠)</span><hr/></div><font color=#ff0000>5 -</font> وَإِنْ كَانَ اللَّقَبُ عَادِيًّا لَا يُوصَفُ بِالْمُسْتَحْسَنِ وَلَا بِالْمُسْتَقْبَحِ وَكَانَ الْمُلَقَّبُ بِهِ رَاضِيًا عَنْهُ جَازَ، وَكَذَا إِنْ كَانَ مُسْتَقْبَحًا وَلَا يَرْضَى عَنْهُ الْمُلَقَّبُ إِلَاّ أَنَّهُ تَعَيَّنَ طَرِيقًا إِلَى التَّعْرِيفِ بِهِ، حَيْثُ يَغْلِبُ عَلَيْهِ الاِسْتِعْمَال وَيَشْتَهِرُ بِهِ وَلَا يَتَمَيَّزُ عَنْ غَيْرِهِ إِلَاّ بِذِكْرِ هَذَا اللَّقَبِ، فَهَذَا جَائِزٌ أَيْضًا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَأَهْل الْعِلْمِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ إِلْقَاءُ اللَّقَبِ عَلَى وَجْهِ التَّعْيِيرِ وَالتَّنْقِيصِ.</p>وَمِنْ أَجْل هَذَا أَكْثَرَ الْعُلَمَاءُ مِنَ اسْتِعْمَال مِثْل هَذِهِ الأَْلْقَابِ لِلْمُؤَلِّفِينَ وَالرُّوَاةِ وَالْفُقَهَاءِ كَالأَْعْمَشِ وَالأَْعْرَجِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الأَْلْقَابِ.</p>وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ الْمُسَمَّى بِحَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ: أَكَمَا يَقُول ذُو الْيَدَيْنِ، وَفِي رِوَايَةٍ: مَا يَقُول ذُو الْيَدَيْنِ (1)"، وَذَلِكَ لَمَّا سَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ، وَلأَِنَّ دَاعِيَةَ التَّعْرِيفِ فِي الْجُمْلَةِ مَصْلَحَةٌ يُفْتَقَرُ إِلَيْهَا، وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ قَال الْعُلَمَاءُ: لَوْ أَمْكَنَ تَعْرِيفُ صَاحِبِ اللَّقَبِ بِغَيْرِ ذَلِكَ اللَّقَبِ الْمَكْرُوهِ كَانَ أَوْلَى، لِحُصُول<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " أكما يقول ذو اليدين ". أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 566) ، والرواية الأخرى أخرجها مسلم (1 / 403) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٠)</span><hr/></div>الْمَقْصُودِ مَعَ السَّلَامَةِ مِنَ الْغِيبَةِ (1) .</p><font color=#ff0000>6 -</font> وَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَى حُرْمَةِ ذَلِكَ حَتَّى مَعَ وُجُودِ الْحَاجَةِ إِلَى التَّعْرِيفِ بِالْمُلَقَّبِ، وَمِنْ هَؤُلَاءِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ فَقَدْ نُقِل عَنْهُ أَنَّهُ قَال: أَخَافُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيل غِيبَةٌ، وَقَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ بَعْدَمَا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ: وَقَدْ وَرَدَ لَعَمْرُ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ فِي كُتُبِهِمْ مَا لَا أَرْضَاهُ. وَلَا أَرَاهُ سَائِغًا فِي الدِّينِ، وَقَدْ كَانَ مُوسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ الْمِصْرِيُّ يَقُول: لَا أَجْعَل أَحَدًا صَغَّرَ اسْمَ أَبِي فِي حِلٍّ، وَكَانَ الْغَالِبُ عَلَى اسْمِ أَبِيهِ التَّصْغِيرُ بِضَمِّ الْعَيْنِ (2) .</p><font color=#ff0000>7 -</font> أَمَّا إِذَا كَانَ الشَّخْصُ لَمْ يَشْتَهِرْ بِهَذَا اللَّقَبِ، أَوْ كَانَ يَتَمَيَّزُ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ هَذَا اللَّقَبِ مِنَ الأَْسْمَاءِ وَالأَْلْقَابِ وَالْكُنَى، أَوْ كَانَ إِطْلَاقُ اللَّقَبِ عَلَيْهِ لَيْسَ عَلَى جِهَةِ التَّعْرِيفِ بِهِ، وَإِنَّمَا عَلَى جِهَةِ التَّنْقِيصِ وَالتَّعْيِيرِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ إِجْمَاعًا (3) لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{وَلَا تَنَابَزُوا بِالأَْلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِْيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) دليل الفالحين شرح رياض الصالحين 4 / 354. وفتح الباري 10 / 468، تفسير القرطبي 16 / 328 وما بعدها، ومغني المحتاج 4 / 294 - 295، وأحكام القرآن لابن العربي 4 / 1711.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح الباري 10 / 468، وأحكام القرآن لابن العربي 4 / 1711، وتفسير القرطبي 16 / 329.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المراجع السابقة.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة الحجرات / 11.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩١)</span><hr/></div>وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُل لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْقَابُ الْمُحَرَّمَةُ</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> إِذَا كَانَ اللَّقَبُ مِنْ قَبِيل الإِْطْرَاءِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ شَرْعًا كَمَلِكِ الأَْمْلَاكِ وَمَلِكِ الْمُلُوكِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الأَْلْقَابِ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ لَا يُوصَفَ بِهَا إِلَاّ اللَّهُ عز وجل، فَيَحْرُمُ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أَخْنَعَ اسْمٍ عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تَسَمَّى مَلَكَ الأَْمْلَاكِ (2) ، وَلأَِنَّ إِطْلَاقَ مِثْل هَذِهِ الأَْلْقَابِ عَلَى غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَصْفٌ لِذَلِكَ الْغَيْرِ بِوَصْفِ الْخَالِقِ الَّذِي لَا يَصِحُّ قِيَامُهُ بِغَيْرِهِ سُبْحَانَهُ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌إِطْلَاقُ أَلْقَابِ التَّفْخِيمِ عَلَى الْفُسَّاقِ</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ تَلْقِيبُ الْفُسَّاقِ وَالْعُصَاةِ وَالظَّالِمِينَ وَالسَّفَلَةِ بِالأَْلْقَابِ الْعَلِيَّةِ الَّتِي تَدُل عَلَى التَّعْظِيمِ أَوِ التَّشْرِيفِ كَسَيِّدٍ وَأُسْتَاذٍ وَمَا أَشْبَهَهُمَا مِنْ أَلْقَابِ التَّعْظِيمِ وَالتَّبْجِيل، لِمَا وَرَدَ عَنْ بُرَيْدَةُ رضي الله عنه قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الحجرات / 12.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " إن أخنع اسم عند الله رجل. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 588) ومسلم (3 / 1688) واللفظ لمسلم.</p><font color=#ff0000>(3)</font> دليل الفالحين 4 / 432، ومغني المحتاج 4 / 294، والفواكه الدواني 1 / 461، وفتح الباري 10 / 268.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩١)</span><hr/></div>سَيِّدٌ، فَإِنَّهُ إِنْ يَكُ سَيِّدًا فَقَدْ أَسْخَطْتُمْ رَبَّكُمْ عز وجل (1) .</p>وَلأَِنَّ فِي هَذَا تَعْظِيمُ مَنْ أَهَانَهُ اللَّهُ بِسَبَبِ مَعْصِيَتِهِ وَخَرَجَ بِذَلِكَ عَنْ حِزْبِ الرَّحْمَنِ وَانْتَظَمَ فِي إِخْوَانِ الشَّيَاطِينِ، فَعَلَى الْمُسْلِمِ إِهَانَتُهُ وَتَرْكُ تَعْظِيمِهِ لِيَرْتَدِعَ عَمَّا هُوَ فِيهِ فَيَرْجِعَ إِلَى الطَّاعَةِ.</p>وَقَال الزَّمَخْشَرِيُّ بَعْدَمَا ذَكَرَ الأَْلْقَابَ الْجَائِزَةَ: إِلَاّ مَا أَحْدَثَهُ النَّاسُ فِي زَمَانِنَا هَذَا مِنَ التَّوَسُّعِ حَتَّى لَقَّبُوا السَّفَلَةَ بِالأَْلْقَابِ الْعَلِيَّةِ.</p>فَمَا أَقُول فِي تَلْقِيبِ مَنْ لَيْسَ مِنَ الدِّينِ فِي قَبِيلٍ وَلَا دَبِيرٍ بِفُلَانِ الدِّينِ هِيَ لَعَمْرُ اللَّهِ الْغُصَّةُ الَّتِي لَا تُسَاغُ (2) .</p>قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَنَظِيرُهُ مَا يُقَال لِلْمُدَرِّسِينَ بِالتُّرْكِيِّ: أَفَنْدِي، وَسُلْطَانَمْ وَنَحْوُهُ (3) .</p>كَمَا تُكْرَهُ عِنْدَهُمُ الأَْلْقَابُ الْقَبِيحَةُ كَشَيْطَانٍ وَظَالِمٍ وَشِهَابٍ وَحِمَارٍ وَكُلَيْبٍ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" لا تقولوا للمنافق سيد. . . ". أخرجه أبو داود (5 / 257) وصحح إسناده النووي في الأذكار ص558.</p><font color=#ff0000>(2)</font> دليل الفالحين 4 / 532، ومغني المحتاج 4 / 295، وحاشية ابن عابدين 5 / 265، 268 - 269، والفواكه الدواني 1 / 461.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية ابن عابدين 5 / 269.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حاشية ابن عابدين 5 / 268، والفواكه الدواني 1 / 461، ومغني المحتاج 4 / 294، وتفسير القرطبي 16 / 328 - 329.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لَقْطٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> اللَّقْطُ بِفَتْحِ اللَاّمِ وَسُكُونِ الْقَافِ كَالنَّصْرِ - مَصْدَرُ لَقَطَ يَلْقُطُ - وَمِنْ مَعَانِيهِ فِي اللُّغَةِ أَخْذُ الشَّيْءِ مِنَ الأَْرْضِ وَجَمْعُهُ، يُقَال: لَقَطَهُ يَلْقُطُهُ لَقْطًا: أَخَذَهُ مِنَ الأَْرْضِ، وَمِنْهُ اللُّقَطَةُ وَهِيَ اسْمُ الشَّيْءِ الَّذِي تَجِدُهُ مُلْقًى فَتَأْخُذُهُ، وَاللَّقِيطُ وَهُوَ الْمَوْلُودُ الْمَنْبُوذُ (1) .</p>وَالْمُرَادُ بِهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ أَخْذُ أَيَّامِ النَّقَاءِ بَيْنَ الدَّمَيْنِ وَالْحُكْمُ عَلَيْهَا بِالطُّهْرِ، وَالْتِقَاطُ أَزْمِنَةِ الدَّمِ وَالْحُكْمُ عَلَيْهَا بِالْحَيْضِ (2) .</p>وَيُسَمَّى الْقَوْل بِاللَّقْطِ كَذَلِكَ الْقَوْل بِالتَّلْفِيقِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌السَّحْبُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> السَّحْبُ لُغَةً: جَرُّ الشَّيْءِ عَلَى وَجْهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، والمصباح المنير، وحاشية البجيرمي على الخطيب 1 / 308.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الوجيز وشرحه فتح العزيز بهامش المجموع 2 / 536، 537.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٢)</span><hr/></div>الأَْرْضِ كَالثَّوْبِ وَغَيْرِهِ (1) .</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ: عَرَّفَهُ الشَّافِعِيَّةُ بِإِعْطَاءِ النَّقَاءِ الْمُتَخَلِّل بَيْنَ أَيَّامِ الْحَيْضِ حُكْمَ الْحَيْضِ، وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِسَحْبِ حُكْمِ الْحَيْضِ عَلَى النَّقَاءِ وَجَعْل الْكُل حَيْضًا (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> اللَّقْطُ لَفْظٌ يَسْتَعْمِلُهُ الشَّافِعِيَّةُ غَالِبًا فِيمَا إِذَا انْقَطَعَ دَمُ الْمَرْأَةِ وَكَانَتْ تَرَى يَوْمًا دَمًا وَيَوْمًا نَقَاءً أَوْ يَوْمَيْنِ وَيَوْمَيْنِ، وَيَخْتَلِفُ الْحُكْمُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فِي انْقِطَاعِ دَمِ الْمَرْأَةِ حَسَبَ اخْتِلَافِ أَحْوَال الاِنْقِطَاعِ، فَالطُّهْرُ الْمُتَخَلِّل بَيْنَ الدَّمَيْنِ إِذَا كَانَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَصَاعِدًا فَإِنَّهُ طُهْرٌ فَاصِلٌ بَيْنَ الدَّمَيْنِ عِنْدَ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ.</p>وَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ الطُّهْرِ بَيْنَ الدَّمَيْنِ أَقَل مِنْ هَذِهِ الْمُدَّةِ، هَل يُعْتَبَرُ فَاصِلاً أَوْ لَا؟ .</p>فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الطُّهْرَ الْفَاصِل بَيْنَ الدَّمَيْنِ إِذَا كَانَ أَقَل مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَا يُعْتَبَرُ فَاصِلاً.</p>وَفِيمَا زَادَ عَنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إِلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِيهِ أَرْبَعُ رِوَايَاتٍ رَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْهُ أَنَّهُ قَال: الطُّهْرُ الْمُتَخَلِّل بَيْنَ الدَّمَيْنِ إِذَا كَانَ أَقَل مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا يَكُونُ طُهْرًا فَاسِدًا وَلَا يَكُونُ فَاصِلاً بَيْنَ الدَّمَيْنِ بَل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الشرواني على تحفة المحتاج 1 / 385.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٣)</span><hr/></div>يَكُونُ كُلُّهُ كَدَمٍ مُتَوَالٍ ثُمَّ يُقَدَّرُ مَا يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَل حَيْضًا يُجْعَل حَيْضًا وَالْبَاقِي يَكُونُ اسْتِحَاضَةً، وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الدَّمَ إِذَا كَانَ فِي طَرَفَيِ الْعَشَرَةِ فَالطُّهْرُ الْمُتَخَلِّل بَيْنَهُمَا لَا يَكُونُ فَاصِلاً وَيُجْعَل كُلُّهُ كَدَمٍ مُتَوَالٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الدَّمُ فِي طَرَفَيِ الْعَشَرَةِ كَانَ الطُّهْرُ فَاصِلاً بَيْنَ الدَّمَيْنِ.</p>ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ إِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُجْعَل أَحَدُ الدَّمَيْنِ حَيْضًا يُجْعَل ذَلِكَ حَيْضًا، وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُجْعَل كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَيْضًا يُجْعَل أَسْرَعُهُمَا حَيْضًا، وَهُوَ أَوَّلُهُمَا، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ جَعْل أَحَدِهِمَا حَيْضًا لَا يُجْعَل شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَيْضًا، وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الدَّمَ إِذَا كَانَ فِي طَرَفَيِ الْعَشَرَةِ وَكَانَ بِحَالٍ لَوْ جُمِعَتِ الدِّمَاءُ الْمُتَفَرِّقَةُ تَبْلُغُ حَيْضًا لَا يَصِيرُ الطُّهْرُ فَاصِلاً بَيْنَ الدَّمَيْنِ، وَيَكُونُ كُلُّهُ حَيْضًا، وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ جُمِعَ لَا يَبْلُغُ حَيْضًا يَصِيرُ فَاصِلَا بَيْنَ الدَّمَيْنِ ثُمَّ يُنْظَرُ إِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُجْعَل أَحَدُ الدَّمَيْنِ حَيْضًا يُجْعَل ذَلِكَ حَيْضًا وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُجْعَل كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَيْضًا يُجْعَل أَسْرَعُهُمَا حَيْضًا وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُجْعَل أَحَدُهُمَا حَيْضًا لَا يُجْعَل شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَيْضًا، وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الطُّهْرَ الْمُتَخَلِّل بَيْنَ الدَّمَيْنِ إِذَا كَانَ أَقَل مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَا يَكُونُ فَاصِلاً بَيْنَ الدَّمَيْنِ وَكُلُّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُتَوَالِي، وَإِذَا كَانَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَانَ فَاصِلاً بَيْنَهُمَا، ثُمَّ يُنْظَرُ إِنْ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٣)</span><hr/></div>أَمْكَنَ أَنْ يُجْعَل أَحَدُ الدَّمَيْنِ حَيْضًا جُعِل، وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُجْعَل كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَيْضًا يُجْعَل أَسْرَعُهُمَا، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُجْعَل شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَيْضًا لَا يُجْعَل حَيْضًا، وَاخْتَارَ مُحَمَّدٌ لِنَفْسِهِ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ مَذْهَبًا فَقَال: الطُّهْرُ الْمُتَخَلِّل بَيْنَ الدَّمَيْنِ إِذَا كَانَ أَقَل مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَا يُعْتَبَرُ فَاصِلاً وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنَ الدَّمَيْنِ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الدَّمِ الْمُتَوَالِي، وَإِذَا كَانَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا فَهُوَ طُهْرٌ كَثِيرٌ فَيُعْتَبَرُ، لَكِنْ يُنْظَرُ بَعْدَ ذَلِكَ إِنْ كَانَ الطُّهْرُ مِثْل الدَّمَيْنِ أَوْ أَقَل مِنَ الدَّمَيْنِ فِي الْعَشَرَةِ لَا يَكُونُ فَاصِلاً وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنَ الدَّمَيْنِ يَكُونُ فَاصِلاً ثُمَّ يُنْظَرُ إِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُجْعَل أَحَدُهُمَا حَيْضًا جُعِل وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُجْعَل كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَيْضًا يُجْعَل أَسْرَعُهُمَا حَيْضًا وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُجْعَل أَحَدُهُمَا حَيْضًا لَا يُجْعَل شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَيْضًا.</p>قَال فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: وَكَثِيرٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ أَفْتَوْا بِرِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ لأَِنَّهَا أَسْهَل عَلَى الْمُفْتِي وَالْمُسْتَفْتِي وَالأَْخْذُ بِهَا أَيْسَرُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَعَلَيْهِ اسْتَقَرَّ رَأْيُ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ حُسَامِ الدِّينِ وَبِهِ يُفْتِي (1) .</p>وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ فِي مَسْأَلَةِ التَّقَطُّعِ هَذِهِ أَنَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 1 / 43، 44، والفتاوى الهندية 1 / 37، وفتح القدير 1 / 120، 121.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٤)</span><hr/></div>الْمَرْأَةَ تُلَفِّقُ، أَيْ تَجْمَعُ أَيَّامَ الدَّمِ فَقَطْ لَا أَيَّامَ الطُّهْرِ، وَتَغْتَسِل وُجُوبًا كُلَّمَا انْقَطَعَ الدَّمُ فِيهَا فِي أَيَّامِ التَّلْفِيقِ، وَتَصُومُ إِنْ كَانَتْ قَبْل الْفَجْرِ طَاهِرًا، وَتُصَلِّي بَعْدَ طُهْرِهَا، مَعَ تَفْصِيلٍ فِي ذَلِكَ مُبْتَدَأَةٌ وَمُعْتَادَةٌ وَحَامِلٌ (1) .</p>وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِذَا كَانَ الاِنْقِطَاعُ قَبْل مُجَاوَزَةِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ قَوْلَانِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>قَوْل السَّحْبِ، وَهُوَ أَنَّ حُكْمَ الْحَيْضِ يَنْسَحِبُ عَلَى أَيَّامِ النَّقَاءِ، فَتَحِيضُ فِيهَا جَمِيعًا، لأَِنَّ زَمَانَ النِّقَاءِ نَاقِصٌ عَنْ أَقَل الطُّهْرِ فَيَكُونُ حَيْضًا، كَسَاعَاتِ الْفَتْرَةِ بَيْنَ دُفَعَاتِ الدَّمِ.</p> </p>‌<span class="title">‌وَالْقَوْل الثَّانِي: </span>قَوْل اللَّقْطِ وَالتَّلْفِيقِ، وَهُوَ أَنْ تَلْتَقِطَ أَيَّامَ النَّقَاءِ وَتُلَفِّقَ، وَيُحْكَمُ بِالطُّهْرِ فِيهَا، وَحَيْضُهَا أَزْمِنَةَ الدَّمِ لَا غَيْرُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} (2) أَيْ يَنْقَطِعَ دَمُهُنَّ، وَقَدِ انْقَطَعَ فَيَجُوزُ الْقُرْبَانُ، وَلأَِنَّهُ لَا يُحْكَمُ فِي أَيَّامِ الدَّمِ حَقِيقَةً بِالطُّهْرِ فَكَذَلِكَ لَا يُحْكَمُ فِي أَيَّامِ النَّقَاءِ حَقِيقَةً بِالْحَيْضِ تَوْفِيرًا لِحُكْمِ كُل وَاحِدَةٍ مِنَ الْحَالَتَيْنِ عَلَيْهَا.</p>وَنَقَل النَّوَوِيُّ اخْتِلَافَ الشَّافِعِيَّةِ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدسوقي 1 / 170 وما بعدها، وجواهر الإكليل 1 / 31، ومواهب الجليل 1 / 369، والزرقاني 1 / 135.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 222.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٤)</span><hr/></div>الأَْصَحِّ مِنْهُمَا، ثُمَّ قَال: وَالْحَاصِل أَنَّ الرَّاجِحَ عِنْدَنَا قَوْل السَّحْبِ (1) .</p>وَقَال الرَّمْلِيُّ: وَمَحَل الْقَوْلَيْنِ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَنَحْوِهِمَا، فَلَا يُجْعَل النَّقَاءُ طُهْرًا فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ إِجْمَاعًا، ثُمَّ قَال: وَشَرْطُ جَعْل النَّقَاءِ بَيْنَ الدَّمِ حَيْضًا أَنْ لَا يُجَاوِزَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَا يَنْقُصَ مَجْمُوعُ الدِّمَاءِ عَنْ أَقَل الْحَيْضِ، وَأَنْ يَكُونَ النَّقَاءُ زَائِدًا عَلَى الْفَتَرَاتِ الْمُعْتَادَةِ بَيْنَ دُفَعَاتِ الْحَيْضِ، فَإِنَّ تِلْكَ حَيْضٌ قَطْعًا (2) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي مَسْأَلَةِ تَقَطُّعِ الدَّمِ إِلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ تَغْتَسِل وَتُصَلِّي فِي زَمَنِ الطُّهْرِ حَتَّى وَلَوْ كَانَ سَاعَةً، لِقَوْل ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: لَا يَحِل لَهَا إِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ سَاعَةً إِلَاّ أَنْ تَغْتَسِل.</p>وَقَال الرَّحِيبَانِيُّ: إِنَّ الطُّهْرَ فِي أَثْنَاءِ الْحَيْضَةِ صَحِيحٌ تَغْتَسِل فِيهِ وَتُصَلِّي وَنَحْوَهُ أَيْ تَصُومُ وَتَطُوفُ وَتَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَلَا يُكْرَهُ فِيهِ الْوَطْءُ، لأَِنَّهُ طُهْرٌ حَقِيقَةً (3) .</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ:(تَلْفِيقٌ ف 4، 5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح العزيز شرح الوجيز بهامش المجموع 2 / 536 وما بعدها، والمجموع شرح المهذب 2 / 502 وما بعدها.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 1 / 338.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كشاف القناع 1 / 214 - 218، ومطالب أولي النهى 1 / 261.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لُقَطَةٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> اللُّقَطَةُ فِي اللُّغَةِ: مِنْ لَقَطَ أَيْ أَخَذَ الشَّيْءَ مِنَ الأَْرْضِ، وَكُل نُثَارَةٍ مِنْ سُنْبُلٍ أَوْ تَمْرٍ لَقْطٌ (1) .</p>وَاللُّقَطَةُ شَرْعًا هِيَ الْمَال الضَّائِعُ مِنْ رَبِّهِ يَلْتَقِطُهُ غَيْرُهُ، أَوِ الشَّيْءُ الَّذِي يَجِدُهُ الْمَرْءُ مُلْقًى فَيَأْخُذُهُ أَمَانَةً (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ اللَّقِيطُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> سُمِّيَ لَقِيطًا وَمَلْقُوطًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُلْقَطُ، وَمَنْبُوذًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُنْبَذُ، وَيُسَمَّى أَيْضًا دَعِيًّا (3)، وَشَرْعًا اللَّقِيطُ: اسْمُ الْمَوْلُودِ طَرَحَهُ أَهْلُهُ خَوْفًا مِنَ الْعَيْلَةِ أَوْ فِرَارًا مِنْ تُهْمَةِ الزِّنَا، أَوْ هُوَ طِفْلٌ نَبِيذٌ بِنَحْوِ شَارِعٍ لَا يُعْرَفُ لَهُ مُدَّعٍ (4) . قَال تَعَالَى: {فَالْتَقَطَهُ آل فِرْعَوْنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، والقاموس المحيط، ومعجم مقاييس اللغة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 6 / 118، ومغني المحتاج 2 / 406، وفتح الجواد 1 / 630، والمغني والشرح الكبير 6 / 318.</p><font color=#ff0000>(3)</font> لسان العرب.</p><font color=#ff0000>(4)</font> التعريفات للجرجاني.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٥)</span><hr/></div>لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} (1) وَاللُّقَطَةُ أَعَمُّ مِنَ اللَّقِيطِ.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الْكَنْزُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الْكَنْزُ هُوَ الْمَال الْمَدْفُونُ الَّذِي لَا يُعْرَفُ دَافِنُهُ (2) .</p>وَاللُّقَطَةُ وَالْكَنْزُ صَاحِبُهُمَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ.</p> </p>‌<span class="title">‌حُكْمُ الاِلْتِقَاطِ</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الاِلْتِقَاطِ عَلَى مَا يَأْتِي:</p>ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ (3) إِلَى أَنَّهُ يُنْدَبُ رَفْعُ اللُّقَطَةِ مِنْ عَلَى الأَْرْضِ إِنْ أَمِنَ الْمُلْتَقِطُ عَلَى نَفْسِهِ تَعْرِيفَهَا، وَإِلَاّ فَالتَّرْكُ أَوْلَى مِنَ الرَّفْعِ، وَإِنْ أَخَذَهَا لِنَفْسِهِ حَرُمَ، لأَِنَّهَا كَالْغَصْبِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.</p>وَيُفْرَضُ عَلَيْهِ أَخْذُهَا إِذَا خَافَ مِنَ الضَّيَاعِ، لأَِنَّ لِمَال الْمُسْلِمِ حُرْمَةً كَمَال نَفْسِهِ فَلَوْ تَرَكَهَا حَتَّى ضَاعَتْ كَانَ آثِمًا.</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ الْخِيَانَةَ كَانَ الاِلْتِقَاطُ حَرَامًا، وَإِنْ كَانَ يَخَافُ أَنْ يَسْتَفِزَّهُ الشَّيْطَانُ وَلَا يَتَحَقَّقُ مِنْ ذَلِكَ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا، وَإِنْ كَانَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة القصص / 8.</p><font color=#ff0000>(2)</font> لسان العرب، والتعريفات للجرجاني.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية ابن عابدين 4 / 277، وشرح الكنز للزيلعي 3 / 302، والمبسوط للسرخسي 11 / 2، وبدائع الصنائع 6 / 200.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٦)</span><hr/></div>يَثِقُ بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ نَاسٍ لَا بَأْسَ بِهِمْ وَلَا يَخَافُ عَلَيْهَا الْخَوَنَةَ، وَإِمَّا أَنْ يَخَافَهُمْ فَإِنْ خَافَهُمْ وَجَبَ عَلَيْهِ الاِلْتِقَاطُ، وَإِنْ لَمْ يَخَفْهُمْ فَلِمَالِكٍ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ:</p>الأَْوَّل: الاِسْتِحْبَابُ مُطْلَقًا.</p>الثَّانِي: الاِسْتِحْبَابُ فِيمَا لَهُ بَالٌ فَقَطْ.</p>الثَّالِثُ: الْكَرَاهَةُ (1) .</p>وَقَال الشَّافِعِيُّ: إِذَا وَجَدَهَا بِمَضِيعَةِ وَأَمِنَ نَفْسَهُ عَلَيْهَا فَالأَْفْضَل أَخْذُهَا، وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ ذَلِكَ وَحُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَوْلٌ آخَرُ: أَنَّهُ يَجِبُ أَخْذُهَا صِيَانَةً لِلْمَال عَنِ الضَّيَاعِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (2) . فَإِذَا كَانَ الْمُؤْمِنُ وَلِيًّا لِلْمُؤْمِنِ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ حِفْظُ مَالِهِ فَلَا يَتْرُكُهُ عُرْضَةً لِلضَّيَاعِ.</p>وَمِمَّنْ رَأَى أَخْذَهَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَأَخَذَهَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فِعْلاً (3) .</p>وَيَرَى أَحْمَدُ أَنَّ الأَْفْضَل تَرْكُ الاِلْتِقَاطِ وَرُوِيَ مَعْنَى ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهم<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مواهب الجليل لشرح مختصر خليل للحطاب 6 / 71، وبداية المجتهد لابن رشد 2 / 336 - 337، وحاشية الدسوقي 4 / 120، والخرشي 7 / 123.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة التوبة / 71.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مغني المحتاج 2 / 406 - 407، ونهاية المحتاج 5 / 423، والمهذب 1 / 429.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٦)</span><hr/></div>وَبِهِ قَال جَابِرٌ وَابْنُ زَيْدٍ وَالرَّبِيعُ بْنُ خَيْثَمٍ وَعَطَاءٌ، وَحُجَّتُهُمْ: حَدِيثُ الْجَارُودِ مَرْفُوعًا: ضَالَّةُ الْمُسْلِمِ حَرْقُ النَّارِ (1) . وَلأَِنَّهُ تَعْوِيضٌ لِنَفْسِهِ لأَِكْل الْحَرَامِ وَتَضْيِيعِ الْوَاجِبِ فِي تَعْرِيفِهَا وَأَدَاءِ الأَْمَانَةِ فِيهَا فَكَانَ تَرْكُهُ أَوْلَى وَأَسْلَمَ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ الاِلْتِقَاطُ</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ الاِلْتِقَاطُ وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ اتِّجَاهَانِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الاِتِّجَاهُ الأَْوَّل:</span></p>ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الرَّاجِحِ عِنْدَهُمْ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الاِلْتِقَاطُ مِنْ أَيِّ إِنْسَانٍ سَوَاءٌ كَانَ مُكَلَّفًا أَمْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ، رَشِيدًا أَمْ لَا.</p>وَعَلَى ذَلِكَ يَصِحُّ الاِلْتِقَاطُ مِنَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ وَالسَّفِيهِ وَمِنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ، وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ الْمَجْنُونَ فَلَا يَصِحُّ الْتِقَاطُهُ عِنْدَهُمْ وَكَذَلِكَ الْمَعْتُوهُ فِي قَوْلٍ، وَقَدِ اسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا يَلِي:</p>أ - عُمُومُ الأَْخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِي اللُّقَطَةِ، فَلَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَ مُلْتَقِطٍ وَآخَرَ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث الجارود:" ضالة المسلم حرق النار ". أخرجه النسائي في السنن الكبرى (3 / 418) وصحح إسناده ابن حجر في الفتح (5 / 92) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني لابن قدامة 5 / 693، والمقنع 2 / 295، ومنتهى الإرادات 1 / 554.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٧)</span><hr/></div>ب - أَنَّ الاِلْتِقَاطَ تَكَسُّبٌ فَصَحَّ مِنْ هَؤُلَاءِ كَالاِصْطِيَادِ وَالاِحْتِشَاشِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الاِتِّجَاهُ الثَّانِي:</span></p>ذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ هُوَ كُل حُرٍّ مُسْلِمٍ، بَالِغٍ، وَعَلَى ذَلِكَ لَا يَصِحُّ الاِلْتِقَاطُ عِنْدَهُ مِنَ الْعَبْدِ وَلَا مِنَ الذِّمِّيِّ وَلَا مِنَ الصَّبِيِّ، وَوَافَقَهُ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِي عَدَمِ جَوَازِ الاِلْتِقَاطِ مِنَ الذِّمِّيِّ.</p>وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا يَأْتِي:</p>أ - أَنَّ اللُّقَطَةَ وِلَايَةٌ وَلَا وِلَايَةَ لِلْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ وَالصَّغِيرِ.</p>ب - أَنَّ اللُّقَطَةَ أَمَانَةٌ وَالذِّمِّيُّ لَيْسَ أَهْلاً لِلأَْمَانَاتِ.</p>وَإِنْ تَلِفَتِ اللُّقَطَةُ فِي يَدِ مَنْ يَجُوزُ لَهُ الاِلْتِقَاطُ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَمَانٌ، لأَِنَّهُ أَخَذَ مَا لَهُ الْحَقُّ فِي أَخْذِهِ.</p>أَمَّا إِنْ كَانَ التَّلَفُ بِتَفْرِيطِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا مِنْ مَالِهِ هُوَ (2) .</p>وَإِذَا عَلِمَ الْوَلِيُّ بِالْتِقَاطِ مَنْ عَلَيْهِ الْوِلَايَةُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَخْذُهَا مِنْهُ، لأَِنَّ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ لَيْسَ مِنْ أَهْل الْحِفْظِ وَالأَْمَانَةِ، فَإِنْ تَرَكَهَا الْوَلِيُّ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 3 / 319، ومغني المحتاج 2 / 426، والمهذب 1 / 433، والمغني 5 / 731 - 732، والمقنع 2 / 301، ومنتهى الإرادات 1 / 558.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المراجع السابقة وبداية المجتهد لابن رشد 2 / 333.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٧)</span><hr/></div>يَدِهِ كَانَ عَلَيْهِ ضَمَانُهَا، لأَِنَّهُ يَلْزَمُهُ حِفْظُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الصَّبِيِّ، وَهَذَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّهُ، فَإِذَا تَرَكَهَا فِي يَدِهِ كَانَ مُضَيِّعًا لَهَا فَوَجَبَ عَلَيْهِ ضَمَانُهَا، وَإِذَا أَخَذَهَا الْوَلِيُّ عَرَّفَهَا هُوَ، لأَِنَّ وَاجِدَهَا لَيْسَ مِنْ أَهْل التَّعْرِيفِ، فَإِذَا عَرَّفَهَا خِلَال مُدَّةِ التَّعْرِيفِ دَخَلَتْ فِي مِلْكِ وَاجِدِهَا وَلَيْسَ فِي مِلْكِ الْوَلِيِّ لأَِنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ تَمَّ شَرْطُهُ فَيَثْبُتُ الْمِلْكُ لَهُ.</p> </p>‌<span class="title">‌الإِْشْهَادُ عَلَى اللُّقَطَةِ</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يُسَنُّ الإِْشْهَادُ عَلَى اللُّقَطَةِ حِينَ يَجِدُهَا، لأَِنَّ فِي الإِْشْهَادِ صِيَانَةً لِنَفْسِهِ عَنِ الطَّمَعِ فِيهَا وَكَتْمِهَا وَحِفْظِهَا مِنْ وَرَثَتِهِ إِنْ مَاتَ، وَمِنْ غُرَمَائِهِ إِنْ أَفْلَسَ، وَيُشْهِدُ عَلَيْهَا سَوَاءٌ أَكَانَ الاِلْتِقَاطُ لِلتَّمَلُّكِ أَمْ لِلْحِفْظِ.</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ مُقَابِل الْمَذْهَبِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى وُجُوبِ الإِْشْهَادِ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ ذَا عَدْلٍ أَوْ ذَوِي عَدْلٍ وَلَا يَكْتُمْ وَلَا يُغَيِّبْ (1)، وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِذَا تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ ادِّعَاءَ مِلْكِيَّتِهَا.</p>وَيَكُونُ الإِْشْهَادُ بِقَوْلِهِ عَلَى مَسْمَعٍ مِنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" من وجد لقطة فليشهد. . . ". أخرجه أبو داود (2 / 335) من حديث عياض بن حمار وإسناده صحيح.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٨)</span><hr/></div>النَّاسِ: إِنِّي أَلْتَقِطُ لُقَطَةً، أَوْ عِنْدِي لُقَطَةٌ، فَأَيُّ النَّاسِ أَنْشَدَهَا فَدُلُّوهُ عَلَيَّ، فَإِذَا أَشْهَدَ عَلَيْهَا ثُمَّ هَلَكَتْ فَالْقَوْل قَوْل الْمُلْتَقِطِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.</p>وَيَذْكُرُ فِي الإِْشْهَادِ بَعْضَ صِفَاتِ اللُّقَطَةِ لِيَكُونَ فِي الإِْشْهَادِ فَائِدَةٌ وَلَا يَسْتَوْعِبُ صِفَاتِهَا لِئَلَاّ يَنْتَشِرَ ذَلِكَ فَيَدَّعِيهَا مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا مِمَّنْ يَذْكُرُ صِفَاتِهَا الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُلْتَقِطُ، وَلَكِنْ يَذْكُرُ لِلشُّهُودِ مَا يَذْكُرُهُ فِي التَّعْرِيفِ مِنَ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ، أَوْ عِفَاصِهَا أَوْ وِكَائِهَا (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَعْرِيفُ اللُّقَطَةِ</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْمُعْتَمَدِ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ تَعْرِيفُ اللُّقَطَةِ سَوَاءٌ أَرَادَ تَمَلُّكَهَا أَوْ حِفْظَهَا لِصَاحِبِهَا لِمَا وَرَدَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَال: أَصَبْتُ صُرَّةً فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَال: عَرِّفْهَا حَوْلاً فَعَرَّفْتُهَا حَوْلاً فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَال: عَرِّفْهَا حَوْلاً فَعَرَّفْتُهَا فَلَمْ أَجِدْ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ ثَلَاثًا فَقَال: احْفَظْ وِعَاءَهَا وَعَدَدَهَا وَوِكَاءَهَا، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وَإِلَاّ فَاسْتَمْتِعْ بِهَا (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 3 / 319، وحاشية الدسوقي 4 / 126، ومغني المحتاج 2 / 407، والمغني والشرح الكبير 6 / 335.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث أبي بن كعب:" أصبت صرة فيها مائة دينار. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 5 / 78) ومسلم (3 / 1350) واللفظ للبخاري.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٨)</span><hr/></div>وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَنْ أَرَادَ حِفْظَهَا وَمَنْ أَرَادَ تَمَلُّكَهَا، وَلأَِنَّ حِفْظَهَا لِصَاحِبِهَا إِنَّمَا يُقَيِّدُ بِاتِّصَالِهَا إِلَيْهِ وَطَرِيقَةِ التَّعْرِيفِ، أَمَّا بَقَاؤُهَا فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ مِنْ غَيْرِ وُصُولِهَا إِلَى صَاحِبِهَا وَهَلَاكِهَا سِيَّانِ، وَلأَِنَّ إِمْسَاكَهَا مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ تَضْيِيعٌ لَهَا عَنْ صَاحِبِهَا فَلَمْ يَجُزْ، وَلأَِنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبِ التَّعْرِيفُ لَمَا جَازَ الاِلْتِقَاطُ، لأَِنَّ بَقَاءَهَا فِي مَكَانِهَا إِذًا أَقْرَبُ إِلَى وُصُولِهَا إِلَى صَاحِبِهَا، إِمَّا بِأَنْ يَطْلُبَهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي ضَاعَتْ فِيهِ فَيَجِدُهَا، وَإِمَّا بِأَنْ يَجِدَهَا مَنْ يَعْرِفُهَا، وَأَخْذُهَا يُفَوِّتُ الأَْمْرَيْنِ فَيَحْرُمُ، فَلَمَّا جَازَ الاِلْتِقَاطُ وَجَبَ التَّعْرِيفُ كَيْ لَا يَحْصُل هَذَا الضَّرَرُ، وَلأَِنَّ التَّعْرِيفَ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ أَرَادَ تَمَلُّكَهُ، فَكَذَلِكَ عَلَى مَنْ أَرَادَ حِفْظَهَا.</p>وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يَتَوَلَّى التَّعْرِيفَ أَنْ يَكُونَ عَاقِلاً ثِقَةً وَلَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ إِذَا كَانَ مَوْثُوقًا بِقَوْلِهِ، كَمَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَشْهُورٍ بِالْخَلَاعَةِ وَالْمُجُونِ وَهُوَ عَدَمُ الْمُبَالَاةِ بِمَا يَصْنَعُ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌مُدَّةُ التَّعْرِيفِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> يَرَى مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ أَنَّ اللُّقَطَةَ تُعَرَّفُ سَنَةً مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ الْقَلِيل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 6 / 120، والدسوقي 4 / 120، والمدونة 6 / 173، والأم 4 / 66، والمغني والشرح الكبير 6 / 319، 320، وفتح الباري 5 / 78، 92، ومغني المحتاج 2 / 412 - 413.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٩)</span><hr/></div>وَالْكَثِيرِ، وَهَذَا رَأْيُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ أَيْضًا، لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ رضي الله عنه أَنْ يُعَرِّفَ اللُّقَطَةَ سَنَةً مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ الْقَلِيل وَالْكَثِيرِ، وَلأَِنَّ السُّنَّةَ لَا تَتَأَخَّرُ عَنْهَا الْقَوَافِل، وَيَمْضِي فِيهَا الزَّمَانُ الَّذِي تُقْصَدُ فِيهِ الْبِلَادُ مِنَ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالاِعْتِدَال فَصَلَحَتْ قَدْرًا.</p>وَيَرَى أَبُو حَنِيفَةَ وَبَقِيَّةُ أَصْحَابِهِ التَّفْرِيقَ بَيْنَ الْقَلِيل وَالْكَثِيرِ فَإِنْ كَانَتْ أَقَل مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ عَرَّفَهَا أَيَّامًا عَلَى حَسَبِ مَا يَرَى أَنَّهَا كَافِيَةٌ لِلإِْعْلَامِ، وَأَنَّ صَاحِبَهَا لَا يَطْلُبُهَا بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ عَشَرَةً فَصَاعِدًا عَرَّفَهَا حَوْلاً، لأَِنَّ التَّقْدِيرَ بِالْحَوْل وَرَدَ فِي لُقَطَةٍ كَانَتْ مِائَةَ دِينَارٍ تُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ (1) .</p>لِمَا وَرَدَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ فَقَال: اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَاّ فَشَأْنُكَ بِهَا قَال: فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ قَال: هِيَ لَكَ أَوْ لأَِخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ قَال: فَضَالَّةُ الإِْبِل؟ قَال: مَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُل الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 6 / 122، والمدونة 6 / 173، ومغني المحتاج 2 / 413، والمغني والشرح الكبير 6 / 320 - 325.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث زيد بن خالد الجهني:" جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن اللقطة. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 5 / 46) مسلم (3 / 1346 - 1348) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌زَمَانُ التَّعْرِيفِ وَمَكَانُهُ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ يُعَرِّفُ اللُّقَطَةَ خِلَال مُدَّةِ التَّعْرِيفِ، فِي النَّهَارِ دُونَ اللَّيْل لأَِنَّ النَّهَارَ مَجْمَعُ النَّاسِ وَمُلْتَقَاهُمْ دُونَ اللَّيْل، وَيَكُونُ التَّعْرِيفُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي وَجَدَهَا فِيهِ وَلأُِسْبُوعٍ بَعْدَهُ، لأَِنَّ الطَّلَبَ فِيهِ أَكْثَرُ فَيُعَرِّفُهَا فِي كُل يَوْمٍ.</p>وَيُعَرِّفُهَا فِي الْمَكَانِ الَّذِي وَجَدَهَا فِيهِ، لأَِنَّ ذَلِكَ أَقْرَبُ إِلَى الْوُصُول إِلَى صَاحِبِهَا، لأَِنَّهُ يَطْلُبُهَا غَالِبًا حَيْثُ افْتَقَدَهَا، كَمَا تُعَرَّفُ أَيْضًا عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَالْجَوَامِعِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَجْتَمِعُونَ فِيهِ كَأَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ، وَلَا يَنْشُدُهَا دَاخِل الْمَسْجِدِ، لأَِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا، وَلِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ (1) ، كَمَا يُعَرِّفُهَا أَيْضًا فِي الأَْسْوَاقِ وَالْمَجَامِعِ وَالْمَحَافِل وَمَحَال الرِّحَال وَمُنَاخِ الأَْسْفَارِ، وَإِنِ الْتَقَطَ فِي الصَّحْرَاءِ وَهُنَاكَ قَافِلَةٌ تَبِعَهَا وَعَرَّفَ فِيهَا (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَرَّاتُ التَّعْرِيفِ وَمُؤْنَتُهُ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث النهي عن إنشاد الضالة في المسجد. أخرجه مسلم (1 / 397) من حديث أبي هريرة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 3 / 319 - 320، وبدائع الصنائع 6 / 202، ومغني المحتاج 2 / 413، وروضة الطالبين 5 / 409، والمغني 6 / 321، 322، والمدونة 6 / 174، ومواهب الجليل 6 / 73.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٠)</span><hr/></div>عَلَى الْمُلْتَقِطِ أَنْ يَسْتَغْرِقَ جَمِيعَ الْحَوْل بِالتَّعْرِيفِ كُل يَوْمٍ، بَل يُعَرِّفُ فِي أَوَّل السَّنَةِ كُل يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ مَرَّةً كُل أُسْبُوعٍ، ثُمَّ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ فِي كُل شَهْرٍ، وَإِنَّمَا جُعِل التَّعْرِيفُ فِي أَوَّل السَّنَةِ أَكْثَرَ، لأَِنَّ طَلَبَ الْمَالِكِ فِيهَا أَكْثَرُ، وَكُلَّمَا طَالَتِ الْمُدَّةُ عَلَى فَقْدِ اللُّقَطَةِ قَل طَلَبُ الْمَالِكِ لَهَا.</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَأَبُو الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ إِنْ أَخَذَهَا لِيَحْفَظَهَا لِمَالِكِهَا لَا تَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ إِنْ كَانَتْ لَهَا مُؤْنَةٌ بَل يُرَتِّبُهَا الْقَاضِي مِنْ بَيْتِ الْمَال أَوْ يَقْتَرِضُ عَلَى الْمَالِكِ، وَإِنْ أَخَذَهَا لِلتَّمَلُّكِ لَزِمَهُ مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ.</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ لَوِ اسْتَنَابَ غَيْرَهُ لَتَعْرِيفِهَا فَالأَْجْرُ مِنَ اللُّقَطَةِ.</p>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَتَوَلَّى التَّعْرِيفَ بِنَفْسِهِ وَلَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ فِيهِ غَيْرَهُ، فَإِنْ وَجَدَ مُتَبَرِّعًا بِذَلِكَ، وَإِلَاّ إِنِ احْتَاجَ إِلَى أَجْرٍ فَهُوَ عَلَى الْمُلْتَقِطِ.</p>قَال الشَّافِعِيَّةُ وَإِنْ أَرَادَ سَفَرًا اسْتَنَابَ مِنْ يَحْفَظُ اللُّقَطَةَ وَيُعَرِّفُهَا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَلَا يُسَافِرُ بِهَا، أَمَّا إِذَا الْتَقَطَ اثْنَانِ لُقَطَةً عَرَّفَهَا كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ سَنَةٍ، أَوْ عَرَّفَهَا أَحَدُهُمَا سَنَةً كَامِلَةً نِيَابَةً عَنِ الآْخَرِ، وَيُعَرِّفُهَا كُلَّهَا لَا نِصْفَهَا لِيَكُونَ لِلتَّعْرِيفِ فَائِدَةٌ. وَإِنْ أَرَادَ التَّخَلُّصَ مِنْ تَعَبِ التَّعْرِيفِ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٠)</span><hr/></div>دَفَعَهَا إِلَى حَاكِمٍ أَمِينٍ، أَوْ إِلَى الْقَاضِي، وَيَلْزَمُهُمَا الْقَبُول حِفْظًا لَهَا عَلَى صَاحِبِهَا (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌كَيْفِيَّةُ التَّعْرِيفِ</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> يَجِبُ أَنْ يَذْكُرَ مَنْ يَتَوَلَّى التَّعْرِيفَ جِنْسَ اللُّقَطَةِ وَنَوْعَهَا وَمَكَانَ وُجُودِهَا وَتَارِيخَ الْتِقَاطِهَا، وَلَا سِيَّمَا إِذَا تَأَخَّرَ فِي التَّعْرِيفِ، كَمَا لَهُ أَنْ يَذْكُرَ عِفَاصَهَا أَوْ وِكَاءَهَا، لأَِنَّ فِي ذِكْرِ الْجِنْسِ أَوِ النَّوْعِ أَوِ الْعِفَاصِ أَوِ الْوِكَاءِ مَا يُؤَدِّي إِلَى انْتِشَارِ ذَلِكَ بَيْنَ النَّاسِ فَيُؤَدِّي إِلَى الظَّفَرِ بِالْمَالِكِ، وَيَجِبُ عَلَى الْمُعَرِّفِ أَنْ لَا يَسْتَوْفِيَ جَمِيعَ أَوْصَافِ اللُّقَطَةِ حَتَّى لَا يَعْتَمِدَهَا كَاذِبٌ فَيُفَوِّتُهَا عَلَى مَالِكِهَا (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَضْمِينُ الْمُلْتَقِطِ</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إِذَا أَشْهَدَ عَلَى اللُّقَطَةِ فَيَدُهُ عَلَيْهَا أَثَنَاءَ الْحَوْل يَدُ أَمَانَةٍ، إِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا أَخَذَهَا بِزِيَادَتِهَا الْمُتَّصِلَةِ وَالْمُنْفَصِلَةِ، لأَِنَّهَا نَمَاءُ مِلْكِهِ، وَإِنْ تَلِفَتْ عِنْدَ الْمُلْتَقِطِ أَثْنَاءَ الْحَوْل بِغَيْرِ تَفْرِيطِهِ أَوْ نَقَصَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَالْوَدِيعَةِ، وَإِنْ أَقَرَّ الْمُلْتَقِطُ أَنَّهُ أَخَذَهَا لِنَفْسِهِ يَضْمَنُ لأَِنَّهُ أَخَذَ مَال غَيْرِهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 3 / 302، 303، البناية شرح الهداية 6 / 20، 23، وحاشية الدسوقي 4 / 120، ومغني المحتاج 2 / 412 - 414، والمغني والشرح الكبير 6 / 322.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 6 / 122، 123، وبدائع الصنائع 6 / 202، ومغني المحتاج 2 / 413، 414، وروضة الطالبين 5 / 408، والمغني والشرح الكبير 6 / 323.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠١)</span><hr/></div>بِدُونِ إِذْنِهِ وَبِدُونِ إِذْنِ الشِّرْعِ.</p>وَيَرَى أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ أَنَّهُ إِذَا أَخَذَ اللُّقَطَةَ وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهَا وَقَال أَخَذْتُهَا لِلْحِفْظِ وَكَذَّبَهُ الْمَالِكُ يَضْمَنُ، وَعِنْدَ الْبَقِيَّةِ مِنَ الْفُقَهَاءِ لَا يَضْمَنُ، وَالْقَوْل قَوْل الْمُلْتَقِطِ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنَّمَا قِيل بِعَدِمِ الضَّمَانِ لأَِنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهُ لاِخْتِيَارِهِ الْحِسْبَةَ دُونَ الْمَعْصِيَةِ، لأَِنَّ فِعْل الْمُسْلِمِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَحِل لَهُ شَرْعًا، وَالَّذِي يَحِل لَهُ هُوَ الأَْخَذُ لِلرِّدِّ لَا لِنَفْسِهِ، فَيُحْمَل مُطْلَقُ فِعْلِهِ عَلَيْهِ، وَهَذَا الدَّلِيل الشَّرْعِيُّ قَائِمٌ.