الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَالْبَشَرِ فَلَا يَأْكُلُونَ وَلَا يَشْرَبُونَ وَلَا يَنَامُونَ وَلَا يَتَزَوَّجُونَ، مُطَهَّرُونَ مِنَ الشَّهَوَاتِ الْحَيَوَانِيَّةِ، وَمُنَزَّهُونَ عَنِ الآْثَامِ وَالْخَطَايَا، وَلَا يَتَّصِفُونَ بِشَيْءٍ مِنَ الصِّفَاتِ الْمَادِّيَّةِ الَّتِي يَتَّصِفُ بِهَا ابْنُ آدَمَ (1) غَيْرَ أَنَّ لَهُمُ الْقُدْرَةَ عَلَى أَنْ يَتَمَثَّلُوا بِصُوَرِ الْبَشَرِ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى (2) .
ثَالِثًا - عِبَادَةُ الْمَلَائِكَةِ لِلَّهِ وَمَا وُكِّل إِلَيْهِمْ مِنْ أَعْمَالٍ
6 -
عَلَاقَةُ الْمَلَائِكَةِ بِاللَّهِ هِيَ عَلَاقَةُ الْعُبُودِيَّةِ الْخَالِصَةِ وَالطَّاعَةِ وَالاِمْتِثَال وَالْخُضُوعِ الْمُطْلَقِ لأَِوَامِرِهِ عز وجل، قَال تَعَالَى:{لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (3) ، وَقَدْ وَصَفَهُمُ اللَّهُ بِأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ، قَال اللَّهُ تَعَالَى:{لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْل وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} (4) .
وَهُمْ مُنْقَطِعُونَ دَائِمًا لِعِبَادَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ أَمْرِهِ (5) ، كَمَا وَرَدَ فِي الآْيَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ.
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَال: قَال
(1) شرح الفقه الأكبر لملا علي القاري ص 20 ط دار الكتب العلمية، وفتح الباري 6 / 353.
(2)
فتح الباري 6 / 348 - 351 ط دار الريان للتراث - القاهرة.
(3)
سورة التحريم / 6.
(4)
سورة الأنبياء / 19، 20.
(5)
إغاثة اللهفان 2 / 122.
رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا فِي السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ مَوْضِعُ قَدَمٍ وَلَا شِبْرٍ وَلَا كَفٍّ إِلَاّ وَفِيهِ مَلَكٌ قَائِمٌ أَوْ مَلَكٌ رَاكِعٌ أَوْ مَلَكٌ سَاجِدٌ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قَالُوا جَمِيعًا: سُبْحَانَكَ مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ إِلَاّ أَنَّا لَمْ نُشْرِكْ بِكَ شَيْئًا (1) .
7 -
قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: دَل الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى أَصْنَافِ الْمَلَائِكَةِ، وَأَنَّهَا مُوَكَّلَةٌ بِأَصْنَافِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَكَّل بِالْجِبَال مَلَائِكَةً، وَوَكَّل بِالسَّحَابِ مَلَائِكَةً، وَوَكَّل بِالرَّحِمِ مَلَائِكَةً تُدَبِّرُ أَمْرَ النُّطْفَةِ حَتَّى يَتِمَّ خَلْقُهَا، ثُمَّ وَكَّل بِالْعَبْدِ مَلَائِكَةً لِحِفْظِهِ، وَمَلَائِكَةً لِحِفْظِ مَا يَعْمَلُهُ وَإِحْصَائِهِ وَكِتَابَتِهِ، وَوَكَّل بِالْمَوْتِ مَلَائِكَةً، وَوَكَّل بِالسُّؤَال فِي الْقَبْرِ مَلَائِكَةً، وَوَكَّل بِالأَْفْلَاكِ مَلَائِكَةً يُحَرِّكُونَهَا، وَوَكَّل بِالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ مَلَائِكَةً، وَوَكَّل بِالنَّارِ وَإِيقَادِهَا وَتَعْذِيبِ أَهْلِهَا
(1) حديث: " ما في السماوات السبع. . . ". أخرجه الطبراني في الكبير (2 / 184) ، وفي الأوسط (4 / 345) من حديث جابر، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10 / 358) : رجاله رجال الثقات، وفيه عروة بن مروان قال فيه الدارقطني: ليس بقوي الحديث. وله شاهد من حديث عائشة: " ما في السماء موضع. . . ". أخرجه الدولابي بسنده (2 / 122) ط دار الكتب العلمية، وذكره السيوطي في الدر المنثور 2 / 292 ط المكتبة الإسلامية.
