الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ مُخَالِفٍ، فَقَدْ رَوَى آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ فِي مُسْنَدِ شُعْبَةَ، وَإِسْمَاعِيل الْقَاضِي فِي الأَْحْكَامِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه كُنَّا نَعُدُّ الذَّنْبَ الَّذِي لَا كَفَّارَةَ لَهُ الْيَمِينَ الْغَمُوسَ، أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُل عَلَى مَال أَخِيهِ كَاذِبًا لِيَقْتَطِعَهُ قَال: وَلَا مُخَالِفَ لَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ (1) .
وَقَالُوا: إِنَّ الْغَمُوسَ مَحْظُورٌ مَحْضٌ، فَلَا يَصْلُحُ سَبَبًا لِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ لِكَوْنِهَا أَعْظَمَ مِنْ أَنْ تُكَفَّرَ، كَالزِّنَا وَالرِّدَّةِ (2) .
وَاسْتَدَل الشَّافِعِيَّةُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ عَلَى وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} (3)، مَعَ قَوْله تَعَالَى:{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَْيْمَانَ} (4) .
وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ هَاتَيْنِ الآْيَتَيْنِ: أَنَّ اللَّهَ عز وجل نَفَى الْمُؤَاخَذَةَ عَنِ الْيَمِينِ اللَّغْوِ، وَهِيَ الْيَمِينُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، وَأَثْبَتَ الْمُؤَاخَذَةَ لِلْيَمِينِ الْمَقْصُودَةِ بِقَوْلِهِ:{بِمَا عَقَّدْتُمُ} أَيْ قَصَدْتُمْ وَصَمَّمْتُمْ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْيَمِينَ
(1) فتح الباري 11 / 566
(2)
المبسوط للسرخسي 8 / 128.
(3)
سورة البقرة / 225.
(4)
سورة المائدة / 89.
الْغَمُوسَ مَقْصُودَةٌ فَتَجِبُ فِيهَا الْكَفَّارَةُ (1) . وَبِمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ: لَا تَسْأَل الإِْمَارَةَ، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ (2) . وَقَالُوا: إِنَّ الْحَالِفَ كَذِبًا أَحْوَجُ لِلْكَفَّارَةِ مِنْ غَيْرِهِ، كَمَا أَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَزِيدُهُ إِلَاّ خَيْرًا، وَالَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ إِلَى الْحَقِّ وَرَدُّ الْمَظْلِمَةِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَل وَكَفَّرَ، فَالْكَفَّارَةُ لَا تَرْفَعُ عَنْهُ حُكْمَ التَّعَدِّي بَل تَنْفَعُهُ فِي الْجُمْلَةِ (3) .
الْكَفَّارَةُ فِي الْيَمِينِ اللَّغْوِ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَل:
9 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِي الْيَمِينِ اللَّغْوِ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَل - نَفْيًا كَانَ أَوْ إِثْبَاتًا - عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْل الأَْوَّل:
إِنَّهَا لَغْوٌ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (4) ، وَبِهِ قَال ربيعة ومكحول وَالأَْوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ. وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ
(1) تفسير ابن كثير 1 / 267، 268 طبع دار المنار، وحاشية الشرقاوي على التحرير 2 / 476
(2)
حديث: " لا تسأل الإمارة. . . ". تقدم فقرة (5) .
(3)
فتح الباري 11 / 557 ط. دار المعرفة.
(4)
انظر: مواهب الجليل للحطاب 3 / 266، والروضة 11 / 3، وكشاف القناع 6 / 236، 237