</p>مَقَامَ الإِْشْهَادِ مِنْهُ، وَأَمَّا أَنَّ الْقَوْل قَوْلُهُ فَلأَِنَّ صَاحِبَهَا يَدِّعِي عَلَيْهِ سَبَبَ الضَّمَانِ وَوُجُوبَ الْقِيمَةِ فِي ذِمَّتِهِ، وَهُوَ مُنْكَرٌ لِذَلِكَ، وَالْقَوْل قَوْل الْمُنْكِرِ مَعَ يَمِينِهِ، كَمَا لَوِ ادَّعَى عَلَيْهِ الْغَصْبَ.</p>وَوَجْهُ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ أَنَّ الْمُلْتَقِطَ أَقَرَّ بِسَبَبِ الضَّمَانِ وَهُوَ أَخَذُ مَال الْغَيْرِ، وَادَّعَى مَا يُبَرِّئُهُ وَهُوَ الأَْخَذُ لِلْمَالِكِ، وَفِيهِ وَقَعَ الشَّكُّ فَلَا يَبْرَأُ.</p>وَإِنْ أَتْلَفَهَا الْمُلْتَقِطُ أَوْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ بِتَفْرِيطِهِ ضَمِنَهَا بِمِثْلِهَا إِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الأَْمْثَال وَبِقِيمَتِهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِثْلٌ، وَإِنْ تَلِفَتْ بَعْدَ الْحَوْل ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ مِثْلُهَا أَوْ قِيمَتُهَا بِكُل حَالٍ، لأَِنَّهَا دَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ وَتَلِفَتْ مِنْ مَالِهِ سَوَاءٌ فَرَّطَ فِي حِفْظِهَا أَوْ لَمْ يُفَرِّطْ، وَإِنْ جَاءَ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠١)</span><hr/></div>صَاحِبُهَا بَعْدَ الْحَوْل وَوَجَدَ الْعَيْنَ نَاقِصَةً أَخَذَ الْعَيْنَ وَأَرْشَ نَقْصِهَا، لأَِنَّ جَمِيعَهَا مَضْمُونٌ إِذَا تَلِفَتْ فَكَذَلِكَ إِذَا نَقَصَتْ، لِحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ السَّابِقَيْنِ، وَإِنْ وَجَدَ الْعَيْنَ بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْ مِلْكِ الْمُلْتَقِطِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ، لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا، وَلَهُ أَخْذُ بَدَلِهَا لأَِنَّ تَصَرُّفَ الْمُلْتَقِطِ وَقَعَ صَحِيحًا لِكَوْنِهَا صَارَتْ فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ وَجَدَهَا رَجَعَتْ إِلَى الْمُلْتَقِطِ بِفَسْخٍ أَوْ شِرَاءٍ فَلَهُ أَخْذُهَا لأَِنَّهُ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ فِي يَدِ مُلْتَقِطِهِ فَكَانَ لَهُ أَخْذُهُ، وَقِيمَةُ اللُّقَطَةِ تُعْتَبَرُ يَوْمَ التَّمَلُّكِ، لأَِنَّهُ يَوْمُ دُخُول الْعَيْنِ فِي ضَمَانِهِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌رِدُّ اللُّقَطَةِ إِلَى مَوْضِعِهَا</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> يَرَى أَبُو حَنِيفَةَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَمَالِكٌ أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إِذَا أَخَذَ اللُّقَطَةَ ثُمَّ رَدَّهَا إِلَى مَكَانِهَا الَّذِي أَخَذَهَا مِنْهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، لأَِنَّهُ أَخَذَهَا مُحْتَسِبًا مُتَبَرِّعًا لِيَحْفَظَهَا عَلَى صَاحِبِهَا، فَإِذَا رَدَّهَا إِلَى مَكَانِهَا فَقَدْ فَسَخَ التَّبَرُّعَ مِنَ الأَْصْل، فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهَا أَصْلاً، وَهَذَا الْحُكْمُ إِذَا أَخَذَهَا لِيَحْفَظَهَا لِصَاحِبِهَا وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِالإِْشْهَادِ عَلَيْهَا حِينَ الاِلْتِقَاطِ، أَمَّا إِذَا أَخَذَهَا لِيَتَمَلَّكَهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 6 / 118 - 120، والمدونة 6 / 178، وبدائع الصنائع 6 / 3866 - 3868، ومغني المحتاج 2 / 416، وروضة الطالبين 5 / 415، والمغني والشرح الكبير 6 / 339 - 343.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٢)</span><hr/></div>لَا يَضْمَنُ سَوَاءٌ أَشْهَدَ أَمْ لَا، وَيَكُونُ الْقَوْل قَوْل الْمُلْتَقِطِ مَعَ يَمِينِهِ. وَيَرَى أَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إِذَا رَدَّ اللُّقَطَةَ بَعْدَ أَخْذِهَا فَضَاعَتْ أَوْ هَلَكَتْ ضَمِنَهَا، لأَِنَّهَا أَمَانَةٌ حَصَلَتْ فِي يَدِهِ فَلَزِمَهُ حِفْظُهَا فَإِذَا ضَيَّعَهَا لَزِمَهُ ضَمَانُهَا كَمَا لَوْ ضَيَّعَ الْوَدِيعَةَ، أَمَّا إِذَا ضَاعَتِ اللُّقَطَةُ مِنْ مُلْتَقِطِهَا بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، لأَِنَّهَا أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ، فَإِنْ ضَاعَتْ مِنَ الأَْوَّل فَالْتَقَطَهَا آخِرُ فَعَرَفَ أَنَّهَا ضَاعَتْ مِنَ الأَْوَّل فَعَلَيْهِ رَدُّهَا إِلَيْهِ، لأَِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ التَّمَوُّل، وَوِلَايَةُ التَّعْرِيفِ وَالْحِفْظِ، فَلَا يَزُول ذَلِكَ بِالضَّيَاعِ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفِ الثَّانِي مِمَّنْ ضَاعَتْ حَتَّى عَرَّفَهَا حَوْلاً مَلَكَهَا لأَِنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ وُجِدَ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ عُدْوَانٍ فَيَثْبُتُ الْمِلْكُ بِهِ، وَلَا يَمْلِكُ الأَْوَّل انْتِزَاعَهَا مِنْهُ، لأَِنَّ الْمِلْكَ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ التَّمَلُّكِ، وَإِذَا جَاءَ صَاحِبُهَا فَلَهُ أَخْذُهَا مِنَ الثَّانِي وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الأَْوَّل لأَِنَّهُ لَمْ يُفَرِّطْ فِي الْحِفْظِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَمَلُّكُ اللُّقَطَةِ</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ جِوَازَ تَمَلُّكِ الْمُلْتَقِطِ اللُّقَطَةَ إِذَا عَرَّفَهَا لِلتَّمَلُّكِ سَنَةً أَوْ دُونَهَا وَلَمْ تُعْرَفْ، وَصَارَتْ مِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 6 / 3867 - 3868، والمدونة الكبرى 6 / 178، والمغني والشرح الكبير 6 / 341 - 343.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٢)</span><hr/></div>مَالِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ غَنِيًّا أَمْ فَقِيرًا وَتَدْخُل فِي مِلْكِهِ عِنْدَ تَمَامِ التَّعْرِيفِ، كَمَا أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَرَى أَنَّ اللُّقَطَةَ لَا تَدْخُل مِلْكَ الْمُلْتَقِطِ حَتَّى يَخْتَارَ التَّمَلُّكَ بِلَفْظٍ يَدُل عَلَى الْمِلْكِ كَتَمَلَّكْتُ مَا الْتَقَطْتُهُ، أَمَّا الأَْخْرَسُ فَتَكْفِي إِشَارَتُهُ الْمُفْهِمَةُ كَسَائِرِ عُقُودِهِ.</p>وَيَرَى أَبُو حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَمَلُّكُ اللُّقَطَةِ وَالاِنْتِفَاعُ بِهَا إِلَاّ إِذَا كَانَ الْمُلْتَقِطُ فَقِيرًا، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَحْقِيقِ النَّظَرِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، نَظَرُ الثَّوَابِ لِلْمَالِكِ، وَنَظَرُ الاِنْتِفَاعِ لِلْمُلْتَقِطِ، وَلِهَذَا جَازَ الدَّفْعُ إِلَى فَقِيرٍ غَيْرِهِ، كَمَا يَجُوزُ لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَدْفَعَهَا إِلَى أَبِيهِ أَوِ ابْنِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ إِذَا كَانُوا فُقَرَاءَ وَإِنْ كَانَ هُوَ غَنِيًّا.</p>وَوَلَدُ اللُّقَطَةِ كَاللُّقَطَةِ إِنْ كَانَتْ حَامِلاً عِنْدَ الْتِقَاطِهَا وَانْفَصَل مِنْهَا قَبْل تَمَلُّكِهَا، وَإِلَاّ مَلَكَهُ تَبَعًا لأُِمِّهِ.</p>وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْهَاشِمِيِّ وَغَيْرِهِ، وَلَا بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ فِي جِوَازِ تَمَلُّكِ اللُّقَطَةِ، أَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَيَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَمَلُّكُ اللُّقَطَةِ لِمَنْ لَا تَحِل لَهُ الصَّدَقَةُ كَالْغَنِيِّ.</p>وَإِذَا الْتَقَطَهَا اثْنَانِ أَوْ أَكْثَرُ مَلَكَاهَا جَمِيعًا، وَإِنْ رَآهَا أَحَدُهُمَا وَأَخَذَهَا الآْخَرُ مَلَكَهَا الآْخِذُ دُونَ مَنْ رَآهَا، لأَِنَّ اسْتِحْقَاقَ اللُّقَطَةِ بِالأَْخَذِ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٣)</span><hr/></div>لَا بِالرُّؤْيَةِ كَالاِصْطِيَادِ (1) .</p>وَاللُّقَطَةُ تُمْلَكُ مِلْكًا مُرَاعًى يَزُول بِمَجِيءِ صَاحِبِهَا، وَيَضْمَنُ لَهُ بَدَلَهَا إِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَمْلِكُهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ، وَإِنَّمَا يَتَجَدَّدُ وُجُوبُ الْعِوَضِ بِمَجِيءِ صَاحِبِهَا.</p>وَاسْتَدَل مَنْ ذَهَبَ إِلَى جِوَازِ تَمَلُّكِ اللُّقَطَةِ بَعْدَ حَوْل التَّعْرِيفِ، بِالْحَدِيثِ الشَّرِيفِ: مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ ذَا عَدْلٍ أَوْ ذَوِي عَدْلٍ وَلَا يَكْتُمْ وَلَا يُغَيِّبْ، فَإِنْ وَجَدَ صَاحِبَهَا فَلْيَرُدَّهَا عَلَيْهِ، وَإِلَاّ فَهُوَ مَال اللَّهِ عز وجل يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ (2) .</p>وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ مِنْ جِوَازِ التَّمَلُّكِ الْحَالَاتِ الآْتِيَةَ:</p>أ - اللُّقَطَةُ الَّتِي دَفَعَهَا لِلْحَاكِمِ وَتَرَكَ التَّعْرِيفَ وَالتَّمَلُّكَ ثُمَّ نَدِمَ وَأَرَادَ أَنْ يُعَرِّفَ وَيَتَمَلَّكَ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ لأَِنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ.</p>ب - أَخْذُ اللُّقَطَةِ لِلْخِيَانَةِ.</p>ج - لُقَطَةُ الْحَرَمِ.</p>قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَإِذَا مَاتَ الْمُلْتَقِطُ وَاللُّقَطَةُ مَوْجُودَةٌ عِنْدَهُ بِعَيْنِهَا قَامَ مُوَرَّثُهُ مَقَامَهُ بِإِتْمَامِ تَعْرِيفِهَا إِنْ مَاتَ قَبْل الْحَوْل، وَيَمْلِكُهَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 3 / 307، وحاشية الدسوقي 4 / 121، ومغني المحتاج 2 / 415، والمغني والشرح الكبير 6 / 326 - 330.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" من وجد لقطة فليشهد. . . ". أخرجه أبو داود (2 / 335) من حديث عياض بن حمار.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٣)</span><hr/></div>بَعْدَ إِتْمَامِ التَّعْرِيفِ، فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْحَوْل وَرِثَهَا الْوَارِثُ كَسَائِرِ أَمْوَال الْمَيِّتِ، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا أَخَذَهَا مِنَ الْوَارِثِ كَمَا يَأْخُذُهَا مِنَ الْمُوَرِّثِ، فَإِنْ كَانَتْ مَعْدُومَةَ الْعَيْنِ فَصَاحِبُهَا غَرِيمٌ لِلْمَيِّتِ بِمِثْلِهَا إِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الأَْمْثَال، أَوْ بِقِيمَتِهَا إِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ، فَيَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْ تَرِكَتِهِ إِنِ اتَّسَعَتْ لِذَلِكَ، فَإِنْ ضَاقَتِ التَّرِكَةُ زَاحَمَ الْغُرَمَاءَ بِبَدَلِهَا، سَوَاءٌ تَلِفَتْ بَعْدَ الْحَوْل بِفِعْلِهِ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ، لأَِنَّهَا دَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ بِمُضِيِّ الْحَوْل، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا تَلِفَتْ قَبْل الْحَوْل بِغَيْرِ تَفْرِيطِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَا شَيْءَ لِصَاحِبِهَا لأَِنَّهَا أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ تَلِفَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطِهِ فَلَمْ يَضْمَنْهَا كَالْوَدِيعَةِ، وَكَذَلِكَ إِنْ تَلِفَتْ بَعْدَ الْحَوْل قِيل يَمْلِكُهَا مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ عَلَى رَأْيِ مَنْ رَأَى أَنَّهَا لَا تَدْخُل فِي مِلْكِهِ حَتَّى يَتَمَلَّكَهَا وَذَلِكَ فِي الرَّاجِحِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الاِتِّجَارُ فِي اللُّقَطَةِ</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ يَدَ الْمُلْتَقِطِ عَلَى اللُّقَطَةِ يَدُ أَمَانَةٍ وَحِفْظٍ خِلَال الْحَوْل، وَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ الاِتِّجَارُ فِيهَا خِلَال هَذِهِ الْمُدَّةِ، لأَِنَّ فِي ذَلِكَ تَعْرِيضًا لِلْهَلَاكِ أَوِ الضَّيَاعِ أَوِ النَّقْصِ بِفِعْلٍ مِنَ الْمُلْتَقِطِ عَنْ قَصْدٍ، إِذِ التِّجَارَةُ تَحْتَمِل الرِّبْحَ وَالْخَسَارَةَ، وَالْمُلْتَقِطُ مَمْنُوعٌ مِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 2 / 415 - 417 والمغني والشرح الكبير 6 / 349.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٤)</span><hr/></div>تَعْرِيضِ مَا الْتَقَطَهُ لِلْهَلَاكِ أَوِ الضَّيَاعِ أَوِ النُّقْصَانِ، وَإِذَا اتَّجَرَ فِيهَا خِلَال الْحَوْل فَهُوَ ضَامِنٌ لَهَا، أَوْ ضَامِنٌ لأَِرْشِ نَقْصِهَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَإِذَا رَبِحَتْ خِلَال الْحَوْل وَجَاءَ صَاحِبُهَا فَيَجِبُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ رَدُّهَا إِلَيْهِ مَعَ زِيَادَتِهَا الْمُتَّصِلَةِ أَوِ الْمُنْفَصِلَةِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌النَّفَقَةُ عَلَى اللُّقَطَةِ</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> اللُّقَطَةُ خِلَال مُدَّةِ التَّعْرِيفِ إِمَّا أَنْ تَحْتَاجَ إِلَى نَفَقَةٍ لِلإِْبْقَاءِ عَلَيْهَا كَمَا هُوَ الْحَال بِالنِّسْبَةِ إِلَى الأَْنْعَامِ مِثْل نَفَقَةِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَأُجْرَةِ الرَّاعِي، وَإِمَّا أَنْ لَا تَحْتَاجَ إِلَى نَفَقَةٍ كَمَا فِي النُّقُودِ، وَإِمَّا أَنْ تَحْتَاجَ إِلَى بَعْضِ النَّفَقَةِ كَمَا فِي أُجْرَةِ الْحَمْل بِالنِّسْبَةِ لِلأَْمْتِعَةِ، وَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ مُلْتَقِطَ الأَْنْعَامِ إِذَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَأَمْرِهِ كَانَ مَا أَنْفَقَهُ دَيْنًا عَلَى صَاحِبِهَا لأَِنَّ لِلْحَاكِمِ وَالْقَاضِي وِلَايَةً فِي مَال الْغَائِبِ نَظَرًا لَهُ، وَقَدْ يَكُونُ النَّظَرُ بِالإِْنْفَاقِ، وَكَذَلِكَ الْحَال إِذَا أَنْفَقَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْحَاكِمِ عَلَى رَأْيِ مَالِكٍ بَيْنَمَا يَرَى الأَْئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ أَنَّهُ إِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إِذْنِ الْحَاكِمِ أَوِ الْقَاضِي فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِمَا أَنْفَقَهُ لِقُصُورِ وِلَايَتِهِ فِي مَال الْغَائِبِ بِإِشْغَال ذِمَّتِهِ بِالدَّيْنِ بِدُونِ أَمْرِهِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 6 / 118 - 120، وبدائع الصنائع 6 / 202 - 203، والمدونة الكبرى 6 / 175، 178، ومغني المحتاج 2 / 416، وروضة الطالبين 5 / 415، والمغني والشرح الكبير 6 / 339 - 343.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٤)</span><hr/></div>السَّابِقُ فِيمَا إِذَا الْتَقَطَ مَا يُمْكِنُ بَقَاؤُهُ بِلَا إِنْفَاقٍ عَلَيْهِ كَالرُّطَبِ الَّذِي يَتَتَمَّرُ وَالْعِنَبِ الَّذِي يَتَزَبَّبُ وَاللَّبَنِ الَّذِي يَتَحَوَّل إِلَى أَقِطٍ إِنْ كَانَ الأَْحَظَّ وَالأَْفْضَل لِصَاحِبِهِ الإِْبْقَاءُ عَلَيْهِ وَالاِحْتِفَاظُ بِهِ، وَإِلَاّ أَمَرَهُ الْقَاضِي بِبَيْعِهِ وَالاِحْتِفَاظِ بِثَمَنِهِ.</p>وَإِذَا رَفَعَ الْمُلْتَقِطُ الأَْمْرَ إِلَى الْحَاكِمِ نَظَرَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ لِلْبَهِيمَةِ مَنْفَعَةٌ وَثَمَّ مَنْ يَسْتَأْجِرُهَا أَجَّرَهَا وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنْ أُجْرَتِهَا، لأَِنَّ فِيهِ إِبْقَاءً لِلْعَيْنِ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا مِنْ غَيْرِ إِلْزَامِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَنْفَعَةٌ وَخَافَ أَنْ تَسْتَغْرِقَ النَّفَقَةُ قِيمَتَهَا بَاعَهَا وَأَمَرَ بِحِفْظِ ثَمَنِهَا، إِبْقَاءً لَهُ مَعْنًى عِنْدَ تَعَذُّرِ إِبْقَائِهِ صُورَةً، لأَِنَّ الثَّمَنَ يَقُومُ مَقَامَ الْعَيْنِ إِذْ يَصِل بِهِ إِلَى مِثْلِهِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنْ كَانَ الأَْصْلَحُ الإِْنْفَاقَ عَلَيْهَا أَذِنَ فِي ذَلِكَ وَجَعَل النَّفَقَةَ دَيْنًا عَلَى مَالِكِهَا، لأَِنَّهُ نُصِبَ نَاظِرًا، وَفِي هَذَا نَظَرٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، وَإِنَّمَا يَأْمُرُ بِالإِْنْفَاقِ مُدَّةَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ عَلَى قَدْرِ مَا يُرْجَى أَنْ يَظْهَرَ مَالِكُهَا، فَإِذَا لَمْ يَظْهَرْ يَأْمُرُ بِبَيْعِهَا لأَِنَّ دَوَامَ النَّفَقَةِ مُسْتَأْصِلَةٌ بِالْعَيْنِ مَعْنًى، بَل رُبَّمَا تَذْهَبُ بِالْعَيْنِ وَيَبْقَى الدَّيْنُ عَلَى مَالِكِهَا وَلَا نَظَرَ فِي ذَلِكَ أَصْلاً، بَل يَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْفُذَ ذَلِكَ مِنَ الْقَاضِي لَوْ أَمَرَ بِهِ لِلتَّيَقُّنِ بِعَدِمِ النَّظَرِ، وَإِذَا بَاعَهَا أُعْطِيَ الْمُلْتَقِطُ مِنْ ثَمَنِهَا مَا</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٥)</span><hr/></div>أَنْفَقَ فِي الْيَوْمَيْنِ أَوِ الثَّلَاثَةِ، لأَِنَّ الثَّمَنَ مَال صَاحِبِهَا وَالنَّفَقَةَ دَيْنٌ عَلَيْهِ بِعِلْمِ الْقَاضِي، وَصَاحِبُ الدَّيْنِ إِذَا ظَفِرَ بِجَنْسِ حَقِّهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ، فَإِنْ بَاعَهَا الْمُلْتَقِطُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْقَاضِي لَا يَنْفُذُ الْبَيْعُ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى إِذْنِ الْمَالِكِ، فَإِنْ جَاءَ وَهِيَ قَائِمَةٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ وَإِنْ شَاءَ أَبْطَلَهُ وَأَخَذَهَا مِنْ يَدِهِ، وَإِنْ جَاءَ وَهِيَ هَالِكَةٌ فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ قِيمَتَهَا، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْبَائِعَ، فَإِنْ ضَمِنَ الْبَائِعُ نَفَذَ الْبَيْعُ لأَِنَّهُ مَلَكَ اللُّقَطَةَ مِنْ حِينِ أَخْذِهَا، وَكَانَ الثَّمَنُ لِلْبَائِعِ وَيَتَصَدَّقُ بِمَا زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ.</p>وَإِذَا حَضَرَ الْمَالِكُ وَقَدْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا الْمُلْتَقِطُ فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْهُ حَتَّى يُحْضِرَ النَّفَقَةَ، لأَِنَّهَا حَيَّةٌ بِنَفَقَتِهِ، فَصَارَ الْمَالِكُ كَأَنَّهُ اسْتَفَادَ الْمِلْكَ مِنْ جِهَةِ الْمُلْتَقِطِ فَأَشْبَهَ الْمَبِيعَ، ثُمَّ لَا يَسْقُطُ دَيْنُ النَّفَقَةِ بِهَلَاكِ اللُّقَطَةِ فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ قَبْل الْحَبْسِ، وَيَسْقُطُ إِذَا هَلَكَ بَعْدَ الْحَبْسِ لأَِنَّهَا تَصِيرُ بِالْحَبْسِ شَبِيهَةً بِالرَّهْنِ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُ حَقِّهِ بِهَا.</p>أَمَّا إِنْ أَنْفَقَ الْمُلْتَقِطُ عَلَى اللُّقَطَةِ وَانْتَفَعَ بِهَا كَأَنْ تَكُونَ دَابَّةً فَرَكِبَهَا أَوْ مَاشِيَةً فَحَلَبَهَا وَشَرِبَ لَبَنَهَا فَلَا يَرْجِعُ عَلَى مَالِكِهَا " بِالنَّفَقَةِ (1)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 6 / 125 - 127، وبدائع الصنائع 6 / 3871، ومختصر الطحاوي ص140، 141، والمدونة الكبرى 6 / 176، ومغني المحتاج 2 / 410 - 414، والمغني والشرح الكبير 6 / 366، 367.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌التَّصَدُّقُ بِاللُّقَطَةِ</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى جِوَازِ التَّصَدُّقِ بِاللُّقَطَةِ إِذَا عَرَّفَهَا الْمُلْتَقِطُ وَلَمْ يَحْضُرْ صَاحِبُهَا مُدَّةَ التَّعْرِيفِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى إِذْنِ الْحَاكِمِ، وَيَتَصَدَّقُ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ.</p>وَيَرَى أَبُو حَنِيفَةَ أَنَّ صَاحِبَ اللُّقَطَةِ إِذَا جَاءَ بَعْدَمَا تَصَدَّقَ بِهَا الْمُلْتَقِطُ فَهُوَ بِأَحَدِ خِيَارَاتٍ ثَلَاثٍ:</p>أ - إِنْ شَاءَ أَمَضَى الصَّدَقَةَ، لأَِنَّ التَّصَدُّقَ وَإِنْ حَصَل بِإِذْنِ الشِّرْعِ لَمْ يَحْصُل بِإِذْنِ الْمَالِكِ، فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إِجَازَتِهِ، وَحُصُول الثَّوَابِ لِلإِْنْسَانِ يَكُونُ بِفِعْلٍ مُخْتَارٍ لَهُ، وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ قَبْل لُحُوقِ الإِْذْنِ وَالرِّضَا، فَبِالإِْجَازَةِ وَالرِّضَا يَصِيرُ كَأَنَّهُ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ لِرِضَاهُ بِذَلِكَ.</p>ب - وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُلْتَقِطُ، لأَِنَّهُ سَلَّمَ مَالَهُ إِلَى غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، إِلَاّ أَنَّهُ بِإِبَاحَةٍ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي الضَّمَانَ حَقًّا لِلْعَبْدِ، كَمَا فِي تَنَاوُل مَال الْغَيْرِ حَالَةَ الْمَخْمَصَةِ، وَالْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ مَعَ ثُبُوتِ الضَّمَانِ.</p>ج - وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمِسْكِينُ إِذَا هَلَكَ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٦)</span><hr/></div>الْمَدْفُوعُ إِلَيْهِ فِي يَدِهِ، لأَِنَّهُ قَبَضَ مَالَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَأَيَّهَا ضَمِنَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَرْكُ الْمَتَاعِ</span></p><font color=#ff0000>18 -</font> سَبَقَ الْقَوْل أَنَّ مِلْكَ الْمَالِكِ لَا يَزُول إِلَاّ بِسَبَبٍ مَشْرُوعٍ، وَقَدْ يَظْهَرُ مِنْ فِعْلِهِ مَا يَدُل عَلَى تَخَلِّيهِ عَنْ مِلْكِهِ لِعَدَمِ حَاجَتِهِ، أَوْ لِتَقْصِيرِهِ عَنِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ، أَوْ لِحَقَارَةِ مَا فَقَدَهُ أَوْ سَقَطَ مِنْهُ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْمَالِكَ قَدْ تَخَلَّى عَنْهُ لِمَا تَقَدَّمَ فَيَجُوزُ أَخْذُهُ وَتَمَلُّكُهُ، وَلَا يُعَرِّفُهُ الآْخِذُ لأَِنَّ التَّعْرِيفَ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ أَجْل مَعْرِفَةِ صَاحِبِهِ وَالْوُصُول إِلَيْهِ لِرِدِّ مَا فَقَدَهُ، أَمَّا وَأَنَّ الْمَالِكَ قَدْ تَخَلَّى عَنْهُ فَلَا يُرَدُّ إِلَيْهِ، كَمَا فِي إِلْقَاءِ بَعْضِ الأَْثَاثِ فِي مَوَاضِعِ الْقُمَامَةِ أَوْ خَارِجَ الْبُيُوتِ لَيْلاً، وَكَمَا هُوَ الْحَال بِالنِّسْبَةِ لِلسَّنَابِل السَّاقِطَةِ أَثْنَاءَ الْحَصَادِ وَعَلَى الطُّرُقَاتِ وَكَسُقُوطِ السَّوْطِ وَالْعَصَا وَحَبَّاتٍ مِنَ التَّمْرِ فِي الطَّرِيقِ، فَمِثْل هَذِهِ الأَْشْيَاءِ يَجُوزُ أَخْذُهَا وَالاِنْتِفَاعُ بِهَا وَلَا تُعَرَّفُ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْجُعْل عَلَى اللُّقَطَةِ</span></p><font color=#ff0000>19 -</font> يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ جِوَازَ أَخْذِ الْجُعْل، إِنْ جَعَل صَاحِبُ اللُّقَطَةِ جُعْلاً مَعْلُومًا لِمَنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 6 / 124، وتبيين الحقائق 3 / 304، وبدائع الصنائع 6 / 3870، والمدونة الكبرى 6 / 180، ومغني المحتاج 2 / 410، والقواعد لابن رجب ص 240.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الكبير مع الدسوقي 4 / 120، ومغني المحتاج 2 / 414، وكشاف القناع 4 / 209.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٦)</span><hr/></div>وَجَدَهَا، فَلِلْمُلْتَقِطِ أَخْذُ الْجُعْل إِنْ كَانَ الْتَقَطَهَا بَعْدَ أَنْ بَلَغَهُ الْجُعْل، لأَِنَّ الْجَعَالَةَ فِي رَدِّ الضَّالَّةِ وَالآْبِقِ وَغَيْرِهِمَا جَائِزَةٌ بِدَلِيل قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْل بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} (1) .</p>وَمِنَ الْحَدِيثِ مَا رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رضي الله عنه أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَوْا حَيًّا مِنَ الْعَرَبِ فَلَمْ يَقْرُوهُمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ لُدِغَ سَيِّدُ أُولَئِكَ فَقَالُوا: هَل فِيكُمْ رَاقٍ؟ فَقَالُوا: لَمْ تَقْرُونَا فَلَا نَفْعَل حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلاً فَجَعَلُوا لَهُمْ قَطِيعَ شِيَاهٍ، فَجَعَل رَجُلٌ يَجْمَعُ بُزَاقَهُ وَيَتْفُل وَيَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، فَبَرَأَ الرَّجُل فَأَتَوْا بِالشَّاةِ فَقَالُوا: لَا نَأْخُذُهَا حَتَّى نَسْأَل عَنْهَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلُوهُ فَقَال: وَمَا يَدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ، اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا (2) .</p>وَالْحَاجَةُ تَدْعُو أَحْيَانًا كَثِيرَةً إِلَى جَعْل جُعْلٍ عَلَى رِدِّ اللُّقَطَةِ، طَلَبًا لِلسُّرْعَةِ فِي رَدِّهَا، وَلأَِنَّهُ قَدْ لَا يَجِدُ مَنْ يَتَبَرَّعُ بِهِ.</p>وَيَجُوزُ أَنْ يَجْعَل الْجُعْل لِشَخْصٍ بِعَيْنِهِ فَيَقُول: إِنْ رَدَدْتَ لُقَطَتِي فَلَكَ دِينَارٌ مَثَلاً،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة يوسف / 72.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث أبي سعيد:" أن ناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أتوا حيًّا من العرب. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 453) ومسلم (4 / 1727) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٧)</span><hr/></div>فَيَجْتَهِدُ هَذَا فِي الْبَحْثِ عَنْهَا وَرَدِّهَا، وَيَجُوزُ أَنْ يَجْعَل الْجُعْل لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ فَيَقُول: مَنْ رَدَّ عَلَيَّ ضَالَّتِي فَلَهُ كَذَا فَمَنْ رَدَّهَا عَلَيْهِ اسْتَحَقَّ الْجُعْل (1) ، أَمَّا إِنْ رَدَّ اللُّقَطَةَ أَوِ الضَّالَّةَ عَلَى صَاحِبِهَا وَلَمْ يَجْعَل جُعْلاً عَلَيْهَا فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا، لأَِنَّهُ عَمَلٌ يَسْتَحِقُّ بِهِ الْعِوَضَ مَعَ الْمُعَاوَضَةِ فَلَا يَسْتَحِقُّ مَعَ عَدِمِهَا كَالْعَمَل فِي الإِْجَارَةِ، كَمَا أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْل إِنِ الْتَقَطَ قَبْل أَنْ يَبْلُغَهُ الْجُعْل فَرَدَّهَا لِعِلَّةِ الْجُعْل، لأَِنَّهُ الْتَقَطَهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَعَمِل فِي مَال غَيْرِهِ بِغَيْرِ جَعْل جُعْلٍ فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا، كَمَا لَوِ الْتَقَطَهَا وَلَمْ يَجْعَل رَبُّهَا فِيهَا شَيْئًا (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌رَدُّ اللُّقَطَةِ إِلَى صَاحِبِهَا</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> يُشْتَرَطُ لِرِدِّ اللُّقَطَةِ إِلَى صَاحِبِهَا أَنْ يَصِفَهَا وَيَتَعَرَّفَ عَلَيْهَا بِذِكْرِ عَلَامَاتٍ تُمَيِّزُهَا عَنْ غَيْرِهَا، كَذِكْرِ عَدَدِهَا أَوْ بَعْضِ عَلَامَاتِ الدَّابَّةِ وَمَكَانِ فَقْدِهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، أَوْ يَثْبُتُ أَنَّهَا لَهُ بِالْبَيِّنَةِ، فَإِذَا ذَكَرَ عَلَامَاتِهَا مِنَ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ وَالْعَدَدِ وَالْوَزْنِ فَيَجُوزُ لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَدْفَعَهَا إِلَيْهِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْهُ كَفِيلاً زِيَادَةً فِي الاِسْتِيثَاقِ، لأَِنَّ رَدَّهَا إِلَيْهِ إِذَا وَصَفَهَا مِمَّا وَرَدَ بِهِ الشِّرْعُ، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 5 / 724، 725.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني والشرح الكبير 6 / 350 - 358، والبناية شرح الهداية 6 / 35.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٧)</span><hr/></div>الْفُقَهَاءِ، وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا بَعْدَ ذَلِكَ هَل يُجْبَرُ قَضَاءً عَلَى رَدِّهَا لِصَاحِبِهَا بِمُجَرَّدِ ذِكْرِ عَلَامَاتِهَا الْمُمَيَّزَةِ أَمْ لَا بُدَّ مِنَ الْبَيِّنَةِ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:</p>ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الرَّاجِحِ مِنَ الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ لَا يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ اللُّقَطَةِ إِلَى مُدَّعِيهَا بِلَا بَيِّنَةٍ، لأَِنَّهُ مُدَّعٍ فَيَحْتَاجُ إِلَى بَيِّنَةٍ كَغَيْرِهِ، وَلأَِنَّ اللُّقَطَةَ مَالٌ لِلْغَيْرِ فَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ بِالْوَصْفِ كَالْوَدِيعَةِ، لَكِنْ يَرَى الْحَنَفِيَّةُ جِوَازَ تَسْلِيمِهَا لِمُدَّعِيهَا عِنْدَ إِصَابَةِ عَلَامَتِهَا، كَمَا يَرَى الشَّافِعِيَّةُ جِوَازَ تَسْلِيمِهَا إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّ الْمُلْتَقِطِ صَدْقُ مُدَّعِيهَا.</p>وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:". فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَعَرَفَ عِفَاصَهَا وَعَدَدَهَا وَوِكَاءَهَا فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ، وَإِلَاّ فَهِيَ لَكَ (1) .</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ اللُّقَطَةِ لِصَاحِبِهَا إِذَا وَصَفَهَا بِصِفَاتِهَا الْمَذْكُورَةِ، سَوَاءٌ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صَدْقُهُ أَمْ لَا، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى بَيِّنَةٍ، عَمَلاً بِظَاهِرِ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ السَّابِقِ وَفِيهِ:. . . اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ فَاسْتَنْفِقْهَا، وَلْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ، فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهَا يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ فَأَدِّهَا إِلَيْهِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " فإن جاءها صاحبها فعرف عفاصها. . . ". أخرجه مسلم (3 / 1349) من حديث زيد بن خالد الجهني.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " اعرف وكاءها وعفاصها. . . ". أخرج هذه الرواية مسلم (3 / 1349) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٨)</span><hr/></div>وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُخْبِرُكَ بِعَدَدِهَا وَوِعَائِهَا وَوِكَائِهَا فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ (1) .</p>وَلأَِنَّهُ مِنَ الْمُتَعَذِّرِ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى اللُّقَطَةِ، لأَِنَّهَا ضَاعَتْ مِنْ صَاحِبِهَا حَال السَّهْوِ وَالْغَفْلَةِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ شُهُودٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ الأَْوْصَافِ وَالْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ مِنَ الْبَيِّنَةِ (2) .</p>وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهَا لِمُدَّعِيهَا إِذَا لَمْ يَصِفْهَا بِصِفَاتِهَا وَلَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً عَلَيْهَا، وَلَمْ يَعْلَمِ الْمُلْتَقِطُ أَنَّهَا لَهُ، وَلَا يُجْبِرُهُ الْحَاكِمُ عَلَى دَفْعِهَا إِلَيْهِ، لأَِنَّ النَّاسَ لَا يُعْطَوْنَ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، فَإِنِ ادَّعَاهَا اثْنَانِ وَوَصَفَاهَا، أَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ مُتَسَاوِيَتَيْنِ أَقْرَعَ الْمُلْتَقِطُ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ وَقَعَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ حَلَفَ وَدُفِعَتْ إِلَيْهِ، لأَِنَّهُمَا تَسَاوَيَا فِيمَا يُسْتَحَقُّ بِهِ الدَّفْعُ فَتَسَاوَيَا فِيهِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌اللُّقَطَةُ فِي الْحَرَمِ</span></p><font color=#ff0000>21 -</font> يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ لُقَطَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" فإن جاء أحد يخبرك بعددها. . . ". أخرجه مسلم (3 / 1351) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 6 / 129، 130، والمدونة الكبرى 6 / 174، 175، وتبيين الحقائق 3 / 306، ومغني المحتاج 2 / 416، 417، والمغني والشرح الكبير 6 / 336، 337.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني والشرح الكبير 6 / 337.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٨)</span><hr/></div>الْحِل وَلُقَطَةِ الْحَرَمِ مِنْ حَيْثُ جِوَازِ الاِلْتِقَاطِ وَالتَّعْرِيفِ لِمُدَّةِ سَنَةٍ، لأَِنَّ اللُّقَطَةَ كَالْوَدِيعَةِ فَلَمْ يَخْتَلِفْ حُكْمُهَا بِالْحِل وَالْحَرَمِ، وَالأَْحَادِيثُ النَّبَوِيَّةُ الشَّرِيفَةُ لَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَ لُقَطَةِ الْحِل وَالْحَرَمِ، مِثْل قَوْلِهِ: اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً (1) .</p>وَيَرَى الشَّافِعِيُّ أَنَّ لُقَطَةَ الْحَرَمِ لَا يَحِل أَخْذُهَا إِلَاّ لِلتَّعْرِيفِ وَأَنَّهَا تُعَرَّفُ عَلَى الدَّوَامِ، إِذْ إِنَّ الأَْحَادِيثَ الْخَاصَّةَ بِلُقَطَةِ الْحَرَمِ لَمْ تُوَقِّتِ التَّعْرِيفَ بِسَنَةٍ كَغَيْرِهَا، فَدَلَّتْ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ التَّعْرِيفَ عَلَى الدَّوَامِ، وَإِلَاّ فَلَا فَائِدَةَ مِنَ التَّخْصِيصِ، وَلأَِنَّ مَكَّةَ شَرَّفَهَا اللَّهُ، مَثَابَةٌ لِلنَّاسِ يَعُودُونَ إِلَيْهَا الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ، فَرُبَّمَا يَعُودُ مَالِكُهَا مِنْ أَجْلِهَا مَرَّةً ثَانِيَةً، أَوْ يَبْعَثُ فِي طَلَبِهَا، فَكَأَنَّهُ جَعَل مَالَهُ بِهِ مَحْفُوظًا مِنَ الضَّيَاعِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌اللُّقَطَةُ فِي دَارِ الْحَرْبِ</span></p><font color=#ff0000>22 -</font> مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنْ كَانَ فِي الْجَيْشِ عَرَّفْهَا سَنَةً فِي دَارِ الإِْسْلَامِ ثُمَّ يَطْرَحُهَا فِي الْمَغْنَمِ، وَإِنَّمَا يُعَرِّفُهَا فِي دَارِ الإِْسْلَامِ لأَِنَّ أَمْوَال أَهْل الْحَرْبِ مُبَاحَةٌ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِمُسْلِمٍ، وَلأَِنَّهُ قَدْ لَا يُمْكِنُهُ الْمُقَامُ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" اعرف وكاءها. . . ". تقدم تخريجه ف8.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 6 / 128، الأم 4 / 67، مغني المحتاج 2 / 417، والمغني والشرح الكبير 6 / 332.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٩)</span><hr/></div>دَارِ الْحَرْبِ لِتَعْرِيفِهَا، وَابْتِدَاءُ التَّعْرِيفِ يَكُونُ فِي الْجَيْشِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، لاِحْتِمَال أَنَّهَا لأَِحَدِ أَفْرَادِهِ، فَإِذَا قَفَل رَاجِعًا أَتَمَّ التَّعْرِيفَ فِي دَارِ الإِْسْلَامِ، أَمَّا إِنْ دَخَل دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَوَجَدَ لُقَطَةً فَيَنْبَغِي أَنْ يُعَرِّفَهَا فِي دَارِهِمْ، لأَِنَّ أَمْوَالَهُمْ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ، فَإِذَا لَمْ تُعَرَّفْ مَلَكَهَا كَمَا يَمْلِكُهَا فِي دَارِ الإِْسْلَامِ، وَإِنْ دَخَل دَارَهُمْ مُتَلَصَّصًا فَوَجَدَ لُقَطَةً عَرَّفَهَا فِي دَارِ الإِْسْلَامِ، لأَِنَّ أَمْوَالَهُمْ مُبَاحَةٌ لَهُ، ثُمَّ يَكُونُ حُكْمُهَا حُكْمَ غَنِيمَتِهِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌زَكَاةُ اللُّقَطَةِ</span></p><font color=#ff0000>23 -</font> اللُّقَطَةُ الَّتِي لَا يَعْرِفُ عَنْهَا صَاحِبُهَا شَيْئًا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاتُهَا خِلَال فَتْرَةِ فَقْدِهَا وَضَيَاعِهَا، لأَِنَّ مِلْكَهُ لَهَا لَيْسَ تَامًّا إِذْ إِنَّهَا لَيْسَتْ تَحْتَ يَدِهِ حَتَّى يَتَصَرَّفَ فِيهَا، وَلَا يُزَكِّيهَا الْمُلْتَقِطُ فِي عَامِ التَّعْرِيفِ لأَِنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا خِلَال هَذِهِ الْمُدَّةِ، فَإِذَا جَاءَ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ خِلَال حَوْل التَّعْرِيفِ زَكَّاهَا لِلْحَوْل الَّذِي كَانَ الْمُلْتَقِطُ مَمْنُوعًا مِنْهَا إِنْ بَلَغَتِ النِّصَابَ، فَإِنْ كَانَتْ مَاشِيَةً فَإِنَّمَا تَجِبُ زَكَاتُهَا عَلَى صَاحِبِهَا إِذَا كَانَتْ سَائِبَةً عِنْدَ الْمُلْتَقِطِ، فَإِنْ عَلَفَهَا فَلَا زَكَاةَ عَلَى صَاحِبِهَا، وَزَكَاتُهَا بَعْدَ الْحَوْل الأَْوَّل عَلَى الْمُلْتَقِطِ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني والشرح الكبير 6 / 348، نهاية المحتاج 5 / 426.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٩)</span><hr/></div>أَحْمَدَ لأَِنَّهَا تَدْخُل فِي مِلْكِهِ كَالْمِيرَاثِ فَتَصِيرُ كَسَائِرِ مَالِهِ.</p>أَمَّا إِذَا أَخَذَ اللُّقَطَةَ لِلتَّمَلُّكِ فَإِنَّهُ يُزَكِّيهَا لِلْعَامِ الَّذِي عَرَّفَهَا فِيهِ، فَإِذَا جَاءَ صَاحِبُهَا لَمْ يُزَكِّهَا لِذَلِكَ الْحَوْل، وَلَا يَرْجِعُ الْمُلْتَقِطُ عَلَى مَالِكِهَا بِزَكَاتِهَا كَمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهَا (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 6 / 119، والبناية شرح الهداية 6 / 17، والمغني والشرح الكبير 6 / 449، 450، ومغني المحتاج 4 / 412.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لَقِيطٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> اللَّقِيطُ فِي اللُّغَةِ: الطِّفْل الَّذِي يُوجَدُ مَرْمِيًّا عَلَى الطُّرُقِ لَا يُعْرَفُ أَبُوهُ وَلَا أُمُّهُ (1) .</p>وَفِي الْمِصْبَاحِ: وَقَدْ غَلَبَ اللَّقِيطُ عَلَى الْمَوْلُودِ الْمَنْبُوذِ (2) .</p>وَاصْطِلَاحًا عَرَّفَهُ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ: اسْمٌ لِحَيٍّ مَوْلُودٍ طَرَحَهُ أَهْلُهُ خَوْفًا مِنَ الْعَيْلَةِ أَوْ فِرَارًا مِنْ تُهْمَةِ الرِّيبَةِ (3) .</p>وَعَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ بِأَنَّهُ: صَغِيرٌ آدَمِيٌّ لَمْ يُعْلَمْ أَبُوهُ وَلَا رِقُّهُ (4) .</p>وَعَرَّفَهُ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ: كُل صَبِيٍّ ضَائِعٍ لَا كَافِل لَهُ (5) .</p>وَعَرَّفَهُ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ: طِفْلٌ غَيْرُ مُمَيِّزٍ لَا يُعْرَفُ نَسَبُهُ وَلَا رِقُّهُ طُرِحَ فِي شَارِعٍ أَوْ ضَل الطَّرِيقَ مَا بَيْنَ وِلَادَتِهِ إِلَى سِنِّ التَّمْيِيزِ (6) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الدر المختار على رد المحتار 3 / 314.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الخرشي 7 / 130.</p><font color=#ff0000>(5)</font> روضة الطالبين 5 / 418.</p><font color=#ff0000>(6)</font> كشاف القناع 4 / 226.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌أ - اللُّقَطَةُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> اللُّقَطَةُ فِي اللُّغَةِ - بِفَتْحِ الْقَافِ كَمَا قَال الأَْزْهَرِيُّ - اسْمُ الشَّيْءِ الَّذِي تَجِدُهُ مُلْقًى فَتَأْخُذُهُ.</p>وَاللَّقَطُ - بِفَتْحَتَيْنِ - مَا يُلْقَطُ مِنْ مَعْدِنٍ وَسُنْبُل وَغَيْرِهِ، وَاللُّقَطَةُ: مَا الْتُقِطَ (1) .</p>وَشَرْعًا هِيَ: مَالٌ يُوجَدُ ضَائِعًا.</p>قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَخُصَّ اللَّقِيطُ بِبَنِي آدَمَ، وَاللُّقَطَةُ بِغَيْرِهِمْ لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَهُمَا (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌ب - الضَّائِعُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الضَّائِعُ فِي اللُّغَةِ مِنْ ضَاعَ الشَّيْءُ يَضِيعُ ضَيَاعًا: إِذَا فُقِدَ وَهَلَكَ، وَخَصَّهُ أَهْل اللُّغَةِ بِغَيْرِ الْحَيَوَانِ كَالْعِيَال وَالْمَال، يُقَال: أَضَاعَ الرَّجُل عِيَالَهُ وَمَالَهُ. وَلَا يَخْرُجُ مَعْنَاهُ الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (3) .</p>وَعَلَى ذَلِكَ فَالضَّائِعُ أَعَمُّ مِنَ اللَّقِيطِ لأَِنَّهُ يَشْمَل الإِْنْسَانَ وَالْمَال.</p> </p>‌<span class="title">‌حُكْمُ الْتِقَاطِ اللَّقِيطِ</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - إِلَى أَنَّ الْتِقَاطَ الْمَنْبُوذِ فَرْضُ كِفَايَةٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدر المختار 3 / 318، وانظر: كشاف القناع 4 / 209.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الصحاح ولسان العرب والمصباح المنير والمعجم الوسيط.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١١)</span><hr/></div>إِذَا قَامَ بِهِ بَعْضُهُمْ سَقَطَ عَنِ الْبَاقِينَ وَإِلَاّ أَثِمُوا جَمِيعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (1) وَلأَِنَّ فِيهِ إِحْيَاءَ نَفْسٍ، قَال تَعَالَى:{وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} (2)، إِذْ بِإِحْيَائِهَا يَسْقُطُ الْحَرَجُ عَنِ النَّاسِ لأَِنَّهُ آدَمِيٌّ مُحْتَرَمٌ.</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ: هَذَا إِذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ سَيَرَاهُ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ غَيْرُهُ كَانَ الْتِقَاطُهُ فَرْضَ عَيْنٍ (3) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْتِقَاطَ الْمَنْبُوذِ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلاً أَتَى سَيِّدَنَا عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِلَقِيطٍ فَقَال: هُوَ حُرٌّ وَلأََنْ أَكُونَ وَلِيتُ مِنْ أَمْرِهِ مِثْل الَّذِي وَلِيتَ أَنْتَ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا، عَدَّ جُمْلَةً مِنْ أَعْمَال الْخَيْرِ، فَقَدْ رَغِبَ فِي الاِلْتِقَاطِ وَبَالَغَ فِي التَّرْغِيبِ فِيهِ حَيْثُ فَضَلَّهُ عَلَى جُمْلَةٍ مِنْ أَعْمَال الْخَيْرِ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي النَّدْبِ إِلَيْهِ، وَلأَِنَّهُ - نَفْسٌ لَا حَافِظَ لَهَا بَل هِيَ مَضْيَعَةٌ فَكَانَ الْتِقَاطُهَا إِحْيَاءً لَهَا مَعْنًى (4) .</p>وَهَذَا إِذَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ هَلَاكُهُ، فَإِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة المائدة / 2.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة المائدة / 32.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 4 / 124، ونهاية المحتاج 5 / 444، ومغني المحتاج 2 / 418، والمغني 5 / 747 ط الرياض، وكشاف القناع 4 / 226.</p><font color=#ff0000>(4)</font> بدائع الصنائع 6 / 198.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١١)</span><hr/></div>غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ هَلَاكُهُ لَوْ لَمْ يَرْفَعْهُ بِأَنْ وَجَدَهُ فِي مَفَازَةٍ وَنَحْوِهَا مِنَ الْمَهَالِكِ كَانَ الْتِقَاطُهُ فَرْضَ كِفَايَةٍ، وَإِذَا كَانَ لَا يَعْلَمُ بِهِ غَيْرُهُ كَانَ الْتِقَاطُهُ فَرْضَ عَيْنٍ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الإِْشْهَادُ عَلَى الاِلْتِقَاطِ</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> قَال الْمَالِكِيَّةُ: يَنْبَغِي لِلْمُلْتَقِطِ الإِْشْهَادُ عِنْدَ الاِلْتِقَاطِ عَلَى أَنَّهُ الْتَقَطَهُ خَوْفَ طُول الزَّمَانِ فَيَدَّعِي الْوَلَدِيَّةَ أَوِ الاِسْتِرْقَاقَ، فَإِنْ تَحَقَّقَ أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ ذَلِكَ وَجَبَ الإِْشْهَادُ (2) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَجِبُ الإِْشْهَادُ عَلَى الاِلْتِقَاطِ فِي الأَْصَحِّ وَإِنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ مَشْهُورَ الْعَدَالَةِ لِئَلَاّ يُسْتَرَقَّ وَيَضِيعَ نَسَبُهُ، وَيَجِبُ الإِْشْهَادُ عَلَى مَا مَعَهُ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ.</p>وَمُقَابِل الأَْصَحِّ: لَا يَجِبُ الإِْشْهَادُ اعْتِمَادًا عَلَى الأَْمَانَةِ.</p>وَمَحَل وُجُوبِ الإِْشْهَادِ مَا لَمْ يُسَلِّمْهُ لَهُ الْحَاكِمُ فَإِنْ سَلَّمَهُ لَهُ سُنَّ وَلَا يَجِبُ (3) .</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُسْتَحَبُّ لِلْمُلْتَقِطِ الإِْشْهَادُ عَلَيْهِ كَاللُّقَطَةِ دَفْعًا لِنَفْسِهِ لِئَلَاّ تُرَاوِدَهُ بِاسْتِرْقَاقِهِ، كَمَا يُسْتَحَبُّ الإِْشْهَادُ عَلَى مَا مَعَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 5 / 342 نشر دار إحياء التراث، وحاشية ابن عابدين 3 / 314.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 4 / 126.</p><font color=#ff0000>(3)</font> نهاية المحتاج 5 / 444، ومغني المحتاج 2 / 418.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٢)</span><hr/></div>اللَّقِيطِ مِنْ مَالٍ صَوْنًا لِنَفْسِهِ عَنْ جَحْدِهِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحَقُّ بِإِمْسَاكِ اللَّقِيطِ</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> الْمُلْتَقِطُ أَحَقُّ بِإِمْسَاكِ اللَّقِيطِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ لأَِنَّهُ هُوَ الَّذِي أَحْيَاهُ بِالْتِقَاطِهِ وَلأَِنَّهُ مُبَاحُ الأَْخَذِ سَبَقَتْ يَدُ الْمُلْتَقِطِ إِلَيْهِ، وَالْمُبَاحُ مُبَاحُ مَنْ سَبَقَ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ سَبَقَ إِلَى مَا لَمْ يَسْبِقْ إِلَيْهِ مُسْلِمٌ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ (2)، وَهَذَا أَصْلٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ إِذَا تَحَقَّقَتْ فِي الْمُلْتَقِطِ الشُّرُوطُ الَّتِي اعْتَبَرَهَا كُل مَذْهَبٍ فَإِنْ تَخَلَّفَ شَرْطٌ مِنْهَا انْتُزِعَ مِنْ يَدِهِ (3) .</p><font color=#ff0000>7 -</font> وَعَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَنْتَزِعُهُ مِنْ يَدِ الْمُلْتَقِطِ فِي الأَْحْوَال الآْتِيَةِ:</p>أ - إِذَا الْتَقَطَهُ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمَا وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمَالِكِيَّةِ (4) .</p>ب - إِذَا الْتَقَطَهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ فَإِنَّهُ يُنْتَزَعُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف القناع 4 / 229، والمغني 5 / 756.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" من سبق إلى ما لم يسبق إليه. . . ". أخرجه أبو داود (3 / 453) من حديث أسمر بن مضرس، واستغربه المنذري كما في مختصر السنن (4 / 264) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع 6 / 198، والهداية وفتح القدير 5 / 343، نشر دار إحياء التراث، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 4 / 126، ونهاية المحتاج 5 / 447، وكشاف القناع 4 / 228.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حاشية ابن عابدين 3 / 314، ومغني المحتاج 2 / 418، وكشاف القناع 4 / 229، والشرح الكبير للدردير 4 / 126، ونهاية المحتاج 5 / 446.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٢)</span><hr/></div>مِنْهُ لأَِنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَعَلَى غَيْرِهِ أَوْلَى، وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِذْ يَجُوزُ عِنْدَهُمُ الْتِقَاطُ السَّفِيهِ وَلَا يُنْتَزَعُ مِنْ يَدِهِ فَقَدْ قَال ابْنُ عَابِدِينَ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ يَصِحُّ الْتِقَاطُهُ فَالْمَحْجُورُ لِسَفَهٍ أَوْلَى (1) .</p>ج - إِذَا الْتَقَطَهُ فَاسِقٌ فَإِنَّهُ يُنْتَزَعُ مِنْهُ لأَِنَّ الْعَدَالَةَ شَرْطٌ فِي إِقْرَارِهِ فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ.</p>قَال الشَّافِعِيَّةُ: وَأَمَّا مَنْ ظَاهِرُ حَالِهِ الأَْمَانَةُ: إِلَاّ أَنَّهُ لَمْ يُخْتَبَرْ فَلَا يُنْتَزَعُ مِنْ يَدِهِ لَكِنْ يُوَكِّل الْقَاضِي بِهِ مَنْ يُرَاقِبُهُ بِحَيْثُ لَا يَعْلَمُ لِئَلَاّ يَتَأَذَّى (2) .</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِذَا الْتَقَطَ اللَّقِيطَ مَنْ هُوَ مَسْتُورُ الْحَال لَمْ تُعْرَفْ مِنْهُ حَقِيقَةُ الْعَدَالَةِ وَلَا الْخِيَانَةُ أُقِرَّ اللَّقِيطُ فِي يَدَيْهِ، لأَِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْعَدْل فِي لُقَطَةِ الْمَال وَالْوِلَايَةِ فِي النِّكَاحِ وَالشَّهَادَةِ فِيهِ، وَلأَِنَّ الأَْصْل فِي الْمُسْلِمِ الْعَدَالَةُ، وَلِذَلِكَ قَال عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: الْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ (3) .</p>وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَقَدْ جَاءَ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 3 / 314، والفواكه الدواني 2 / 243، ونهاية المحتاج 5 / 446، وروضة الطالبين 5 / 419، وكشاف القناع 4 / 229.</p><font color=#ff0000>(2)</font> روضة الطالبين 5 / 419، ومغني المحتاج 2 / 418.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 5 / 757، وكشاف القناع 4 / 229.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٣)</span><hr/></div>حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ: الْتِقَاطُ الْكَافِرِ صَحِيحٌ وَالْفَاسِقِ أَوْلَى، لَكِنْ قَال ابْنُ عَابِدِينَ لَوْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ فَاسِقًا فَإِنَّهُ يُنْتَزَعُ مِنْهُ إِنْ خَشِيَ عَلَيْهِ الْفُجُورَ بِاللَّقِيطِ فَيُنْتَزَعُ مِنْهُ قَبْل حَدِّ الاِشْتِهَاءِ (1) .</p>د - إِذَا الْتَقَطَهُ عَبْدٌ دُونَ إِذْنِ سَيِّدِهِ فَإِنَّهُ يُنْتَزَعُ مِنْهُ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي الْتِقَاطِهِ أَوْ عَلِمَ السَّيِّدُ بَعْدَ الْتِقَاطِهِ وَأَقَرَّهُ فِي يَدِهِ فَلَا يُنْتَزَعُ مِنْهُ وَكَانَ السَّيِّدُ هُوَ الْمُلْتَقِطَ وَهُوَ نَائِبُهُ فِي الأَْخْذِ وَالتَّرْبِيَةِ، وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (2) .</p>وَلَمْ يَشْتَرِطِ الْحَنَفِيَّةُ الْحُرِّيَّةَ فِي الاِلْتِقَاطِ فَقَالُوا: يَصِحُّ الْتِقَاطُ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ (3) .</p>هـ - إِذَا الْتَقَطَهُ كَافِرٌ وَكَانَ اللَّقِيطُ مَحْكُومًا بِإِسْلَامِهِ فَإِنَّهُ يُنْتَزَعُ مِنْهُ لأَِنَّهُ يُشْتَرَطُ الإِْسْلَامُ فِي الْتِقَاطِ الْمُسْلِمِ وَلأَِنَّ الْكَفَالَةَ وِلَايَةٌ وَلَا وِلَايَةَ لِلْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَلأَِنَّهُ لَا يُؤْمِنُ أَنْ يَفْتِنَهُ فِي دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ اللَّقِيطُ مَحْكُومًا بِكُفْرِهِ أُقِرَّ فِي يَدِهِ لأَِنَّهُ عَلَى دِينِهِ، وَلأَِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار وحاشية ابن عابدين 3 / 314.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الدسوقي 4 / 126، 127، والفواكه الدواني 2 / 243، وروضة الطالبين 5 / 419، والمغني 5 / 759، ومنتهى الإرادات 2 / 483.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الدر المختار وحاشية ابن عابدين 3 / 314.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٣)</span><hr/></div>أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ، وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (1) ، وَلَمْ يَشْتَرِطِ الْحَنَفِيَّةُ الإِْسْلَامَ فِيمَنْ يَلْتَقِطُ (2) .</p>و وَقَدْ ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ شَرْطًا عَامًّا وَهُوَ كَوْنُ الْمُلْتَقِطِ أَهْلاً لِحِفْظِ اللَّقِيطِ، قَالُوا: وَيَنْبَغِي أَنْ يُنْتَزَعَ مِنْهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَهْلاً لِحِفْظِهِ (3) ، كَمَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُلْتَقِطُ ذَكَرًا عِنْدَ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ فَيَصِحُّ الْتِقَاطُ الْمَرْأَةِ وَلَا يُنْتَزَعُ مِنْهَا إِلَاّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ قَيَّدُوا ذَلِكَ بِمَا إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ حُرَّةً خَالِيَةً مِنَ الأَْزْوَاجِ أَوْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ وَأَذِنَ لَهَا زَوْجُهَا (4) .</p>ز - فِي وَجْهٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ إِذَا الْتَقَطَهُ فَقِيرٌ فَإِنَّهُ لَا يُقَرُّ فِي يَدِهِ، لأَِنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ بِحَضَانَتِهِ وَفِي ذَلِكَ إِضْرَارٌ بِاللَّقِيطِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ يُقَرُّ فِي يَدِهِ لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُومُ بِكِفَايَةِ الْجَمِيعِ.</p>هَذَا مَا ذَكَرَهُ الشِّيرَازِيُّ إِلَاّ أَنَّ النَّوَوِيَّ ذَكَرَ بِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْغِنَى (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 4 / 127، والمهذب 1 / 442، ومغني المحتاج 2 / 418، والمغني 5 / 759.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدر المختار وحاشية ابن عابدين 3 / 314.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المرجع السابق ص314 - 315.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الفواكه الدواني 2 / 243، وروضة الطالبين 5 / 419، والمغني 5 / 761.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المهذب 1 / 443، وروضة الطالبين 5 / 419.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌السَّفَرُ بِاللَّقِيطِ</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> ذَكَرَ حُكْمَ السَّفَرِ بِاللَّقِيطِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ مَعَ تَفْصِيلٍ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيَانُهُ فِيمَا يَلِي:</p>فَرَّقَ الشَّافِعِيَّةُ بَيْنَ الْتِقَاطِ الْمُقِيمِ فِي مَكَانٍ وَالْغَرِيبِ عَنْ مَكَانِ الْمُلْتَقِطِ فَقَالُوا:</p>أ - الأَْصَحُّ أَنَّ الْغَرِيبَ إِذَا كَانَ أَمِينًا وَاخْتُبِرَتْ أَمَانَتُهُ وَوَجَدَ لَقِيطًا بِبَلَدٍ فَلَهُ أَنْ يَنْقُلَهُ إِلَى بَلَدِهِ لِتَقَارُبِ الْمَعِيشَةِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَتَوَاصُل الأَْخْبَارِ، فَإِنْ لَمْ تُخْتَبَرْ أَمَانَتُهُ وَجُهِل حَالُهُ لَمْ يُقَرَّ فِي يَدِهِ لأَِنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَسْتَرِقَّهُ إِذَا غَابَ وَمُقَابِل الأَْصَحِّ لَا يَجُوزُ لَهُ نَقْلُهُ خَشْيَةَ ضَيَاعِ النَّسَبِ (1) .</p>ب - وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا وَجَدَ بَلَدِيٌّ لَقِيطًا بِبَلَدٍ فَلَيْسَ لَهُ نَقْلُهُ إِلَى بَادِيَةٍ لِخُشُونَةِ عَيْشِهَا وَتَفْوِيتِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَالصَّنْعَةِ، وَقِيل لِضَيَاعِ النَّسَبِ.</p>وَالأَْصَحُّ أَنَّ لَهُ نَقْلَهُ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ. وَهَذَا الْخِلَافُ إِنَّمَا هُوَ عِنْدَ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَتَوَاصُل الأَْخْبَارِ، فَإِنْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا أَوِ انْقَطَعَتِ الأَْخْبَارُ بَيْنَهُمَا لَمْ يُقَرَّ اللَّقِيطُ فِي يَدِهِ قَطْعًا.</p>وَلَمْ يُفَرِّقَ الْجُمْهُورُ (أَيْ جُمْهُورُ فُقَهَاءِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 2 / 420، ونهاية المحتاج 5 / 448.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٤)</span><hr/></div>الشَّافِعِيَّةِ) بَيْنَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَدُونِهَا، وَجَعَل الْمَاوَرْدِيُّ الْخِلَافَ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَقَطَعَ فِيمَا دُونَهَا بِالْجِوَازِ وَمَنَعَهُ فِي الْكِفَايَةِ، وَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (1) .</p>ج - وَإِنْ وَجَدَ اللَّقِيطَ بَلَدِيٌّ بِبَادِيَةٍ فِي حِلَّةٍ أَوْ قَبِيلَةٍ فَلَهُ نَقْلُهُ إِلَى قَرْيَةٍ وَإِلَى بَلَدٍ يَقْصِدُهُ لأَِنَّهُ أَرْفَقُ بِهِ، وَقِيل وَجْهَانِ، فَإِنْ كَانَتِ الْبَادِيَةُ فِي مَهْلَكَةٍ فَلَهُ نَقْلُهُ لِمَقْصِدِهِ قَطْعًا.</p>د - وَإِنْ وَجَدَ اللَّقِيطَ بَدْوِيٌّ بِبَادِيَةٍ أُقِرَّ بِيَدِهِ وَإِنْ كَانَ أَهْل حِلَّتِهِ يَنْتَقِلُونَ لأَِنَّهَا فِي حَقِّهِ كَبَلْدَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ، وَقِيل: إِنْ كَانُوا يَنْتَقِلُونَ لِلنُّجْعَةِ - أَيِ الاِنْتِقَال لِطَلَبِ الْمَرْعَى - لَمْ يُقَرَّ فِي يَدِهِ لأَِنَّ فِيهِ تَضْيِيعًا لِنَسَبِهِ.</p>قَال الرَّمْلِيُّ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ لِلْمُلْتَقِطِ نَقْل اللَّقِيطِ مِنْ بَلَدٍ أَوْ قَرْيَةٍ أَوْ بَادِيَةٍ لِمِثْلِهِ أَوْ أَعَلَى مِنْهُ لَا لِدُونِهِ، وَأَنَّ شَرْطَ جِوَازِ النَّقْل مُطْلَقًا إِنْ أُمِنَ الطَّرِيقُ وَالْمَقْصِدُ وَتَوَاصُل الأَْخْبَارِ وَاخْتِبَارُ أَمَانَةِ الْمُلْتَقِطِ (2) .</p>وَيُفَرِّقُ الْحَنَابِلَةُ بَيْنَ السَّفَرِ بِاللَّقِيطِ لِغَيْرِ النَّقْلَةِ وَالسَّفَرِ بِهِ إِلَى مَكَانٍ لِلإِْقَامَةِ بِهِ. كَمَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْمُلْتَقِطِ إِذَا كَانَ مَسْتُورَ الْحَال لَمْ تُعْرَفْ مِنْهُ حَقِيقَةُ الْعَدَالَةِ وَلَا الْخِيَانَةِ وَبَيْنَ مَنْ عُرِفَتْ عَدَالَتُهُ وَظَهَرَتْ أَمَانَتُهُ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 5 / 448، ومغني المحتاج 2 / 419، 420.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 2 / 420، ونهاية المحتاج 5 / 449.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٥)</span><hr/></div>قَال ابْنُ قُدَامَةَ: مَنْ كَانَ مَسْتُورَ الْحَال لَمْ تُعْرَفْ مِنْهُ حَقِيقَةُ الْعَدَالَةِ وَلَا الْخِيَانَةِ وَأَرَادَ السَّفَرَ بِاللَّقِيطِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:</p>أَحَدُهُمَا: لَا يُقَرَّ فِي يَدَيْهِ، لأَِنَّهُ لَمْ يُتَحَقَّقْ أَمَانَتُهُ فَلَمْ تُؤْمَنِ الْخِيَانَةُ مِنْهُ.</p>وَالثَّانِي: يُقَرُّ فِي يَدَيْهِ، لأَِنَّهُ يُقَرُّ فِي يَدَيْهِ فِي الْحَضَرِ مِنْ غَيْرِ مُشْرِفٍ يُضَمُّ إِلَيْهِ فَأَشْبَهَ الْعَدْل وَلأَِنَّ الظَّاهِرَ السَّتْرُ وَالصِّيَانَةُ.</p>أَمَّا مَنْ عُرِفَتْ عَدَالَتُهُ وَظَهَرَتْ أَمَانَتُهُ فَيُقَرُّ اللَّقِيطُ فِي يَدِهِ فِي سَفَرِهِ وَحَضَرِهِ، لأَِنَّهُ مَأْمُونٌ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ سَفَرُهُ لِغَيْرِ النُّقْلَةِ.</p>فَإِنْ كَانَ سَفَرُ الْمُلْتَقِطِ الأَْمِينِ بِاللَّقِيطِ إِلَى مَكَانٍ يُقِيمُ بِهِ نَظَرْنَا، فَإِنْ كَانَ الْتَقَطَهُ مِنَ الْحَضَرِ فَأَرَادَ الاِنْتِقَال بِهِ إِلَى الْبَادِيَةِ لَمْ يُقَرَّ فِي يَدِهِ، لأَِنَّ مُقَامَهُ فِي الْحَضَرِ أَصْلَحُ لَهُ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ وَأَرْفَهُ لَهُ، وَلأَِنَّهُ إِذَا وُجِدَ فِي الْحَضَرِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وُلِدَ فِيهِ فَبَقَاؤُهُ فِيهِ أَرْجَى لِكَشْفِ نَسَبِهِ وَظُهُورِ أَهْلِهِ وَاعْتِرَافِهِمْ بِهِ.</p>فَإِنْ أَرَادَ الاِنْتِقَال بِهِ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ مِنَ الْحَضَرِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:</p>أَحَدُهُمَا: لَا يُقَرُّ فِي يَدِهِ، لأَِنَّ بَقَاءَهُ فِي بَلَدِهِ أَرْجَى لِكَشْفِ نَسَبِهِ، فَلَمْ يُقَرَّ فِي يَدِ الْمُنْتَقِل عَنْهُ قِيَاسًا عَلَى الْمُنْتَقِل بِهِ إِلَى الْبَادِيَةِ.</p>وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقَرُّ فِي يَدِهِ، لأَِنَّ وِلَايَتَهُ ثَابِتَةٌ، وَالْبَلَدُ الثَّانِي كَالأَْوَّل فِي الرَّفَاهِيَةِ فَيُقَرُّ فِي</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٥)</span><hr/></div>يَدِهِ كَمَا لَوِ انْتَقَل مِنْ أَحَدِ جَانِبَيِ الْبَلَدِ إِلَى الْجَانِبِ الآْخَرِ.</p>وَإِنْ كَانَ الاِلْتِقَاطُ مِنَ الْبَادِيَةِ فَلَهُ نَقْلُهُ إِلَى الْحَضَرِ، لأَِنَّهُ يَنْقُلُهُ مِنْ أَرْضِ الْبُؤْسِ وَالشَّقَاءِ إِلَى الرَّفَاهِيَةِ وَالدَّعَةِ وَالدِّينِ، وَإِنْ أَقَامَ فِي حِلَّةٍ يَسْتَوْطِنُهَا فَلَهُ ذَلِكَ.</p>وَإِنْ كَانَ يَنْتَقِل بِهِ إِلَى الْمَوَاضِعِ احْتَمَل أَنْ يُقَرُّ فِي يَدَيْهِ لأَِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ ابْنُ بَدْوِيَّيْنِ وَإِقْرَارُهُ فِي يَدِ مُلْتَقِطِهِ أَرْجَى لِكَشْفِ نَسَبِهِ، وَيَحْتَمِل أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ فَيُدْفَعَ إِلَى صَاحِبِ قَرْيَةٍ، لأَِنَّهُ أَرْفَهُ لَهُ وَأَخَفُّ عَلَيْهِ. وَكُل مَوْضِعٍ قُلْنَا يُنْزَعُ مِنْ مُلْتَقِطِهِ فَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا وُجِدَ مَنْ يُدْفَعُ إِلَيْهِ مِمَّنْ هُوَ أَوْلَى بِهِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَقُومُ بِهِ أُقِرَّ فِي يَدَيْ مُلْتَقِطِهِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إِلَاّ مِثْل مُلْتَقِطِهِ فَمُلْتَقِطُهُ أَوْلَى بِهِ إِذْ لَا فَائِدَةُ فِي نَزْعِهِ مِنْ يَدِهِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌حُرِّيَّةُ اللَّقِيطِ وَرِقُّهُ</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ اللَّقِيطَ حُرٌّ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ لأَِنَّ الأَْصْل فِي بَنِي آدَمَ إِنَّمَا هُوَ الْحُرِّيَّةُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ وَذُرِّيَّتَهُ أَحْرَارًا وَإِنَّمَا الرِّقُّ لِعَارِضٍ فَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ الْعَارِضُ فَلَهُ حُكْمُ الأَْصْل، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنْ عُمَرَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني لابن قدامة 5 / 757 - 759.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٦)</span><hr/></div>وَعَلِيٍّ وَبِهِ قَال عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالشَّعْبِيُّ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ (1) .</p>وَلِلْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي (رِقٌّ ف 3 وَمَا بَعْدَهَا) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ أَوْ كُفْرِهِ</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الأَْصْل الَّذِي يُحْكَمُ بِهِ عَلَى اللَّقِيطِ مِنْ حَيْثُ الإِْسْلَامُ أَوِ الْكُفْرُ، هَل يَكُونُ الأَْصْل فِي ذَلِكَ هُوَ الدَّارُ الَّتِي وُجِدَ فِيهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا دَارَ إِسْلَامٍ أَوْ دَارَ كُفْرٍ أَوْ أَنَّ الأَْصْل فِي ذَلِكَ هُوَ حَال الْوَاجِدِ مِنْ كَوْنِهِ مُسْلِمًا أَوْ غَيْرَ مُسْلِمٍ؟ .</p>فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي ذَلِكَ هُوَ الدَّارُ الَّتِي يُوجَدُ فِيهَا اللَّقِيطُ فَإِنْ كَانَتِ الدَّارُ دَارَ إِسْلَامٍ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلدَّارِ الَّتِي وُجِدَ فِيهَا، وَالدَّارُ الَّتِي تُعْتَبَرُ دَارَ إِسْلَامٍ عِنْدَهُمْ هِيَ:</p>أ - دَارٌ يَسْكُنُهَا الْمُسْلِمُونَ وَلَوْ كَانَ فِيهَا أَهْل ذِمَّةٍ تَغْلِيبًا لِلإِْسْلَامِ وَلِظَاهِرِ الدَّارِ وَلأَِنَّ الإِْسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ.</p>ب - دَارٌ فَتَحَهَا الْمُسْلِمُونَ وَقَبْل مِلْكِهَا أَقَرُّوهَا بِيَدِ الْكُفَّارِ صُلْحًا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 6 / 197، وفتح القدير 5 / 342 نشر دار إحياء التراث، والدسوقي 4 / 125، والخرشي وحاشية العدوي بهامشه 7 / 132، ومغني المحتاج 2 / 425، والمغني 5 / 747، وكشاف القناع 4 / 226.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٦)</span><hr/></div>ج - دَارٌ فَتَحَهَا الْمُسْلِمُونَ وَمَلَكُوهَا عَنْوَةً وَأَقَرُّوا أَهْلَهَا عَلَيْهَا بِجِزْيَةٍ.</p>د - دَارٌ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَسْكُنُونَهَا ثُمَّ أَجْلَاهُمُ الْكُفَّارُ عَنْهَا. فَفِي هَذِهِ الأَْمَاكِنِ يُعْتَبَرُ اللَّقِيطُ الَّذِي يُوجَدُ فِيهَا مُسْلِمًا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يُوجَدَ بِهَا مُسْلِمٌ يَمْكَنُ أَنْ يَكُونَ اللَّقِيطُ مِنْهُ لأَِنَّهُ يُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ لِذَلِكَ الْمُسْلِمِ تَغْلِيبًا لِلإِْسْلَامِ (1) .</p>فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مُسْلِمٌ، بَل كَانَ جَمِيعُ مَنْ فِيهَا كُفَّارًا فَهُوَ كَافِرٌ كَمَا إِذَا وُجِدَ بِدَارِ كُفَّارٍ لَمْ يَسْكُنْهَا مُسْلِمٌ يُحْتَمَل إِلْحَاقُهُ بِهِ، فَإِنْ كَانَتِ الدَّارُ دَارَ كُفْرٍ وَكَانَ فِيهَا مُسْلِمُونَ كَتُجَّارٍ وَأَسْرَى فَأَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَفِي احْتِمَالٍ لِلْحَنَابِلَةِ أَنَّ اللَّقِيطَ فِيهَا يُعْتَبَرُ مُسْلِمًا تَغْلِيبًا لِلإِْسْلَامِ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالاِحْتِمَال الآْخَرُ لِلْحَنَابِلَةِ يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ تَغْلِيبًا لِلدَّارِ وَالأَْكْثَرِ (2) .</p>وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَا يَخْلُو حَال اللَّقِيطِ مِنْ أُمُورٍ أَرْبَعَةٍ:</p>أ - أَنْ يَجِدَهُ مُسْلِمٌ فِي مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَاهُمْ، فَإِنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ حَتَّى لَوْ مَاتَ يُغَسَّل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 2 / 422، والروضة 5 / 433، والمغني 5 / 748، وكشاف القناع 4 / 226 - 227.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الروضة 5 / 433، 434، ومغني المحتاج 2 / 422، وكشاف القناع 4 / 226، 227، والمغني 5 / 748، 749.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٧)</span><hr/></div>وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ.</p>ب - أَنْ يَجِدَهُ ذِمِّيٌّ فِي بَيْعَةٍ أَوْ كَنِيسَةٍ أَوْ فِي قَرْيَةٍ لَيْسَ فِيهَا مُسْلِمٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ ذِمِّيًّا تَحْكِيمًا لِلظَّاهِرِ.</p>ج - أَنْ يَجِدَهُ مُسْلِمٌ فِي بِيعَةٍ أَوْ كَنِيسَةٍ أَوْ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى أَهْل الذِّمَّةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ ذِمِّيًّا أَيْضًا.</p>د - أَنْ يَجِدَهُ ذِمِّيٌّ فِي مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَاهُمْ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُسْلِمًا (1) .</p>كَذَا ذَكَرَ فِي كِتَابِ اللَّقِيطِ مِنَ الأَْصْل وَاعْتُبِرَ الْمَكَانُ، وَرَوَى ابْنُ سَمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ اعْتَبَرَ حَال الْوَاجِدِ مِنْ كَوْنِهِ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا، وَفِي كِتَابِ الدَّعْوَى اعْتُبِرَ الإِْسْلَامُ إِلَى أَيِّهِمَا نُسِبَ إِلَى الْوَاجِدِ أَوْ إِلَى الْمَكَانِ، قَال الْكَاسَانِيُّ: وَالصَّحِيحُ رِوَايَةُ هَذَا الْكِتَابِ (أَيْ كِتَابِ اللَّقِيطِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْعِنَايَةِ عَلَى الْهِدَايَةِ) لأَِنَّ الْمَوْجُودَ فِي مَكَانٍ هُوَ فِي أَيْدِي أَهْل الإِْسْلَامِ وَتَصَرُّفِهِمْ فِي أَيْدِيهِمْ، وَاللَّقِيطُ الَّذِي هُوَ فِي يَدِ الْمُسْلِمِ وَتَصَرُّفِهِ يَكُونُ مُسْلِمًا ظَاهِرًا، وَالْمَوْجُودُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي هُوَ فِي أَيْدِي أَهْل الذِّمَّةِ، وَتَصَرُّفِهِمْ فِي أَيْدِيهِمْ، وَاللَّقِيطُ الَّذِي هُوَ فِي يَدِ الذِّمِّيِّ وَتَصَرُّفِهِ يَكُونُ ذِمِّيًّا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 6 / 198، وفتح القدير والعناية 5 / 345 والمبسوط 10 / 215.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٧)</span><hr/></div>ظَاهِرًا فَكَانَ اعْتِبَارُ الْمَكَانِ أَوْلَى (1) .</p>وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ يُعْتَبَرُ الزِّيُّ وَالْعَلَامَةُ، جَاءَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي كِفَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ: قِيل يُعْتَبَرُ بِالسِّيمَا وَالزِّيِّ لأَِنَّهُ حُجَّةٌ (2)، قَال اللَّهُ تَعَالَى:{تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ} (3)، {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ} (4) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا وُجِدَ اللَّقِيطُ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ، لأَِنَّهُ الأَْصْل وَالْغَالِبُ وَسَوَاءٌ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ، وَإِذَا وُجِدَ فِي قَرْيَةٍ لَيْسَ فِيهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ سِوَى بَيْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ أَيْضًا تَغْلِيبًا لِلإِْسْلَامِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الَّذِي الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ، فَإِنِ الْتَقَطَهُ ذِمِّيٌّ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَمُقَابِل الْمَشْهُورِ مَا قَالَهُ أَشْهَبُ وَهُوَ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ.</p>وَإِذَا وُجِدَ فِي قُرَى الشِّرْكِ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ سَوَاءٌ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ تَغْلِيبًا لِلدَّارِ وَالْحُكْمُ لِلْغَالِبِ وَهُوَ قَوْل ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَمَّا أَشْهَبُ فَيَقُول: إِنِ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ فَهُوَ مُسْلِمٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 6 / 198، والعناية وفتح القدير 5 / 345، 346 نشر دار إحياء التراث، والمبسوط 10 / 215.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 5 / 346.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة البقرة / 273.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة الرحمن / 41.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٨)</span><hr/></div>تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الإِْسْلَامِ لأَِنَّهُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌نَسَبُ اللَّقِيطِ</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> إِذَا ادَّعَى اللَّقِيطَ شَخْصٌ وَاحِدٌ سَوَاءٌ أَكَانَ هُوَ الْمُلْتَقِطَ أَوْ غَيْرَهُ فَإِنْ كَانَ رَجُلاً مُسْلِمًا حُرًّا لَحِقَ نَسَبُهُ بِهِ إِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ بِأَنْ تَتَحَقَّقَ فِيهِ شُرُوطُ الاِسْتِلْحَاقِ، وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ لأَِنَّ الإِْقْرَارَ مَحْضُ نَفْعٍ لِلطِّفْل لاِتِّصَال نَسَبِهِ، وَلَا مَضَرَّةَ عَلَى غَيْرِهِ فِيهِ فَقُبِل كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِمَالٍ (2) .</p>وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ أَيْضًا فِي الاِسْتِحْسَانِ لأَِنَّ فِي إِثْبَاتِ النَّسَبِ نَظَرًا مِنَ الْجَانِبَيْنِ، جَانِبِ اللَّقِيطِ بِشَرَفِ النَّسَبِ وَالتَّرْبِيَةِ وَالصِّيَانَةِ عَنْ أَسِبَابِ الْهَلَاكِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَجَانِبِ الْمُدَّعِي بِوَلَدٍ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى مَصَالِحِهِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ.</p>وَفِي الْقِيَاسِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى إِلَاّ بِبَيِّنَةٍ لأَِنَّهُ يَدَّعِي أَمْرًا جَائِزَ الْوُجُودِ وَالْعَدِمِ فَلَا بُدَّ لِتَرْجِيحِ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ عَلَى الآْخِرِ مِنْ مُرَجِّحٍ وَذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ وَلَمْ تُوجَدْ (3) .</p>وَإِذَا كَانَ الْمُدَّعِي ذِمِّيًّا تَصِحُّ دَعْوَاهُ وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ لَكِنَّهُ يَكُونُ مُسْلِمًا لأَِنَّهُ - كَمَا يَقُول الْكَاسَانِيُّ - ادَّعَى شَيْئَيْنِ يُتَصَوَّرُ انْفِصَال<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح الخرشي 7 / 132.</p><font color=#ff0000>(2)</font> روضة الطالبين 5 / 437، والمغني 5 / 763.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع 6 / 199.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٨)</span><hr/></div>أَحَدِهِمَا عَنِ الآْخَرِ فِي الْجُمْلَةِ وَهُوَ نَسَبُ الْوَلَدِ وَكَوْنُهُ كَافِرًا، وَيُمْكِنُ تَصْدِيقُهُ فِي أَحَدِهِمَا لِكَوْنِهِ نَفْعًا لِلَّقِيطِ وَهُوَ كَوْنُهُ ابْنًا لَهُ وَلَا يُمْكِنُ تَصْدِيقُهُ فِي الآْخَرِ لِكَوْنِهِ ضَرَرًا بِهِ وَهُوَ كَوْنُهُ كَافِرًا فَيُصَدَّقُ فِيمَا فِيهِ نَفْعُهُ فَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ، وَلَا يُصَدَّقُ فِيمَا يَضُرُّهُ فَلَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ، وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ قَالُوا: وَلَا حَقَّ لَهُ أَيْضًا فِي حَضَانَتِهِ.</p>وَقَالُوا: إِنَّمَا يَكُونُ مُسْلِمًا فِي ادِّعَاءِ الذِّمِّيِّ لَهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ عَنْ طَرِيقِ الإِْقْرَارِ أَمَّا إِذَا أَقَامَ الذِّمِّيُّ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ اللَّقِيطَ ابْنُهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَيَكُونُ عَلَى دِينِهِ خِلَافًا لِلإِْقْرَارِ (1) .</p>وَإِذَا كَانَ الْمُدَّعِي عَبْدًا تَصِحُّ دَعْوَاهُ وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ لَكِنَّهُ يَكُونُ حُرًّا لأَِنَّهُ ادَّعَى شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا نَفْعٌ لِلَّقِيطِ وَالآْخَرُ مَضَرَّةٌ هُوَ الرِّقُّ فَيُصَدَّقُ فِيمَا يَنْفَعُهُ لَا فِيمَا يَضُرُّهُ، وَلَا حَضَانَةَ لِلْعَبْدِ عَلَيْهِ لاِشْتِغَالِهِ بِالسَّيِّدِ فَيَضِيعُ فَلَا يَتَأَهَّل لِلْحَضَانَةِ، فَإِذَا أَذِنَ السَّيِّدُ جَازَ لاِنْتِفَاءِ مَانِعُ الشُّغْل، كَمَا أَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ لأَِنَّهُ لَا مَال لَهُ وَلَا عَلَى سَيِّدِهِ، لأَِنَّ الطِّفْل مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ فَتَكُونُ نَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَال، وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ وَالْحَنَابِلَةُ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 6 / 199، وروضة الطالبين 5 / 437، ومغني المحتاج 2 / 422، والمغني 5 / 763 - 764، وكشاف القناع 4 / 235.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٩)</span><hr/></div>وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يَلْحَقُ الْمُلْتَقَطُ بِالْعَبْدِ إِنْ صَدَّقَهُ السَّيِّدُ وَقِيل لَا يَلْحَقُ مُطْلَقًا، وَقِيل: يَلْحَقُ قَطْعًا إِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي النِّكَاحِ وَمَضَى زَمَانُ إِمْكَانِهِ وَإِلَاّ فَقَوْلَانِ (1) .</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا ادَّعَى اللَّقِيطُ الْمُلْتَقِطَ أَوْ غَيْرَهُ فَلَا يَلْحَقُ نَسَبُهُ بِهِ إِلَاّ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ.</p>الأَْمْرُ الأَْوَّل: أَنْ يَأْتِيَ الْمُدَّعِي بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ بِأَنَّهُ ابْنُهُ وَلَا يَكْفِي قَوْل الْبَيِّنَةِ ذَهَبَ لَهُ وَلَدٌ أَوْ طُرِحَ، فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ لَحِقَ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ اللَّقِيطُ مَحْكُومًا بِإِسْلَامِهِ أَوْ كُفْرِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَلْحَقُ لَهُ الَّذِي شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا.</p>الأَْمْرُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ لِدَعْوَاهُ وَجْهٌ كَرَجُلٍ عُرِفَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ لَهُ وَلَدٌ فَزَعَمَ أَنَّهُ رَمَاهُ لِقَوْل النَّاسِ: إِذَا طُرِحَ عَاشَ وَنَحْوُهُ مِمَّا يَدُل عَلَى صِدْقِهِ فَإِنَّهُ يَلْحَقُ بِصَاحِبِ الْوَجْهِ الْمُدَّعِي، سَوَاءٌ كَانَ اللَّقِيطُ مَحْكُومًا بِإِسْلَامِهِ أَوْ كُفْرِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَلْحَقُ لَهُ صَاحِبُ الْوَجْهِ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَهَذَا عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَالتَّتَائِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الأَْجْهُورِيُّ، وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِصَاحِبِ الْوَجْهِ إِلَاّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 6 / 199، وروضة الطالبين 5 / 437، والمغني 5 / 763.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٩)</span><hr/></div>إِذَا كَانَ صَاحِبُ الْوَجْهِ مُسْلِمًا وَأَمَّا إِذَا اسْتَلْحَقَهُ ذِمِّيٌّ فَلَا بُدَّ مِنَ الْبَيِّنَةِ (1) .</p> </p><font color=#ff0000>12 -</font> وَإِنِ ادَّعَى نَسَبَ اللَّقِيطِ اثْنَانِ، مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ أَوْ حُرٌّ وَعَبْدٌ فَهُمَا سَوَاءٌ، لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ لَوِ انْفَرَدَ صَحَّتْ دَعْوَاهُ، فَإِذَا تَنَازَعُوا تُسَاوَوْا فِي الدَّعْوَى كَالأَْحْرَارِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَجِّحٍ، فَإِنْ كَانَ لأَِحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَهُوَ ابْنُهُ، وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا وَسَقَطَتَا وَلَا يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُهُمَا هَاهُنَا.</p>فَإِذَا لَمْ تَكُنْ لأَِحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ أَوْ كَانَتْ لَهُمَا بَيِّنَتَانِ وَتَعَارَضَتَا وَسَقَطَتَا فَإِنَّهُ يُعْرَضُ عَلَى الْقَافَةِ مَعَ الْمُدَّعِيَيْنِ فَيَلْحَقُ بِمَنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِ مِنْهُمَا، لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَل عَلَيْهَا يَوْمًا مَسْرُورًا تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ فَقَال: أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِيَّ دَخَل عَلَيَّ فَرَأَى أُسَامَةَ وَزَيْدًا وَعَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا فَقَال: إِنَّ هَذِهِ الأَْقْدَامُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ (2) ، فَلَوْلَا جَوَازُ الاِعْتِمَادِ عَلَى الْقَافَةِ لَمَا سُرَّ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ.</p>هَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 4 / 126، والتاج والإكليل بهامش الحطاب 6 / 82.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث عائشة:" أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يومًا مسرورًا. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 12 / 56) ومسلم (2 / 1082) واللفظ للبخاري.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٠)</span><hr/></div>قَوْل أَنَسٍ وَعَطَاءٍ وَيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَالأَْوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ وَأَبِي ثَوْرٍ (1) .</p>فَإِنْ أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِأَحَدِهِمَا لَحِقَ بِهِ وَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِمَا فَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ سَقَطَ قَوْلُهُمَا وَلَا يَلْحَقُ بِهِمَا وَيُتْرَكُ حَتَّى يَبْلُغَ فَإِذَا بَلَغَ أُمِرَ بِالاِنْتِسَابِ إِلَى مَنْ يَمِيل طَبْعُهُ إِلَيْهِ فَمَنِ انْتَسَبَ إِلَيْهِ مِنْهُمَا لَحِقَ بِهِ " لِمَا وَرَدَ أَنَّ رَجُلَيْنِ ادَّعَيَا رَجُلاً لَا يُدْرَى أَيُّهُمَا أَبُوهُ فَقَال عُمَرُ: اتَّبِعْ أَيَّهُمَا شِئْتَ (2) ، وَلأَِنَّ طَبْعَ الْوَلَدِ يَمِيل إِلَى وَالِدِهِ وَيَجِدُ بِهِ مَا لَا يَجِدُ بِغَيْرِهِ.</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَلْحَقُ بِهِمَا وَكَانَ ابْنُهُمَا يَرِثُهُمَا مِيرَاثَ ابْنٍ وَيَرِثَانِهِ جَمِيعًا مِيرَاثَ أَبٍ وَاحِدٍ وَهَذَا يُرْوَى عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَهُوَ قَوْل أَبِي ثَوْرٍ وَذَلِكَ لِمَا رُوِيَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عُمَرَ فِي امْرَأَةٍ وَطِئَهَا رَجُلَانِ فِي طُهْرٍ فَقَال الْقَائِفُ: قَدِ اشْتَرَكَا فِيهِ جَمِيعًا فَجَعَلَهُ بَيْنَهُمَا، وَعَنْ الشَّعْبِيِّ قَال: وَعَلِيٌ يَقُول: هُوَ ابْنُهَا وَهُمَا أَبَوَاهُ يَرِثُهُمَا وَيَرِثَانِهِ (3) .</p>وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّهُ إِنِ ادَّعَاهُ أَكْثَرُ مِنَ اثْنَيْنِ فَأَلْحَقَتْهُ بِهِمُ الْقَافَةُ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِالثَّلَاثَةِ، وَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ: لَا يَلْحَقُ بِأَكْثَرَ مِنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 2 / 428، والمغني 5 / 765 - 766.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أثر: " أن رجلين ادعيا رجلا. . . ". أخرجه البيهقي (10 / 263) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> روضة الطالبين 5 / 439، والمهذب 1 / 444، ومغني المحتاج 2 / 428، والمغني 5 / 771 - 772، 766.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٠)</span><hr/></div>اثْنَيْنِ، وَقَال الْقَاضِي لَا يَلْحَقُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ لأَِنَّ الْمَعْنَى الَّذِي لأَِجْلِهِ لَحِقَ بِاثْنَيْنِ مَوْجُودٌ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ فَيُقَاسُ عَلَيْهِ، وَإِذَا جَازَ أَنْ يَلْحَقَ مِنَ اثْنَيْنِ جَازَ أَنْ يَلْحَقَ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ (1) .</p>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوِ ادَّعَى رَجُلَانِ أَنَّ اللَّقِيطَ ابْنُهُمَا وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا وَالآْخَرُ ذِمِّيًّا فَالْمُسْلِمُ أَوْلَى لأَِنَّهُ أَنْفَعُ لِلَّقِيطِ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا وَالآْخَرُ عَبْدًا فَالْحُرُّ أَوْلَى لأَِنَّهُ أَنْفَعُ لَهُ.</p>وَإِنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ حُرَّيْنِ فَإِنْ وَصَفَ أَحَدُهُمَا عَلَامَةً فِي جَسَدِهِ فَالْوَاصِفُ أَوْلَى بِهِ لأَِنَّ الدَّعْوَتَيْنِ مَتَى تَعَارَضَتَا يَجِبُ الْعَمَل بِالرَّاجِحِ مِنْهُمَا وَقَدْ تَرَجَّحَ أَحَدُهُمَا بِالْعَلَامَةِ لأَِنَّهُ إِذَا وَصَفَ الْعَلَامَةَ وَلَمْ يَصِفِ الآْخَرُ دَل عَلَى أَنَّ يَدَهُ عَلَيْهِ سَابِقَةٌ فَلَا بُدَّ لِزَوَالِهَا مِنْ دَلِيلٍ.</p>وَالدَّلِيل عَلَى جِوَازِ الْعَمَل بِالْعَلَامَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَال إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} (2) ، حَكَى اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الْحُكْمِ بِالْعَلَامَةِ عَنِ الأُْمَمِ السَّالِفَةِ وَلَمْ يُغَيَّرْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 5 / 772 - 773.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة يوسف / 26 - 28.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢١)</span><hr/></div>عَلَيْهِمْ وَالْحَكِيمُ " إِذَا حَكَى عَنْ مُنْكَرٍ غَيْرِهِ فَصَارَ الْحُكْمُ بِالْعَلَامَةِ شَرِيعَةً لَنَا مُبْتَدَأَةً وَإِنْ لَمْ يَصِفْ أَحَدُهُمَا عَلَامَةً فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِكَوْنِهِ ابْنًا لَهُمَا إِذْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنَ الآْخَرِ فَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ فَهُوَ أَوْلَى بِهِ وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ يُحْكَمُ بِكَوْنِهِ ابْنًا لَهُمَا لأَِنَّهُ لَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنَ الآْخَرِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَيِّدِنَا عُمَرَ فِي مِثْل هَذَا أَنَّهُ قَال: إِنَّهُ ابْنُهُمَا يَرِثُهُمَا وَيَرِثَانِهِ، فَإِنِ ادَّعَاهُ أَكْثَرُ مِنْ رَجُلَيْنِ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ تُسْمَعُ مِنْ خَمْسَةٍ وَقَال أَبُو يُوسُفَ مِنَ اثْنَيْنِ وَلَا تُسْمَعُ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَقَال مُحَمَّدٌ تُسْمَعُ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَلَا تُسْمَعُ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ (1) .</p> </p><font color=#ff0000>13 -</font> وَإِنِ ادَّعَى اللَّقِيطُ امْرَأَةً وَقَالَتْ: إِنَّهُ ابْنِي فَإِنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ فَلَا تُقْبَل دَعْوَاهَا إِلَاّ بِبَيِّنَةٍ لأَِنَّ فِي ادِّعَائِهَا بُنُوَّتَهُ تَحْمِيل النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ وَهُوَ الزَّوْجُ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَيْهِ فَلَا يُقْبَل قَوْلُهَا فِيمَا يَلْحَقُ الضَّرَرُ بِهِ فَإِنْ أَقَامَتِ الْبَيِّنَةَ صَحَّتْ دَعْوَتُهَا وَلَحِقَ بِهَا اللَّقِيطُ وَلَحِقَ زَوْجُهَا إِنْ أَمْكَنَ الْعُلُوقُ مِنْهُ وَلَا يَنْتَفِي عَنْهُ إِلَاّ بِلِعَانٍ.</p>قَال الشَّافِعِيَّةُ: هَذَا إِذَا قُيِّدَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ عَلَى فِرَاشِهِ فَإِنْ لَمْ تَتَعَرَّضْ لِلْفِرَاشِ فَفِي ثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنَ الزَّوْجِ وَجْهَانِ: قَال النَّوَوِيُّ: الأَْصَحُّ الْمَنْعُ، وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 6 / 199 - 200.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢١)</span><hr/></div>أَحَدُ الأَْقْوَال عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَرِوَايَةٌ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ وَإِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ خَلِيَّةً مِنَ الزَّوْجِ وَادَّعَتْ أَنَّ اللَّقِيطَ ابْنُهَا فَفِي الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لَا يَلْحَقُهَا إِلَاّ بِبَيِّنَةٍ لإِِمْكَانِهَا إِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ بِالْوِلَادَةِ مِنْ طَرِيقِ الْمُشَاهَدَةِ.</p>وَمُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَلْحَقُهَا لأَِنَّهَا أَحَدُ الأَْبَوَيْنِ فَصَارَتْ كَالرَّجُل.</p>وَرُوِيَ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ نَقَلَهَا الْكَوْسَجُ عَنْهُ فِي امْرَأَةٍ ادَّعَتْ وَلَدًا قَال: إِنْ كَانَ لَهَا إِخْوَةٌ أَوْ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ لَا تُصَدَّقُ إِلَاّ بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا دَافِعٌ لَمْ يَحِل بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ لأَِنَّهُ إِذَا كَانَ لَهَا أَهْلٌ وَنَسَبٌ مَعْرُوفٌ لَمْ تَخْفَ وِلَادَتُهَا عَلَيْهِمْ وَيَتَضَرَّرُونَ بِإِلْحَاقِ النَّسَبِ بِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْيِيرِهِمْ بِوِلَادَتِهَا مِنْ غَيْرِ زَوْجِهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا أَهْلٌ، وَيُحْتَمَل أَنْ لَا يَثْبُتَ النَّسَبُ بِدَعْوَاهَا بِحَالٍ (1) .</p><font color=#ff0000>14 -</font> وَإِنِ ادَّعَتْهُ امْرَأَتَانِ وَأَقَامَتْ إِحْدَاهُمَا الْبَيِّنَةَ فَهِيَ أَوْلَى بِهِ، وَإِنْ أَقَامَتَا بَيِّنَتَيْنِ فَهُوَ ابْنُهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَكُونُ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا.</p>وَعَنْ مُحَمَّدٍ رِوَايَتَانِ: فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ يُجْعَل ابْنَهُمَا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ لَا يُجْعَل ابْنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 6 / 200، وفتح القدير 5 / 345، ومغني المحتاج 2 / 427، وروضة الطالبين 5 / 428، والمغني 5 / 764 - 765.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٢)</span><hr/></div>وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا (1) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ تَنَازَعَتِ امْرَأَتَانِ لَقِيطًا وَأَقَامَتَا بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا عُرِضَ مَعَهُمَا عَلَى الْقَائِفِ فَلَوْ أَلْحَقَهُ بِإِحْدَاهُمَا لَحِقَهَا وَلَحِقَ زَوْجَهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ لَمْ يُعْرَضْ عَلَى الْقَائِفِ لأَِنَّ اسْتِلْحَاقَ الْمَرْأَةِ إِنَّمَا يَصِحُّ مَعَ الْبَيِّنَةِ (2) وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: إِذْ إِنَّهُمْ قَالُوا: لَا يَلْتَحِقُ الْوَلَدُ بِأَكْثَرَ مِنْ أُمٍّ وَاحِدَةٍ لأَِنَّهُ يَسْتَحِيل أَنْ يَكُونَ مِنْ أُمَّيْنِ فَإِنْ أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِأَكْثَرَ مِنْ أُمٍّ سَقَطَ قَوْلُهَا وَلَمْ يَلْحَقْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لِتَبَيُّنِ خَطَأِ الْقَافَةِ وَلَيْسَتْ إِحْدَاهُمَا أَوْلَى مِنَ الأُْخْرَى (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌نَفَقَةُ اللَّقِيطِ</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ نَفَقَةَ اللَّقِيطِ تَكُونُ فِي مَالِهِ إِنْ وُجِدَ مَعَهُ مَالٌ مِنْ دَرَاهِمَ وَغَيْرِهَا كَذَهَبٍ وَحُلِيٍّ وَثِيَابٍ مَلْفُوفَةٍ عَلَيْهِ وَمَفْرُوشَةٍ تَحْتَهُ وَدَابَّةٍ مَشْدُودَةٍ فِي وَسَطِهِ، أَوْ كَانَ مُسْتَحِقًّا فِي مَالٍ عَامٍّ كَالأَْمْوَال الْمَوْقُوفَةِ عَلَى اللُّقَطَاءِ أَوِ الْمُوصَى بِهَا لَهُمْ.</p>فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ خَاصٌّ وَلَمْ تُوجَدْ أَمْوَالٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى اللُّقَطَاءِ أَوْ مُوصًى لَهُمْ بِهَا فَإِنَّ نَفَقَتَهُ تَكُونُ فِي بَيْتِ الْمَال لِقَوْل عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 6 / 200.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 2 / 428.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كشاف القناع 4 / 237.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٢)</span><hr/></div>تَعَالَى عَنْهُ فِي حَدِيثِ أَبِي جَمِيلَةَ: اذْهَبْ فَهُوَ حُرٌّ وَلَكَ وَلَاؤُهُ وَعَلَيْنَا نَفَقَتُهُ، وَفِي رِوَايَةٍ: مِنْ بَيْتِ الْمَال (1) ، وَلأَِنَّ بَيْتَ الْمَال وَارِثُهُ وَمَالُهُ مَصْرُوفٌ إِلَيْهِ فَتَكُونُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ، وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ الأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَمُقَابِل الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: لَا يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَال وَإِنَّمَا يُقْتَرَضُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَال أَوْ غَيْرِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَظْهَرَ لَهُ مَالٌ (2) .</p><font color=#ff0000>16 -</font> فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَال شَيْءٌ أَوْ كَانَ لَكِنْ هُنَاكَ مَا هُوَ أَهَمُّ مِنْ ذَلِكَ كَسَدِّ ثَغْرٍ يَعْظُمُ ضَرَرُهُ لَوْ تُرِكَ أَوْ حَالَتِ الظَّلَمَةُ دُونَهُ فَلِلْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ بَيَانُهُ مَا يَلِي:</p>قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَال مَالٌ وَأَبَى الْمُلْتَقِطُ أَنْ يَتَبَرَّعَ بِالإِْنْفَاقِ فَتَمَامُ النَّظَرِ بِالأَْمْرِ بِالإِْنْفَاقِ عَلَيْهِ لأَِنَّهُ لَا يَبْقَى بِدُونِ النَّفَقَةِ عَادَةً وَلِلْقَاضِي عَلَيْهِ وِلَايَةُ الإِْلْزَامِ لأَِنَّهُ وَلِيُّ كُل مَنْ عَجَزَ عَنِ التَّصَرُّفِ بِنَفْسِهِ يَثْبُتُ وِلَايَتُهُ بِحَقِّ الدِّينِ فَيُعْتَبَرُ أَمْرُهُ فِي إِلْزَامِ الدِّينِ عَلَيْهِ، قَال السَّرْخَسِيُّ: وَقَدْ قَال بَعْضُ مَشَايِخِنَا:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أثر عمر: " اذهب فهو حر ولك ولاؤه. . . ". أخرجه مالك في الموطأ (2 / 738) ، والرواية الأخرى أخرجها عبد الرزاق (9 / 14) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 6 / 198 - 199، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 4 / 124 - 125، والخرشي 7 / 130 - 131، ومغني المحتاج 2 / 421، والمغني 5 / 751 - 752، وشرح منتهى الإرادات 2 / 482.