وَعِمَارَتِهَا مَلَائِكَةً، وَوَكَّل بِالْجَنَّةِ. وَعِمَارَتِهَا وَغِرَاسِهَا وَعَمَل الأَْنْهَارِ فِيهَا مَلَائِكَةً، فَالْمَلَائِكَةُ أَعْظَمُ جُنُودِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمِنْهُمْ:{وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا} (1) وَمِنْهُمْ: {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا} (2)، وَمِنْهُمْ:{وَالصَّافَّاتِ صَفًّا فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا} (3) .
وَمِنْهُمْ: مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ، وَمَلَائِكَةٌ قَدْ وُكِّلُوا بِحَمْل الْعَرْشِ، وَمَلَائِكَةٌ قَدْ وُكِّلُوا بِعِمَارَةِ السَّمَاوَاتِ بِالصَّلَاةِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّقْدِيسِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَلَائِكَةِ الَّتِي لَا يُحْصِيهَا إِلَاّ اللَّهُ تَعَالَى.
وَلَفْظُ الْمَلَكِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ رَسُولٌ مُنَفِّذٌ لأَِمْرِ غَيْرِهِ، فَلَيْسَ لَهُمْ مِنَ الأَْمْرِ شَيْءٌ، بَل الأَْمْرُ كُلُّهُ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ، وَهُمْ يُنَفِّذُونَ أَمْرَهُ {لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْل وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَاّ لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} (4) ، {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ
(1) سورة المرسلات / 1 - 5.
(2)
سورة النازعات / 1 - 5.
(3)
سورة الصافات / 1 - 3.
(4)
سورة الأنبياء / 27، 28.
وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (1) ، {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (2) .
وَلَا تَتَنَزَّل الْمَلَائِكَةُ إِلَاّ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَلَا تَفْعَل شَيْئًا إِلَاّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ.
وَرُؤَسَاؤُهُمُ الأَْمْلَاكُ الثَّلَاثُ: جِبْرِيل، وَمِيكَائِيل، وَإِسْرَافِيل، وَكَانَ النَّبِيُّ يَقُول: اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيل وَمِيكَائِيل وَإِسْرَافِيل، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (3) .
فَتَوَسَّل إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِرُبُوبِيَّتِهِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ لِهَؤُلَاءِ الأَْمْلَاكِ الثَّلَاثَةِ الْمُوَكَّلِينَ بِالْحَيَاةِ.
فَجِبْرِيل مُوَكَّلٌ بِالْوَحْيِ الَّذِي بِهِ حَيَاةُ الْقُلُوبِ وَالأَْرْوَاحِ، وَمِيكَائِيل وُكِّل بِالْقَطْرِ الَّذِي بَهْ حَيَاةُ الأَْرْضِ وَالنَّبَاتِ وَالْحَيَوَانِ، وَإِسْرَافِيل مُوَكَّلٌ بِالنَّفْخِ فِي الصُّورِ الَّذِي بِهِ حَيَاةُ الْخَلْقِ بَعْدَ مَمَاتِهِمْ (4) .
(1) سورة النحل / 50.
(2)
سورة التحريم / 6.
(3)
حديث: " اللهم رب جبريل. . . ". أخرجه مسلم (1 / 534 ط الحلبي) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(4)
إغاثه اللهفان 2 / 121 - 122.