المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ اختلاف المدين والغريم في الملاءة - الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٣٩

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌مَلَائِكَةٌ

- ‌التَّعْرِيفُ:

- ‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

- ‌ الإِْنْسُ:

- ‌ الْجِنُّ:

- ‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ لِلْمَلَائِكَةِ:

- ‌أَوَّلاً - الإِْيمَانُ بِالْمَلَائِكَةِ

- ‌ثَانِيًا - صِفَاتُهُمُ الْخِلْقِيَّةُ

- ‌ثَالِثًا - عِبَادَةُ الْمَلَائِكَةِ لِلَّهِ وَمَا وُكِّل إِلَيْهِمْ مِنْ أَعْمَالٍ

- ‌رَابِعًا - تَفْضِيل الْمَلَائِكَةِ

- ‌خَامِسًا - سَبُّ الْمَلَائِكَةِ

- ‌مَلَاءَةٌ

- ‌التَّعْرِيفُ:

- ‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

- ‌الإِْعْسَارُ:

- ‌مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَلَاءَةِ مِنْ أَحْكَامٍ:

- ‌ أَثَرُ الْمَلَاءَةِ فِي زَكَاةِ الدَّيْنِ

- ‌ أَثَرُ الْمَلَاءَةِ فِي أَخْذِ الْمَشْفُوعِ

- ‌ أَثَرُ الْمَلَاءَةِ فِي الضَّمَانِ

- ‌ أَثَرُ الْمَلَاءَةِ فِي أَدَاءِ الدَّيْنِ

- ‌ اخْتِلَافُ الْمَدِينِ وَالْغَرِيمِ فِي الْمَلَاءَةِ

- ‌ أَثَرُ الْمَلَاءَةِ فِي مَنْعِ الْمَدِينِ مِنَ السَّفَرِ

- ‌ أَثَرُ الْمَلَاءَةِ فِي النَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجَةِ

- ‌ أَثَرُ الْمَلَاءَةِ فِي النَّفَقَةِ عَلَى الأَْقَارِبِ

- ‌مُلَازَمَةٌ

- ‌التَّعْرِيفُ:

- ‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

- ‌الْحَبْسُ:

- ‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمُلَازَمَةِ:

- ‌ حُكْمُ مُلَازَمَةِ الْمَدِينِ

- ‌ طَرِيقَةُ الْمُلَازَمَةِ

- ‌ حَقُّ مُلَازَمَةِ الْمَكْفُول لَهُ الْكَفِيل

- ‌ حَقُّ الْمُحَال فِي مُلَازَمَةِ الْمُحَال عَلَيْهِ

- ‌مُلَاعَنَةٌ

- ‌مُلَامَسَةٌ

- ‌مَلَاهِي

- ‌مُلْتَزَمٌ

- ‌التَّعْرِيفُ:

- ‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:

- ‌كَيْفِيَّةُ الْتِزَامِ الْمُلْتَزَمِ وَالدُّعَاءِ فِيهِ

- ‌وَقْتُ الْتِزَامِ الْمُلْتَزَمِ

- ‌مِلْحٌ

- ‌التَّعْرِيفُ:

- ‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمِلْحِ:

- ‌ التَّوَضُّؤُ بِالْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ بِالْمِلْحِ

- ‌ التَّيَمُّمُ بِالْمِلْحِ

- ‌ كَوْنُ الْمِلْحِ مَالاً رِبَوِيًّا

- ‌مِلْطَاءٌ

- ‌التَّعْرِيفُ:

- ‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

- ‌السِّمْحَاقُ:

- ‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:

- ‌مِلْكٌ

- ‌التَّعْرِيفُ:

- ‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

- ‌الْحَقُّ:

- ‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمِلْكِ:

- ‌حُرْمَةُ الْمِلْكِ فِي الإِْسْلَامِ

- ‌أَقْسَامُ الْمِلْكِ:

- ‌ أَقْسَامُ الْمِلْكِ بِاعْتِبَارِ حَقِيقَتِهِ

- ‌الْفُرُوقُ الْجَوْهَرِيَّةُ بَيْنَ الْمِلْكِ التَّامِّ وَالْمِلْكِ النَّاقِصِ

- ‌ أَقْسَامُ الْمِلْكِ بِاعْتِبَارِ الْمُسْتَفِيدِ مِنْهُ

- ‌ أَقْسَامُ الْمِلْكِ بِاعْتِبَارِ سَبَبِهِ

- ‌ أَقْسَامُ الْمِلْكِ بِاعْتِبَارِ السُّقُوطِ وَعَدَمِهِ

- ‌أَسْبَابُ الْمِلْكِ:

- ‌الْقُيُودُ الْوَارِدَةُ عَلَى الْمِلْكِ:

- ‌أَوَّلاً - الْقُيُودُ الْوَارِدَةُ عَلَى أَسْبَابِ الْمِلْكِ

- ‌ثَانِيًا - الْقُيُودُ الْوَارِدَةُ عَلَى اسْتِعْمَال الْمِلْكِ

- ‌ثَالِثًا - الْقُيُودُ الْوَارِدَةُ عِنْدَ انْتِقَال الْمِلْكِ

- ‌رَابِعًا - الْقُيُودُ الَّتِي أُعْطِيَتْ لِوَلِيِّ الأَْمْرِ:

- ‌الأَْوَّل - تَقْيِيدُ الْمِلْكِ الْخَاصِّ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ

- ‌الثَّانِي - الْقُيُودُ الَّتِي أُعْطِيَتْ لِوَلِيِّ الأَْمْرِ عَلَى حَقِّ التَّمَلُّكِ:

- ‌ إِحْيَاءُ الأَْرْضِ الْمَوَاتِ:

- ‌ تَمَلُّكُ الْمَعَادِنِ

- ‌ الْحِمَى:

- ‌الثَّالِثُ - الْقُيُودُ الَّتِي أُعْطِيَتْ لِوَلِيِّ الأَْمْرِ عَلَى حَقِّ التَّصَرُّفِ فِي الْمِلْكِ:

- ‌ التَّسْعِيرُ:

- ‌ الاِحْتِكَارُ:

- ‌مَدَى سُلْطَانِ الدَّوْلَةِ فِي نَزْعِ الْمِلْكِ

- ‌أَوَّلاً - اسْتِمْلَاكُ الأَْرَاضِي الْمَمْلُوكَةِ مِلْكًا خَاصًّا لأَِجْل الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ:

- ‌ثَانِيًا - نَزْعُ الْمِلْكِيَّةِ لأَِجْل مَصْلَحَةِ الأَْفْرَادِ:

- ‌ الشُّفْعَةُ:

- ‌ بَيْعُ أَمْوَال الْمَدِينِ لِصَالِحِ الدَّائِنِ جَبْرًا عَلَيْهِ

- ‌ بَيْعُ الْمَرْهُونِ لأَِدَاءِ الدَّيْنِ

- ‌ الأَْشْيَاءُ الَّتِي لَا تَنْقَسِمُ أَوْ فِي قِسْمَتِهَا ضَرَرٌ:

- ‌مِلْكِيَّةٌ

- ‌مُمَاثَلَةٌ

- ‌التَّعْرِيفُ:

- ‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

- ‌الْمُسَاوَاةُ:

- ‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمُمَاثَلَةِ:

- ‌ الْمُمَاثَلَةُ فِي بَيْعِ الرِّبَوِيِّ بِجِنْسِهِ

- ‌ الْمُمَاثَلَةُ بَيْنَ الْجَانِي وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِثُبُوتِ الْقِصَاصِ

- ‌ الْمُمَاثَلَةُ فِي اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ الْمَالِيِّ

- ‌ الْمُمَاثَلَةُ فِي بَابِ الإِْرْثِ

- ‌مُمَاطَلَةٌ

- ‌مُمَاكَسَةٌ

- ‌التَّعْرِيفُ:

- ‌مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُمَاكَسَةِ مِنْ أَحْكَامٍ:

- ‌الْمُمَاكَسَةُ فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ

- ‌اخْتِبَارُ رُشْدِ الصَّبِيِّ بِالْمُمَاكَسَةِ

- ‌مَمَرٌّ

- ‌مَمْسُوحٌ

- ‌التَّعْرِيفُ:

- ‌ الْمَجْبُوبِ

- ‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

- ‌ الْخَصِيُّ:

- ‌ الْعِنِّينُ:

- ‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَمْسُوحِ:

- ‌مَرْتَبَةُ الْمَمْسُوحِ فِي إِدْخَال الأُْنْثَى الْقَبْرُ

- ‌نَظَرُ الْمَمْسُوحِ إِلَى الأَْجْنَبِيَّةِ

- ‌أَثَرُ خَلْوَةِ الْمَمْسُوحِ بِزَوْجَتِهِ فِي تَقْرِيرِ الْمَهْرِ

الفصل: ‌ اختلاف المدين والغريم في الملاءة

مَال الْمُمْتَنِعِ مِنَ الأَْدَاءِ أُجِيبَ لِئَلَاّ يَتْلَفَ مَالُهُ.

وَإِنْ كَانَ لِلْمَدِينِ مَالٌ فَأَخْفَاهُ وَهُوَ مَعْلُومٌ، وَطَلَبَ غَرِيمُهُ حَبْسَهُ حَبَسَهُ الْحَاكِمُ وَحَجَرَ عَلَيْهِ وَعَزَّرَهُ حَتَّى يُظْهِرَهُ، فَإِنْ لَمْ يَنْزَجِرْ بِالْحَبْسِ وَرَأَى الْحَاكِمُ ضَرْبَهُ أَوْ غَيْرَهُ فَعَل ذَلِكَ، وَلَوْ زَادَ مَجْمُوعُ الضَّرْبِ عَلَى الْحَدِّ.

وَلَا يُعَزِّرُهُ ثَانِيًا حَتَّى يَبْرَأَ مِنَ التَّعْزِيرِ الأَْوَّل (1) .

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ أَصَرَّ الْمَدِينُ الْمَلِيءُ عَلَى الْحَبْسِ وَلَمْ يُؤَدِّ الدَّيْنَ بَاعَ الْحَاكِمُ مَالَهُ وَقَضَى دَيْنَهُ، لِمَا رَوَى كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَجَرَ عَلَى مُعَاذٍ رضي الله عنه مَالَهُ وَبَاعَهُ فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ (2) .

وَقَال جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ: إِذَا أَصَرَّ الْمَدِينُ عَلَى الْحَبْسِ وَصَبَرَ عَلَيْهِ ضَرَبَهُ الْحَاكِمُ، قَال فِي الْفُصُول وَغَيْرِهِ: يَحْبِسُهُ فَإِنْ أَبَى الْوَفَاءَ عَزَّرَهُ، وَيُكَرِّرُ حَبْسَهُ وَتَعْزِيرَهُ حَتَّى يَقْضِيَ الدَّيْنَ، قَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: نَصَّ عَلَيْهِ الأَْئِمَّةُ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ

(1) مغني المحتاج 2 / 157، والمهذب 1 / 327.

(2)

حديث: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حجر على معاذ. . . ". أخرجه الحاكم في المستدرك (2 / 58، 4 / 101) وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي ونقل ابن حجر في التلخيص (3 / 37) عن عبد الحق الإشبيلي أنه رجح إرساله.

ص: 17

وَغَيْرِهِمْ وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ نِزَاعًا، لَكِنْ لَا يُزَادُ فِي كُل يَوْمٍ عَلَى أَكْثَرِ التَّعْزِيرِ إِنْ قِيل بِتَقْدِيرِهِ (1) .

هـ -‌

‌ اخْتِلَافُ الْمَدِينِ وَالْغَرِيمِ فِي الْمَلَاءَةِ

11 -

لَوْ أَقَامَ الْغَرِيمُ بَيِّنَةً بِمَلَاءَةِ الْمَدِينِ، أَوِ ادَّعَى مَلَاءَتَهُ بِلَا بَيِّنَةٍ، وَأَقَامَ الْمَدِينُ بَيِّنَةً بِإِعْسَارِهِ، أَوِ ادَّعَى الإِْعْسَارَ بِلَا بَيِّنَةٍ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ تُقْبَل بَيِّنَتُهُ، وَفِيمَنْ يُقْبَل قَوْلُهُ لَوْ لَمْ تَكُنْ مَعَهُ بَيِّنَةٌ.

قَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوِ اخْتَلَفَ الْغَرِيمُ وَالْمَدِينُ فِي الْيَسَارِ وَالإِْعْسَارِ، فَقَال الطَّالِبُ: هُوَ مُوسِرٌ، وَقَال الْمَطْلُوبُ: أَنَا مُعْسِرٌ، فَإِنْ قَامَتْ لأَِحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ، فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الطَّالِبِ، لأَِنَّهَا تُثْبِتُ زِيَادَةً وَهِيَ الْيَسَارُ، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ فَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْكَفَالَةِ وَالنِّكَاحِ وَالزِّيَادَاتِ أَنَّهُ يُنْظَرُ: إِنْ ثَبَتَ الدَّيْنُ بِمُعَاقَدَةٍ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَالْكَفَالَةِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالصُّلْحِ عَنِ الْمَال وَالْخُلْعِ، أَوْ ثَبَتَ تَبَعًا فِيمَا هُوَ مُعَاقَدَةٌ كَالنَّفَقَةِ فِي بَابِ النِّكَاحِ فَالْقَوْل قَوْل الطَّالِبِ، وَكَذَا فِي الْغَصْبِ وَالزَّكَاةِ، وَإِنْ ثَبَتَ الدَّيْنُ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَإِحْرَاقِ الثَّوْبِ أَوِ الْقَتْل الَّذِي لَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ وَيُوجِبُ الْمَال فِي مَال الْجَانِي وَفِي

(1) كشاف القناع 3 / 420، والإنصاف 5 / 276.

ص: 17

الْخَطَأِ فَالْقَوْل قَوْل الْمَطْلُوبِ.

وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي آدَابِ الْقَاضِي أَنَّهُ إِنْ وَجَبَ الدَّيْنُ عِوَضًا عَنْ مَالٍ سَالِمٍ لِلْمُشْتَرِي، نَحْوُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ الَّذِي سَلَّمَ لَهُ الْمَبِيعَ وَالْقَرْضَ وَالْغَصْبَ وَالسَّلَمَ الَّذِي أَخَذَ الْمُسْلَمُ إِلَيْهِ رَأْسَ الْمَال فَالْقَوْل قَوْل الطَّالِبِ، وَكُل دَيْنٍ لَيْسَ لَهُ عِوَضٌ أَصْلاً كَإِحْرَاقِ الثَّوْبِ، أَوْ لَهُ عِوَضٌ لَيْسَ بِمَالٍ كَالْمَهْرِ وَبَدَل الْخُلْعِ وَبَدَل الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالْكَفَالَةِ فَالْقَوْل قَوْل الْمَطْلُوبِ.

وَقَال الْكَاسَانِيُّ: وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ:

قَال بَعْضُهُمْ: الْقَوْل قَوْل الْمَطْلُوبِ عَلَى كُل حَالٍ وَلَا يُحْبَسُ، لأَِنَّ الْفَقْرَ أَصْلٌ فِي بَنِي آدَمَ وَالْغِنَى عَارِضٌ، فَكَانَ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لِلْمَطْلُوبِ، فَكَانَ الْقَوْل قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ.

وَقَال بَعْضُهُمْ: الْقَوْل قَوْل الطَّالِبِ عَلَى كُل حَالٍ، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لِصَاحِبِ الْحَقِّ الْيَدُ وَاللِّسَانُ (1) .

وَقَال بَعْضُهُمْ: يُحَكَّمُ زِيُّهُ: إِذَا كَانَ زِيُّهُ زِيَّ

(1) حديث: " لصاحب الحق اليد واللسان ". أخرجه ابن عدي في الكامل في الضعفاء (6 / 2281) من حديث أبي عيينة الخولاني رضي الله عنه وضعف أحد رواته واستنكر له هذا الحديث، ويدل عليه ما أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا:" إن لصاحب الحق مقالاً "(فتح الباري 5 / 56 ط السلفية) ومسلم (3 / 1225 ط عيسى الحلبي) .