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٣)</span><hr/></div>مُجَرَّدُ أَمْرِ الْقَاضِي بِالإِْنْفَاقِ عَلَيْهِ يَكْفِي وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا عَلَيْهِ وَلأَِنَّ أَمْرَ الْقَاضِي نَافِذٌ عَلَيْهِ كَأَمْرِهِ بِنَفْسِهِ أَنْ لَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ، وَلَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِالإِْنْفَاقِ عَلَيْهِ كَانَ مَا يُنْفِقُ دَيْنًا عَلَيْهِ - أَيْ عَلَى اللَّقِيطِ - فَكَذَلِكَ إِذَا أَمَرَ الْقَاضِي بِهِ، وَالأَْصَحُّ أَنْ يَأْمُرَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ دَيْنًا عَلَيْهِ لأَِنَّ مُطْلَقَهُ يَحْتَمِل أَنْ يَكُونَ لِلْحَثِّ وَالتَّرْغِيبِ فِي تَمَامِ مَا شُرِعَ فِيهِ مِنَ التَّبَرُّعِ فَإِنَّمَا يَزُول هَذَا الاِحْتِمَال إِذَا اشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا " لَهُ عَلَيْهِ فَلِهَذَا قَيَّدَ الأَْمْرَ بِهِ فَإِذَا ادَّعَى بَعْدَ بُلُوغِ اللَّقِيطِ أَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَيْهِ كَذَا وَصَدَّقَهُ اللَّقِيطُ فِي ذَلِكَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِهِ وَإِنْ كَذَّبَهُ فَالْقَوْل قَوْل اللَّقِيطِ وَعَلَى الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةُ لأَِنَّهُ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَهُوَ لَيْسَ بِأَمِينٍ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَكُونُ أَمِينًا فِيمَا يَنْفِي بِهِ الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ فَلِهَذَا كَانَ عَلَيْهِ إِثْبَاتُ مَا يَدَّعِيهِ بِالْبَيِّنَةِ (1) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا لَمْ يُوجَدْ مَعَ اللَّقِيطِ مَالٌ وَلَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَال شَيْءٌ فَتَكُونُ نَفَقَتُهُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ وُجُوبًا لأَِنَّهُ بِالْتِقَاطِهِ أَلْزَمَ نَفْسَهُ ذَلِكَ وَيَسْتَمِرُّ الإِْنْفَاقُ عَلَى الذَّكَرِ حَتَّى يَبْلُغَ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ وَعَلَى الأُْنْثَى إِلَى أَنْ تَتَزَوَّجَ وَيَدْخُل الزَّوْجُ بِهَا بَعْدَ إِطَاقَتِهَا، وَلَا رُجُوعَ لِلْمُلْتَقِطِ بِمَا أَنْفَقَ لأَِنَّهُ أَلْزَمَ نَفْسَهُ بِذَلِكَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط للسرخسي 10 / 211.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٣)</span><hr/></div>بِالاِلْتِقَاطِ.</p>لَكِنْ لَوْ أَنْفَقَ الْمُلْتَقِطُ وَكَانَ لِلَّقِيطِ مَالٌ يَعْلَمُ بِهِ الْمُلْتَقِطُ حَال إِنْفَاقِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ إِذَا حَلَفَ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ.</p>وَإِنْ كَانَ اللَّقِيطُ قَدْ طَرَحَهُ أَبُوهُ عَمْدًا وَثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إِقْرَارٍ فَإِنَّ الْمُلْتَقِطَ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَى أَبِيهِ إِنْ كَانَ الأَْبُ مُوسِرًا حِينَ الإِْنْفَاقِ وَأَنْ يَحْلِفَ الْمُنْفِقُ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ لَا حِسْبَةً، فَإِنْ كَانَ اللَّقِيطُ قَدْ ضَل عَنْ أَبِيهِ أَوْ هَرَبَ وَلَمْ يَطْرَحْهُ أَبُوهُ فَلَا يَرْجِعُ الْمُنْفِقُ عَلَى الأَْبِ الْمُوسِرِ لأَِنَّ الإِْنْفَاقَ حِينَئِذٍ مَحْمُولٌ عَلَى التَّبَرُّعِ (1) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ تَعَذَّرَ الإِْنْفَاقُ مِنْ بَيْتِ الْمَال اقْتَرَضَ لَهُ الإِْمَامُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي ذِمَّةِ اللَّقِيطِ كَالْمُضْطَرِّ إِلَى الطَّعَامِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الاِقْتِرَاضُ قَامَ الْمُسْلِمُونَ بِكِفَايَتِهِ قَرْضًا حَتَّى يَثْبُتَ لَهُمُ الرُّجُوعُ بِمَا أَنْفَقُوا عَلَى اللَّقِيطِ وَيُقَسِّطُهَا الإِْمَامُ عَلَى الأَْغْنِيَاءِ مِنْهُمْ وَيَجْعَل نَفْسَهُ مِنْهُمْ، فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِيعَابُهُمْ لِكَثْرَتِهِمْ.</p>قَسَّطَهَا عَلَى مَنْ رَآهُ مِنْهُمْ بِاجْتِهَادِهِ، فَإِنِ اسْتَوَوْا فِي اجْتِهَادِهِ تَخَيَّرَ، فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ سَيِّدٌ رَجَعُوا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ حُرًّا وَظَهَرَ لَهُ مَالٌ أَوِ اكْتَسَبَ مَالاً فَالرُّجُوعُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الخرشي وحاشية العدوي عليه 7 / 131، والدسوقي على الشرح الكبير 4 / 124 - 125.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٤)</span><hr/></div>مَالٌ وَلَا قَرِيبٌ وَلَا كَسْبٌ وَلَا لِلْعَبْدِ سَيِّدٌ فَالرُّجُوعُ عَلَى بَيْتِ الْمَال مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ أَوِ الْغَارِمِينَ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ الإِْمَامُ، وَفِي قَوْلٍ يَقُومُ الْمُسْلِمُونَ بِكِفَايَتِهِ نَفَقَةً لَا قَرْضًا لأَِنَّهُ مُحْتَاجٌ عَاجِزٌ، وَإِنْ قَامَ بِهَا بَعْضُهُمُ انْدَفَعَ الْحَرَجُ عَنِ الْبَاقِينَ (1) .</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ تَعَذَّرَ الإِْنْفَاقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَال فَعَلَى مَنْ عَلِمَ حَالَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الإِْنْفَاقُ عَلَيْهِ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (2) ، وَلأَِنَّ فِي تَرْكِ الإِْنْفَاقِ عَلَيْهِ هَلَاكَهُ وَحِفْظَهُ عَنْ ذَلِكَ وَاجِبٌ كَإِنْقَاذِهِ مِنَ الْغَرَقِ وَهَذَا فَرْضُ كِفَايَةٍ إِذَا قَامَ بِهِ قَوْمٌ سَقَطَ عَنِ الْبَاقِينَ فَإِنْ تَرَكَهُ الْكُل أَثِمُوا، وَمَنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مُتَبَرِّعًا فَلَا شَيْءَ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُلْتَقِطَ أَوْ غَيْرَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَبَرَّعْ بِالإِْنْفَاقِ عَلَيْهِ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ الْمُلْتَقِطُ أَوْ غَيْرُهُ مُحْتَسِبًا بِالرُّجُوعِ عَلَيْهِ إِذَا أَيْسَرَ وَكَانَ ذَلِكَ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ لَزِمَ اللَّقِيطَ ذَلِكَ إِذَا كَانَتِ النَّفَقَةُ قَصْدًا بِالْمَعْرُوفِ، وَإِنْ أَنْفَقَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْحَاكِمِ مُحْتَسِبًا الرُّجُوعَ عَلَيْهِ فَقَال أَحْمَدُ: تُؤَدَّى النَّفَقَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَال، لأَِنَّهُ أَدَّى مَا وَجَبَ عَلَى غَيْرِهِ فَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى مَنْ كَانَ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ كَالضَّامِنِ إِذَا قَضَى عَنِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ، وَقَال شُرَيْحٌ وَالنَّخَعِيُّ: يَرْجِعُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 2 / 421.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة المائدة / 2.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٤)</span><hr/></div>عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ إِذَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ، وَقَال عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَحْلِفُ مَا أَنْفَقَ مُحْتَسِبًا (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌جِنَايَةُ اللَّقِيطِ وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> إِنْ جَنَى اللَّقِيطُ الْجِنَايَةَ الَّتِي تَتَحَمَّلُهَا الْعَاقِلَةُ كَالْخَطَأِ فَأَرْشُهَا عَلَى بَيْتِ الْمَال لأَِنَّ مِيرَاثَهُ وَنَفَقَتَهُ فِي بَيْتِ الْمَال فَكَانَ عَقْلُهُ فِيهِ كَعَصَبَاتِهِ، وَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ عَمْدًا فَحُكْمُهُ فِيهِ حُكْمُ غَيْرِ اللَّقِيطِ: فَإِنْ كَانَ بَالِغًا عَاقِلاً اقْتَصَّ مِنْهُ، وَإِلَاّ فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَفِي ذِمَّتِهِ حَتَّى يُوسِرَ كَسَائِرِ الدُّيُونِ (2) .</p><font color=#ff0000>18 -</font> وَإِنْ جَنَى أَحَدٌ عَلَى اللَّقِيطِ فَإِنْ قُتِل خَطَأً فَفِيهِ الدِّيَةُ وَتَكُونُ لِبَيْتِ الْمَال لأَِنَّهَا مِنْ مِيرَاثِهِ كَسَائِرِ مَالِهِ وَهَذَا إِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ، فَإِنْ كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ مَثَلاً فَلَهَا الرُّبُعُ وَالْبَاقِي لِبَيْتِ الْمَال.</p>وَإِنْ قَتَلَهُ أَحَدٌ عَمْدًا عُدْوَانًا فَوَلِيُّهُ الإِْمَامُ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ (3) ، وَعَلَى ذَلِكَ فَلِلإِْمَامِ إِنْ شَاءَ أَنْ يَقْتَصَّ مِنَ الْقَاتِل وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الدِّيَةَ حَسَبَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 5 / 752.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المبسوط 10 / 210، ومغني المحتاج 2 / 424، وكشاف القناع 4 / 233.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " السلطان ولي من لا ولي له ". أخرجه الترمذي (3 / 399) من حديث عائشة، وقال: حديث حسن.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٥)</span><hr/></div>الأَْصْلَحِ لأَِنَّهُ حُرٌّ مَعْصُومٌ، وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ، وَقَال أَبُو يُوسُفَ عَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ وَلَا يُقْتَل بِهِ، قَال أَبُو يُوسُفَ لأَِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ لِلَّقِيطِ وَلِيًّا فِي دَارِ الإِْسْلَامِ مِنْ عَصَبَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَإِنْ بَعُدَ إِلَاّ أَنَّا لَا نَعْرِفُهُ بِعَيْنِهِ وَحَقُّ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ يَكُنْ إِلَى الْوَلِيِّ كَمَا قَال اللَّهُ تَعَالَى:{فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} (1) فَيَصِيرُ ذَلِكَ شُبْهَةً مَانِعَةً لِلإِْمَامِ مِنَ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ وَإِذَا تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ بِشُبْهَةٍ وَجَبَتِ الدِّيَةُ فِي مَال الْقَاتِل (2) .</p>وَإِنْ قُطِعَ طَرَفُ اللَّقِيطِ عَمْدًا انْتَظَرَ بُلُوغَهُ مَعَ رُشْدِهِ لِيُقْتَصَّ أَوْ يَعْفُوَ وَيُحْبَسُ الْجَانِي إِلَى أَوَانِ الْبُلُوغِ وَالرُّشْدِ، وَإِذَا كَانَ اللَّقِيطُ فَقِيرًا فَلِلإِْمَامِ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ لأَِنَّهُ أَحَظُّ لِلَّقِيطِ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْهُ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الإسراء / 33.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المبسوط 10 / 218 - 219، مغني المحتاج 2 / 424، كشاف القناع 4 / 232.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مغني المحتاج 2 / 424، وكشاف القناع 4 / 232 - 233.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لُكْنَةٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> اللُّكْنَةُ فِي اللُّغَةِ: الْعِيُّ، وَهُوَ: ثِقَل اللِّسَانِ، وَلَكِنَ لَكَنًا: صَارَ كَذَلِكَ فَالذَّكَرُ أَلْكَنُ، وَالأُْنْثَى لَكْنَاءُ، وَيُقَال: الأَْلْكَنُ الَّذِي لَا يُفْصِحُ بِالْعَرَبِيَّةِ (1) وَيُؤْخَذُ تَعْرِيفُ اللُّكْنَةِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مِنْ تَعْرِيفِهِمْ لِلأَْلْكَنِ، قَال الزُّرْقَانِيُّ: الأَْلْكَنُ هُوَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ إِخْرَاجَ بَعْضِ الْحُرُوفِ مِنْ مَخَارِجِهَا سَوَاءٌ كَانَ لَا يَنْطِقُ بِالْحَرْفِ الْبَتَّةَ أَوْ يَنْطِقُ بِهِ مُغَيِّرًا أَوْ بِزِيَادَتِهِ أَوْ تَكْرَارِهِ (2)، وَالْمَالِكِيَّةُ هُمْ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ اسْتِعْمَالاً لِهَذَا اللَّفْظِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ اللُّثْغَةُ: </span>2 - اللُّثْغَةُ - بِضَمِّ اللَاّمِ وَسُكُونِ الثَّاءِ - تَحَرُّكُ اللِّسَانِ مِنَ السِّينِ إِلَى الثَّاءِ، وَمَنِ الرَّاءِ إِلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح الزرقاني 2 / 16.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٦)</span><hr/></div>الْغَيْنِ وَنَحْوُهُ، وَعَرَّفَهَا الْبَعْضُ بِأَنَّهَا: حُبْسَةٌ فِي اللِّسَانِ حَتَّى تُغَيِّرَ الْحُرُوفَ (1) . وَاللُّكْنَةُ أَعَمُّ مِنَ اللُّثْغَةِ لأَِنَّهَا تَشْمَل اللُّثْغَةَ وَغَيْرَهَا.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ التَّمْتَمَةُ: </span>3 - التَّمْتَمَةُ هِيَ تَكْرَارُ التَّاءِ، وَالتِّمْتَامُ الَّذِي يُكَرِّرُ التَّاءَ (2) .</p>وَاللُّكْنَةُ أَعَمُّ مِنَ التَّمْتَمَةِ.</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الْفَأْفَأَةُ: </span>4 - الْفَأْفَأَةُ هِيَ تَكْرَارُ الْفَاءِ، وَالْفَأْفَاءُ الَّذِي يُكَرِّرُ الْفَاءَ (3) وَاللُّكْنَةُ أَعَمُّ مِنَ الْفَأْفَأَةِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِاللُّكْنَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌الاِقْتِدَاءُ بِالأَْلْكَنِ فِي الصَّلَاةِ</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْجَدِيدِ وَأَكْثَرُ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الاِقْتِدَاءُ بِأَلْكَنَ يَتْرُكُ حَرْفًا مِنْ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ أَوْ يُبْدِلُهُ بِغَيْرِهِ (4) ، وَبِهَذَا يَقُول الْحَنَفِيَّةُ عَلَى الْمَذْهَبِ إِلَاّ أَنَّهُمْ لَا يَحْصُرُونَ الْحُكْمَ فِي الإِْخْلَال بِحَرْفٍ مِنَ الْفَاتِحَةِ أَوْ إِبْدَالِهِ بِغَيْرِهِ، بَل يَقُولُونَ بِعَدِمِ جِوَازِ إِمَامَةِ مَنْ لَا يَتَكَلَّمُ بِبَعْضِ الْحُرُوفِ، سَوَاءٌ كَانَتْ مِنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مراقي الفلاح ص157، وغنية المتملي شرح منية المصلي ص482، والمجموع 4 / 267.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المجموع 4 / 279، والفتاوى الهندية 1 / 86.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المصباح المنير، والفتاوى الهندية 1 / 86، والمجموع 4 / 279.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مغني المحتاج 1 / 239، ونهاية المحتاج 2 / 164، والمغني 2 / 197.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٦)</span><hr/></div>الْفَاتِحَةِ أَوْ غَيْرِهَا (1) وَيَرَى هَؤُلَاءِ الْفُقَهَاءُ أَنَّ الأَْلْكَنَ إِنْ تَمَكَّنَ مِنْ إِصْلَاحِ لِسَانِهِ وَتَرَكَ الإِْصْلَاحَ وَالتَّصْحِيحَ فَصَلَاتُهُ فِي نَفْسِهِ بَاطِلَةٌ، فَلَا يَجُوزُ الاِقْتِدَاءُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ الإِْصْلَاحِ وَالتَّصْحِيحِ: بِأَنْ كَانَ لِسَانُهُ لَا يُطَاوِعُهُ، أَوْ كَانَ الْوَقْتُ ضَيِّقًا وَلَمْ يَتَمَكَّنْ قَبْل ذَلِكَ فَصَلَاتُهُ فِي نَفْسِهِ صَحِيحَةٌ، فَإِنِ اقْتَدَى بِهِ مَنْ هُوَ فِي مِثْل حَالِهِ صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ لأَِنَّهُ مِثْلُهُ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ (2) .</p>وَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَتِ اللُّثْغَةُ يَسِيرَةً، بِأَنْ لَمْ تَمْنَعْ أَصْل مَخْرَجِ الْحَرْفِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ صَافٍ لَمْ تُؤَثِّرْ (3) ، وَقَوَاعِدُ الْحَنَفِيَّةِ لَا تَأْبَى هَذَا الْحُكْمَ، فَقَدْ سُئِل الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ الْحَنَفِيُّ عَمَّا إِذَا كَانَتِ اللُّثْغَةُ يَسِيرَةً؟</p>فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَمْ يَرَهَا لأَِئِمَّتِنَا، وَصَرَّحَ بِهَا الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ يَسِيرَةً بِأَنْ يَأْتِيَ بِالْحَرْفِ غَيْرَ صَافٍ لَمْ تُؤَثِّرْ، قَال: وَقَوَاعِدُنَا لَا تَأْبَاهُ (4) .</p>وَفِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: وَأَمَّا الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى إِخْرَاجِ الْحُرُوفِ إِلَاّ بِالْجَهْدِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ تَمْتَمَةٌ أَوْ فَأْفَأَةٌ، فَإِذَا أَخَرَجَ الْحُرُوفَ أَخَرَجَهَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الهندية 1 / 86، ومراقي الفلاح ص157.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المجموع 4 / 267، ومغني المحتاج 1 / 239، ومراقي الفلاح ص157، والمغني 2 / 197.</p><font color=#ff0000>(3)</font> نهاية المحتاج 2 / 169 ط الحلبي، والإنصاف 2 / 271.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حاشية ابن عابدين 1 / 392.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٧)</span><hr/></div>عَلَى الصِّحَّةِ لَا يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ إِمَامًا لِغَيْرِهِ (1) .</p>وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَأَبُو ثَوْرٍ وَعَطَاءٌ وَقَتَادَةُ صِحَّةَ الاِقْتِدَاءِ بِالأَْلْكَنِ (2) ، وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ إِلَاّ أَنَّهُ قَيَّدَ صِحَّةَ الاِقْتِدَاءِ بِهِ بِأَنْ لَمْ يُطَاوِعْهُ لِسَانُهُ، أَوْ طَاوَعَهُ وَلَمْ يَمْضِ زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ التَّعَلُّمُ، وَإِلَاّ فَلَا يَصِحُّ الاِقْتِدَاءُ بِهِ (3) .</p>جَاءَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: جَازَ إِمَامَةُ أَلْكَنَ (4)، وَقَال الْحَطَّابُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (خَلِيلٍ) أَنَّ إِمَامَتَهُ جَائِزَةٌ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ (5) ، وَيَقُول ابْنُ رُشْدٍ بِكَرَاهَةِ الاِئْتِمَامِ بِالأَْلْكَنِ، إِلَاّ أَنْ لَا يُوجَدَ مَنْ لَا يُرْضَى سِوَاهُ (6) قَال الطَّحْطَاوِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ نَقْلاً عَنِ الْخَانِيَّةِ: ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْل: تَصِحُّ إِمَامَتُهُ لِغَيْرِهِ لأَِنَّ مَا يَقُولُهُ صَارَ لُغَةً لَهُ (7) .</p>وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ فِي الْقَدِيمِ صِحَّةَ الاِقْتِدَاءِ بِالأَْلْكَنِ فِي السِّرِّيَّةِ دُونَ الْجَهْرِيَّةِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الهندية 1 / 86.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مواهب الجليل 2 / 114، والشرح الصغير 1 / 445، وابن عابدين 1 / 391، وحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص157، والمجموع 4 / 267.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مغني المحتاج 1 / 239.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الشرح الصغير 1 / 445.</p><font color=#ff0000>(5)</font> مواهب الجليل 2 / 114.</p><font color=#ff0000>(6)</font> التاج والإكليل 2 / 114، وانظر مواهب الجليل 2 / 114.</p><font color=#ff0000>(7)</font> حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص157.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٧)</span><hr/></div>الْمَأْمُومَ لَا يَقْرَأُ فِي الْجَهْرِيَّةِ، بَل يَتَحَمَّل الإِْمَامُ عَنْهُ فِيهَا (1) .</p>وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْبَنَّا مِنَ الْحَنَابِلَةِ صِحَّةُ إِمَامَةِ الأَْلْثَغِ " الأَْلْكَنِ " مَعَ الْكَرَاهَةِ (2) .</p>هَذَا حُكْمُ الاِقْتِدَاءِ بِالأَْلْكَنِ الَّذِي يَتْرُكُ حَرْفًا مِنَ الْحُرُوفِ، أَوْ يُبَدِّلُهُ بِغَيْرِهِ، أَوْ لَا يُفْصِحُ بِبَعْضِ الْحُرُوفِ.</p>- أَمَّا إِذَا كَانَتِ اللُّكْنَةُ مُتَمَثِّلَةً فِي عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّلَفُّظِ بِحَرْفٍ مِنَ الْحُرُوفِ إِلَاّ بِتَكْرَارٍ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الاِقْتِدَاءِ بِصَاحِبِ هَذِهِ اللُّكْنَةِ.</p>فَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: تُكْرَهُ إِمَامَةُ التِّمْتَامِ وَالْفَأْفَاءِ وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ خَلْفَهُمَا، لأَِنَّهُمَا يَأْتِيَانِ بِالْحُرُوفِ عَلَى الْكَمَال، وَيَزِيدَانِ زِيَادَةً هُمَا مَغْلُوبَانِ عَلَيْهَا فَعُفِيَ عَنْهَا، وَيُكْرَهُ تَقْدِيمُهُمَا لِهَذِهِ الزِّيَادَةِ (3) .</p>وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ هَذَا التَّكْرَارُ فِي الْفَاتِحَةِ أَوْ غَيْرِهَا (4) .</p>وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّلَفُّظِ بِحَرْفٍ مِنَ الْحُرُوفِ إِلَاّ بِتَكْرَارِ فَيَتَحَتَّمُ عَلَيْهِ بَذْل الْجُهْدِ لإِِصْلَاحِ لِسَانِهِ وَتَصْحِيحِهِ، فَإِنْ لَمْ يَبْذُل لَا يَؤُمُّ إِلَاّ مِثْلَهُ، وَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ إِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 1 / 239.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الإنصاف 2 / 271.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مغني المحتاج 1 / 239، والمغني 2 / 198.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مغني المحتاج 1 / 239.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٨)</span><hr/></div>أَمْكَنَهُ الاِقْتِدَاءُ بِمَنْ يُحْسِنُهُ أَوْ تَرَكَ جُهْدَهُ أَوْ وَجَدَ قَدْرَ الْفَرْضِ خَالِيًا عَنْ ذَلِكَ (1) .</p>وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ جَازَ إِمَامَةُ الأَْلْكَنِ لِسَالِمٍ وَلِمِثْلِهِ، وَهُوَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ إِخْرَاجَ بَعْضِ الْحُرُوفِ مِنْ مَخَارِجِهَا، سَوَاءٌ كَانَ لَا يَنْطِقُ بِالْحَرْفِ الْبَتَّةَ، أَوْ يَنْطِقُ بِهِ مُغَيِّرًا وَلَوْ بِزِيَادَتِهِ أَوْ تَكْرَارِهِ (2) .</p>وَلِلتَّفْصِيل (ر: قِرَاءَةٌ ف 9) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الطحطاوي على الدر 1 / 251.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الزرقاني 2 / 16.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لَمْزٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> اللَّمْزُ فِي اللُّغَةِ: الْعَيْبُ فِي السِّرِّ، وَأَصْلُهُ الإِْشَارَةُ بِالْعَيْنِ وَالرَّأْسِ وَالشَّفَةِ مَعَ كَلَامٍ خَفِيٍّ.</p>وَقِيل: هُوَ الْعَيْبُ فِي الْوَجْهِ وَالْوُقُوعُ فِي النَّاسِ، يُقَال: لَمَزَهُ يَلْمِزُهُ مِنْ بَابَيْ ضَرَبَ وَقَتَل: عَابَهُ، وَقَال اللِّحْيَانِيُّ: الْهَمَّازُ وَاللَّمَّازُ: النَّمَّامُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي التَّنْزِيل:{الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَاّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ} (1) وَلَا يَخْرُجُ مَعْنَاهُ الاِصْطِلَاحِيُّ عَنْ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الْهَمْزُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> مِنْ مَعَانِي الْهَمْزِ فِي اللُّغَةِ: الْغَمْزُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة التوبة / 79.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصباح، ولسان العرب، والمفردات للراغب الأصفهاني، وتفسير القرطبي 8 / 166، 214 و16 / 327، 20 / 181.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٩)</span><hr/></div>وَالاِغْتِيَابُ، يُقَال: هَمَزَهُ هَمْزًا: غَمَزَهُ، وَيُقَال: هَمَزَهُ: اغْتَابَهُ وَغَضَّ مِنْهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي التَّنْزِيل:{هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} (1) .</p>وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.</p>قَال الطَّبَرِيُّ: اللَّمْزُ بِالْيَدِ وَالْعَيْنِ وَاللِّسَانِ وَالإِْشَارَةِ، وَالْهَمْزُ لَا يَكُونُ إِلَاّ بِاللِّسَانِ (2) فَاللَّمْزُ أَعَمُّ مِنَ الْهَمْزِ.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الْغَمْزُ: </span>3 - مِنْ مَعَانِي الْغَمْزِ فِي اللُّغَةِ: الإِْشَارَةُ بِالْعَيْنِ أَوِ الْجَفْنِ أَوِ الْحَاجِبِ، يُقَال غَمَزَهُ غَمْزًا - مِنْ بَابِ ضَرَبَ - أَشَارَ إِلَيْهِ بِعَيْنٍ أَوْ حَاجِبٍ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي التَّنْزِيل:{وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ} (3) .</p>وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (4) .</p>وَالصِّلَةُ بَيْنَ اللَّمْزِ وَالْغَمْزِ: أَنَّ اللَّمْزَ أَعَمُّ مِنَ الْغَمْزِ.</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الْغِيبَةُ: </span>4 - الْغِيبَةُ - بِكَسْرِ الْغَيْنِ - فِي اللُّغَةِ اسْمٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة القلم / 11.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المعجم الوسيط، ولسان العرب، وتفسير القرطبي 16 / 327.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة المطففين / 30.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المصباح المنير، والمعجم الوسيط، وتفسير القرطبي 5 / 226، 19 / 267.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٩)</span><hr/></div>مَأْخُوذٌ مِنَ اغْتَابَهُ اغْتِيَابًا: إِذَا ذَكَرَهُ بِمَا يَكْرَهُ مِنَ الْعُيُوبِ وَهُوَ حَقٌّ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَاطِلاً فَهُوَ الْغِيبَةُ فِي بَهْتٍ (1) .</p>وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.</p>وَالْغِيبَةُ أَعَمُّ مِنَ اللَّمْزِ لأَِنَّ اللَّمْزَ مِنْ أَقْسَامِ الْغِيبَةِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> اللَّمْزُ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ وَكَبَائِرِ الذُّنُوبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَاّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (2) قَال قَتَادَةُ: وَذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ تَصَدَّقَ بِنِصْفِ مَالِهِ وَكَانَ لَهُ ثَمَانِيَةُ آلَافٍ فَتَصَدَّقَ مِنْهَا بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ فَقَال قَوْمٌ: مَا أَعْظَمَ رِيَاءَهُ فَأَنْزَل اللَّهُ: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ} (3) وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالأَْلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِْيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير، والتعريفات للجرجاني.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة التوبة / 79.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تفسير القرطبي 8 / 214 - 215، وفتح الباري 8 / 330 وبعدها.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة الحجرات / 11.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٠)</span><hr/></div>قَال الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ} وَهَذِهِ الآْيَةُ مِثْل قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} (1) أَيْ لَا يَقْتُل بَعْضُكُمْ بَعْضًا لأَِنَّ الْمُؤْمِنِينَ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَكَأَنَّهُ بِقَتْل أَخِيهِ قَاتَل نَفْسَهُ.</p>وَالْمَعْنَى: لَا يَعِبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا.</p>تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الْعَاقِل لَا يَعِيبُ نَفْسَهُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَعِيبَ غَيْرَهُ، لأَِنَّهُ كَنَفْسِهِ (2) .</p>وَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ اللَّمْزَ بِاعْتِبَارِهِ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ، ثُمَّ قَال: وَغَايَرَ بَيْنَ صِفَتَيْ: تَلْمِزُوا، وَتَنَابَزُوا - {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا} (3)، لأَِنَّ الْمَلْمُوزَ قَدْ لَا يَقْدِرُ فِي الْحَال عَلَى عَيْبٍ يَلْمِزُ بِهِ لَامِزُهُ فَيَحْتَاجُ إِلَى تَتَبُّعِ أَحْوَالِهِ حَتَّى يَظْفَرَ بِبَعْضِ عُيُوبِهِ بِخِلَافِ النَّبْزِ فَإِنَّ مَنْ لُقِّبَ بِمَا يَكْرَهُ قَادِرٌ عَلَى تَلْقِيبِ الآْخَرِ بِنَظِيرِ ذَلِكَ حَالاً فَوَقَعَ التَّفَاعُل ثُمَّ قَال: وَمَعْنَى {بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِْيمَانِ} (4) أَنَّ مَنْ فَعَل إِحْدَى الثَّلَاثَةِ اسْتَحَقَّ اسْمَ الْفِسْقِ وَهُوَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النساء / 29.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تفسير القرطبي 16 / 327، والزواجر عن اقتراف الكبائر 2 / 4 وما بعدها.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الحجرات / 11.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة الحجرات / 11.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٠)</span><hr/></div>غَايَةُ النَّقْصِ بَعْدَ أَنْ كَانَ كَامِلاً بِالإِْيمَانِ وَضَمَّ تَعَالَى إِلَى هَذَا الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ فِي نَفْسِ الآْيَةِ قَوْلَهُ {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} لِلإِْشَارَةِ إِلَى عَظَمَةِ إِثْمِ كُل وَاحِدٍ مِنْ تَلِكَ الثَّلَاثَةِ، وَقَال: وَقُدِّمَتِ السُّخْرِيَّةُ، لأَِنَّهَا أَبْلَغُ الثَّلَاثَةِ فِي الأَْذِيَّةِ لاِسْتِدْعَائِهَا تَنْقِيصَ الْمَرْءِ فِي حَضْرَتِهِ، ثُمَّ اللَّمْزُ لأَِنَّهُ الْعَيْبُ بِمَا فِي الإِْنْسَانِ، وَهَذَا دُونَ الأَْوَّل ثُمَّ النَّبْزُ وَهَذَا نِدَاؤُهُ بِلَقَبِهِ وَهُوَ دُونَ الثَّانِي إِذْ لَا يَلْزَمُ مُطَابِقَةُ مَعْنَاهُ لِلَقَبِهِ فَقَدْ يُلَقَّبُ الْحَسَنُ بِالْقَبِيحِ وَعَكْسُهُ (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الزواجر 2 / 5 وما بعدها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لَمْسٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> اللَّمْسُ لُغَةً: الْجَسُّ وَالإِْدْرَاكُ بِظَاهِرِ الْبَشَرَةِ كَ‌<span class="title">‌الْمَسِّ</span>، وَيُكْنَى بِهِ وَبِالْمُلَامَسَةِ عَنِ الْجِمَاعِ، وَقُرِئَ:{لَمَسْتُمْ} (1) وَ {لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} حَمْلاً عَلَى الْمَسِّ وَعَلَى الْجِمَاعِ، وَقِيل: اللَّمْسُ: الْمَسُّ بِالْيَدِ (2) .</p>وَاللَّمْسُ اصْطِلَاحًا هُوَ: مُلَاقَاةُ جِسْمٍ لِجِسْمٍ لِطَلَبِ مَعْنًى فِيهِ كَحَرَارَةٍ أَوْ بِرَوْدَةٍ أَوْ صَلَابَةٍ أَوْ رَخَاوَةٍ أَوْ عِلْمِ حَقِيقَةٍ، كَأَنْ يَلْمِسَ لِيَعْلَمَ هَل هُوَ آدَمِيٌّ أَوْ لَا (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ - الْمَسُّ:</p><font color=#ff0000>2 -</font> مِنْ مَعَانِي الْمَسِّ فِي اللُّغَةِ: اللَّمْسُ وَالْجُنُونُ، وَيُكْنَى بِهِ عَنِ النِّكَاحِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة المائدة / 6.</p><font color=#ff0000>(2)</font> لسان العرب، والمفردات للراغب الأصفهاني، والمصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية الدسوقي 1 / 119.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المفردات، والقاموس المحيط.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣١)</span><hr/></div>وَالْمَسُّ فِي الاِصْطِلَاحِ: مُلَاقَاةُ جِسْمٍ لآِخَرَ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ (1) .</p>وَالْفَرْقُ بَيْنَ اللَّمْسِ وَالْمَسِّ: أَنَّ الْمَسَّ الْتِقَاءُ الْجِسْمَيْنِ، سَوَاءٌ كَانَ لِقَصْدِ مَعْنًى أَوْ لَا، وَاللَّمْسُ هُوَ الْمَسُّ لِطَلَبِ مَعْنًى.</p>فَاللَّمْسُ أَخَصُّ مِنَ الْمَسِّ (2) .</p>ب -‌<span class="title">‌ الْمُبَاشَرَةُ: </span>1 - الْمُبَاشَرَةُ فِي اللُّغَةِ: الإِْفْضَاءُ بِالْبَشَرَتَيْنِ، يُقَال: بَاشَرَ الرَّجُل زَوْجَتَهُ: تَمَتَّعَ بِبَشَرَتِهَا، وَبَاشَرَ الأَْمْرَ تَوَلَاّهُ بِبَشَرَتِهِ وَهِيَ يَدُهُ.</p>قَال ابْنُ مَنْظُورٍ: مُبَاشَرَةُ الْمَرْأَةِ مُلَامَسَتُهَا، وَكَنَّى بِهَا عَنِ الْجِمَاعِ (3) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (4) .</p>وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ لِهَذَا اللَّفْظِ عَنْ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ (5) .</p>وَيُرَادَفُ اللَّمْسُ الْمُبَاشَرَةَ فِي بَعْضِ إِطْلَاقَاتِهَا.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِاللَّمْسِ:</span></p>‌<span class="title">‌لَمْسُ الْمَرْأَةِ بِالنِّسْبَةِ لِنَقْضِ الْوُضُوءِ</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ لَمْسِ الْمَرْأَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الدسوقي 1 / 116.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مواهب الجليل 1 / 297.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المفردات، والمصباح المنير، ولسان العرب.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة البقرة / 187.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حاشية ابن عابدين 1 / 99، وقواعد الفقه للبركتي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٢)</span><hr/></div>بِالنِّسْبَةِ لِنَقْضِ الْوُضُوءِ. فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ أَنَّ لَمْسَ الرَّجُل الْمَرْأَةَ وَالْمَرْأَةِ الرَّجُل لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَالْحَسَنِ وَمَسْرُوقٍ (1) . ثُمَّ اخْتَلَفَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الْمُبَاشَرَةِ الْفَاحِشَةِ وَهُوَ أَنْ يُبَاشِرَ الرَّجُل الْمَرْأَةَ بِشَهْوَةٍ وَيَنْتَشِرُ لَهَا وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا ثَوْبٌ وَلَمْ يَرَ بَلَلاً، فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ إِلَى أَنَّهُ يَكُونُ حَدَثًا اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَكُونَ حَدَثًا وَهُوَ قَوْل مُحَمَّدٍ، وَهَل تُشْتَرَطُ مُلَاقَاةُ الْفَرْجَيْنِ وَهِيَ مُمَاسَّتُهُمَا؟ عَلَى قَوْلِهِمَا لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَشَرَطَهُ فِي النَّوَادِرِ، وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ مُلَاقَاةَ الْفَرْجَيْنِ أَيْضًا (2) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ بِلَمْسِ الْمُتَوَضِّئِ الْبَالِغِ لِشَخْصٍ يَلْتَذُّ بِهِ عَادَةً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَلَوْ كَانَ الْمَلْمُوسُ غَيْرَ بَالِغٍ سَوَاءٌ أَكَانَ اللَّمْسُ لِزَوْجَتِهِ أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ مَحْرَمًا أَمْ كَانَ اللَّمْسُ لِظُفُرٍ أَوْ شَعَرٍ أَمْ مِنْ فَوْقِ حَائِلٍ كَثَوْبٍ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْحَائِل خَفِيفًا يُحِسُّ اللَاّمِسُ مَعَهُ بِطَرَاوَةِ الْبَدَنِ أَمْ كَانَ كَثِيفًا،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الهندية 1 / 13، والمغني مع الشرح الكبير 1 / 187.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 1 / 147 ط. الإمام، والفتاوى الهندية 1 / 13، والمبسوط 1 / 68.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٢)</span><hr/></div>وَسَوَاءٌ أَكَانَ اللَّمْسُ بَيْنَ الرِّجَال أَمْ بَيْنَ النِّسَاءِ، فَاللَّمْسُ بِلَذَّةٍ نَاقِضٌ.</p>وَالنَّقْضُ بِاللَّمْسِ مَشْرُوطٌ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ: أَنْ يَكُونَ اللَاّمِسُ بَالِغًا، وَأَنْ يَكُونَ الْمَلْمُوسُ مِمَّنْ يُشْتَهَى عَادَةً، وَأَنْ يَقْصِدَ اللَاّمِسُ اللَّذَّةَ أَوْ يَجِدَهَا.</p>وَلَا يُنْقَضُ الْوُضُوءُ بِلَذَّةٍ مِنْ نَظَرٍ أَوْ فِكْرٍ، وَلَوْ حَدَثَ إِنْعَاظٌ مَا لَمْ يُمْذِ بِالْفِعْل، وَلَا بِلَمْسِ صَغِيرَةٍ لَا تُشْتَهَى أَوْ بَهِيمَةٍ أَوْ رَجُلٍ مُلْتَحٍ، إِذِ الشَّأْنُ عَدَمُ التَّلَذُّذِ بِهِ عَادَةً إِذَا كَمَلَتْ لِحْيَتُهُ (1) .</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا الْتَقَتْ بَشَرَتَا رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ تُشْتَهَى، انْتَقَضَ وُضُوءُ اللَاّمِسِ مِنْهُمَا، سَوَاءٌ كَانَ اللَاّمِسُ الرَّجُل أَوِ الْمَرْأَةَ، وَسَوَاءٌ كَانَ اللَّمْسُ بِشَهْوَةٍ أَمْ لَا، تَعْقُبُهُ لَذَّةٌ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ قَصَدَ ذَلِكَ أَمْ حَصَل سَهْوًا أَوِ اتِّفَاقًا، وَسَوَاءٌ اسْتَدَامَ اللَّمْسَ أَمْ فَارَقَ بِمُجَرَّدِ الْتِقَاءِ الْبَشَرَتَيْنِ، وَسَوَاءٌ لَمَسَ بِعُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ الطَّهَارَةِ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَلْمُوسُ أَوِ الْمَلْمُوسُ بِهِ صَحِيحًا أَوْ أَشَل، زَائِدًا أَوْ أَصْلِيًّا، فَكُل ذَلِكَ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، وَهَل يَنْقُضُ وُضُوءَ الْمَلْمُوسِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ، وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمْ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ مَبْنِيَّانِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الدسوقي 1 / 119.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٣)</span><hr/></div>عَلَى الْقِرَاءَتَيْنِ، فَمَنْ قَرَأَ (لَمَسْتُمْ) لَمْ يُنْقَضِ الْمَلْمُوسُ لأَِنَّهُ لَمْ يَلْمِسْ، وَمَنْ قَرَأَ (لَامَسْتُمْ) نَقَضَهُ لأَِنَّهَا مُفَاعَلَةٌ، وَاخْتُلِفَ فِي الأَْصَحِّ مِنَ الْقَوْلَيْنِ فَصَحَّحَ الرُّويَانِيُّ - وَالشَّاشِيُّ عَدَمَ الاِنْتِقَاضِ، وَصَحَّحَ الأَْكْثَرُونَ الاِنْتِقَاضَ (1) .</p>وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ أَحْمَدَ أَنَّ لَمْسَ النِّسَاءِ لِشَهْوَةٍ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَلَا يَنْقُضُهُ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ، وَهَذَا قَوْل عَلْقَمَةَ وَأَبِي عُبَيْدَةَ وَالنَّخَعِيِّ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ وَالثَّوْرِيِّ وَإِسْحَاقَ وَالشَّعْبِيِّ (2) .</p>وَلَا يَنْقُضُ مَسُّ الرَّجُل الطِّفْلَةَ وَلَا الْمَرْأَةِ الطِّفْل، أَيْ مَنْ دُونَ سَبْعٍ (3) .</p>وَلَا يَخْتَصُّ اللَّمْسُ النَّاقِضُ بِالْيَدِ بَل أَيُّ شَيْءٍ مِنْهُ لَاقَى شَيْئًا مِنْ بَشَرَتِهَا مَعَ الشَّهْوَةِ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ عُضْوًا أَصْلِيًّا أَوْ زَائِدًا.</p>وَلَا يَنْقُضُ مَسُّ شَعَرِ الْمَرْأَةِ وَلَا ظُفُرُهَا وَلَا سِنُّهَا وَلَا يَنْقُضُ لَمْسُهَا لِشَعَرِهِ وَلَا سِنِّهِ وَلَا ظُفُرِهِ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَثَرُ لَمْسِ الْفَرْجِ فِي انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> لَمْسُ الْفَرْجِ لَا يُنْتَقَضُ بِهِ الْوُضُوءُ عِنْدَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع 2 / 26 نشر المكتبة العلمية.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني مع الشرح الكبير 1 / 186 - 187.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كشاف القناع 1 / 129.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المغني مع الشرح الكبير 1 / 190.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٣)</span><hr/></div>الْحَنَفِيَّةِ وَيُنْتَقَضُ بِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَلِلتَّفْصِيل (ر: فَرْجٌ ف 40) .</p> </p>‌<span class="title">‌لَمْسُ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالْجُنُبِ لِلْمُصْحَفِ</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْدِثِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالْجُنُبِ مَسُّ الْمُصْحَفِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَاّ الْمُطَهَّرُونَ} (1)، وَلِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَاّ طَاهِرٌ (2) . وَلِلتَّفْصِيل (ر: جَنَابَةٌ ف 10 وَحَدَثٌ ف 26، وَمُصْحَفٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌لَمْسُ الصَّائِمِ لِلْمَرْأَةِ</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - أَنَّ الصَّائِمَ إِذَا تَعَمَّدَ إِنْزَال الْمَنِيِّ بِاللَّمْسِ وَالتَّقْبِيل وَنَحْوِهِمَا فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْقَضَاءَ دُونَ الْكَفَّارَةِ.</p>وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يُوجِبُ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ عِنْدَ حُصُول الإِْنْزَال (وَالتَّفْصِيل فِي صَوْمٌ ف 41) .</p> </p>‌<span class="title">‌لَمْسُ الْمُحْرِمِ لِلْمَرْأَةِ وَأَثَرُهُ عَلَى النُّسُكِ</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> إِذَا لَمَسَ الْمُحْرِمُ الْمَرْأَةَ بِشَهْوَةٍ أَوْ قَبَّل أَوْ بَاشَرَ بِغَيْرِ جِمَاعٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الدَّمُ، سَوَاءٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الواقعة / 79.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" لا يمس القرآن إلا طاهر ". أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (1 / 276) وقال: رواه الطبراني في الكبير والصغير ورجاله موثقون.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٤)</span><hr/></div>أَنْزَل مَنِيًّا أَمْ لَمْ يُنْزِل، وَلَا يَفْسُدُ حَجُّهُ اتِّفَاقًا بَيْنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. إِلَاّ أَنَّ الْحَنَابِلَةَ قَالُوا إِنْ أَنْزَل وَجَبَ عَلَيْهِ بَدَنَةٌ.</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ أَنْزَل مَنِيًّا فَسَدَ حَجُّهُ، وَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُجَامِعِ، وَإِنْ لَمْ يُنْزِل فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ. وَلِلتَّفْصِيل (ر: إِحْرَامٌ ف 176) .</p> </p>‌<span class="title">‌اللَّمْسُ بَيْنَ الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ لِلْعِلَاجِ</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ إِلَى عَدِمِ جِوَازِ لَمْسِ الرَّجُل شَيْئًا مِنْ جَسَدِ الْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ الْحَيَّةِ، إِلَاّ أَنَّهُمْ أَجَازُوا لِلطَّبِيبِ الْمُسْلِمِ إِنْ لَمْ تُوجَدْ طَبِيبَةٌ أَنْ يُدَاوِيَ الْمَرِيضَةَ الأَْجْنَبِيَّةَ الْمُسْلِمَةَ وَيَنْظُرَ مِنْهَا وَيَلْمِسَ مَا تُلْجِئُ الْحَاجَةُ إِلَى نَظَرِهِ وَلَمْسِهِ، وَيُجِيزُونَ لِلطَّبِيبَةِ أَنْ تَنْظُرَ وَتَلْمِسَ مِنَ الْمَرِيضِ مَا تَدْعُو الْحَاجَةُ الْمُلْجِئَةُ إِلَى نَظَرِهِ وَلَمْسِهِ إِنْ لَمْ يُوجَدْ طَبِيبٌ يَقُومُ بِمُدَاوَاةِ الْمَرِيضِ. وَلِلتَّفْصِيل (ر: عَوْرَةٌ ف 15، 18) .</p> </p>‌<span class="title">‌قِيَامُ اللَّمْسِ مَقَامَ الرُّؤْيَةِ فِي حُصُول الْعِلْمِ بِالْمَبِيعِ</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ يَحْصُل الْعِلْمُ بِحَقِيقَةِ الْمَبِيعِ بِاللَّمْسِ (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 4 / 68، وحاشية الدسوقي 3 / 24 وشرح منتهى الإرادات 2 / 146.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٤)</span><hr/></div>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ كُل عَقْدٍ يُشْتَرَطُ فِيهِ الرُّؤْيَةُ لَا يَصِحُّ بِدُونِهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَاتِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يَعْتَبِرُونَ اللَّمْسَ وَسِيلَةً لِحُصُول الْعِلْمِ بِحَقِيقَةِ الْمَبِيعِ (1) .</p> </p>12</p> </p>‌<span class="title">‌أَثَرُ اللَّمْسِ فِي ثُبُوتِ حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا لَوْ لَمَسَ الرَّجُل امْرَأَةً بِشَهْوَةٍ هَل يَحِل لَهُ الزَّوَاجُ بِأُصُولِهَا وَفُرُوعِهَا؟ يَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْجُمْلَةِ أَنَّ لَمْسَ أَجْنَبِيَّةٍ سَوَاءٌ كَانَ لِشَهْوَةٍ أَوْ لِغَيْرِهَا لَا يَنْشُرُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ (2) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى ثُبُوتِ حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ بِاللَّمْسِ وَالتَّقْبِيل وَالنَّظَرِ إِلَى الْفَرْجِ بِشَهْوَةٍ كَمَا تَثْبُتُ بِالْوَطْءِ.</p>وَلَا فَرْقَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ بِاللَّمْسِ بَيْنَ كَوْنِهِ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ مُخْطِئًا (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الرَّجْعَةُ بِاللَّمْسِ</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى صِحَّةِ الرَّجْعَةِ بِاللَّمْسِ بِشَهْوَةٍ وَسَائِرِ مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ، إِلَاّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ يَشْتَرِطُونَ لِصِحَّةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 2 / 16 - 21، 31.</p><font color=#ff0000>(2)</font> القوانين الفقهية ص210، والقليوبي 3 / 241، والمغني 6 / 579.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفتاوى الهندية 1 / 274.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٥)</span><hr/></div>الرَّجْعَةِ أَنْ يَنْوِيَ الزَّوْجُ بِاللَّمْسِ الرَّجْعَةَ.