الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْغَالِبُ فِيهَا مَعْنَى الْعِبَادَةِ، إِلَاّ كَفَّارَةُ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ فَإِنَّ جِهَةَ الْعُقُوبَةِ فِيهَا غَالِبَةٌ بِدَلِيل أَنَّهَا تَسْقُطُ بِالشُّبُهَاتِ كَالْحُدُودِ، وَلَا تَجِبُ مَعَ الْخَطَأِ، بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لِوُجُوبِهَا مَعَ الْخَطَأِ، وَكَذَا كَفَّارَةُ الْقَتْل الْخَطَأِ، وَأَمَّا كَفَّارَةُ الظِّهَارِ فَقَالُوا: إِنَّ مَعْنَى الْعِبَادَةِ فِيهَا غَالِبٌ (1) .
وَقَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: وَهَل الْكَفَّارَاتُ بِسَبَبِ حَرَامٍ زَوَاجِرُ كَالْحُدُودِ وَالتَّعَازِيرِ لِلْخَلَل الْوَاقِعِ؟ وَجْهَانِ، أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، لأَِنَّهَا عِبَادَاتٌ وَلِهَذَا لَا تَصِحُّ إِلَاّ بِالنِّيَّةِ (2) .
وَقَال الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ عَلِيٌّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي بَعْضِ الْكَفَّارَاتِ هَل هِيَ زَوَاجِرُ لِمَا فِيهَا مِنْ مَشَاقِّ تَحَمُّل الأَْمْوَال وَغَيْرِهَا، أَوْ هِيَ جَوَابِرُ لأَِنَّهَا عِبَادَاتٌ لَا تَصِحُّ إِلَاّ بِالنِّيَّاتِ، وَلَيْسَ التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى زَجْرًا، بِخِلَافِ الْحُدُودِ وَالتَّعْزِيرَاتِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ قُرُبَاتٌ، لأَِنَّهَا لَيْسَتْ فِعْلاً لِلْمَزْجُورِينَ (3) .
أَسْبَابُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ
لِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ أَسْبَابٌ عِدَّةٌ:
(1) البحر الرائق 4 / 109.
(2)
مغني المحتاج 3 / 359.
(3)
حاشية تهذيب الفروق والقواعد السنية على الفروق للقرافي 1 / 211.
أَوَّلاً: الْحِنْثُ فِي الْيَمِينِ:
7 -
لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ لَا تَجِبُ إِلَاّ بِالْحِنْثِ فِيهِ. وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي أَنَّ مُوجِبَ الْحِنْثِ هُوَ الْمُخَالَفَةُ لِمَا انْعَقَدَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ، وَذَلِكَ بِفِعْل مَا حَلَفَ عَلَى عَدَمِ فِعْلِهِ، أَوْ تَرَكَ مَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ، إِذَا عُلِمَ أَنَّهُ قَدْ تَرَاخَى عَنْ فِعْل مَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ، إِلَى وَقْتٍ لَا يُمْكِنُهُ فِيهِ فِعْلُهُ. وَلَا خِلَافَ عَلَى وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِالْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ الْمَعْقُودَةِ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَل، نَفْيًا كَانَ أَوْ إِثْبَاتًا. كَمَا لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا فِي الْيَمِينِ اللَّغْوِ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي أَوِ الْحَال، نَفْيًا كَانَ أَوْ إِثْبَاتًا. وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي وُجُوبِهَا فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ، وَهِيَ الْمَعْقُودَةُ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمَاضِي أَوِ الْحَال كَاذِبَةٌ يَتَعَمَّدُ صَاحِبُهَا ذَلِكَ (1) .
(1) المبسوط لشمس الدين السرخسي 8 / 147، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 4 / 301، 302، 303، 304، والتاج والإكليل لمختصر خليل مطبوع بهامش مواهب الجليل 3 / 275 طبع دار الفكر، والمدونة للكبرى للإمام مالك ابن أنس 3 / 100 وما بعدها، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 6 / 275 وما بعدها، وفتح الباري لابن حجر العسقلاني 11 / 617، 618 وما بعدها، طبع دار الريان، وصحيح مسلم بشرح النووي 11 / 108 وما بعدها طبع المطبعة المصرية، وروضة الطالبين وعمدة المفتين للنووي 11 / 12 طبع المكتب الإسلامي ببيروت، وكشاف القناع للبهوتي 6 / 243.