ص: 18

الأَْغْنِيَاءِ فَالْقَوْل قَوْل الطَّالِبِ، وَإِنْ كَانَ زِيُّهُ زِيَّ الْفُقَرَاءِ فَالْقَوْل قَوْل الْمَطْلُوبِ.

وَعَنْ أَبِي جَعْفَرَ الْهِنْدَوَانِيِّ أَنَّهُ يُحَكَّمُ زِيُّهُ فَيُؤْخَذُ بِحُكْمِهِ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى، إِلَاّ إِنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ مِنَ الْفُقَهَاءِ أَوِ الْعَلَوِيَّةِ أَوِ الأَْشْرَافِ، لأَِنَّ مِنْ عَادَاتِهِمُ التَّكَلُّفَ فِي اللِّبَاسِ وَالتَّجَمُّل بِدُونِ الْغِنَى، فَيَكُونُ الْقَوْل قَوْل الْمَدْيُونِ أَنَّهُ مُعْسِرٌ (1) .

وَوَجْهُ مَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّ الْقَوْل فِي الشَّرْعِ قَوْل مَنْ يَشْهَدُ لَهُ الظَّاهِرُ، فَإِذَا وَجَبَ الدَّيْنُ بَدَلاً عَنْ مَالٍ سُلِّمَ لَهُ كَانَ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لِلطَّالِبِ، لأَِنَّهُ ثَبَتَتْ قُدْرَةُ الْمَطْلُوبِ بِسَلَامَةِ الْمَال، وَكَذَا فِي الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا لَا تَجِبُ إِلَاّ عَلَى الْغَنِيِّ فَكَانَ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لِلطَّالِبِ.

وَوَجْهُ قَوْل مُحَمَّدٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ: أَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لِلطَّالِبِ فِيمَا ذَكَرْنَا أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الدَّلَالَةِ، وَهُوَ إِقْدَامُهُ عَلَى الْمُعَاقَدَةِ، فَإِنَّ الإِْقْدَامَ عَلَى التَّزَوُّجِ دَلِيل الْقُدْرَةِ، إِذِ الظَّاهِرُ أَنَّ الإِْنْسَانَ لَا يَتَزَوَّجُ حَتَّى يَكُونَ لَهُ شَيْءٌ، وَلَا يَتَزَوَّجُ أَيْضًا حَتَّى يَكُونَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الْمَهْرِ، وَكَذَا الإِْقْدَامُ عَلَى الْخُلْعِ لأَِنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُخَالِعُ عَادَةً حَتَّى يَكُونَ عِنْدَهَا شَيْءٌ، وَكَذَا الصُّلْحُ لَا يُقْدِمُ الإِْنْسَانُ عَلَيْهِ إِلَاّ عِنْدَ الْقُدْرَةِ، فَكَانَ

(1) بدائع الصنائع 7 / 173 - 174.

ص: 18

الظَّاهِرُ شَاهِدًا لِلطَّالِبِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ فَكَانَ الْقَوْل قَوْلَهُ (1) .

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِمَلَاءَةِ الْمَدِينِ، وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِعَدَمِ مَلَاءَتِهِ رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْمَلَاءِ عَلَى بَيِّنَةِ الْعَدَمِ إِنْ بَيَّنَتْ بَيِّنَةُ الْمَلَاءِ سَبَبَهُ، بِأَنْ قَالَتْ: لَهُ مَالٌ يَفِي بِدَيْنِهِ وَقَدْ أَخْفَاهُ، لأَِنَّهَا بَيِّنَةٌ نَاقِلَةٌ وَمُثْبِتَةٌ وَشَاهِدَةٌ بِالْعِلْمِ. وَقَال ابْنُ عَرَفَةَ: لَوْ قَالَتْ بَيِّنَةٌ: لَهُ مَالٌ بَاطِنٌ أَخْفَاهُ، قُدِّمَتِ اتِّفَاقًا، فَإِنْ لَمْ تُبَيِّنْ بَيِّنَةُ الْمَلَاءِ سَبَبَ الْمَلَاءِ رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْعَدَمِ، سَوَاءٌ بَيَّنَتْ سَبَبَ الْعَدَمِ أَمْ لَا.