</p>وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ عَدِمَ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ بِاللَّمْسِ وَبِغَيْرِهِ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌لَمْسُ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ الْمُظَاهِرَ مِنْهَا</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَأَكْثَرُ الْمَالِكِيَّةِ وَأَحْمَدُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ إِلَى حُرْمَةِ دَوَاعِي الْجِمَاعِ مِنْ تَقْبِيلٍ أَوْ لَمْسٍ أَوْ مُبَاشَرَةٍ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ قَبْل التَّكْفِيرِ.</p>وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْظْهَرِ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ إِبَاحَةَ دَوَاعِي الْوَطْءِ فَلَا يَحْرُمُ عِنْدَهُمْ لَمْسُ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ الْمُظَاهِرَ مِنْهَا وَلَا تَقْبِيلُهَا وَلَا مُبَاشَرَتُهَا فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ.</p>وَلِلتَّفْصِيل: (ر: ظِهَارٌ ف 22) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البناية 4 / 593، والقوانين الفقهية ص234، ومغني المحتاج 3 / 337، وكشاف القناع 5 / 343.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لَمَمٌ</span>.</p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> مِنْ مَعَانِي اللَّمَمِ لُغَةً: الْجَمْعُ، وَصِغَارُ الذُّنُوبِ، وَمُقَارَبَةُ الذَّنْبِ مِنْ غَيْرِ إِيقَاعِ فِعْلٍ (1) .</p>وَاللَّمَمُ فِي الاِصْطِلَاحِ: مَا دُونَ الْوَطْءِ مِنَ الْقُبْلَةِ وَالْغَمْزَةِ وَالنَّظْرَةِ وَالْمُضَاجَعَةِ، قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَحُذَيْفَةُ وَمَسْرُوقٌ.</p>وَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم وَالشَّعْبِيُّ: اللَّمَمُ كُل مَا دُونَ الزِّنَى، وَقَال الْقُرْطُبِيُّ: اللَّمَمُ هِيَ الصَّغَائِرُ الَّتِي لَا يَسْلَمُ مِنَ الْوُقُوعِ فِيهَا إِلَاّ مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ وَحَفِظَهُ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الْكَبَائِرُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الْكَبَائِرُ جَمْعُ كَبِيرَةٍ وَهِيَ فِي اللُّغَةِ: الإِْثْمُ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المفردات والمصباح.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تفسير القرطبي 17 / 106 - 107، وتفسير الطبري 27 / 38 - 39.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المصباح المنير.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٦)</span><hr/></div>وَفِي الاِصْطِلَاحِ عَرَّفَهَا الْجُرْجَانِيُّ بِأَنَّهَا: مَا كَانَ حَرَامًا مَحْضًا شُرِعَ عَلَيْهَا عُقُوبَةٌ مَحْضَةٌ بِنَصٍّ قَاطِعٍ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ (1) .</p>وَقِيل: إِنَّهَا مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا حَدٌّ أَوْ تُوُعِّدَ عَلَيْهَا بِالنَّارِ أَوِ اللَّعْنَةِ أَوِ الْغَضَبِ، قَال شَارِحُ الْعَقِيدَةِ الطَّحَاوِيَّةِ: وَهَذَا أَمْثَل الأَْقْوَال (2) . وَالْكَبَائِرُ ضِدُّ اللَّمَمِ.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الصَّغَائِرُ: </span>3 - الصَّغَائِرُ لُغَةً: مِنْ صَغُرَ الشَّيْءُ فَهُوَ صَغِيرٌ وَجَمْعُهُ صِغَارٌ، وَالصَّغِيرَةُ صِفَةٌ، وَجَمْعُهَا صِغَارٌ أَيْضًا، وَلَا تُجْمَعُ عَلَى صَغَائِرَ إِلَاّ فِي الذُّنُوبِ وَالآْثَامِ (3) .</p>وَأَمَّا فِي الاِصْطِلَاحِ فَقَدْ عَرَّفَهَا الْبَعْضُ بِأَنَّهَا: كُل ذَنْبٍ لَمْ يُخْتَمْ بِلَعْنَةٍ أَوْ غَضَبٍ أَوْ نَارٍ.</p>وَقِيل: الصَّغِيرَةُ مَا دُونَ الْحَدَّيْنِ: حَدِّ الدُّنْيَا وَحَدِّ الآْخِرَةِ (4) .</p>وَالصِّلَةُ بَيْنَ الصَّغَائِرِ وَاللَّمَمِ التَّسَاوِي.</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الْمَعْصِيَةُ: </span>4 - الْمَعْصِيَةُ أَوِ الْعِصْيَانُ فِي اللُّغَةِ: الْخُرُوجُ عَنِ الطَّاعَةِ (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) التعريفات للجرجاني.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح العقيدة الطحاوية ص525 نشر مؤسسة الرسالة.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(4)</font> شرح العقيدة الطحاوية ص525 نشر مؤسسة الرسالة.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المفردات للراغب الأصفهاني.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٦)</span><hr/></div>وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ لِهَذَا اللَّفْظِ عَنْ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ (1) .</p>وَالْمَعْصِيَةُ أَعَمُّ مِنَ اللَّمَمِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> اللَّمَمُ بِمَعْنَى الصَّغَائِرِ مِنَ الذُّنُوبِ لَا يَقْدَحُ الْعَدَالَةَ إِلَاّ مَعَ الإِْصْرَارِ، لأَِنَّ التَّحَرُّزَ مِنْهَا غَيْرُ مُمْكِنٍ (2) .</p>قَال الْقَرَافِيُّ: الصَّغِيرَةُ لَا تَقْدَحُ فِي الْعَدَالَةِ وَلَا تُوجِبُ فُسُوقًا إِلَاّ أَنْ يُصِرَّ عَلَيْهِ (3) .</p>وَقَال الْغَزَالِيُّ: لَا يَخْلُو الإِْنْسَانُ عَنْ غِيبَةٍ وَكَذِبٍ وَنَمِيمَةٍ وَلَعْنٍ وَسَفَاهَةٍ فِي غَضَبٍ فَلَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ بِسَبَبِهَا إِلَاّ عِنْدَ الإِْصْرَارِ (4) .</p>وَحَدُّ الإِْصْرَارِ كَمَا قَال ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنِ ابْنِ نُجَيْمٍ: أَنْ تَتَكَرَّرَ مِنْهُ الصَّغِيرَةُ تَكْرَارًا يُشْعِرُ بِقِلَّةِ الْمُبَالَاةِ بِدِينِهِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِعَدَدٍ، بَل مُفَوَّضٌ إِلَى الرَّأْيِ وَالْعُرْفِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ بِمَرَّتَيْنِ إِصْرَارٌ (5) .</p>وَالتَّفْصِيل فِي (إِصْرَارٌ ف 2، وَكَبَائِرُ وَصَغَائِرُ ف 4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تفسير القرطبي 1 / 432.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 8 / 279، وتفسير الخازن 4 / 197، وإحياء علوم الدين 4 / 16، والمغني 9 / 167.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفروق للقرافي 4 / 67.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الوجيز 2 / 250.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حاشية ابن عابدين 2 / 140، والوجيز 2 / 250، والمغني 9 / 167، ونهاية المحتاج 8 / 278 - 279.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لَهْوٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> اللَّهْوُ فِي اللُّغَةِ: كُل بَاطِلٍ أَلْهَى عَنِ الْخَيْرِ وَعَمَّا يَعْنِي (1) .</p>وَقَال الطُّرْطُوشِيُّ: أَصْل اللَّهْوِ: التَّرْوِيحُ عَنِ النَّفْسِ بِمَا لَا تَقْتَضِيهِ الْحِكْمَةُ.</p>وَقَال الْقُرْطُبِيُّ: وَقَدْ يُكْنَى بِاللَّهْوِ عَنِ الْجِمَاعِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْجِمَاعُ لَهْوًا لأَِنَّهُ مُلْهٍ لِلْقَلْبِ (2) .</p>وَلَا يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِهَذَا اللَّفْظِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ فِي الْغَالِبِ وَهُوَ كُل مَا يَتَلَذَّذُ بِهِ الإِْنْسَانُ فَيُلْهِيهِ ثُمَّ يَنْقَضِي (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌اللَّعِبُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> مِنْ مَعَانِي اللَّعِبِ فِي اللُّغَةِ: طَلَبُ الْفَرَحِ بِمَا لَا يَحْسُنُ أَنْ يُطْلَبَ بِهِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الكليات لأبي البقاء الكفوي 4 / 138.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصباح المنير، وتفسير القرطبي 11 / 276.</p><font color=#ff0000>(3)</font> قواعد الفقه للبركتي، وحاشية ابن عابدين 5 / 253، والشرح الصغير 4 / 744.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الكليات 4 / 311.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٧)</span><hr/></div>وَفِي الاِصْطِلَاحِ قَال الْبَرَكَتِيُّ: اللَّعِبُ هُوَ فِعْل الصِّبْيَانِ يَعْقُبُهُ التَّعَبُ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ (1) .</p>وَاللَّهْوُ أَعَمُّ مِنَ اللَّعِبِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِاللَّهْوِ</span></p>أ -‌<span class="title">‌ اللَّهْوُ بِمَعْنَى اللَّعِبِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الأَْصْل فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: كُل شَيْءٍ يَلْهُو بِهِ ابْنُ آدَمَ فَهُوَ بَاطِلٌ إِلَاّ ثَلَاثًا: رَمْيُهُ عَنْ قَوْسِهِ، وَتَأْدِيبُهُ فَرَسَهُ، وَمُلَاعَبَتُهُ أَهْلَهُ (2) ، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ أَفَادَ أَنَّ كُل مَا تَلَهَّى بِهِ الإِْنْسَانُ مِمَّا لَا يَفِيدُ فِي الْعَاجِل وَالآْجِل فَائِدَةً دِينِيَّةً فَهُوَ بَاطِلٌ وَالاِعْتِرَاضُ فِيهِ مُتَعَيِّنٌ، إِلَاّ هَذِهِ الأُْمُورُ الثَّلَاثَةُ فَإِنَّهُ وَإِنْ فَعَلَهَا عَلَى أَنَّهُ يَتَلَهَّى بِهَا وَيَسْتَأْنِسُ وَيَنْشَطُ فَإِنَّهَا حَقٌّ لاِتِّصَالِهَا بِمَا قَدْ يُفِيدُ، فَإِنَّ الرَّمْيَ بِالْقَوْسِ وَتَأْدِيبَ الْفَرَسِ فِيهِمَا عَوْنٌ عَلَى الْقِتَال، وَمُلَاعَبَتَهُ الْمَرْأَةِ قَدْ تُفْضِي إِلَى مَا يَكُونُ عَنْهُ وَلَدٌ يُوَحِّدُ اللَّهَ وَيَعْبُدُهُ، فَلِهَذَا كَانَتْ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ مِنَ الْحَقِّ وَمَا عَدَاهَا مِنَ الْبَاطِل (3) .</p>قَال الْخَطَّابِيُّ: فِي هَذَا بَيَانُ أَنَّ جَمِيعَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) قواعد الفقه للبركتي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: كل شيء يلهو به ابن آدم. . . ". أخرجه أحمد (4 / 148) والحاكم 2 / 95) من حديث عقبة ابن عامر، واللفظ لأحمد، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع بهامش الزواجر 1 / 144.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٨)</span><hr/></div>أَنْوَاعِ اللَّهْوِ مَحْظُورَةٌ، وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الْخِلَال مِنْ جُمْلَةِ مَا حَرَّمَ مِنْهَا، لأَِنَّ كُل وَاحِدَةٍ مِنْهَا إِذَا تَأَمَّلْتَهَا وَجَدْتَهَا مُعِينَةً عَلَى حَقٍّ أَوْ ذَرِيعَةً إِلَيْهِ، وَيَدْخُل فِي مَعْنَاهَا مَا كَانَ مِنَ الْمُثَاقَفَةِ بِالسِّلَاحِ وَالشَّدِّ عَلَى الأَْقْدَامِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَرْتَاضُ بِهِ الإِْنْسَانُ، فَيَتَوَقَّحُ بِذَلِكَ بُدْنُهُ وَيَتَقَوَّى بِهِ عَلَى مُجَالَدَةِ الْعَدُوِّ.</p>فَأَمَّا سَائِرُ مَا يَتَلَهَّى بِهِ الْبَطَّالُونَ مِنْ أَنْوَاعِ اللَّهْوِ كَالنَّرْدِ وَالشِّطْرَنْجِ وَالْمُزَاجَلَةِ بِالْحِمَامِ وَسَائِرِ ضُرُوبِ اللَّعِبِ مِمَّا لَا يُسْتَعَانُ بِهِ فِي حَقٍّ، وَلَا يُسْتَجَمُّ بِهِ لِدَرْكِ وَاجِبٍ فَمَحْظُورٌ كُلُّهُ (1) .</p>وَالتَّفَاصِيل فِي مُصْطَلِحِ (لَعِبٌ ف 3 وَمَا بَعْدَهَا) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ اللَّهْوُ بِمَعْنَى الْغِنَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى حُرْمَةِ الْغِنَاءِ إِذَا كَانَ بِشِعْرٍ يُشَبِّبُ فِيهِ بِذِكْرِ النِّسَاءِ وَوَصْفِ مَحَاسِنِهِنَّ وَذِكْرِ الْخُمُورِ وَالْمُحَرَّمَاتِ لأَِنَّهُ اللَّهْوُ وَالْغِنَاءُ الْمَذْمُومُ بِالاِتِّفَاقِ (2) .</p>وَأَمَّا إِذَا سَلِمَ الْغِنَاءُ مِنَ الْفِتْنَةِ وَالْمَلَامَةِ فَأَبَاحَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ وَكَرِهَهُ الآْخَرُونَ وَقَال<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) معالم السنن للخطابي 2 / 241 - 242 ط. المطبعة العلمية، وبدائع الصنائع 6 / 206، والفتاوى الهندية 5 / 232.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تفسير القرطبي 14 / 54.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٨)</span><hr/></div>جَمَاعَةٌ بِحُرْمَتِهِ (1) .</p>وَلِلتَّفْصِيل (ر: اسْتِمَاعٌ ف 15 - 22، وَغِنَاءٌ ف 5) .</p> </p>‌<span class="title">‌ضَرْبُ الْمَلَاهِي</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الضَّرْبَ بِآلَاتِ اللَّهْوِ ذَوَاتِ الأَْوْتَارِ - كَالرَّبَابَةِ وَالْعُودِ وَالْقَانُونِ - وَسَمَاعَهُ حَرَامٌ (2) .</p>قَال ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ: الأَْوْتَارُ وَالْمَعَازِفُ كَالطُّنْبُورِ وَالْعُودِ وَالصَّنْجِ - أَيْ ذِي الأَْوْتَارِ - وَالرَّبَابِ وَالْجُنْكِ وَالْكَمَنْجَةِ وَالسِّنْطِيرِ وَالدِّرِّيجِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآْلَاتِ الْمَشْهُورَةِ عِنْدَ أَهْل اللَّهْوِ وَالسَّفَاهَةِ وَالْفُسُوقِ هَذِهِ كُلُّهَا مُحَرَّمَةٌ بِلَا خِلَافٍ (3) .</p>وَقَال الْقُرْطُبِيُّ: أَمَّا الْمَزَامِيرُ وَالأَْوْتَارُ وَالْكُوبَةُ فَلَا يُخْتَلَفُ فِي تَحْرِيمِ اسْتِمَاعِهَا وَلَمْ أَسْمَعْ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ مِنَ السَّلَفِ وَأَئِمَّةِ الْخَلَفِ مَنْ يُبِيحُ ذَلِكَ، وَكَيْفَ لَا يَحْرُمُ وَهُوَ شِعَارُ أَهْل الْخُمُورِ وَالْفُسُوقِ وَمُهَيِّجُ الشَّهَوَاتِ وَالْفَسَادِ وَالْمُجُونِ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يُشَكَّ فِي تَحْرِيمِهِ وَلَا فِي تَفْسِيقِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بريقة محمودية 4 / 52، وفتح القدير 6 / 36، وإحياء علوم الدين 2 / 266 - 267.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الصغير 2 / 502 - 503، والمغني 9 / 173، والبناية 9 / 205، والدر المختار 5 / 223، وبريقة محمودية 4 / 87 - 79.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع 1 / 112 - 113.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٩)</span><hr/></div>فَاعِلِهِ وَتَأْثِيمِهِ (1) .</p>وَلِلتَّفْصِيل فِيمَا يَحِل وَمَا يَحْرُمُ مِنَ الْمَلَاهِي (ر: مَعَازِفُ، وَاسْتِمَاعٌ ف 26 - 30) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الزواجر عن اقتراف الكبائر لابن حجر الهيتمي 2 / 111.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لِوَاطٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> اللِّوَاطُ لُغَةً: مَصْدَرُ لَاطَ، يُقَال: لَاطَ الرَّجُل وَلَاوَطَ: أَيْ عَمِل عَمَل قَوْمِ لُوطٍ (1) .</p>وَاصْطِلَاحًا: إِيلَاجُ ذَكَرٍ فِي دُبُرِ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌الزِّنَا:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الزِّنَا فِي اللُّغَةِ: الْفُجُورُ.</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ عَرَّفَهُ الْفُقَهَاءُ بِتَعْرِيفَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، مِنْهَا تَعْرِيفُ الْحَنَفِيَّةِ لِلزِّنَا بِالْمَعْنَى الأَْعَمِّ وَهُوَ يَشْمَل مَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَمَا لَا يُوجِبُهُ بِأَنَّهُ: وَطْءُ الرَّجُل الْمَرْأَةَ فِي الْقُبُل فِي غَيْرِ الْمِلْكِ وَشُبْهَتِهِ (3) .</p>وَعَرَّفَهُ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ: إِيلَاجُ الذَّكَرِ بِفَرْجٍ مُحَرَّمٍ لِعَيْنِهِ خَالٍ عَنِ الشُّبْهَةِ مُشْتَهًى طَبْعًا (4) .</p>وَيَتَّفِقُ اللِّوَاطُ وَالزِّنَا فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَطْءٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الصحاح.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 7 / 403.</p><font color=#ff0000>(3)</font> لسان العرب، وفتح القدير 5 / 31، ورد المحتار 3 / 141.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مغني المحتاج 4 / 143 - 144.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٠)</span><hr/></div>مُحَرَّمٌ، لَكِنِ اللِّوَاطُ وَطْءٌ فِي الدُّبُرِ، وَالزِّنَا وَطْءٌ فِي الْقُبُل.</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ اللِّوَاطَ مُحَرَّمٌ لأَِنَّهُ مِنْ أَغْلَظِ الْفَوَاحِشِ (1) .</p>وَقَدْ ذَمَّهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ وَعَابَ عَلَى فِعْلِهِ فَقَال تَعَالَى: {وَلُوطًا إِذْ قَال لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَال شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَل أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} (2) وَقَال تَعَالَى: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَل أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} (3) .</p>وَقَدْ ذَمَّهُ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ: لَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِل عَمَل قَوْمِ لُوطٍ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِل عَمَل قَوْمِ لُوطٍ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِل عَمَل قَوْمِ لُوطٍ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌عُقُوبَةُ اللَاّئِطِ</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ عُقُوبَةَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام 4 / 124، والإفصاح عن معاني الصحاح 2 / 238، والأم 7 / 183، والمبسوط 9 / 77، والمغني لابن قدامة 8 / 187، وكشاف القناع عن متن الإقناع 6 / 94، والكافي لابن عبد البر 2 / 1073.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الأعراف / 80 - 81.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الشعراء / 165 - 166.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث:" لعن الله من عمل عمل قوم لوط. . . ". أخرجه أحمد (1 / 309) والحاكم (4 / 356) من حديث ابن عباس، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٠)</span><hr/></div>اللَاّئِطِ هِيَ عُقُوبَةُ الزَّانِي، فَيُرْجَمُ الْمُحْصَنُ وَيُجْلَدُ غَيْرُهُ وَيُغَرَّبُ لأَِنَّهُ زِنًا بِدَلِيل قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً} (1)، وَقَال تَعَالَى:{أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ} (2)، وَعَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: إِذَا أَتَى الرَّجُل الرَّجُل فَهُمَا زَانِيَانِ (3) .</p><font color=#ff0000>5 -</font> هَذَا فِي الْجُمْلَةِ، وَلِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَلِمُخَالِفِيهِمْ فِي هَذَا الْحُكْمِ تَفْصِيلٌ: فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْحَدُّ لِوَطْءِ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ فِي غَيْرِ قُبُلِهَا وَلَا بِاللِّوَاطَةِ بَل يُعَزَّرُ.</p>وَقَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: اللِّوَاطُ كَالزِّنَا فَيُحَدُّ جَلْدًا إِنْ لَمْ يَكُنْ أُحْصِنَ وَرَجْمًا إِنْ أُحْصِنَ.</p>وَمَنْ تَكَرَّرَ اللِّوَاطُ مِنْهُ يُقْتَل عَلَى الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (4) .</p>وَمَنْ فَعَل اللِّوَاطَ فِي عَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ أَوْ مَنْكُوحَتِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِاتِّفَاقِ الْحَنَفِيَّةِ وَإِنَّمَا يُعَزَّرُ لاِرْتِكَابِهِ الْمَحْظُورَ (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الإسراء / 32.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الأعراف / 80.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان ". أخرجه البيهقي (8 / 233) وقال: " هو منكر بهذا الإسناد "، وذكر ابن حجر في التلخيص (4 / 55) أن في إسناده روايًا متهمًا بالكذب.</p><font color=#ff0000>(4)</font> فتح القدير مع الهداية 4 / 150، والزيلعي 3 / 180، وحاشية ابن عابدين 3 / 155.</p><font color=#ff0000>(5)</font> الزيلعي 3 / 181.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤١)</span><hr/></div>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ مَنْ فَعَل فِعْل قَوْمِ لُوطٍ رُجِمَ الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ، سَوَاءٌ كَانَا مُحْصَنَيْنِ أَوْ غَيْرَ مُحْصَنَيْنِ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ التَّكْلِيفُ فِيهِمَا، وَلَا يُشْتَرَطُ الإِْسْلَامُ وَلَا الْحُرِّيَّةُ. وَأَمَّا إِتْيَانُ الرَّجُل حَلِيلَتَهُ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ فَلَا حَدَّ بَل يُؤَدَّبُ (1) .</p>وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يَجِبُ بِاللِّوَاطِ حَدُّ الزِّنَا، وَفِي قَوْلٍ يُقْتَل الْفَاعِل مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَل عَمَل قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ (2) .</p>وَقِيل: إِنَّ وَاجِبَهُ التَّعْزِيرُ فَقَطْ كَإِتْيَانِ الْبَهِيمَةِ.</p>وَشَمَل ذَلِكَ دُبُرَ عَبْدِهِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ هَذَا حُكْمُ الْفَاعِل.</p>وَأَمَّا الْمَفْعُول بِهِ فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مُكْرَهًا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا جُلِدَ وَغُرِّبَ مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ سَوَاءٌ أَكَانَ رَجُلاً أَمِ امْرَأَةً لأَِنَّ الْمَحَل لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الإِْحْصَانُ، وَقِيل تُرْجَمُ الْمَرْأَةُ الْمُحْصَنَةُ.</p>وَأَمَّا وَطْءُ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ فِي دُبْرِهَا فَالْمَذْهَبُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) القوانين الفقهية 3 / 232، وحاشية الدسوقي 4 / 314.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط. . . ". أخرجه الترمذي (3 / 57) والحاكم (4 / 355) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤١)</span><hr/></div>أَنَّ وَاجِبَهُ التَّعْزِيرُ إِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الْفِعْل، فَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ فَلَا تَعْزِيرَ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَالزَّوْجَةُ وَالأَْمَةُ فِي التَّعْزِيرِ مِثْلُهُ سَوَاءً (1) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ حَدَّ اللِّوَاطِ الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ كَزَانٍ، لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما السَّابِقِ، وَلأَِنَّهُ فَرْجٌ مَقْصُودٌ بِالاِسْتِمْتَاعِ فَوَجَبَ فِيهِ الْحَدُّ كَفَرْجِ الْمَرْأَةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ اللِّوَاطُ فِي مَمْلُوكِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ لأَِنَّ الذَّكَرَ لَيْسَ مَحَلًّا لِلْوَطْءِ، فَلَا يُؤَثِّرُ مِلْكُهُ لَهُ، أَوْ فِي دُبُرِ أَجْنَبِيَّةٍ لأَِنَّهُ فَرْجٌ أَصْلِيٌّ كَالْقُبُل، فَإِنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فِي دُبُرِهَا أَوْ وَطِئَ مَمْلُوكَتَهُ فِي دُبُرِهَا فَهُوَ مُحَرَّمٌ وَلَا حَدَّ فِيهِ لأَِنَّهَا مَحَلٌّ لِلْوَطْءِ فِي الْجُمْلَةِ بَل يُعَزَّرُ لاِرْتِكَابِ مَعْصِيَةٍ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَثْبُتُ بِهِ اللِّوَاطُ</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> يَثْبُتُ اللِّوَاطُ بِالإِْقْرَارِ أَوِ الشَّهَادَةِ.</p>وَأَمَّا عَدَدُ الشُّهُودِ، فَقَدْ قَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَدَدُهُمْ بِعَدَدِ شُهُودِ الزِّنَا أَيْ أَرْبَعَةِ رِجَالٍ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَذْفُ بِاللِّوَاطِ</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ إِذَا قَال رَجُلٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 4 / 144.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشاف القناع 6 / 94، والإنصاف 01 / 176.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الكافي لابن عبد البر 2 / 1073، والمدونة الكبرى 4 / 380، والدرر السنية 4 / 449، والمبسوط 16 / 114، والإفصاح عن معاني الصحاح 2 / 238، والأم 7 / 183.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٢)</span><hr/></div>لِرَجُلٍ: إِنَّهُ عَمِل عَمَل قَوْمِ لُوطٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ قَذْفًا، وَعَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ (1) .</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلِحِ (قَذْفٌ ف 11) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 9 / 102، والمدونة الكبرى 4 / 380، والمهذب 2 / 274.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لَوْثٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> اللَّوْثُ بِفَتْحِ اللَاّمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ فِي اللُّغَةِ: الْقُوَّةُ وَالشَّرُّ، وَاللَّوْثُ: الضَّعْفُ.</p>وَاللَّوْثُ: شِبْهُ الدَّلَالَةِ عَلَى حَدَثٍ مِنَ الأَْحْدَاثِ، وَلَا يَكُونُ بَيِّنَةً تَامَّةً يُقَال: لَمْ يَقُمْ عَلَى اتِّهَامِ فُلَانٍ بِالْجِنَايَةِ إِلَاّ لَوْثٌ.</p>وَاللَّوْثُ: الْجِرَاحَاتُ وَالْمُطَالَبَاتُ بِالأَْحْقَادِ، وَهُوَ فِي الاِصْطِلَاحِ: أَمْرٌ يَنْشَأُ عَنْهُ غَلَبَةُ الظَّنِّ بِصَدْقِ الْمُدَّعِي (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌التُّهْمَةُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> التُّهْمَةُ فِي اللُّغَةِ بِسُكُونِ الْهَاءِ وَفَتْحِهَا: الشَّكُّ وَالرِّيبَةُ وَهِيَ فِي الأَْصْل مِنَ الْوَهْمِ.</p>وَالتُّهْمَةُ هِيَ الْخَصْلَةُ مِنَ الْمَكْرُوهِ تُظَنُّ بِالإِْنْسَانِ أَوْ تُقَال فِيهِ، يُقَال: وَقَعَتْ عَلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، والمصباح المنير، والمعجم الوسيط، والفواكه الدواني 2 / 247.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٣)</span><hr/></div>فُلَانٍ تُهْمَةٌ: إِذَا ذُكِرَ بِخَصْلَةٍ مَكْرُوهَةٍ (1) .</p>وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ اللَّوْثَ مِنْ شُرُوطِ الْقَسَامَةِ (2) وَالأَْصْل فِيهِ حَدِيثُ سَهْل بْنِ أَبِي حَثْمَةَ الأَْنْصَارِيِّ رضي الله عنه فِي قِصَّةِ قَتْل يَهُودِ خَيْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ رضي الله عنه، فَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْل بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنْ سَهْل بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ رِجَالٍ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ مِنْ جَهْدٍ أَصَابَهُمْ، فَأَتَى مُحَيِّصَةُ فَأَخْبَرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ قَدْ قُتِل وَطُرِحَ فِي عَيْنٍ أَوْ فَقِيرٍ (3)، فَأَتَى يَهُودَ فَقَال: أَنْتُمْ وَاللَّهِ قَتَلْتُمُوهُ، قَالُوا: وَاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ، ثُمَّ أَقْبَل حَتَّى قَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ فَذَكَرَ لَهُمْ ذَلِكَ ثُمَّ أَقْبَل هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ، فَذَهَبَ مُحَيِّصَةُ لِيَتَكَلَّمَ وَهُوَ الَّذِي كَانَ بِخَيْبَرَ، فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لِمُحَيِّصَةَ كَبِّرْ كَبِّرْ (يُرِيدُ السِّنَّ) فَتَكَلَّمَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، والمصباح المنير، والمعجم الوسيط، والفروق اللغوية ص80.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المبسوط 26 / 106 - 107، والمغني لابن قدامة 8 / 64، ورياض الصالحين ص190 ط. مؤسسة الرسالة، وكفاية الأخيار 2 / 176.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفقير هنا: البئر القريبة القعر الواسعة الفم، وقيل: هو الحفيرة التي تكون حول النخل.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٣)</span><hr/></div>حُوَيِّصَةُ ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ وَإِمَّا أَنْ يُؤْذَنُوا بِحَرْبٍ، فَكَتَبَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ، فَكَتَبُوا: إِنَّا وَاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ، فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِحُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ؟ قَالُوا: لَا قَال: فَتَحْلِفُ لَكُمْ يَهُودُ؟ قَالُوا: لَيْسُوا بِمُسْلِمِينَ فَوَدَاهُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِنْدِهِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِائَةَ نَاقَةٍ حَتَّى أُدْخِلَتْ عَلَيْهِمُ الدَّارَ، فَقَال سَهْلٌ: فَلَقَدْ رَكَضَتْنِي مِنْهَا نَاقَةٌ حَمْرَاءُ (1) .</p> </p><font color=#ff0000>4 -</font> وَلَكِنَّ اللَّوْثَ لَهُ صُوَرٌ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي بَعْضِهَا:</p>فَقَال الشَّافِعِيَّةُ: اللَّوْثُ قَرِينَةٌ تُثِيرُ الظَّنَّ وَتُوقِعُ فِي الْقَلْبِ صَدْقَ الْمُدَّعِي وَلَهُ طُرُقٌ مِنْهَا.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْوَّل: </span>أَنْ يُوجَدَ قَتِيلٌ أَوْ بَعْضُهُ الَّذِي يُحَقِّقُ مَوْتَهُ كَرَأْسِهِ فِي قَبِيلَةٍ أَوْ فِي حِصْنٍ، أَوْ فِي قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ، أَوْ فِي مَحَلَّةٍ مُنْفَصِلَةٍ عَنِ الْبَلَدِ الْكَبِيرِ وَبَيْنَ الْقَتِيل أَوْ قَبِيلَةِ الْقَتِيل وَبَيْنَ أَهْلِهَا عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ تَبْعَثُ عَلَى الاِنْتِقَامِ بِالْقَتْل، سَوَاءٌ كَانَتْ هَذِهِ الْعَدَاوَةُ دِينِيَّةً أَوْ دُنْيَوِيَّةً، بِشَرْطِ أَنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث سهل بن أبي حثمة. أخرجه البخاري (فتح الباري 12 / 229 - 230) ومسلم (4 / 1294 - 1295) ، واللفظ لمسلم.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٤)</span><hr/></div>لَا يُعْرَفَ لَهُ قَاتِلٌ وَلَا بَيِّنَةٌ بِقَتْلِهِ، وَبِشَرْطِ أَنْ لَا يُسَاكِنَهُمْ غَيْرُهُمْ، وَقِيل: وَبِشَرْطِ أَنْ لَا يُخَالِطَهُمْ غَيْرُهُمْ حَتَّى لَوْ كَانَتِ الْقَرْيَةُ بِقَارِعَةِ الطَّرِيقِ يَطْرُقُهَا التُّجَّارُ وَالْمُجْتَازُونَ وَغَيْرُهُمْ فَلَا لَوْثَ، لاِحْتِمَال أَنَّ الْغَيْرَ قَتَلَهُ، وَذَلِكَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ لَا تُعْلَمُ صَدَاقَتُهُ لِلْقَتِيل، وَلَيْسَ مِنْ أَهْل الْقَتِيل.</p>قَال النَّوَوِيُّ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُخَالِطَهُمْ غَيْرُهُمْ، وَقَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: لَكِنِ الْمُصَنِّفُ - أَيِ النَّوَوِيُّ - فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ حَكَى الأَْوَّل - أَيِ اشْتِرَاطَ أَنْ لَا يُخَالِطَهُمْ غَيْرُهُمْ - عَنِ الشَّافِعِيِّ وَصَوَّبَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَقَال الْبُلْقِينِيُّ: إِنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ.</p> </p>‌<span class="title">‌الثَّانِي: </span>أَنْ تَتَفَرَّقَ جَمَاعَةٌ عَنْ قَتِيلٍ فِي دَارٍ دَخَلَهَا عَلَيْهِمْ ضَيْفًا أَوْ دَخَل مَعَهُمْ لِحَاجَةٍ أَوْ فِي مَسْجِدٍ أَوْ بُسْتَانٍ أَوْ طَرِيقٍ أَوْ صَحْرَاءَ، وَكَذَا لَوِ ازْدَحَمَ قَوْمٌ عَلَى بِئْرٍ، أَوْ بَابِ الْكَعْبَةِ الْمُشَرَّفَةِ، أَوْ فِي الطَّوَافِ أَوْ فِي مَضِيقٍ ثُمَّ تَفَرَّقُوا عَنْ قَتِيلٍ، لِقُوَّةِ الظَّنِّ أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذَا أَنْ تَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ عَدَاوَةٌ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونُوا مَحْصُورِينَ بِحَيْثُ يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْقَتِيل.</p> </p>‌<span class="title">‌الثَّالِثُ: </span>أَنْ يَتَقَابَل صَفَّانِ لِقِتَالٍ فَيَقْتَتِلَا فَيَنْكَشِفُوا عَنْ قَتِيلٍ مِنْ أَحَدِهِمَا طَرِيٍّ - كَمَا قَال بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ - فَإِنِ الْتَحَمَ قِتَالٌ مِنْ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٤)</span><hr/></div>بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ أَوْ وَصَل سِلَاحُ أَحَدِهِمَا إِلَى الآْخَرِ رَمْيًا أَوْ طَعْنًا أَوْ ضَرْبًا، وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ مَا أَتْلَفَهُ عَلَى الآْخَرِ، فَهُوَ لَوْثٌ فِي حَقِّ أَهْل الصَّفِّ الآْخَرِ، لأَِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ أَهْل صَفِّهِ لَا يَقْتُلُونَهُ سَوَاءٌ أَوُجِدَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ أَمْ فِي صَفِّ نَفْسِهِ، أَمْ فِي صَفِّ خَصْمِهِ، وَإِنْ لَمْ يَلْتَحِمْ قِتَالٌ بَيْنَهُمَا وَلَا وَصَل سِلَاحُ أَحَدِهِمَا إِلَى الآْخَرِ فَهُوَ لَوْثٌ فِي حَقِّ أَهْل صَفِّهِ أَيِ الْقَتِيل، لأَِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ.</p> </p>‌<span class="title">‌الرَّابِعُ: </span>أَنْ يُوجَدَ قَتِيلٌ فِي صَحْرَاءَ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مَعَهُ سِلَاحٌ مُتَلَطِّخٌ بِدَمٍ أَوْ عَلَى ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ أَثَرُ دَمٍ، مَا لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ تُعَارِضُهُ كَأَنْ وُجِدَ بِقُرْبِ الْقَتِيل سَبُعٌ أَوْ رَجُلٌ آخَرُ مُوَلٍّ ظَهْرَهُ أَوْ وُجِدَ أَثَرُ قَدَمٍ أَوْ تَرْشِيشُ دَمٍ فِي غَيْرِ الْجِهَةِ الَّتِي فِيهَا صَاحِبُ السِّلَاحِ فَلَيْسَ بِلَوْثٍ فِي حَقِّهِ، أَيْ صَاحِبِ السِّلَاحِ.</p>قَال النَّوَوِيُّ: وَلَوْ رَأَيْنَا مِنْ بُعْدٍ رَجُلاً يُحَرِّكُ يَدَهُ كَمَا يَفْعَل مِنْ يَضْرِبُ بِسَيْفٍ أَوْ سِكِّينٍ ثُمَّ وَجَدْنَا فِي الْمَوْضِعِ قَتِيلاً فَهُوَ لَوْثٌ فِي حَقِّ ذَلِكَ الرَّجُل.</p> </p>‌<span class="title">‌الْخَامِسُ: </span>أَنْ يَشْهَدَ عَدْلٌ بِأَنَّ زَيْدًا قَتَل فُلَانًا فَهُوَ لَوْثٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، سَوَاءٌ تَقَدَّمَتْ شَهَادَتُهُ عَلَى الدَّعْوَى أَوْ تَأَخَّرَتْ لِحُصُول الظَّنِّ بِصَدْقِهِ.</p>قَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: إِنَّمَا تَكُونُ شَهَادَةُ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٥)</span><hr/></div>الْعَدْل لَوْثًا فِي الْقَتْل الْعَمْدِ الْمُوجِبِ لِلْقِصَاصِ فَإِنْ كَانَ فِي خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ لَمْ يَكُنْ لَوْثًا، بَل يَحْلِفُ مَعَهُ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَسْتَحِقُّ الْمَال، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا لَا يُوجِبُ قِصَاصًا كَقَتْل الْمُسْلِمِ الذِّمِّيِّ فَحُكْمُهُ حُكْمُ قَتْل الْخَطَأِ فِي أَصْل الْمَال لَا فِي صِفَتِهِ وَلَوْ شَهِدَ جَمَاعَةٌ تُقْبَل رِوَايَتُهُمْ كَنِسَاءٍ فَإِنْ جَاءُوا مُتَفَرِّقِينَ فَلَوْثٌ وَكَذَا لَوْ جَاءُوا دَفْعَةً عَلَى الأَْصَحِّ، وَفِي وَجْهٍ لَيْسَ بِلَوْثٍ وَفِي التَّهْذِيبِ: أَنَّ شَهَادَةَ امْرَأَتَيْنِ كَشَهَادَةِ الْجَمْعِ.</p>وَفِي الْوَجِيزِ: أَنَّ الْقِيَاسَ أَنَّ قَوْل وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَوْثٌ.</p>وَأَمَّا فِيمَنْ لَا تُقْبَل رِوَايَتُهُمْ كَصِبْيَانٍ أَوْ فَسَقَةٍ أَوْ ذِمِّيِّينَ فَأَوْجُهٌ أَصَحُّهَا: أَنَّ قَوْلَهُمْ لَوْثٌ.</p>وَالثَّانِي: لَيْسَ بِلَوْثٍ، وَالثَّالِثُ: لَوْثٌ مِنْ غَيْرِ الْكُفَّارِ.</p>وَلَوْ قَال الْمَجْرُوحُ: جَرَحَنِي فُلَانٌ أَوْ قَتَلَنِي أَوْ دَمِيَ عِنْدَهُ فَلَيْسَ بِلُوثٍ، لأَِنَّهُ مُدَّعٍ.</p> </p>‌<span class="title">‌السَّادِسُ: </span>قَال الْبَغَوِيُّ: لَوْ وَقَعَ فِي أَلْسِنَةِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ وَلَهَجِهِمْ: أَنَّ فُلَانًا قَتَل فُلَانًا فَهُوَ لَوْثٌ فِي حَقِّهِ (1) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا وُجِدَ الْقَتِيل فِي مَحَلَّةٍ وَبِهِ أَثَرُ الْقَتْل مِنْ جِرَاحَةٍ أَوْ أَثَرِ ضَرْبٍ أَوْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) روضة الطالبين 10 / 10 - 12، ومغني المحتاج 4 / 111 - 112.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٥)</span><hr/></div>خَنْقٍ وَلَا يُعْلَمُ مَنْ قَتَلَهُ اسْتَحْلَفَ خَمْسُونَ رَجُلاً مِنْ أَهْل الْمَحَلَّةِ يَتَخَيَّرُهُمُ الْوَلِيُّ يَقُول كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ: بِاللَّهِ مَا قَتَلْتُهُ وَلَا عَلِمْتُ لَهُ قَاتِلاً وَلَا يَشْتَرِطُونَ لِوُجُوبِ الْقَسَامَةِ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ عَلَامَةُ الْقَتْل عَلَى وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ، أَوْ ظَاهِرٌ يَشْهَدُ لِمُدَّعِي الْقَتْل مِنْ عَدَاوَةٍ ظَاهِرَةٍ أَوْ شَهَادَةِ عَدْلٍ أَوْ جَمَاعَةٍ غَيْرِ عُدُولٍ أَنَّ أَهْل الْمَحَلَّةِ قَتَلُوهُ (1) .</p>وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ سَبَبَ الْقَسَامَةِ هُوَ قَتْل الْحُرِّ الْمُسْلِمِ بِلَوْثٍ، وَذَكَرُوا خَمْسَةَ أَمْثِلَةٍ لِلَّوْثِ: -</p> </p>‌<span class="title">‌أَوَّلُهَا: </span>أَنْ يَقُول الْبَالِغُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ الذَّكَرُ أَوِ الأُْنْثَى: قَتَلَنِي فُلَانٌ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَإِنَّهُ يُقْبَل قَوْلُهُ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ، وَلَوْ كَانَ الْمَقْتُول مَسْخُوطًا وَادَّعَى عَلَى عَدْلٍ وَلَوْ أَعْدَل وَأَوْرَعَ أَهْل زَمَانِهِ أَنَّهُ قَتَلَهُ.</p>أَوْ تَدَّعِي زَوْجَةٌ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ قَتَلَهَا أَوْ وَلَدٌ يَدَّعِي أَنَّ أَبَاهُ ذَبَحَهُ أَوْ شَقَّ جَوْفَهُ فَيَحْلِفُ الأَْوْلِيَاءُ فِي الْعَمْدِ وَيَسْتَحِقُّونَ الْقِصَاصَ، وَفِي الْخَطَأِ يَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ وَيَكُونُ لَوْثًا بِشَرْطِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى إِقْرَارِهِ بِذَلِكَ عَدْلَانِ فَأَكْثَرَ، وَبِشَرْطِ أَنْ يَسْتَمِرَّ الْمَقْتُول عَلَى إِقْرَارِهِ، وَكَانَ بِهِ جُرْحٌ أَوْ أَثَرُ ضَرْبٍ أَوْ سُمٍّ.</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيهَا: </span>شَهَادَةُ عَدْلَيْنِ عَلَى مُعَايَنَةِ الضَّرْبِ أَوِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الهداية مع فتح القدير 8 / 383 - 384، وبدائع الصنائع 7 / 287، وابن عابدين 5 / 401.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٦)</span><hr/></div>الْجُرْحِ أَوْ أَثَرِ الضَّرْبِ عَمْدًا كَانَ أَوْ خَطَأً فَيَحْلِفُ الأَْوْلِيَاءُ وَيَسْتَحِقُّونَ الْقِصَاصَ أَوِ الدِّيَةَ.</p> </p>‌<span class="title">‌ثَالِثُهَا: </span>شَهَادَةُ عَدْلٍ وَاحِدٍ عَلَى مُعَايَنَةِ الْجُرْحِ أَوِ الضَّرْبِ عَمْدًا كَانَ أَوْ خَطَأً، وَحَلَفَ الْوُلَاةُ مَعَ الشَّاهِدِ الْمَذْكُورِ يَمِينًا وَاحِدَةً لَقَدْ ضَرَبَهُ وَهَذِهِ الْيَمِينُ مُكَمِّلَةٌ لِلنِّصَابِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ لَوْثًا وَتُقْسِمُ الْوُلَاةُ مَعَهُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ، وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ إِنْ ثَبَتَ الْمَوْتُ فِي جَمِيعِ الأَْمْثِلَةِ السَّابِقَةِ.</p> </p>‌<span class="title">‌رَابِعُهَا: </span>شَهَادَةُ عَدْلٍ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْل مِنْ غَيْرِ إِقْرَارِ الْمَقْتُول فَإِنَّهَا تَكُونُ لَوْثًا وَشَهَادَةُ غَيْرِ الْعَدْل لَا تَكُونُ لَوْثًا، وَالْمَرْأَتَانِ كَالْعَدْل فِي هَذَا وَفِي سَائِرِ مَا تُعْتَبَرُ فِيهِ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ فِيهِ لَوْثًا.</p> </p>‌<span class="title">‌خَامِسُهَا: </span>إِنَّ الْعَدْل إِذَا رَأَى الْمَقْتُول يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ وَالشَّخْصُ الْمُتَّهَمُ بِالْقَتْل قَرِيبٌ مِنْ مَكَانِ الْمَقْتُول وَعَلَى الْمُتَّهَمِ آثَارُ الْقَتْل بِأَنْ كَانَتِ الآْلَةُ بِيَدِهِ وَهِيَ مُلَطَّخَةٌ بِالدَّمِ أَوْ خَارِجًا مِنْ مَكَانِ الْمَقْتُول وَلَا يُوجَدُ فِيهِ غَيْرُهُ، وَشَهِدَ الْعَدْل بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَوْثًا يَحْلِفُ الأَْوْلِيَاءُ مَعَهُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ، وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ.</p>وَلَيْسَ مِنَ اللَّوْثِ وُجُودُ الْمَقْتُول بَقَرِيَّةِ قَوْمٍ أَوْ دَارِهِمْ، لأَِنَّهُ لَوْ أُخِذَ بِذَلِكَ لَمْ يَشَأْ رَجُلٌ أَنْ يُلَطِّخَ قَوْمًا بِذَلِكَ إِلَاّ فَعَل، وَلأَِنَّ الْغَالِبَ أَنَّ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٦)</span><hr/></div>مَنْ قَتَلَهُ لَا يَدَعُهُ فِي مَكَانٍ يُتَّهَمُ هُوَ بِهِ (1) .</p>وَاخْتَلَفَ الْحَنَابِلَةُ فِي اللَّوْثِ الْمُشْتَرَطِ فِي الْقَسَامَةِ وَرُوِيَتْ عَنْ أَحْمَدَ فِي ذَلِكَ رِوَايَاتٌ.</p>وَالرِّوَايَةُ الْمُعْتَمَدَةُ - وَهِيَ الْمَذْهَبُ عِنْدَهُمْ - أَنَّ اللَّوْثَ هُوَ الْعَدَاوَةُ الظَّاهِرَةُ كَنَحْوِ مَا كَانَ بَيْنَ الأَْنْصَارِ وَأَهْل خَيْبَرَ، وَكَمَا بَيْنَ الْقَبَائِل الَّتِي يَطْلُبُ بَعْضُهَا بَعْضًا بِثَأْرٍ، وَمَا بَيْنَ الشُّرَطِ وَاللُّصُوصِ، وَكُل مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَقْتُول ضَغَنٌ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ قَتْلُهُ.</p>وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ اللَّوْثَ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُ الْمُدَّعِي وَذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ:</p>أَحَدُهَا: الْعَدَاوَةُ الْمَذْكُورَةُ.</p>الثَّانِي: أَنْ يَتَفَرَّقَ جَمَاعَةٌ عَنْ قَتِيلٍ.</p>الثَّالِثُ: أَنْ يُوجَدَ قَتِيلٌ لَا يُوجَدُ بِقُرْبِهِ إِلَاّ رَجُلٌ مَعَهُ سَيْفٌ أَوْ سِكِّينٌ مُلَطَّخٌ بِالدَّمِ، وَلَا يُوجَدُ غَيْرُهُ مِمَّنْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ قَتَلَهُ.</p>الرَّابِعُ: أَنْ يَقْتَتِل فِئَتَانِ فَيَفْتَرِقُونَ عَنْ قَتِيلٍ مِنْ إِحْدَاهُمَا فَاللَّوْثُ عَلَى الأُْخْرَى.</p>الْخَامِسُ: أَنْ يَشْهَدَ جَمَاعَةٌ بِالْقَتْل مِمَّنْ لَا يَثْبُتُ الْقَتْل بِشَهَادَتِهِمْ. وَاخْتَارَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَنْ أَحْمَدَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَابْنُ رَزِينٍ وَتَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُمْ.</p>قَال الْمَرْدَاوِيُّ: وَهُوَ الصَّوَابُ وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لَا يُشْتَرَطُ مَعَ الْعَدَاوَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الخرشي 8 / 50 - 54، وحاشية الصاوي مع الشرح الصغير 4 / 407 - 408، والزرقاني 8 / 54.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٧)</span><hr/></div>الظَّاهِرَةِ أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي بِهِ الْقَتْل غَيْرُ الْعَدُوِّ، وَلَا أَنْ يَكُونَ بِالْقَتِيل أَثَرُ الْقَتْل كَدَمٍ فِي أُذُنِهِ أَوْ أَنْفِهِ، وَقَوْل الْقَتِيل: قَتَلَنِي فُلَانٌ لَيْسَ بِلَوْثٍ عِنْدَهُمْ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌مُسْقِطَاتُ اللَّوْثِ</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> قَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا قَال الْبَالِغُ الْمُسْلِمُ الْحُرُّ الذَّكَرُ أَوِ الأُْنْثَى: قَتَلَنِي فُلَانٌ ثُمَّ قَال بَل فُلَانٌ بَطَل الدَّمُ، وَكَذَلِكَ إِذَا قَال هَذَا الْبَالِغُ الْمُسْلِمُ الْحُرُّ: قَتَلَنِي فُلَانٌ لَا يُقْبَل إِلَاّ إِذَا كَانَ فِيهِ جُرْجٌ أَوْ أَثَرُ الضَّرْبِ.</p>وَأَيْضًا فَإِنَّ أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُول إِذَا خَالَفُوا قَوْلَهُ، بِأَنْ قَال: قَتَلَنِي فُلَانٌ عَمْدًا فَقَالُوا: بَل قَتَلَهُ خَطَأً أَوْ بِالْعَكْسِ فَإِنَّهُ لَا قَسَامَةَ لَهُمْ وَبَطَل حَقُّهُمْ.</p>وَلَوِ اخْتَلَفَ الأَْوْلِيَاءُ، فَقَال بَعْضُهُمْ: قَتَلَهُ عَمْدًا، وَقَال بَعْضُهُمْ: لَا نَعْلَمُ هَل قَتَلَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، أَوْ قَالُوا كُلُّهُمْ: قَتَلَهُ عَمْدًا وَنَكَلُوا عَنِ الْقَسَامَةِ فَإِنَّ الدَّمَ يَبْطُل وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنِ اخْتَلَفُوا وَلَمْ يَكُونُوا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ كَبِنْتٍ وَعَصَبَةٍ، بِأَنِ ادَّعَى الْعَصَبَةُ الْعَمْدَ وَالْبِنْتُ الْخَطَأَ فَهُوَ هَدَرٌ وَلَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف القناع 6 / 68 وما بعدها، والإنصاف 10 / 139، والمغني لابن قدامة 8 / 68 وما بعدها.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الخرشي 8 / 51 - 54.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٧)</span><hr/></div>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: قَدْ يُعَارِضُ الْقَرِينَةَ مَا يَمْنَعُ كَوْنَهَا لَوْثًا، وَقَدْ يُعَارِضُ اللَّوْثَ مَا يُسْقِطُ أَثَرَهُ وَيُبْطِل الظَّنَّ الْحَاصِل بِهِ، وَذَلِكَ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ.</p> </p>‌<span class="title">‌أَحَدُهَا: </span>أَنْ يُتَعَذَّرَ إِثْبَاتُ اللَّوْثِ فَإِذَا ظَهَرَ لَوْثٌ فِي حَقِّ جَمَاعَةٍ فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يُعَيِّنَ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ وَيَدَّعِي عَلَيْهِ وَيُقْسِمُ، فَلَوْ قَال: الْقَاتِل أَحَدُهُمْ وَلَا أَعْرِفُهُ فَلَا قَسَامَةَ، وَلَهُ تَحْلِيفُهُمْ فَإِنْ حَلَفُوا إِلَاّ وَاحِدًا فَنُكُولُهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ الْقَاتِل وَيَكُونُ لَوْثًا فِي حَقِّهِ، فَإِذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي أَنْ يُقْسِمَ عَلَيْهِ مُكِّنَ مِنْهُ، وَلَوْ نَكَل الْجَمِيعُ ثُمَّ عَيَّنَ الْوَلِيُّ أَحَدَهُمْ وَقَال: قَدْ بَانَ لِي أَنَّهُ الْقَاتِل، وَأَرَادَ أَنْ يُقْسِمَ عَلَيْهِ مُكِّنَ مِنْهُ عَلَى الأَْصَحِّ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الثَّانِي: </span>قَال النَّوَوِيُّ: إِذَا ظَهَرَ لَوْثٌ فِي أَصْل الْقَتْل دُونَ كَوْنِهِ خَطَأً أَوْ عَمْدًا فَهَل يَتَمَكَّنُ الْوَلِيُّ مِنَ الْقَسَامَةِ عَلَى أَصْل الْقَتْل؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا: لَا.