الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالإِْعَارَةُ، وَمَنْ مَلَكَ الاِنْتِفَاعَ فَلَيْسَ لَهُ الإِْجَارَةُ قَطْعًا، وَلَا الإِْعَارَةَ فِي الأَْصَحِّ (1) .
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ حَوْل بَعْضِ الْمَسَائِل الَّتِي تَدْخُل عِنْدَ بَعْضِهِمْ فِي مِلْكِ الاِنْتِفَاعِ وَلَا تَدْخُل فِيهِ عِنْدَ الآْخَرِينَ، بَل تَدْخُل فِي مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ، مِثْل الْعَارِيَةِ. . . حَيْثُ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ مَا عَدَا الْكَرْخِيَّ وَالْمَالِكِيَّةَ وَالْحَنَابِلَةَ فِي رَأْيٍ إِلَى أَنَّ الْعَارِيَةَ تَمْلِيكٌ لِلْمَنْفَعَةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَلِذَلِكَ أَجَازُوا لِلْمُسْتَعِيرِ إِعَارَةَ الْعَيْنِ الْمُسْتَعَارَةِ بِالْقُيُودِ الَّتِي وَضَعَهَا الْفُقَهَاءُ (2) .
الْفُرُوقُ الْجَوْهَرِيَّةُ بَيْنَ الْمِلْكِ التَّامِّ وَالْمِلْكِ النَّاقِصِ
5 -
ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَالْكَرْخِيُّ إِلَى أَنَّ الإِْعَارَةَ تَمْلِيكٌ لِلاِنْتِفَاعِ (3) .
وَتُوجَدُ فُرُوقٌ جَوْهَرِيَّةٌ بَيْنَ الْمِلْكِ التَّامِّ وَالْمِلْكِ النَّاقِصِ، تَلْخِيصُهَا فِيمَا يَأْتِي:
أَوَّلاً: إِنَّ لِصَاحِبِ الْمِلْكِ التَّامِّ الْحَقَّ فِي
(1) حاشية الجمل على شرح المنهج 3 / 452 - 453 ط المكتبة التجارية بمصر، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 326.
(2)
الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 352، والبحر الرائق 7 / 280، والفروق للقرافي 1 / 187، وشرح حدود ابن عرفة ص 345، وكشاف القناع 2 / 336، والإنصاف 6 / 114، وحاشية الجمل 3 / 452 - 453.
(3)
المصادر السابقة نفسها، وتحفة المحتاج 5 / 413.
إِنْشَاءِ جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ الْمَشْرُوعَةِ مِنْ عُقُودٍ نَاقِلَةٍ لِلْمِلْكِ التَّامِّ، أَوِ النَّاقِصِ، فَهُوَ حُرُّ التَّصَرُّفِ فِي حُدُودِ عَدَمِ مُخَالَفَةِ الشَّرْعِ، أَمَّا صَاحِبُ الْمِلْكِ النَّاقِصِ فَلَيْسَ لَهُ الْحَقُّ فِي كُل التَّصَرُّفَاتِ، وَإِنَّمَا هُوَ مُقَيَّدٌ فِي حُدُودِ الاِنْتِفَاعِ بِالْمَنْفَعَةِ فَقَطْ، لأَِنَّهُ لَا يَمْلِكُ الرَّقَبَةَ وَالْمَنْفَعَةَ مَعًا.
ثَانِيًا: تَأْبِيدُ الْمِلْكِ التَّامِّ: وَالْمَقْصُودُ بِهِ أَنَّ الْمِلْكَ التَّامَّ دَائِمٌ وَمُسْتَمِرٌّ لَا يَنْتَهِي إِلَاّ بِسَبَبٍ مَشْرُوعٍ قَاطِعٍ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ تَأْقِيتُهُ، وَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ تَأْقِيتُ الْعُقُودِ النَّاقِلَةِ لِلْمِلْكِ التَّامِّ كَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَال: بِعْتُ لَكَ هَذِهِ الدَّارَ بِأَلْفِ دِينَارٍ لِمُدَّةِ سَنَةٍ، إِلَاّ إِذَا قَصَدَ بِهَا الإِْجَارَةَ فَيُحْمَل عَلَيْهَا مِنْ بَابِ: إِنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِالْمَقَاصِدِ وَالْمَعَانِي لَا بِالأَْلْفَاظِ وَالْمَبَانِي (1)
وَأَمَّا الْمِلْكُ النَّاقِصُ فَالْعُقُودُ الْوَارِدَةُ عَلَى الْمَنَافِعِ فِيهَا لَا بُدَّ مِنْ تَأْقِيتِهَا مِثْل الإِْجَارَةِ وَالإِْعَارَةِ وَنَحْوِهَا، فَهِيَ تَقْبَل التَّقْيِيدَ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَنَوْعِ الاِنْتِفَاعِ (2) .
(1) الأشباه والنظائر للسيوطي ص 9، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص 27.
(2)
حاشية ابن عابدين 5 / 3، 19، والشرح الكبير مع الدسوقي 4 / 2، والغاية القصوى للبيضاوي 2 / 619 ط دار الإصلاح، والمغني لابن قدامة 5 / 434.