وَقَال عَلِيٌّ الأُْجْهُورِيُّ: وَالَّذِي جَرَى الْعَمَل بِهِ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْمَلَاءِ وَإِنْ لَمْ تُبَيِّنْ سَبَبَهُ.

وَإِنْ شَهِدَ شُهُودٌ بِعُسْرِ الْمَدِينِ، وَقَالُوا فِي شَهَادَتِهِمْ: إِنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ لِلْمَدِينِ مَالاً ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا، فَإِنَّ الْمَشْهُودَ لَهُ يَحْلِفُ عَلَى مَا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ، فَيَقُول: بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ لَمْ أَعْرِفْ لِي مَالاً ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا، وَيَزِيدُ: وَإِنْ وَجَدْتُ مَالاً لأََقْضِيَنَّ مَا عَلَيَّ (2) .

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا إِعْسَارٍ وَمَلَاءَةٍ كُلَّمَا شَهِدَتْ إِحْدَاهُمَا جَاءَتِ الأُْخْرَى فَشَهِدَتْ بِأَنَّهُ فِي الْحَال عَلَى خِلَافِ مَا شَهِدَتْ بِهِ الأُْولَى، فَهَل يُقْبَل ذَلِكَ أَبَدًا وَيُعْمَل بِالْمُتَأَخِّرِ؟

(1) المرجع السابق.

(2)

جواهر الإكليل 2 / 92 - 93، ومنح الجليل 3 / 144.

ص: 19

أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحُ بِأَنَّهُ يُعْمَل بِالْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا وَإِنْ تَكَرَّرَتْ، إِذَا لَمْ يَنْشَأْ مِنْ تَكْرَارِهَا رِيبَةٌ، وَلَا تَكَادُ بَيِّنَةُ الإِْعْسَارِ تَخْلُو عَنْ رِيبَةٍ إِذَا تَكَرَّرَتْ (1) .

وَقَال الشِّيرَازِيُّ: إِنِ ادَّعَى الْمَدِينُ الإِْعْسَارَ نُظِرَ، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ قَبْل ذَلِكَ فَالْقَوْل قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، لأَِنَّ الأَْصْل عَدَمُ الْمَال، فَإِنْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ لَمْ يُقْبَل قَوْلُهُ: إِنَّهُ مُعْسِرٌ، إِلَاّ بِبَيِّنَةِ، لأَِنَّ الأَْصْل بَقَاءُ الْمَال، فَإِنْ قَال: غَرِيمِي يَعْلَمُ أَنِّي مُعْسِرٌ، أَوْ أَنَّ مَالِي هَلَكَ فَحَلَّفُوهُ حَلِفَ الْغَرِيمُ، لأَِنَّ مَا يَدَّعِيهِ مُحْتَمَلٌ (2) .

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنِ ادَّعَى الْمَدِينُ الإِْعْسَارَ وَكَذَّبَهُ غَرِيمُهُ، فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ عُرِفَ لَهُ مَالٌ أَوْ لَمْ يُعْرَفْ: فَإِنْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ، كَكَوْنِ الدَّيْنِ ثَبَتَ عَنْ مُعَاوَضَةٍ كَالْقَرْضِ وَالْبَيْعِ، أَوْ عُرِفَ لَهُ أَصْل مَالٍ سِوَى هَذَا فَالْقَوْل قَوْل غَرِيمِهِ مَعَ يَمِينِهِ، فَإِذَا حَلَفَ الْغَرِيمُ أَنَّهُ ذُو مَالٍ حُبِسَ الْمَدِينُ حَتَّى تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ بِإِعْسَارِهِ، لأَِنَّ الظَّاهِرَ قَوْل الْغَرِيمِ، فَكَانَ الْقَوْل قَوْلَهُ كَسَائِرِ الدَّعَاوَى.

فَإِنْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِتَلَفِ مَالِهِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ، سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ أَهْل الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ

(1) مغني المحتاج 2 / 156.

(2)

المهذب 1 / 327.

ص: 19