</p>قَال الْبَغَوِيُّ: لَوِ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَل أَبَاهُ وَلَمْ يَقُل عَمْدًا وَلَا خَطَأً وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَوْثًا، لأَِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُمْكِنُ الْحُكْمُ بِهِ لأَِنَّهُ لَا يَعْلَمُ صِفَةَ الْقَتْل حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مُوجِبَهُ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) روضة الطالبين 10 / 12.</p><font color=#ff0000>(2)</font> روضة الطالبين 10 / 13، ومغني المحتاج 4 / 113 - 114.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الثَّالِثُ: </span>أَنْ يُنْكِرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اللَّوْثَ فِي حَقِّهِ كَأَنْ يَقُول: لَمْ أَكُنْ مَعَ الْقَوْمِ الْمُتَفَرِّقِينَ عَنِ الْقَتِيل، أَوْ لَسْتُ أَنَا الَّذِي رُئِيَ مَعَهُ السِّكِّينُ الْمُتَلَطِّخُ بِالدَّمِ عَلَى رَأْسِهِ، أَوْ لَسْتُ أَنَا الْمَرْئِيِّ مِنْ بَعِيدٍ، فَعَلَى الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةُ عَلَى الأَْمَارَةِ الَّتِي ادَّعَاهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى نَفْيِهَا وَسَقَطَ اللَّوْثُ وَبَقِيَ مُجَرَّدُ الدَّعْوَى.</p>وَلَوْ قَال: كُنْتُ غَائِبًا يَوْمَ الْقَتْل أَوِ ادَّعَى عَلَى جَمْعٍ، فَقَال أَحَدُهُمْ: كُنْتُ غَائِبًا يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ، لأَِنَّ الأَْصْل بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنَ الْقَتْل، فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى حُضُورِهِ يَوْمَئِذٍ أَوْ إِقْرَارُهُ بِالْحُضُورِ يَوْمَئِذٍ، وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِغَيْبَتِهِ، قَال النَّوَوِيُّ: فَفِي الْوَسِيطِ تَتَسَاقَطَانِ وَفِي التَّهْذِيبِ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْغَيْبَةِ، لأَِنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ، هَذَا إِذَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ حَاضِرًا مِنْ قَبْل، وَلَوْ أَقَسَمَ الْمُدَّعِي وَحَكَمَ الْقَاضِي بِمُوجَبِ الْقَسَامَةِ، ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً عَلَى غَيْبَتِهِ يَوْمَ الْقَتْل أَوْ أَقَرَّ بِهَا الْمُدَّعِي نُقِضَ الْحُكْمُ وَاسْتَرَدَّ الْمَال (1)، كَمَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّ الْقَاتِل غَيْرُهُ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الرَّابِعُ: </span>تَكْذِيبُ بَعْضِ الْوَرَثَةِ بَعْضَهُمْ، فَإِذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ ابْنَانِ فَقَال أَحَدُهُمَا: قَتَل زَيْدٌ أَبَانَا وَقَدْ ظَهَرَ عَلَيْهِ اللَّوْثُ، وَقَال الآْخَرُ: لَمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصدر السابق.</p><font color=#ff0000>(2)</font> روضة الطالبين 10 / 14.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٨)</span><hr/></div>يَقْتُلْهُ زَيْدٌ بَل كَانَ غَائِبًا يَوْمَ الْقَتْل وَإِنَّمَا قَتَلَهُ فُلَانٌ، أَوِ اقْتَصَرَ عَلَى نَفْيِ الْقَتْل عَنْ زَيْدٍ، أَوْ قَال: بَرَأَ أَبِي مِنَ الْجِرَاحَةِ أَوْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ بَطَل اللَّوْثُ، فِي الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُكَذِّبُ عَدْلاً أَمْ فَاسِقًا فِي الأَْصَحِّ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْخَامِسُ: </span>أَنْ يَشْهَدَ عَدْلٌ أَوْ عَدْلَانِ أَنَّ زَيْدًا قَتَل أَحَدَ هَذَيْنِ الْقَتِيلَيْنِ فَلَا تُقْبَل هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَلَا يَكُونُ هَذَا لَوْثًا، وَلَوْ شَهِدَ أَوْ شَهِدَا أَنَّ زَيْدًا قَتَلَهُ أَحَدُ هَذَيْنِ ثَبَتَ اللَّوْثُ فِي حَقِّهِمَا عَلَى الصَّحِيحِ، فَإِذَا عَيَّنَ الْوَلِيُّ أَحَدَهُمَا وَادَّعَى عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يُقْسِمَ، وَقِيل: لَا لَوْثَ (2) .</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ كَذَّبَ بَعْضُ الأَْوْلِيَاءِ بَعْضًا فَقَال أَحَدُهُمْ: قَتَلَهُ هَذَا وَقَال آخَرُ: لَمْ يَقْتُلْهُ هَذَا، أَوْ بَل قَتَلَهُ هَذَا لَمْ تَثْبُتِ الْقَسَامَةُ، عَدْلاً كَانَ الْمُكَذِّبُ أَوْ فَاسِقًا لِعَدَمِ التَّعْيِينِ، فَإِنْ لَمْ يُكَذِّبْ أَحَدُهُمَا الآْخَرَ وَلَمْ يُوَافِقْهُ فِي الدَّعْوَى، مِثْل: إِنْ قَال أَحَدُهُمْ: قَتَلَهُ هَذَا، وَقَال الآْخَرُ: لَا نَعْلَمُ قَاتِلَهُ لَمْ تَثْبُتِ الْقَسَامَةُ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ غَائِبًا فَادَّعَى الْحَاضِرُ دُونَ الْغَائِبِ، أَوِ ادَّعَيَا جَمِيعًا عَلَى وَاحِدٍ وَنَكَل أَحَدُهُمَا عَنِ الأَْيْمَانِ لَمْ يَثْبُتِ الْقَتْل.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) روضة الطالبين 10 / 14 - 15.</p><font color=#ff0000>(2)</font> روضة الطالبين 10 / 14.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٩)</span><hr/></div>وَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ يَوْمَ الْقَتْل فِي بَلَدٍ بَعِيدٍ مِنْ بَلَدِ الْمَقْتُول لَا يُمْكِنُهُ مَجِيئُهُ إِلَيْهِ بَطَلَتِ الدَّعْوَى (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌لَوْمٌ</span></p> </p>انْظُرْ: تَعْزِيرٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف القناع 6 / 71 - 72.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لَوْنٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> اللَّوْنُ فِي اللُّغَةِ: هَيْئَةٌ كَالسَّوَادِ وَالْحُمْرَةِ، وَلَوَّنْتُهُ فَتَلَوَّنَ، وَالأَْلْوَانُ: الضُّرُوبُ، وَاللَّوْنُ: النَّوْعُ، وَفُلَانٌ مُتَلَوِّنٌ: إِذَا كَانَ لَا يَثْبُتُ عَلَى خُلُقٍ وَاحِدٍ (1) .</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ يَسْتَعْمِل الْفُقَهَاءُ اللَّوْنَ صِفَةً لِلشَّيْءِ فَيَقُولُونَ: يُشْتَرَطُ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ بَيَانُ صِفَاتِهِ فَيُشْتَرَطُ بَيَانُ اللَّوْنِ فِي الْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ كَالْبَيَاضِ وَالْحُمْرَةِ وَالسَّوَادِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِاللَّوْنِ:</span></p>يَتَعَلَّقُ بِاللَّوْنِ أَحْكَامٌ مُتَعَدِّدَةٌ مِنْهَا:</p> </p>‌<span class="title">‌أَثَرُ تَغَيُّرِ لَوْنِ الْمَاءِ فِي الطَّهَارَةِ</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ إِذَا تَغَيَّرَ لَوْنُهُ بِنَجَسٍ كَدَمٍ فَإِنَّهُ يَصِيرُ نَجِسًا، قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الْقَلِيل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المهذب 1 / 306، وجواهر الإكليل 2 / 70، وشرح منتهى الإرادات 2 / 216.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٠)</span><hr/></div>وَالْكَثِيرَ إِذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ فَغَيَّرَتْ لِلْمَاءِ لَوْنًا أَوْ طَعْمًا أَوْ رَائِحَةً أَنَّهُ نَجِسٌ مَا دَامَ كَذَلِكَ (1)، وَقَدْ رَوَى أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إِلَاّ مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ وَطَعْمِهِ وَلَوْنِهِ (2) .</p>أَمَّا إِذَا تَغَيَّرَ لَوْنُ الْمَاءِ بِسَبَبِ اخْتِلَاطِهِ بِشَيْءٍ طَاهِرٍ، فَإِنْ كَانَ الطَّاهِرُ الَّذِي خَالَطَ الْمَاءَ فَتَغَيَّرَ بِهِ مِمَّا يُمْكِنُ الاِحْتِرَازُ مِنْهُ بِأَنْ كَانَ يُفَارِقُ الْمَاءَ غَالِبًا كَزَعْفَرَانٍ وَتَمْرٍ وَدَقِيقٍ وَصَابُونٍ وَلَبَنٍ وَعَسَلٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُمْكِنُ الاِحْتِرَازُ مِنْهُ فَلَا تَجُوزُ الطَّهَارَةُ بِهِ مِنْ وُضُوءٍ وَغُسْلٍ، أَيْ أَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَل فِي الْعِبَادَاتِ، وَإِنَّمَا لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْعِبَادَاتِ لأَِنَّهُ مَاءٌ تَغَيَّرَ بِمُخَالَطَةِ مَا لَيْسَ بِطَهُورٍ يُمْكِنُ الاِحْتِرَازُ مِنْهُ فَلَمْ يَجُزِ الْوُضُوءُ بِهِ كَمَاءِ الْبَاقِلَاءِ الْمَغْلِيِّ، وَلأَِنَّهُ زَال عَنْ إِطْلَاقِهِ فَأَشْبَهَ الْمَغْلِيِّ.</p>وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الإِْمَامِ أَحْمَدَ، قَال الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى: هَذِهِ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ هِيَ الأَْصَحُّ (3) .</p>وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ أَحْمَدَ (4) أَنَّهُ يَجُوزُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار مع حاشية ابن عابدين 1 / 124، وجواهر الإكليل 1 / 6، والمهذب 1 / 12، والمغني 1 / 23 - 24.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث أبي أمامة:" الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه ". أخرجه ابن ماجه (1 / 174) ، وضعف إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (1 / 130) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> جواهر الإكليل 1 / 6، والمهذب 1 / 12، ومغني المحتاج 1 / 18، 19، والمغني 1 / 12.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المغني 1 / 12.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٠)</span><hr/></div>الطَّهَارَةُ بِالْمَاءِ الَّذِي اخْتَلَطَ بِطَاهِرٍ مِمَّا يُمْكِنُ الاِحْتِرَازُ مِنْهُ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَال: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} (1) ، وَهَذَا عَامٌّ فِي كُل مَاءٍ فَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ مَعَ وُجُودِهِ، وَقَدْ قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: إِنَّ الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ طَهُورُ الْمُسْلِمِ وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ (2) ، وَهَذَا وَاجِدٌ لِلْمَاءِ، وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ كَانُوا يُسَافِرُونَ وَغَالِبُ أَسْقِيَتِهِمُ الأَْدَمُ، وَالْغَالِبُ أَنَّهَا تُغَيِّرُ الْمَاءَ فَلَمْ يُنْقَل عَنْهُمْ تَيَمُّمٌ مَعَ وُجُودِ شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْمِيَاهِ، وَلأَِنَّهُ طَهُورٌ خَالَطَهُ طَاهِرٌ لَمْ يَسْلُبْهُ اسْمَ الْمَاءِ (3) .</p>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: الْمَاءُ الْمُطْلَقُ إِذَا خَالَطَهُ شَيْءٌ مِنَ الْمَائِعَاتِ الطَّاهِرَةِ كَاللَّبَنِ وَالْخَل وَنَقِيعِ الزَّبِيبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ عَلَى وَجْهٍ زَال عَنْهُ اسْمُ الْمَاءِ بِأَنْ صَارَ مَغْلُوبًا بِهِ فَهُوَ بِمَعْنَى الْمَاءِ الْمُقَيَّدِ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِنْ كَانَ الَّذِي خَالَطَهُ مِمَّا يُخَالِفُ لَوْنُهُ لَوْنَ الْمَاءِ كَاللَّبَنِ وَمَاءِ الْعُصْفُرِ وَالزَّعْفَرَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ تُعْتَبَرُ الْغَلَبَةُ فِي اللَّوْنِ هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنِ الَّذِي خَالَطَهُ مِمَّا يُقْصَدُ مِنْهُ زِيَادَةُ نَظَافَةٍ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُقْصَدُ مِنْهُ ذَلِكَ وَيُطْبَخُ بِهِ أَوْ يُخَالَطُ بِهِ كَمَاءِ الصَّابُونِ وَالأُْشْنَانِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة المائدة / 6.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" إن الصعيد الطيب طهور المسلم ". أخرجه الترمذي (1 / 212) وقال: حديث حسن صحيح.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 1 / 12.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥١)</span><hr/></div>وَإِنْ تَغَيَّرَ لَوْنُ الْمَاءِ، لأَِنَّ اسْمَ الْمَاءِ بَاقٍ وَازْدَادَ مَعْنَاهُ وَهُوَ التَّطْهِيرُ، وَكَذَلِكَ جَرَتِ السُّنَّةُ فِي غُسْل الْمَيِّتِ بِالْمَاءِ الْمَغْلِيِّ بِالسِّدْرِ وَالْحُرُضُ - الأُْشْنَانُ - فَيَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ إِلَاّ إِذَا صَارَ غَلِيظًا كَالسَّوِيقِ الْمَخْلُوطِ لأَِنَّهُ حِينَئِذٍ يَزُول عَنْهُ اسْمُ الْمَاءِ وَمَعْنَاهُ أَيْضًا (1) .</p>وَإِنْ كَانَ الطَّاهِرُ الَّذِي اخْتَلَطَ بِالْمَاءِ فَغَيَّرَ لَوْنَهُ مِمَّا لَا يُمْكِنُ الاِحْتِرَازُ مِنْهُ بِأَنْ كَانَ لَا يُفَارِقُ الْمَاءَ غَالِبًا، سَوَاءٌ أَكَانَ مُتَوَلِّدًا مِنَ الْمَاءِ كَالطُّحْلُبِ، أَمْ كَانَ فِي الْقَرَارِ وَيَجْرِي عَلَيْهِ الْمَاءُ كَالْمِلْحِ وَالطِّينِ وَالشَّبِّ وَالْكِبْرِيتِ وَالْقَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ صَوْنُ الْمَاءِ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّطَهُّرُ بِهِ مِنْ وُضُوءٍ وَغُسْلٍ لأَِنَّهُ لَا يُمْكِنُ صَوْنُ الْمَاءِ عَنْهُ.</p>وَمِثْل ذَلِكَ مَا إِذَا تَغَيَّرَ لَوْنُ الْمَاءِ بِمَا يَسْقُطُ فِيهِ مِنْ وَرَقِ الشَّجَرِ أَوْ تَحْمِلُهُ الرِّيحُ فَتَلْقِيهِ فِيهِ، فَإِنَّهُ تَجُوزُ الطَّهَارَةُ بِهِ لأَِنَّهُ يَشُقُّ الاِحْتِرَازُ مِنْهُ.</p>وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ فِي الأَْظْهَرِ وَالْمُعْتَمَدِ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْجُمْلَةِ.</p>وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ تَقْيِيدُ جِوَازِ التَّطَهُّرِ بِهَذَا الْمَاءِ بِحَالَةِ مَا إِذَا لَمْ تَذْهَبْ رِقَّتُهُ، إِلَاّ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْمَيْدَانِيَّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ سُئِل عَنِ الْمَاءِ الَّذِي يَتَغَيَّرُ لَوْنُهُ لِكَثْرَةِ الأَْوْرَاقِ الْوَاقِعَةِ مِنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 1 / 15.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥١)</span><hr/></div>الشَّجَرِ فِيهِ حَتَّى يَظْهَرَ لَوْنُ الأَْوْرَاقِ فِي الْكَفِّ إِذَا رُفِعَ الْمَاءُ مِنْهُ هَل يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ؟ قَال: لَا، وَلَكِنْ يَجُوزُ شُرْبُهُ وَغَسْل الأَْشْيَاءِ بِهِ لأَِنَّهُ طَاهِرٌ، وَأَمَّا الْوُضُوءُ فَلأَِنَّهُ لَمَّا غَلَبَ عَلَيْهِ لَوْنُ الأَْوْرَاقِ صَارَ مَاءً مُقَيَّدًا كَمَاءِ الْبَاقِلَاءِ.</p>وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ مَاءَ الْبِئْرِ إِذَا تَغَيَّرَ لَوْنُهُ بِوَرِقِ شَجَرٍ أَوْ تِبْنٍ أَلْقَتْهُ الرِّيحُ فِيهِ غَيْرُ طَهُورٍ فَلَا تَجُوزُ الطَّهَارَةُ بِهِ (1) .</p>وَالْمَاءُ الآْجِنُ وَهُوَ الَّذِي يَتَغَيَّرُ بِطُول مُكْثِهِ فِي الْمَكَانِ مِنْ غَيْرِ مُخَالَطَةِ شَيْءٍ يُغَيِّرُهُ بَاقٍ عَلَى إِطْلَاقِهِ فِي قَوْل أَكْثَرِ أَهْل الْعِلْمِ.</p>قَال ابْنُ قُدَامَةَ: يُرْوَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: تَوَضَّأَ مِنْ بِئْرٍ كَأَنَّ مَاءَهُ نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ (2) ، وَلأَِنَّهُ تَغَيَّرَ مِنْ غَيْرِ مُخَالَطَةٍ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌حُكْمُ إِزَالَةِ لَوْنِ النَّجَاسَةِ</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> إِذَا أَصَابَ الثَّوْبَ أَوِ الْبَدَنَ نَجَاسَةٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ إِزَالَتُهَا، فَإِنْ كَانَتِ النَّجَاسَةُ مَرْئِيَّةً وَلَهَا لَوْنٌ كَالدَّمِ وَالصِّبْغِ الْمُتَنَجِّسِ فَالْحُكْمُ فِي إِزَالَةِ لَوْنِ النَّجَاسَةِ مَا يَأْتِي:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 1 / 125، وفتح القدير 1 / 62 - 63، ومنح الجليل 1 / 19، وجواهر الإكليل 1 / 7، ومغني المحتاج 1 / 19، والمغني 1 / 13.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ من بئر كأن ماءه نقاعة الحناء ". أورده ابن قدامة في المغني (1 / 14) ولم يعزه إلى أي مصدر ولم نهتد إلى من أخرجه.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية ابن عابدين 1 / 124، والمغني 1 / 14، ومغني المحتاج 1 / 19، وأسهل المدارك 1 / 35.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٢)</span><hr/></div>ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (1) - إِلَى أَنَّ إِزَالَةَ لَوْنِ النَّجَاسَةِ إِنْ كَانَ سَهْلاً وَمُتَيَسِّرًا وَجَبَ إِزَالَتُهُ لأَِنَّ بَقَاءَهُ دَلِيلٌ عَلَى بَقَاءِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ، فَإِنْ تَعَسَّرَ زَوَال اللَّوْنِ وَشَقَّ ذَلِكَ أَوْ خِيفَ تَلَفُ ثَوْبٍ فَإِنَّ الْمَحَل يَطْهُرُ بِالْغَسْل وَلَا يَضُرُّ بَقَاءُ اللَّوْنِ لِحَدِيثِ أَبِي هَرِيرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ خَوْلَةَ بِنْتَ يَسَارٍ قَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ إِنَّهُ لَيْسَ لِي إِلَاّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَأَنَا أَحِيضُ فِيهِ، قَال: إِذَا طَهُرْتِ فَاغْسِلِيهِ ثُمَّ صَلِّي فِيهِ قَالَتْ: فَإِنْ لَمْ يَخْرُجِ الدَّمُ؟ قَال: يَكْفِيكِ غَسْل الدَّمِ وَلَا يَضُرُّكِ أَثَرُهُ (2) .</p>أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَلَهُمْ قَوْلَانِ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ يَعْسُرُ زَوَال النَّجَاسَةِ أَوْ لَا يَعْسُرُ زَوَالُهَا وَالأَْرْجَحُ عِنْدَهُمُ اشْتِرَاطُ زَوَال اللَّوْنِ مَا لَمْ يَشُقَّ كَمَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ (3) .</p><font color=#ff0000>4 -</font> وَلَا يَجِبُ عِنْدَ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ اسْتِعْمَال أُشْنَانٍ وَلَا صَابُونٍ وَلَا تَسْخِينُ مَاءٍ لإِِزَالَةِ اللَّوْنِ أَوِ الرِّيحِ الْمُتَعَسِّرِ إِزَالَتُهُ.</p>لَكِنْ يُسَنُّ ذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَاّ إِذَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) منح الجليل 1 / 42، ومغني المحتاج 1 / 85، وكشاف القناع 1 / 183، والمغني 1 / 59.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث أبي هريرة أن خولة بنت يسار قالت:" إنه ليس لي إلا ثوب واحد. . . ". أخرجه أبو داود (1 / 257) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> الدر المختار وحاشية ابن عابدين 1 / 218 - 219.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٢)</span><hr/></div>تَعَيَّنَ إِزَالَةُ الأَْثَرِ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجِبُ (1) .</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنِ اسْتَعْمَل فِي زَوَال الأَْثَرِ شَيْئًا يُزِيلُهُ كَالْمِلْحِ وَغَيْرِهِ فَحَسَنٌ (2) .</p><font color=#ff0000>5 -</font> وَالْمَصْبُوغُ بِصَبْغٍ نَجِسٍ، قَال الْحَنَفِيَّةُ: يَطْهُرُ بِغَسْلِهِ ثَلَاثًا، وَالأَْوْلَى غَسْلُهُ إِلَى أَنْ يَصْفُوَ الْمَاءُ.</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا غُسِل بِالْمَاءِ فَإِنَّهُ يَطْهُرُ وَلَا يَضُرُّ بَقَاءُ لَوْنِ النَّجَاسَةِ إِذَا تَعَذَّرَ إِزَالَتُهَا.</p>وَلِلشَّافِعِيَّةِ تَفْصِيلٌ آخَرُ، قَالُوا: يَطْهُرُ بِالْغَسْل مَصْبُوغٌ بِمُتَنَجِّسٍ انْفَصَل عَنْهُ وَلَمْ يَزِدِ الْمَصْبُوغُ وَزْنًا بَعْدَ الْغَسْل عَلَى وَزْنِهِ قَبْل الصَّبْغِ وَإِنْ بَقِيَ اللَّوْنُ لِعُسْرِ زَوَالِهِ، فَإِنْ زَادَ وَزْنُهُ لَمْ يَطْهُرْ، وَإِنْ لَمْ يَنْفَصِل عَنْهُ لِتَعَقُّدِهِ بِهِ لَمْ يَطْهُرْ لِبَقَاءِ النَّجَاسَةِ فِيهِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَثَرُ اللَّوْنِ فِي لُبْسِ الثِّيَابِ</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> لِلَّوْنِ أَثَرٌ فِي لُبْسِ الثِّيَابِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ بِالإِْبَاحَةِ أَوِ الْكَرَاهَةِ أَوِ التَّحْرِيمِ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (أَلْبِسَةٌ ف 6 وَمَا بَعْدَهَا) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَثَرُ تَغَيُّرِ اللَّوْنِ فِي الْجِنَايَةِ</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يَجِبُ بِتَغَيُّرِ اللَّوْنِ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 1 / 85، وحاشية ابن عابدين 1 / 219، ومنح الجليل 1 / 42.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 1 / 59.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الدر المختار وحاشية ابن عابدين 1 / 219، ومنح الجليل 1 / 42، ومغني المحتاج 1 / 85.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٣)</span><hr/></div>الْجِنَايَةِ: فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: مَنْ جَنَى عَلَى سِنِّ شَخْصٍ وَلَمْ تُقْلَعْ وَإِنَّمَا تَغَيَّرَ لَوْنُهَا، فَإِنْ كَانَ التَّغَيُّرُ إِلَى السَّوَادِ أَوْ إِلَى الْحُمْرَةِ أَوْ إِلَى الْخُضْرَةِ فَفِيهَا الأَْرْشُ تَامًّا، لأَِنَّهُ ذَهَبَتْ مَنْفَعَتُهَا، وَذَهَابُ مَنْفَعَةِ الْعُضْوِ بِمَنْزِلَةِ ذَهَابِ الْعُضْوِ، وَإِنْ كَانَ التَّغَيُّرُ إِلَى الصُّفْرَةِ فَفِيهَا حُكُومَةُ الْعَدْل، لأَِنَّ الصُّفْرَةَ لَا تُوجِبُ فَوَاتَ الْمَنْفَعَةِ، وَإِنَّمَا تُوجِبُ نُقْصَانَهَا فَتُوجِبُ حُكُومَةَ الْعَدْل، وَقَال زُفَرُ فِي الصُّفْرَةِ الأَْرْشُ تَامًّا كَمَا فِي السَّوَادِ، لأَِنَّ كُل ذَلِكَ يُفَوِّتُ الْجَمَال. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إِنْ كَانَتِ الصُّفْرَةُ كَثِيرَةً حَتَّى تَكُونَ عَيْبًا كَعَيْبِ الْحُمْرَةِ وَالْخُضْرَةِ فَفِيهَا عَقْلُهَا تَامًّا، قَال الْكَاسَانِيُّ: وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا قَوْلَهُمْ جَمِيعًا، وَلَوْ سَقَطَتِ السِّنُّ بِالْجِنَايَةِ فَنَبَتَتْ مَكَانَهَا سِنٌّ أُخْرَى مُتَغَيِّرَةٌ بِأَنْ نَبَتَتْ سَوْدَاءَ أَوْ حَمْرَاءَ أَوْ خَضْرَاءَ أَوْ صَفْرَاءَ فَحُكْمُهَا حُكْمُ مَا لَوْ كَانَتْ قَائِمَةً فَتَغَيَّرَتْ بِالضَّرْبَةِ لأَِنَّ النَّابِتَ قَامَ مَقَامَ الذَّاهِبِ، فَكَأَنَّ الأُْولَى قَائِمَةً وَتَغَيَّرَتْ.</p>وَالظُّفُرُ إِذَا جَنَى عَلَيْهِ شَخْصٌ فَقَلَعَهُ فَنَبَتَ مَكَانَهُ ظُفُرٌ آخَرُ: فَإِنْ نَبَتَ أَسْوَدَ فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِمَا أَصَابَ مِنَ الأَْلَمِ بِالْجِرَاحَةِ الأُْولَى (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 7 / 315، 323.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٣)</span><hr/></div>وَلَوْ حَلَقَ شَخْصٌ رَأْسَ رَجُلٍ شَعَرُهُ أَسْوَدُ فَنَبَتَ الشَّعَرُ أَبْيَضَ فَقَال أَبُو يُوسُفَ فِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ، لأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الشَّعَرِ الزِّينَةُ، وَالزِّينَةُ مُعْتَبَرَةٌ فَلَا يَقُومُ النَّابِتُ مَقَامَ الْفَائِتِ، وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: لَا شَيْءَ فِيهِ، لأَِنَّ الشَّيْبَ لَيْسَ بِعَيْبٍ، بَل هُوَ جَمَالٌ وَكَمَالٌ فَلَا يَجِبُ بِهِ أَرْشٌ (1) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ جَنَى عَلَى سِنٍّ وَكَانَتْ بَيْضَاءَ فَتَغَيَّرَ لَوْنُهَا إِلَى السَّوَادِ فَفِيهَا خَمْسٌ مِنَ الإِْبِل وَإِنْ تَغَيَّرَ لَوْنُهَا إِلَى الْحُمْرَةِ أَوْ إِلَى الصُّفْرَةِ فَإِنْ كَانَتِ الْحُمْرَةُ أَوِ الصُّفْرَةُ كَالسَّوَادِ فِي إِذْهَابِ الْجَمَال فَفِيهَا خَمْسٌ مِنَ الإِْبِل كَالتَّغَيُّرِ إِلَى السَّوَادِ وَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْحُمْرَةُ أَوِ الصُّفْرَةُ كَالسَّوَادِ فِي إِذْهَابِ الْجَمَال فَفِيهَا بِحِسَابِ مَا نَقَصَ، وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إِنِ اصْفَرَّتِ السِّنُّ فَفِيهَا بِقَدْرِ شَيْنِهَا لَا يَكْمُل عَقْلُهَا حَتَّى تَسْوَدَّ لَا بِتَغَيُّرِهَا، وَقَال أَصْبَغُ: فِي اخْضِرَارِهَا أَكْثَرُ مِمَّا فِي احْمِرَارِهَا وَفِي احْمِرَارِهَا أَكْثَرُ مِمَّا فِي اصْفِرَارِهَا.</p>وَمَنْ أَطْعَمَتْ زَوْجُهَا مَا اسْوَدَّ بِهِ لَوْنُهُ فَعِنْدَ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ عَلَيْهَا الدِّيَةُ قِيَاسًا عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ تَسْوِيدِ السِّنِّ، وَقَال بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ إِنَّ هُنَاكَ فَارِقًا بَيْنَ الأَْمْرَيْنِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الشَّأْنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 7 / 324.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٤)</span><hr/></div>فِي السِّنِّ الْبَيَاضُ وَأَمَّا الآْدَمِيُّ فَفِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ الأَْسْوَدُ (1) .</p>وَمَنْ ضَرَبَ إِنْسَانًا أَوْ فَعَل بِهِ فِعْلاً اسْوَدَّ بِهِ جَسَدُهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ غَيْرَ أَسْوَدَ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الْبَرَصِ فَفِيهِ الدِّيَةُ (2) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ ضَرَبَ شَخْصٌ سِنَّ غَيْرِهِ فَاصْفَرَّتْ أَوِ احْمَرَّتْ وَجَبَتْ فِيهَا الْحُكُومَةُ لأَِنَّ مَنَافِعَهَا بَاقِيَةٌ، وَإِنَّمَا نَقَصَ بَعْضُ جَمَالِهَا، فَوَجَبَ فِيهَا الْحُكُومَةُ، فَإِنْ ضَرَبَهَا فَاسْوَدَّتْ فَقَدْ قَالُوا فِي مَوْضِعٍ: تَجِبُ فِيهَا الْحُكُومَةُ، وَقَالُوا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: تَجِبُ الدِّيَةُ، وَلَيْسَتْ عَلَى قَوْلَيْنِ وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ، فَالَّذِي قَال تَجِبُ فِيهَا الدِّيَةُ إِذَا ذَهَبَتِ الْمَنْفَعَةُ، وَالَّذِي قَال تَجِبُ فِيهَا الْحُكُومَةُ إِذَا لَمْ تَذْهَبِ الْمَنْفَعَةُ.</p>وَذَكَرَ الْمُزَنِيُّ أَنَّهَا عَلَى قَوْلَيْنِ، وَاخْتَارَ أَنَّهُ يَجِبُ فِيهَا الْحُكُومَةُ، وَالصَّحِيحُ هُوَ الطَّرِيقُ الأَْوَّل.</p>وَإِنْ قَلَعَ شَخْصٌ سِنَّ غَيْرِهِ فَنَبَتَ مَكَانَهَا سِنٌّ صَفْرَاءُ أَوْ خَضْرَاءُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْحُكُومَةُ لَنَقَصَانِ الْكَمَال (3) ، وَإِنْ لَطَمَ رَجُلاً أَوْ لَكَمَهُ أَوْ ضَرَبَهُ بِمُثَقَّلٍ فَإِنْ لَمْ يَحْصُل بِهِ أَثَرٌ لَمْ يَلْزَمْهُ أَرْشٌ لأَِنَّهُ لَمْ يَحْصُل بِهِ نَقْصٌ فِي جَمَالٍ وَلَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) منح الجليل 4 / 416 - 417.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الصغير 2 / 401 ط الحلبي.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المهذب 2 / 206.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٤)</span><hr/></div>مَنْفَعَةٍ فَلَمْ يَلْزَمْهُ أَرْشٌ، وَإِنْ حَصَل بِهِ شَيْنٌ بِأَنِ اسْوَدَّ أَوِ اخْضَرَّ وَجَبَتْ فِيهِ الْحُكُومَةُ لِمَا حَصَل بِهِ مِنَ الشَّيْنِ، فَإِنْ قَضَى فِيهِ بِالْحُكُومَةِ ثُمَّ زَال الشَّيْنُ سَقَطَتِ الْحُكُومَةُ كَمَا لَوْ جَنَى عَلَى عَيْنٍ فَابْيَضَّتْ ثُمَّ زَال الْبَيَاضُ (1) .</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: مَنِ اعْتَدَى عَلَى غَيْرِهِ فَقَلَعَ ظُفُرَهُ فَعَادَ أَسْوَدَ فَفِيهِ خَمْسٌ دِيَةُ الأُْصْبُعِ نَصًّا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ مُخَالِفٌ مِنَ الصَّحَابَةِ (2) .</p>وَقَال الْبُهُوتِيُّ: فِي تَسْوِيدِ سِنٍّ وَظُفُرٍ وَتَسْوِيدِ أَنْفٍ وَتَسْوِيدِ أُذُنٍ بِحَيْثُ لَا يَزُول التَّسْوِيدُ دِيَةُ ذَلِكَ الْعُضْوِ كَامِلَةً لإِِذْهَابِ جَمَالِهِ (3) .</p>لَكِنِ ابْنُ قُدَامَةَ فَصَّل فِي تَسْوِيدِ السِّنِّ فَقَال: حُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: تَجِبُ دِيَتُهَا كَامِلَةً وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَيُرْوَى هَذَا عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه، وَبِهِ قَال سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ وَشُرَيْحٌ وَالزُّهْرِيُّ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ وَالنَّخَعِيُّ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَاللَّيْثُ وَالثَّوْرِيُّ، لأَِنَّهُ أَذْهَبَ الْجَمَال عَلَى الْكَمَال فَكَمَلَتْ دِيَتُهَا.</p>وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المهذب 2 / 210.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح منتهى الإرادات 3 / 315.</p><font color=#ff0000>(3)</font> شرح منتهى الإرادات 3 / 316.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٥)</span><hr/></div>إِنْ أَذْهَبَ مَنْفَعَتَهَا مِنَ الْمَضْغِ عَلَيْهَا وَنَحْوِهِ فَفِيهَا دِيَتُهَا، وَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ نَفْعُهَا فَفِيهَا حُكُومَةٌ وَهُوَ قَوْل الْقَاضِي.</p>أَمَّا إِنِ اصْفَرَّتِ السِّنُّ أَوِ احْمَرَّتْ لَمْ تَكْتَمِل دِيَتُهَا، لأَِنَّهُ لَمْ يَذْهَبِ الْجَمَال عَلَى الْكَمَال وَفِيهَا حُكُومَةٌ، وَإِنِ اخْضَرَّتِ احْتَمَل أَنْ يَكُونَ كَتَسْوِيدِهَا لأَِنَّهُ يَذْهَبُ بِجَمَالِهَا، وَاحْتَمَل أَنْ لَا يَجِبَ فِيهَا إِلَاّ حُكُومَةٌ، لأَِنَّ ذَهَابَ جَمَالِهَا بِتَسْوِيدِهَا أَكْثَرُ فَلَمْ يَلْحَقْ بِهِ غَيْرُهُ كَمَا لَوْ حَمَّرَهَا (1) .</p>وَقَال الْبُهُوتِيُّ: مَنْ جَنَى عَلَى سِنٍّ صَغِيرٍ فَقَلَعَهُ وَلَمْ يَعُدْ، أَوْ عَادَ أَسْوَدَ وَاسْتَمَرَّ أَسْوَدَ، أَوْ عَادَ أَبْيَضَ ثُمَّ اسْوَدَّ بِلَا عِلَّةٍ فَفِيهَا خَمْسٌ مِنَ الإِْبِل، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم، وَإِنْ عَادَ السِّنُّ أَبْيَضَ ثُمَّ اسْوَدَّ لِعِلَّةٍ فَفِيهَا حُكُومَةٌ لأَِنَّهَا أَرْشُ كُل مَا لَا مُقَدَّرَ فِيهِ (2) .</p>وَمَنْ ضَرَبَ وَجْهَ إِنْسَانٍ فَاسْوَدَّ الْوَجْهُ وَلَمْ يَزُل سَوَادُهُ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةٌ، لأَِنَّهُ فَوَّتَ الْجَمَال عَلَى الْكَمَال فَضَمِنَهُ بِدِيَتِهِ كَقَطْعِ أُذُنِ الأَْصَمِّ، وَإِنْ زَال السَّوَادُ يَرُدُّ مَا أَخَذَهُ لِزَوَال سَبَبِ الضَّمَانِ، وَإِنْ زَال بَعْضُهُ وَجَبَتْ فِيهِ حُكُومَةٌ وَرَدَّ الْبَاقِيَ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 8 / 27 ط الرياض.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح منتهى الإرادات 3 / 315، 316.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٥)</span><hr/></div>وَإِنْ صَارَ الْوَجْهُ أَحْمَرَ أَوْ أَصْفَرَ فَفِيهِ حُكُومَةٌ كَمَا لَوْ سَوَّدَ بَعْضَهُ، لأَِنَّهُ لَمْ يُذْهِبِ الْجَمَال عَلَى الْكَمَال (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَثَرُ اللَّوْنِ فِي ضَمَانِ الْمَغْصُوبِ</span></p> </p>-‌<span class="title">‌ تَلْوِينُ الْغَاصِبِ الْمَغْصُوبَ بِلَوْنٍ مِنْ عِنْدِهِ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> لَوْ غَيَّرَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ فَلَوَّنَهُ بِلَوْنٍ غَيْرِ لَوْنِهِ الأَْصْلِيِّ فَلِلْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ بَيَانُهُ مَا يَلِي: ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ (2) إِلَى أَنَّ مَنْ غَصَبَ مِنْ إِنْسَانٍ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ الْغَاصِبُ بِصَبْغِ نَفْسِهِ بِأَيِّ لَوْنٍ كَانَ، أَسْوَدَ أَوْ أَحْمَرَ أَوْ أَصْفَرَ بِالْعُصْفُرِ وَالزَّعْفَرَانِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الأَْلْوَانِ فَصَاحِبُ الثَّوْبِ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ مِنَ الْغَاصِبِ، لأَِنَّ الثَّوْبَ مِلْكُهُ لِبَقَاءِ اسْمِهِ وَمَعْنَاهُ، وَلَكِنَّهُ يَضْمَنُ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ فَيُعْطِيهِ لِلْغَاصِبِ، لأَِنَّ لِلْغَاصِبِ عَيْنَ مَالٍ مُتَقَوِّمٍ قَائِمٍ فَلَا سَبِيل إِلَى إِبْطَال مِلْكِهِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ ضَمَانٍ فَكَانَ الأَْخْذُ بِضَمَانِهِ رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ.</p>وَإِنْ شَاءَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ تَرَكَ الثَّوْبَ عَلَى الْغَاصِبِ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبِهِ أَبْيَضَ يَوْمَ الْغَصْبِ لأَِنَّهُ لَا سَبِيل إِلَى جَبْرِهِ عَلَى أَخْذِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 8 / 60، وشرح منتهى الإرادات 3 / 318.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 7 / 160 - 161، وجواهر الإكليل 2 / 151.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٦)</span><hr/></div>الثَّوْبِ، إِذْ لَا يُمْكِنُهُ أَخْذُهُ إِلَاّ بِضَمَانٍ، وَهُوَ قِيمَةُ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ، وَلَا سَبِيل إِلَى جَبْرِهِ عَلَى الضَّمَانِ لاِنْعِدَامِ مُبَاشَرَةِ سَبَبِ وُجُوبِ الضَّمَانِ مِنْهُ.</p>وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ بِصَبْغِهِ فَيُخَيَّرُ رَبُّهُ فِي أَخْذِهِ مَعَ أَرْشِ نَقْصِهِ، أَوْ أَخْذِ قِيمَةِ الثَّوْبِ يَوْمَ غَصْبِهِ.</p>وَفَرَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الأَْلْوَانِ، فَوَافَقَ أَبَا يُوسُفَ وَمُحَمَّدًا فِيمَا لَوْ كَانَ الْغَاصِبُ صَبَغَهُ أَحْمَرَ أَوْ أَصْفَرَ أَمَّا لَوْ صَبَغَهُ أَسْوَدَ فَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: صَاحِبُ الثَّوْبِ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ تَرَكَهُ عَلَى الْغَاصِبِ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبِهِ أَبْيَضَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ وَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ النُّقْصَانَ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ السَّوَادَ نُقْصَانٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.</p>وَلِلْحَنَفِيَّةِ قَوْلٌ آخَرُ، قِيل: إِنَّ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ خِيَارًا ثَالِثًا وَهُوَ أَنَّ لَهُ تَرْكَ الثَّوْبِ عَلَى حَالِهِ وَكَانَ الصَّبْغُ فِيهِ لِلْغَاصِبِ فَيُبَاعُ الثَّوْبُ وَيُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمَا، لأَِنَّ التَّمْيِيزَ مُتَعَذِّرٌ فَصَارَا شَرِيكَيْنِ (1) .</p>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ أَيْضًا: لَوْ غَصَبَ عُصْفُرًا وَثَوْبًا مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَصَبَغَهُ أَيِ الثَّوْبَ بِهِ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ يَأْخُذُ الثَّوْبَ مَصْبُوغًا وَيُبْرِئُ الْغَاصِبَ مِنَ الضَّمَانِ فِي الْعُصْفُرِ وَالثَّوْبِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 7 / 161.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٦)</span><hr/></div>اسْتِحْسَانًا، لأَِنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ وَاحِدٌ، وَلأَِنَّ خَلْطَ مَال الإِْنْسَانِ بِمَالِهِ لَا يُعَدُّ اسْتِهْلَاكًا لَهُ بَل يَكُونُ نُقْصَانًا، فَإِذَا اخْتَارَ أَخْذَ الثَّوْبِ فَقَدْ أَبْرَأَهُ عَنِ النُّقْصَانِ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَضْمَنَ الْغَاصِبُ عُصْفُرًا مِثْلَهُ، ثُمَّ يَصِيرُ كَأَنَّهُ صَبَغَ ثَوْبَهُ بِعُصْفُرِ نَفْسِهِ، فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ (1) .</p>وَقَالُوا كَذَلِكَ: لَوْ غَصَبَ مِنْ إِنْسَانٍ ثَوْبًا وَمَنْ إِنْسَانٍ صِبْغًا فَصَبَغَهُ بِهِ: فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ لِصَاحِبِ الصِّبْغِ صِبْغًا مِثْل صِبْغِهِ، وَيُصْبِحُ مَالِكًا لِلصِّبْغِ بِالضَّمَانِ، وَصَاحِبُ الثَّوْبِ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ مِنَ الْغَاصِبِ وَأَعْطَاهُ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الثَّوْبَ عَلَى الْغَاصِبِ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبِهِ أَبْيَضَ يَوْمَ الْغَصْبِ، وَقِيل يُبَاعُ الثَّوْبُ وَيُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمَا (2) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ صَبَغَ الْغَاصِبُ الثَّوْبَ بِصَبْغِهِ وَأَمْكَنَ فَصْلُهُ مِنْهُ بِأَنْ لَمْ يَنْعَقِدِ الصَّبْغُ بِهِ أُجْبِرَ عَلَى الْفَصْل وَإِنْ خَسِرَ كَثِيرًا أَوْ نَقَصَتْ قِيمَةُ الصَّبْغِ بِالْفَصْل فِي الأَْصَحِّ كَالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، وَلَهُ الْفَصْل قَهْرًا عَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ نَقَصَ الثَّوْبُ بِهِ لأَِنَّهُ يَغْرَمُ أَرْشَ النَّقْصِ فَإِنْ لَمْ يَحْصُل بِهِ نَقْصٌ فَكَالتَّزْوِيقِ فَلَا يَسْتَقِل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 7 / 162.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 7 / 161 - 162.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٧)</span><hr/></div>الْغَاصِبُ بِفَصْلِهِ وَلَا يُجْبِرُهُ الْمَالِكُ عَلَيْهِ، وَمُقَابِل الأَْصَحِّ لَا، لِمَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِ الْغَاصِبِ لأَِنَّهُ يَضِيعُ بِفَصْلِهِ.</p>وَخَرَجَ بِصَبْغِهِ صَبْغُ الْمَالِكِ فَالزِّيَادَةُ كُلُّهَا لَهُ وَالنَّقْصُ عَلَى الْغَاصِبِ، وَيَمْتَنِعُ فَصْلُهُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْمَالِكِ وَلَهُ إِجْبَارُهُ عَلَيْهِ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ، وَصَبْغُ مَغْصُوبٍ مِنْ آخَرِ فَلِكُلٍّ مِنْ مَالِكَيِ الثَّوْبِ وَالصِّبْغِ تَكْلِيفُهُ فَصْلاً أَمْكَنَ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَهُمَا فِي الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ كَمَا فِي قَوْلِهِ.</p>وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَصْلُهُ لِتَعَقُّدِهِ فَإِنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ وَلَمْ تَنْقُصْ بِأَنْ كَانَ يُسَاوِي عَشَرَةً قَبْلَهُ وَسَاوَاهَا بَعْدَهُ مَعَ أَنَّ الصِّبْغَ قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ لَا لاِنْخِفَاضِ سُوقِ الثِّيَابِ بَل لأَِجْل الصِّبْغِ فَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ فِيهِ وَلَا عَلَيْهِ، إِذْ غَصْبُهُ كَالْمَعْدُومِ حِينَئِذٍ وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِأَنْ صَارَ يُسَاوِي خَمْسَةً لَزِمَهُ الأَْرْشُ لِحُصُول النَّقْصِ بِفِعْلِهِ، وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ بِسَبَبِ الْعَمَل وَالصَّبْغِ اشْتَرَكَا فِي الثَّوْبِ هَذَا بِصَبْغِهِ وَهَذَا بِثَوْبِهِ أَثَلَاثًا، ثُلُثَاهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَثُلُثٌ لِلْغَاصِبِ، أَمَّا إِذَا زَادَ سِعْرُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ بِارْتِفَاعِهِ فَالزِّيَادَةُ لِصَاحِبِهِ، وَإِنْ نَقَصَ عَنِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ قِيمَتَهَا كَأَنْ سَاوَى اثْنَيْ عَشَرَ، فَإِنْ كَانَ النَّقْصُ بِسَبَبِ انْخِفَاضِ سِعْرِ الثِّيَابِ فَهُوَ عَلَى الثَّوْبِ، أَوْ سِعْرِ الصِّبْغِ أَوْ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٧)</span><hr/></div>بِسَبَبِ الصَّنْعَةِ فَعَلَى الصِّبْغِ، قَالَهُ فِي الشَّامِل وَالتَّتِمَّةِ، وَبِهَذَا أَيِ اخْتِصَاصِ الزِّيَادَةِ عَنِ ارْتِفَاعِ سِعْرِ مِلْكِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ مَعْنَى اشْتَرَاكِهِمَا كَوْنُهُ عَلَى وَجْهِ الشُّيُوعِ بَل هَذَا بِثَوْبِهِ وَهَذَا بِصِبْغِهِ.</p>وَلَوْ بَذَل صَاحِبُ الثَّوْبِ لِلْغَاصِبِ قِيمَةَ الصِّبْغِ لِيَتَمَلَّكَهُ لَمْ يُجَبْ إِلَيْهِ أَمْكَنَ فَصْلُهُ أَمْ لَا، وَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا الاِنْفِرَادَ بِبَيْعِ مِلْكِهِ لِثَالِثٍ لَمْ يَصِحَّ، إِذْ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَحْدَهُ كَبَيْعِ دَارٍ لَا مَمَرَّ لَهَا، نَعَمْ لَوْ أَرَادَ الْمَالِكُ بَيْعَ الثَّوْبِ لَزِمَ الْغَاصِبَ بَيْعُ صِبْغِهِ مَعَهُ لأَِنَّهُ مُتَعَدٍّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَضُرَّ بِالْمَالِكِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ الْغَاصِبُ بَيْعَ صِبْغِهِ لَا يَلْزَمُ مَالِكَ الثَّوْبِ بَيْعُهُ مَعَهُ لِئَلَاّ يَسْتَحِقَّ الْمُتَعَدِّي بِتَعَدِّيهِ إِزَالَةَ مِلْكِ غَيْرِهِ.</p>وَلَوْ طَيَّرَتِ الرِّيحُ ثَوْبًا إِلَى مَصْبَغَةِ آخَرَ فَانْصَبَغَ فِيهَا اشْتَرَكَا فِي الْمَصْبُوغِ وَلَمْ يُكَلَّفْ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ وَلَا الْفَصْل وَلَا الأَْرْشَ وَإِنْ حَصَل نَقْصٌ إِذْ لَا تَعَدِّيَ (1) .</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ الْغَاصِبُ بِصِبْغِهِ فَنَقَصَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ وَالصِّبْغِ أَوْ نَقَصَ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ النَّقْصَ لأَِنَّهُ حَصَل بِتَعَدِّيهِ فَضَمِنَهُ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَ بَعْضَهُ، وَإِنْ كَانَ النَّقْصُ بِسَبَبِ تَغَيُّرِ الأَْسْعَارِ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَإِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 5 / 182.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٨)</span><hr/></div>لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُمَا وَلَمْ تَزِدْ أَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُمَا فَهُمَا أَيْ رَبُّ الثَّوْبِ وَالصِّبْغِ شَرِيكَانِ فِي الثَّوْبِ وَصِبْغُهُ بِقَدْرِ مِلْكَيْهِمَا، فَيُبَاعُ ذَلِكَ وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَى قَدْرِ الْقِيمَتَيْنِ، وَإِنْ زَادَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا مِنْ ثَوْبٍ أَوْ صِبْغٍ فَالزِّيَادَةُ لِصَاحِبِهِ يَخْتَصُّ بِهَا، لأَِنَّ الزِّيَادَةَ تَبَعٌ لِلأَْصْل، هَذَا إِذَا كَانَتِ الزِّيَادَةُ لِغُلُوِّ سِعْرٍ، فَإِنْ حَصَلَتِ الزِّيَادَةُ بِالْعَمَل فَهِيَ بَيْنَهُمَا، لأَِنَّ مَا عَمِلَهُ الْغَاصِبُ فِي الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ لِمَالِكِهَا حَيْثُ كَانَ أَثَرًا، وَزِيَادَةُ مَال الْغَاصِبِ لَهُ، وَإِنْ أَرَادَ مَالِكُ الثَّوْبِ أَوِ الْغَاصِبُ قَلْعَ الصِّبْغِ مِنَ الثَّوْبِ لَمْ يُجْبَرِ الآْخَرُ عَلَيْهِ، لأَِنَّ فِيهِ إِتْلَافًا لِمِلْكِهِ، وَإِنْ أَرَادَ مَالِكُ الثَّوْبِ بَيْعَ الثَّوْبِ فَلَهُ ذَلِكَ لأَِنَّهُ مَلَكَهُ وَهُوَ عَيْنٌ، وَصِبْغُهُ بَاقٍ لِلْغَاصِبِ، وَلَوْ أَبَى الْغَاصِبُ بَيْعَ الثَّوْبِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ مَالِكُهُ، لأَِنَّهُ لَا حَجْرَ لَهُ عَلَيْهِ فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ أَرَادَ الْغَاصِبُ بَيْعَ الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ لَمْ يُجْبَرِ الْمَالِكُ لِحَدِيثِ: إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ (1) ، وَإِنْ بَذَل الْغَاصِبُ لِرَبِّ الثَّوْبِ قِيمَتَهُ لِيَمْلِكَهُ، أَوْ بَذَل رَبُّ الثَّوْبِ قِيمَةَ الصِّبْغِ لِلْغَاصِبِ لِيَمْلِكَهُ، لَمْ يُجْبَرِ الآْخَرُ لأَِنَّهَا مُعَاوَضَةٌ لَا تَجُوزُ إِلَاّ بِتَرَاضِيهِمَا.</p>وَصَحَّحَ الْحَارِثِيُّ أَنَّ لِمَالِكِ الثَّوْبِ تَمَلُّكَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" إنما البيع عن تراض ". أخرجه ابن ماجه (2 / 737) من حديث أبي سعيد الخدري، وصحح إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (2 / 10) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٨)</span><hr/></div>الصِّبْغِ بِقِيمَتِهِ، لِيَتَخَلَّصَ مِنَ الضَّرَرِ.</p>وَإِنْ وَهَبَ الْغَاصِبُ الصِّبْغَ لِمَالِكِ الثَّوْبِ لَزِمَ الْمَالِكَ قَبُولُهُ لأَِنَّهُ صَارَ مِنْ صِفَاتِ الْعَيْنِ، فَهُوَ كَزِيَادَةِ الصِّفَةِ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ.</p>وَإِنْ غَصَبَ صِبْغًا فَصَبَغَ بِهِ الْغَاصِبُ ثَوْبَهُ فَهُمَا شَرِيكَانِ بِقَدْرِ حَقَّيْهِمَا فِي ذَلِكَ فَيُبَاعُ وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَى قَدْرِ الْحَقَّيْنِ، لأَِنَّهُ بِذَلِكَ يَصِل كُلٌّ مِنْهُمَا لِحَقِّهِ، وَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ النَّقْصَ إِنْ وُجِدَ لِحُصُولِهِ بِفِعْلِهِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ إِنْ زَادَ الْمَغْصُوبُ فِي نَظِيرِ عَمَلِهِ لِتَبَرُّعِهِ بِهِ.</p>وَإِنْ غَصَبَ ثَوْبًا وَصِبْغًا مِنْ وَاحِدٍ فَصَبَغَهُ بِهِ رَدَّهُ الْغَاصِبُ وَرَدَّ أَرْشَ نَقْصِهِ إِنْ نَقَصَ لِتَعَدِّيهِ بِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي زِيَادَتِهِ بِعَمَلِهِ فِيهِ، لأَِنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنَ اثْنَيْنِ اشْتَرَكَا فِي الأَْصْل وَالزِّيَادَةِ بِالْقِيمَةِ، وَمَا نَقَصَ مِنْ أَحَدِهِمَا غَرِمَهُ الْغَاصِبُ، وَإِنْ نَقَصَ السِّعْرُ لِنَقْصِ سِعْرِ الثِّيَابِ أَوِ الصِّبْغِ أَوْ لِنَقْصِ سِعْرِهِمَا لَمْ يَضْمَنْهُ الْغَاصِبُ، وَنَقْصُ كُل وَاحِدٍ مِنْهَا مِنْ صَاحِبِهِ، وَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا قَلْعَ الصِّبْغِ لَمْ يُجْبَرِ الآْخَرُ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَثَرُ اخْتِلَافِ اللَّوْنِ فِي ضَمَانِ الأَْجِيرِ</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ مَنْ دَفَعَ ثَوْبًا إِلَى صَبَّاغٍ لِيَصْبُغَهُ لَوْنًا مُعَيَّنًا فَصَبَغَهُ لَوْنًا آخَرَ فَصَاحِبُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف القناع 4 / 95 - 96.