الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَنْزِلَةَ الْمُشْتَرِي، وَلأَِنَّ كَوْنَهُ مُؤَجَّلاً وَصْفٌ فِي الثَّمَنِ كَالزِّيَافَةِ، وَالأَْخْذُ بِالشُّفْعَةِ بِالثَّمَنِ، فَيَأْخُذُهُ بِأَصْلِهِ وَوَصْفِهِ كَمَا فِي الزُّيُوفِ.
وَالْقَوْل الثَّالِثُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: يَأْخُذُهُ بِسِلْعَةٍ لَوْ بِيعَتْ إِلَى ذَلِكَ الأَْجَل لَبِيعَتْ بِذَلِكَ الْقَدْرِ (1) .
ج -
أَثَرُ الْمَلَاءَةِ فِي الضَّمَانِ
5 - يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) : أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مَلَاءَةُ الْمَضْمُونِ عَنْهُ، وَلِذَلِكَ يَصِحُّ ضَمَانُ كُل مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَقٌّ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا، وَسَوَاءٌ كَانَ مَلِيئًا أَوْ مُفْلِسًا (2)، وَالدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ: مَا رَوَاهُ سَلَمَةُ بْنُ الأَْكْوَعِ رضي الله عنه قَال: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ أُتِيَ بِجِنَازَةٍ، فَقَالُوا: صَل عَلَيْهَا. فَقَال: هَل عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ قَالُوا: لَا، قَال: فَهَل تَرَكَ شَيْئًا؟ قَالُوا: لَا، فَصَلَّى عَلَيْهِ. ثُمَّ أُتِيَ بِجِنَازَةٍ أُخْرَى، فَقَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ صَل عَلَيْهَا. قَال: هَل عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ قِيل: نَعَمْ، قَال: فَهَل تَرَكَ شَيْئًا؟ قَالُوا: ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ. فَصَلَّى عَلَيْهَا. ثُمَّ أُتِيَ بِالثَّالِثَةِ فَقَالُوا:
(1) تكملة فتح القدير 8 / 319، ومغني المحتاج 2 / 301.
(2)
بدائع الصنائع 6 / 6، ومنح الجليل 3 / 246، وحاشية الدسوقي 3 / 331، ومغني المحتاج 2 / 198، 200، وشرح منتهى الإرادات 2 / 248، والمغني 4 / 593.
صَل عَلَيْهَا. قَال: هَل تَرَكَ شَيْئًا؟ قَالُوا: لَا. قَال: فَهَل عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ قَالُوا: ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ. قَال: صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ. قَال أَبُو قَتَادَةَ: صَل عَلَيْهِ يَا رَسُول اللَّهِ وَعَلَيَّ دَيْنُهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ (1) فَدَل الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ ضَمَانُ الْمَدِينِ الَّذِي لَمْ يُخَلِّفْ وَفَاءً (2) .
وَعَلَّل أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ صِحَّةَ الْكَفَالَةِ بِالدَّيْنِ عَنِ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ بِأَنَّ الْمَوْتَ لَا يُنَافِي بَقَاءَ الدَّيْنِ لأَِنَّهُ مَالٌ حُكْمِيٌّ، فَلَا يَفْتَقِرُ بَقَاؤُهُ إِلَى الْقُدْرَةِ عَلَى الْوَفَاءِ، وَلِهَذَا بَقِيَ إِذَا مَاتَ مَلِيئًا حَتَّى تَصِحَّ الْكَفَالَةُ بِهِ، وَكَذَا بَقِيَتِ الْكَفَالَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ مُفْلِسًا (3) .
وَبَنَى الشَّافِعِيَّةُ قَوْلَهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْمَضْمُونِ عَنْهُ - وَهُوَ الْمَدِينُ - لأَِنَّ قَضَاءَ دَيْنِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ جَائِزٌ فَالْتِزَامُهُ أَوْلَى، كَمَا يَصِحُّ الضَّمَانُ عَنِ الْمَيِّتِ وَإِنْ لَمْ يُخَلِّفْ وَفَاءً (4) .
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ - وَهُوَ قَوْل أَبِي ثَوْرٍ - إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمَكْفُول لَهُ أَنْ يَكُونَ مَلِيئًا، حَتَّى يَكُونَ قَادِرًا عَلَى تَسْلِيمِ الْمَكْفُول بِهِ إِمَّا
(1) حديث: " كنا جلوسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتي بجنازة فقالوا. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 467 ط السلفية) .
(2)
المراجع السابقة، وتبيين الحقائق 4 / 159 - 160.
(3)
بدائع الصنائع 6 / 6، وتبيين الحقائق 4 / 159 - 160.
(4)
مغني المحتاج 2 / 200.