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٩)</span><hr/></div>الثَّوْبِ بِالْخِيَارِ: إِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبٍ أَبْيَضَ وَسَلَّمَ الثَّوْبَ لِلأَْجِيرِ وَذَلِكَ لِفَوَاتِ غَرَضِهِ، لأَِنَّ الأَْغْرَاضَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الأَْلْوَانِ، فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبٍ أَبْيَضَ لِتَفْوِيتِهِ عَلَيْهِ مَنْفَعَةً مَقْصُودَةً، فَصَارَ مُتْلِفًا الثَّوْبَ عَلَيْهِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ وَأَعْطَى الأَْجِيرَ مَا زَادَ الصِّبْغُ فِيهِ، لأَِنَّ الضَّمَانَ وَجَبَ حَقًّا لَهُ فَلَهُ أَنْ يُسْقِطَ حَقَّهُ، وَلَا أَجْرَ لِلصَّبَّاغِ، لأَِنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ رَأْسًا حَيْثُ لَمْ يُوَفِّ الْعَمَل الْمَأْذُونَ فِيهِ أَصْلاً فَلَا يَسْتَحِقُّ الأَْجْرَ، وَيُعْطِيهِ مَا زَادَ الصِّبْغُ فِيهِ إِنْ كَانَ الصِّبْغُ مِمَّا يَزِيدُ كَالْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ وَنَحْوِهِمَا، لأَِنَّهُ عَيْنُ مَالٍ قَائِمٍ بِالثَّوْبِ فَلَا سَبِيل إِلَى أَخْذِهِ مَجَّانًا بِلَا عِوَضٍ، فَيَأْخُذُهُ وَيُعْطِيهِ مَا زَادَ الصِّبْغُ فِيهِ رِعَايَةً لِلْحَقَّيْنِ وَنَظَرًا مِنَ الْجَانِبَيْنِ.</p>وَإِنْ كَانَ الصِّبْغُ مِمَّا لَا يَزِيدُ كَالسَّوَادِ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ لَهُ قِيمَةٌ وَحُكْمُهُ حُكْمُ سَائِرِ الأَْلْوَانِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ السَّوَادُ لَا قِيمَةَ لَهُ عِنْدَهُ فَلَا يَزِيدُ بَل يَنْقُصُ، وَعَلَى هَذَا الأَْسَاسِ لَوِ اخْتَارَ صَاحِبُ الثَّوْبِ أَخْذَهُ لَا يُعْطِيهِ شَيْئًا نَظِيرَ الصِّبْغِ بَل يُضَمِّنُهُ نُقْصَانَ الثَّوْبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.</p>وَإِذَا أَمَرَ رَجُلاً أَنْ يُحَمِّرَ لَهُ بَيْتًا فَخَضَّرَهُ قَال مُحَمَّدٌ: أُعْطِيهِ مَا زَادَتِ الْخُضْرَةُ فِيهِ وَلَا أُجْرَةَ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٩)</span><hr/></div>لَهُ، لأَِنَّهُ لَمْ يَعْمَل مَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَيْهِ رَأْسًا فَلَا يَسْتَحِقُّ الأُْجْرَةَ، وَلَكِنْ يَسْتَحِقُّ قِيمَةَ الصِّبْغِ الَّذِي زَادَ فِي الْبَيْتِ.</p>وَإِنْ دَفَعَ إِلَى صَبَّاغٍ ثَوْبًا لِيَصْبُغَهُ بِصِبْغٍ مُسَمًّى فَصَبَغَ بِصِبْغٍ آخَرَ لَكِنَّهُ مِنْ جَنْسِ ذَلِكَ اللَّوْنِ فَصَاحِبُ الثَّوْبِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ أَبْيَضَ وَيُسَلِّمَ إِلَيْهِ الثَّوْبَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ وَأَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ مَا سَمَّى، وَإِنَّمَا وَجَبَ الأَْجْرُ هُنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا لِمَا سَبَقَ، لأَِنَّ الْخِلَافَ فِي الصِّفَةِ لَا يُخْرِجُ الْعَمَل مِنْ أَنْ يَكُونَ مَعْقُودًا عَلَيْهِ فَقَدْ أَتَى بِأَصْل الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ إِلَاّ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِوَصْفِهِ (1) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: مَنْ دَفَعَ إِلَى صَبَّاغٍ ثَوْبًا لِيَصْبُغَهُ فَصَبَغَهُ لَكِنْ صَاحِبُ الثَّوْبِ ادَّعَى أَنَّهُ طَلَبَ صَبْغَهُ بِلَوْنٍ آخَرَ وَقَال الصَّبَّاغُ: إِنَّهُ اللَّوْنُ الَّذِي طَلَبَهُ مِنْهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ فَالْقَوْل قَوْل الصَّبَّاغِ إِنْ كَانَ اللَّوْنُ الَّذِي صَبَغَهُ بِهِ يُشْبِهُ مَا يُنَاسِبُ مَالِكَ الثَّوْبِ فِي اسْتِعْمَالِهِ.</p>وَكُل هَذَا مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ قَوِيَّةٌ تُؤَيِّدُ قَوْل الْمَالِكِ.</p>وَإِنْ كَانَ قَوْل الصَّبَّاغِ لَمْ يُشْبِهْ مَا يُنَاسَبُ مَالِكَ الثَّوْبِ فِي اسْتِعْمَالِهِ فَإِنَّ رَبَّ الثَّوْبِ يَحْلِفُ وَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ فِي أَخْذِهِ وَدَفْعِ أُجْرَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 4 / 216.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٠)</span><hr/></div>الْمِثْل أَوْ تَرْكِهِ وَأَخْذِ قِيمَتِهِ غَيْرَ مَصْبُوغٍ، فَإِنْ نَكَل رَبُّ الثَّوْبِ اشْتَرَكَا هَذَا بِقِيمَةِ ثَوْبِهِ غَيْرِ مَصْبُوغٍ وَهَذَا بِقِيمَةِ صِبْغِهِ (1) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: مَنْ دَفَعَ إِلَى صَبَّاغٍ ثَوْبًا لِيَصْبُغَهُ أَحْمَرَ فَصَبَغَهُ أَخْضَرَ، فَقَال: أَمَرْتُكَ أَنْ تَصْبُغَهُ أَحْمَرَ فَقَال الصَّبَّاغُ: بَل أَمَرْتَنِي أَنْ أَصْبُغَهُ أَخْضَرَ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ، قَال أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ: وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ عَلَى ثَلَاثِ طُرُقٍ: فَمِنْهُمْ مَنْ قَال فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْقَوْل قَوْل الصَّبَّاغِ، وَالثَّانِي: الْقَوْل قَوْل رَبِّ الثَّوْبِ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ.</p>وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَال: الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الأَْوَّلَيْنِ فَقَطْ. وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَال: الْمَسْأَلَةُ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ، قَال الشِّيرَازِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ، وَإِذَا تَحَالَفَا لَمْ تَجِبِ الأُْجْرَةُ (2) .</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِذَا اخْتَلَفَ صَاحِبُ الثَّوْبِ وَالصَّبَّاغِ فِي لَوْنِ الصَّبْغِ فَقَال الصَّبَّاغُ: أَذِنْتَ لِي فِي صَبْغِهِ أَسْوَدَ، وَقَال رَبُّ الثَّوْبِ بَل أَحْمَرَ، فَالْقَوْل قَوْل الصَّبَّاغِ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 4 / 55، والشرح الصغير مع حاشية الصاوي 2 / 289 ط الحلبي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المهذب 1 / 417.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كشاف القناع 4 / 38، وشرح منتهى الإرادات 2 / 380.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌لَيْلَةُ الْقَدْرِ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> لَيْلَةُ الْقَدْرِ تَتَرَكَّبُ مِنْ لَفْظَيْنِ:</p>أَوَّلُهُمَا: لَيْلَةٌ وَهِيَ فِي اللُّغَةِ: مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَيُقَابِلُهَا النَّهَارُ. وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ لَهُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (1) .</p>وَثَانِيهِمَا: الْقَدْرُ، وَمِنْ مَعَانِي الْقَدْرِ فِي اللُّغَةِ: الشَّرَفُ وَالْوَقَارُ، وَمَنْ مَعَانِيهِ: الْحُكْمُ وَالْقَضَاءُ وَالتَّضْيِيقُ.</p>وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمُرَادِ مِنَ الْقَدْرِ الَّذِي أُضِيفَتْ إِلَيْهِ اللَّيْلَةُ فَقِيل: الْمُرَادُ بِهِ التَّعْظِيمُ وَالتَّشْرِيفُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} (2)، وَالْمَعْنَى: أَنَّهَا لَيْلَةٌ ذَاتُ قَدْرٍ وَشَرَفٍ لِنُزُول الْقُرْآنِ فِيهَا، وَلِمَا يَقَعُ فِيهَا مِنْ تَنَزُّل الْمَلَائِكَةِ، أَوْ لِمَا يَنْزِل فِيهَا مِنَ الْبَرَكَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ، أَوْ أَنَّ الَّذِي يُحْيِيهَا يَصِيرُ ذَا قَدْرٍ وَشَرَفٍ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير، والمفردات.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الزمر / 67.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦١)</span><hr/></div>وَقِيل: مَعْنَى الْقَدْرِ هُنَا التَّضْيِيقُ كَمِثْل قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} (1) وَمَعْنَى التَّضْيِيقِ فِيهَا إِخْفَاؤُهَا عَنِ الْعِلْمِ بِتَعْيِينِهَا، أَوْ لأَِنَّ الأَْرْضَ تَضِيقُ فِيهَا عَنِ الْمَلَائِكَةِ، وَقِيل: الْقَدْرُ هُنَا بِمَعْنَى الْقَدَرِ - بِفَتْحِ الدَّال - وَهُوَ مُؤَاخِي الْقَضَاءِ: أَيْ بِمَعْنَى الْحُكْمِ وَالْفَصْل وَالْقَضَاءِ، قَال الْعُلَمَاءُ: سُمِّيَتْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ لِمَا تَكْتُبُ فِيهَا الْمَلَائِكَةُ مِنَ الأَْرْزَاقِ وَالآْجَال وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا سَيَقَعُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ بِأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ لَهُمْ بِذَلِكَ، وَذَلِكَ مَا يَدُل عَلَيْهِ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُل أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ} (2) ، حَيْثُ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ اللَّيْلَةَ الْمُبَارَكَةَ الْوَارِدَةَ فِي هَذِهِ الآْيَةِ هِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ، وَلَيْسَتْ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ (3) .</p>قَال ابْنُ قُدَامَةَ: لَيْلَةُ الْقَدْرِ هِيَ لَيْلَةٌ شَرِيفَةٌ مُبَارَكَةٌ مُعَظَّمَةٌ مُفَضَّلَةٌ ثُمَّ قَال: وَقِيل: إِنَّمَا سُمِّيَتْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لأَِنَّهُ يُقَدَّرُ فِيهَا مَا يَكُونُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ مِنْ خَيْرٍ وَمُصِيبَةٍ، وَرِزْقٍ وَبَرَكَةٍ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الطلاق / 7.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الدخان / 3 - 5.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المصباح المنير، والمفردات، وفتح الباري 4 / 255، ودليل الفالحين 3 / 649، والمجموع للنووي 6 / 447، والمغني لابن قدامة 3 / 178.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المغني 3 / 178.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ</span></p>‌<span class="title">‌فَضْل لَيْلَةِ الْقَدْرِ</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ أَفَضْل اللَّيَالِي، وَأَنَّ الْعَمَل الصَّالِحَ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْعَمَل الصَّالِحِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، قَال تَعَالَى:{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} (1) ، وَأَنَّهَا اللَّيْلَةُ الْمُبَارَكَةُ الَّتِي يُفْرَقُ فِيهَا كُل أَمْرٍ حَكِيمٍ، وَالَّتِي وَرَدَ ذِكْرُهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُل أَمْرٍ حَكِيمٍ} (2) .</p>وَوَرَدَ فِي فَضْلِهَا أَيْضًا بِالإِْضَافَةِ إِلَى مَا سَبَقَ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {تَنَزَّل الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُل أَمْرٍ} (3)، قَال الْقُرْطُبِيُّ: أَيْ تَهْبِطُ مِنْ كُل سَمَاءٍ وَمِنْ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى فَيَنْزِلُونَ إِلَى الأَْرْضِ وَيُؤَمِّنُونَ عَلَى دُعَاءِ النَّاسِ إِلَى وَقْتِ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَتَنْزِل الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ بِالرَّحْمَةِ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَبِكُل أَمْرٍ قَدَّرَهُ اللَّهُ وَقَضَاهُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ إِلَى قَابِلٍ</p>. وَفِي فَضْل لَيْلَةِ الْقَدْرِ أَيْضًا قَال اللَّهُ تَعَالَى:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة القدر / 3.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح الباري 4 / 255 وما بعدها، ودليل الفالحين 3 / 649، وحاشية ابن عابدين 2 / 137، ومواهب الجليل 2 / 463، والمجموع 6 / 446 وما بعدها المغني 3 / 187، وشرح صحيح مسلم للنووي 8 / 57 وما بعدها، والآيتان من سورة الدخان 3 - 4.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة القدر / 4.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٢)</span><hr/></div>{سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} (1) . أَيْ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ سَلَامَةٌ وَخَيْرٌ كُلُّهَا لَا شَرَّ فِيهَا إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ،</p>قَال الضَّحَّاكُ: لَا يُقَدِّرُ اللَّهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ إِلَاّ السِّلَامَةَ وَفِي سَائِرِ اللَّيَالِيِ يَقْضِي بِالْبَلَايَا وَالسَّلَامَةِ،</p>وَقَال مُجَاهِدٌ: هِيَ لَيْلَةٌ سَالِمَةٌ لَا يَسْتَطِيعُ الشَّيْطَانُ أَنْ يَعْمَل فِيهَا سُوءًا وَلَا أَذًى (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌إِحْيَاءُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُنْدَبُ إِحْيَاءُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ (3) لِفِعْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَدْ رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَاوَرَ فِي الْعَشْرِ الأَْوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ (4) ، وَلِمَا وَرَدَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا دَخَل الْعَشْرُ أَحْيَا اللَّيْل وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ (5)، وَالْقَصْدُ مِنْهُ إِحْيَاءُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة القدر / 5.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تفسير القرطبي 20 / 133 - 134.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مراقي الفلاح ص218، وفتح الباري 4 / 255 - 270، ودليل الفالحين 3 / 646، وما بعدها، وشرح صحيح مسلم 8 / 57 وما بعدها، والقليوبي 2 / 127، والمجموع 6 / 446 وما بعدها.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاور في العشر الأواخر. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 259) ومسلم (2 / 824) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر أحيا الليل. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 269) ومسلم (2 / 832) واللفظ لمسلم.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٢)</span><hr/></div>وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ (1) .</p>وَيَكُونُ إِحْيَاءُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ بِالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَْعْمَال الصَّالِحَةِ، وَأَنْ يُكْثِرَ مِنْ دُعَاءِ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا أَقُول فِيهَا؟ قَال: قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي (2)، قَال ابْنُ عَلَاّنَ: بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ: فِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ أَهَمَّ الْمَطَالِبِ انْفِكَاكُ الإِْنْسَانِ مِنْ تَبَعَاتِ الذُّنُوبِ وَطَهَارَتُهُ مِنْ دَنَسِ الْعُيُوبِ، فَإِنَّ بِالطَّهَارَةِ مِنْ ذَلِكَ يَتَأَهَّل لِلاِنْتِظَامِ فِي سَلْكِ حِزْبِ اللَّهِ وَحِزْبُ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌اخْتِصَاصُ الأُْمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ خَاصَّةٌ بِالأُْمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ وَلَمْ تَكُنْ فِي الأُْمَمِ السَّابِقَةِ (4)، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكِ بْنِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" من قام ليلة القدر. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 255) من حديث أبي هريرة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث عائشة: " قلت يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر. . . ". أخرجه الترمذي (5 / 534) وقال: حديث حسن صحيح.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مغني المحتاج 1 / 450، دليل الفالحين 3 / 654، ابن عابدين 2 / 137، فتح الباري 4 / 255 وما بعدها.</p><font color=#ff0000>(4)</font> فتح الباري 4 / 263، والمجموع 6 / 447 - 448، والفواكه الدواني 1 / 378.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٣)</span><hr/></div>أَنَسٍ: أَنَّهُ سَمِعَ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ يَقُول: إِنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُرِيَ أَعْمَارَ النَّاسِ قَبْلَهُ، أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ، فَكَأَنَّهُ تَقَاصَرَ أَعْمَارَ أُمَّتِهِ أَنْ لَا يَبْلُغُوا مِنَ الْعَمَل مِثْل الَّذِي بَلَغَ غَيْرُهُمْ فِي طُول الْعُمُرِ، فَأَعْطَاهُ اللَّهُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، (1) وَبِمَا رُوِيَ: أَنَّ رَجُلاً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل لَبِسَ السِّلَاحَ فِي سَبِيل اللَّهِ تَعَالَى أَلْفَ شَهْرٍ فَعَجِبَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ ذَلِكَ فَأَنْزَل اللَّهُ عز وجل: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} (2) .</p>وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ كَانَتْ فِي الأُْمَمِ السَّابِقَةِ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه وَفِيهِ: قُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ أَفِي كُل رَمَضَانَ هِيَ؟ قَال: نَعَمْ. قُلْتُ: أَفَتَكُونُ مَعَ الأَْنْبِيَاءِ فَإِذَا رَفَعُوا رُفِعَتْ أَوْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؟ قَال: بَل هِيَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌بَقَاءُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي بَقَاءِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أري أعمار الناس قبله. . . ". أورده الإمام مالك في الموطأ (1 / 321) بلاغًا.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " أن رجلاً من بني إسرائيل لبس السلاح في سبيل الله. . . ". أخرجه البيهقي (4 / 306) وأعله بالإرسال.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث أبي ذر: " يا رسول الله: أخبرني عن ليلة القدر. . . ". أخرجه النسائي في الكبرى (2 / 278) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٣)</span><hr/></div>فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ بَاقِيَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَلِلأَْحَادِيثِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي تَحُثُّ الْمُسْلِمَ عَلَى طَلَبِهَا وَالاِجْتِهَادِ فِي إِدْرَاكِهَا، وَمِنْهَا قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ (1)، وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الأَْوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ (2) .</p>وَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ رُفِعَتْ أَصْلاً وَرَأْسًا،</p>قَال ابْنُ حَجَرٍ: حَكَاهُ الْمُتَوَلِّي فِي التَّتِمَّةِ عَنِ الرَّوَافِضِ وَالْفَاكَهَانِيُّ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ وَكَأَنَّهُ خَطَأٌ، وَالَّذِي حَكَاهُ السُّرُوجِيُّ أَنَّهُ قَوْل الشِّيعَةِ. وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُحَنَّسَ قُلْتُ لأَِبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: زَعَمُوا أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ رُفِعَتْ، قَال: كَذَبَ مَنْ قَال ذَلِكَ</p>، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِيكٍ قَال: ذَكَرَ الْحَجَّاجُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَكَأَنَّهُ أَنْكَرَهَا فَأَرَادَ زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ أَنْ يَحْصِبَهُ فَمَنَعَهُ قَوْمُهُ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا. . . ". تقدم فقرة (3) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " تحروا ليلة القدر في الوتر. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 259) من حديث عائشة.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مصنف عبد الرزاق 4 / 253، 255، وفتح الباري 4 / 263، والمجموع 6 / 448، وتفسير القرطبي 20 / 135.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌مَحَل لَيْلَةِ الْقَدْرِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَحَل لَيْلَةِ الْقَدْرِ</p>فَذَهَبَ جُمْهُورُهُمْ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ مَحَل لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي رَمَضَانَ دَائِرَةٌ مَعَهُ، لأَِنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى أَخْبَرَ أَنَّهُ أَنْزَل الْقُرْآنَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ بِقَوْلِهِ:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} (1) .</p>وَأَخْبَرْنَا كَذَلِكَ أَنَّهُ أَنْزَل الْقُرْآنَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِل فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} (2) ، الآْيَةَ، مِمَّا يَدُل عَلَى أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مُنْحَصِرَةٌ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ دُونَ سَائِرِ لَيَالِي السَّنَةِ الأُْخْرَى (3) .</p>كَمَا اسْتَدَلُّوا بِالأَْحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَالَّتِي سَبَقَ نَقْلُهَا وَهِيَ تَدُل عَلَى أَنَّ مَحَل لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ.</p>وَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَمِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه وَأَبُو حَنِيفَةَ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ إِلَى أَنَّ مَحَل لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ تَدُورُ فِيهَا، قَدْ تَكُونُ فِي رَمَضَانَ وَقَدْ تَكُونُ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ فَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة القدر / 1 - 2.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 185.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح الباري 4 / 251 - 263،267، 268، ودليل الفالحين 3 / 649، والمجموع 6 / 448، 458، والمغني 3 / 179، وتفسير القرطبي 20 / 135، والفواكه الدواني 1 / 378، وحاشية ابن عابدين 2 / 137.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٤)</span><hr/></div>أَنَّهُ كَانَ يَقُول: " مِنْ يَقُمِ الْحَوْل يُصِبْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ " مُشِيرًا إِلَى أَنَّهَا فِي السَّنَةِ كُلِّهَا، وَلَمَّا بَلَغَ قَوْلُهُ هَذَا إِلَى ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَال: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَمَا إِنَّهُ عَلِمَ أَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الأَْوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَلَاّ يَتَّكِل النَّاسُ (1) .</p><font color=#ff0000>7 -</font> وَاخْتَلَفَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي مَحَلِّهَا مِنَ الشَّهْرِ وَذَلِكَ بَعْدَمَا قَالُوا: يُسْتَحَبُّ طَلَبُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي جَمِيعِ لَيَالِي رَمَضَانَ وَفِي الْعَشْرِ الأَْوَاخِرِ آكَدُ، وَلَيَالِي الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الأَْوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ آكَدُ، لِلأَْحَادِيثِ السَّابِقَةِ.</p>وَفِيمَا يَلِي أَقْوَال الْعُلَمَاءِ فِي مَحَلِّهَا:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل: </span>الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ لَدَى جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَهُمُ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَالأَْوْزَاعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ: أَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الأَْوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ لِكَثْرَةِ الأَْحَادِيثِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي الْتِمَاسِهَا فِي الْعَشْرِ الأَْوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَتُؤَكِّدُ أَنَّهَا فِي الأَْوْتَارِ وَمُنْحَصِرَةٌ فِيهَا.</p>وَالأَْشْهَرُ وَالأَْظْهَرُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهَا لَيْلَةُ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ.</p>وَبِهَذَا يَقُول الْحَنَابِلَةُ، فَقَدْ صَرَّحَ الْبُهُوتِيُّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تفسير القرطبي 20 / 135، وحاشية ابن عابدين 2 / 137، والمجموع 6 / 459، 466، وفتح الباري 4 / 263، والمغني 3 / 179، ودليل الفالحين 3 / 649.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٥)</span><hr/></div>بِأَنَّ أَرْجَاهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ نَصًّا (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي: </span>قَال ابْنُ عَابِدِينَ: لَيْلَةُ الْقَدْرِ دَائِرَةٌ مَعَ رَمَضَانَ، بِمَعْنَى أَنَّهَا تُوجَدُ كُلَّمَا وُجِدَ، فَهِيَ مُخْتَصَّةٌ بِهِ عِنْدَ الإِْمَامِ وَصَاحِبَيْهِ، لَكِنَّهَا عِنْدَهُمَا فِي لَيْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْهُ، وَعِنْدَهُ لَا تَتَعَيَّنُ (2) .</p>وَقَال الطَّحْطَاوِيُّ: ذَهَبَ الأَْكْثَرُ إِلَى أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، وَهُوَ قَوْل ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، وَنَسَبَهُ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ إِلَى الصَّاحِبَيْنِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّالِثُ: </span>قَال النَّوَوِيُّ: مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِنَا أَنَّهَا مُنْحَصِرَةٌ فِي الْعَشْرِ الأَْوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ مُبْهَمَةٌ عَلَيْنَا، وَلَكِنَّهَا فِي لَيْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ فِي نَفْسِ الأَْمْرِ لَا تَنْتَقِل عَنْهَا وَلَا تَزَال مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَكُل لَيَالِي الْعَشْرِ الأَْوَاخِرِ مُحْتَمِلَةٌ لَهَا، لَكِنْ لَيَالِي الْوِتْرِ أَرْجَاهَا، وَأَرْجَى الْوِتْرِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَيْلَةُ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ، وَقَال الشَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ إِلَى ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ، وَقَال<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح الباري 4 / 265، 266، وحاشية ابن عابدين 2 / 137، وتفسير القرطبي 2 / 135، والمجموع 6 / 449، 450، 452، 459، وكشاف القناع 2 / 344 - 345، والمغني 3 / 182، والفواكه الدواني 1 / 378، والقوانين الفقهية ص85.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 2 / 137.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص218.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٥)</span><hr/></div>الْبَنْدَنِيجِيُّ: مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ أَرَجَاهَا لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَقَال فِي الْقَدِيمِ: لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ فَهُمَا أَرْجَى لَيَالِيهَا عِنْدَهُ، وَبَعْدَهُمَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ. هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهَا مُنْحَصِرَةٌ فِي الْعَشْرِ الأَْوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ (1) .</p>وَقَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ:. وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ وَأُبَيٌّ رضي الله عنهم: هِيَ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَهُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ أَهْل الْعِلْمِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الرَّابِعُ: </span>أَنَّهَا أَوَّل لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، وَهُوَ قَوْل أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ الصَّحَابِيِّ لِقَوْل أَنِسٍ رضي الله عنه: لَيْلَةُ الْقَدْرِ أَوَّل لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، نَقَلَهَا عَنْهُمَا ابْنُ حَجَرٍ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الْخَامِسُ: </span>أَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ، رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رضي الله عنه قَال: مَا أَشُكُّ وَلَا أَمْتَرِي أَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ لَيْلَةَ أُنْزِل الْقُرْآنُ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه بِحُجَّةِ أَنَّهَا هِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي كَانَتْ فِي صَبِيحَتِهَا وَقْعَةُ بَدْرٍ وَنَزَل فِيهَا الْقُرْآنُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} <hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع 6 / 449، 450.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 1 / 450.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح الباري 4 / 263 وما بعدها، وتفسير القرطبي 20 / 134، والمجموع 6 / 458، والمغني 3 / 180.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٦)</span><hr/></div><font color=#ff0000>(1)</font> ، وَهُوَ مَا يَتَوَافَقُ تَمَامًا مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل السَّادِسُ: </span>أَنَّهَا مُبْهَمَةٌ فِي الْعَشْرِ الأَْوْسَطِ، حَكَاهُ النَّوَوِيُّ وَقَال بِهِ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ قَوْلٌ لِلْمَالِكِيَّةِ وَعَزَاهُ الطَّبَرِيُّ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ رضي الله عنه وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل السَّابِعُ: </span>أَنَّهَا لَيْلَةُ تِسْعَ عَشْرَةَ، قَال ابْنُ حَجَرٍ: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَعَزَاهُ الطَّبَرِيُّ لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهما وَوَصَلَهُ الطَّحَاوِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه.</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّامِنُ: </span>أَنَّهَا مُتَنَقِّلَةٌ فِي لَيَالِي الْعَشْرِ الأَْوَاخِرِ تَنْتَقِل فِي بَعْضِ السِّنِينَ إِلَى لَيْلَةٍ وَفِي بَعْضِهَا إِلَى غَيْرِهَا، وَذَلِكَ جَمْعًا بَيْنَ الأَْحَادِيثِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي تَحْدِيدِهَا فِي لَيَالٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ عَامَّةً وَمَنِ الْعَشْرِ الأَْوَاخِرِ خَاصَّةً، لأَِنَّهُ لَا طَرِيقَ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَ تِلْكَ الأَْحَادِيثِ إِلَاّ بِالْقَوْل بِأَنَّهَا مُتَنَقِّلَةٌ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُجِيبُ عَلَى نَحْوِ مَا يُسْأَل، فَعَلَى هَذَا كَانَتْ فِي السَّنَةِ الَّتِي رَأَى أَبُو سَعِيدٍ رضي الله عنه النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْجُدُ فِي الْمَاءِ وَالطِّينِ لَيْلَةَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الأنفال / 41.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة القدر / 1.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٦)</span><hr/></div>إِحْدَى وَعِشْرِينَ (1) ، وَفِي السَّنَةِ الَّتِي أَمَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ بِأَنْ يَنْزِل مِنَ الْبَادِيَةِ لِيُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ (2) ، وَفِي السَّنَةِ الَّتِي رَأَى أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رضي الله عنه عَلَامَتَهَا لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ (3) ، وَقَدْ تُرَى عَلَامَتُهَا فِي غَيْرِ هَذِهِ اللَّيَالِي، وَهَذَا قَوْل مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَالثَّوْرِيِّ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَبِي قُلَابَةَ وَالْمُزَنِيِّ وَصَاحِبِهِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَابْنِ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيِّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَال النَّوَوِيُّ: وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ الْمُخْتَارُ، لِتَعَارُضِ الأَْحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ وَلَا طَرِيقَ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الأَْحَادِيثِ إِلَاّ بِانْتِقَالِهَا،</p>وَقِيل: إِنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مُتَنَقِّلَةٌ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ كُلِّهِ (4) .</p>قَال بَعْضُ أَهْل الْعِلْمِ: أَبْهَمَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ اللَّيْلَةَ عَلَى الأُْمَّةِ لِيَجْتَهِدُوا فِي طَلَبِهَا،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" أن أبا سعيد الخدري رأى النبي صلى الله عليه وسلم يسجد في الماء والطين. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 259) ومسلم (2 / 825) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث عبد الله بن أنيس " أن أمره أن ينزل من البادية. . . ". أخرجه مسلم (2 / 827) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث " أبي بن كعب في رؤيته علامتها ليلة سبع وعشرين. . . ". أخرجه مسلم (2 / 828) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> فتح الباري 4 / 265، 266، وحاشية ابن عابدين 2 / 137، وتفسير القرطبي 2 / 135، والمجموع 6 / 449، 450، 452، 459، وكشاف القناع 2 / 344 - 345، والمغني 3 / 182، والفواكه الدواني 1 / 378، والقوانين الفقهية ص85.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٧)</span><hr/></div>وَيَجِدُّوا فِي الْعِبَادَةِ طَمَعًا فِي إِدْرَاكِهَا كَمَا أَخْفَى سَاعَةَ الإِْجَابَةِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِيُكْثِرُوا مِنَ الدُّعَاءِ فِي الْيَوْمِ كُلِّهِ، وَأَخْفَى اسْمَهُ الأَْعْظَمَ فِي الأَْسْمَاءِ، وَرِضَاهُ فِي الطَّاعَاتِ لِيَجْتَهِدُوا فِي جَمِيعِهَا، وَأَخْفَى الأَْجَل وَقِيَامَ السَّاعَةِ لِيَجِدَّ النَّاسُ فِي الْعَمَل حَذَرًا مِنْهُمَا (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يُشْتَرَطُ لِنَيْل فَضْل لَيْلَةِ الْقَدْرِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> نَصَّ فُقَهَاءُ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ عَلَى مَسْأَلَةِ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ لِنَيْل فَضْلِهَا أَوْ عَدِمِ اشْتِرَاطِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ.</p>فَذَهَبَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَنَال فَضْل لَيْلَةِ الْقَدْرِ إِلَاّ مَنْ أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا، فَلَوْ قَامَ إِنْسَانٌ وَلَمْ يَشْعُرْ بِهَا لَمْ يَنَل فَضْلَهَا.</p>وَقَال آخَرُونَ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَذْهَبَيْنِ: إِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِنَيْل فَضْل لَيْلَةِ الْقَدْرِ الْعِلْمُ بِهَا، وَيُسْتَحَبُّ التَّعَبُّدُ فِي كُل لَيَالِي الْعَشْرِ الأَْوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى يَحُوزَ الْفَضِيلَةَ عَلَى الْيَقِينِ.</p>وَرَجَّحَ فُقَهَاءُ الْمَذْهَبَيْنِ الرَّأْيَ الثَّانِي وَقَالُوا: وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ حَال مَنِ اطَّلَعَ عَلَى لَيْلَةِ الْقَدْرِ أَكْمَل وَأَتَمُّ فِي الْفَضْل إِذَا قَامَ بِوَظَائِفِهَا (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌عَلَامَاتُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> قَال الْعُلَمَاءُ:</p>لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ عَلَامَاتٌ يَرَاهَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 3 / 182.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفواكه الدواني 1 / 378، ومغني المحتاج 1 / 450.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٧)</span><hr/></div>مَنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ فِي كُل سَنَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، لأَِنَّ الأَْحَادِيثَ وَأَخْبَارَ الصَّالِحِينَ وَرِوَايَاتِهِمْ تَظَاهَرَتْ عَلَيْهَا فَمِنْهَا مَا وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه مَرْفُوعًا: إِنَّهَا صَافِيَةٌ بَلْجَةٌ كَأَنَّ فِيهَا قَمَرًا سَاطِعًا سَاكِنَةٌ سَاجِيَةٌ لَا بَرْدَ فِيهَا وَلَا حَرَّ وَلَا يَحِل لِكَوْكَبٍ أَنْ يُرْمَى بِهِ فِيهَا حَتَّى تُصْبِحَ وَأَنَّ مِنْ أَمَارَتِهَا أَنَّ الشَّمْسَ صَبِيحَتَهَا تَخْرُجُ مُسْتَوِيَةً لَيْسَ لَهَا شُعَاعٌ مِثْل الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ وَلَا يَحِل لِلشَّيْطَانِ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا يَوْمَئِذٍ (1) .</p>وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ يَوْمَئِذٍ لَا شُعَاعَ لَهَا (2) .</p>وَمِنْهَا مَا وَرَدَ مِنْ قَوْل ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه (أَنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ كُل يَوْمٍ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ إِلَاّ صَبِيحَةَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ)(3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) عمدة القاري 11 / 134. وكشاف القناع 2 / 346. وحديث عبادة " أنها صافية بلجة. . . ". أخرجه أحمد (5 / 324) وأورده الهيثمي في المجمع (3 / 175) وقال: رجاله ثقات.</p><font color=#ff0000>(2)</font> عمدة القاري 11 / 134، والقرطبي 20 / 137، والمغني 3 / 182، وحديث أبي:" إن الشمس تطلع يومئذ لا شعاع لها ". أخرجه مسلم (2 / 828) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> عمدة القاري 11 / 134، والفواكه الدواني 1 / 378، والمجموع 6 / 473، 474. وقول ابن مسعود:" أن الشمس تطلع كل يوم بين قرني شيطان. . . ". أخرجه ابن أبي شيبة (3 / 75 - 76) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌كِتْمَانُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ رَأَى لَيْلَةَ الْقَدْرِ أَنْ يَكْتُمَهَا (1) .</p>وَالْحِكْمَةُ فِي كِتْمَانِهَا كَمَا ذَكَرَهَا ابْنُ حَجَرٍ نَقْلاً عَنِ الْحَاوِي أَنَّهَا كَرَامَةٌ وَالْكَرَامَةُ يَنْبَغِي كِتْمَانُهَا بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَهْل الطَّرِيقِ مِنْ جِهَةِ رُؤْيَةِ النَّفْسِ، فَلَا يَأْمَنُ السَّلْبَ، وَمَنْ جِهَةٍ أَنْ لَا يَأْمَنَ الرِّيَاءَ، وَمَنْ جِهَةِ الأَْدَبِ فَلَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح الباري 4 / 268، والمجموع 6 / 461، وابن عابدين 2 / 137.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٨)</span><hr/></div>يَتَشَاغَل عَنِ الشُّكْرِ لِلَّهِ بِالنَّظَرِ إِلَيْهَا وَذِكْرِهَا لِلنَّاسِ، وَمَنْ جِهَةٍ أَنَّهُ لَا يَأْمَنُ الْحَسَدَ فَيُوقِعُ غَيْرَهُ فِي الْمَحْذُورِ.</p>قَال ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ (1) :</p>وَيُسْتَأْنَسُ لَهُ بِقَوْل يَعْقُوبَ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لاِبْنِهِ يُوسُفَ عليه السلام {يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِْنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ} (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح الباري 4 / 268.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة يوسف / 5.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أ</span></p>‌<span class="title">‌آدم بن أبي إياس (132 - 220ه</span>ـ)</p>هو آدم بن أبي إياس، واسم أبي إياس عبد الرحمن بن محمد بن شعيب، أبو الحسن، العسقلاني الخراساني المروذي، الإمام الحافظ القدوة شيخ الشام، كان مشهورًا بالسنة، شديد التمسك بها. حدث عن أبي ذئب ومبارك بن فضالة وشعبة بن الحجاج وغيرهم. وعنه البخاري في صحيحه وأحمد بن الأزهر وأبو زرعة الدمشقي وأبو حاتم الرازي وغيرهم، قال أبو حاتم: ثقة مأمون، وقال أحمد بن حنبل: كان مكينًا عند شعبة كان من الستة الذين يضبطون عنده الحديث. طلب الحديث ببغداد، وكتب عنه شيوخها ثم رحل الكوفة والبصرة والحجاز ومصر والشام ولقي الشيوخ وسمع منهم واستوطن عسقلان إلى أن مات بها.</p>[تاريخ بغداد 7 / 27، وتهذيب الكمال 2 / 301، وسير أعلام النبلاء 10 / 335] .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧١)</span><hr/></div>الآمدي: هو علي بن أبي علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 325.</p> </p>إبراهيم الباجوري: هو إبراهيم بن محمد الباجوري:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 344.</p> </p>‌<span class="title">‌إبراهيم السكسكي </span>(؟ -؟)</p>هو إبراهيم بن عبد الرحمن بن إسماعيل، أبو إسماعيل، السكسكي الكوفي، قال أبو الحسن الدارقطني: هو تابعي صالح، وقال ابن خلفون: وهو عندي في الطبقة الثالثة من المحدثين. روى عنه حجاج بن أرطأة والعوام بن حوشب وغيرهم. قال النسائي: ليس بذاك القوي يكتب حديثه. وقال أحمد بن حنبل: ضعيف. روى له البخاري وأبو داود والنسائي.</p>[التاريخ الكبير 1 / 295، وتهذيب الكمال 2 / 132، وميزان الاعتدال 1 / 45] .</p> </p>إبراهيم النخعي: هو إبراهيم بن يزيد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 325.</p> </p>ابن أبي أوفى: هو عبد الله بن أبي أوفى:</p>تقدمت ترجمته في ج 15 ص 313.</p> </p>‌<span class="title">‌ابن أبي ذئب (80 - 158ه</span>ـ)</p>هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٢)</span><hr/></div>الحارث بن أبي ذئب، أبو الحارث القرشي، العامري، المدني. فقيه، تابعي من رواة الحديث من أهل المدينة كان يفتى بها، يشبه بسعيد بن المسيب، من أورع الناس وأفضلهم في عصره، وسئل الإمام أحمد عنه وعن مالك، فقال: ابن أبي ذئب أصلح في بدنه وأورع وأقوم بالحق من مالك عند السلاطين.</p>سمع عكرمة وشُرحْبِيل بن سعد، وسعيدًا المقري، ومسلم بن جندب وغيرهم، حدّث عنه: ابن المبارك يحيى بن سعيد القطان وأبو علي الحنفي وحجاج بن محمد وغيرهم. قال ابن سعد، وكان ابن أبي ذئب يفتي بالمدينة وكان عالمًا ثقة فقيهًا ورعًا عابدًا فاضلاً. وقال ابن حبان في الثقات: كان من فقهاء أهل المدينة وعبادهم.</p>[تهذيب التهذيب 9 / 305 - 307، وسير أعلام النبلاء 7 / 139 - 149، وشذرات الذهب 1 / 245] .</p> </p>‌<span class="title">‌ابن أبي سلمة </span>(؟ -؟) .</p>هو عبد العزيز بن أبي سلمة بن عبيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، أبو عبد الرحمن، المدني، نزيل بغداد، روى عن إبراهيم بن سعد الزهري ومحمد بن عون بن موسى وغيرهما، روى عنه إبراهيم بن الحارث الأنصاري وأبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٢)</span><hr/></div>الموصلي وأبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي وغيرهم. ذكره ابن حبان في الثقات، وقال الدارقطني: ليس به بأس، وقال أبو بكر الخطيب: رواياته مستقيمة روى له النسائي حديثًا واحدًا في الزينة.</p>[تهذيب التهذيب 6 / 339 - 340، وتهذيب الكمال 18 / 141] .</p> </p>ابن أبي شيبة: هو عبد الله بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 397.</p> </p>ابن أبي ليلى: هو محمد بن عبد الرحمن:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 325.</p> </p>ابن الأثير: هو المبارك بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 398.</p> </p>ابن أمير الحاج: هو محمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 27 ص 364.</p> </p>ابن الأنباري: هو محمد بن القاسم:</p>تقدمت ترجمته في ج 26 ص 376.</p> </p>ابن بطال: هو علي بن خلف:</p>تقدمت ترجمته ج 1 ص 326.</p> </p>ابن البناء: هو الحسن بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 21 ص 297.</p> </p>ابن تيمية (تقي الدين) : هو أحمد بن عبد الحليم:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 326.</p> </p>ابن جرير الطبري: هو محمد بن جرير:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 421.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٣)</span><hr/></div>ابن جزي: هو محمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 327.</p> </p>ابن الجوزي: هو عبد الرحمن بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 398.</p>ابن الحاجب: هو عثمان بن عمر:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 327.</p>ابن حامد: هو الحسن بن حامد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 398.</p>ابن حبان: هو محمد بن حبان:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 399.</p>ابن حبيب: هو عبد الملك بن حبيب:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 327.</p>ابن حجر العسقلاني: هو أحمد بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 399.</p>ابن حجر المكي: هو أحمد بن حجر الهيتمي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 327.</p>ابن حزم: هو علي بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 327.</p>ابن حمدان: هو أحمد بن حمدان:</p>تقدمت ترجمته في ج 12 ص 325.</p>ابن حنبل: هو أحمد بن محمد بن حنبل:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 339.</p>ابن خويز منداد: هو محمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 8 ص 277.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٣)</span><hr/></div>ابن دقيق العيد: هو محمد بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 4 ص 319.</p>ابن رجب: هو عبد الرحمن بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 328.</p>ابن رشد: هو محمد بن أحمد (الجد) :</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 328.</p>ابن رشد: هو محمد بن أحمد (الحفيد) :</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 328.</p>ابن زيد: لعله جابر بن زيد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 408.</p>ابن سحنون: هو محمد بن عبد السلام:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 341.</p>ابن سيرين: هو محمد بن سيرين:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 329.</p>ابن شاس: هو عبد الله بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 329.</p>ابن شبرمة: هو عبد الله بن شبرمة:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 400.</p>ابن الصلاح: هو عثمان بن عبد الرحمن:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 330.</p>ابن عابدين: هو محمد أمين بن عمر:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 330.</p>ابن عباس: هو عبد الله بن عباس:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 330.</p>ابن عبد البر: هو يوسف بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 400.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٤)</span><hr/></div>ابن عبد الحكم: هو عبد الله بن الحكم:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 330.</p>ابن عبد الحكم: هو محمد بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 342.</p> </p>ابن عبد السلام: هو محمد بن عبد السلام:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 331.</p>ابن العربي: هو محمد بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 331.</p>ابن عرفة: هو محمد بن محمد بن عرفة:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 331.</p>ابن عقيل: هو علي بن عقيل:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 401.</p>ابن عمر: هو عبد الله بن عمر:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 331.</p>ابن عمرو: هو عبد الله بن عمرو:</p>تقدمت ترجمته في ج 19 ص 359.</p>ابن عيينة: هو سفيان بن عيينة:</p>تقدمت ترجمته في ج 7 ص 330.</p>ابن القاسم: هو عبد الرحمن بن القاسم المالكي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 332.</p>ابن القاسم: هو محمد بن قاسم:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 332.</p>ابن قدامة: هو عبد الله بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 333.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٤)</span><hr/></div>ابن قيم الجوزية: هو محمد بن أبي بكر:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 333.</p>ابن كثير: هو إسماعيل بن عمر:</p>تقدمت ترجمته في ج 7 ص 330.</p>ابن كثير: هو محمد بن إسماعيل:</p>تقدمت ترجمته في ج 4 ص 320.</p>ابن الماجشون: هو عبد الملك بن عبد العزيز:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 333.</p>ابن ماجه: هو محمد بن يزيد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 334.</p>ابن المبارك: هو عبد الله بن المبارك:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 402.</p>ابن مسعود: هو عبد الله بن مسعود:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 360.</p>ابن المسيب: هو سعيد بن المسيب:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 354.</p>ابن مفلح: هو محمد بن مفلح:</p>تقدمت ترجمته في ج 4 ص 321.</p> </p>ابن المنذر: هو محمد بن إبراهيم:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 334.</p>ابن منصور: هو محمد بن منصور:</p>تقدمت ترجمته في ج 7 ص 331.</p>ابن المنكدر: هو محمد بن المنكدر:</p>تقدمت ترجمته في ج 32 ص 357.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ابن مهدي (135 - 198ه</span>ـ) :</p>هو عبد الرحمن بن مهدي بن حسان، أبو سعيد، البصري، العنبري، اللؤلؤي، محدث، حافظ من كبار حفاظ الحديث وأسماء الرجال، سمع السفيانين والحمادين وشريكًا، ولزم مالكًا وأخذ عنه وانتفع به. روى عنه ابن وهب وابن حنبل وابن المديني وابنا أبي شيبة وأبو ثور، وكان الشافعي يرجع إليه في الحديث. وقال: لا أعرف له نظيرًا في الدنيا. خرج عنه البخاري ومسلم له تصانيف في الحديث.</p>[شجرة النور الزكية ص 58، ومعجم المؤلفين 5 / 196، والأعلام 4 / 115، وتهذيب التهذيب 6 / 279] .</p> </p>ابن نجيم: هو زين الدين بن إبراهيم:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 334.</p>ابن نجيم: هو عمر بن إبراهيم:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 334.</p>ابن الهمام: هو محمد بن عبد الواحد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 335.</p>ابن وهب: هو عبد الله بن وهب المالكي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 335.</p> </p>ابن الوكيل: هو محمد بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 25 ص 382.</p> </p>ابن وهب: هو عبد الله بن وهب:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 335.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٥)</span><hr/></div>ابن يونس: هو أحمد بن يونس:</p>تقدمت ترجمته في ج 10 ص 315.</p> </p>أبو إسحاق الإسفراييني: هو إبراهيم بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 335.</p>أبو إسحاق الشيرازي: هو إبراهيم بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 414.</p> </p>أبو إسحاق المرزوي: هو إبراهيم بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 421.</p> </p>أبو بكر بن أبي شيبة: هو عبد الله بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 397.</p>أبو بكر الرازي (الجصاص) : هو أحمد بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 345.</p> </p>أبو بكر الصديق:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 336.</p>أبو بكر بن العربي: هو محمد بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 331.</p>أبو ثور: هو إبراهيم بن خالد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 336.</p> </p>‌<span class="title">‌أبو جحفة السوائي (؟ - 64ه</span>ـ) :</p>هو وهب بن عبد الله بن مسلم بن جنادة، أبو جحيفة السوائي، يقال له: وهب الخير، وكان من صغار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وولي بيت المال والشرطة لعلي رضي الله عنه.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٦)</span><hr/></div>روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن البراء بن عازب وعلي بن أبي طالب. روى عنه: إسماعيل بن أبي خالد والحكم بن عتيبة وزياد بن زيد الأعصم وعامر الشعبي وأبو إسحاق السبعي وغيرهم. وذكر الواقدي أن أبا جحيفة توفي في ولاية بشر بن مروان، وهو آخر من مات بالكوفة من الصحابة.</p>[تهذيب الكمال 31 / 132، وطبقات ابن سعد 6 / 63، وتهذيب التهذيب 11 / 164، والأعلام 9 / 149] .</p> </p>‌<span class="title">‌أبو جميلة </span>(؟ -؟) :</p>هو ميسرة بن يعقوب، أبو جميلة، الطُهوِىُّ الكوفي، وكان صاحب راية علي بن أبي طالب رضي الله عنه، روى عن علي بن أبي طالب والحسن بن علي بن أبي طالب، وعثمان بن عفان، روى عنه: حصين بن عبد الرحمن السلمي وعطاء بن السائب وأبو خباب الكلبي وغيرهم. وذكره ابن حبان في كتاب الثقات. روى له أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.</p>[طبقات ابن سعد 6 / 224، وتهذيب التهذيب 10 / 387، وتهذيب الكمال 29 / 194] .</p> </p>أبو حامد الإسفراييني: هو أحمد بن محمد: تقدمت ترجمته في ج 1 ص 340.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٦)</span><hr/></div>أبو حامد الغزالي: هو محمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 363.</p>أبو حنيفة: هو النعمان بن ثابت:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 336.</p> </p>أبو الخطاب: هو محفوظ بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 337.</p>أبو خلف الطبري: هو محمد بن عبد الملك بن خلف:</p>تقدمت ترجمته في ج 4 ص 322.</p> </p>أبو داود: هو سليمان بن الأشعث:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 337.</p>أبو سعيد الخدري: هو سعد بن مالك.</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 337.</p>أبو سليمان: هو موسى بن سليمان:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 347.</p>أبو عبيد: هو القاسم بن سلام:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 337.</p>‌<span class="title">‌أبو علي بن خَيْران (؟ - 320ه</span>ـ)</p>هو الحسين بن صالح خيران الفقيه الشافعي: أحد أركان المذهب، كان إمامًا زاهدًا ورعًا. من كبار الأئمة ببغداد. قال الشيخ أبو إسحاق: عرض عليه القضاء فلم يتقلد، وقال القاضي أبو الطيب: ابن خيران كان يعيب على ابن سريج في ولايته القضاء، وكان بعض وزراء المقتدر وكل بداره وخوطب الوزراء في ذلك فقال: إنما قصدنا ليقال: في زماننا من وكل بداره ليتقلد القضاء فلم</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٧)</span><hr/></div>يفعل. قال الذهبي: لم يبلغنا على من اشتغل ولا عن من أخذ العلم قال: وأظنه مات كهلاً ولم يسمع شيئًا فيما أعلم قال السبكي: لعله جالس في العلم ابن سريج وأدرك مشايخه.</p>[تاريخ بغداد 8 / 53، وتهذيب الأسماء واللغات 2 / 261، وطبقات العبادي ص 67، والبداية والنهاية 11 / 171، وطبقات السبكي 3 / 271] .</p> </p>أبو قتادة: هو الحارث بن ربعي:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 404.</p>أبو مالك الأشعري: هو الحارث بن الحارث:</p>تقدمت ترجمته في ج 10 ص 316.</p>‌<span class="title">‌أبو مجلز (؟ - 100، وقيل 109ه</span>ـ) :</p>هو لاحق بن حميد بن سعيد، ويقال: شعبة بن خالد بن كثير السدوسي، البصري الأعور روى عن أنس بن مالك وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وسمرة بن جندب وعمران بن حصين وغيرهم، روى عنه: إبراهيم بن العلاء وأنس بن سيرين وأيوب بن اليمان السختياني وغيرهم. قال العجلي: بصري تابعي ثقة، وقال ابن سعد وأبو زرعة وابن خراش: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات وقال علي بن المديني: لم يلق سمرة ولا عمران. وقال ابن حبان عن ابن معين: مضطرب</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٧)</span><hr/></div>الحديث قال محمد بن سعد: توفي في خلافة عمر بن عبد العزيز.</p>[تهذيب التهذيب 11 / 171، وتهذيب الكمال 31 / 176، طبقات ابن سعد 7 / 216] .</p> </p>أبو موسى الأشعري: هو عبد الله بن قيس:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 338.</p> </p>أبو هريرة: هو عبد الرحمن بن صخر:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 339.</p> </p>أبو هلال العسكري: هو الحسن بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 6 ص 344.</p> </p>الأبياري: هو علي بن إسماعيل الأبياري:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 403.</p> </p>‌<span class="title">‌أبو اليسر (421 - 493ه</span>ـ) :</p>هو محمد بن محمد بن الحسين بن عبد الكريم بن موسى بن مجاهد، أبو اليسر، البزدوي، فقيه، أصولي ولي القضاء بسمرقند، تفقه عليه ركن الأئمة عبد الكريم بن محمد وأبو بكر محمد بن أحمد السمرقندي وولده القاضي أبو المعالي أحمد وغيرهم. قال السمعاني: أملى ببخارى الكثير ودرس الفقه كان من فحول المناظرين، قال عمر بن محمد النسفي: وكان شيخ أصحابنا بما وراء النهر، وكان إمام الأئمة على الإطلاق والوفود إليه من الآفاق، ملأ الكون بتصانيفه في الأصول</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٨)</span><hr/></div>والفروع، من تصانيفه " المبسوط " في فروع الفقه.</p>[سير أعلام النبلاء 19 / 49، والجواهر المضية 2 / 270، والفوائد البهية ص 188، ومعجم المؤلفين 11 / 211، وتاج التراجم ص 48] .</p> </p>أبو يوسف: هو يعقوب بن إبراهيم:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 339.</p> </p>أبي بن كعب:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 349.</p> </p>الأثرم: هو أحمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 339.</p> </p>أحمد بن حنبل:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 339.</p> </p>الأذرعي: هو أحمد بن حمدان:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 340.</p> </p>إسحاق بن إبراهيم:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 340.</p> </p>إسحاق بن راهويه:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 340.</p> </p>أسماء بنت أبي بكر الصديق:</p>تقدمت ترجمتها في ج 1 ص 340.</p> </p>الإِسنوي: هو عبد الرحيم بن الحسن:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 349.</p> </p>‌<span class="title">‌الأشعث بن قيس (23 - 40ه</span>ـ) :</p>هو الأشعث بن قيس بن معدي كرب بن</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٨)</span><hr/></div>معاوية بن جبلة، أبو محمد، الكندي، صحابي، أمير كندة في الجاهلية والإسلام، كانت إقامته في حضرموت، ووفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ظهور الإسلام في جمع من قومه فأسلم، وشهد اليرموك فأصيبت عينه، وكان مع سعد بن أبي وقاص في حرب العراق، ولما آل الأمر إلى علي رضي الله عنه كان الأشعث معه يوم صفين على راية كنده، وحضر معه وقعة النهروان وورد المدائن، ثم عاد إلى الكوفة، وكان من ذوي الرأي والإقدام. روى له البخاري ومسلم تسعة أحاديث. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن عمر رضي الله عنه، وعنه أبو وائل والشعبي وعبد الرحمن بن مسعود وأبو إسحاق السبيعي وغيرهم.</p>[تهذيب التهذيب 1 / 359، وسير أعلام النبلاء 2 / 37، وأسد الغابة 1 / 118، والأعلام 1 / 333] .</p> </p>أشهب: هو أشهب بن عبد العزيز:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 341.</p>أصبغ: هو أصبغ بن الفرج:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 341.</p>الأصبهاني: هو الحسين بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 6 ص 347.</p>إمام الحرمين: هو عبد الملك بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 350.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٩)</span><hr/></div>أم سلمة: هي هند‌<span class="title">‌ ب</span>نت أبي أمية:</p>تقدمت ترجمتها في ج 1 ص 341.</p>‌<span class="title">‌أم غراب </span>(؟ -؟)</p>هي طلحة أم غراب:</p>روت عن نُباتة عن عثمان بن عفان وعن عقيلة وسلامة بنت الحر روى عنها: مروان بن معاوية الفزاري ووكيع بن الجراح، روى لها أبو داود وابن ماجه، قال ابن حجر في " التقريب ": لا يعرف حالها.</p>[تهذيب الكمال 35 / 225] .</p> </p>أنس بن مالك:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 406.</p>الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 341.</p>ب</p>البابرتي: هو محمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 342.</p>الباجي: هو سليمان بن خلف:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 342.</p>البخاري: هو محمد بن إسماعيل:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 343.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٩)</span><hr/></div>البراء بن عازب:</p>تقدمت ترجمته في ج 6 ص 345.</p> </p>البصري: هو الحسن بن يسار البصري:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 346.</p> </p>البغوي: هو الحسين بن مسعود:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 343.</p> </p>‌<span class="title">‌بُكَيْر بن عبد الله بن الأشج (؟ - 117، وقيل غير ذلك) </span>.</p>هو بكير بن عبد الله بن الأشج، أبو عبد الله، ويقال أبو يوسف، القرشي المدني نزيل مصر، معدود من صغار التابعين. روى عن السائب بن يزيد ومحمود بن لبيد وأبي أمامة بن سهل وغيرهم، وروى عنه يزيد بن أبي حسن وابن عجلان والليث بن سعيد وغيرهم. وثقه غير واحد من الحفاظ كالبخاري وأحمد والنسائي ويحيى بن معين وغيرهم، وقال ابن وهب: ما ذكر مالك بكيرًا إلا قال: كان من العلماء. وقال محمد بن عيسى بن الطباع: سمعت معن بن عيسى يقول: ما ينبغي لأحد أن يفوق أو يفضل بكير بن الأشج في الحديث.</p>[سير أعلام النبلاء 6 / 170، وتهذيب التهذيب 1 / 491، وتهذيب الكمال 4 / 242] .</p> </p>البناني: هو محمد بن الحسن:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 352.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٠)</span><hr/></div>البهو‌<span class="title">‌ت</span>ي: هو منصور بن يونس:</p>تقدمت تر‌<span class="title">‌ج</span>مته في ج 1 ص 344.</p>ت</p>التتائي: هو محمد بن إبراهيم:</p>تقدمت ترجمته في ج 15 ص 307.</p> </p>الترمذي: هو محمد بن عيسى:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 344.</p>‌<span class="title">‌ث</span></p>الثوري: هو سفيان بن سعيد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 345.</p>ج</p>جابر بن زيد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 408.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٠)</span><hr/></div>جابر بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 345.</p>‌<span class="title">‌جابر بن عمير </span>(؟ -؟) :</p>هو جابر بن عمير الأنصاري المدني، له صُ‌<span class="title">‌ح</span>بة. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل الرمي وروى عنه عطاء بن أبي رباح، وروى عن عطاء أنه رأى جابر بن عبد الله وجابر بن عمير الأنصاريين يرتميان فمل أحدهما فجلس فقال له صاحبه كسلت قال: نعم، قال أحدهما للآخر: أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " كل شيء ليس من ذكر الله عز وجل فهو لعب إلا أن يكون أربعة: ملاعبة الرجل امرأته وتأديب الرجل فرسه ومشي الرجل بين الغرضين وتعلم الرجل السباحة ".</p>[تهذيب التهذيب 2 / 44، وتهذيب الكمال 4 / 457، وأسد الغابة 1 / 259] .</p>الجرجاني: هو علي بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 4 ص 326.</p>ح</p>‌<span class="title">‌الحارث بن سويد (؟ - 72ه</span>ـ) :</p>هو الحارث بن سويد، أبو عائشة،</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨١)</span><hr/></div>التيمي، الكوفي، إمام ثقة، رفيع المحل، روى عن ابن مسعود، وعمر وعلي رضي الله عنهم وغيرهم. وعنه إبراهيم التيمي وعمارة بن عمير وثمامة بن عقبة وغيرهم. قال ابن معين: ثقة وذكره ابن حبان في الثقات. قال ابن سعد: توفي في آخر خلافة عبد الله بن الزبير. يقال: إن الحارث بن سويد أدرك الجاهلية ونزل الكوفة ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم.</p>[تهذيب التهذيب 2 / 143، والإصابة 1 / 369، وسير أعلام النبلاء 4 / 156] .</p> </p>الحارث العكلي: هو الحارث بن يزيد:</p>تقدمت ترجمته في ج 21 ص 304.</p> </p>‌<span class="title">‌حاطب بن أبي بلتعة (؟ - 65هـ وقيل غير ذلك) :</span></p>هو حاطب بن أبي بلتعة بن عمرو بن عمير بن سلمة بن صعب، أبو محمد، اللخمي، قديم الإسلام من مشاهير المهاجرين شهد بدرًا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول النبي صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس صاحب مصر. وكان تاجرًا في الطعام، وكان من الرماة الموصوفين، ويروي عنه ولده الفقيه يحيى وعروة بن الزبير وغيرهما. وقد توفي بالمدينة المنورة وصلى عليه عثمان بن عفان رضي الله عنه.</p>[طبقات ابن سعد 3 / 114، وتهذيب</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨١)</span><hr/></div>التهذيب 2 / 168، وسير أعلام النبلاء 2 / 43]</p> </p>الحسن البصري: هو الحسن بن يسار:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 346.</p>الحسن بن صالح: تقدمت ترجمته في ج 1 ص 347.</p> </p>الحسن بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 402.</p>الحطاب: هو محمد بن محمد بن عبد الرحمن:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 347.</p>الحكم: هو الحكم بن عتيبة:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 410.</p>الحكم: هو الحكم بن عمرو:</p>تقدمت ترجمته في ج 5 ص 340.</p>الحليمي: هو الحسين بن الحسن:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 348.</p> </p>حماد بن أبي سليمان:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 348.</p> </p>‌<span class="title">‌خ</span></p>الخرشي: هو محمد بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 348.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٢)</span><hr/></div>الخرقي: هو عمر بن الحسين:</p>تق‌<span class="title">‌د</span>مت ترجمته في ج 1 ص 348.</p>الخطابي: هو حمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 349.</p>خليل: هو خليل بن إسحاق:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 349.</p>الدارقطني: هو علي بن عمر:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 355.</p>د</p>داود الظاهري: هو داود بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 356.</p>‌<span class="title">‌الدراوردي (؟ - 186ه</span>ـ) :</p>هو عبد العزيز بن محمد بن عبيد، أبو محمد، الداروردي، الجهني، المدني، محدث. قال الذهبي: أصله من دراورد قرية بخراسان، قال حسين بن عيسى: يصلح أن يكون الدراوردي أمير المؤمنين.</p>روى عن زيد بن أسلم وشريك بن عبد الله ويحيى بن سعيد الأنصاري وهشام بن عروة وحميد الطويل وسعد بن سعيد الأنصاري وغيرهم وروى عن خلق كثير منهم: شعبة والثوري وهما أكبر منه وابن</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٢)</span><hr/></div>إسحاق وهو من شيوخه والشافعي وابن معين وبش‌<span class="title">‌ر </span>بن الحكم وأبو داود الطيالسي وغيرهم. قال يحيى بن معين: هو أثبت من فليح بن سليمان، وقال أبو زرعة سيء الحفظ، ومولده ووفاته بالمدينة المنورة. قال أحمد بن أبي مريم عن ابن معين: ثقة حجة، وذكره ابن حبان في الثقات.</p>[سير أعلام النبلاء 8 / 324، وتهذيب التهذيب 6 / 353، والأعلام 4 / 150] .</p> </p>الدردير: هو أحمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 350.</p>الدسوقي: هو محمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 350.</p>ر</p>‌<span class="title">‌الربيع بن خيثم (؟ - 63، وقيل 61ه</span>ـ) :</p>هو الربيع بن خيثم بن عائذ بن عبد الله بن موهب بن منفذ الثوري، أبو يزيد، الكوفي، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً وعن عبد الله بن مسعود وعبد الرحمن بن أبي ليلى وأبي أيوب الأنصاري وغيرهم، وعنه ابنه عبد الله ومنذر الثوري والشعبي والنخعي وبكر بن</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٣)</span><hr/></div>ماعز وغيرهم. قال عمرو بن مرة الشعبي: كان من معادن الصدق، وقال ابن حبان في الثقات: أخباره في الزهد والعبادة أشهر من أن يحتاج إلى الإغراق في ذكره، قال العجلي: تابعي ثقة وكان خيارًا، وروى أحمد في الزهد عن ابن مسعود أنه كان يقول للربيع: والله لو رآك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحبك، وما رأيتك إلا ذكرت المخبتين وقال الشعبي: كان الربيع أشد أصحاب ابن مسعود ورعًا. وقال منذر والثوري: شهد مع علي صفين.</p>[تهذيب التهذيب 3 / 242، وطبقات ابن سعد 6 / 182، وتهذيب الكمال 9 / 70 - 76] .</p> </p>الرحيباني: هو مصطفى بن سعد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 411.</p> </p>الرملي: هو أحمد بن حمزة:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 352.</p> </p>الرملي: هو خير الدين الرملي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 349.</p> </p>الروياني: هو عبد الواحد بن إسماعيل:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 352.</p> </p>‌<span class="title">‌رُوَيفع بن ثابت (؟ - 56ه</span>ـ) :</p>هو رويفع بن ثابت بن السكن بن عدي الأنصاري، المدني، صحابي، سكن مصر. وأمره معاوية على طرابلس الغرب سنة 46هـ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٣)</span><hr/></div>فغ‌<span class="title">‌ز</span>ا إفريقية. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه بُسر بن عبد الله، وحنش الصنعاني، وزياد عبيد وغيرهم.</p>[تهذيب التهذيب 3 / 299، وطبقات ابن سعد 4 / 354، وسير أعلام النبلاء 3 / 36]</p> </p>ز</p>الزرقاني: هو عبد الباقي بن يوسف:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 352.</p>الزركشي: هو محمد بن بهادر:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 412.</p>زفر: هو زفر بن الهذيل:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 353.</p> </p>الزهري: هو محمد بن مسلم:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 353.</p>زيد بن ثابت:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 353.</p>‌<span class="title">‌زيد بن خالد الجهني (؟ - 78ه</span>ـ) :</p>هو زيد بن خالد، أبو عبد الرحمن الجهني، ويقال أبو طلحة، المدني، من مشاهير الصحابة روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٤)</span><hr/></div>عثمان وأبي طلحة وعائشة رضي الله عنهم. روى عنه بشر بن‌<span class="title">‌ س</span>عيد وسعيد بن المسيب وسعيد بن يسار وعطاء بن أبي رباح وغيرهم. قال أحمد بن البرقي: توفي بالمدينة سنة 78هـ، وقال ابن حبان وابن سعد: مات في آخر أيام معاوية وقيل غير ذلك.</p>[تهذيب التهذيب 3 / 410، وطبقات ابن سعد 4 / 344، والاستيعاب 2 / 549، وتهذيب الأسماء واللغات 1 / 203] .</p> </p>الزيلعي: هو عثمان بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 353.</p>س</p>سالم بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 353.</p>السبكي: هو عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 353.</p> </p>السبكي: هو علي بن عبد الكافي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 354.</p>سحنون: هو عبد السلام بن سعيد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 412.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٤)</span><hr/></div>السرخسي: هو محمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 413.</p>سعد بن أبي وقاص: هو سعد بن مالك:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 354.</p>سعيد بن جبير:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 354.</p> </p>سعيد بن المسيب:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 354.</p>سفيان الثوري:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 354.</p>سفيان بن عيينة:</p>تقدمت ترجمته في ج 7 ص 330.</p>سلمان الفارسي:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 358.</p>سليمان الجمل: هو سليمان بن عمر:</p>تقدمت ترجمته في ج 33 ص 356.</p>سمرة بن جندب:</p>تقدمت ترجمته في ج 5 ص 342.</p> </p>‌<span class="title">‌ش</span></p>الشافعي: هو محمد بن إدريس:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 355.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٥)</span><hr/></div>الشربيني: هو عبد الرحمن بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 355.</p> </p>شريح: هو شريح بن الحارث:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 356.</p> </p>‌<span class="title">‌شُعبة: (82 - 160ه</span>ـ) :</p>هو شعبة بن الحجاج بن الورد، أبو بسطام، الأزدي العتكي، عالم أهل البصرة وشيخها ورأى الحسن وأخذ عنه مسائل، أمير المؤمنين في الحديث، يكنى بأبي بسطام، حافظ، مفسر، محدث حدّث عن أنس بن سيرين وإسماعيل بن رجاء وقتادة بن دعامة وعمرو بن دينار وغيرهم، وحدّث عنه سفيان الثوري وعبد الله بن مبارك ويحيى بن سعيد القطان وغيرهم، قال أبو عبد الله الحاكم: شعبة إمام الأئمة بالبصرة في معرفة الحديث رأى أنس بن مالك وعمرو بن سلمة الحرمي. وسمع من أربعمائة شيخ من التابعين. قال أبو داود الطيالسي: سمعت من شعبة سبعة آلاف حديث.</p>[تاريخ بغداد 9 / 255، سير أعلام النبلاء 7 / 202، تهذيب الأسماء واللغات 1 / 244، معجم المؤلفين 4 / 301] .</p> </p>الشعبي: هو عامر بن شراحيل:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 356.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٥)</span><hr/></div>الشوكاني: هو محمد بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 2‌<span class="title">‌ ص </span>414.</p>الشيخ عليش: هو محمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 414.</p>الشيرازي: هو إبراهيم بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 414.</p> </p>ص</p>صاحب فتح القدير: هو محمد بن عبد الواحد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 335.</p>صاحب اللباب: ر: الميداني:</p> </p>الصاوي: هو أحمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 325.</p>‌<span class="title">‌ط</span></p> </p>طاوس بن كيسان:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 358.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٦)</span><hr/></div>الطحاوي: هو أحمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 358.</p> </p>الطحطاوي: هو أحمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 358.</p>‌<span class="title">‌ع</span></p>عائشة:</p>تقدمت ترجمتها في ج 1 ص 359.</p>‌<span class="title">‌عائشة بنت سعد (؟ - 117ه</span>ـ) :</p>هي عائشة بنت سعد بن أبي وقاص الزهرية المدنية، روت عن أبيها وعن أم ذر وقيل: أنها رأت ستًا من أمهات المؤمنين. روى عنها الجعيد بن عبد الرحمن والحكم بن عتبة ومالك بن أنس وغيرهم. قال العجلي: تابعية مدنية ثقة. وذكرها ابن حبان في الثقات.</p>[تهذيب التهذيب 12 / 436] .</p> </p>‌<span class="title">‌عائشة بنت طلحة (؟ - 101ه</span>ـ) :</p>هي عائشة بنت طلحة بن عبيد الله التيمية، بنت أخت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق، وكانت تقيم بمكة سنة وبالمدينة سنة، وتخرج</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٦)</span><hr/></div>إلى الطائف تتفقد أحوالها، روت عن خالتها عائشة، وعنها حبيب بن أبي عمرة وابن أخيها طلحة بن يحيى وابن أخيها الآخر معاوية بن إسحاق وغيرهم، وقال يحيى بن معين: ثقة حجة وقال العجلي: مدنية تابعية ثقة. وقال أبو زريعة الدمشقي: حدث عنها الناس لفضلها وأدبها، وذكرها ابن حبان في الثقات.</p>[سير أعلام النبلاء 4 / 369، والنجوم الزاهرة 1 / 290، وشذرات الذهب 1 / 122، والأعلام 4 / 5، وأعلام النساء 3 / 137 - 155] .</p> </p>‌<span class="title">‌عبد الجبار المعتزلي (؟ - 415ه</span>ـ) :</p>هو عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار بن خليل، أبو الحسن، الهمذاني الأسد آبادي. فقيه، أصولي، مفسر، متكلم، مشارك في بعض العلوم، كان إمام المعتزلة في زمانه من كبار فقهاء الشافعية، ولي قضاء القضاء بالري، وله التصانيف السائرة الذكر الشائع بين الأصوليين. سمع من علي بن إبراهيم بن سلمة القطان والزبير بن عبد الواحد الحافظ وعبد الرحمن حمدان الجلاب وغيرهم. حدث عنه أبو القاسم التنوخي والحسن بن علي الصيمري الفقيه وغيرهما. قال الذهبي: مات وهو من أبناء التسعين.</p>من تصانيفه: " تفسير القرآن "، و " دلائل</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٧)</span><hr/></div>النبوة "، و " طبقات المعتزلة "، " وتنزيه القرآن عن المطاعن "، و " أمالي " في الحديث.</p>[تاريخ بغداد 11 / 113، وسير أعلام النبلاء 17 / 244، وطبقات السبكي 5 / 97، ومعجم المؤلفين 5 / 78] .</p> </p>‌<span class="title">‌عبد الرحمن الأجهوري (؟ - 198ه</span>ـ) :</p>هو عبد الرحمن بن حسن بن عمر الأجهوري، المالكي، أديب، مؤرخ مقرئ. أخذ العلم عن الشبراوي والشهاب النفراوي والشمس الخفي وغيرهم. وسمع الحديث من محمد الدفوي وأحمد الإسكندراني ومحمد بن محمد الدقاق وغيرهم، وأخذ من القراءات عن مصطفى الخليجي وحضر علي البليدي في تفسير البيضاوي بالأزهر وبالأشرفية، ودرّس بالأزهر مدة في أنواع الفنون وأتقن العربية والأصول القراءات وشارك في غيرها وعين للتدريس في السنانية ببولاق فكان يقرأ الجامع الصغير.</p>من تصانيفه: " الملتاذ في الأربعة الشواذ "، و " شرح تشنيف السمع ببعض لطائف الوضع "، للعيد رومي، و " مشارق الأنوار في آل البيت الأخيار ".</p>[عجائب الآثار 2 / 90 - 93، ومعجم المؤلفين 5 / 135، وهدية العارفين 1 / 555] .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌عبد الرحمن بن سمرة (؟ - 50ه</span>ـ) :</p>هو عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف، أبو سعيد القرشي العبشي: صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أسلم يوم الفتح سكن البصرة وغزا خراسان في زمن عثمان رضي الله عنه، وهو الذي افتتح سجستان وكابل وغيرهما، وشهد غزوة تبوك مع النبي صلى الله عليه وسلم روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ومعاذ بن جبل رضي الله عنه. حدث عنه: ابن عباس وسعيد بن المسيب وعبد الرحمن بن أبي ليلى وابن سيرين والحسن وغيرهم وله في " مسند بقي " أربعة عشر حديثًا.</p>[تهذيب الكمال 17 / 175، وسير أعلام النبلاء 2 / 571] .</p> </p>‌<span class="title">‌عبد الرحمن الشربيني (؟ - 1326ه</span>ـ) :</p>هو عبد الرحمن بن محمد بن أحمد، الشربيني، المصري، فقيه شافعي أصولي بياني مشارك في بعض العلوم، ولي مشيخة الجامع الأزهر سنة 1322هـ - 1324هـ، توفي بالقاهرة.</p>من تصانيفه:" حاشية بهجة "، في فروع الفقه الشافعي، و " تقرير على جمع الجوامع " في الأصول، و " فيض المفتاح " تقرير على شرح تلخيص المفتاح، في البلاغة.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٨)</span><hr/></div>[الأعلام 4 / 110، ومعجم المؤلفين 5 / 168، ومعجم المطبوعات ص 110، وفهرس الأزهر 2 / 19] .</p> </p>‌<span class="title">‌عبد الله بن الصامت (؟ - مات ما بين السبعين والثمانين هجري) :</span></p>هو عبد الله بن الصامت أبو النضر الغفاري البصري، التابعي، محدث روى عن عمه أبي ذكر وعمر وعثمان والحكم وحذيفة وابن عمر وعائشة وغيرهم. وروى عنه حميد بن هلال وأبو العالية البراء وأبو عمران الجوني وأبو عبد الله الحربي وغيرهم. قال النسائي وابن سعد: ثقة وقال العجلي: بصري تابعي ثقة. وقال أبو حاتم: حديثه يكتب.</p>[تهذيب التهذيب 5 / 264] .</p> </p>عبد الله بن عباس:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 330.</p> </p>عبد الله بن عمر:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 331.</p> </p>عبد الله بن عمرو:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 331.</p> </p>عبد الله بن مسعود:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 360.</p> </p>عثمان البتي: هو عثمان بن مسلم:</p>تقدمت ترجمته في ج 17 ص 347.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٨)</span><hr/></div>عثمان بن عفان:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 360.</p>العدوي: هو علي بن أحمد المالكي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 375.</p>عروة بن الزبير:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 417.</p>عز الدين بن عبد السلام: هو عبد العزيز بن عبد السلام:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 417.</p>عطاء بن أبي رباح:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 360.</p>عطاء بن أسلم:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 360.</p> </p>عقبة بن عامر الجهني:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 417.</p>عكرمة: هو عكرمة بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 361.</p> </p>علي بن أبي طالب:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 361.</p>عمران بن حصين:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 362.</p> </p>عمر بن الخطاب:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 362.</p>عمر بن عبد العزيز:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 362.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٩)</span><hr/></div>عمرو بن حزم:</p>تقدمت ترجمته في ج 14 ص 295.</p> </p>عمرو بن دينار:</p>تقدمت ترجمته في ج 7 ص 340.</p> </p>عمرو بن شعيب:</p>تقدمت ترجمته في ج 4 ص 332.</p> </p>عمرو بن العاص:</p>تقدمت ترجمته في ج 6 ص 354.</p> </p>‌<span class="title">‌العوام بن حَوْشب (؟ - 147ه</span>ـ) :</p>هو العوام بن حوشب بن يزيد بن الحارث، أبو عيسى، الشيباني الربعي الواسطي، كان: ثقة صاحب السنة، ثبتًا، صالحًا، روى العوام عن إبراهيم بن عبد الرحمن السكسكي وإبراهيم النخعي ومجاهد وغيرهم، وعنه ابنه سلمة وشعبة ويزيد بن هارون ومحمد بن يزيد وغيرهم، وقال أحمد: ثقة ثقة، وقال ابن معين وأبو زرعة والعجلي: ثقة.</p>[طبقات ابن سعد 7 / 311، وتهذيب التهذيب 8 / 164، وتهذيب الكمال 22 / 427، وسير أعلام النبلاء 6 / 354] .</p> </p>العيني: هو محمود بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 418.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٨٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌غ</span></p>الغزالي: هو محمد بن محمد:</p>ت‌<span class="title">‌ق</span>دمت ترجمته في ج 1 ص 363.</p>ق</p>القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 418.</p>القاسم بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 418.</p>القاضي أبو يعلى: هو محمد بن الحسين:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 364.</p>قتادة بن دعامة:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 365.</p>القرافي: هو أحمد بن إدريس:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 365.</p> </p>القرطبي: هو محمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 419.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٩٠)</span><hr/></div>ا‌<span class="title">‌ل</span>قليوبي: هو أحمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 366.</p>‌<span class="title">‌ك</span></p>الكاساني: هو أبو بكر بن مسعود:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 366.</p>الكرخي: هو عبيد الله بن الحسن:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 366.</p>الكمال بن الهمام: هو محمد بن عبد الواحد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 335.</p>ل</p>الليث بن سعد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 368.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٩٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌م</span></p>الماجشون: عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة:</p>تقدمت ترجمته في ج 11 ص 383.</p>مالك: هو مالك بن أنس:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 369.</p>الماوردي: هو علي بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 369.</p>مجاهد بن جبر:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 369.</p>محمد بن الحسن الشيباني:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 370.</p>محمد بن الحنيفة:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 366.</p>محمد بن عبد الحكم: هو محمد بن عبد الله بن عبد الحكم:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 343.</p>محمد بن علي بن حسين:</p>تقدمت ترجمته في ج 10 ص 332.</p>المرداوي: هو علي بن سليمان:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 370.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٩١)</span><hr/></div>المرغيناني: هو علي بن أبي بكر:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 371.</p> </p>‌<span class="title">‌المَروزي (؟ - 279ه</span>ـ) :</p>هو محمد بن جابر بن حماد، أبو عبد الله، المروزي، حافظ، فقيه، سمع هدبة بن خالد وعلي بن المديني وأحمد بن حنبل وأبا مصعب الزهري وإسحاق بن رَاهَوَيْه وأحمد بن صالح وغيرهم، حدث عنه: البخاري في " تاريخه " وابن خزيمة وأبو العباس المحبوبي وغيرهم ذكره الحاكم، وقال: هو أحد أئمة زمانه. وقال الذهبي: جمع وصنف وبرع.</p>[سير أعلام النبلاء 13 / 281، وتذكرة الحفاظ 2 / 644، وشذرات الذهب 2 / 175، ومعجم المؤلفين 9 / 144] .</p> </p>المزني: هو إسماعيل بن يحيى المزني:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 371.</p> </p>مسلم: هو مسلم بن الحجاج:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 371.</p> </p>‌<span class="title">‌مصعب بن الزبير (26 - 71ه</span>ـ) :</p>هو مصعب بن الزبير بن العوام بن خويلد، أبو عبد الله، الأسدي القرشي، أحد الولاة الأبطال في صدر الإسلام، وكان من أحسن الناس وجهًا وأشجعهم قلبًا وأسخاهم كفًا، وقد حكى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، روى عن أبيه الزبير</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٩١)</span><hr/></div>وأبي سعيد الخدري وسعد، وروى عنه الحكم بن عتبة وعمرو بن دينار الجمحي، وقال الشعبي: ما رأيت أميرًا على منبر قط أحسن منه، ونقل ابن كثير عن مصعب بن الزبير، أنه قال في التواضع: العجب من ابن آدم كيف يتكبر وقد جرى في مجرى البول مرتين.</p> </p>‌<span class="title">‌مطر الوراق (؟ - 129ه</span>ـ) :</p>هو مطر الوراق بن طهمان، أبو رجاء الخراساني: نزيل البصرة، كان من العلماء العاملين وكان يكتب المصاحف، ويُتِقنُ ذلك. روى عن أنس بن مالك والحسن وابن بُريدة وشهر بن حوشب وبكر بن عبد الله وغيرهم. وعنه شعبة والحسين بن واقد وإبراهيم بن طهمان وحماد بن سلمة وحماد بن زيد وغيرهم، قال الخليل بن عمر بن إبراهيم: سمعت عمي عيسى يقول: ما رأيت مثل مطر الوراق في فقهه وزهده، قال العجلي: بصري صدوق، وقال مرة: لا بأس به، قيل: له تابعي، قال: لا، وقال أبو بكر البزار: ليس به بأس رأى أنسًا وحدث عنه. وقال خليفة: لا بأس به، وقال ابن سعد: كان فيه ضعف في الحديث.</p>[سير أعلام النبلاء 5 / 452، وتهذيب التهذيب 10 / 167، وحلية الأولياء 3 / 75] .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٩٢)</span><hr/></div>معاذ بن جبل:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 371.</p>معاوية بن أبي سفيان:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 422.</p> </p>معمر بن راشد:</p>تقدمت ترجمته في ج 10 ص 333.</p>‌<span class="title">‌المفضل بن سلمة (؟ - 290ه</span>ـ) :</p>هو المفضل بن سلمة بن عاصم، أبو طالب، الضبي، اللغوي. صاحب التصانيف المشهورة في فنون الأدب ومعاني القرآن. أخذ عن ابن الأعرابي وغيره من مشاهير العلماء. أخذ عنه الصوبي وغيره.</p>من تصانيفه: " البارع في علم اللغة "، وكتاب " ضياء القلوب " في معاني القرآن.</p>[سير أعلام النبلاء 14 / 362، ووفيات 4 / 205 - 206] .</p> </p>‌<span class="title">‌موَرِّق العجلي: (؟ - 103هـ وقيل 101ه</span>ـ) :</p>هو مورّق بن مشمرج، أبو المعتمر، البصري، ويقال الكوفي، إمام تابعي. روى عن أنس بن مالك وجندب بن عبد الله البجلي وعبد الله بن عياش وعبد الله بن عمر وغيرهم. روى عنه أبان بن أبي عياش، وإسماعيل بن أبي خالد وتوبة العنبري وغيرهم. قال النسائي وابن سعد: إنه ثقة،</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٩٢)</span><hr/></div>وذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو علي محمد بن علي المروذي: كان يحج مع ابن عمر ويصحبه، قدم خراسان أيام قتيبة وكان معه في فتح سمرقند، توفي في ولاية عمر بن هبيرة على العراق.</p>[تهذيب الكمال 29 / 16، وسير أعلام النبلاء 4 / 353، وطبقات ابن سعد 7 / 213، وتهذيب التهذيب 10 / 331] .</p> </p>‌<span class="title">‌الميداني (1222 - 1298ه</span>ـ) :</p>هو عبد الغني بن طالب بن حماده بن إبراهيم بن سليمان الغنيمي، الميداني الدمشقي، من فقهاء الحنفية، فقيه، أصولي، مشارك في بعض العلوم نسبته إلى محلة الميدان بدمشق. أخذ عن ابن عابدين وعمر أفندي وسعيد الحبلي وغيرهم. وعنه: طاهر الجزائري وغيرهم.</p>من تصانيفه: " اللباب " في الفقه في شرح القدوري، و " شرح على المراح " في الصرف، و " إسعاف المريدين إقامة فرائض الدين "، " وكشف الالتباس فيما أورده البخاري على بعض الناس "، " وشرح على عقيدة الطحاوي ".</p>[حلية البشر 2 / 867، والأعلام 4 / 159، ومعجم المؤتلفين 5 / 274] .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٩٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ن</span></p>نافع:‌<span class="title">‌ ه</span>و نافع المدني، أبو عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 372.</p>النخعي: هو إبراهيم النخعي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 325.</p> </p>النسائي: هو أحمد بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 371.</p>النووي: هو يحيى بن شرف:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 373.</p>هـ</p>هشام بن عروة:</p>تقدمت ترجمته في ج 7 ص 342.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٥</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٩٣)</span><hr/></div>ى</p> </p>‌<span class="title">‌يزيد بن عبد الملك (؟ - 167ه</span>ـ) :</p>هو يزيد بن عبد الملك بن المغيرة بن نوفل بن الحارث، أبو المغيرة، ويقال أبو خالد النوفلي المدني، روى عن أبيه وأبي سلمة بن عبد الرحمن وابن المنكدر وزيد بن أسلم وسهيل بن أبي صالح وغيرهم، وعنه ابنه يحيى وعبد الرحمن بن القاسم المصري وعبد الله بن نافع وغيرهم، قال البخاري: لينه يحيى. وقال أحمد ضعيف الحديث، وقال ابن معين: ما كان به بأس، وقال أحمد بن صالح المصري: ليس حديثه بشيء، قال النسائي: متروك الحديث.</p>[تهذيب التهذيب 11 / 347 - 348] .</p> </p>يحيى بن سعيد الأنصاري:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 374.</div>
</div></body></html>